|
|
 وماذا لو نسي مؤتمر البجا حلايب! بقلم / صالح عمار
|
وماذا لو نسي مؤتمر البجا حلايب! صالح عمار
مفوضية الانتخابات اصدرت في اغسطس الماضي تقسيمات الدوائر الجغرافية،وجاءت هذه التقسيمات خالية من دائرة حلايب،وهو نفس السيناريو الذي جري في التعداد السكاني!.
مؤتمر البجا وبعد عام ونصف علي إنتهاء التعداد السكاني تذكر حلايب وتقدم بطعن للمفوضية بتاريخ 23 اغسطس 2009 ورد فيه "سقط من وصف الوحدات السكنية مثلث حلايب وابورماد وشلاتين واضيفت إليها مناطق لتبدأ من سراكويت حتي تدرباي دون ان تكون لها علاقة بها،وتم ذلك بالمخالفة لضابط الحدود الادارية وضابط توزيع السكان،الصحافة 4 نوفمبر"،وباريحية ردت المفوضية بعد فترة قليلة من الزمن بقبول الطعن معلنة علي لسان رئيس لجنة الدوائر الجغرافية إدراج مثلث حلايب ضمن الدوائر الجغرافية "وان المفوضية إتخذت قرارها باعتبار جميع سكان حلايب مواطنين سودانيين،وان المفوضية بصدد البدء في حملة لتسجيل الناخبين بالمنطقة"!.
السؤال البرئ (والمفجع) الذي يتبادر للذهن عند قراءة هذه الاخبار التي تناقلتها الصحف في الاسابيع الماضية : وماذا لونسي مؤتمر البجا في غمرة مشاغله الكثيرة!حلايب ولم يتقدم بطعنه؟؟
الإجابة قطعاً لااحد يتمني سماعها لاانها ستكون علي النقيض من إجابة المفوضية السابقة "وان المفوضية إتخذت قرارها باعتبار جميع سكان حلايب مواطنين سودانيين،وان المفوضية بصدد البدء في حملة لتسجيل الناخبين بالمنطقة"!اي كانت ستسقط عنهم كل الإمتيازات والاوصاف التي اسبقها عليهم السيد رئيس لجنة الدوائر الجغرافية .
السؤال البرئ الآخر (والمفزع) عن حق،ماالذي يمنع إذاً والحال كذلك ان تكون هناك مناطق اخري قد سقطت سهواً! ولم تجد مؤتمر بجا يتقدم نيابة عنها بطعن للمحكمة؟وبما ان هذا هو الحال،الايستحق الامر توجيه نداءٍ لاهلنا الطيبين في جبال النوبة والانقسنا والفشقة ودارفور..الاتحسسوا قراكم وفرقانكم ومدنكم لدي مفوضية الإنتخابات (حتي لاتسقط سهواً)!مع اصدق التهاني للجنوب الذي صارت له دولة ترعاه وتمنع سقوط مناطقه (سهواً)!.
احد المثقفين من ابناء المنطقة قال لي بحسرة لوان هذا حدث في اي مكان لسقطت حكومات ولحوكم باقصي انواع الاحكام المذنبين والمتسببين في الحادثة ولقامت الدنيا ولم تقعد فالموضوع يتعلق بالسيادة علي مساحة شاسعة من الارض تسير عليها ساعات طويلة ولاتصل نهايتها ويكمن بين ارجائها تاريخ وذكريات شعب والذكريات والتاريخ كما يقول محدثي لاتشتري!وثروات وموقع إستراتيجي واناس طيبون واشياء اخري وإذا نسي ـ يضيف محدثي ـ اهل المركز كل شئ كان عليهم ان "يتذكروا جمل البشارية الذي حمل الكثيرين من آبائهم واجدادهم علي ظهره وشكل مصدر تفاخر ودخل وتجارة لهم".
تتبع مسار قضية حلايب بعد إندلاعها في منتصف التسعينيات يوضح بجلاء ان الحكومة المصرية قد فرضت واقعاً علي الارض من الصعب تجاوزه وذلك بإعتبارحلايب ارضاً مصرية ومنح سكانها جنسيات مصرية وتقديم مختلف انواع الخدمات لهم وتشييد قري ومدن ومناطق تجارية علي إمتداد المثلث وتم ذلك تحت سمع وبصر الحكومة السودانية التي اضطرت في الكثير من الاحيان لغض الطرف عمايحدث تحت وطأة مشكلاتها المتراكمة والكثيرة والتي لم ترد ان تضيف لها نزاعاً مع دولة ذات نفوذ وقوة كمصر،إلاانه وفي بعض الاحيان التي كانت العلاقات تشهد توتراً بين البلدين خرجت القضية لدائرة الضؤ مثلما حدث في العام 2002 عندما اعلن الرئيس البشير ان منطقتي حلايب وشلاتين هي ارض سودانية لن يتم التنازل عن المطالبة بهما مشيراً إلي ان الخرطوم جددت المطالبة بها قبل اشهر امام مجلس الامن،ولكن وككل مرة كان آخرون يدخلون علي الخط لتلطيف الاجواء بالحديث عن تحول حلايب لمنطقة تكامل بين البلدين،ومع ان الفكرة لااساس لها في القانون الدولي (فالدول تتفق علي الحدود بينها اولاً ومن ثم تحول ماشآءت من الارض لمنطقة تكامل اوحتي تتركها ارضاً بور) إلاانها لم تتحقق علي ارض الواقع الذي تؤكد كل شواهده ان هناك دولة واحدة وهي مصر تسيطر علي كل شئ في حلايب التي هي منذ منتصف التسعينيات مثلها مثل الفيوم اواسوان!.
