نظرت الى جسد ( مس جارفس) ، عيناها مثبتتان فى سماء الغرفة ترقب دنو الساعة الأخيرة فى نهاية القرون الأربعة ، بجانبها زوجها ( جو) يحن لسماع صوتها يخرج من بين شفتيها و لو لمرة واحدة يتيمة ، الصوت الذى سمعه مرارا دون ان يحفل به سوى سنوات العشق الأولى ، مختلطا بصوت الحاكى العتيق الذى تدور فيه اغنيات ( جيمس براون) دون ملل او انقطاع ، حدثتنى ذات يوم ، انها التقت ( جو) و هى غارقة فى اغنية ،(please please please)
Quote: (قراند كونكورس)..تردد صوت معلن متعب، عبر سماعات سقف قطار الأنفاق، و فوق سماء الصحراء، قبيل مغادرته اليها، تدافعت اقدام و اجساد صعدا و نزولا بمهارة و دقة ، و انسحب القطار مثل همس المؤتمرين على القضبان ووسائد من هواء برائحة الحبر الفاسد ، داخل ثقب يلتف مثل افعوان أو تنين أعمى ، لا يهتز العسل الأسودداخل الزجاجة، و لكنه ينزلق على سطحها ببطء و تثاقل مثل مرثية عاشق. اختبأ الضوء فى حذائى ، و هى قبالتى تتفرس فى زجاج النافذة وراء ظهرى ، و فى العيون تلويحة متعبة و بقايا سهد و رذاذ خوف، سرت عدوى توتر سطحى اليها ، فلامست سطحها، نقرت على مقعدها بأصابع من رصاص فأعتدلت زجاجة العسل مستقيمة ، وقفت مقام الدهشة طفل يافغ ، اتلصص رؤيتها، و الدخان مقام الرداء يكسو جسدها العارى يتبذل فى حضرة ابليس و شبقه الذى لا يرتوى ، و اصوات نسوة يصدحن بتمجيده ، سهوت و الكلمات فى غمرة التلصص ، فانبجس ضياء الشمس فى قوام العسل الأسود و حريق السكر ، امسكت بطرف الدخان من رعب فى غفلة من عيون النساء الصادحات، جذبته فتخثر و تدفقت حموضته على لسانى ، فسكن روعى. نفذ القطار مثل السهم خارجا من التفق ، و اتى الصوت المتعب اشد حيوية مما مضى ، ( قنهيل رود)، ، انفتحت ابواب و انسدت ، انتصبت قامات و سكنت الى قعود هياكل من رهق، و تواتر نقر اصابع الرصاص على حافة المقعد ، همهمت المركبات و تعالت ضحكات و تداخات الوان لوحات الغرافيتى فى عجلة و صمت. شددت عزمى على الحروف ( الحاء) ، و حذرى من مؤامرتها يتصاعد، و حروف عدة تراودنى عن نفسها ، تمددن و تهالكن و احتويننى ، و الدخان يصوغ زوايا المكان بعطر زائف ،و الأضاءة خافتة الا من ضوء حذائى ، و خلف نافذتى ، تسفر ( البرونكس) عن ابتذالها ، تلهث بالحيوية ، تقترض من معدن عظامى سررا تشيد عليها اضواء النيون و اللافتات المتأرجحة ، التقت عيناى و عيناها برهة ، ثم اتصلت الرحلة الى قبو مظلم فى نزل عتيق ، تسربت الكلمات عبر منافذ تلفظ هواءا رطبا و غبار دقيق يعلق بأستار المعصية. طرق الباب سائق القطار يود تغيير ملابسه ، يهم بالسقوط من اثر السهد و التعب ، فتصايح النمل حذر الهلاك ، نمل من الرصاص تحلق حول زجاجة العسل السود، لم تخطىء اذنى صوت ( تينا تيرنر)يضىء فوق الصوت المتعب لسائق القطار ، تغنى a fool in love على ايقاعه تلصصت رغبتى الطفلةعلى سوق من دخان توب توب توب...توب نظرت الى كتابى و قالت..ما هذه الأحاجى؟؟؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة