هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسلامية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 08:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة يحي ابن عوف(يحي ابن عوف)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-30-2003, 09:35 AM

يحي ابن عوف
<aيحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل (Re: يحي ابن عوف)



    وقُبض على صلاح محمد إبراهيم الذي ينتمي إلى قبيلة الرزيقات العرقية في دارفور في 9 يوليو/تموز 2002 في الخرطوم. واحتُجز بمعزل عن العالمي الخارجي ولم يتصل للمرة الأولى بالعالم الخارجي إلا بعد مضي ستة أشهر في 4 يناير/كانون الثاني 2003، عندما سُمح له بلقاء أحد أقربائه – الذي زار السجن مرات عديدة قبل ذلك طالباً السماح له بالزيارة - لمدة 15 دقيقة تقريباً بحضور حراس الأمن. وربما يكون لاعتقاله صلة بسفره إلى مناطق في بحر الغزال خاضعة لسيطرة الجيش الشعبي لتحرير السودان. وفي مايو/أيار 2003، أي بعد مضي أكثر من تسعة أشهر على اعتقاله، يظل رهن الاعتقال من دون تهمة أو محاكمة.

    وأُطلق سراح العديد من الطلبة الآخرين، الذين أُلقي القبض عليهم عقب مظاهرات في جامعة الخرطوم في أكتوبر/تشرين الأول 2002، بعد أن أمضوا ثلاثة أشهر في الاعتقال من دون تهمة أو محاكمة. ولم يُسمح لهم بمقابلة المحامين وعائلاتهم وسواهم خلال اعتقالهم.

    ويعني عدم السماح بالاتصال بالعالم الخارجي، أو حتى إبلاغ العائلات باعتقال الشخص، أن بعض العائلات تُبلِّغ عن "اختفاء" المعتقل أو تخشى من أن يكون تعرض للقتل. وقد اختفى نزار محمد حمزة، وهو طالب في كلية التربية بجامعة الخرطوم في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2002 بعدما هاجمت شرطة مكافحة الشغب الجامعة. وليس لدى عائلته أية فكرة عن مكان وجوده، واعتبره عدد من منظمات حقوق الإنسان "مختفياً" إلى حين الإفراج عن ابن عمه فيصل في ديسمبر/كانون الأول الذي ذكر أنه شاهده في سجن كوبر. وقد أُفرج عنه في نهاية المطاف من دون تهمة في يناير/كانون الثاني 2003.

    وعقب حدوث المزيد من الاحتجاجات الطلابية في مارس/آذار 2003 في جامعة بخت الرضا في الدعيم بجنوب الخرطوم وجامعة النيلين في الخرطوم، قبضت قوات الأمن أيضاً على الطلاب التالية أسماؤهم وما زالوا رهن الاعتقال كما ورد : حسن علي ومحمد صديق ومحمد المصطفى هاشم وعمر الأمين من جامعة بخت الرضا؛ وبورسول مايو ومحمد الوسيلة عباس وآدم قرشي بنك وعباس التيجاني من جامعة النيلين.

    قُبض على يوسف محمد صالح ليبيس، وهو مهندس يبلغ من العمر 39 عاماً ومن أنصار المؤتمر الشعبي، في بداية فبراير/شباط 2002، واقتيد إلى مكاتب جهاز الأمن القومي في الخرطوم. ورغم الطلبات المتكررة التي قدمتها عائلته إلى مكاتب الأمن القومي، لم تُزوَّد بأية معلومات حول مكان وجوده وبدأت تعتقد أنه مات. وانتظرت حتى بداية إبريل/نيسان عندما أبلغها سجين آخر أُطلق سراحه عن مكان وجوده. وقد استُجوب طوال 12 يوماً وحُرم من النوم كما ورد، ثم أُبقي في الحبس الانفرادي عدة أسابيع قبل نقله إلى سجن كوبر. ويُسمح لزوجته الآن بزيارته. وسُمح لوالدته البالغة من العمر 70 عاماً برؤيته مرتين أو ثلاث مرات بعد اعتقاله بمعزل عن العالم الخارجي طوال ثلاثة أشهر، لكن بعد ذلك مُنعت من زيارته لأنها لم تكن تتكلم إلا اللغة الزغاوية،وليس العربية، التي لم يكن الحراس التابعون لقوات الأمن الذين كانوا يستمعون إلى الحديث خلال الزيارة يتكلمونها.

    وفي نوفمبر/تشرين الثاني، مع انتهاء فترة التسعة أشهر التي يجوز الاعتقال خلالها بموجب المادة 31 من قانون قوات الأمن القومي، أُطلق سراح يوسف محمد صالح ليبيس، لكن بعد خمسة أيام أُعيد إلقاء القبض عليه بموجب المادة نفسها من قانون قوات الأمن القومي ويظل رهن الاعتقال.