وكنموذج للرؤية المصرية والتي تكررت كثيراً خلال الايام الماضية وفي كل مرة كان يتم فيها فتح ملف حلايب،قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري د.مصطفي الفقي "إن قرار مفوضية الانتخابات حول حلايب يفتح موضوعا لامبرر له،خاصة ان جميع الادلة والاسانيد التاريخية تؤكد مصرية هذه الارض،وهم يعلمون ذلك،وانا أربأ بالعلاقات المصرية ـ السودانية عميقة الجذور،ان تنزلق إلي خلق مشكلة حول هذا الموضوع وإثارته،خاصة في ظل الظروف الحالية التي يمر بها السودان" مضيفاً في لهجة تهديد واضحة "ان السودان في حاجة إلي من يدعمه وليس إلي من يختلف معه"،ولايمكن توجيه اللوم للحكومة المصرية في هذه الحالة فحرية الإعتقاد والتملك متاحة في العالم ومن قبل كانت مصر تري ان السودان باكمله ـ ناهيك عن حلايب ـ يتبع للتاج المصري!(وروايات كثيرة تصدر من العالم العربي تقول إن خريطة إسرائيل تمتد من النيل للفرات ولن يلوم احد إسرائيل إذا تمددت في هذه المساحة وإنما سيوجه اللوم لمن فرط في ارضه!هذا هو منطق العالم في كل العصور وتفسير تغير الحدود وموازين القوي بين الدول من حقبة لاخري).
في المقابل يمكن التدليل علي ضبابية الموقف السوداني بعدد من المواقف والتصريحات السالبة،ومنها مارد به مساعد رئيس الجمهورية د.نافع علي نافع علي احد طلاب جامعة البحر الاحمر الذي سأله عن مصير حلايب في ندوة شهيرة بمدينة بورتسودان العام الماضي حيث قال نافع "إنتو قاعدين تاكلوا البيرقر وتشربوا البيبسي هنا ماتمشوا تحرروا حلايب"!،ومع الاخذ في الإعتبار،ان الرجل دستورياً هو الخامس في الدولة والثاني في حزب المؤتمر الوطني فقد أثار حديثه الدهشة بإعتبار انه لايمكن للطالب (المدني) ان يمضي ويقاتل دولة اجنبية فقرار الحرب تتخذه الدولة التي يقودها د.نافع ولااحد غيرها وفقاً للدستور يتمتع بهذا الحق (السيادي)،كما ان مساعد الرئيس وضع نفسه هنا بقصد اوبغير قصد في موضع الحياد بينما هو طرف اصيل في الصراع كمسئول (وحتي كمواطن)،ومع ان مثل هذه اللغة الحادة تتكرر كثيراً في خطب د.نافع إلاان الامر هنا مختلفٌ بإعتباره متعلقاً بالسيادة ولايخضع لاي مزايدات او تكتيكات!.
كل الدلائل والمؤشرات تشير إلي ان حلايب علي ارض الواقع صارت ارضاً مصرية وجزاءً من الماضي بالنسبة للسودان والاخبار اليومية الواردة من هناك تؤكد ذلك،ومن الجلي ان الحكومة لاتملك اي إستراتيجية لإستعادتها بل تشير دلائل كثيرة إلي ان الملف تحول لاداة ضغط ـ ليس إلا ـ علي مصر تبرزه الحكومة في اوقات توتر العلاقات بين البلدين (وحتي هذه لم يعد يقوم بها المؤتمر الوطني بنفسه وإنما اصبحت تتم عبر مؤتمر البجا الذي يقوم بالدور بحسن نية بينما تعلن قيادات المؤتمر الوطني من القاهرة عند إنجلاء الازمة وتحقيق المطلوب ان حلايب منطقة تكامل!)،مثلما حدث في الاسابيع الماضية من توتر بين الحكومتين بسبب مقترح مصر بعقد مؤتمر جامع للاحزاب السودانية بالقاهرة وهو مارفضه المؤتمر الوطني ورد عليه بفتح ملف حلايب الذي تحول لقميص عثمان جديد!.
|
|
 
|
|
|
|
عبد الله الشيخ
Tragie Mustafa
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست