التخطيط كثقافة غائبة.. والعشوائية كسلوك عند الشعب الســـوداني

سأتناول اليوم مفهوم التخطيط يجب علينا تعلم كيفية أن تخطط لبرامجنا قبل تنفيذها ويمر البرنامج (عند المبرمجين أمثالي)عادة بعدة مراحل ولعل أولها التخطيط، ونحن كسودانيين نفتقد لثقافة التخطيط في حياتنا، وللتخطيط أهمية قصوى في حياتنا فكل عمل غير مخطط له مسبقا يسمى عشوائيا ويعتمد نجاحه في هذه الحالة على الحظ وحده ولا شئ غيره ، ولعنا نحن السودانيين اكثر الناس اهمالا وعدم اهتمام بالتخطيط.

إن أول مراحل التخطيط هي تحديد الأهداف التي تود الوصول من خلال التخطيط وأي تخطيط بدون تحديد واضح للأهداف لا يسمى تخطيطاً ولذلك فإن أي عمل بدون خطة او تخطيط يصبح نوعا من المغامرة واالعبث وضياع الوقت سدى، وذلك معرض ان تعمه العشوائية والارتجالية ويصبح الوصول إلى االهدف معتمدا على الصدفة البحتة والحظ ولا شئ غير ذلك.

وتبرز أهمية التخطيط أيضًا في توقعاته للمستقبل وما قد يحمله من متغيرات مفاجأة وتقلبات غير محسوبة حيث أن الأهداف التي يراد الوصول إليها هي أهداف مستقبلية أي أن تحقيقها يتم خلال فترة زمنية محددة قد تطول وقد تقصر ، مما يفرض على رجل الإدارة عمل الافتراضات اللازمة لما قد يكون عليه هذا المستقبل وتكوين فكرة عن ما سيكون عليه الوضع عند البدء في تنفيذ الأهداف وخلال مراحل التنفيذ المختلفة، ويجب ان يستصحب المخطط كل الظروف والتغيرات التي تحدث وان يضع احتمالات الخطأ والتأخير في تنفيذ الخطة.

ونحن في السودان كأفراد أو كأحزاب أو كدولة سودانية لا يوجد لدينا خطة او خطط كما هو الحال في بقية أنحاء العالم وادت عملية عدم الاستقرار في الحكم لهذا الامر ففي كل الدول نجد هناك الخطط وماذا سيفعلون بعد عشرة سنوات من اليوم وأعتقد أن في ذلك نوع من الأنانية التي أتصفت بها الحكومات المتعاقبة على السودان ،فكلما تغيرت حكومة أتت إلينا بما هو جديد وألغت كل خطوات الحكومة التي سبقتها.
ولكي نعلم أهمية التخطيط فان اليابان وروسيا والهند والصين وبعض دول شرق اسيا التي بدأ نجمها في الصعود لم تصل الى ذلك من فراغ بل من خلال التخطيط العلمي المدروس، فلو أخذنا اليابان التي خرجت من الحرب العالمية مدمرة بعد إلقاء القنبلة النووية عليها نجدها تقف اليوم كأقوى دول العالم إقتصاديا وأصبحت عملاق الاقتصاد العالمي ولها وزنها المقدر، ولكي نعلم ذلك فانها قامت بوضع أربع خطط خمسية وقالت انها خلال عشرين عاما ستكون عملاق السوق والإقتصاد العالمي بلا منازع وقد تحقق لها ما أرادت فعلاً.

أما روسيا فهي الأخرى خرجت مهزومة من الحرب العالمية ولكنها وبفضل التخطيط عادت سريعا ، فقد وضعت روسيا خمس خطط خمسية قالت أنها بعد تنفيذ هذه الخطة ستكون إحدى الدول العظمي وقد كان وإحسب أنت منذ نهاية الحرب والى وصول روسيا لبناء ترسانتها النووية وعضويتها في مجلس الامن، وبعد نهاية الحرب الباردة ادركت روسيا أن انهيار الإتحاد السوفيتي كان بسبب إقتصادها الضعيف فعملت ووضعت خطط جديدة وها هي اليوم روسيا تعتبر عملاقا شيوعياً اشتراكياً واقتصادياً لايشق لها غبار.