السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 10:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-22-2009, 07:12 PM

سعد مدني
<aسعد مدني
تاريخ التسجيل: 07-16-2009
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية (Re: سعد مدني)

    عرقلة حرية انتقال المدنيين
    في الشهور الأخيرة، مع ازدياد اهتمام المجتمع الدولي بالفظائع المرتكبة في دارفور، ازدادت الأنباء عن قيام الجنجويد وقوات الحكومة بعرقلة محاولات المدنيين النازحين للجوء إلى تشاد أو الانتقال إلى مراكز حضرية كبيرة مثل نيالا. ويعتقد رؤساء طائفتي مساليت وفور أن الهدف هو منع تسرب أنباء التطهير العرقي في دارفور أو وصولها إلى أسماع العالم الخارجي. وكان مما قوّى الظن بأن الحكومة تقوم بتشجيع هذه الجهود ذلك الخطاب الرسمي الذي وصل إلى العمدة الوحيد من طائفة المساليت الذي لم تحرق القرى التابعة له، وذلك فيما يبدو بسبب قربها من تشاد، وهو الخطاب الذي يحثه على "العودة إلى السودان مع جميع أهلك"(108). وقبل أن يتسلم هذا الزعيم المحلي الخطاب الذي أرسله المسؤولون الحكوميون المحليون، بيوم واحد دعا حامد ضواي، قائد الجنجويد، إلى عقد اجتماع من قادة المساليت الذين نُقلوا إلى مستيري في شاحنات عسكرية وطلب منهم تنظيم "الأمن" بقصد منع أهاليهم من عبور الحدود إلى تشاد. ووعدهم بأن يدفع لهم مبالغ مالية كبيرة إذا فعلوا ذلك. وقال شخصان ممن حضروا ذلك الاجتماع إن المساليت قالوا لضواي "نحن لا نحب نقودك. ولا نؤمن بالأمن الذي تريده. إننا نعاني من الميليشيات العربية"؛ ورد ضواي عليهم قائلاً: "إذا لم تحفظوا الأمن، فسوف أقتل جميع المدنيين عندكم"(109).
    وقبل ذلك بشهر واحد، قام الجنجويد، الذين كانوا قد رابطوا في القاعدة العسكرية في مستيري، بإغلاق الطريق المؤدية على تشاد بعد أن بدأ الناس يرحلون في يأس نتيجة انتشار السلب والنهب.
    وقـال شخص في الخامسة والعشرين مـن عمره يدعى مجد الديـن إن "الجنجويد سألوهم: لماذا ترحلون؟ إننا جئنا لإنقاذكم، ثم أغلقوا الطريق. إن الجنجويد في قلب الإدارة كلها".
    وبحلول مارس/ آذار 2004 كان الجنجويد قد أقاموا عشر نقاط تفتيش لهم ما بين 'أدري' (التي تقع في تشاد بمقربة من الحدود) وبين جنينة. ووصف اللاجئون الطرق الملتوية التي اضطروا إلى السير فيها ليتفادوا المرور بنقاط التفتيش، الأمر الذي زاد من طول الرحلات الآمنة إلى تشاد بمقدار أيام عديدة.
    وإلى جانب محاولة القوات الحكومية منع الناس من مغادرة دارفور وعبور الحدود إلى تشاد، فإنها حثت السلطات التشادية على الضغط على اللاجئين السودانيين حتى يعودوا إلى دارفور، رغم عدم استقرار الأوضاع، وانعدام الأمن في مدن دارفور وريفها، واستمرار هجمات القوات الحكومية والجنجويد على المدنيين وهي بمنجى تام من العقاب.
    وفي 14 أبريل/نيسان 2004 دعا وفد من الحكومة السودانية، يصحبه مسؤولون وعسكريون تشاديون، إلى عقد اجتماع من زعماء اللاجئين السودانيين في مخيم فورشانا للاجئين في تشاد، وهو الذي يقيم فيه الآلاف من المساليت وغيرهم من اللاجئين السودانيين. ولكن معظم زعماء اللاجئين رفضوا الحضور. ولكن الاجتماع عقد، في نهاية الأمر، وشارك فيه بعض الأفراد، وطلب الوفد السوداني من اللاجئين أن يعودوا إلى دارفور.
    وتدهورت مسيرة الاجتماع عندما بدأ اللاجئون يقذفون الحجارة على الوفد السوداني وأطلق العسكريون التشاديون أعيرة نارية في الهواء. ويبدو أنهم اعتقلوا واحتجزوا اثنين من اللاجئين، كما قيل إن الجنود التشاديين ضربوا عدداً منهم(110). وأصدرت الحكومة السودانية بياناً تقول فيه إن اللاجئين سوف يعودون إلى السودان في المستقبل القريب، وذلك رغم الأدلة الجديدة على استمرار فرار المدنيين من دارفور إلى تشاد(111).
    ويقوم الجنجويد في نقاط التفتيش باحتجاز واغتصاب وقتل المدنيين من طائفتي مساليت وفور، وفرض الرسوم على العربات التي تسير في تلك الطرق، مما منع الكثيرين من محاولة الرحيل من بلد إلى بلد، أو من المدن إلى الغابات. وهي تفرض "ضرائب" على السيارات التي تنقل المسافرين بين البلدان، وتهدد أصحابها بالقتل أو السجن إذا لم يدفعوا "الضرائب". وهم يهددون السائقين بتوجيه الاتهام إليهم قائلين "أنتم دائماً ما تنقلون المتمردين من الغابات إلى المدن".
    وحدث أن شخصاً يدعى فيصل، من بلدة نوري، استوقفه الجنجويد عند نقطة تفتيش في ميشمايري، الواقعة على الطريق إلى جنينة، في أوائل عام 2004. وكان الجنجويد لديهم هاتف محمول يعمل على شبكة ثريا، وطلبوا منه ومن رفقائه في السيارة أن يدفعوا 200 ألف جنيه سوداني وإلا "فسوف نقتل سبعة أشخاص". وفي النهاية رضوا بتخفيض المبلغ إلى 50 ألف جنيه، فاستمرت السيارة في طريقها إلى جنينة. وعند أول نقطة تفتيش خارج جنينة استوقفها الجنجويد من جديد، وكان لديهم هاتف محمول يعمل على شبكة ثريا أيضاً، وسألوهم "لماذا لم تدفعوا المبلغ كله في ميشمايري؟"(112).
    ويقوم "المسؤولون" من رجال الجنجويد، بصورة منتظمة، بإرغام النازحين المدنيين من طائفة فـور في بعض البلدان، مثل غارسيلا ودليغ ومقجـير وغيرها، وهي التي تسيطر عليها القوات الحكومية والجنجويد، على دفع الرشا، بل ويمارسون العنف معهم عندما يحاولون الانتقال خارج مستوطنـات ومخيمات النازحين المقامة حول هذه المدن. وأمـا النساء اللائي يحاولـن مغادرة المدن لجمع الحطب فيواجهن الخطر المحقق بالتعرض للاعتداء والاغتصاب.
    والمدنيون أيضاً ممنوعون من السفر من القرى الصغيرة إلى هذه المدن الكبيرة دون الحصول على إذن من السلطات الحكومية. والمدن الكبيرة حالياً هي المكان الوحيد الذي توجد فيه خدمات اجتماعية عاملة، بما في ذلك الرعاية الصحية. وقال أحد الشهود، من قرية تبعد نحو 15 كيلو متراً تقريباً عن غارسيلا(113).
    وقد أدت القيود المفروضة على التنقل والهجمات المتواصلة لميليشيات الجنجويد، إلى أن أصبح الكثيرون من المدنيين النازحين يفتقرون إلى الضروريات مثل مواد البناء، والمياه الكافية، والأغذية، والحطب اللازم للطهي. بل إنه حتى حين تتوافر الأغذية في الأسواق المحلية، كثيراً ما يعجز المدنيون النازحون من طائفتي فور ومساليت عن الذهاب إلى تلك الأسواق لشرائها.
    التطهير العرقي" في غربي دارفور
    تسجل هيومن رايتس ووتش في هذا التقرير نمطاً من انتهاكات حقوق الإنسان في غربيّ دارفور يمكن اعتباره سياسة "تطهير عرقي" من جانب الحكومة، أي محاولة للتخلص من طائفتين عرقيتين معينتين هما طائفتا فور ومساليت، بإقصائهما عن مناطق إقامتهما(114). ولقد سبق إصدار تصريحات مماثلة من جانب مصادر موثوق بصدقها، وخصوصاً منسق إغاثة الطوارئ في منظومة الأمم المتحدة والمنسق المقيم السابق لمنظومة الأمم المتحدة في السودان، موكيش كابيلا(115).
    ورغم أن "التطهير العرقي" ليس له تعريف رسمي في القانون الدولي، فقد وضعت لجنة من خبراء الأمم المتحدة تعريفاً للمصطلح يقول إنه "سياسة متعمدة تهدف بها طائفة عرقية أو دينية إلى استخدام وسائل العنف وقذف الرعب في القلوب لإخراج السكان المدنيين المنتمين إلى طائفة عرقية أو دينية أخرى من مناطق جغرافية معينة ... والغرض من هذا، فيما يظهر، هو احتلال تلك المنطقة بعد استبعاد الطائفة أو الطوائف التي شملها التطهير"(116).