    وبعد مضي أكثر من عامين على توقيفه، يظل الدكتور حسن الترابي، الرئيس السابق للبرلمان السوداني وكبير منظري حكومة "الإنقاذ" بين العامين 1989 و1999 عندما انشق عن الحكومة، يظل قيد الإقامة الجبرية من دون محاكمة بعد مضي وقت طويل على إصدار أعلى محكمة سودانية أمراً بالإفراج عنه. وكان قد أُلقي القبض عليه مع ثلاثة من كبار أنصاره في 21 فبراير/شباط 2001، بعد مضي يومين على توقيعه مذكرة تفاهم مع الحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان. ونصت مذكرة التفاهم على أن يعمل الطرفان معاً على التوصل إلى حل سلمي للأزمة السودانية. ووُجهت إلى حسن الترابي تهم مختلفة بموجب قانون العقوبات، يرتبط معظمها بالاتفاق مع الجيش الشعبي لتحرير السودان : التآمر الإجرامي (قانون العقوبات، المادة 24)؛ وإضعاف النظام الدستوري (قانون العقوبات، المادة 50)؛ وشن حرب على الدولة (قانون العقوبات، المادة 51). والدعوة إلى معارضة السلطات العامة بالقوة (قانون العقوبات، المادة 63). ويعاقب على الجرائم المنصوص عليها في المادتين 50 و51 بالإعدام. وقدم محاموه استئنافاً، بينما كان لا يزال قيد الاعتقال. وطيلة الأشهر الستة الأولى من اعتقاله، ورد أنه سُمح له بمقابلة محاميه مرتين فقط لفترات قصيرة؛ ومنذ ذلك الحين، لم يُسمح له بمقابلة إلا أفراد عائلته. واحتُجز في البداية في الشعبة الأمنية الخاصة في سجن كوبر، لكنه نُقل إلى الإقامة الجبرية في منـزل حكومي في مايو/أيار 2001. واستمعت المحكمة الدستورية إلى استئنافه الأولي بموجب المادة 31(1) من قانون قوات الأمن القومي وإلى طلبه بإطلاق سراحه بكفالة. وفي هذه الأثناء، أُطلق سراح أشخاص آخرين ينتمون إلى حزبه، كان قد أُلقي القبض عليهم عند إلقاء القبض عليه، من دون تقديمهم للمحاكمة. وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2001، أمرت المحكمة الدستورية بالإفراج عنه. لكن أُعيد اعتقاله مرة أخرى بموجب المادة 31 حتى قبل أن يغادر حبسه لدى جهاز الأمن القومي. وقدم محاموه استئنافاً ضد حبسه قائلين إنه بما أن حسن الترابي كان معتقلاً أصلاً، لذا لم يرتكب الجرائم ضد الدولة المنصوص عليها في المادة 31(1)(هـ) ولا يمكن اعتقاله لفترة أخرى استناداً إلى التهم القديمة. وفي يوليو/تموز 2002 بعد أن أمضى تسعة أشهر رهن الاعتقال، أُحيلت القضية مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية التي قضت بوجوب إطلاق سراحه. وعند ذلك، أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً طارئاً بموجب المادة 15 من قانون حالة الطوارئ الصادر في العام 1998 يأمر بمواصلة اعتقال حسن الترابي لمدة عام قابلة للتجديد.

    2.5 الاعتقال لدى المخابرات العسكرية
    أسماء بعض المعتقلين المحتجزين في الشعبة السياسية في سجن كوبر معروفة لأن العديد منهم موقوفون بسبب انتسابهم إلى تنظيمات أو أحزاب سياسية معارضة أو جماعات طلابية معروفة. وإضافة إلى ذلك، يُقدِّم الذين يُفرج عنهم معلومات حول أشخاص آخرين شاهدوهم في الاعتقال. لكن من شبه المستحيل على منظمات حقوق الإنسان معرفة أسماء المحتجزين لفترات طويلة في مراكز الأمن العسكري وفي مراكز اعتقال أخرى يديرها الجيش أو الأمن القومي في البلاد. ويُقبض على الأشخاص ويحتجزون رهن الاعتقال المطول بمعزل عن العالم الخارجي من دون إبلاغ عائلاتهم بمكان اعتقالهم. ويفترض أنهم محتجزون بسبب الاشتباه باتصالهم بالجيش الشعبي لتحرير السودان، لكن أسباب توقيفهم تظل طي الكتمان شأنها شأن مكان اعتقالهم. وفي أغلب الأحيان لا يعرف إلا أفراد عائلتهم المباشرون أنهم اعتُقلوا وقد لا يعلمون بوجود منظمات حقوق الإنسان أو لا يكونون على استعداد للاتصال بها.

    وألقت المخابرات العسكرية القبض على تسعة أشخاص، ثمانية من الدينكا وشخص آخر، في أويل في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2002، ما لبثوا أن نُقلوا إلى الخرطوم في طائرة عسكرية واحتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي في مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم بحري حتى 12 ديسمبر/كانون الأول، عندما أُطلق سراحهم من دون تهمة بعد أن أمضوا 53 يوماً رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. وكان الدينكا الثمانية، ومن ضمنهم غارانغ وك أثني، الذي ورد أنه مستشار حاكم شمال بحر الغزال، من كبار موظفي الخدمة المدنية؛ ولا يعرف سبب إلقاء القبض عليهم واعتقالهم بمعزل عن العالم الخارجي. وقيل إن الشخص التاسع، وهو أحمد لابوو تاجر شمالي احتج في مطار أويل على اعتقالهم، فألقي القبض عليه معهم.

