|
Re: التَعْقيب ... خَواطِر قُرْآنِية (3) (Re: عزام حسن فرح)
|
عرض الأَمَانَةَ
< إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّماواتِ والأَرْضِ وَالجِبَالِ فأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً > الأحزاب 72
بِدايةً ماهي الأَمَانَةَ المذكورة في الآية الكريمة أعلاه
- جاء تفسير الآية الكريمة في [ الميزان في تفسير القُرآن ] : الأمانة –أيا ما كانت- شئ يودع عند الغير ليحتفظ عليه ثم يرده إلى من أودعه ، فهذه الأمانة المذكورة في الآية شئ ائتمن الله الإنسان عليه ليحفظ على سلامته واستقامتة ثم يرده إليه سبحانه كما أودعه (إنتهى). - وقال ابن عباس وسعيد بِن جُبَير : الأمانة هي الفرائِض التي فرضها الله على العِباد. - وقال قتادة : الأمانة هي الدين والفرائِض والحدود. - وقال مالِك عن زَيد بِن أسلم : الأمانة هي الصلاة والصَوم والإغتِسال مِن الجنابة. - وقال آخرون : الأمانة هي التكاليف. - وقال ابن عُمر : عُرِضَت على آدم الطاعةُ والمعصِيةُ وعُرِّفَ ثَواب الطاعة وعِقابَ المعْصِية ، والذي عِندي فيهِ أَن الأَمانة ههُنا الـنِّـيّـةُ التي يعتقِدُها الإنسان فيما يُظْهِره باللّسان من الإيمان ويؤَدَّيه من جميع الفرائِض في الظاهِر ، لأَن الله عز وجل ائْـتَـمَـنَـه علَيها ولم يُظْهِر علَيها أحدًا مِن خَلْقِهِ ، فمَن أَضْمر مِن التَوحيد والتصديق مِثل ما أَظهر فقد أَدَّى الأَمانة ، ومَن أَضْمر التكذيب وهو مُصَدِّقٌ بِاللِسان في الظاهِر فقد حَمَل الأَمانة ولم يؤدِّها ، وكلُّ مَنْ خان فيما اؤتُمِنَ علَيهِ فهَو حامِلٌ ، والإنسان في قَولِهِ < ... وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ ... > هو الكافِر الشاكُّ الذي لا يُصدِّق ، وهو الظَّلُوم الجهُولُ (إنتهى).
التَعْقيب :
إن الأَمَانَةَ حسب التعريفات أعلاه (المعجمِية وتفسير المُفسِرون) لا تجوز أن تُعرض على جماد (سَّماوات/ أرْض/جِبال) لأنها تكاليف تُفرض على المؤتمن علَيها والتكاليف جُهد رِياضي مِن صلاة وصَوم ... إلخ وهي عِبادات لا يتسنى لِلسماوات والأرض والجِبال القِيام بِها. لِذا يجِب تأويل الآية الكريمة لِيستقيم المعنى ... وأزعُم أن الأَمَانَةَ التي عُرِضَتَ < ... عَلَى السَّماواتِ والأَرْضِ وَالجِبَالِ ... > والتي حَمَلَهَا < ... الإِنسَانُ ... > لِظُلمِهِ وجَهَلِهِ ، هي العقل ، فالعقل هو المُخاطب ... هو المُكلف ... والتكليف يقود إلى إمتِثال أو إلى عُصَيان ، إلى جنةٍ أو نار ... والتكليف يتطلب الحُرِية < ... فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ... > الكهف 29 ... وجبرِية الله تعالى تنصب فقط في أن جعل مِنك إنسان دون إرادةٌ مِنك ، ثُم ركب فيك عقل ، يُفترض أن يعي هذا العقل ، حِكمة أن جعل مِنك الله تعالى إنسان بِدون إرادة مِنك ، وبِالعقل تَسعد وتشقى ، فإذا ركب الله تعالى في المرء عقل ، جعلهُ يختار ، بعد أن يعرِض علَيهِ مُحتَوى الأمانة ، التي تتلخص كُلِها في < ... أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ... > الأعراف 172 وإرهاصاتِها ، فإن شِهادتنا بِرُبوبِية الله تعالى شأنِهِ بِـ < ... بَلَى ... > الأعراف 172 يُفترض أن يتبعُها الإمتِثال التام لأوامِر ونواهي الرب ، هذِهِ الأوامِر والنواهي لم تُطرح علَينا بِمشهد الشِهادة < وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ ... > الأعراف 172 الذي عُرِض علَينا وقتذاك ، فقط أن نشهد لله على رُبوبِيتِة تعالى شأنِهِ ... ومرد غِياب الأوامِر والنواهي وقت الشِهادة لأن حينما خاطبنا الله تعالى بِـ < ... أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ... > الأعراف 172 لم تكُن إحتِياجاتِنا وشهواتِنا قد طلت بِرأسِها ، كُنا حينُها في عالم الذر ، وهو عالم خالي مِن الشهوات ... لِذا لم ينكُر أحدُنا رُبوبِية الله تعالى ، لأن الشهوات إستُحدِثت فيما بعد لِتكون لإبليس مدخل ويتعرف الله جل وعلا علَينا < أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ > آل عِمران 142 لم نكُن نستطيع أن نُقِر لله بِرُبوبِيهِ الله تعالى ما لم يكُن لنا عقل مُدرِك ...
|
|
|
|
|
|
|
|
|