هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسلامية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 01:10 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة يحي ابن عوف(يحي ابن عوف)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-30-2003, 08:59 AM

يحي ابن عوف
<aيحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل (Re: يحي ابن عوف)

    مـنـظمة الـعـفو الـدولـية
    السودان: وعود جوفاء؟ انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة

    16 يوليو/تموز 2003 رقم الوثيقة : AFR 54/036/2003


    قائمة المحتويات

    المقدمة
    خلفية : انتهاكات حقوق الإنسان في النـزاع المسلح وعملية السلام
    المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني
    عمل منظمة العفو الدولية
    الاعتقال المطول بمعزل عن العالم الخارجي
    التعذيب
    المحاكمات الجائرة



    القيود المفروضة على حرية الصحافة
    اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان ومضايقتهم
    المضايقات والقيود المفروضة على حق التجمع والاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين
    انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد النساء والناشطات
    أزمة حقوق الإنسان في دارفور
    الخلاصة
    التوصيات
    1. المقدمة
    إن بروتوكول ماتشاكوس الذي وُقِّع في 20 يوليو/تموز 2002 من جانب الحكومة السودانية والحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان، ويشار بكلمة "الحركة" إلى الجناح السياسي للجماعة المعارضة المسلحة الرئيسية في جنوب البلاد، وبكلمة "الجيش" إلى قواتها العسكرية) والذي بشَّر بالتوقيع على اتفاقية سلام في المستقبل، أعطى بارقة أمل جديدة للشعب السوداني. واليوم تتواصل مفاوضات السلام تحت رعاية الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد، وهي تجمع إقليمي لحكومات شرق أفريقيا) والوسطاء الدوليين – وبخاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج – لوضع حد للحرب الأهلية التي دارت رحاها في جنوب السودان وما زالت طوال جزء كبير من الخمسة والأربعين عاماً التي مضت على نيل السودان استقلاله. وخلال الأعوام العشرين الماضية، قتل نحو مليوني شخص وهُجر 4,5 مليون نسمة بفعل النـزاع والمجاعات التي تسبب بها. وكان الأغلبية العظمى من الضحايا من المدنيين وأبناء الجنوب.

    وقد وافق بروتوكول ماتشاكوس على مبدأ إجراء انتخابات حول حق تقرير المصير في الجنوب بعد فترة مؤقتة مدتها ست سنوات تبدأ اعتباراً من التوقيع على أية اتفاقية نهائية. وتركز محادثات السلام الجارية الآن بين الحكومة السودانية والحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان على ثلاث نواحٍ عامة للنقاش: اقتسام السلطة واقتسام الثروة والمناطق الحدودية في أبيي وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق التي شهدت قتالاً أيضاً.

    ويتناول هذا التقرير أساساً انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن الحكومية وإدارة القضاء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السودانية. وفي الوقت الراهن لا تحظى قضايا العدالة وحقوق الإنسان بمعالجة كافية في المباحثات التي تجري في مفاوضات السلام، ولا يشارك المجتمع المدني في كل من الشمال والجنوب في هذه المحادثات. لكن القتال الذي يدور منذ قرابة الـ 45 عاماً في السودان كان ولا يزال يتعلق بقضايا العدل والتمييز: فالشعب السوداني يتطلع بشغف إلى الحصول على حقوقه المدنية والسياسية التي يركز عليها هذا التقرير، ليس هذا وحسب، بل أيضاً للحصول على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها حقوقه في السكن الكافي والعمل والصحة والتعليم. ويؤثر التمييز الممارس في السودان على أبناء الجنوب وغيرهم ممن يقطنون في المناطق الحدودية، لكنه يطال أيضاً أناس يعيشون في الشمال والغرب والشرق. ويؤثر التمييز أكثر ما يؤثر على الفقراء والمهجرين داخلياً، وأغلبيتهم من النساء – أي أكثر من نصف السكان البالغين للسودان.

    وتلوح نذر حرب أخرى في دارفور بغرب السودان، حيث شُكِّلت جماعة معارضة مسلحة تدعى جيش التحرير السوداني في فبراير/شباط 2003. وتزعم هذه الجماعة أنها حملت السلاح بسبب التخلف والتهميش والتقاعس المتصور للحكومة عن حماية الناس من انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة. وردت الحكومة على الوضع المتدهور في دارفور بانتهاك حقوق الإنسان، وفي نهاية مارس/آذار 2003 قررت استخدام القوة العسكرية لتسوية الأزمة. وتخشى منظمة العفو الدولية من أنه ما لم تتم معالجة القضايا المتعلقة بالعدالة والتمييز في جميع مناطق السودان بصورة شاملة في محادثات السلام، ستظل بذور النـزاع موجودة في البلاد. ولن يتحقق السلام الدائم في السودان إلا إذا تم تكريس حقوق الإنسان للجميع في القانون، ليس هذا وحسب بل تم احترامها على صعيد الممارسة.

