نعم للإنفصال و لخروج الجنوبيين من بلادنا ..

Quote: لم ـ و بإذن الله تعالى ـ لن أكن انفصاليا في يوم من الأيام ، مثلي كمثل الغالبية العظمى من أهل السودان الذين يحلمون بوطن تستوعبهم جميعاً إبتسامته و لا تتجزأ بينهم مساحته ، وطن خير ديمقراطي يتساوى فيه الناس في كل شيء وطن تسود فيه قيم الحق و العدل و الخير و المساواة لا تمييز فيه و لا تفرقة بسبب عرق أو جنس أو جهة أو دين . ظللت أمني النفس ردحاً من الزمن بأن تموت آلهة الحرب في بلادنا و أن تعود لنا الحياة و نعيش كما أغلب خلق الله في سلام و وئام ، وحينما جاءت أبوجا و مشاكس و توجت بنيفاشا استبشرت كغيري خيراً و كبرت أحلامي حتى صدقت أن ( أجمل الأيام هي تلك التي لم تأت بعد ( عاد قرنق و ما أجمل عودته فالخرطوم التي خرجت ـ من بيت بكائها ـ فرحة لاستقباله كانت حينها تنبئك أن في الأمر خير ، في ذاك اليوم أحسست و أعتقدت بما يشبه الجزم لأول مرة أن وطننا واحد و همنا واحد و مصيرنا واحد و أن قادمنا هو الأحلى .. جاء قرنق و جاءت الحركة الشعبية بما ظهر من أجندتها التي جعلت منها مهدياً منتظراً في الساحة السياسية السودانية .. و لعل من شهد تلك الأيام الأولى للعودة شهد تدافع الكثيرين من الحالمين بوطن أجمل و هم يتزاحمون على أبواب مقار الحركة للحصول على عضويتها و معظمهم كانوا من المصنفين جهوياً بالشماليين الأمر الذي أدهش الجنوبيين أنفسهم !! على صعيد شخصي كنت على شفا حفرة الإنضمام للحركة لكني لاحقاً حمدت الله تعالى الذي أنجاني و لم يوفقني في ذلك . مات قرنق أو قتل و بذلك أنتحرت أحلام الكثيرين ، و جاءت أحداث الاثنين الأسود و ما تلاها من أيام سود و أحدثت بموت قرنق في النفوس شرخاً لم يكن ليحدث بحياته ، و مع ذلك تظاهر ( الشريكان ) بأن موت قرنق لن يقلبهما على عقبيهما و ما كانا إلا ليخادعا أنفسهما . و تمر الأيام و الليالي التي كانت من الزمان حبالى تمخضت عن حقيقة تعامى عنها و تغاتت بشأنها من سعى جاهداً لإيجادها .. من قال ( لمنقو ) لا تقل لا عاش من يفصلنا ؟؟ ما بين رحيل قرنق الذي ظهر وحدوياً بسودان جديد فأحبه الحالمون و ظهور سيلفا كير المتظاهر بالسير على خطى سلفه في وقت يمارس فيه ( التقية ) لم تتغير سياسة الشريك الآخر الذي يبدو أنه ما بذل الجهود و قدم التنازلات المؤلمة بحثاً عن ( السلام ) إلا لغرض إيجاد مخرج تكتيكي لأزماته المتلاحقة عوضاً عن إيجاد حل إستراتيجي و علاج ناجع لأمراض الوطن المزمنة . سيلفا كير جاء للخرطوم حاملاً نواياه المبيتة و المعلنة واقعيا باتجاه انفصال جنوب السودان ، لم يظهر شيئاً من أمر الوحدة إلا أظهره تملقاً ، و قبل أن يأتي لم يألوا جهداً في تدعيم ركائز توجهاته بتقريبه للانفصاليين و أقصائه لـ ( أولاد قرنق ) و ( خلفائه ) الذين كان الراحل يستند عليهم في مشروعه الحالم بسودان جديد . رفعت الحركة علم دولتها الخاص و فتحت قنصلياتها و سفاراتها التي تسميها مجازاً ( مكاتب ) و شرعت في صك عملتها و تخطيط حدودها و تسليح جيشها و خطت آلاف الكيلومترات باتجاه الانفصال فيما ظلت محلك سر باتجاه الوحدة التي لا تسمع عنها لدى قادة الحركة إلا حينما يتعلق الأمر بضغوط أو مطالب .. اضحت الوحدة مبرراً للابتزاز فحسب . كأني أرى المؤتمر الوطني إزاء قضية الوحدة و الإنفصال و هو يتعامل بفهم ( ما بالحيل على لحم السخيل ) فهو يتظاهر بأنه يسعى للوحدة و يعمل لأجلها لكنه قطعاً لن يأسى إن لم تتحقق الوحدة و ربمافي قرارة نفسه ( ينبسط ) إن تحقق الإنفصال لأن الإنفصال ربما يعني لصقور المؤتمر مزيداً من التمكين ـ الذي تزعزع ـ في ظل عدم وجود مهددات كالحركة ، و المشكلة أن الحركة تتعامل مع المؤتمر بإعتباره الدولة ـ و ليس الحكومة ـ و لا ترى في بقية التنظيمات السياسية حتى الكبيرة منها سوى تمومة جرتق .