    وشرحت لجنة الخبراء معنى "التطهير العرقي" بالصورة التي اتخذها في يوغوسلافيا السابقة على النحو التالي: تشمل وسائل القهر المستخدمة لإخراج السكان المدنيين من المناطق الاستراتيجية المشار إليها آنفاً ما يلي: القتل الجماعي، والتعذيب، والاغتصاب وغيره من أشكال العدوان الجنسي؛ إحداث الإصابات الجسدية الشديدة بالمدنيين؛ سوء معاملة السجناء المدنيين وأسرى الحرب؛ استخدام المدنيين دروعاً بشرية؛ تدمير الممتلكات الشخصية والعامة والثقافية؛ سلب ونهب وسرقة الممتلكات الشخصية؛ الاستيلاء بالقوة على العقارات؛ دفع السكان المدنيين إلى النزوح قسراً ...(117).
    ووصفـت الأمم المتحدة، مراراً وتكراراً، ممارسة التطهـير العرقي بأنها تمثل انتهاكاً للقانون الإنسانـي الدولي، وطالبت بمحاكمة مرتكبي التطهير العرقـي(118). وتعتبر الانتهاكات الفردية لحقوق الإنسان التي يتسم بها التطهير العرقي جرائـم ضد الإنسانية، وجرائم حرب.
    وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أدلة قاطعة على أن حكومة السودان قد حاولت عامدة إخراج السكان من طائفتي مساليت وفور، بوسائل العنف، من مناطق شاسعة في دارفور، في عمليات تعتبر بمثابة تطهير عرقي. فإن الهجمات الموجهة ضد المدنيين، وإحراق قراهم، والقتل الجماعي للأشخاص الخاضعين لسلطتهم، وإرغام السكان على النزوح، وتدمير مخزوناتهم الغذائية ومصادر رزقهم، ونهب ثروتهم الحيوانية، على أيدي قوات الحكومة والميليشيات، لا تمثل فحسب سياسة إحراق الأخضر واليابس أو عنصراً من عناصر استراتيجية مناهضة التمرد، بل إن هدفها، فيما يبدو، هو إخراج هذه الطوائف العرقية من مناطق شاسعة من ذلك الإقليم وإعادة توزيع سكانه، ووضعهم معظمهم بجوار المدن التي تسيطر عليها الحكومة، حيث يمكن تركيزهم، وقصر انتشارهم والتحكم فيهم. وما تلا ذلك من قيام الحكومة السودان بحرمان هؤلاء السكان من المعونة الإنسانية، وذلك في ظروف أصبح فيها هؤلاء السكان عالة على مواد الإغاثة، يمكن اعتباره أيضاً جانباً من استراتيجية إنهاك قوى نسبة كبيرة من النازحين، وربما إهلاكهم، ومنعهم من العودة إلى قراهم الأصلية. وقد تفاقمت الأوضاع بسبب قيام الجنجويد والطوائف العرقية العربية ذات الصلة بهم باحتلال بعض مناطق طائفتي فور ومساليت، واستيطانهم الظاهر فيها. وسوف يتغير التركيب العرقي للإقليم إلى الأبد، ما لم يبدأ التصدي بصورة عاجلة للنزوح الواسع النطاق الذي حدث، بحيث يعود النازحون إلى ديارهم.
    وسوف نورد أدناه النتائج العامة التي خلصت إليها هيومن رايتس ووتش بشأن التطهير العرقي؛ ولا شك أن إجراء التحقيقات من جانب جهات مستقلة ومحايدة، مثل لجنة خبراء الأمم المتحدة، لازم لتحديد المسؤولية الجنائية الفردية عن التطهير العرقي، بما في ذلك ما يتصل به من جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

    أولاً: تعتبر حكومة السودان مسؤولة عن تجنيد وتسليح قوات الميليشيا التي أصبحت الأداة الرئيسية للهجمات على السكان المدنيين وإجبارهم على النزوح، كما تصاحبها الحكومة في شن هجمات مشتركة عليهم. وعلى نحو ما هو مسجل في هذا التقرير وغيره، يتحمل الجيش السوداني وقوات الميليشيا أوزار الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم الحرب وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي.
    ثانياً: إن هجمات قوات الحكومة السودانية والميليشيات على قرى طائفتي مساليت وفور تتبع أنماطاً واضحة، وقد جرت على هيئة عمليات منسقة ومخطط لها، فيما يبدو، إذ لم تكن القرى تتعرض لهجمات عشوائية، بل كان يجري إخلاؤها في مساحات واسعة في عمليات تستمر عدة أيام أو تتكرر عدة مرات حتى تحقق غرضها في إخراج السكان آخر الأمر. وأثناء وجود هيومن رايتس ووتش في دارفور، تعرضت أربع عشرة قرية جنوب غربي جنينة للهجوم وأحرقت في يوم واحد، هو يوم 27 مارس/آذار 2004. وفي الشهر نفسه قامت قوات الحكومة وجنجويد بإخلاء وإحراق عشرات القرى في منطقة ميلبيدا، بالقرب من الحدود مع تشاد، بل إنها أحرقت ثماني قرى في يوم واحد في أوائل مارس/آذار. وقامت هيومن رايتس ووتش بمسحٍ لمنطقة تبلغ مساحتها ما يقرب من ستين كيلومتراً مربعاً أو خمسة وعشرين ميلاً مربعاً، فوجدت أن المنطقة التي كانت عامرة ذات يوم بالسكان وبالزراعة الكثيفة، قد أصبحت مهجورة وخاوية على عروشها.
    ثالثاً: كانت كثير من الهجمات متشابهة في أسلوب تنفيذها: الدعم الجوي أولاً بالقصف والاستطلاع من جانب طائرات السلاح الجوي السوداني، وتتلوه الهجمات البرية من جانب قوات الحكومة والجنجويد. كما إن الجنجويد قد منحوا سلطات صريحة وضمنية في المناطق التي هجرها من أرغموا على الرحيل. ويتولى الجنجويد إدارة نقاط التفتيش على الطرق الرئيسية ويقومون بتنظيم انتقالات البضائع والأشخاص.
    رابعاً: كان القصد من هجمات الحكومة والميليشيات على قرى مساليت وفور، فيما يبدو، تثبيط عزم السكان على استمرار الإقامة فيها. وقد فحصت هيومن رايتس ووتش أربع عشرة قرية في المنطقة فوجدت أن إحدى عشرة قرية قد أُحرقت عن آخرها، من بينها قرى هجار سليمان، تربيبة، سانيابي، تيرتي، نيالتيتا (قريتان منفصلتان) أبوجي، خير وجيد، وكينييميجي. كما وجدت ثلاث قرى مهجورة بسبب الحريق وهي ديريديدا، وبريدا، وأونياناتا. وقد وجدت أن المخزونات الغذائية قد نُهبت وأُحرقت في جميع القرى التي زارتها، حتى ولو ظل بالقرية عدد محدود من الأكواخ المبنية من الكلأ والحشائش، ويشيرون إلى مثل هذا الكوخ بلفظ "تُكْل". ووجدت المنظمة أن الدمار قد لحق بكل ما يلزم لتخزين الأغذية وإعدادها، من أوانٍ وأوعيةٍ وأكوابِ الشاي الزجاجية التي تناثرت أجزاؤها المهمشة.
    خامساً: انتشرت قوات الميليشيا التي تدعمها الحكومة في القرى التي أصابها الدمار وحولها، حتى تمنع السكان النازحين من العودة إليها. وتواصل الميليشيات هجماتها على المدنيين النازحين بعد فرارهم إلى المخيمات والمستوطنات، وتضرب النساء والأطفال الذين يحاولون ترك هذه المستوطنات لجمع الحطب، أو النباتات البرية الصالحة للطعام وغير ذلك من الضروريات، بل وتقتلهم أحياناً، وتغتصب النساء. وقد تعرض الرجال المقيمون في المخيمات والمدن الخاضعة لسيطرة الجنجويد للتعذيب والقتل. وأما الأفراد الذين حاولوا العودة إلى قراهم، حتى بعد دفع مبالغ مالية إلى الجنجويد في سبيل ذلك، فقد تعرضوا للعدوان من جديد. كما ترددت الأنباء عن انتقال أسر ميليشيات الجنجويد إلى مناطق طائفتي مساليت وفور.
    وهـذه الحقائق مجتمعة تمثل الأدلة الدامغة على السياسة الحكومية للتطهير العرقي في دارفور.
    أدلة إضافية على التعاون الوثيق بين الحكومة والجنجويد
    "إنهم يأتون معاً، ويحاربون معاً، ويرحلون معاً"
    كان أفراد طائفة مساليت في دارفور يرددون لهيومن رايتس ووتش المرة تلو الأخرى أن الجنجويد كانوا يقولـون لهم "نحن الحكومة!" في كـل مكان - عند نقاط التفتيش، وفـي الشوارع، وفـي أثنـاء السرقات أو نهب المواشي - كلما حاول المدنيون أن يدافعوا عن أنفسهم وعن ممتلكاتهم.
    وقال فلاح في الثانية والثلاثين يدعى آدم، وكان قد اضطر إلى ترك قريته غوكار (القريبة من جنينة) بسبب اشتعال النار فيها، إن قائد الجنجويد في جنينة، العمدة سيف، قال للسكان المحليين "هذا المكان ينتمي للعرب لا للأفارقة. فإذا كان لديكم مشكلة لا تذهبوا للشرطة" وهي التي تتكون في معظمها من طائفة مساليت أو غيرها من الطوائف الإفريقية، ومن ثم فالأرجح أن تتعاطف مع مظالمهم. "اذهبوا إلى الجنجويد ... فالجنجويد هم الحكومة. الجنجويد هم عمر البشير"(119).
    وفي ديسمبر/كانون الأول 2003 دخل الجنجويد ثكنات الجيش في مورني واحتلوها، وقال طالب في الثانية والعشرين يدعى حسن إنهم سرعان ما أنشأوا ثكنات جديدة لا تبعد عن تلك الثكنات إلا بأقل من ميل واحد؛ وأضاف قائلاً: "كان رئيسهم رجلاً يدعى أحمد دخير، وهو عمدة قبيلة معاليا، وكان من مشاهير لصوص الأبقار قبل التحاقه بصفوف الجنجويد. ورفعوا علم السودان على الثكنات"(120).
    وقال رئيـس قريبة تربيبـة، وهو في التاسعـة والأربعين ويدعـى عبد الله: "لمـاذا أقول إن الجنجويد والحكومة هما نفس الشيء؟ إنهم يأتون معاً، ويحاربون معاً، ويرحلون معـاً"(121) وزارت هيومن رايتس ووتش تربيبة في أبريل/نيسان 2004، فوجدتها مهجورة ولا تصلـح للسكنى، وقد تعرضت مخزوناتهـا الغذائية للنهب والحريق، وتحولت نسبة 90 في المائـة من أكواخها العشبية إلى رماد. وقال أهل القرى إنهم تعرضوا للهجوم من جانب قوة مشتركة من الجنجويد على ظهور الخيل والإبل، وقوات الحكومة في عربات من طراز 'لاند كروزر' يوم 15 فبراير/شباط 2004 في السادسة صباحاً. ولقى واحد وثلاثون شخصاً مصرعهم.
    اعترافات الحكومة بعلاقتها مع الجنجويد
    كلما ازداد انتقـاد المجتمـع الدولي للحـرب في دارفور، ازداد إنكـار الحكومة لأي مشاركة للجنجويد أو أي صلات تربطها بهم(122). ولكن الحال لم يكن كذلك حتى عهد قريب.
    ففي 24 أبريل/نيسان اعترف مصطفى عثمان إسماعيل، وزير خارجية السودان، بأن للحكومة والجنجويد قضية مشتركة، وإن كان قد أشار ضمناً إلى أنها قضية عادلة. وقال "ربما تكون الحكومة قد غضّت الطرف عن الميليشيات، وهذا صحيح، لأن الميليشيات تحارب التمرد". وكرر إنكار الحكومة لمشاركتها في التطهير العرقي، قائلاً إن تقدير عدد القتلى في دارفور بعدة آلاف تقدير مبالغ فيه إلى حد بعيد". وأقول إن عدد [القتلى] لم يزد عن 600 شخص على أقصى تقدير"(123).
    وفي الخطـاب الذي وجهه الرئيـس عمر البشير إلى أهالـي كولبوس يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2003، قال إن حكومته تولي الأولوية لهزيمة تمرد جيش تحرير السودان، وقال إن "الفرسان" سوف يكونون من الأسلحة التي ستستخدمها، إلى جانب الجيش(124). وأشار شيخ من قادة المجتمع المحلي إلى أسباب تفضيل الحكومة لميليشيات الجنجويد العربية على جنود جيش الحكومة أنفسهم قائلاً "إن ثقة الحكومة في الجنجويد أكبر من ثقتها في الجيش، فالجيش يضم كثيراً من أبناء طائفة مساليت"(125). وهكذا فإن مواجهة تمرد فور ومساليت وزغاوة اقتضى من الحكومة أن تتجاوز الجيش وتنشد قوة مقاتلة من الرُّحّل بدت لها جاهزة لتنفيذ أغراضها.
    استخدام الحكومة السودانية للميليشيات العرقية في مناهضة التمرد
    يظهر أن المقاتلين الذين يشار إليهم باسم "الجنجويد" كانوا يمثلون حتى أواخر عقد التسعينيات مجموعات منظمة تنظيماً فضفاضاً وذوات خلفيات متباينة، وإن كان معظم أفرادها من العرب(126). ولكن الحكومة السودانية طالما استخدمت الميليشيات العربية العربية وغير العربية في محاربة المتمردين الذين نشأوا في كنف أعدائها التقليديين، ولها تاريخ طويل في هذا الصدد(127).
    فلقد لجأت حكومة الرئيس نميري (1969-1985) في البداية إلى تجنيد "المرحلين"، وهم ميليشيات البقارة القبلية (العربية) من الرزيقات في جنوبي دارفور، والمسيرية من جنوبي كردفان للقتال ضد المتمردين الجنوبيين(128). وفي عام 1989 انضم المرحلون إلى الميليشيات الرسمية للحكومة، والتي تخضع لسيطرة الجيش، واستمرت تتمتع بدعم الحكومة بغرض مهاجمة المدنيين من طائفتين الدنكا والنوير، وكان رجالهما قد التحقا بالجيش الشعبي لتحرير السودان، وهو القوة المتمردة في الجنوب (التي تشكلت عام 1983). وأدى تسليح الحكومة لرجال البقارة بأسلحة متميزة فائقة إلى تحويل الصراع شبه المتكافئ في العادة إلى انقضاض من جانب واحد تفوّق في القوة فوجد متعة في قتل المدنيين، وفي النهب والحرق - بل واسترقاق أفراد الجانب الآخر في شماليّ بحر الغزال(129).
    وقد فُرض هذا النمط الآن على دارفور حيث قدمت الحكومة لبعض العرب الرُّحل أسلحة أوتوماتيكية، وأطلقت العنان لهم لمهاجمة من كانوا يقاتلونهم من الأفارقة في حلبات شبه متكافئة في العادة، باسم مناهضة التمرد على الحكومة(130).
    وكـانت كثرة من قادة الجنجويد، أو معظمهم، من أمراء القبائـل العربية أو عُمَدِها، وكانـت الحكومة قد عينت الكثيرين منهم في إطار إعادة التنظيم الإداري في منتصف التسعينيات. وهكذا فإن مشاركة قادة الطوائف العرقية - السياسية يؤدي إلى زيادة الاستقطاب العرقي، إذ يقوم القائد باستدعاء أفراد طائفته العرقية وتجنيدهم للمشاركة في قتال طائفة عرقية أخرى قتالاً مباحاً للجميع.
    ولا يتكون الجنجويد، كما تزعم الحكومة، من قلة منبوذة من الخارجين على القانون والمهمشين، بل إن من القادة المشاركين في الحرب الدائرة في دارفور ضد طوائف فور ومساليت وزغاوة الشخصيات التالية:
    • حامد ضواي، وهو أمير من أمراء قبيلة بني حلبة وقائد الجنجويد في مثلث تربيبة - عرارة - البيضة، حيث لقي 460 مدنياً مصرعهم ما بين أغسطس/آب 2003 وأبريل/نيسان 2004. وله مقران للإقامة في جنينة والبيضة.
    • عبدالله أبو شنيبات، وهو من أمراء قبيلة بني حلبة، وقائد الجنجويد في منطقة هبيلة - مورني. وله مقران للإقامة في جنينة وهبيلة.
    • العمدة سيف، وهو عمدة لقبيلة أولاد زيد وقائد الجنجويد في المنطقة من جنينة إلى المستيري. وله مقر إقامة في جنينة.
    • عمر بابوش، عمدة قبيلة المسيرية وقائد الجنجويد في المنطقة من هبيلة إلى فور برانغا، وله مقر إقامة في فور برانغا. • أحمد دخير، عمدة قبيلة معاليا وقائد الجنجويد في مورني.
    ويقول بعض أفراد طائفة مساليت إن الأشهر الأخيرة قد شهدت تنظيم بعض رجال الجنجويد في لواءات عسكرية. ويقول قادة المتمردين إنهم تمكنوا من تحديد ستة لواءات للجنجويد، ولكن المدنيين من مساليت لم يستطيعوا تحديد سوى لوائين فقط هما لواء الجاموس الذي كان يقوده موسى هلال في الماضي، ولواء النصر الذي كان يقوده شكرتالله.
    ويجري تنظيم هذه اللواءات وفق نظم الجيش السوداني، ويقود اللواءات ضباط يحملون على أكتافهم شارات اللواءات في الجيش النظامي. ويقول رجال مساليت إن الفارق الوحيد بين الزي الرسمي للجنجويد وزي رجال الجيش هو وجود شارة تصور فارساً مسلحاً على ظهر جواد، على جيب قمصان الجنجويد. وهم يقودون نفس العربات من طراز لاند كروزر، مثل رجال الجيش، ويسير بصحبتهم حرس خصوصي. وهم يحملون الهواتف المحمولة التي تعمل بشبكة ثريا مثل كبار ضباط الجيش.
    وتدفع الحكومة التعويضات لضباط الجنجويد وأفراد الميليشيات. وتعتبر المنازل والسيارات والهواتف المحمولة جزءاً من تعويضات الضباط. كما يتقاضون مكافآت أو رواتب شهرية، وفقاً لما قاله بعض أفراد المساليت في مقابلات شخصية منفصلة، وفي أوقات مختلفة، وأماكن متباينة. واتفق أربعة أشخاص مختلفين على مبالغ محددة - وهي 300 ألف جنيه سوداني في الشهر (وكانت تعادل 117 دولاراً أمريكياً حتى منتصف 2003) للرجل الذي يركب فرساً أو جملاً، و200 ألف جنيه سوداني شهرياً (79 دولاراً أمريكياً) للرجل دون فرس أو جمل - أي نحو ضعف ما يتقاضاه الجندي ذو الرتبة المماثلة(132).
