|
اللهم احفظ إسرائيل
|
اعتدت في غالبية الأحيان أن أتوقف صباحا على أحد محلات Starbucks لأحصل على كوب القهوة الصباحية الذي يُفقد الذاكرة للوهلة الأولى عائدا بمن يشربه يوما إلى الوراء من حياته وزارعا تلك الابتسامة التي تزيل شحوب الاستيقاظ المبكر صباح كل يوم ....
واعتاد أحد زملائي في العمل (من أحد الجنسيات العربية، واعتذر عن تسميتها لأسباب سياسية تتعلق بما يجري حاليا من أزمات اجتاحت الخليج والمحيط وحتى بلوتو) أن يذكرني "يوميا" بأن هذه السلسلة من المحلات تتبع لمجموعة من اليهود الذين يتبرعون بجزء من أرباحها لدعم دولة إسرائيل، مؤنبا إياني بأنني، وكغيري من أخوتي العرب والمسلمين الخائنين ندعم إسرائيل بشكل غير مباشر ونتحمل مسؤولية كل رصاصة تُطلق في الأراضي المحتلة.
واعتدت أنا أيضا أن أذكره، عندما ينسى حملته الدعوية المباركة هذه وتذكرته ذات العبرة، بأنه قد نسي واجبه "الضميري" واليومي في أن يؤنبني ويزرع فيني إحساس الخيانة الذي لا أكاد أتحمل يوما بدون أن أعيشه إدمانا عليه ....
لا أطيل عليكم، وأعود لأكمل الغزل في كوب القهوة ذلك، فقد دخلت إلى المحل صباحا ووجدته، كعادته، يفوح برائحة الورود الممزوجة بالقهوة ومشتقاتها .... وقفت في صف "المدمنين" الذي يستقيم في جمال متناهي متفوقا على نظيره في الجيش الكوري الشمالي الذي يشتهر بتساوي دقات قلب كل جنوده مع بعضها البعض .... التفت يُمنة ويُسرة أتطلع باحثا عن أي تفصيل خاطئ في أرجاء المحل .... لوحة كبيرة أنيقة لفيل كيني يمثل عنصر الروح لسر ذلك الإدمان .... موسيقى كلاسيكية هادئة .... مجموعة من الطلاب يتجرعون رشفات من القهوة السحرية وهم يضعون اللمسات الأخيرة على الاستعداد للمعارك ولاقتحام غرف المحاضرات .... رجال أعمال يتناقشون بهدوء قاتل عما سيستيقظ عليه مؤشرا النازداك والداو جونز بعد سبات عميق .... طفلة صغيرة تشرب الكاكاو وتحكي لأمها عما حلمت به ..... يتحرك الصف بهدوء وكما أُريد له أن يتحرك أماما .... أتبع خطى كتيبة المدمنين ... سجادة بنية وكأنها صنعت قبل لحظات ... نظرة من الزجاج والحياة في نيويورك تمضي في تسارع ... تتسارع الخطى ويحين دوري للقفز دون مظلة ... موظف أنيق وكأنه وزير خارجية إحدى الدول العربية (وبدون تسمية أيضا) يبادر بكلمات (صباح الخير ... كيف بدأ يومك!! وكيف يمكن لي أن أخدمك؟؟) تملي عليه الطلب ويكمله هو من قراءة العين ... وفي أقل من 5 ثواني يقدم شكره ويطلب منك الانتقال إلى الجزء المخصص لاستلام المشروبات ... تنتقل في ثواني معدودة أيضا إلى الجانب الآخر وتبادرك موظفة أنيقة أيضا (غير متبرجة) تسأل عما إذا كان هناك أي ملاحظات قبل الاستلام ... ولحظات وتضع لك الكوب على الطاولة قائلة (شكرا ... استمتع ... ولديك يوم جميل) ... تبادر من الخروج من المحل مصطحبا أداة الجريمة والابتسامات تنهال عليك من كل جانب من أبناء العم سام (وللتذكير فأنا من أشد المرحبين بكل مظاهر النفاق حينها) ....