    وتظل القيادة العسكرية للسودان بيد اللواء عمر حسن البشير، الذي انتزع السلطة في انقلاب عسكري وقع في يونيو/حزيران 1989 من حكومة كانت على ما يبدو تتجه نحو إجراء محادثات سلام مع الجنوب. وفي شمال السودان حصلت تغييرات إيجابية منذ مطلع التسعينيات، عندما كانت "جميع قطاعات المجتمع السوداني فعلياً في كافة أنحاء البلاد تعاني من الانتهاكات المتواصلة والصارخة لحقوق الإنسان" و"عندما أُجبرت المعارضة السياسية على اللجوء إلى العمل السري"1، كما ورد في أحد تقارير منظمة العفو الدولية. ويبدو أن عدد المعتقلين السياسيين قد تناقص، رغم أنهم يشملون الآن أنصار المؤتمر الوطني الشعبي الذي يتزعمه حسن الترابي، الذي كان يعتبر في السابق القوة العقائدية التي تقف خلف حكم البشير. ويبدو أن التعذيب بات أقل منهجية. ويُسمح لبعض منظمات حقوق الإنسان التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة السودانية بالعمل. ومُنحت الصحف فسحة من الحرية في تعليقاتها منذ رفع الرقابة في ديسمبر/كانون الأول 2001 وعاد العديد من الخصوم السياسيين السابقين الذين أُجبروا على طلب اللجوء في الخارج، إما بصورة دائمة أو للقيام بزيارات.

    وإضافة إلى ذلك، قامت الحكومة السودانية بالتفاتات عديدة لتعزيز حقوق الإنسان. فهناك بعثة فنية للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العاصمة الخرطوم. وهناك لجنة لاجتثاث ممارسة خطف النساء والأطفال، ومركز استشاري لحقوق الإنسان، ولجنة لحقوق الإنسان في البرلمان، وقسمان لحقوق الإنسان في وزارتي العدل والخارجية. وصدرت تصريحات عن أعضاء الحكومة حول جعل القوانين السودانية تتماشى مع القوانين الدولية وشارك بعض أفراد قوات الأمن القومي في التدريبات الخاصة بحقوق الإنسان.

    ومع ذلك، فرغم حدوث تقدم مهم في تعزيز حقوق الإنسان في شمال السودان، والتوصل إلى اتفاقيات برعاية دولية حول قضية حماية المدنيين في معظم أنحاء الجنوب، ما زال يصح القول إن : "كافة أنواع انتهاكات حقوق الإنسان التي تقلق منظمة العفو الدولية قد ارتُكبت من جانب المؤسسة السياسية والعسكرية التي تتصرف وكأنها لا تخضع للمساءلة"2 وربما تراجع حجم وخطورة انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في الشمال، لكن ليس استمرار وقوعها واستفادة مرتكبيها من ظاهرة الإفلات من العقاب.

    ويسمح قانون قوات الأمن القومي الأمن باعتقال عشرات السودانيين لأسباب سياسية مدة تصل إلى تسعة أشهر من دون تهمة أو محاكمة ومن دون الحق في الاتصال بالعالم الخارجي. وبموجب القانون نفسه، تتمتع قوات الأمن بالحصانة من العقاب على أفعالها، بما فيها التعذيب أو سوء المعاملة، التي تقوم بها بصفتها المهنية. ويحكم على مئات السودانيين كل عام بعقوبات قاسية أو لا إنسانية أو مهينة – تتضمن الجلد وبتر الأطراف وعقوبة الإعدام- في محاكمات غالباً ما تجري بإجراءات مقتضبة وتكون بالغة الجور. ويتم تقييد حرية تعبير الصحفيين عن آرائهم والتضييق عليها بالمراقبة ووقف الصحيفة عن الصدور وغيرها من العقوبات، وقد تتعرض الاجتماعات العامة للمداهمة والحظر. وغالباً ما يتم التعامل مع المظاهرات بالاستخدام المفرط للقوة الذي يؤدي إلى مقتل أشخاص.

    وعدم خضوع قوات الأمن للمساءلة مكرس في القانون السوداني الذي يجيز الاعتقال المطول بمعزل عن العالم الخارجي ويمنح أفراد هذه القوات الحصانة من العقاب على أفعالهم. كما يمكن للقانون السوداني أن يجيز استخدام الاعترافات، التي قد تنتـزع تحت الإكراه، في المحاكمات.


    2. خلفية : انتهاكات حقوق الإنسان في النـزاع المسلح وعملية السلام
    منذ نيل السودان استقلاله في العام 1957، لم تتمتع البلاد إلا بـ 11 سنة من السلام؛ وانتهت حرب سابقة في الجنوب والمناطق الحدودية بين الشمال والجنوب بتوقيع اتفاقية أديس أبابا في العام 1973 التي منحت الجنوب حكماً ذاتياً إقليمياً. واندلعت الحرب مرة أخرى في العام 1983. وجرت عدة مبادرات باتجاه عملية السلام لكنها منيت بالفشل : في العام 1989، في عهد رئيس الوزراء الصادق المهدي، قبل وقوع الانقلاب الذي قاده اللواء عمر حسن البشير؛ وفي العام 1997 عندما جرى التوقيع على إعلان مبادئ، لكن لم يتم فعل شيء لتنفيذه. وبدا أن المحادثات التي جرت تحت رعاية مختلف الوسطاء – نيجيريا وليبيا ومصر ومنظمة إيغاد - لم تؤد إلى أية نتيجة.