    وقال إدريس، وهو قائد مجموعة محلية للدفاع عن النفس من طائفة مساليت في بلدة قطب الدين بالقرب من هبيلة، وهو في الثالثة والأربعين، إن المدفوعات للجنجويد في منطقته تأتي من الحكومة:
    في أغسطس/آب 2003 قالت الحكومة إن كل عربي يأتي على ظهر فرس أو جمل سوف يتقاضى راتباً قدره 300 ألف جنيه سوداني وينال بندقية. ولم يكن العرب منظمين من قبل، بل كانوا لا يتعدون الجماعات التي يتراوح عددها بين الثلاثين والأربعين وتقوم بمهاجمة المدنيين للاستيلاء على أبقارهم. وعندما كنت في هبيلة، رأيت مكتباً لتنظيم الجنجويد. وكان يخفق فوقه العلم السوداني. وكان مكتباً لقوات الشرطة من قبل(133).
    وقال شخص آخر، وكان من رجال الشرطة السابقين، إن كبار ضباط الجنجويد يتقاضون رواتب ضخمة تبلغ 600 ألف جنيه سوداني (233 دولاراً أمريكياً) وهو مبلغ محترم في بلد فقير: قال لي أحد أصدقائي من الجنجويد إنه يتقاضى 300 ألف جنيه سوداني، وإنه يتسلمه من مكتب بالقرب من أحد المساجد في جنينة. ويقول بعض الجنود إن كبار ضباط الجنجويد يتقاضون ضعف ذلك المبلغ ...(134).
    وهكذا فإن الرواتب المنتظمة التي يتلقاها الآن، فيما يبدو، كثير من أفراد الجنجويد، توحي بدرجة من التنظيم والتوجيه لم يتمتع بها من قبل "العرب الرُّحّل" أبداً.
    ويبدو أن موظفي الإدارة الحكومية من ذوي المناصب الرفيعة، ولو أنهم ليسوا من الجنجويد، يقومون بدور ما في تجنيد الجنجويد. فلقد حصلت هيومن رايتس ووتش على وثيقة يأمر فيها والي ولاية جنوب دارفور رؤساء المحليات "بتجنيد 300 فارس للخرطوم"(135) والخطاب يحمل تاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2003، وهو صادر من مكتب الوالي إلى رئيسي وحدتين محليتين، الأولى هي نيالا والثانية هي كاس، ونيالا هي عاصمة جنوب دارفور، وكاس من مدنها الكبرى.
    والخطـاب يقدم الشكر إلى هذين الرئيسين باسم وزير الداخلية في الولاية وحاكمها (أي الوالي) على "جهودهـما في مناهضة المتمردين" التي تلقى "التقدير الرفيع". وهو يؤكد من جديد الالتزام باتفاق عُقد بين الوزير وهذين الرئيسين "بشأن جميع الإجراءات اللازمة لمناهضة المتمردين" ويطلب منهما تنفيذها. وبعد ذلك يقدم الخطاب قائمة بما وعدت الحكومة بتقديمه من هبات ومشروعات، بحيث تعود بالفائدة، فيما يبدو، على أفراد الجنجويد، ومن بينها حملة لتطعيم الجمال والخيول، وبناء ثلاثة فصول دراسية، وتقديم منحة من الكتب، والمكاتب والملابس للطلاب، وبناء وحدة صحية ومنح أربع وعشرين مضخة يدوية لثماني قرى(137).
    تجنيد المجرمين لقيادة الجنجويد
    وتلجأ الحكومة في دارفور، أيضاً، إلى تجنيد المجرمين واستخدامهم رأس حربة لعملية مناهضة التمرد المذكورة، ونتائج ذلك متوقعة. فأبرز قواد الجنجويد في ولاية غربي دارفور هو عبدالرحيم أحمد محمد، وهو ضابط سابق في الجيش اشتهر في كل مكان باسمه المستعار "شكرتالله"(138). وقد أصبـح رئيساً للجنجويد في دار مساليت بعد اعتقاله بتهمة قتل المدنيين. وينتمـي شكرتالله إلى طائفة المهارية العرقية، من قرية أربوكني، التي تقع على مشارف مدينة جنينة. وقيل إنه قضى سنوات خدمة طويلـة في الجيش السوداني، في جوبـا، في أواخر التسعينيـات قبل نقله وعودته إلى جنينة. ويقول أفراد طائفة مساليت في جنينة إن أقارب الرجال الذين اتهم بقتلهم أحالوه إلى المحاكمة في عام 1999، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات، ولكنه أطلق سراحه وسرعان ما ظهر على رأس قوات جنجويد في دار مساليت.
    وقال فلاح يدعى أحمد، من طائفة مساليت في منطقة جنينة، إن أسرته التقت بشكرتالله مرتين أثناء خدمته بالجيش، في عام 1994 و1999:
    في عام 1994 جاء الجيش إلى قريتي، واسمها هبيلة كنار، مع شكرتالله. وكان رجلاً بالغ الطول، نحيلاً وقاسياً، وفي شفته ندوب، فضربني وألقاني في الحبـس شهرين، قائلاً "أنت من المتمردين!" وفي عام 1999 ساقني من قرية نقـا، بالقرب من موطني، ووضعني في الحبس خمسة وثلاثين يوماً(139).
    وفي عام 2003 استوقف الجنجويد أحد إخوة أحمد، ويدعى محيي الدين، عند أحد الطرق المؤديـة إلى جنينة، وطلبـوا منه مبلغاً كبيراً من المال كضريبـة على زيت الفـول السوداني الذي كـان يحمله. وعندما قال إنه لا يملك نقوداً أرسلوه إلى "رئيسهم" في مكاتب الجنجويد في مدينة الحجاج - وهي ساحة الجمرك القديم في جنينة. وهناك وجد نفسه أمام شكرتالله: سألني 'كيف عرفت مكاني؟' فقلت له إن رجاله أرسلوني إليه. فكتب خطاباً إلى الجنجويد يقول فيه 'أطلقوا سراحه'. لقد كانت أعمال الحرق كلها، وأعمال النهب كلها، من تدبير شكرتالله. كان له مكتب في ثكنات الجيش ومكتب آخر في مدينة الحجاج. كنا نراه أحياناً في سيارات الجيش وأحياناً مع الجنجويد على ظهور الخيل. كان بالغ القسوة(140).
    وإذ كان كثير من الزعماء الذين استطاعوا أن يجمعوا حولهم عدداً من رجال القبائل يطلقون على أنفسهم لقب "القائد" فإن أفراد طائفة المساليت العاديين يسمونهم "المجرمين الراكبين" أو يشيرون إليهم بتعبير أبسط وهو "اللصوص". ويقول عليّ، وهو من طائفة المساليت وكان قد ترك الشرطة بعد أن عمل فيها اثني عشر عاماً، إن عدداً كبيراً منهم كان قد قبض عليه وحُبس بتهمة السرقة:
    كنت من رجال الشرطة. وأما الجنجويد فهم عرب مجرمون. بعضهم يخرج من السجن ويتلقى التدريب على أيدي الجيش في جنينة - في ساحة الجمرك القديم، أي في مدينة الحجاج. إن شنيبات وحامد ضواي من قادة الجنجويد، ولكنهما من اللصوص! تماماً مثيل الكثيرين الذين يأتمرون بأمرهم: عدمان ... بريمة لبيد - علي منزول ... جميعهم لصوص! وكلهم خرجوا من السجن(141). وأما عقيد يونس، أحد قادة الجنجويد في هبيلة، فقد ذاع عنه في المنطقة أنه من لصوص المواشي. ويقول فلاح من قرية أبون القريبة واسمه يوسف: إن يونس قد اشتهر بسمعته السيئة في المنطقة سنوات عديدة:
    إنه لص، ولكنهم لم يحبسوه أبداً، وكان من العرب الرُّحّل قبل ذلك، وكان يعيش في الغابة، لكنه انتقل في عام 2003 إلى هبيلة. وقد شاهدناه وهو مسافر في عربات الجيش إلى جنينة(142).
    الحصانة للجنجويد: منع الشرطة من معاقبتهم
    لا يقتصر تفرد الجنجويد على العفو عن ماضيهم الإجرامي، بل يتضمن تمتعهم بضمان عدم محاكمتهم جنائياً على المستوى المحلي على أي جريمة يرتكبونها أثناء مطاردة الطوائف العرقية التي يُزعم انحيازها إلى المتمردين، وإجلائها عن ديارها، ونهبها وسلبها.
    وقد استقال شخص من قرية مستيري، يدعى نور الدين، من قوات الشرطة في عام 2003 بعد أن "احتضنت الحكومة القبائل العربية وسمحت لهم أن يصبحوا القانون، فوضعتهم فوق الجميع". ويقول أباكار إن القائد العسكري في مستيري، وهو من طائفة الدنكا في جنوب السودان، واسمه أنغو، أمر الشرطة "بألا تتدخل في شؤون الجنجويد. وأن تدعهم يفعلون ما يحلو لهم"(143).
    وقال فلاح في الخامسة والثلاثين من عمره يدعى أحمد إن أصدقاءه في شرطة جنينة قد صدر لهم الأمر بألا يتخذوا أي إجراءات، مهما تكن، ضد الجنجويد:
    قضينا شهرين في جنينة في أوائل هذا العام بعد إحراق قريتنا. وجاء بعضنا بأبقاره معه، ولكن الجنجويد سرقوها داخل جنينة. وقال لي أصدقائي في الشرطة إنهم قد أُمروا بألا يتقدموا بأية شكاوى من الجنجويد، وألا يتدخلوا في شؤونهم بأي صورة من الصور(144).
    والجنجويد لا يحاولون إخفاء جرائمهم، ولكنهم حاولوا إخفاء مدى تنظيم واتساع نطاق عملياتهم العسكرية ونظام الدعم لها بالنقل والتموين، وذلك، على الأقل، في المدن الكبرى. ويبدو أنهم يتلقون العلاج سراً في العيادات الطبية في جنينة، عاصمة ولاية غربي دارفور. وقالت ممرضة تعمل في المستشفى الحكومي إنها دخلت هذه العيادات ذات يوم فأُمِرَتْ بأن تخرج على الفور:
    سألني الجنجويد "ماذا تفعلين هنا؟ ليس من المسموح لك أن تدخلي" وقال لي الأطباء في مستشفانا إنهم يعملون هنا سراً أثناء الليل. وقالوا إنه عمل مُربح(145).
    وأما المستشفى المذكور فكان من قبل منزلاً لأحد الأشخاص، ولا توجد عليه لافتات تقول إنه عيادة طبية أو مستشفى، ويقال إن استعماله مقصور على الجنجويد وحدهم.
    أقل مما ينبغي، وبعد فوات الوقت: استجابة السودان والمجتمع الدولي في 2004
    بعد أحداث الإبادة الجماعية في رواندا بعشر سنوات، وعلى الرغم من السنوات التي قضاها المجتمع الدولي في محاسبة نفسه، لا يمكن وصف استجابته لأحداث السودان إلا بأنها وصمة عار. وكان السبب المبدئي الذي أجّل النظر في الحرب الدائرة في دارفور هو الشروع في محادثات سلام جادة في منتصف عام 2002، بهدف إنهاء الحرب التي استمرت عشرين عاماً بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي/الحركة الشعبية لتحرير السودان (الجيش الشعبي) وهو قوة سودانية معظمها من أهالي الجنوب. وكان الطرفان يحرزان التقدم في تلك المحادثات وإن لم تكن الحرب في غربيّ السودان، التي لم تنشب إلا في عام 2003، مدرجة في جدول مباحثاتهما المذكورة، والتي أجريت في مدينة نايفاشا في كينيا.
    وكان الدبلوماسيون يخافون أن تؤدي زيادة الاهتمام بأحداث دارفور إلى الانتقاص من الاهتمام والجهد الذي بذله الطرفان مع الترويكا (الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والنرويج) من أجل إحراز النجاح الذي كان قد أصبح وشيكاً وإن لم يكن قد تحقق فعلاً في المباحثات المذكورة. وكانت دول الترويكا تقترح شتى المواعيد النهائية لاختتام المباحثات، وكلما فات موعد منها ازداد بروز أحداث دارفور، بل إنها أصبحت تلقي بظلها الثقيل على مباحثات نايفاشا عندما اتسع نطاق أزمة حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية، فبدأت القضية تثير الرأي العام.
    استجابة الحكومة السودانية وفصائل المتمردين: اتفاق وقف إطلاق النار
    أعلن الرئيس السوداني عمر البشير الانتصار على المتمردين في دارفور قبل الأوان، ووعد بالسماح لهيئات الإغاثة الدولية بالدخول إلى المنطقة دون أية عوائق لتقديم المعونة الإنسانية في 9 فبراير/شباط 2004(146)، وكان ذلك إعلاناً سابقاً لأوانه. فلقد أعلن عن النصر قبل أن يتحقق، ولم يسمح بالدخول الموعود. والواقع أن حكومة السودان فرضت حظراً شبه تام على دخول وكالات الغوث الإنساني إلى دارفور لمدة أربعة أشهر، من أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2003 وحتى أواخر فبراير/شباط 2004، وواصلت الحكومة أعمال العنف وإرغام المدنيين على النزوح، وكان لذلك، ولا تزال له، عواقبه الإنسانية الهائلة(147)، إذ يقدر عدد النازحين من ديارهم بما يربو على مليون شخص، ولا تزال غالبتيهم العظمى في دارفور.
    ولم تتحسن الأوضاع فيما يتعلق بدخول وكالات الغوث إلى المنطقة إلا في شهر مارس/آذار، بعد شهور من المحاولات التي بذلتها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في سبيل ذلك، وإن كانت الحكومة لا تزال تعوق الدخول لأداء المهام الإنسانية بفرض العراقيل البيروقراطية مثل إجراءات الحصول على تأشيرات الدخول، والدرجات المتفاوتة من "تراخيص السفر" للعاملين في مجال الإغاثة. وجاء في التحذير الذي أصدرته البعثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في دارفور، في أول مايو/أيار، إن "الأزمة في دارفور، غربيّ السودان، سوف تتفاقم تفاقماً خطيراً ما لم تتحسن أحوال الأمن فوراً وتزداد إمكانية وصول الوكالات الإنسانية إلى المحتاجين للغوث".
    وأدت الضغوط المبذولة إلى عقد جولة أخرى من مفاوضات السلام بين المتمردين والحكومة السودانية في نجامينا، عاصمة تشاد، برعاية الرئيس التشادي إدريس ديبي، في أواخر مارس/آذار، أما اتفاق وقف النار السابق في أغسطس/آب 2003، فكان قد مات ودفن من زمن بعيد(148).
    ورفضت الحكومة السودانية "تدويل" الصراع الدائر في دارفور، وحاولت عرقلة مشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في المباحثات، ربما بسبب ما تتمتع به من قدرة أكبر على التأثير في الاتحاد الإفريقي الوليد، والرئيس التشادي إدريس ديبي، الذي ساعدته في الوصول إلى الحكم في عام 1990 - إذ إن الانقلاب العسكري الذي قام به قد انطلق من دارفور. ورغم تباطؤ الحكومة السودانية وتأخرها، فقد حضر المباحثات ممثلون عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وعرضوا مساندة التصالح ووقف إطلاق النار بتقديم ما يلزم من أفراد وتموين وتمويل وسوى ذلك من صور الدعم(139).
    ومع ذلك فلم تقم الحكومة باتخاذ أي إجراء ألا بعد الضغط عليها، وهو الذي اتخذ صورة بيانات شديدة اللهجة من جانب الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الأمريكي يومي 7 و8 أبريل/نيسان، على الترتيب. ومن ثم قامت الحكومة السودانية بتوقيع اتفاق لوقف لإطلاق النار، على وجه السرعة، مع الفصيلتين المتمردتين، وذلك باعتباره يمثل الحد الأدنى اللازم "من الناحية الإنسانية"، يوم 8 أبريل/نيسان، وفيه يلتزم الأطراف أيضاً بإجراء المزيد من المفاوضات السياسية لإنهاء الحرب.
    ولم يكد وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ، في 11 أبريل/نيسان 2004، حتى ترددت المزاعم بانتهاكه، وبصفة أساسية مواصلة الجنجويد هجماتهم على المدنيين. ولم يكن في ذلك ما يدعو للدهشة ما دامت الحكومة لم تلتزم بنزع أسلحة تلك الجماعات وتسريحها. وقد أشار اتفاق وقف إطلاق النار إلى مسؤولية الحكومة عن "تحييد" الميليشيات دون تحديد لمعنى ذلك المصطلح. ويُبدي كثير من المراقبين قلقهم من أن تقتصر الحكومة على إدراج الميليشيات في قوات الشرطة وقوات الجيش النظامي، وهذا احتمال يدعو للفزع بسبب خطورة الجرائم التي ارتكبوها.
    ومن المثالب الأخرى في اتفاق وقف إطلاق النار المعقود في 8 أبريل/نيسان عدم وضع جدول زمني واضح، وهيكل واضح، للرقابة الدولية، وعدم النص على أية آلية من آليات رصد انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، والتي لا تزال تمس الآلاف من أبناء دارفور، كما يفتقر الاتفاق المذكور إلى التدابير اللازمة لمعالجة التطهير العرقي، مثل الاتفاق على أن تقوم الحكومة السودانية فوراً بسحب ميليشيات الجنجويد من المناطق التي احتلتها في دارفور عام 2003 ولا تزال تحتلها حتى اليوم. وبحلول أواخر أبريل/نيسان كانت المباحثات السياسية في نجامينا قد بدأت في جو يتردد فيه أن الحكومة السودانية تحاول تقسيم تحالف المتمردين على أسس عرقية. ولم يكن مراقبو وقف إطلاق النار قد اتخذوا أماكنهم بعد، وازدادت أنباء خرق ذلك الاتفاق واستمرار حرمان المدنيين من الحماية.
    الأمم المتحدة: بيانات شديدة اللهجة من العاملين بالأمم المتحدة
    نهض مسؤولو الأمم المتحدة بدور أساسي في رفع مستوى وعي الحكومات وأجهزة الإعلام الدولية بخطورة الانتهاكات المرتكبة في دارفور واتساع نطاقها، ولكن الهيئات السياسية للأمم المتحدة، مثل مجلس الأمن ولجنة حقوق الإنسان لم تستجب للأزمة الاستجابة الكافية حتى الآن.
