.. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 03:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-19-2009, 03:37 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة (Re: Yassir Tayfour)

    يا سر طيفور الشقيق الحبيب


    السبت

    جدى مصطفى سلامة
    جدى مصطفى سلامة ، رجل له محيا كما البدر صبوح ومشرق
    ابتسامة لا تسمح لها تلك الصرامة بالعبور او ان تلوح قط
    عينان واسعتان لم تلامسهما نظارة طبية طوال حياته
    قامة يزيد طولها عن المترين بكتفين عريضين وكفان كبيران وساعدان ما اقواهما ان احاطك بهما فلا فكاك لك مهما اوتيت من قوة
    حكى لى ذات مرة انه كان (يخوض النيل باتجاه جزيرته التى يزرعها حاملا حماره على كتفيه )
    ولد فى بدايات القرن العشرين فى مدينة بربر كان الاوسط بين اخوته (احمد والد ابى ، وبابكر والد امى ، وعبد الرحمن ، ذلكم الجندى الذى امد عبد الفضيل الماظ وعلى عبد اللطيف بالذخيرة حين كان امين ذلك المخزن فى العام 1924 وهو تاريخ حكاه لنا وما دونه احد بعد ، ثم الخضر اخاه من امه )
    عاش طويلا ربما لما يزيد عن الثمانين عاما لكنه مع ذلك لم يفقد حاسة السمع او البصر ولم يحتويه سرير للمرض ، كما الاشجار مات واقفا
    اكثر ما يميزه باتجاهى احاديثه المترعة بالتاريخ والشواهد ، كلامه المرتب وصوته القوى الصادر عن جبل بشرى ما ازال اعتز بصحبته رغم الفارق بينا فى السن لكنا كنا صديقين
    كلما زرت بربر كان نديمى ، كنت اجلس اليه واحادثه واحاول ان اتعرف اليه اكثر
    كان يحكى لى عن انواع الاطعمة التى سادت فى ذلك الحين عندما كان صغيرا
    (نشرب اللبن من النعاج او الغنم ، لبن البقر دا وحده ما بندورو ، و ما بناكلو تب ، بناكل اللحم الماعز او الضان ، ، من الصباح تمشى على المراح تحلب الغنم والنعاج تجيب اللبن حبوبتك اسيا بت الطاهر تفور اللبن تدينى كورتى الكبيرة ، وبعدين الشاى باللبن بالكباية الكبيرة
    الفطور يا فطير بى لبن ، يا لحم محمر او مسلوق ، العتان ديل يوم القيامة بشكننا للخلقن ، بنريد لحمن ، الفول دا ما دخل حياتنا الا قريب دا )
    وهذا القريب كان العام الثانى والسبعين من القرن العشرين وتلك اخر مرة اشهده فيها
    كنت احيانا اقعد لوقت طويل فى انتظار عودته من الجزيرة التى يملكها ولم ارها قط ، لكنه كان يحدثنى عن منتوجاتها (البطيخ والعلف ، والذرة ) ويحدثنى عن تعب الحياة الذى لا طائل من ورائه
    كان جدى حاضر البديهة ولسانه لا يتردد فى افلات (الجمل ) او الكلمات التى لاتندرج سوى فى قائمة (المساخة )
    حتى لو كان السؤال بريئا وعاديا
    ذات مرة سالته احد حفيداته
    ـ جدى اطفى ليك النور ؟
    ـ اطفيهو اول قالوا ليك باكر عندى امتحان ؟
    وهذا ما جعل قصص عديدة تدور حول شخصيته المهابة مع ذلك لم يجرؤ احد للحديث عن تلك الحكايات امامه قط
    ولشد ما كانت تحاك حوله القصص حتى بات معروفا بانه (سحار )
    وانبلجت تلك الخاصية لتدور وتلف لتصل الى عقول الاطفال الذين فهموا انه بالفعل ( سحار ) او ( عينو حارة ) فكان الاطفال يركضون امامه جريا صائحين
    ـ جدى مصطفى عليك الله اسحرنى
    رحمه الله واحسن اليه


    الاحد
    ما يطلبه المستمعون
