البشير يشيد بانجازات وزير خارجية الموتمر الوطني مصطفي اسماعيل... ويتجاهل عن عمد دينق ألور!!!

Quote: دينق ألور.. حكاية رجل فقد قريته فتح الرحمن شبارقة بُعيد قرار محكمة التحكيم الدولية في قضية أبيي صبيحة الاربعاء الماضي، حرص باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية على الاحتفاظ بملامح محايدة وهو يتحدث في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب قرار التحكيم وأكد فيه إلتزام الحركة به، ولكن تلك الحيدة ما لبثت أن تحولت الى شىء شبيه بالحسرة عندما قال في ذات المؤتمر: «انتهى النزاع.. وفقدنا قرية دينق ألور»!! ورغم فقدان الحركة الشعبية - كما المسيرية - لقرى أخرى أكبر وزناً وأكثر أهمية، إلا أن فقد قرية دينق ألور يُعد جللاً من جهة ان الرجل كان الممسك بهذا الملف داخل الحركة الشعبية، والملم بتفاصيله وتعقيداته كافة، هذا فضلاً عن أن قضية أبيي ومنذ أيام التفاوض الأولى في نيفاشا، كانت أقرب ما تكون الى قضية شخصية بالنسبة له. وهو ما جعل البعض يتساءلون على نحو لم يخل من مبالغة ربما عن مدى تأثير هذا الحكم على مستقبل دينق ألور كوال السياسي، ووضعيته داخل الحركة الشعبية بعد أن أصبح -برأي البعض- من قرية شمالية، كعرمان تماماً. — فدينق ألور حسبما قال لي ذات مرة الوزير لوكا بيونق، يُعد كبيرهم فيما يتصل بقضية أبيي، يمثل سقف المعرفة والإلمام والدراية بهذا الملف في الحركة وهو مسند إليه بالكامل لا ينافسه قيادي آخر في ذلك من الحركة لأنه ببساطة لا يوجد من هو أقدر منه على الإضطلاع بهذا الملف الشائك. وتعود صلة دينق بأبيي الى يناير من العام 1953م عندما أبصر النور لأول مرة في تلك القرية المفقودة بأمر لاهاي، والرابضة على مقربة من أبيي، وترعرع في تلك المنطقة لبضع سنوات، وعندما بلغ سبعاً منها، ذهب في العام 1960م الى مدينة المجلد، وفي مدرستها الأولية، درس دينق أربع سنوات مع الكثير من أقرانه من أبناء المسيرية وأبناء دينكا نقوك. وقضى مثلها في مدرسة رجل الفولة الوسطى، وقد كان وقتها يعرف بأنه أحمد اللار، قبل ان يغير فيما بعد اسمه وعقيدته الدينية والسياسية ويصبح الآن القيادي بالحركة الشعبية دينق ألور. لكن قبل ذلك، فلم يكن هناك ما يشى بأن يسلك احمد اللار الطالب بمدرسة رجل الفولة الوسطى حينها، كل تلك المنعطفات السياسية بما في ذلك قضية أبيي حسبما أكد لـ«الرأي العام» زميله في الفصل بتلك المدرسة وداخليتها احمد الصالح صلوحة. وبحسب صلوحة كذلك، فإن أحمد اللار قد كان ذا خلق ممتاز ودرجة معقولة من الذكاء، وقد كان طالباً مثالياً لا يمكن ان تلتقيه وهو غير ضاحك أو باسم، ولم نكن نتوقع ان يكون له موقف عدائي ضد الدولة أو الناس الذين تربى وسطهم - يقول صلوحة-: لكن يبدو، أن هناك أمراً ما قد حدث، ونال من تلك الضحكة الطفولية أمر جعل حتى ابتسامته عصية على الإرتسام في وجهه، وترك إسقاطه على حياته عقب تلك المرحلة. وربما كان ذلك الأمر، هو ما أفصح عنه نائب الأمين العام بالحركة الشعبية ياسر عرمان في ندوة نظمتها «الرأي العام» في فبراير 2006م، عندما قال: «دينق ألور لا يحمل حقداً في داخله البتة رغم أن أمه أحرقت في نقطة تفتيش بابنوسة». فوجيء حضور الندوة، وإن شئت الدقة غالبيتهم، من هول تلك المفاجأة، وفي الآن ذاته مضى عرمان للقول: «عرفت هذا الأمر بعد سنوات طويلة من معرفتي به، وأكتشفت هذا الأمر كأمر إنساني محض». وأضاف: إن دينق ألور شخص رفيع الأخلاق، وقد قالها اللواء الهادي بشرى في أديس أبابا، أيام المعارضة: «لو وزعت أخلاق دينق ألور على مدينة ما لصارت مدينة فاضلة». والحريق الذي أشار اليه عرمان هنا، هو ذلك الذي اندلع بين قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك ببابنوسة العام 1965، فعندما هاجم بعض القبيلة الأخيرة على الأولى، كان رد المسيرية عنيفاً أحرقوا فيه الكثيرين من دينكا نقوك، وخلفوا لدى أبنائها - ومنهم دينق ألور- الكثير من الرواسب النفسية التي ربما جعلته يعمل بكل ما يملك من قوة لأن تكون منطقة أبيي من نصيب دينكا نقوك بالكامل. ورغم حالة الحزن الافتراضية عند دينق ألور، وحديث بعض الزملاء الصحافيين ممن كانوا في معيته بأبيي وقت التحكيم عن دمعه إنسربت من عين الرجل فشلت معها محاولته للحاق بها، إلا أن دينق اقترب كثيراً من تلك الصورة التي رسمها له عرمان. فقد قال في تصريحات صحفية بعد دقائق من الحكم، نعم الحركة خسرت بعض الأراضي بإعادة ترسيم الحدود الشرقية والغربية لأبيي ولكن الحكم في مجمله مقبول ويُعد خطوة للأمام وملتزمون بإنفاذه. لكن الناظر مختار بابو نمر ناظر المسيرية قال في إتصال هاتفي مع «الرأي العام» إن ناس الحركة «مبسوطين جداً» من الحكم لأنهم لم يكونوا يتوقعون ان يحصلوا على كل ما حصلوا عليه، وعن قرية دينق، قال نمر: إن دينق ألور لم يعش كثيراً في تلك القرية فهو يمكن ان تقول إنه من المجلد إن شئت ودرس فيها. وإن لم يكن من مدينة المجلد الشمالية، فإن علاقة دينق ألور الذي أصبح في يوم من الأيام تابعاً للشمال الجغرافي ليست جديدة بالشمال، بل ربما كان الأوثق دون غيره من القيادات الجنوبية. فهو قد درس -كما أشرنا- في مدارس المجلد ورجل الفولة، ودرس الثانوي بمدرسة مدني الثانوية، وبعدها عمل دينق ألور أستاذاً بمدرسة رجل الفولة لبعض الوقت حتى جاءته منحة دراسية في جامعة القاهرة العام 3791م حيث درس اللغة الانجليزية بكلية آدابها. وعقب تخرجه عمل سكرتيراً ثالثاً بوزارة الخارجية. وكل تلك المحطات تشير الى عمق علاقة ألور بالشمال قبل انضمامه للحركة عندما كان في سفارة السودان بنيروبي، أما بعد توقيع الحركة لاتفاقية نيفاشا. فقد عُين دينق ألور لوزارة رئاسة مجلس الوزراء ثم وزيراً للخارجية، في الوزارتين كان البعض ينظر إليه وكأنه وزير للحركة الشعبية بسبب موقفه المتشدد من أبيي الى جانب مواقف أخرى في قضايا عديدة كثيراً مما أغضب المؤتمر الوطني لدرجة تمنى منها د. نافع علي نافع أن يتصرف دينق ألور كوزير وليس كعضو في الحركة، ونصحه بلبس طاقية الحركة الشعبية وحدها إذا فاضل جمع الطاقيتين. وأعادت نتيجة التحكيم الأخيرة الى الأذهان حديثاً سابقاً قاله القيادي بالحركة الشعبية جون أوكيج لـ «الرأي العام» عندما كان سفيراً في واشنطن قبل عامين تقريباً. أوكيج قال إن دينق ألور من أبيي، وهي برأيه منطقة شمالية، وبالتالي فإن عليه أن لا يتغول على مناصب الجنوبيين في الحركة لأن المحاصصة كانت في الأساس على أساس جغرافي. ولا يستبعد الأكاديمي الجنوبي بول دينق أن تؤثر نتيجة التحكيم في قضية أبيي على مستقبل دينق ألور السياسي ووضعيته في الحركة خاصة بعد أن فقد قريته. وقال من المؤكد أن وضعية دينق ستهتز وسيكون للحكم مردوده النفسي والسياسي، فإذا صوت أهل أبيي لتكون شمالية، ووقع الانفصال فإن أمام دينق سيكون هنالك خيارين فقط، إما أن يفقد مواقعه في الحركة ويذهب الى الشمال، أو يفقد أهله ويبقى مع الحركة بلا سند، وسيكون لكلا الخيارين تأثيرهما النفسي عليه. لكن في المقابل، فإن هناك من لا يرى أي تأثير للتحكيم على وضعية دينق في الحركة، فإن ذهبت قريته للشمال، فهو على الأقل دينكاوي. كما أن البعض يرى في مثل هذا الحديث جهوية ربما تجاوزتها الحركة التي أحدثت تحولات سياسية كبيرة في الجنوب، تحولات جعلت وصول مالك عقار وياسر عرمان وتابيتا بطرس الى مناصب كبيرة ممكناً على شماليتهم. فتح الرحمن شبارقة