    وأدلى العديد من كبار مسؤولي وخبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ببيانات شديدة اللهجة يعربون فيها عن القلق إزاء ما يجرى في دارفور في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2004(150)، وفي 19 مارس/آذار 2004 تحدث موكيش كابيلا، الذي كان آنئذ يشغل منصب ممثل الأمم المتحدة المقيم في السودان، إلى الصحفيين في نيروبي، فأدلى بأشد البيانات لهجة حتى الآن، إذ وصف الحالة في دارفور بأنها "تطهير عرقي"(151). وقال إن بعض الجماعات العربية التي تساندها الحكومة تقوم بحملة تضرر منها مليون شخص، وإنها ذات طابع مماثل للإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
    وفي يوم 2 أبريل/نيسان، قام يان إيجلاند، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق إغاثة الطوارئ، بإحاطة مجلس الأمن بالحالة الإنسانية في دارفور واصفاً إياها بأنها "تطهير عرقي"(152)؛ وأعرب عن أمله في أن يظل المجلس مُطلعاً على الأمر، وأن ينظر في اتخاذ إجراءات جديدة إذا لم تتحسن الأحوال(153). وعلى الرغم من هذه الملاحظات الشديدة اللهجة، فقد أصدر رئيس مجلس الأمن بياناً فاتراً، سبقت الموافقة عليه، إلى الصحافة يعرب فيه عن القلق إزاء "الأزمة الإنسانية" في دارفور دون أن يذكر أن أوضاع حقوق الإنسان هي السبب في الأزمة الإنسانية(154).
    وقد عبرت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن الحالة في دارفور تعبيراً شديد اللهجة مرة ثانية يوم 7 أبريل/نيسان، عندما تحدث كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة، أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للمنظمة الدولية بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لأحداث الإبادة الجماعية في رواندا، فأشار إلى ما ذكره إيجلاند بشأن التطهير العرقي، وجاء في تحذيره أن على المجتمع الدولي أن يتخذ الإجراءات اللازمة إذا لم يتمتع العاملون في مجال حقوق الإنسان والمعونة الإنسانية بحرية الدخول [إلى المنطقة] دون أي عوائق(155). وقال إن أنباء ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان على ذلك النطاق الواسع في دارفور:
    تترك في نفسي توجساً عميقاً بما يُكره، وأياً كانت الألفاظ التي يختارها المجتمع الدولي لوصف الحالة، فلن يسعه أن يقف مكتوف الأيدي حيالها.
    وبناء على دعوة من الحكومة السودانية، اقترح إرسال فريق رفيع المستوى إلى دارفور، لاكتساب تفهم أكمل لنطاق هذه الأزمة وطبيعتها، وللسعي إلى فتح أبواب أوسع للوصول إلى من يحتاجون إلى العون والحماية. فمن الحيوي أن تتاح للعاملين في مجال المعونة الإنسانية على المستوى الدولي وخبراء حقوق الإنسان الفرصة الكاملة لدخول المنطقة، والوصول إلى الضحايا، دون المزيد من التأخير. أما إذا مُنعنا من ذلك، فلا بد أن يبدي المجتمع الدولي استعداده لاتخاذ الإجراءات وأنا أعني بالإجراءات في مثل هذه الحالات سلسلة من الخطوات، قد تتضمن العمل العسكري(156).
    أما البعثة التي يشير إليها أنان فيما قاله فقد كان من المقرر أن ترحل في منتصف أبريل/نيسان، برئاسة يان إيجلاند، وكيل الأمين العام، ولكنها تأخرت لأسباب ترجع إلى الحكومة السودانية التي رفضت منح تأشيرات دخول للعديد من أعضائها، وكان من بينهم إيجلاند نفسه. ورحلت البعثة آخر الأمر في أواخر أبريل/نيسان، برئاسة جيمس موريس، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، وكان من المقرر أن تنتهي من مهمتها في أوائل مايو/أيار(157).
    لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة: إثارة الجدل لا إنارة الطريق
    على الرغم من اللهجة الشديدة التي اتسم بها حديث كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة، في اجتماع لجنة حقوق الإنسان، ورغم البيان السابق الذي أصدره يوم 26 مارس/آذار 2004 ثمانية خبراء في حقوق الإنسان من أعضائها، وهم الذين اتخذوا خطوة غير عادية بإصدار هذا البيان المشترك الذي يعرب عن القلق "إزاء اتساع نطاق انتهاكات حقوق الإنسان التي وردت أنباؤها، والأزمة الإنسانية المندلعة في دارفور، بالسودان ... "، فإن المداولات الختامية للجنة المذكورة قد خيبت آمال الذين كانوا يرجون أن تتخذ الهيئة الأولى لحقوق الإنسان في العالم موقفاً أخلاقياً صُلباً إزاء هذه القضية(158). وفي أوائـل أبريل/نيسان أرسل مكتب المفوض السامـي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فريقاً من خبـراء حقوق الإنسان للتحقيق في انتهاكات دارفور(159). وكانـت هذه بعثة منفصلة عن بعثة تقدير الاحتياجـات الإنسانية التي قامت بعملها في أبريل/نيسان تحت إشراف يان.
    وفي الفترة من 5-15 أبريل/نيسان أجرى الفريق المذكور بحثاً بين اللاجئين السودانيين في تشاد، وكان عددهم يزيد آنئذ عن 100 ألف شخص. وكانت الحكومة السودانية قد رفضت أولاً أن يقـوم الفريق بأي جهد للتحقيـق في الانتهاكات داخل السودان، ورفضت منح تأشيرات دخول لأعضاء الوفد، ولكن الحكومة السودانية، التي تتمتع بعضوية اللجنة، تغير موقفها فجأة ونقضت رفضها منح التأشيرات للفريق المذكور في اليوم الذي كان من المقرر فيه إصدار التقرير. وكان الهدف من ذلك، في رأي معظم الأعضاء، منع توزيع التقرير في اللجنة.
    أما التقرير، الذي لم يكتب له الصدور الرسمي يوماً ما، فهو يدين بشدة الانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة السودانية في دارفور، والتي يقول إنها قد تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بل ويقول أيضاً إن الحكومة تمارس "حكم الإرهاب" الموجه ضد طوائف فور ومساليت وزغاوة الإفريقية(160).
    وفي يوم 20 أبريل/نيسان غادرت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان جنيف في طريقها إلى دارفور(161). وسرعان ما تسرب التقرير المذكور أي الذي يشير إلى "حكم الإرهاب" فتناقلته وكالات الأنباء على الفور(162). وأعرب بعض أعضاء اللجنة عن غضبهم الشديد من تسريب التقرير، وطلبت الحكومة الباكستانية والسودانية وغيرهما إجراء تحقيق في ذلك التسرب(163).
    وتأجل تصويت اللجنة على قضية السودان حتى آخر يوم في الدورة السنوية للجنة، وهو 23 أبريل/نيسان. وفي اللحظة الأخيرة تراجع الاتحاد الأوروبي، بعد أن كان قد شارك في تقديم مشروع قرار شديد اللهجة ينص على إدانة الانتهاكات وإعادة صلاحيات مقرر خاص لحقوق الإنسان. وورد أن أعضاء الاتحاد الأوروبي كانوا يخشون عدم الحصول على التأييد الكافي من الدول الإفريقية والعربية ذات العضوية البارزة في تلك الهيئة التابعة للأمم المتحدة، وهي الدول التي كانت قد رضخت للضغط السوداني. وبدلاً من ذلك، وافقت اللجنة آخر الأمر على قرار أضعف، يتضمن تعيين خبير مستقل لحقوق الإنسان، دون أن يدين الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية أو جرائم الحرب أو غيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها الحكومة السودانية. وصوت عضو واحد فقط ضد هذا القرار 'المخفّف' - الولايات المتحدة - وامتنع عضوان عن التصويت هما أوكرانيا وأوستراليا.
    وطلبت الولايات المتحدة أن تعقد اللجنة دورة خاصة للنظر في أحوال دارفور عقب عودة مبعوثي مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان من السودان في أوائل مايو/أيار، وألقى السفير الأمريكي ريتشارد ويليامسون خطاباً أمام اللجنة، ورد فيه التحذير التالي: بعد عشر سنوات من الآن، لن تُذكر الدورة الستون للجنة حقوق الإنسان إلا لشيء واحد دون سواه: هل واتتنا الشجاعة والقوة اللازمتان لاتخاذ إجراء حازم ضد "التطهير العرقي" في دارفور؟ لسوف يسألنا الناس: 'أين كنتم عندما وقع التطهير العرقي؟ ماذا فعلتم؟'(164).
    وعجزت الهيئة البارزة لحقوق الإنسان في العالم عن أداء المهمة التي أنشئت من أجلها، واقتصرت على التعبير عن "القلق العميق" - بدلاً من إدانتها - للوضع في السودان. وعينت خبيراً مستقلاً لتقييم أداء السودان في مجال حقوق الإنسان بدلاً من المقرر الخاص، ذي المكانة الأقوى(165).
    الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الأعضاء
    تباينت ردود الفعل الأوروبية للوضع في دارفور، إذ أعرب الاتحاد الأوروبي في 25 فبراير/شباط عن "قلقه العميق" وقال إنه قد "أزعجته أنباء استمرار ميليشيات الجنجويد في الهجوم بانتظام على القرى ومراكز النازحين داخلياً، وإن الاتحاد الأوروبي يدين بشدة هذه الهجمات ويطالب حكومة السودان بوضع حد لفظائع الجنجويد"(166). كما أصدر البرلمان الأوروبي أيضاً بيانات وقرارات شديدة اللهجة بشأن أزمة دارفور، وقامت بعض البلدان الأوروبية، وبصورة فردية، بجهود كبيرة من وراء الستار لكسب التأييد لتحسين أحوال حقوق الإنسان في السودان، واستجابة الاتحاد الأوروبي لذلك.