    وفي يناير/كانون الثاني 2003 قُدِّمت إلى منظمة العفو الدولية لائحة بأسماء تسعة معتقلين قيل إنهم محتجزون لدى المخابرات العسكرية. فأرسلت المنظمة هذه القائمة إلى وزير العدل السوداني مع نسخ إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان التابعة للمجلس الوطني طالبة توجيه تهم إليهم بارتكاب جرم جنائي أو إطلاق سراحهم فوراً. ولم تتلق المنظمة أي رد. وضمت أسماء أولئك الذين قيل إنهم اعتقلوا؛ جيمس كون كوك، وهو من قبيلة الدينكا في غوغريال، ألقي القبض عليه في غوغريال؛ وكووت ماجوك أجينغ، وهو من قبيلة الدينكا في أويل، ألقي القبض عليه في شرق السودان، وماجوك أكوت لوال، من قبيلة الدينكا في أويل، ألقي القبض عليه في شرق السودان؛ وجيمس مدال، من قبيلة الدينكا في أويل، ألقي القبض عليه في شرق السودان؛ ومايور مابور من الدينكا في رمبيك، ألقي القبض عليه في شرق السودان؛ وجيمس جييل، من الدينكا في رمبيك، ألقي القبض عليه في شرق السودان؛ وفرتاك يحيى فرتاك، من فرتيت ألقي القبض عليه في بانتيو. ولم تتلق المنظمة أي رد على رسالتها. ولا تُعرف تواريخ توقيفهم.

    وهناك مجموعة أخيرة من المعتقلين السياسيين لا يتوافر حتى قدر أقل من المعلومات عنهم. وهؤلاء يشتبه في أنهم من أنصار ومقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان أو الميليشيات المتحالفة معه في الجنوب. وبعد الحرب التي دامت 20 عاماً، لا يُعرف بأن هناك معسكرات أو سجون يُحتجز فيها أولئك الذين يقعون في الأسر أثناء القتال. ولا يُعرف بأن أية هيئة أو منظمة، وطنية أو دولية (مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر) قابلت أعضاء في قوات المعارضة المسلحة تحتجزهم الحكومة السودانية. وقد لاحظ المقرر الخاص (للأمم المتحدة) المعني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان غياب أي أسرى من أنصار الجيش الشعبي لتحرير السودان، كذلك وردت ملاحظات حول الموضوع في تقارير سابقة عديدة لمنظمة العفو الدولية. وقد يكون بعض المعتقلين الذين أسروا في سياق الحرب محتجزين لدى الأمن العسكري. وربما يكون بعض الذين وقعوا في الأسر قد احتُجزوا لفترة قصيرة ثم أُفرج عنهم، أو أُقنعوا بالانضمام إلى الميليشيات الموالية للحكومة. لكن لا يوجد بعد أية أدلة توحي بأن الوصف الذي أعطته منظمة العفو الدولية للوضع في العام 1995 قد تغير:
    "ثمة شبه غياب للمعلومات الواضحة حول مصير المقاتلين الذين أُسروا في مناطق النـزاع. بيد أن الحرب اشتهرت بعدم وجود أسرى حرب رهن الاعتقال. ويبدو أن ذلك يعود إلى أن الحكومة تعمد بصورة منتظمة إلى إعدام المقاتلين الأسرى إذا تعذر استخدامهم لأغراض استخبارية. ويبدو أن جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان الذين يسلمون أنفسهم طواعية للقوات الحكومية هم أقل عرضة لخطر الإعدام".4

    6. التعذيب أثناء الاعتقال
    يهيئ الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، من دون أي معاينة خارجية، الظروف المثالية التي يمكن أن يُمارس فيها التعذيب. وفي السودان الذي كانت فيه ممارسة التعذيب ضد المعتقلين السياسيين في السنوات التي أعقبت العام 1989 مباشرة، منهجية، يبدو أن التعذيب قد تراجع اعتباراً من العام 1997. وفي العام 2003، بدأت أنباء التعذيب تتزايد، وربما يعود ذلك جزئياً إلى تصاعد النـزاع في دارفور. ويجري التعذيب بشكل خاص في مراكز الاعتقال الخاضعة لسيطرة الأمن القومي أو العسكري، حيث يظل المعتقلون معزولين عن العالم الخارجي. أما أنباء التعذيب الممارس على يد الشرطة فهي أقل تواتراً، ليس فقط بسبب المعاينة الأفضل لمراكز الشرطة من جانب المحامين والمنظمات غير الحكومية، بل أيضاً لأن ضرب الفقراء والمهجرين لا يُبلَّغ عنه عموماً.

    ووفقاً للأقوال المتسقة التي أدلى بها الضحايا، فإن تعذيب المعتقلين السياسيين على أيدي أفراد الأمن القومي يتخذ عموماً شكل الضرب بالخراطيم أو القضبان، بما في ذلك الضرب على باطن القدمين (الفلقة) أو الركل أو القفز على المعتقل. وزعم بعض المعتقلين أنهم حُرموا من النوم طوال عدة أيام. وقد وصف عدد منهم إجبارهم على الوقوف وأيديهم مرفوعة أو على القيام بتمرين رياضي (يُطلق عليه أحياناً "أرنب نط" قفزة الأرنب). وذكر بعض المعتقلين لدى الأمن العسكري أنهم تعرضوا للإحراق بأعقاب السجائر وللصعق بالصدمات الكهربائية. والتعذيب ليس منهجياً، لكن بالتأكيد يتفشى التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على نطاق واسع. ولم يذكر الأعضاء الأكبر سناً في حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه حسن الترابي والذين ألقي القبض عليهم في العام 2001-2002 أنهم تعرضوا للتعذيب، في حين أن الطلبة (بمن فيهم أعضاء في المؤتمر الشعبي واليساريون)، وسواهم من الشبان، وفي الآونة الأخيرة، أولئك الذين قُبض عليهم بشأن المشاكل التي وقعت في دارفور، يذكرون بصورة متكررة أنهم تعرضوا للتعذيب.

