هموم مصرية: امنعوا لجنة البشير من دخول حلايب (3)
بقلم: عباس الطرابيلي لا أعرف سر هذا التعتيم الذي واجهت به مصر: الرسمية.. والإعلامية خطوة الفريق عمر البشير الاستفزازية باعتبار منطقة مثلث حلايب دائرة انتخابية.. سودانية«. اللهم إلا إذا كانت القاهرة تعتبر هذا الإجراء لعب سياسة.. أو جر شكل لمصر ولكل المصريين.. وكنت أتصور وزير خارجية مصر السيد أحمد أبو الغيط قد استدعي السفير السوداني في القاهرة وطالبه بالتوقف فورا عن هذا العبث الذي يولد المشاكل بين القاهرة والخرطوم.. وأن يكون قد طالب سفيرنا بالخرطوم بالتحرك وطلب تفسير واضح من حكومة الخرطوم، التي يبدو انها تترنح بين ما يحدث في الجنوب.. وما يحدث في الغرب، في دارفور.. ففقدت حكومة السودان اتزانها ولم تعرف ماذا تفعل.. فأرادت أن »تجمع« ما تبقي من كرامتها.. وما تبقي لها من سلطان، علي ما تبقي من أرض السودان، الذي لولا مصر منذ محمد علي والخديو إسماعيل لكان السودان الآن عبارة عن سلطنات وإمارات وممالك، كما كان قبل توحيد مصر لكل هذه الأراضي. ** وكنت أتوقع من السيد حبيب العادلي وزير داخلية مصر أن يأخذ خطوة حاسمة.. فيرسل إلي حلايب لجنة من الوزارة وبالذات من إدارة الانتخابات لكي تنظم حلايب ومدنها وقراها كدائرة انتخابية مصرية، علي أرض مصرية.. خصوصا وأن الانتخابات البرلمانية المصرية ستجري بعد شهور قليلة.. وخصوصاً وأن الوزارة فتحت هذه الأيام أبواب مديريات الأمن لإعادة تنقية جداول الناخبين.. وتسجيل الأسماء.. لمن وصل إلي سن ممارسة الحقوق الانتخابية.. ورغم اننا لسنا بحاجة إلي حجة أو تبرير لكي تذهب لجنة مصرية الي أرض مصرية، فان مناسبة تنقية جداول الناخبين هي أفضل مناسبة لقيام هذه اللجنة بزيارة حلايب والقيام بمهمتها.. وممارسة السيادة علي هذه الأرض المصرية.. ** وما أطالب به حق دستوري لكل مواطن مصري علي أي أرض مصرية بل هو فرصة دستورية، علي الأقل ليس تأكيداً لهوية مواطنينا في هذا المثلث الذهبي الذي قاعدته ساحل البحر الأحمر.. ولكن تشجيعا لهم علي مزاولة حقهم الانتخابي.. الدستوري.. ومع حقنا في دخول هذه اللجنة الي منطقة حلايب.. فان من حقنا ان تقوم الإدارة المحلية وأيضا قواتنا المسلحة المتواجدة هناك أن تمنع دخول موظفي المفوضية السودانية التي أعلنت حكومة الخرطوم عن قيامها بهذه المهمة الاتخابية.. فوق أرض مصرية.. دون أي سند من قانون دولي أو أي اتفاقيات دولية.. ويجب ألا تتراجع القاهرة عن استخدام حقها الدولي والقانوني والنيابي كما تراجع جمال عبدالناصر منذ نصف قرن لأسباب »زعامية عربية وحدوية قومية« لأن أراضي الوطن لا يملك أي رئيس أن يتنازل عنها، تحت أي ظروف. ** إن مساحة هذا المثلث تعادل تقريبا مساحة الدلتا المصرية.. فهي تصل الي 18 ألف كم وقاعدته علي البحر الأحمر تمتد لمسافة 200 كيلو متر وهي مساحة تزيد علي مساحة دول كاملة، في أوروبا.. أو آسيا أو أمريكا اللاتينية.. وعلينا أن نتذكر انه رغم أن اتفاقيتي السودان في يناير 1899 حددتا خط الحدود بيننا وبين السودان بخط عرض 22 شمالا.. ولكن - وبتوصية من الانجليز - وقع وزير داخلية مصر وقتها وهو مصطفي فهمي باشا قرارا بتبعية إقليم حلايب - من الناحية الإدارية فقط - للسلطات المحلية في السودان الذي كانت تحكمه مصر وانجلترا معاً.. ويكفي أن نقول أن مصطفي فهمي هذا كان يوصف بأنه صديق الانجليز الوفي.. ولذلك ظل رئيسا لوزراء مصر من 12 نوفمبر 1895 الي 11 نوفمبر 1908 وبذلك كان أطول رؤساء وزارات مصر عمرا في تاريخ الوزارات المصرية.. وكان يجمع بين رئاسة الوزراء.. ومنصب وزير الداخلية.. وفي وزارته هذه كان بطرس باشا غالي هو وزير الخارجية. ولنا أن نتصور أن وزير داخلية مصر هذا بقي في منصبه هذا بإرادة الانجليز.. وأنه اتخذ قراره الخاص بحلايب بعد أيام من عودته من زيارة لانجلترا في أكتوبر 1902.. وفعل ذلك استجابة لرغبة مدير مصلحة المساحة المصرية - وكان انجليزيا - ولهذا كان قرار رئيس وزراء مصر تنفيذا لرغبات الانجليز.. الذين كانوا يسيطرون علي السودان رغم وجود الحكم الثنائي المصري - الانجليزي معاً.. ** وحتي لا يتكرر تهاون مصطفي فهمي.. وتراجع جمال عبدالناصر عام 1958 مطلوب تحرك مصري شديد العنف.. يبدأ برفض الإدارة المصرية الموجودة في حلايب دخول اللجنة السودانية، رغم أن دخول الأخوة السودانيين يتم دون تأشيرات مسبقة.. ولكن من حقنا أن نمنع دخول هذه اللجنة.. ولو بالقوة.. فهذا هو حق أرض مصر علي كل المصريين وكما تشددنا وتصدينا لرغبات، أو هفوات حكومة عمر البشير في أواخر الثمانينات.. مطلوب أن نتشدد أكثر في التصدي لهفوات البشير الرامية الي تدعيم موقفه المتهاوي ولو علي حساب السيادة المصرية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة