صحيفة القدس العربي تقول ( روزمين الصياد والتدمير الشامل للتابوت) **نقاش**

هنالك دوما فى أعماقى
أبيض يطاردنى لأزيل ما تراكم
عند زوايا الغواية فيه
وأعتنى بحظيرة خطاياه
أو بيضاء يخوننى
كل من أعرفهم معها
وبقايا مشاهد باهتة
تقبع فى ركن ما فى ذاكرتى
متزملة ببعض خوف وبرد
شاهدتها ذات سدرة مساء
فى احدى الأفلام الوثائقية
عن جدودنا الأفارقة الذين كانوا
يساقون عبر السفن
وهم مكبلون بالسلاسل
موشومون بخطيئة اللون
وما زالت ترن فى أذنى
أصداء اصوات بعض المثقفين
المعاصرين الذين
لا يملون الحديث
عن الهوية الضائعة
وأمجاد العروبة
أنا ايضا ضائعة ومن غير هوية
مهاجرة غير شرعية
(كم أكره تلك الكلمة فهى
تذكرنى بالأطفال الذين
تضعهم أرحام بعض النساء
امام عتبات المساجد
وأحيانا فى مقلب القمامة)
انا شرعية ووجودى شرعى
والشريعة التى أعنى
غير تلك التى
هربت من سياط جلاديها
الذين باسم الله يقتلون
وباسمه يمارسون الزنا ويسرقون
وباسم حوره العين
يزفون الشباب الى الجحيم
............

هربت الى هنا لأتخذ
من حانة مسز مارى
نقطة البداية لهزيمتكم
وهزيمتى
هل ترون التمثال الذهبى
على رأس قرافتون أستريت
ذلك الذى لا يكف عن الأنحناء لكل من
يرمى قطعة نقود أو أبتسامة باهتة
تلك وظيفتى النهارية على أرصفة النزف
وتلك قبعتى التى تغطى رأسى فقط
لكنها لا تكفى لتغطى رأس فضيحتكم
كان مايكل القادم
من جنوب أفريقيا
أول من عرفتهم منذ خمس كبوة سنين
كان يعزف الجيتار على بعد بضع
أحزان منى
وأمامه حقيبة الجيتار شبقة كما قبعتى
رأيته قبل عدة أيام
فى حانة مسز مارى
جدائله كما هى
لا ..لقد زاد طولها بقدر ضحكتين
من ضحكاته القصيرة الساخرة
وعيناه كما عهدتها
لا .. لم تكن هى
كانتا فى حالة الجذر

......
ما زلت أذكر أول ليلة
تواعدنا للخروج فيها
كان ذلك فى ليلة صيفية
وما أضيق حانات دبلن
فى موسم الصيف
ضجيج وزحام
وموسيقى صاخبة تحيل الراقصين
الى عرائس خيوطها تمتد الى
تلك الأضواء اللعينة فى السقف
أخضر أحمر أصفر جنون ضجيج
لا أحب تلك الأجواء عادة
لكن أحب الأصطياد فيها
......
بيد أنى عندما رأيته قبل
عدة أيام فى حانة مسز مارى
لم يكن متأبطا
جيتاره كما عهدته
كان متأبطا زراع بيضاء
ليس لوجها المرسوم بالتجاعيد ملامح
ولم يرانى
ولربما هكذا تظاهر
لم يعرفنى مايكل
اذن لم يكن مايكل
ولم أكن يومها أنا
ولم تكن هى أجمل منى
تبا لمايكل
وتبا لتلك السيدة البيضاء
وتبا لوجبة العشاء
التى على شراشف مائدتها البائسة
وقع عقدا بأن يمحو
من ذاكرته كل النساء
وشربت يومها نخب مايكل
ونخب وجبة العشاء
ونخب رحم البلاد التى لفظتنى
ونخب ليلة أشترتها تلك السيدة
بوجبة عشاء