مظاهرة إحتجاج ضد زيارة الرئيس المصرى حسنى مبارك امام البيت الأبيض يوم 18/8

Quote: ملفات الأهرام 44813 ‏السنة 133-العدد 2009 اغسطس 16 ‏25 من شعبان 1430 هـ الأحد مبارك اختار التشاور مع أوباما في التوقيت الحاسم الدكتور عبد المنعم سعيد في ندوة بمعهد الشرق الأوسط الأمريكي‏:‏ السلام عنوان واحد وقصتان مختلفتان في القاهرة وواشنطن تابع الندوة في واشنطن‏:‏ عاصم عبد الخالق بعد المحاضرة التي ألقاها الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام في معهد الشرق الأوسط بواشنطن التي انتهت بمناقشات مفتوحة مع الحاضرين‏,‏ سألني صحفي أمريكي‏,‏ مشيرا إلي جهاز التسجيل الذي لمحه معي‏:‏ هل قال المحاضر المصري إن هناك خلافا بين الولايات المتحدة ومصر حول رؤية البلدين لعملية السلام ؟ السؤال الذي لم يكن الصحفي يحتاج في الحقيقة إلي إجابة له كان يعبر عن ملاحظة ذكية تلخص واحدة من النتائج التي خرج بها المشاركون في الحوار الذي تركز علي عملية السلام في الشرق الأوسط‏,‏ لم يقل الدكتور سعيد إن هناك خلافا ولم يستخدم الكلمة ولكنه عندما وعد الحاضرين بان يشرح لهم من وجهة نظره‏,‏ ما يجري حاليا وطوال الأشهر القليلة الماضية وما سيحدث لاحقا‏,‏ قال إنه وجد أن هناك قصتين الأولي من القاهرة والأخري من واشنطن‏,‏ ولأنه اختار كلماته بعناية فائقة متعمدا قدرا من الدبلوماسية الواضحة فلم يقل إن هناك خلافا ولكن ترك لمن استمع إليه حرية الخروج بالنتيجة التي يريدها بعد أن روي القصتين‏.‏ لحظة أوباما لا يتحقق فهم القصتين دون التوقف أولا عند محاولة فهم اللحظة الراهنة في سياقها التاريخي والسياسي والاستراتيجي أي بكل أبعادها‏,‏ وهو يري أن توصيف هذه اللحظة مسألة في غاية الأهمية سواء كان التوصيف دقيقا أو جانبه الصواب‏,‏ ذلك أن هذا التوصيف هو المدخل ـ كما يعتقد ـ للإجابة عن السؤال الصعب حول ما يحدث الآن وما هي الخطوة التالية‏,‏ أما الإجابة فقد استدعت رحلة تاريخية عاد فيها إلي الوراء نحو تسعة أعوام علي الأقل أي منذ صيف‏2000‏ وما تلاه من جهود للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ومباحثات طابا‏,‏ ثم ما أعقب ذلك من تفجر العنف الذي اعتبره شاهدا علي سيولة عملية السلام العربي ـ الإسرائيلي‏..‏ فالقانون الذي يحكم عقليات الكثيرين في الشرق الأوسط هو أنه‏:‏ إن لم يتحقق السلام فلتكن الحرب‏.‏ وهذا ليس هو القانون الوحيد الذي يحكم الصراع وهو صراع يأبي إلا أن يتجدد في أشكال عدة مع الزمن‏,‏ فقد كانت هناك حروب بين الدول كما حدث آخرها في‏,1973‏ واستخدمت فيها الطائرات والدبابات‏,‏ وكانت أيضا هناك أشكال أخري مثل الهجمات الانتحارية واستخدام العنف من الجانبين أي أن هناك مستويات عدة شهدها هذا الصراع علي مستوي العنف الفردي وعنف الدولة‏,‏ و بين هذا وذاك هناك مساحة تتحرك فيه جماعات مثل حزب الله أي اللاعبين المستقلين من غير الدول‏.‏ هنا يعود الدكتور عبد المنعم سعيد إلي النقطة الأولي التي ذكرها قبل أن يتطرق إلي حكاية القصتين أي توصيف اللحظة الراهنة والتي اختار لها وصف‏'‏ لحظة أوباما‏'‏ والتي أطلقت مناقشات واسعة عما يجب أن يحدث‏,‏ وأوباما هو أول رئيس أمريكي يقرر أنه يريد أن يحل الصراع ويعبر عن هذا مبكرا جدا في حملته الانتخابية وبعدها‏,‏ ومنذ اليوم الأول لتوليه السلطة تحدث إلي الرئيس مبارك والرئيس الفلسطيني محمود عباس‏,‏ ثم عين مبعوثا للشرق الأوسط هو جورج ميتشل‏.