    1.6 ضرب الطلبة
    يبدو أن الطلاب الذين يعتقلهم الأمن القومي هم المشتبه في أنهم يتزعمون الحركات الطلابية أو ينتسبون إلى عضوية الجماعات المعارضة أو يشاركون في المظاهرات. ويوحي الضرب المبرح الذي يتعرض له الطلبة بأن التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ربما تُستخدم كعقاب وتحذير للنشطاء السياسيين الشبان بوجوب عدم متابعة الاحتجاج.

    وتعرض بعض طلبة جامعة الخرطوم الذين قُبض عليهم في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2002، معظمهم بشأن المظاهرات التي جرت في حرم الجامعة، تعرضوا للضرب في مقر الأمن القومي في الخرطوم قرب مقابر فاروق قبل نقلهم إلى الشعبة السياسية في سجن كوبر. ورغم أن المعتقلين في سجن كوبر يعانون من أوضاع رديئة ويعزلون عن العالم الخارجي، إلا أنهم لا يتعرضون للضرب في السجن (مع أنه قد يُعاد نقلهم إلى الأمن القومي للمزيد من التعذيب).

    وقد لقي ياسر محمد الحسن عثمان، مسؤول التسجيل المساعد في كلية الطب بجامعة الخرطوم الذي ألقت قوات الأمن القبض عليه عقب مظاهرات الطلبة التي جرت في الخرطوم التي جرت يومي 22 و24 أكتوبر/تشرين الأول 2002، لقي معاملة قاسية جداً. وكان قد أُلقي القبض عليه سابقاً بوصفه ناشطاً طلابياً قبل نحو ست سنوات. وذكر أن ممارسي التعذيب ضده قالوا له ضمناً أنه استُهدف بسبب نضاله وإيداعه السجن في الماضي، ولتخويفه وكرسالة موجهة إليه لإبلاغه بأنه معروف وأن عليه التزام الصمت في المستقبل. وقد اقتيد إلى مقر جهاز الأمن العام واعتدي عليه بالضرب بواسطة أنبوب ماء حديدي. ووقف أفراد الأمن على مثانته حتى تبول وكذلك على صدره. وفقد وعيه ونُقل إلى وحدة العناية المكثفة في مستشفى الشعب التعليمي في الخرطوم في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2002 وأُطلق سراحه من دون تهمة. وقُبض عليه لاحقاً في 22 مارس/آذار 2003 وأُفرج عنه من دون تهمة في 27 مارس/آذار.

    وذكر عدد من الطلبة الذين أُلقي القبض عليهم بعد مظاهرات جامعة الخرطوم التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2002 أنهم تعرضوا للضرب من دون تمييز طوال عدة ساعات فور إلقاء القبض عليهم. ويقول العديد من الذين تعرضوا للضرب إنهم يعتقدون أنهم أُبقوا رهن الاعتقال طوال أسابيع بعد تعذيبهم لمجرد إتاحة الوقت لكي تزول علامات الضرب. قُبض على محاسب أنور محاسب، وهو طالب سنة رابعة من عطبرة يدرس الجغرافيا والتربية ويؤيد المؤتمر الشعبي، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2002 في داخلية الطلبة بالجامعة. واقتاده أفراد الأمن القومي مع 24 طالباً آخر إلى مقر الأمن القومي في الخرطوم. وذكر أن رجال الأمن استخدموا قميصه لعصب عينيه، ثم أمروه بالوقوف ويداه مرفوعتان. وضربوا جميع الطلاب بالسياط والخراطيم. ولم يُجر استجواب تفصيلي لهم بشأن أحداث الجامعة. وأطلقوا سراح تسعة منهم وأبقوا على الطلاب الستة عشر الباقين. وعند حوالي الساعة 9,15 مساء أخذوهم واحداً تلو الأخر وشدوا وثاقهم في وضع يسبب التواءً للجسد وألماً بعصيين على الأرض، حيث تُركوا قرابة الساعة على الأرض وساعة أخرى وقوفاً. ومع اقتراب منتصف الليل نُقلوا إلى الشعبة السياسية في سجن كوبر. ولم يشارك بعض أولئك المعتقلين في أية أنشطة سياسية. وبينما احتُجز محاسب أنور محاسب (مع 15 معتقلاً آخر في غرفة عرضها 5 أمتار وطولها 8 أمتار، ويوجد فيها حُصر صلاة بلاستيكية ومرتبة واحدة كي يناموا عليها جميعاً) جيء بطلاب آخرين كانوا مخضبين بالدماء جراء الضرب. وأُطلق سراح محاسب أنور محاسب في 14 يناير/كانون الثاني 2003 من دون تهمة.

    قُبض على عمر فاروق، البالغ من العمر 22 عاماً، وهو طالب سنة أولى طب في جامعة الخرطوم، ومن أنصار حركة الجبهة الديمقراطية، في 4 ديسمبر/كانون الأول 2002 في منـزله على أيدي ثمانية أشخاص يرتدون ملابس مدنية ويحملون رشاشات. وبحسب الشهادة التي أدلى بها لمنظمة العفو الدولية : "كبلوا يديّ خلف ظهري وألقوا بي على أرض السيارة. وداس أحد الرجال بقدمه على عنقي وركلني الرجل الآخر. واقتادوني إلى مبنى للأمن قريب من مقابر فاروق. وبدأ أحد الرجال يضربني بخرطوم قبل أن يطرح علي أية أسئلة. وضربني أحدهم على وجهي. ورفعني أحدهم ثم ألقى بي على الأرض. وكان أحدهم يركلني على ساقيّ، والآخر يضربني على عنقي ويديّ بشدة، مستخدماً عصا خشبية. ثم أخذوني إلى غرفة فيها ست كراسٍ وطاولة. وعصبوا عيني بقميصي ووضعوني على كرسي وضربوني على باطن قدميّ. وصرخت بصوت عال لكنهم أجبروني على البقاء مكاني. وكنت لا أزال مكبلاً برباط بلاستيكي وقيدوا يدي وقدميّ معاً وضربوني عليهما. وسألوني ‘أتشعر بالألم؟’ فقلت ‘نعم! دعوني وشأني!’ ثم هزوني وجلبوا ماءً بارداً. وغطَّسوا قدميّ المتورمين عنوة في الماء البارد وأجبروني على الجلوس ووجهي إلى الحائط مدة ثلاث ساعات." وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي نقلوه إلى زنزانة فردية؛ وفيما بعد أحضروا طلبة آخرين إلى زنزانته ونقلوهم جميعاً إلى الشعبة السياسية في سجن كوبر. وكان ما زال مرتدياً ملابسه الداخلية واستعار ثياباً إلى أن سُمح لعائلته بإحضار ملابس له. وكانت عائلته تأتي إلى السجن كل يوم؛ لكن لم يُسمح لها قط بزيارته. وبعد مضي أسبوعين أعادته قوات الأمن القومي مع طلاب آخرين إلى مقر قوات الأمن القومي لاستجوابه حول هوية الذين نظموا المظاهرات في جامعة الخرطوم؛ وصبوا عليه الماء البارد واحتجزوه في غرفة باردة بها مروحة وهزئوا به أو شتموه. ثم أُعيد إلى سجن كوبر. وخلال الفترة التي قضاها في السجن، قال إنه أُصيب بالملاريا وارتفاع ضغط الدم، وشأنه شأن معظم المعتقلين الآخرين، أُصيب بالتهاب في الرئتين. وجاء طبيب وأعطاه كلوروكوين لعلاج الملاريا. وأفرج عنه في 9 يناير/كانون الثاني من دون تهمة بعد التوقيع على ضمان يتعهد فيه بعدم المشاركة في نشاط سياسي. وعند إطلاق سراحه أُجري له فحص طبي؛ ويصف التقرير آثار الجروح التي تبين أنها تتماشى مع روايته للتعذيب.

    ذكر أحمد عصام الدين، أحد طلبة جامعة بحر الغزال في الخرطوم الذي أُلقي القبض عليه في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2002 بأن يديه كبلتا خلف ظهره، وتعرض للضرب مع الطلبة الآخرين، ثم احتُجز لمدة ستة أيام في الحبس الانفرادي. وقال إنه يعتقد أنه اختير دون غيره لضربه واستجوابه لأنه كان الطالب الوحيد ضمن مجموعة الطلبة المحتجين الذي ينتمي إلى الشمال. وقال له أفراد الأمن عدة مرات : "أنت من الشمال، عليك التعاون معنا". ولم يسمح له برؤية طبيب رغم أنه كان يعاني من مشكلة في السمع نتيجة تعرضه للضرب. واقتيد فيما بعد إلى الشعبة السياسية في سجن كوبر، حيث نُقل منها بعد يومين إلى مستشفى تديره قوات الأمن. وعلى عكس الطلبة الآخرين المعتقلين، مثلت مجموعة طلبة بحر الغزال أمام وكيل النيابة ووُجهت إليها تهم بارتكاب جرائم ضد الدولة؛ وفي محاكمتهم، تمت تبرئة ساحتهم والإفراج عنهم.

    2.6 عمليات الضرب في دارفور
    وصف معتقلون آخرون عمليات الضرب التي تعرضوا لها على أيدي مختلف فروع قوات الأمن، بمن فيها الشرطة. وذكر حوالي 35 شخصاً من أصل الأعضاء الـ 96 في قبيلة الرزيقات العرقية الذين ألقت الشرطة القبض عليهم بشأن عمليات القتل التي ارتُكبت خلال هجوم شُن على جماعة المعلية العرقية أنهم تعرضوا للضرب بالخراطيم والعصي في كل من مركز الشرطة في نيالا في دارفور، في غرب السودان، وكذلك في 21-23 يونيو/حزيران 2002 في مدرسة نيالا الثانوية. وبحسب ما ورد اختيرت المدرسة الثانوية لضرب المعتقلين لأن الطلبة كانوا في إجازة في ذلك الحين ولأنها تقع في مكان منعزل نسبياً.