    جبلنا على سماع الراحلة علوية ادم من خلال برنامج ما يطلبه المستمعون ،منذ ان وعينا بحضور الاذاعة فى حياتنا ، ازعم ان هناك ايضا كانت الرضية ادم ، التى لا اعرف اين هى الان ؟لكنى كنت معجبة بصوتها وكذا كان يلهمنى صوت الراحلة علوية ادم ، كنت لوقت قريب اظنهما شقيقتان هى والرضية ، كما كانت نايلة ميرغنى العمرابى وسهام العمرابى ، وهما ايضا كانتا تريحاننا بتقديم ما يطلبه المستمعون وكان البرنامج قائما على تعدد الاصوات الغنائية من خلاله ، ولهذا البرنامج معجبون يرسلون بالبريد اسماء من شاءوا ان يهدوهم الاغنيات ، نصحو فى صباح الجمعة وبعد كل اجراء ما علينا من امور البيت ، نهرع الى الراديو ، وندل المؤشر على اذاعة امدرمان ، وتاتينا اصوات اما الرضية او علوية ادم او فى مرحلة اخرى سهام العمرابى ،كنا نتحمس للاغنيات ، لانها متباينة تشى عن تعدد الاصوات التى طلبت الاغنيات ،
    انصرمت الاعوام ، ودارت دوائر الدنيا على البريد، وتعالت محله الموبايلات ، تلك الخامة التى قربت كل بعيد ، واصبحت مقام البريد بلا منازع ، لكن الخطاب ما يزال حلوا فى الذاكرة ،برائحته حتى ان كانت مختلقة فى الذاكرة فقط ، لكنه توارى وهذا واقع ،تصادف قبل عدة ايام ،ان كنت استمع الى اذاعة امدرمان "فى النت " وما يطلبه المستمعون ، لم استمع الى المقطوعة الموسيقية التى كانت عنوانا للبرنامج ، ولو لاحظنا ان العنوان لبرنامج ما يطلبه المستمعون كان احد العلامات التى تجذبك للبرنامج ، ربما لاننا شعب جبل على التغيير ، والمح هنا الى برنامج الاذاعة والمستمع فى البى البى سى ، لم يتغير شعاره على مرور الاعوام ، رغم انه بدا منذ عشرات الاعوام ، ما علينا هنا ان البرنامج اتخذ وجهة جديدة ازاحتنا من خارطته ، اولها ان الاغنيات لفنان واحد ، وان مقدم البرنامج شاب لطيف ، استمعت اليه ونسيت ان ادون اسمه ، كما هى عادتى ، ليس تجاهلا لكنها المشغوليات ، فله العتبى ولبرنامجه التطور والتقدم ، فقط ايها الابن العزيز ، كن ما انت عليه ولا "تستلف صوتا " لان الاداء لديك يعانى من هذه الهنة ، عدا ذلك لك التوفيق
    الاثنين
    الاذاعة والناس
    الاثنين الثامن عشر من مايو جولة الاسبوع من برنامج النادى الثقافى
    برنامج من اجمل ما سمعت مؤخرا لكنه رغم جماله وجدتنى حانقة حين تحدث احد المتحدثين عن الكهرباء وترشيدها وذلك حين تحدث عن ان البعض يستغل الكهرباء فى المكيفات والمراوح ناسيا او متناسيا انه يتحدث الى عشر سكان السودان الذين يشكو بعضهم ليس ندرة هذا الثيم بل انعدامه فى بعض الانحاء ، بل ان البعض لا يراها الا حين يزور المدن وما اكثر هؤلاء
    فنحن حين نتحدث فى الاذاعة ،علينا مراعاة مشاعر المستمع اولا
    هذا يقودنى للحديث عن برنامج الصفحة الاولى حين يتحدث طبيب عن الاغذية ، حيث تحس الحديث موجه لعدد قليل من السكان فى السودان فلنقل المدن ، وعن ان انواع الفيتامينات وما ادراك ما الفايتمينات ، وماهى الفيتمينات بالاصل وماذا تعنى لرجل او امراة امية ، لايعرفون سوى ما تتيحه لهما بيئتهما الغنية بشتى انواع الاغذية التى تجعلهم على قيد الحياة ، وربما لايعرفون ان فى هذه الدنيا كائن اسمه "الطبيب"
    وهنا تجئ الطبيبة المختصة فى برنامج الصفحة الاولى لتدلى هى الاخرى بدلوها لتقول عن الاطفال المشاغبين انهم ربما تناولوا "حلويات او سكريات " مما يجعلهم يتحركون حركة متسارعة ، حتى اذا ما انتهت تلك الحلويات من الجسد وانهك قام الى سريره يرحمه الله
    تجد الكلام ايضا موجه الى فئة تتمتع بتلك المعطيات حيث بعض مناطق السودان يصرفون لهم رطل سكر واحد لعدد من الايام
    اذن لا مفر من تحديد الجهات التى يودون الحديث اليها ، حيث انك حين تجرى احصاء بين المستمعين نجد الفئات متعددة ، واللهجات ايضا ، طريقة التغذية مختلفة بل انها الاكثر اختلافا من بيئة لاخرى ، واتصور ان ليس هناك احصاء لخريطة المستمع فى السودان ، والاحصاء ضرورته تنبع من ان الاذاعة تعرف متى ؟ واين ؟ ولماذا ؟ وكيف ؟ ومن هو المستفيد الاصيل من الرسالة الاذاعية
    حتى اذا وقفنا على هذه الفئات يمكننا حينها ان نرسل رسالتنا وفقا للاحصاء وليس لعموم المستمعين
    بمعنى انه علينا ايجاد بديل لمثل هذه البرامج ، حيث الاذاعة نجدها دائما تخاطب فئات بعينها متجاهلة الاخرى ، مما يثير حفيظة المستمع
    فى السابق كانت هناك برامج موجهة للفئات العمرية ، وان لم تكن مقننة بالمعنى العلمى لكنها موجودة
    الان ، ثمة تعجل وارتجال فى البرامج ، عدم الانتباه للمستمع وخصوصيته ما يحيل البعض الى حانق رافعا يده وحاجبه بما يشى بالدهشة ، فالمرجو مراعاة حقوق المستمع الذى لا يعرف الفايتمينات ، والاخر الذى لايملك كهرباء والاخر الذى ليس لديه ما يكفى من الحلوى حتى يجرى وينام بعد الرهق
    فهناك من المستمعين من الفئات التى تسمى الرغيف الوارد من الخرطوم"حلاوة رغيف" وتتداوى بالبيبسى لكثير امراض تعتريها ، ولم يسمع فى حياته الا بالحكيم فى قريته والحكيم ربما يكون شيخا او ممرضا او القابلة
    اضيف ما استمعت اليه من اخى وزميلى عبد العظيم عوض مساء السبت 23 مايو من خلال برنامج الراى العام يسال ،واورد حديثه حول الصفحة الاولى وانها تقوم بنقل الخبر من مركزه طازجا ،لكننا نستمع الى الاذاعة وتحديدا هذا البرنامج كل يوم تقريبا ، ولم نجد ان الزميل هاشم ميرغنى عبد الحفيظ قد خرج من اطار العاصمة الا لعدد قليل من المرات كانما الاذاعة محددة برامجها وتوجهاتها لخدمة المواطن فى العاصمة فقط
    سيقول قائل ان هناك "اذاعات محلية خاصة بكل اقليم او محافظة"
    لكننا نتحدث عن اذاعة قومية وهنا الفرق
    الثلاثاء
    كرة القدم لعبة نسائية فى الولايات المتحدة
    جينا ، طفلة فى الفصل الذى اشتغل فيه ، امها تجئ فى مساء كل يوم ثلاثاء متبوعة بشقيقة جينا ، وتبدا رحلة من التذمر بشان التاخير من طرف لينا الاخت الكبرى ، لانها حسبما ترى ان امها لا تهتم بتمرينها الذى يوشك ان يبدا فى الخامسة والنصف
    تلبس لينا "كدارتها، وقميصها نمرة تسعة "وكذا تجد الرقم مكتوب على صفحة الشورت ، لم تتجاوز لينا السابعة من عمرها ، لكنها تحلم باللعب للفريق القومى
    فاللعبة هنا محكومة بالنساء ، حتى الحكام نساء الا نادرا وهذا ماحدثتنى عنه زميلتى فى الفصل ،
    كانت حانقة ان ابن اخيها وهو فى الصف الخامس يلعب كرة القدم"سوكر " هكذا يفرقون بينها وبين تلك اللعبة الخاصة بهم حيث يطلقون عليها "كرة القدم " وهى لها نفس الاعداد من اللاعبين سوى بفارق ان ليس هنا حارس مرمى
    ترى شيللى ان "السوكر لعبة فظيعة ، فبالامس اصيب احد ابناء اقرباء لى اصابة بالغة فى الراس لهذا اكره هذه اللعبة ودائما اطلب لابن اخى ان لا يلعبها ،وحتى والده المدرب انصحه ان يبتعد عن هذه اللعبة الخطيرة "
    حكت لى صديقة ان ابنها وكان والده مدربا لفريق كرة القدم "حقتنا" ان ابنه حين سالته المدرسة عن وظيفة والده ، اجاب انه"حلاق" كيما يتفادى الحرج امام زملائه من الطلاب فى الصف
    لذلك من يلعب فى هذه الفرق "سوكر "فهو اما من امريكا اللاتينية او من اوروبا او افريقيا، نادرا ما تجد لها زخما بين الامريكان حيث يرونها لعبة "بنات"
    وفى ذات السياق كنت فى الكلية "براون " فى ولاية مينسوتا شمال ايوا ، كنت ادرس الاذاعة والصحافة لعام كامل ، وتصادف ذلك العام 2002 ان جرت احداث المونديال الكروى ، كنت اتابعه بشغف كبير وتصادف ان كان المسؤول الاجتماعى عنى فى المدرسة مدرب سابق لكرة القدم "حقتنا" حين راى منى كل ذلك الاهتمام اشار على ان التحق بفصل للتدريب فى الكلية وان اكتب للجريدة المختصة بالرياضة حيث تتمتع بالفقر من جانب المحللين الرياضيين لهذه اللعبة ، لكنى ما فعلت ،حيث على ان اكتب "مجانا" وهاانى اكتب هنا مجانا ، لكن لاننى احب الكتابة هنا ، لذا اجد لى العذر
    طالبة وحيدة كانت تشاركنى هذا الاهتمام ، لكنها لم تكن امريكية بالقطع ، فلقد كانت من ترينداد
    ولله فى خلقه شؤون
    الاربعاء
    ربيع فى خريف العمر
    خماسينى ضربت خيام القلب فانفلق تشظى ، قطعة هنا ، قطعة هناك لكم سعيت ان الملم الشظايا ، لكنها لم تلتئم ، فتركتها متشظية ، وتركته حزينا وحيدا، لم ينقر بابه احد ، لعشرة اعوام كان على تلك الحالة
    كنت أسافر ، اتلهى بالسفر بالمطارات ، الدروب ، سافرت شمالا وجنوبا ، عبرت البحار والمحيطات بحثا عن بر آمن عن شظايا القلب ، كنت كل مرة احدثنى
    ـ ها هو
    لكننى سرعان ما أهوى الى قاعى ،
    آخر مرة دخلت قاعى كان منذ امد بعيد ، وجدته ساكنا مظلما ، ضربت جدران القلب فردد القلب صدى صوتى ، وقفت انصت ، لا شئ ، لا شئ سوى الصمت حادثتنى
    ـ اخرجى عن صمتك
    فردد الصدى الحرف الاخير ، جاءت الكاف ، قلت كفى ، جاءنى الصوت صوت الفاء ، قلت فلاة ، جاءتنى التاء المربوطة فربطت نفسى وطرت بها ، حين حططت رحالى كنت هنا ، هنا ، هنا ، موثوقة روحى الى ظلك ، ظلك كان غائصا فى رطوبة دبقة ، غيظ حار لهب مشتعل ، ، غيوم تبدت لى ، بدأت تتراكم ، فوقى وتحتى، لكنها عبرتنى ، من نافذة القلب شهدتك بحرا ، كان البحر مائجا ، مرسلا زبدا ابيضا ، ارتطم الزبد بساحل القلب ، كاد يهوى لمرة ثانية ، عاد الموج من جديد يضرب ساحل القلب ضربة وضربة وضربة ، آخر ضربة كانت محل رضى القلب فأعاد نسيج خيوط الزبد الابيض ، بدا القلب يتلاعب بالخيوط يرسم بها الوانا ، واشكالا ملونة تارة ، واخرى بيضاء ، لكنه سرعان ما ملّ اللعبة ، وقذف بها الى عمق البحر ، صوت ارتطامها تحول الى قصيدة ، القصيدة استطالت الى خيول جوافل ، تخب ، تخب ، تخب ، وتصهل ، وتصهل ، وتصهل ، كأن بها مس ، مستنى الكلمات ، فزعت روحى تحولت ضربات القلب الى طبول ، دعتنى للرقص ،
    ـ تعالى
    ـ تخب اليك خيولى وتفزع روحى
    ـ تعالى
    ـ اخشى ان ينأى القلب عن موقعه
    ـ تعالى
    ـ هل ستفتح باب المنى لادخل ؟
    ـ سابيح الهوى وافتح روحى على ضفتيك
    ـ أخاف
    ـ هنا امنك
    ـ اخشى المجامر التى تخفى الرماد الى حضنها
    ـ بين جوانحى لا جمر
    ـ حدثتنى امى عن اهل قرية فى الزمان السحيق

    (لليل فى تلك القرية طعم خاص ، وللقرية فى حلوق اهلها طعم خاص ، ولحلوق اهلها طعم خاص ، حيث لا يزدردون الا ما يوافق بطونهم ، لا يشربون الا ما يؤمرون به ، فالحياة كان لها ايضا طعم خاص ، غير الذى اعتاده الناس ، سهلة ، يبتلعونها دون ماء ، بعد كل قضمة وكل قضمة محسوب حسابها من اين ؟ متى ؟ كيف ؟ لماذا ؟ وهل ؟ لا ياكلون الا بعد الاجابة عن كل تلك الاسئلة ، والاسئلة لا يسألها احد ، الا من هم فى موقع المساءلة !! من الذين يديرون حركة الحياة ، والحياة لها طعم خاص ، وخاص هذى تخص اهل القرية دون سواهم ، وسواهم لا يدخل القرية حيث انها منطقة مغلقة لا تفتح الا لبنيها ، وبنيها نادرا ما يخرجون ولا يخرجون الا لقضاء حاجتهم ، وحاجتهم لا تتعدى الاشياء اليومية المعتادة ، والمعتادة هذه لها اماكن خاصة تباع فيها ولا يتجاوز سعرها دخولهم المحدودة ،لانهم يفلحون الارض فى موسم المطر ، ويحصدون فى الشتاء ، يكمنون فى بيوتهم حيث تبلغ درجات الحرارة درجات تكفى لاذابة اطنان من الدهون عن ارداف النساء فى القرية التى يكفى ما ذاب عنهن لتشحيم عربات القرية بكاملها ، وهكذا كانت تسير الحياة هناك)
    ـ ارايت كم انى بعيدة ؟
    الخميس
    القشة
    كان النهار من نهارات الربيع الباردة بشمس غائمة ، وبرد لافح الى حد كبير ، لو ادركت ان هذا هو شهر مايو وقد دنونا من اخره
    كنت اجلس فى كنبة المحطة انتظارا للباص ، لان لدى بعض المهام فى مكتب يغلق ابوابه فى الخامسة مساء ، استاذنت من ادارة المدرسة وتوجهت الى محطة الباص ، كان يجلس الى يسارى شاب امريكى اسود ، يبدو انه يحتفل بمناسبة ما ، حيث الاكياس التى ترقد الى جانبه معبأة بالحلوى والانواع المختلفة من العصير تمد برقبتها الى الجالس الى يمينه
    الرجل كان يضع فى فمه "قشة " من كبريت يمتد راس القشة الاحمر متدليا ، ترى الراس يتحرك من جهة لاخرى ، اعاد الى ذهنى مشهد الصائمين فى المحطة الوسطى ايام رمضان ، تتحرك اذن القشة "بحرفنة "بالغة ، حيث هو يتحدث فى التلفون ،وهى جالسة دون ان تحدثها نفسها ان تقع ، سيجارة مطفأة وتتحرك ، شمالا ويمينا ، يضع الى تحت المقعد ورقة ملفوفة يبدو ان داخلها مشروب ممنوع اثناء اليوم ، فاليوم هو الخميس ، وغير مسموح بالمواطنين تعاطى المشروبات الروحية مهما كان حاملها ، لكنهم يتغلبون على تلك الدعاوى بلفها بورق حتى لا ينفضح امرهم ، الى ذلك يحظر تعاطيها فى الباص مهما كان الراكب ، فى مرة كنت مسافرة فى رحلة داخل الولايات ، وكان ان ركب الباص شاب يترنح ، فاوقفه السائق وحين لم يرضخ ، سارع الى طلب الشرطة التى قامت بانزال الراكب
    وهى فوق كل ذلك لا تباع الا فى ايام محدودة ، وعلى الجميع مراعاة عدم السياقة وهم تحت تاثيرها حيث تسحب الرخصة الى الابد
    كان يتحدث هامسا فى التلفون وتلك القشة تتارجح بين الكلمات دون ان تقع ، اعجبتنى الفكرة ، فكيف يتحدث شخص وفمه شبه مغلق بقشة ؟
    حين وصل الباص ، كان قد حمل كل امتعته ، وصعد امامى تتقدمه القشة
    وابتلعنا الباص ، لكنى كنت كل مرة اجوس بناظرى بحثا عن حالة القشة التى اظنها باتت فى عداد المكتئبة الان ، لما اصابها من حال وقوف على مقدم فمه دون ان تقع ؟؟
    الجمعة
    يوم مرضت امى

    لم يكن ليوم الجمعة ذاك من الاسبوع الاول من اغسطس سوى طعم الحنظل فى حلوقنا ، تحلقنا حول سريرها دعواتنا تسبقنا ان تشفى امى ، لكنها لم تستجب لا للعلاج ولا للدعاء ، كانت وقارا فى سريرها المرضى ، لا تشكو الا فى صمت ، حادثتها ، قلت لها :
    ـ يا حجوج كما كان يحلو لنا مناداتها ، ما تبطلى حركات وتعاينى لينا لكنها لم تعر ما قلت اجابة ظلت على ذلك الحال طوال اليوم واليوم اللاحق ، كان امر غريب ان نجتمع حولها نحن الذين تفرقنا ايدى سبأ لاعوام طويلة ، كأن روحها كانت تنادينا ، هكذا ارادت لنا ان نكون الى جوارها فى ايامها الاخيرة ، جاء كل منا من مكان اقامته فى الشتات ، وتحادثنا معها منذ زمن طويل لم يحدث ان التقينا ، كانما كنا على موعد اللقاء حول سرير موتها ، لكنها الصدفة وحدها التى جعلت ذلك اللقاء ممكنا ، كانت كأنها توصينا احدنا بالاخر ، دائما كانت تقول
    (ابقو عشرة على الخوة البيناتكم ، يا ها البتبقى ، الاولاد بجوا وبمشوا لكين الخوة ما زيها شى اغفروا لبعض ، واكتر حاجة خلوا بالكم من خوتكم )
    وغالبا ما كنت تردد اغنية شعبية تحبها كثيرا
    (بوصيكم على البيت الكبي ابنوه )
    ومثلها الاثير حاضر دائما
    ( الدنيا بتهينك والزمان بوريك وقل المال يفرقك من بنات واديك والجنس الفسل لا تجعلو دخريك)
    او كانت تقول