‏ وخلافا لاوباما كان كل الرؤساء الأمريكيين السابقين يتحفظون في الخوض في مسالة الصراع العربي الإسرائيلي في الأشهر الأولي علي الأقل‏,‏ بمن فيهم كلينتون وحتي جيمي كارتر‏.‏ اوباما أعلن أنه يريد التصدي للمشكلة وإيجاد حل لها‏,‏ ومن المهم هنا الإشارة إلي أن هذا ليس شيئا منعزلا في توجهاته العامة محليا أو دوليا‏,‏ لأن لديه خططا للتعامل مع طائفة واسعة من القضايا المهمة مثل العراق أو الرعاية الصحية وهو لديه مصداقية ولا يفعل ذلك لإثارة الاهتمام هنا أو هنا‏,‏ ولكنه مهتم بالوصول إلي القاع والخروج بنتيجة في فترة زمنية معقولة‏,‏ غير أن الدكتور سعيد لم ينس ردا علي سؤال بعد المحاضرة أن يحذر من أن تلك اللحظة يمكن أن تضيع كما ضاعت لحظات مهمة أخري في عهد كلينتون أو خلال وجود اسحق رابين علي رأس الحكومة الإسرائيلية‏,‏ أما عن الحكومة الإسرائيلية الحالية فهو يري أن ما تسعي إليه هو محاولة تفادي هذه اللحظة أو تفويتها‏,‏ لأنه إذا كان عليها أن تلتزم بها فسيكون المطروح خيارات صعبة بالنسبة له‏,‏ في حين أنه لا توجد حاليا أزمة كبري‏,‏ فلا توجد هجمات انتحارية ولا عنف ضدها واقتصادها مستقر تقريبا‏,‏ وبالتالي فهي تحاول تجريب كل شيء قبل أن تختار شيئا ما‏.‏ قصتا القاهرة وواشنطن ولكن ماذا عن القصتين اللتين ترويان تفاصيل ما يجري من جهود دبلوماسية حاليا‏,‏ بدءا من القاهرة حيث كان المعني الذي استقر في الأذهان هو أن أوباما يقابل مبعوثه وأنه يستمع إلي كل الأطراف‏,‏ كما أنه حريص علي التواصل مع العالم الإسلامي وهو ما جسده خطابه في القاهرة‏,‏ وهو الآن يعمل لاستكمال مرحلة الاستماع الأخيرة لكل القادة في المنطقة ثم بعد ذلك سيطرح نوعا من إطار العمل‏,‏ البعض يسميه هكذا ولكن آخرين يطلقون تعبير رؤية‏,‏ بينما يسميه البعض خطة سلام‏,‏ وهذا الشيء سيري النور ما بين سبتمبر أو أكتوبر المقبلين‏,‏ ويشير الدكتور سعيد إلي انه لا يعرف ما إذا كان اوباما يريد أن يربط ما سيعلنه بشهر رمضان من حيث توقيت الإعلان أو أنه سيعلنه في العيد أو غير ذلك من مواعيد‏,‏ ولكن في كل الأحوال يتوقع أن يعلنه في الخريف الحالي‏,‏ وما سيطرحه اوباما سيكون موضع تفاوض بين الأطراف وفقا لما يريد‏.‏ ويوضح الدكتور سعيد أن هذه هي رؤية مصر للأمور كما يفهمها وأن هذا هو السبب في أن الرئيس مبارك قرر الذهاب إلي واشنطن‏,‏ لأنه في وقت مثل هذا يتم فيه إعداد هذه الخطة‏,‏ فمن المهم أن تجري مشاورات مع مصر كصديق وحليف‏,‏ وتلك كانت القصة من القاهرة‏.‏ غير أن القصة من واشنطن مختلفة إلي حد ما‏,‏ ويقول الدكتور سعيد انه من خلال المناقشات التي عقدها في واشنطن منذ يوم الاثنين الماضي استنتج أن المطروح غير ذلك‏,‏ فلا شيء عن خطة أو رؤية‏,‏ ولكن هناك مسألة المستوطنات والتطبيع‏,‏ إدارة أوباما تريد أن توجد البيئة أو المفاوضات أو عملية السلام‏,‏ وهذا شيء مناقض لما نعرف أو ما قيل لنا من قبل إن الإدارة تسعي للتوصل إلي اتفاق سلام وليس عملية سلام‏,‏ بل إننا بدلا من أن نتشاجر حول اتفاق سلام نتشاجر حاليا حول المستوطنات والتطبيع‏,‏وبرغم ذلك فإن تلك القضية أي التطبيع والاستيطان لا يمكن للطرفين أن يتجاهلاها‏,‏ وهناك محاولة للقيام بالحد الأدني‏,‏ أي إيجاد شيء يكون كافيا للسياسيين من الجانبين للتعامل المباشر مع الموضوع‏,‏ بمعني انه بالنسبة لإسرائيل تريد مثلا الإعلان عن أنه يمكن استكمال بناء الـ‏400‏ وحدة سكنية التي يجري العمل فيها بالفعل‏,‏ وعلي الجانب الآخر يمكن إيجاد منتدي متعدد الأطراف يمكن من خلاله للعرب والإسرائيليين اللقاء معا‏,‏ وبالتالي يمكن لإسرائيل أن تعتبره تطبيعا‏,‏ ثم يكون المضي نحو العمل الأساسي لإتمام الاتفاق‏,‏ وهذا هو شكل السيناريو الذي يبدو محتملا من وجهة نظر ال دكتور سعيد‏.‏ غير انه يضيف بوضوح انه سيناريو غير كاف‏,‏ لأن الهيكل أضعف من أن يحتمل مسألة التقارب العربي ـ الإسرائيلي في هذا الاتجاه‏,‏ ولابد أن يكون هناك بعد استراتيجي أعمق مما هو مطروح‏,‏ وبالتالي لا يمكن أن يبقي هذا السيناريو دون سوريا‏,‏ لأنها طرف مهم في العملية ويمكن أن تكون مفيدة بل إنها كانت كذلك في الأشهر الأخيرة‏,‏ حيث كان دورها ايجابيا في التوصل إلي وقف إطلاق النار في غزة أيضا المفاوضات بين فتح وحماس لا يمكن أن تتم دون سوريا وانتخابات لبنان الأخيرة ما كان يمكن أن تجري بهذا الشكل الطيب لو لم يسهم في ذلك السوريون بعد هذا كله فهم يتوقعون الحصول علي مكافأة في المقابل‏,‏ أي أن يكونوا طرفا في عملية السلام‏.‏ الدول الفاشلة انتقل الدكتور سعيد بعد ذلك إلي شق آخر في الحديث عن الوضع في الشرق الأوسط‏,‏ مشيرا إلي دائرة أوسع كما يسميها لا يكون فيها الصراع العربي ـ الإسرائيلي منعزلا من وجهة نظر واشنطن عن الوضع الاستراتيجي العام في المنطقة والذي وصفه بأنه وضع متدهور علي أكثر من نحو‏,‏ ومنذ هجمات‏11‏ سبتمبر يستمر هذا التدهور‏,‏ حيث شهدت المنطقة حربا في العراق وأخري في أفغانستان وحروب وصراعات أخري‏,‏ أما احد أهم أسباب تدهور الوضع ـ كما يشخصها ـ فهو العدد المتزايد من الدول الفاشلة في المنطقة‏:‏هناك الصومال والعراق وربما قريبا يكون السودان واليمن أيضا‏,‏ فهناك ما ينذر بذلك‏,‏ ويضيف انه شخصيا لا يشعر في القاهرة او واشنطن برصد وإدراك حجم الزلازل الذي يمكن أن يحدث هناك‏.‏ غير أن ما يجري يجب الاهتمام به فهناك عملية تدفق للإرهابيين الآن من باكستان وأفغانستان إلي اليمن‏,‏ وهالك القرصنة في القرن الإفريقي‏,‏ وإذا أضفنا كل هذا معا فسنجد وضعا استراتيجيا منذرا بالخطر والتهديد بصورة كبيرة‏,‏ ويعتقد الدكتور عبد المنعم سعيد أن الخطر الحالي هو وضع لم نواجهه في المنطقة من قبل برغم أن كثيرين يرون أن الشرق الأوسط كان دائما مكانا خطرا‏,‏ ولكن الآن يأتي الخطر من لاعبين من غير الدول لاعبين لا نعرفه‏,‏ علي سبيل المثال الشبكة الإرهابية التي ضبطت في مصر مؤخرا‏,‏ وتعرف باسم خلية حزب الله‏,‏ كانت تضم مجموعة دولية من فلسطينيين ومصريين وفرنسيين وبعض الأوروبيين وعرب آخرين لديهم روابط بإيران ولبنان والصومال واماكان أخري‏,‏ ولها أيضا صلة بالصراع العربي الإسرائيلي‏,‏ كما أن هناك ارتباطا الآن بين الشبكات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة والإرهاب الذي ترعاه الدول‏.‏ باختصار ـ كما يقول الدكتور سعيد ـ هناك وضع عام متوتر للغاية‏,‏ وهو ما يعني أن التوجه صوب حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي مهم جدا واوباما يدرك هذا‏.‏