    وفي 3 مايو/أيار، ألقي القبض على يوسف البشير موسى، البالغ من العمر 35 عاماً، وهو مراسل جريدة الصحافة في نيالا. الواقعة في جنوب دارفور، على يد قوات الأمن القومي لأنه كتب كما يبدو تقريراً حول تدمير طائرات ومروحيات سلاح الجو السوداني في مطار الفاشر على يد جيش تحرير السودان (الذي شُكِّل في فبراير/شباط 2003 من جانب أفراد في جماعات مستقرة (ليست من البدو الرحل)، احتجاجاً على عدم حماية مجتمعاتهم والتخلف الذي تعاني منه دارفور : انظر الجزء الخاص بدارفور). واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي طوال ثلاثة أيام في مقر قوات الأمن القومي في نيالا، وبحسب ما ورد تعرض للضرب بالعصي على ذراعيه وساقيه وجسمه. وفي اليوم الرابع سُمح له بمقابلة محام وفحصه طبيب يصف في تقريره علامات الضرب البادية على مؤخرته وصدره. واعتُقل في سجن نيالا العام من دون تهمة بموجب المادة 26 من قانون الطوارئ للعام 1998. وأُفرج عنه في 24 مايو/أيار 2003. ولم تتمكن عائلته من زيارته خلال فترة اعتقاله التي دامت عشرين يوماً. وقدم محاموه شكوى إلى النيابة العامة في الخرطوم.

    3.6 التعذيب على يد المخابرات العسكرية
    ذكر المعتقلون الذين احتجزتهم المخابرات العسكرية – والذين اتُهموا جميعاً بأن لهم صلات بحكومات أجنبية – أنهم أُجبروا على خلع ملابسهم باستثناء الداخلية منها وتعرضوا للضرب بعد صب الماء البارد عليهم؛ كما يذكرون أن السجائر أُطفئت على أجسادهم. وقال أحد المعتقلين 5 الذي قُبض عليه في ديسمبر/كانون الأول 2001 وأُخلي سبيله بعد تعرضه للتعذيب طوال أكثر من أسبوعين : "حتى أن الضابط الثالث … ضحك أثناء تعذيبي واستخدم جسدي كمنفضة سجائر لسجائره المشتعلة على الدوام. وفقدت وعيي مرتين. وكنت أصحو مرة تلو الأخرى على آلام الحروق التي أُصبت بها. وبدأت أسعل بصورة هيستيرية. وفي تلك اللحظة خلت أنني سأموت" وقال معتقل سابق آخر من كردفان، إنه اعتُقل في يوليو/تموز 2002 على يد المخابرات العسكرية، واقتيد إلى مقر قيادة الجيش : "بعد برهة جاء الرجل وبصحبته أربعة أشخاص آخرين. وكبلوا يديَّ من جديد ووضعوا وجهي على السرير وأبقوني هناك. ثم بدؤوا بإحراق ظهري بالسجائر. وحاولوا إجباري على تزويدهم بمعلومات حول من عمل أيضاً مع المخابرات الألمانية والبريطانية … وعذبوني بإحراق السجائر على ظهري إلى أن فقدت وعيي عدة مرات. وكنت أحياناً أصحو على الإحراق المتواصل لظهري بالسجائر. وأحرقوني عدة مرات في المكان ذاته … وكل يوم كان يتكرر هذا الإجراء". وأطلق سراحه بعد بضعة أيام من تعرضه للتعذيب في الاعتقال.

    7. المحاكمات الجائرة
    ترد المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أن جميع الأشخاص لهم الحق في :

    أن تكون قضيته محل لنظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة وحيادية، لا يجوز منع الجمهور من الحضور إلا في بعض الحالات لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي؛
    الاستفادة من افتراض البراءة؛
    أن يتم إعلامه سريعاً وبالتفصيل وفي لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها؛
    أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه؛
    أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له؛
    أن يحاكم حضورياً؛
    أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل محاميه. وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام؛
    ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب؛
    لا يجوز استخدام الأدلة المنـتزعة نتيجة التعذيب في المحكمة إلا كدليل ضد مرتكبي التعذيب.
    وغالباً ما يواجه المعتقلون الذين يُقدَّمون للمحاكمة في السودان محاكمات تقصر كثيراً عن الوفاء بهذه المعايير الخاصة بالمحاكمات العادلة. وعقب محاكمات بإجراءات موجزة وجائرة تصدر على البعض أحكام تتضمن عقوبة أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة، تُحظرها المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

    1.7 المحاكمات السياسية
    على مدى السنوات الثلاث الماضية جرى عدد قليل من المحاكمات السياسية.6 وفي 6 ديسمبر/كانون الثاني 2000، قبل أيام من تعديل قانون قوات الأمن القومي، أُلقي القبض على ثمانية أعضاء في التحالف الديمقراطي الوطني، وهو تحالف يضم الأحزاب المعارضة الشمالية والحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان، بينما كانوا مجتمعين بدبلوماسي أمريكي واتُهموا "بالتآمر ضد الدولة" في مارس/آذار 2001. وأُطلق سراحهم في أكتوبر/تشرين الأول 2001 بعدما أعلن الرئيس عن سحب التهم الموجهة إليهم. ويمكن تمديد فترة هذه الاعتقالات – كما حصل في حالة حسن الترابي ويوسف محمد صالح ليبيس – عن طريق إطلاق سراح المعتقل لمدة بضع دقائق أو أيام ومن ثم إعادة القبض عليه. وبالتالي يمكن فعلياً احتجاز المعتقلين السياسيين الموقوفين لدى قوات الأمن إلى أجل غير مسمى من دون تهمة وقد لا تعتبر المحاكمة ضرورية. وفي البداية وُجهت تهم إلى الدكتور حسن الترابي وقادة المؤتمر الشعبي الذين قُبض عليهم معه بموجب قانون العقوبات، لكنهم لم يُقدموا إلى المحاكمة قط؛ واستناداً إلى مرسوم رئاسي طارئ جرى تمديد اعتقال حسن الترابي الذي كان قد مُدد في البداية عن طريق إعادة توقيفه فوراً.

    ورغم أن أعضاء الجماعات المعارضة السياسية لا يُقدَّمون للمحاكمة عادة، فإنهم هُددوا بمحاكمتهم بموجب مواد قانون العقوبات التي تُحظِّر التجمعات غير المصرح بها أو العضوية في التنظيمات غير المسجلة. وقد هُدد أعضاء الأخوان الجمهوريين باتهامهم بالردة بموجب المادة 126 من قانون العقوبات التي تنص على عقوبة الإعدام. لكن المحاكمات هي الاستثناء في كثير من الحالات. وبين أغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول 2002 ألقي القبض على مئات الطلبة، لكن لم توجه تهم بارتكاب جرائم إلى إلا حفنة منهم قُدموا إلى المحاكمة.7

    2.7 إجراءات خاطئة للمحاكمة تعقبها عمليات الجلد وبتر الأطراف
    يتضمن قانون العقوبات السوداني للعام 1991 عقوبات مثل الجلد على مجموعة متنوعة من الجرائم، بينها جرائم مثل التعامل بالخمور أو معاقرتها وبتر الأطراف عقاباً على سرقة أكثر من 4,25 غرام من الذهب من مكان محرز.8 وتُحظِّر المعايير الدولية لحقوق الإنسان هذه العقوبات.

    وإضافة إلى ذلك غالباً ما تصدر هذه العقوبات بعد محاكمات بإجراءات مقتضبة وجائرة. وخلال هذه المحاكمات، غالباً ما يُدان المتهم بناء على أدلة الشرطة وحدها، التي يكملها أحياناً اعتراف انتُزع منه تحت وطأة التعذيب أو غيره من أشكال الإكراه.

    ويساور منظمة العفو الدولية القلق من أن المحاكمات الجائرة تشكل جزءاً لا يتجزأ من نظام القضاء السوداني بموجب المادة 10(1) من قانون الإثبات للعام 1993 التي تنص على أن :
    لا تُرفض البينة فقط لأنه تم الحصول عليها من خلال إجراء غير سليم، إذا كانت المحكمة مقتنعة بأنها بينة مستقلة ومقبولة."

    ويبدو أن هذه المادة تطلق العنان لأفراد قوات الأمن لتعذيب المعتقلين من أجل الحصول على اعترافات.

    ومما يثير قلقاً شديداً أن الإجراءات في المحاكمات التي تجيز فرض عقوبة الإعدام وبتر الأطراف والجلد، غالباً ما تكون مقتضبة وتشوبها شوائب خطيرة. وكما قالت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في شأن المحاكمات السودانية التي تطبق الحدود والقصاص :
    "القضية الأخرى هي تطبيق قانون الشريعة. لا جدال في أن الشريعة ترتكز على تفسير الدين الإسلامي. وعندما تطبق المحاكم السودانية الشريعة، عليها أن تفعل ذلك وفقاً للالتزامات الأخرى التي تعهدت بها دولة السودان. ويجب أن تتقيد دائماً بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة."9

    وفيما يتعلق بالجرائم التي تُطبق فيها الحدود (تلك الجرائم التي تنطوي وفق الشريعة الإسلامية، على عقوبات جسدية إلزامية : وهي تشمل السرقة والردة والمعاشرة الجنسية غير الشرعية ومعاقرة الخمر)، يقتضي كل من قانون الإثبات للعام 1993 والمراسيم المتعلقة بالمحاكم الخاصة من المحاكم اتباع قواعد البينة المنصوص عليها في أحكام الشريعة. لكن المعيار العالي للبينة بموجب أحكام الشريعة (الذي يقتضي عادة على سبيل المثال أربعة شهود لإثبات وقوع الزنا10) غير مطلوب عموماً في المحكمة.

    وبموجب قانون العقوبات يُعاقب على عدد من الجرائم بالجلد : وهي تشمل معاقرة الخمرة إذا كان مسلماً (المادة 78(1) من قانون العقوبات)؛ تنطبق على المسلمين وغير المسلمين الذين يشربون الخمر في مكان عام أو يتسببون بإزعاج (المادة 78(2) من قانون العقوبات) : السلوك الممارس في مكان عام والذي "يتعارض مع الآداب العامة" (المادة 152 من قانون العقوبات)؛ و"ارتداء زي غير محتشم أو إباحي بطريقة بعيدة عن الاحتشام أو مغايرة للآداب العامة" (المادة 152 من قانون العقوبات)؛ يُسمح بالجلد – لكنه نادراً ما يُنفَّذ الآن – في حال الإخلال بقانون النظام العام في الخرطوم للعام 1998، الذي تتضمن قائمة الجرائم الطويلة الواردة فيه إقامة حفلات بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً والتسول. وفي محاكم النظام العام، نادراً ما يكون للمتهمين – عادة الفقراء ومن ضمنهم العديد من الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات المهجرين وأعداد كبيرة من النساء – محامون هذا إذا عُيِّن لهم محامون أصلاً، وقد لا تستغرق المحاكمات إلا بضع دقائق. ويُجمَع المتهمون في مجموعات تضم كل منها حوالي 10 أشخاص بحسب الجرم الذي يُنسب إليهم. فإذا كان الجرم شرب الخمر، أو صنعه أو بيعه، يقسمون إلى مسيحيين ومسلمين؛ ويُحكم على المسلمين بـ 40 جلدة وعلى المسيحيين بـ 39 جلدة. وتتم الإدانة بصورة شبه ثابتة بناء على كلمة بسيطة يتفوه بها الشرطي ونادراً ما يتم ذلك في حضور محامي الدفاع. ويحكم على آخرين بـ 40 جلدة على جرائم مثل المتاجرة من دون ترخيص أو الإخلال بقانون اللباس، مجدداً بناء على كلمة بسيطة من الشرطة. وهناك افتراض بالذنب وليس البراءة، وتنعدم تماماً أية أدلة تؤيد أقوال الشرطة. وتابع أحد نشطاء حقوق الإنسان الذي جلس لمدة يومين في محكمة النظام العام في الخرطوم الكبرى حوالي 100 محاكمة؛ لم تُبرأ خلالها إلا ساحة شخصين (رجل وامرأة شابان أُلقي القبض عليهما معاً، لكن حتى الشرطة التي حضر أفرادها كشهود لم تستطع أن تقدم أي تفسير مقبول لسبب القبض عليهما بعد أن أمضيا الليل في زنزانتين). ويقال على نطاق واسع إن شخصاً ينتمي إلى عائلة ثرية ويملك جهاز هاتف نقالاً ولديه اتصالات ومعارف، يستطيع توكيل محامٍ وتُبرأ ساحته؛ أما الفقير فيدان بثبات.