    ( الهدم القديم ما بنفعو الرافى وكضاب من يجيبا محنة الجافى )
    لذلك كانت تومئ لنا بان نحتفظ باواصرنا قوية بيننا
    رحمة الله عليك يا امى
                  

العنوان الكاتب Date
.. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبد الله الشيخ07-17-09, 01:04 PM
  Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبد الله الشيخ07-17-09, 08:13 PM
    Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة باسط المكي07-17-09, 08:47 PM
      Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة Teeta07-17-09, 10:47 PM
        Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة Teeta07-17-09, 10:59 PM
          Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة خدر07-17-09, 11:21 PM
            Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة Habib_bldo07-18-09, 00:02 AM
              Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة سلمى الشيخ سلامة07-20-09, 10:51 PM
            Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة سلمى الشيخ سلامة07-20-09, 09:43 PM
          Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبد الله الشيخ07-18-09, 02:50 PM
        Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة سلمى الشيخ سلامة07-18-09, 10:54 AM
      Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة سلمى الشيخ سلامة07-18-09, 00:54 AM
    Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة سلمى الشيخ سلامة07-18-09, 00:30 AM
      Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة Yassir Tayfour07-18-09, 03:54 AM
        Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة سلمى الشيخ سلامة07-19-09, 03:37 PM
      Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة Yassir Tayfour07-18-09, 08:01 AM
        Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة abubakr07-18-09, 08:19 AM
          Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبدالله داش07-18-09, 09:31 AM
            Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبد الله الشيخ07-18-09, 02:00 PM
            Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة سلمى الشيخ سلامة08-01-09, 04:55 AM
          Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبد الله الشيخ07-18-09, 06:37 PM
          Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة سلمى الشيخ سلامة08-01-09, 04:49 AM
        Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبد الله الشيخ07-18-09, 04:00 PM
      Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبد الله الشيخ07-18-09, 03:20 PM
        Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة شمس الدين ساتى07-19-09, 03:53 PM
          Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عبد الله الشيخ07-20-09, 08:24 PM
            Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة عزيز عيسى07-20-09, 08:48 PM
              Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة خالد علي محجوب المنسي08-01-09, 07:56 AM
                Re: .. غشوني المراكبية .. بقلم / سلمى الشيخ سلامة الوليد محمد الامين08-07-09, 04:53 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de