    وارتكب كلا طرفي النـزاع في جنوب السودان انتهاكات لحقوق الإنسان ومخالفات للقانون الإنساني الدولي بقتل المدنيين وإصابتهم بجروح وتعذيبهم وخطفهم، ومن ضمنهم النساء والأطفال، وتجنيد الأطفال في القوات المسلحة ومهاجمة القرى وتدمير الممتلكات والمحاصيل، وإجبار ملايين الأشخاص على التحول إلى مهجرين داخلياً أو لاجئين. وقد وثقت منظمة العفو الدولية الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان والميليشيات المتحالفة معها – عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وقتل المدنيين والاغتصاب والخطف والنهب والتهجير القسري. وهي ليست موضوع هذا التقرير. بيد أنه مهما كانت خطورة انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبها الجيش الشعبي لتحرير السودان والجماعات المسلحة المتحالفة معه، لا يمكن لها أبداً أن تشكل عذراً أو تُستخدم كمبرر للانتهاكات التي ترتكبها الحكومة للمعاهدات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التي التزمت باحترامها.

    ونتجت انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي سببت هذا القدر الكبير من الآلام عن انعدام مساءلة قوات الأمن. فقد عمد الجيش الحكومي وقوات الدفاع الشعبي، وهي قوات حكومية شبه عسكرية، والميليشيات الشمالية والجنوبية المدعومة من الحكومة السودانية، إلى قتل المدنيين واغتصاب النساء واختطافهن وخطف الأطفال وتجنيدهم وتدمير المنازل والممتلكات. ومن خلال التقاعس عن إجراء تحقيقات أو تقديم الأشخاص المتهمين بارتكاب هذه الانتهاكات إلى العدالة، أظهرت الحكومة أن هذه الأفعال تحظى بالقبول وحتى التشجيع.

    وفي العام 2001، زادت الولايات المتحدة مشاركتها في عملية السلام في السودان بتعيين السناتور السابق جون دانفورث، كمبعوث خاص للولايات المتحدة معني بالسلام في السودان. واقترح أربعة اختبارات لالتزام الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان بالسلام، وافق عليها الطرفان. ونتيجة لذلك، تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار في جبال النوبة بمراقبة دولية في يناير/كانون الثاني 2002، وجرى تجديده منذ ذلك الحين كل ستة أشهر. وفي مارس/آذار 2002، وقعت الحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان على تعهد، يخضع لمراقبة فريق دولي، بعدم مهاجمة المدنيين والأهداف المدنية. وشُكِّلت لجنة دولية من الخبراء للتحقيق في الرق في السودان وأصدرت تقريراً يتضمن توصيات في مايو/أيار 2002. وإضافة إلى ذلك، وافق الطرفان على السماح للمنظمات الإنسانية بتنفيذ برامج طبية في "المناطق التي تنعم بالهدوء".

    وفي يونيو/حزيران 2002، بدأت محادثات سلام أكثر جدية تحت رعاية إيغاد، بقيادة كينيا ووسطاء دوليين في ماتشاكوس بكينيا، وفي 20 يوليو/تموز، تم التوقيع على بروتوكول ماتشاكوس. بيد أن عملية السلام توقفت عندما استولى الجيش الشعبي لتحرير السودان على بلدة توريت الواقعة في المنطقة الاستوائية في 1 سبتمبر/أيلول، وحظرت الحكومة الرحلات الجوية للإغاثة الإنسانية إلى المنطقة الاستوائية. واستؤنفت عملية السلام بعد استعادة الحكومة لتوريت في أكتوبر/تشرين الأول. وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول وقع الطرفان على "مذكرة تفاهم تتعلق بوقف العمليات الحربية"، أي وقف إطلاق النار. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وللمرة الأولى منذ 20 عاماً، وكما ذكرت إحدى المجموعات التي تراقب الحرب، فقد مر شهر من دون ورود أنباء حول مقتل مدني على يد أي من الجانبين.

    لكن في يناير/كانون الثاني 2003، انهار وقف إطلاق النار بسبب تجدد الأنشطة العسكرية في المنطقة النفطية في النيل الأعلى (أو منطقة الوحدة) الواقعة جنوب بنتيو. وشن الهجمات كل من الجيش السوداني والميليشيات الجنوبية المتحالفة معه ضد البلدات والقرى، وبخاصة تلك الواقعة على طريق تشقه الحكومة السودانية بين بنتيو وأدوك. وسبق هذه الهجمات تجنيد قسري للشبان في الخرطوم أواخر العام 2002 وللرجال والأطفال في بنتيو. وأشار فريق حماية المدنيين والمراقبة المكلف بمراقبة اتفاقية عدم مهاجمة المدنيين، إلى تهجير السكان عقب هذه الهجمات، فضلاً عن التجنيد القسري للرجال والأطفال واختطاف النساء لأغراض العمل وغيرها من الأغراض على يد الحكومة والقوات المتحالفة معها.

    وفي 4 فبراير/شباط 2003، أُنشئ بموجب ملحق لاتفاقية وقف إطلاق النار فريق التحقق والمراقبة، المؤلف من مراقبين دوليين وممثلين للحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان. وكُلف بمهمة التحقيق في انتهاكات وقف إطلاق النار وتحركات القوات التابعة للطرفين ومراقبة عودة المدنيين الذين هُجروا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2002. وكان هدفه إقامة وجود دائم في مواقع مختلفة بجنوب السودان بحلول يونيو/حزيران. وفي مارس/آذار 2003، لم يتمكن فريق حماية المدنيين والمراقبة من إجراء المزيد من التحقيقات الشاملة، بسبب عدم تعاون الحكومة معه بشأن القضايا الأمنية كما ورد. وفي يونيو/حزيران أجرى تحقيقاً في مقتل نحو 30 مدنياً وتدمير ممتلكات مدنية على يد ميليشيا متحالفة مع الحكومة في شرق النيل الأعلى وأبلغ عن وقوع ذلك، وأكد أن قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان أقدمت في سبتمبر/أيلول 2002 على خطف 48 مدنياً ونهبت ممتلكاتهم في شمال أبيي.

    3. المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني
    السودان دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ وقد تم التصديق على كلا هاتين المعاهدتين في العام 1986. كذلك صادق السودان على أو انضم إلى : الاتفاقية المتعلقة بوضع اللاجئين (1974) والعهد الدولي الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1977)؛ واتفاقية حقوق الطفل (1990) والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (1986). والسودان طرف متعاقد سامٍ في اتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 أغسطس/آب 1949 والتي انضم إليها في العام 1957. لذا فهو ملزم بتطبيق نصوص هذه المعاهدات.

    وإضافة إلى ذلك، وقع السودان على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1986)؛ ورغم أنه لم يصادق بعد على المعاهدة، لكنه ملزم بموجب القانون الدولي بعدم اتخاذ أي إجراء يمكن أن يحبط هدفها وغرضها.

    ويعلن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، أسوة بالعديد من المعاهدات المذكورة أعلاه، الحق في احترام الحياة والكرامة الشخصية، وحظر الرق والتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ويكرس الحقوق في حرية التعبير والاشتراك في الجمعيات والتجمع. فالمادة 6 من الميثاق تنص على أنه "لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله بصورة تعسفية". والمادة 7 تقول إنه "يحق لكل شخص "أن ينظر في قضيته". وهذا يشمل افتراض البراءة و"حق الدفاع، بما في ذلك الحق في أن يدافع عنه محامٍ يختاره بنفسه".

    وتحدد هذه المعاهدات مع الصكوك الدولية الأخرى التي أعدتها الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي معايير السلوك التي تلتزم جميع الدول الأطراف بالتمسك بها. وهي تكفل من جملة حقوق الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحظر العبودية والحق في الاعتراف بشخص الإنسان أمام القانون، ولا يجوز الانتقاص من هذه المعايير حتى في "حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسمياً" (المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية).

    ولا يسمح الميثاق الأفريقي للدول الأطراف بالانتقاص من الواجبات المترتبة عليها بموجب المعاهدة، حتى خلال النـزاعات المسلحة (اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والحريات ضد تشاد، اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التعليق رقم 74/92).

    وينظم القانون الإنساني الدولي، الذي تجسده أساساً اتفاقيات جنيف الأربع للعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان الملحقان بها للعام 1977، أوضاع النـزاعات المسلحة. ولا يحل محل القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي ينطبق في زمني السلام والحرب، رغم أنه يجيز وقف العمل ببعض الحقوق في حالات الطوارئ العامة. ومع ذلك، يُعتبر قانون حقوق الإنسان بأنه يؤدي دوراً تكميلياً مهماً للقانون الإنساني الدولي، لأنه يقدم حماية إضافية لحقوق الأفراد. وتتضمن اتفاقيات جنيف الأربع بعض الضمانات الدنيا لمعاملة السكان المدنيين، وتنطبق على جميع أطراف النـزاع المسلح الداخلي. وتُحظر نصوصها شن هجمات على غير المقاتلين (بمن فيهم الجنود الذين ألقوا سلاحهم وأولئك الذين أصبحوا عاجزين عن مواصلة القتال جراء المرض أو الإصابة أو الاعتقال)؛ والتعذيب والمعاملة القاسية؛ واحتجاز الرهائن وإصدار أحكام وتنفيذ الإعدامات إلا من قبل محاكم مؤسسة حسب الأصول وتمنح جميع الضمانات القضائية التي تعترف دول بها العالم بوصفها لا غنى عنها. وجرت تكملة المادة الثالثة المشتركة بالبروتوكولين الإضافيين الملحقين باتفاقيات جنيف والمتعلقين بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية. ولم يصادق السودان على هذين البروتوكولين، لكن العديد من نصوصهما تتمتع بصفة القوانين العرفية، حيث جرى إعدادهما من خلال الممارسات والقرارات المبنية على الآراء القانونية والتفسيرات الأكثر مرونة للإطار القانوني الراهن؛ وبالتالي يظلان ملزمين لجميع الدول. فعلى سبيل المثال تتضمن مواد البروتوكول الإضافي الثاني حظراً على تحويل المدنيين إلى هدف للهجوم (المادة 13)؛ وحظر تدمير الأدوات اللازمة لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة واستخدام التجويع (المادة 14)؛ والتهجير القسري للمدنيين (إلا إذا كان أمن المدنيين المعنيين أو الأسباب العسكرية الضرورية تستدعي ذلك) (المادة 17).