    فعلى سبيل المثال، أبلغ شخص مسيحي من الجنوب يقطن في ضاحية الحاج يوسف بالخرطوم بحري، حيث يعيش العديد من اللاجئين الفارين من الحرب في جنوب السودان، أبلغ مندوبي منظمة العفو الدولية أنه كان في منـزله عندما اقتحمته الشرطة واتهمته بمعاقرة الخمرة. وأنكر ذلك (في الحقيقة، فإنه وفقاً للمادة 78(2) من قانون العقوبات، فإن معاقرة غير المسلم للخمرة – تمييزاً لها عن التعامل فيها، لا يُعاقب عليها إلا إذا جرت في مكان عام أو "سببت إزعاجاً للآخرين"). ولم يُجر له فحص دم أو اختبار تنفس ولم يؤخذ إلى أي طبيب. وأمضى يومين في الاعتقال ثم نُقل إلى المحكمة حيث أنكر التهمة. ولم يكن لديه محام. وشهد ضده أحد رجال الشرطة، وأدين وحكم عليه بـ 40 جلده ونُفِّذت العقوبة فوراً. وعندما أثار مندوبو منظمة العفو الدولية هذه القضية في وزارة الداخلية، أصر قائد الشرطة على أن الاختبارات الطبية أُجريت كالمعتاد. لكن أولئك الذين يحكم عليهم وأولئك الذين يمثلون أمام المحكمة يقولون إن هناك انعداماً ثابتاً للأدلة الطبية التي تثبت تناول الخمر عندما يتعلق الأمر بالفقراء.

    وتُنفَّذ عقوبات الجلد على الفور أمام الجمهور؛ ولا يتم أي استئناف إلا بعد الجلد. ولا يستطيع إلا الميسورون الطعن في الأدلة ويصرون على توكيل محام وتتاح لهم الفرصة لتبرئة ساحتهم؛ ويقبل الفقراء الجلد كعاقبة طبيعية لاعتقالهم. وإمكانية التبرئة بعيدة للغاية لدرجة أنه حتى أولئك الذين يقولون إنهم أبرياء من أية تهمة يفضلون القبول بجلدهم 40 جلدة عوضاً عن طلب توكيل محام لهم وربما قضاء شهر في الاعتقال بانتظار المحاكمة.


                  

العنوان الكاتب Date
هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسلامية يحي ابن عوف12-30-03, 08:34 AM
  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-30-03, 08:59 AM
    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-30-03, 09:35 AM
      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-30-03, 09:50 AM
        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-31-03, 02:08 AM
          Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل HOPEFUL12-31-03, 02:42 AM
            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-31-03, 03:03 AM
              Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-31-03, 08:03 AM
                Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-31-03, 09:20 AM
                  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-03-04, 08:29 AM
                    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-04-04, 05:07 AM
                      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-04-04, 08:37 AM
                        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-16-04, 01:37 AM
                          Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-16-04, 03:00 AM
                            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-16-04, 11:31 PM
                            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل خالد الحاج01-17-04, 10:33 AM
                              Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-18-04, 10:32 AM
                                Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-18-04, 11:04 AM
                                  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-18-04, 09:56 PM
                                    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-03-04, 08:42 PM
                                      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-04-04, 01:38 AM
                                        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-05-04, 07:28 AM
                                          Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-05-04, 11:25 PM
                                            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-06-04, 10:58 AM
                                              Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-07-04, 03:51 AM
                  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-20-04, 09:59 AM
  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل اسامة الخاتم03-07-04, 10:33 AM
    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-20-04, 10:25 AM
      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل rani04-04-04, 06:15 PM
        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-01-04, 03:17 AM
          Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-01-04, 06:39 PM
            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-01-04, 06:43 PM
              Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-04-04, 05:55 PM
                Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-04-04, 06:10 PM
                  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-08-04, 07:50 AM
                    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-08-04, 07:55 AM
                      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-09-04, 05:28 AM
                        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-09-04, 05:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de