ايش لون ..تمشى الأحمسة ؟؟؟ منعم الجزولى 2007

كانت دار الرياضة بأمدرمان عالما قائما بذاته.

ماكان الناس يؤمونها لمشاهدة مباريات كرة القدم كما هو مأمول.

كان جمهور دار الرياضة من كبار الناس، كبار الموظفين وكبار التجار وكبار المحامين وكبار المدرسيين وعيييك... كانت دارا للكبار.

الناس كانوا يفرغون من اعمالهم ويعودون الى بيوتهم يتناولون الغداء ثم يدخلون فى الجلاليب ويدرعون عماماتهم على اكتافهم ( غالبا) ويهرعون الى دار الرياضة، بصرف النظر عمن يلعب ضد من!! بل وان بعض الراود يلتفت فى اثناء سير المبارة ليسأل جاره فى عادية:

اللاعب منو ضد منو؟؟؟

وفى كثير من الاحيان تكون الاجابة مشوبة ببعض الشك:

افتكر الزهرة وابوسعد!! مش كدا يا استاذ؟

فيجيبه الاستاذ عبد الرحيم جاه الرسول احد اشهر الشخصيات القانونية فى المدينة وفى دار الرياضة

والله ماعارف .. دى الزهرة .... نعم، لكين الفريق التانى افتكر ابوروف..

ثم يستدرك، بعد ان يرى اللاعب ( كلبو ) الملقب ب ( سيد التيم ) داخل الملعب:

لا ابدا دا بيت المال!!

ماكانوا يأتون لمشاهدة المباريات... بل كانوا يأتون لاجندات اخرى!!!

كانت العلاقات بينهم من اكثر علاقات الصداقة متانة. فعندما اصيب المرحوم عبد الجليل ( وكان خضرجيا مغمورا فى سوق الموردة) بوعكة صحية الزمته سرير مستشفى امدرمان، تقاطر كبار اطباء واخصائيى السودان لمعاينة حالته!! بل وامر بعضهم بنقله الى عنابر الدرجة الاولى. وقيل ان وزير الصحة يومها ( خالد حسن عباس) قد جاء وفى معيته عدد من كبار رجال الدولة لزيارته!!

تجد الجميع يجلسون فى الدرجة الاولى ويتحلقون حول بعضهم البعض يتونسون ويضحكون بأصواتهم الصافية والعالية، سبعة ايام فى الاسبوع. ويمر عليهم باعة التسالى والشاى واشياء اخرى صغيرة وكثيرة ولكن اهم بضاعاتهم كانت الكرتلة وكان عم ( السر) صول البوليس السابق ( رحمه الله) هو اهم صاحب كرتلة. بل كان فى الواقع اهم واحد فى رواد دار الرياضة على الاطلاق ولعله كان من اهم شخصيات المدينة، ولاعجب حيث حمل جثمانه الى المقابر عند وفاته مالايقل عن عشرة الف من المشيعيين!!

الكرتلة كانت عبارة عن قطعة من الورق المقوى (غالبا من ورق الكرتون) تطبع عليها مائة من الرسوم الصغيرة وعلى المتراهنين ان يقوم كل منهم بحجز واحدة او اكثر من الرسوم.



وفى النهاية وبعد حجز جميع الرسوم يقوم صاحب الكرتلة بفتح الرسم السرى المخفى تحت الدائرة الملونة فى اعلى الكرتلة ومن ثم اعلان الرسم الفائز. وللفائز جائزة عبارة عن ( مثلا) علبتى سجائر ماركة بنسون الشهيرة وسعر العلبة عشرة قروش!! وقيمة المراهنة على كل رسم قرش واحد. صاحب الكرتلة يكسب فى كل كرتلة حوالى الثمانين قرشا!! وهو مبلغ كبير نسبيا.

فى الغالب الاعم فان نفس علب السجاير يتم التراهن عليها يوما بعد يوم دون ان يفوز بها احد!!! فتحت اى ظرف من الظروف لن يجرؤ احد لاعلان نفسه فائزا!!! وذلك لان الطريقة التى يتم بها الاعلان عن الفائز طريقة تنفِّر اى فائز من اعلان فوزه!!

مرة راهن المرحوم عبد الوهاب الجعفرى الممثل المشهور على رسم للخروف. وكان ان فاز الخروف!!! فراح السر الصول وبأعلى صوته يعلن عن الفائز:

الخروف ياخوانا فاز.. الخروف منو ياناس.!!؟ مافيكم خروف ؟؟ يا خوانا البلد دى مافيها خروف ولاَّ شنو

وهكذا راح يحوم بين الصفوف وهو يعلن عن الفائز بتلك الطريقة. وأخطأ المرحوم الجعفرى خطأ عمره حين صاح:

أنا ...انا...انا

فما كان من السر الصول الا ان صاح بأعلى صوته:

انت الخروف؟؟

فقال الجعفرى بالايجاب.... ومن يومها اصبح اسمه الخروف!!! وكان كلما دخل دار الرياضة يصيح المرحوم السر الصول بأعلى صوته

الاذاعة السودانية تقدم..... عبد الوهاب الجعفرى فى دور....

فتصيح الجماهير بصوت واحد

باااااااااااااااااااااااااع !!!!!
ويروح بعضهم يقلد حركات الخروف بينما يصيح اخر ( جيبو السكين!!)

و..أأأأأأأأه.. ياقلبى المكتول كمد

منعم الجزولى

(عدل بواسطة Gazaloat on 08-24-2007, 06:38 PM)
(عدل بواسطة Gazaloat on 08-24-2007, 06:43 PM)