    4. عمل منظمة العفو الدولية
    حتى العام 1989 قام مندوبو منظمة العفو الدولية بعدد من الزيارات إلى السودان لإجراء أبحاث وإثارة بواعث قلق المنظمة مع الحكومة. وبعد زيارة قام بها الأمين العام في ذلك الحين لعقد لقاءات مع أعضاء الحكومة السودانية وإثارة بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان معهم، لم يُسمح لمنظمة العفو الدولية بزيارة السودان طوال 13 عاماً. وخلال هذه الفترة واصلت المنظمة إصدار تقارير حول السودان بينها السودان : دموع اليتامى : لا مستقبل بدون حقوق الإنسان (رقم الوثيقة : AFR 54/02/95، يناير/كانون الثاني 1995)، والسودان : الثمن الإنساني للنفط (رقم الوثيقة : AFR 54/01/00، مايو/أيار 2000). كذلك واصلت منظمة العفو الدولية إثارة بواعث القلق مع أعضاء الحكومة السودانية وجهاً لوجه وعبر الرسائل والمناشدات العامة. كما زارت منظمة العفو الدولية المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الشعبي لتحرير السودان والواقعة في جنوب السودان حيث أجرى المندوبون تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان في إطار النـزاع المسلح والتي ارتكبتها قوات الحكومة السودانية والحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان والميليشيات المتحالفة مع الطرفين. وقد أثارت منظمة العفو الدولية بصورة متكررة بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان مع قادة الحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان ومع قادة الميليشيات المستقلة أو المتحالفة معه.

    وفي يناير/كانون الثاني 2003، سُمح لمندوبي منظمة العفو الدولية بالقيام ببعثة بحثية إلى السودان وعقدوا لقاءات مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ونشطاء حقوق الإنسان وأعضاء الأحزاب السياسية والطلبة وسواهم من ممثلي المجتمع المدني. وعقدوا اجتماعات مع العديد من أعضاء الحكومة، بينهم وزير العدل ووزير الإعلام. كما زاروا الفاشر في دارفور حيث التقوا بوالي شمال دارفور وأعضاء السلطة القضائية وقائد الشرطة. وأثاروا بواعث قلق حول إدارة القضاء، والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي والقيود المفروضة على الحقوق في حرية التعبير والاشتراك في الجمعيات والتجمع خلال هذه الاجتماعات، فضلاً عن العديد من الحالات التي وردت في هذا التقرير. وصرح كلا الوزيرين أنهما لا يتمتعان بالسيطرة على أفعال قوات الأمن القومي. ورغم الطلبات المتكررة التي قدمها مندوبو المنظمة لعقد اجتماع مع أفراد الأمن القومي، لم يتح لهم عقد مثل هذا الاجتماع.

    كما أثارت المنظمة القضايا المتعلقة بأنباء التجنيد القسري للرجال والأطفال في القوات المسلحة الحكومية في الخرطوم وبنتيو والأوضاع الإنسانية الصعبة للأشخاص المهجرين داخلياً في العاصمة ودعت إلى إدراج شروط عودة المهجرين في محادثات السلام.

    وفي بداية يونيو/حزيران، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها مجدداً في مذكرة بعثت بها إلى الحكومة السودانية وطلبت فيها تنفيذ توصياتها.

    وتصدر المنظمة الآن هذا التقرير لتسليط الضوء على استمرار وقوع انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة رغم التعهدات والوعود التي قطعتها السلطات. وتحث منظمة العفو الدولية الحكومة السودانية على تنفيذ جميع التوصيات الواردة فيه. كما تدعو المنظمة الوسطاء في عملية السلام إلى جعل الحقوق الإنسانية لجميع السودانيين عنصراً محورياً في مستقبل السودان.

    5. الاعتقال المطول بمعزل عن العالم الخارجي
    إن قوات الأمن، التي تعرف الآن باسم الأمن القومي منفصلة عن الجيش وقوات الشرطة. ويبدو أن صلاحياتها تطال أي شيء يُعتبر تهديداً للحكومة السودانية، ويضم الأمن القومي الأمن الداخلي والأمن الخارجي أو الأمن العسكري) الذي يعرف أيضاً بالمخابرات. ولا يرتدي أفراد الأمن زياً رسمياً عادة. ويشغل العديد من ضباط الأمن مراكز في الهيئات الحكومية.3

    تبين ممارسة الاعتقال السياسي من جانب قوات الأمن وجود نمط من الانتهاكات لكل معيار تقريباً من معايير حقوق الإنسان التي تنظم عمليات التوقيف والاعتقال. وتحدد المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومن ضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن (مجموعة المبادئ) والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في 9 ديسمبر/كانون الأول 1988، الضمانات التالية من جملة ضمانات أخرى، لجميع الأشخاص الموقوفين أو المعتقلين :

    الحق في عدم التعرض للتوقيف التعسفي
    الحق في الإحاطة بأسباب التوقيف
    الحق في الاستعانة بمحامين ومقابلة العائلة والأطباء وموظف قضائي وإذا كان المعتقل مواطناً أجنبياً، رؤية موظف قنصلي أو منظمة دولية مختصة.
    حق المعتقلين في إبلاغ عائلاتهم بتوقيفهم ومكان اعتقالهم.
    الحق في المثول دون إبطاء أمام قاضٍ أو موظف قضائي آخر.
    الحق في الطعن بقانونية الاعتقال.
    الحق في المعاملة الإنسانية.
    ويضم المعتقلون السياسيون لدى قوات الأمن سجناء الرأي الذين ألقي القبض عليهم لمجرد تعبيرهم السلمي عن آرائهم وغيرهم ممن اعتقلوا بصورة تعسفية، أحياناً لأسباب سياسية. وغالباً ما لا يتم إبلاغ المعتقلين بأية تهم منسوبة إليهم وليس أمامهم إلا أن يخمنوا أسباب توقيفهم من الأسئلة التي توجه إليهم خلال استجوابهم. ويمنع المحامون بصورة شبه تامة من رؤية المعتقل طوال فترة الاعتقال لدى قوات الأمن القومي. وعموماً لا تحاط العائلة علماً بالاعتقال، إلا إذا شهدته بنفسها أو أُبلغت به، وقد لا تعرف بمكان وجود قريبها إلا من أحد الزوار أو أحد المعتقلين الذين أُطلق سراحهم؛ وحتى عندما تجد مكانه، فقد لا يسمح لها برؤيته لعدة أشهر. وفي حين أنه بموجب قانون قوات الأمن القومي، لا يحق للمعتقل المثول أمام قاضٍ، وفيما عدا دارفور التي توجد فيها محاكم خاصة، لا يُقدَّم المعتقلون السياسيون عادة إلى المحاكمة. ولا تتكلل الطعون أمام المحاكم في شرعية الاعتقال بالنجاح أبداً. والمعتقلون الذين ربما تعرضوا للضرب أو أُسيئت معاملتهم على نحو آخر فور اعتقالهم، يحتجزون أحياناً في الحبس الانفرادي طوال أيام، ويحتجز آخرون في غرف مكتظة حيث لا يسمح لهم بصورة شبه مطلقة بالحصول على الكتب أو الصحف أو مواد الكتابة.

    والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي يعني عملياً أنه لا حد (باستثناء قوات الأمن كما يفترض) يعلم أبداً بأسماء المعتقلين لأسباب سياسية أو عددهم. وقد زارت العائلات مراكز الشرطة والاعتقال التابعة لمختلف قوات الأمن، من دون أن تعرف أين يوجد أقرباؤها. وأحياناً ينكر كل مركز اعتقال أنه يحتجز قريبها، الذي يُعلن عندها أنه "اختفى" إلى أن تتصل أجهزة الأمن بالعائلة في نهاية الأمر، ولا يسمح للمعتقل باتصال هاتفي أو يذكر أحد المعتقلين الذي أُفرج عنه اسم الشخص المعتقل. ولا تستطيع منظمات وحقوق الإنسان والأحزاب السياسية السودانية أكثر من محاولة إعداد قوائم غير مكتملة بأسماء السجناء السياسيين بناء على أقوال العائلات والأسماء التي يتذكرها المعتقلون الذين أُطلق سراحهم.

    ويعلن الدستور السوداني الصادر في العام 1999 تحرر الفرد من التوقيف التعسفي :
    "الإنسان حر. ولا يجوز توقيفه أو اعتقاله أو حبسه، إلا بموجب قانون يقتضي ذكر التهمة ومدة الاعتقال وتسهيل الإفراج واحترام الكرامة في المعاملة". (المادة 30)

    كما يتضمن قانون الإجراءات الجنائية للعام 1991 ضمانات ضد الاعتقال التعسفي. وبحسب القانون المذكور، فإنه باستثناء ظروف محددة (مثلاً عند ضبطه بالجرم المشهود)، يجب إلقاء القبض على المعتقل بموجب مذكرة اعتقال يوقعها أحد أعضاء النيابة أو القاضي وتورد أسباب التوقيف، وينبغي أن يقرأ المعتقل المذكرة (قانون الإجراءات الجنائية، المادتان 69 و72). وإذا تم إلقاء القبض على أي شخص بدون مذكرة (مثلاً، عند ضبطه بالجرم المشهود) ينبغي إبلاغ وكيل النيابة أو القاضي بتوقيفه خلال 24 ساعة، والذي لا يمكن تجديده إلا من جانب قاضٍ، لمدة ثلاثة أيام في البداية، ثم أسبوعياً لمدة أسبوعين (قانون الإجراءات الجنائية، المادتان 77 و79). وفي هذه المرحلة يجب توجيه تهمة إليه أو إطلاق سراحه؛ وحتى إذا وُجهت إليه تهمة، فيجب أن يواصل قاض أعلى تجديد مدة اعتقاله كل أسبوعين (قانون الإجراءات الجنائية، المادة 79). ويجب على النيابة العامة "أن تقوم بجولة يومية على جميع غرف الاعتقال، وأن تراجع سجلات التوقيف، وأن تتأكد من تنفيذ جميع الإجراءات بشكل صحيح وأن يُعامل الموقوفون وفقاً للقانون" (قانون الإجراءات الجنائية، المادة 81). وينبغي معاملة المتهم بكرامة؛ وله الحق في مقابلة محامٍ، وإبلاغ عائلته والاجتماع بها عادة، ولا يجوز نقله من دون تصريح، ويمكن أن يتلقى الطعام والملابس والكتب (قانون الإجراءات الجنائية، المادة 83).

    لكن حرية الإنسان المحددة في الدستور، والضمانات الواردة في قانون الإجراءات الجنائية، والمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الحكومة السودانية يلغيها قانون قوات الأمن القومي الذي يجيز لهذه القوات اعتقال أي شخص بمعزل عن العالم الخارجي من دون تهمة ومن دون المثول أمام أي وكيل نيابة أو قاض مدة تصل إلى تسعة أشهر.

    وقد زادت المادة 31 من قانون الأمن القومي للعام 1999 المعدلة في يوليو/تموز 2001، من طول مدة الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي من دون تهمة أو محاكمة من مدة قصوى تبلغ 63 يوماً إلى مدة قصوى قدرها تسعة أشهر. وتجيز المادة 31(أ) المعدلة لقوات الأمن القومي توقيف المعتقل وإبقاءه رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي لمدة ثلاثة أيام في البداية قابلة للتجديد لمدة 30 يوماً. وإذا اشتُبه بوجود ما يوحي بأن المتهم ارتكب جرائم ضد الدولة، فيمكن تجديدها لمدة شهر آخر من جانب مدير الأمن القومي ولمدة شهرين آخرين إذا وافق مجلس الأمن القومي على ذلك. وتجيز المادة 31(ب) لمدير الأمن القومي "في ظروف تؤدي إلى حالة ذعر في المجتمع وتهدد سلام وأمن الموطنين، وتحديداً السطو المسلح أو الخلاف الديني أو العرقي" اعتقال الشخص لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة من جانب مدير الأمن القومي ومرة أخرى بموافقة مجلس الأمن القومي.

    وتنص المادة 32 من القانون على وجوب إبلاغ المعتقل بأسباب اعتقاله ويجب أن يتمتع بالحق في إبلاغ عائلته والاتصال بها "إذا كان ذلك لا يمس بسير الاستجواب" ولا يجوز إيذاؤه "جسدياً أو معنوياً". كما تنص على وجوب قيام وكيل نيابة بمعاينة أماكن الاعتقال (المادة 32(5)). لكن يتم تجاهل هذه الضمانات بثبات رغم كونها محدودة. وتجيز المادة 33(ب) من قانون الأمن القومي لأفراد الأمن القومي التمتع بالحصانة شبه التامة من العقاب على أية أفعال يرتكبونها: "لا يجوز اتخاذ إجراءات مدنية أو جنائية بسبب أي فعل يرتبط بالعمل الرسمي للعضو إلا بموافقة المدير."

    وقد استُخدمت المادة 31 من قانون قوات الأمن القومي للاعتقال التعسفي للعديدين، من ضمنهم الطلبة أو حتى الأطفال، لأسباب لا يمكن تفسيرها بأنها "جرائم ضد الدولة". وعبارة "الظروف التي تؤدي إلى حالة ذعر في المجتمع وتهدد سلام وأمن المواطنين"، الواردة في المادة 31(ب) تتسم بالغموض الشديد لدرجة أنها يمكن أن تغطي العديد من الأنشطة السلمية. وينقسم المعتقلون المحتجزون حالياً في الجناح الخاص في سجن كوبر إلى عدة فئات، ليست جميعها سياسية : أعضاء أو مناصرون في جماعات أو أحزاب سياسية معارضة، مثل المؤتمر الشعبي؛ والطلبة المحتجزون لأنه يعتقد كما يبدو بأنهم قادة الحركات الطلابية؛ وبعض المتهمين باختلاس مبالغ كبيرة من المال أو التورط في المخدرات؛ والمدافعون عن حقوق الإنسان وسواهم ممن احتُجزوا لمجرد التعبير عن آرائهم المسالمة؛ والمحتجزون كما يبدو ليس بسبب أي شيء فعلوه هم شخصياً، وإنما ليحلوا محل أفراد في عائلتهم؛ وأشخاص تظل أسباب اعتقالهم غامضة. ويعتقد محامو بعض هؤلاء المعتقلين بتهمة ارتكاب جرائم اقتصادية والمحتجزين من دون تهمة أو محاكمة في القسم الخاص بسجن كوبر، بأنهم ربما اعتُقلوا لابتزاز المال منهم أو من أقربائهم.

    ودرجت العادة على اقتياد المعتقلين من جانب الشعبة الداخلية في قوات الأمن في العاصمة السودانية - المدن الثلاث الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان – إلى مقر قوات الأمن القومي الواقع بالقرب من مقابر فاروق في منطقة العمارات بالخرطوم للاستجواب. ثم يُنقلون إلى جناح أمني خاص في سجن كوبر منفصل عن الأجزاء الأخرى للسجن. ويدار مباشرة من جانب أجهزة الأمن القومي وليس إدارة السجن، ولا ترد أسماء المعتقلين فيه على لائحة سجن كوبر. وربما يضم سجن كوبر معظم المعتقلين من جانب أمن منطقة الخرطوم، رغم أن أعضاء حركات المعارضة يُعتقلون خارج العاصمة الخرطوم ويُحتجزون عادة، لفترات قصيرة، في سجون المناطق مثل واد مدني أو بورتسودان. ولا تتم عادة إساءة معاملة المعتقلين، لكنهم يحتجزون في مرات عديدة في أوضاع تتسم بالاكتظاظ والمهانة، من دون مراتب أو كتب أو صحف أو مواد للكتابة. والاتصال بالعالم الخارجي قصير، هذا إذا سُمح به أصلاً (عادة 15-20 دقيقة) ويصغي حراس الأمن إلى المحادثة. ويقرر حراس الأمن القومي في الشعبة السياسية ما إذا كانوا سيسمحون بزيارة المعتقل من عدمها؛ وأحياناً تستطيع العائلات التي لديها معارف في الأماكن الصحيحة الحصول على تصريح. كما اعتقل قادة جماعات حقوق الإنسان في سجن كوبر في السابق.

    وبما أن أياً من المعتقلين لم توجه إليه تهم أو يمثل أمام قاض، ناهيك عن تقديمه للمحاكمة، بشأن أي جرم مزعوم، فإن منظمة العفو الدولية تعتبر جميع الذين احتجزوا من جانب قوات الأمن القومي بموجب المادة 31 من قانون قوات الأمن القومي بأنهم اعتُقلوا بصورة تعسفية.

    1.5 حالات المعتقلين
    أحد الأطفال الذي يبدو أنه يظل معتقلاً بصورة تعسفية بمعزل عن العالم الخارجي هو أحمد مكاوي، وهو ينحدر من الدينكا من بابنوسة وعمره 16 عاماً. وبحسب ما ورد قُبض عليه في بابنوسة في أغسطس/آب 2002 وأُحضر في 1 سبتمبر/أيلول إلى روبكونا ثم إلى سجن كوبر. ولا يُعرف لماذا أُلقي القبض عليه، لكن ربما ليحل محل والده، الذي يقال إنه من أنصار المؤتمر الشعبي. ولم يؤكد اعتقاله إلا بعد أربعة أشهر بسبب الإفراج عن الطلبة الذين شاركوه الزنزانة. وكما قال أحدهم "كان يُحضِّر لشهادة المدرسة عندما قُبض عليه، لكنه كان في الحقيقة طفلاً – وكان يحب أن يلعب ألعاباً مثل الحجارة الخمسة (السيجا) في الزنزانة …" وينتهك الاعتقال التعسفي لأحمد مكاوي الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما فيها مبدأ عدم جواز معاقبة أحد على جرم لم يقترفه شخصياً. وعلاوة على ذلك تنص المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها السودان على "ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية" وتقضي بمعاملة الأطفال على نحو يأخذ بعين الاعتبار سنهم وكذلك حقهم – أسوة بجميع المعتقلين – في زيارة العائلة والمحامين لهم.

    ومن الأشخاص الآخرين الذين يبدو أنه تم القبض عليهم ليحلوا محل أفراد العائلة المطلوبين من قوات الأمن القومي، ثلاثة أشقاء هم الشافعي الطيب يوسف، 27 عاماً، وهو مدرس، وهشام، 23 عاماً، وهو في السنة الرابعة رياضيات، وخضر، 20 عاماً، وهو طالب هندسة في جامعة السودان. وأُلقي القبض على الأشقاء عند حوالي الساعة الثانية من صباح 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2002 على أيدي أفراد قوات الأمن الذين فتشوا منـزل عائلتهم في الكلاكلة، إحدى ضواحي الخرطوم، بحثاً عن شقيقهم لينين الطيب يوسف، وهو ناشط في الجبهة الديمقراطية (عبارة عن تحالف بين الشيوعيين وسواهم من نشطاء الديمقراطية). واقتيدوا إلى مقر قوات الأمن في الخرطوم، حيث تعرضوا للضرب والصفع والركل من الساعة 2 صباحاً وحتى الساعة 4 صباحاً، ثم نُقلوا إلى مركز آخر لقوات الأمن يقع بالقرب من مقر القيادة العامة للجيش. ونُقلوا عند قرابة الساعة التاسعة مساء إلى الشعبة السياسية في سجن كوبر. وفي 16 ديسمبر/كانون الأول أُطلق سراح خضر الطيب يوسف من دون تهمة وفي 15 يناير/كانون الثاني 2003 أُفرج عن هاشم الطيب يوسف. وأُخلي سبيل الشافعي الطيب يوسف في 5 مايو/أيار 2003، أيضاً من دون تهمة، بعد مضي 11 يوماً على إلقاء القبض على لينين الطيب يوسف في 24 إبريل/نيسان 2003. كذلك أُلقي القبض على طالب آخر يدعى الشعراني محمد وهو من ضاحية الكلاكلة في الخرطوم في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2002 لإقناع شقيقه الشافعي محمد، وهو طالب في السنة الثالثة طب في جامعة الخرطوم، بتسليم نفسه.



                  

العنوان الكاتب Date
هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسلامية يحي ابن عوف12-30-03, 08:34 AM
  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-30-03, 08:59 AM
    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-30-03, 09:35 AM
      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-30-03, 09:50 AM
        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-31-03, 02:08 AM
          Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل HOPEFUL12-31-03, 02:42 AM
            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-31-03, 03:03 AM
              Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-31-03, 08:03 AM
                Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف12-31-03, 09:20 AM
                  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-03-04, 08:29 AM
                    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-04-04, 05:07 AM
                      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-04-04, 08:37 AM
                        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-16-04, 01:37 AM
                          Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-16-04, 03:00 AM
                            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-16-04, 11:31 PM
                            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل خالد الحاج01-17-04, 10:33 AM
                              Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-18-04, 10:32 AM
                                Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-18-04, 11:04 AM
                                  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف01-18-04, 09:56 PM
                                    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-03-04, 08:42 PM
                                      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-04-04, 01:38 AM
                                        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-05-04, 07:28 AM
                                          Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-05-04, 11:25 PM
                                            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-06-04, 10:58 AM
                                              Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-07-04, 03:51 AM
                  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-20-04, 09:59 AM
  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل اسامة الخاتم03-07-04, 10:33 AM
    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف03-20-04, 10:25 AM
      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل rani04-04-04, 06:15 PM
        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-01-04, 03:17 AM
          Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-01-04, 06:39 PM
            Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-01-04, 06:43 PM
              Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-04-04, 05:55 PM
                Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-04-04, 06:10 PM
                  Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-08-04, 07:50 AM
                    Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-08-04, 07:55 AM
                      Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-09-04, 05:28 AM
                        Re: هذه البوست خاصة بالملف الأسود رقم 2 لنظام المتمرد البشيروالجبهة اللاأسل يحي ابن عوف05-09-04, 05:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de