    ومع ذلك، ورغم بعض البيانات العلنية الشديد اللهجة من جانب الاتحاد الأوروبي، فلم تصدر إدانة علنية تذكر من جانب الحكومات الأوروبية الرئيسية، على أسس فردية، مثل المملكة المتحدة، وهولندا، وفرنسا، ولكل منها سفارة في الخرطوم، وعلاقات مع الحكومة السودانية، ومصالح قديمة العهد في محادثات السلام التي أشرفت عليها منظمة "إيغاد" في نايفاشا، في كينيا، لإنهاء الحرب في جنوبي السودان. بل إنه رغم ازدياد الوعي بنطاق الانتهاكات في دارفور، ظلت الحكومات الأوروبية عازفة، فيما يبدو، حتى أبريل/نيسان عن ممارسة الضغوط الجادة على الحكومة السودانية، خشية أن تؤدي قضية دارفور إلى تقويض جهود العامين اللذين قضيا في محادثات نايفاشا.
    كما أظهر الأوروبيون أيضاً تفضيلهم لقيام الاتحاد الإفريقي بالدور الرئيسي في مراقبة وقف إطلاق النار، واختاروا - بدلاً من المشاركة في المراقبة - تقديم الدعم بالأفراد والتمويل والتموين لبعثة يرأسها الاتحاد الإفريقي؛ وإن كان وزير ألماني قد دعا إلى الاستعانة بجنود تابعين للأمم المتحدة في مراقبة وقف إطلاق النار، بدلاً من جنود الاتحاد الإفريقي الذين اتجه التفكير إليهم(167).
    ولا يبدو أن آليات الاستجابة السريعة بالاتحاد الأوروبي قد نشطت في المجالات السياسية أو الدبلوماسية أو العملية لتنبيه الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة في دارفور. ولم تتوقف الأمم المتحدة عن تحذيراتها بشأن حالة الطوارئ الإنسانية منذ أواخر 2003، ومع ذلك فلم يقم الاتحاد الأوروبي وغيره من الجهات المانحة بالرد على رفض الحكومة السودانية السماح بدخول بعثات الغوث الإنساني أو الأنباء الأولى عن الانتهاكات. بل إن انتهاكات حقوق الإنسان التي تتسبب في النزوح لا تزال مستمرة، ولم تشر إليها الحكومات الأوروبية إلا بعد إرغام مليون شخص من أبناء دارفور على الخروج من ديارهم، وبعد أن أصبح وقوع كارثة إنسانية أمراً محتوماً.
    الاتحاد الأفريقي والدول الإفريقية الأعضاء
    كان من النادر - إن حدث أصلاً - أن تُقدم دولة إفريقية من الدول الأعضاء، بصفتها الفردية، على الإدانة العلنية لانتهاكات الحكومة السودانية. بل إن البلدان الإفريقية في لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة قد ساعدت، بصفتها الجماعية، على تقويض القرار المقترح في تلك اللجنة في أبريل/نيسان، والذي كان يقضي بتعيين مقرر خاص وإدانة انتهاكات الحكومة السودانية في دارفور. وكان الاتحاد الإفريقي يقوم بدور المراقب في محادثات وقف إطلاق النار والمحادثات السياسية في نجامينا، عاصمة تشاد، وفوضت إليه مهمة تشكيل لجنة وقف إطلاق النار في دارفور بناء على اتفاق وقت إطلاق النار المعقود يوم 8 أبريل/نيسان. وكان مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي قد أصدر بلاغاً في دورته المعقودة في أبريل/نيسان يعرب فيه عن القلق إزاء "الوضع الإنساني الخطير في دارفور" ويدعو حكومة السودان إلى "محاكمة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان"، ولكنه ركز نشاطه منذ ذلك الحين في نشر مراقبي وقف إطلاق النار.
    وتقدم الاتحاد الإفريقي بمناشدة لتوفير مبلغ 10 ملايين دولار أمريكي تخصص لبعثة مراقبة وقف إطلاق النار والمعونة الإنسانية لدارفور(168). ولكن اقتراح إنشاء لجنة وقف إطلاق النار، الذي تقدم به الاتحاد الإفريقي، يفتقر إلى عدة أشياء، منها أنه لم يحدد عدد المراقبين. كما إنه يقترح مشاركة عدد من الجنود يتراوح بين مائة ومائتين "لحماية" مراقبي وقف إطلاق النار، إذا دعت الحاجة إلى ذلك(169)، ويقترح أن يكون هؤلاء الجنود من إثيوبيا وتشاد. ولا يمكن اعتبار أن أياً من هذين البلدين محايد إزاء السودان. حتى وقت كتابة هذا التقرير، أي بعد شهر (ثلاثين يوماً) من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار لمدة شهر ونصف (خمسة وأربعين يوماً) لم يتخذ المراقبون مواقعهم الميدانية وإن كان من المتوقع إرسال بعثة استطلاع عما قريب.
    الولايات المتحدة
    يُعتبر الموقف المعلن لحكومة الولايات المتحدة إزاء دارفور أقوى من موقف أي حكومة بصفتـها الفردية، نظراً لبياناتها المتكررة التي تدين فيها انتهاكات حقوق الإنسان وتدعو حكومة السودان إلى معالجة الوضع. وفي 7 أبريل/نيسان أدان الرئيس الأمريكي، جورج بوش، "الفظائع" المرتكبة في السودان ودعا إلى فتح الباب دون قيود أمام البعثات الإنسانية(170).
    وعقد مجلس النواب الأمريكي جلسات حول دارفور، أو جلسات برزت فيها قضية دارفور(171). وكثيراً ما قام مسؤولو المعونة الأمريكيون بلفت الأنظار إلى الاحتياجات الإنسانية الهائلة في ذلك الإقليم، فتكررت زياراتهم لذلك الإقليم وتكررت بياناتهم عنه. وعقد مدير وكالة التنمية الدولية الأمريكية، أندرو ناتسيوس، مؤتمراً صحفياً أدان فيه تأخر الحكومة السودانية في منح تأشيرات دخول لثمانية وعشرين من العاملين الأمريكيين في مجال إغاثة الطوارئ(172).
    ولكن عدم اتخاذ راسمي السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا لموقف موحد إزاء دارفور قد أتاح لحكومة السودان أن تغتنم التضارب بين الحكومات وتستفيد منه، إذ كان الأوروبيون ينتقدون الولايات المتحدة انتقاداً ضمنياً لشدة حماسها وربما أيضاً لأنها تهدد مستقبل محادثات نايفاشا. ولكنه عندما ازداد الزخم، بذلت الولايات المتحدة جهدها لعرض قضية دارفور على مجلس الأمن، في الوقت الذي اتفقت فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على السماح للاتحاد الأفريقي بتولي مسألة لجنة وقف إطلاق النار.
    الاستجابة الإنسانية
    تعرضت الغالبية العظمى للمدنيين الذين يواجهون الأخطار في المنطقة لفقدان أملاكهم، وأراضيهم، وأمنهم وحرية انتقالهم، إذ باتوا محصورين في المخيمات والمستوطنات الخاصة بالنازحين، عاجزين عن الوصول إلى أراضيهم أو حتى الحصول على الأغذية البرية، أو ارتياد الأسواق، أو الاستفادة من هجرة الأيدي العاملة التي كانت تمدهم بالرزق عادة في الأزمات، وأصبحوا يعتمدون اعتماداً كاملاً على المعونة الإنسانية. ولا تزال المعونة الإنساني المتاحة للمدنيين في دارفور أبعد ما تكون عن مستوى الكفاية حتى الآن، فوكالات الإغاثة الإنسانية الدولية العاملة في دارفور محدودة العدد، وتقول إن حاجات المحتاجين تفوق كثيراً قدرة العمليات الإنسانية الجارية على تلبيتها.
    وتشهد مناطق كثيرة في دارفور تفاقم سوء التغذية وتردي الأحوال الصحية بسرعة، بل إن المخزونات الغذائية قد نفدت في بعض المواقع في أوائل أبريل/نيسان(173)، وتلوح في الأفق بوادر كارثة إنسانية، وتشير تقديرات بعض المراقبين إلى أن هناك ما لا يقل عن 100 ألف فرد معرضين للوفاة بسبب المرض أو سوء التغذية وغير ذلك، ما لم تزدد المعونة المقدمة إليهم زيادة كبيرة(174).
    لتوصيات الكاملة
    إلى حكومة السودان
    o على القوات الحكومية والجنجويد/ الميليشيات التي ترعاها الحكومة وتزودها بلوازمها، أن تكف فوراً عن حملة التطهير العرقي والهجمات التي تشنها على المدنيين والممتلكات المدنية في دارفور.
    o لا بد من التنفيذ الفوري والكامل لما نص عليه الاتفاق الإنساني لوقف إطلاق النار الموقع في 8 أبريل/نيسان 2004.
    o لا بد من القيـام فوراً بنزع سلاح وتسريح الجنجويد/قوات الميليشـيا التي ترعاها الحكومة وتمدها بلوازمها، والناشطة حالياً في دارفور، وانسحابها من المناطق التي احتلتها في دارفور بالقوة و/أو بمرافقة الجيش من عام 2003 وحتى الآن.
    o لا بد من تسهيـل دخول أفراد الإغاثة الإنسانية، بصورة كاملة وآمنة ودون عوائق، وتوصيل المعونة الإنسانية بصورة عاجلة إلى جميع السكان الذين يحتاجون إليها في دارفور، والإسراع بمنح تأشيرات الدخول وتصاريح السفر إلى جميع منظمات المعونة الإنسانية والعاملين في هذا المجال، والتعاون مع أمثال هذه المنظمات.
    o لا بد من اتخاذ التدابير الفورية والفعالة لتمكين اللاجئين والنازحين من العودة الطوعية إلى ديارهم سالمين دون أي مساس بكرامتهم ، بما في ذلك ضمان الأمن وحرية التنقل في مخيمات النازحين والمناطق الريفية، والقيام بصورة عاجلة بتوزيع المقادير الكافية من الحبوب، وغيرها من الأغذية، والبذور، ومواد التعمير الأساسية على جميع أفراد السكان الذين يحتاجون إليها.