لحظات بسيطة وأصل إلى محل عربي لاقتني بعض الصحف العربية التي تساعدني على زيادة معدل سرعة تعكر الدم كلما زاد عندي الإحساس بالارتياح أثناء العمل (والارتياح هو الشعور المنبوذ لدى شعوبنا العربية) .... أفاجأ بصراخ وعويل بين مجموعة من جيراننا وأشقائنا وحبايبنا وأخواننا من مصر الشقيقة ومجموعة من العرب من دول أخرى شقيقة حول "غزوة بلاط أمدرمان" يستعرضون إنجازات كل من الجيشين العرمرمين وبما أبلى كل منهما .... مستنفذين كل ما تبقى لهم في حياتهم من شتائم سيُسعد بنفاذها (محمد ابن المبارك) و (عبد العزيز ابن أبي فوليقة) .... أخرج مسرعا من ذلك المستنقع ... واقفا للحظات لأتذكر أين يقع المبنى الذي أعمل به، نظرا لفقدان الذاكرة الجزئي الذي أصاب به كل يوم تحديدا في هذا اللحظة ولا أدري لماذا ... أتوجه إلى مكتبي وأبدأ بقراءة الصحف وكل ما فيها يغم القلب من مشاكل وأخبار مللت تكرارها لدرجة أنني تملكت القدرة على القيام بكتابة أغلب الصحف اليومية يدويا لتأتي مطابقة للواقع قبل حدوثه .... ليس رجما بالغيب وإنما رجما على حالنا اليوم .... أفتح ذلك الحاسوب المسكين وأتصفح كل المواقع العربية واستمتع بقراءة نتائج وتحليلات تلك الغزوة وتلك التصريحات التي ترج الكوكب بكامله .... كل الصحف كل المجلات كل المنتديات كل الدول ... حتى كتاب الوجه المسكين (الفيسبوك لمن سيستغرق 3 ثواني في التفكير عما هو "كتاب الوجه") لم يسلم من تبعات الغزوة المباركة .... نسير على خطى صحابتنا رضوان الله عليهم ... نمثل مجتمعنا بأفضل ما يمكن لأمة أن تمثل به مجتمعها عاكسين صورة مشرقة عن حضارتنا .... نجامل بعضنا بعضا حتى أصبح رد الجميل أصعب من صنعه ....
تتناهى إلى مسامعي للحظة نداءات زميلي ورفيق دربي سائلا عن سر اهتمامي بالإصرار على شراء القهوة من أولئك الأشرار الذين يقتلون أطفالنا وأمهاتنا بأموالنا ... وأقاطعه قائلا "ألا وربي لتحفظن إسرائيل .... اللهم احفظ لنا إسرائيل ما حفظت أمتنا .... وبارك لنا فيها ما أبقيت على أحد منا على ظهر البسيطة ....
ولكم كل الشكر على القراءة
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
اللهم احفظ إسرائيل | Nadir Dirar | 11-24-09, 06:13 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | بريمة محمد | 11-24-09, 06:54 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | كمال ادريس | 11-24-09, 06:59 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | حاتم علي | 11-24-09, 07:10 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | Mahmoud Mustafa Mahmoud | 11-24-09, 08:03 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | Nadir Dirar | 11-24-09, 11:18 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | Tragie Mustafa | 11-25-09, 02:41 AM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | Abd Alla Elhabib | 11-25-09, 02:58 AM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | Tragie Mustafa | 11-26-09, 05:49 AM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | هواري نمر | 11-26-09, 01:19 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | ود شاموق | 11-26-09, 02:03 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | عبدالأله زمراوي | 11-26-09, 02:17 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | ماجدة عوض خوجلى | 11-26-09, 02:50 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | Safa Fagiri | 11-26-09, 03:40 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | Nadir Dirar | 12-09-09, 09:37 PM |
Re: اللهم احفظ إسرائيل | Nadir Dirar | 12-14-09, 07:40 PM |
|
|
|