    o لا بد من تقديم التعويضات العادلة إلى جميع ضحايا الصراع، أي التي تعوضهم عن فقدان الحبوب والثروة الحيوانية وغيرها من الممتلكات.
    o لا بد من إجراء التحقيق في الانتهاكات التي اقترفتها قوات ميليشيا الجنجويد، والقوات المسلحـة السودانية في دارفور، ومحاكمة المتهمين بارتكابها وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وإرغامـهم على التخلي عما نهبوه من ممتلكات.
    o لا بد من إيقاف المسؤولين الحكوميين السودانيين المتهمين بالمشاركة في التخطيط أو التجنيد أو المهام القيادية لقوات ميليشيا الجنجويد عن أعمالهم الرسمية ريثما يجري التحقيق في الدور المنوط بهم في الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي في دارفور في 2003-2004.
    o لا بد من تسهيل تشكيل بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان والتعاون معها، وكذلك لجنة خبراء دولية للقيام بالتحقيق والتوصل إلى النتائج اللازمة، استناداً إلى الأدلة القائمة فيما يتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي اقترفتها جميع الأطراف في دارفور في 2003-2004.
    o لا بد من ضمان حرية وصول المراقبين الدوليين لوقف إطلاق النار إلى جميع مناطق دارفور، مع السماح لهم بالتنقل فيها دون الحصول على إذن حكومي سابق، وبزيارة جميع المواقع دون سابق إخطار، وفي وسائل الانتقال الخاصة بهم.
    إلى حركة/ جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة
    o لا بد من التنفيذ الفوري والكامل لنصوص الاتفاق الإنسان لوقف إطلاق النار الموقع في 8 أبريل/نيسان 2004، والالتزام الفوري والكامل بها أيضاً.
    o لا بد من تسهيل دخول أفراد الإغاثة الإنسانية، بصورة كاملة وآمنة ودون عوائق، وتوصيل المعونة الإنسانية بصورة عاجلة إلى جميع السكان الذين يحتاجون إليها في دارفور.
    o لا بد من تسهيل تشكيل بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان والتعاون معها، وكذلك لجنة خبراء دولية للقيام بالتحقيق والتوصل إلى النتائج اللازمة، استناداً إلى الأدلة القائمة، فيما يتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي اقترفتها جميع الأطراف في دارفور في 2003-2004.
    إلى حكومة تشاد:
    o لا بد من ضمان تمتع اللاجئين السودانيين في تشاد بما يلزم من الحماية والمعونة، وعدم إعادتهم إلى ديارهم في دارفور إذا لم يكونوا يريدون ذلك.
    إلى الاتحاد الأفريقي:
    o لا بد من الإسراع بنشر أفراد لجنة وقف إطلاق النار ومراقبي وقف إطلاق النار في دارفور، وضمان وجود العدد الكافي من المراقبين في البلدان الكبرى والصغرى والمناطق الريفية قبل بداية الفصل المطير.
    o لا بد من ضمان قيام مراقبي إطلاق النار بالإبلاغ بصورة دورية وعلناً عن جميع انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك قيام أي طرف بالهجوم على المدنيين، ومن التزام جميع الأطراف بالقانون الإنساني الدولي.
    o لا بد من مراقبة إتاحة وتقديم المعونة الإنسانية إلى المدنيين المتضررين من الحرب.
    o لا بد من ضمان تلقي مراقبي وقف إطلاق النار التدريب الكافي في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي قبل نشرهم.
    o لا بد من تعيين خبير يحمل المؤهلات اللازمة للمشاركة في لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة.
    إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة
    o لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة، بما في ذلك إصدار قرار يهدف إلى إنهاء "التطهير العرقي" وإزالة آثاره، في دارفور، وضمان حماية المدنيين المعرضين للخطر، وإيجاد المناخ الذي يسمح بالعودة الطوعية، في أمان وكرامة، لجميع اللاجئين والنازحين، إلى ديارهم، والنص على التوصيل الفعال ودون قيود للمعونة الإنسانية.
    o لا بد من إنشاء لجنة خبراء محايدة، لفحص الأدلة القائمة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها جميع الأطراف في دارفور في 2003-2004، بما في ذلك طبيعة الجريمة، وهوية مرتكبيها، ودور السلطات في ارتكاب الجرائم؛ ولا بد من جمع وحفظ الأدلة الخاصة بالجرائم؛ وتقديم التوصيات الخاصة بالإجراءات المناسبة ضماناً لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
    o تشكيل بعثة دولية لمراقبة حقوق الإنسان، وإنشاء مكاتب ميدانية لها في دارفور والخرطوم، ومنحها صلاحية الإبلاغ بصورة دورية وعلناً عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني.
    إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة:
    o لا بد من المشاركة بالأفراد والمعدات وغيرها من الموارد ومصادر التمويل في بعثة مراقبة وقف إطلاق النار التابعة للاتحاد الأفريقي.
    o لا بد من تقديم المساعدة والدعم لعمليات العودة الطوعية وإعادة الاندماج الفعال للاجئين والنازحين من أبناء دارفور في مجتمعاتهم الأصلية.
    o لابد من المساهمة في التعمير الاقتصادي والاجتماعي لإقليم دارفور، ودعم المعونة الإنسانية الدولية المقدمة ومراقبة حقوق الإنسان والتحقيقات في انتهاكات دارفور.
    إلى الوكالات الإنسانية للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية للإغاثة الإنسانية
    o لا بد من حماية المدنيين المتزامنة مع توزيع المساعدة الإنسانية، والاعتماد على اللامركزية في التوزيع بدلاً من تركيز المعونة في مخيمات ومستوطنات النازحين، وذلك إلى أقصى حد تسمح به حدود الأمن.
    o لا بد من بذل الجهود اللازمة للحيلولة دون إنشاء المخيمات الدائمة للنازحين التي تدعم التطهير العرقي والنزوح القسري اللذين شهدهما الإقليم.
    o لا بد من زيادة المعونة المقدمة إلى السكان المتضررين من الحرب، بما في ذلك المعونة الغذائية، والبذور والأدوات وغير ذلك من صور المعونة.
                  

العنوان الكاتب Date
السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 10:31 AM
  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 10:39 AM
    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 10:52 AM
      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 11:07 AM
        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 11:36 AM
          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية بدر الدين اسحاق احمد07-19-09, 01:15 PM
            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 01:30 PM
        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 01:09 PM
          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 01:23 PM
            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية Sabri Elshareef07-19-09, 01:34 PM
            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 01:48 PM
              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 02:09 PM
                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 02:19 PM
                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 02:38 PM
                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 02:55 PM
                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 03:11 PM
                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية AnwarKing07-19-09, 03:05 PM
                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-19-09, 03:37 PM
                        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 01:27 PM
                          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 01:43 PM
                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 01:48 PM
                              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 01:54 PM
                                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 02:08 PM
                                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 03:24 PM
                                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 03:30 PM
                                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 03:34 PM
                                        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 03:41 PM
                                          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 03:45 PM
                                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 03:52 PM
                                              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 03:57 PM
                                                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 04:22 PM
                                                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 04:29 PM
                                                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 04:40 PM
                                                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 04:45 PM
                                                        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 04:54 PM
                                                          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:05 PM
                                                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:14 PM
                                                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:15 PM
                                                              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:25 PM
                                                                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:28 PM
                                                                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:36 PM
                                                                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:41 PM
                                                                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:45 PM
                                                                        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:50 PM
                                                                          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 05:54 PM
                                                                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 06:01 PM
                                                                              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 06:07 PM
                                                                                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 06:22 PM
                                                                                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 06:30 PM
                                                                                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 06:41 PM
                                                                                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 06:48 PM
                                                                                        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 06:54 PM
                                                                                          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 07:11 PM
                                                                                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 07:48 PM
                                                                                              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 08:02 PM
                                                                                                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 08:17 PM
                                                                                                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 08:31 PM
                                                                                                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 08:39 PM
                                                                                                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-20-09, 08:46 PM
                                                                                                        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية khalid abuahmed07-22-09, 05:31 PM
                                                                                                          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 06:04 PM
                                                                                                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 06:28 PM
                                                                                                              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 06:32 PM
                                                                                                                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 06:36 PM
                                                                                                                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 06:38 PM
                                                                                                                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 06:50 PM
                                                                                                                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 06:58 PM
                                                                                                                        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 07:06 PM
                                                                                                                          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 07:12 PM
                                                                                                                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 07:19 PM
                                                                                                                              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 08:09 PM
                                                                                                                                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 08:25 PM
                                                                                                                                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 08:30 PM
                                                                                                                                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 08:37 PM
                                                                                                                                      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 08:50 PM
                                                                                                                                        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 09:01 PM
                                                                                                                                          Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-22-09, 09:20 PM
                                                                                                                                            Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية الكيك07-22-09, 09:51 PM
                                                                                                                                              Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية Abu Eltayeb07-23-09, 00:07 AM
                                                                                                                                                Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-23-09, 10:34 AM
                                                                                                                                                  Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-26-09, 04:42 PM
                                                                                                                                                    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني07-30-09, 07:33 AM
    Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني08-03-09, 05:16 PM
      Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني08-07-09, 04:41 PM
        Re: السيرة الشعبية للحركة الاسلاموية السودانية سعد مدني08-26-09, 07:21 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de