هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة رأفت ميلاد سـليمان(رأفت ميلاد)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-26-2006, 01:55 PM

رأفت ميلاد
<aرأفت ميلاد
تاريخ التسجيل: 04-03-2006
مجموع المشاركات: 7655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه (Re: رأفت ميلاد)




    فى ذلك الصباح كانت موظفة الإسـتقبال ليسـت بشـوشة كطبعها . زميلها تبرع برد بتحيتى نيابة عنها . عند بلوغى درجى وجدت زميلتى واجمة تمامآ وهربت الروح من وجهها وهى متعلقة بعينى جاهدة تقرأ فيهما. شـعرت بشئ جلل فسـألتها بلهفة ماذا هناك . تأكدت بأنى لا أعرف شـيئآ . قامت من مكانها وأرتمت على كتفى وهى تنخج بالبكاء :

    (لقد ماتت "نويمى")

    كانت أيضآ شـقراء . ليسـت على جانب من الجمال ولكنها تمتلئ حيوية . دائمآ تعمل بجد ولكنها لا تكف عن الثرثرة التى تتخللها الضحكات الصاخبة . دائمآ سـاخرة وتلوك الجنس فى فمها فى موضعه و غير موضعه . كانت تنادينى بالأسـود مما يسـبب الحرج لزميلتى فى المكتب . كنت أداعبها بأنها لو جربت الأسـود لما إلتفتت ثانية الى الأصفر أغمز إلى صديقها الفيتنامى . تضج ضحكاتها وهى تدلك على ظهر يدها تلقائيآ . عندما تعود الى العمل بعد غياب يوم أو إثنين تقابل بترحاب كأنها غابت دهر من الزمان .

    أشـعلت فى جسـدها النار. لم تسـتطيع إحتمال بلوغ حتفها والنار تحرقها فقذفت بنفسـها من الطابق الخامس طالبة الموت السـريع أو هلعآ منه .

    أى سـر فى حياتها . تذكرتها وهى تدلك ظهر يدها كعادة لم نلحظها . لم نسـمع عنها جديدآ سـوى ثرثرة هنا وهناك . أحد عملاء العمل المنتظمين عمد وهو يخاطب موظفة الإسـتقبال بوجودى أن يقول :

    (يجب التحقيق مع صديقها)

    لم يفوتنى ما يغلفه قوله . وافقته كأنى لا أفهم ما يرمى إليه :

    (نعم صديقها قد يكون أدرى بأسـرارها )

    خرجنا جميعنا وإسـتقلينا البص فى طريقنا الى المرسى فى رحلة نهرية منحتنا لها (الشـركة) . تذكرتها تعتزر عن الذهاب لأنها تخاف الماء وتصاب بدوار البحر .

    وأنا أرقب سـطح النهر الهادئ تذكرت سـطح البحر فى بورتسـودان . تري الحياة تحت الماء كاملة التى قد يعكرها الريس حبشى وهو يبحث عن القواقع و(الأنتابوتا) كأنه كائن بحرى .

    ظهيرة يوم صيف حار ترتفع درجة رطوبته فوق الإحتمال كادت أن تخلو أركان ذلك السـوق الصغير من أرجل المارة . البنيان الضخم للمحلات تتوسـطه (زريبة) الفحم بسـورها القصير تزيد غيظ النهار . أتت ربيعة ذات التسـعة ربيعآ بجسـمها المتتلئ تشـترى بعض الأغراض من صالح اليمانى . إسـتدرجها الى داخل (الدكان) وفك عزريتها .

    توارت عن الأنظار وحل سـكون فى منزلها كما تقطنه الأشـباح . أعتاد أهل الحى على هذا الهدوء ولا تجد من من يعيره إهتمام حتى فى ثررة النسـاء . أتى غرباء ودخلوا المنزل فى سـكون وخرجوا بجسـمان والدتها الى مثواه الأخير . إكتفى والدها بقفل الباب دون أن يلقى نظرة على موكب الجسمان . لم يشـارك أهل الحى وإكتفوا بهمهمات إحترام لموكب الجثمان .

    لم أر والدها مغادرآ أو عائدآ للمنزل . كنت أنضم لجوقة الأطفال ونتسـلل ببطء من تحت المنزل الخشـبى الزى يرتفع عن الأرض حوالى متر حال كل منازل بورتسودان القديمة . نتسـلل إليها حاملين أكياس الإسـمنت الفارغة ونعود فى اليوم التالى نجدها قد صنعت لنا منها أكاس من الورق متقنة الصنع نبيعها فى سوق الخضار . نحضر لها معنا بنصف الثمن الحلوى و (حلاوة الطحنية) التى تحبها . كانت تتودد إلىّ كطفل غريب لا تعرفه ولكتى رفضت الإقتراب منها وهى لا يسـعها الدخول تحت البيت وقد صارت إمرأة . كان يتسلل لها الصبية الذين يكبرونا سنآ لمآرب أخرى .

    عدت وأنا يافعآ وكان أهلى قد تركوا ذلك الحى . ذهبت لزيارة أصدقائى بالحى القديم . قضيت معهم عطلة جميلة بين رحلات صيد السـمك فى (خور كلاب) نغتسل فى ذلك النبع العذب العجيب الذى يلاصق البحر . ومناوشـة الغربان والسـباحة الى السـفينة الغارقة فى منطقة (الملاحات) .

    أتى إسـمها مرة فى مداعبة عابرة بين الأصدقاء . سـألت عنها بلهفة وكنت قد نسـيتها تمامآ . رد صديقى بأسـى مملؤ بزكريات الطفولة بأنها قد ماتت .

    فتحت باب المنزل إقتحامآ وهى تعدوا فى الطرقات وهى تصرخ كتلة من النار ملتهبة . يهرب الناس من أمامها لهول الصدمة وفظاعة المشـهد . حتى سـقطت فى قلب الإسـفلت . لم يسـتطيع أحد الإقتراب منها حتى فارقت الحياة .

    صافرة الباخرة معلنة نهاية الرحلة قابته أوصالى بإرتياح تام




                  

العنوان الكاتب Date
هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-20-06, 12:29 PM
  Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه محمد مكى محمد11-20-06, 01:35 PM
    Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-20-06, 03:43 PM
      Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه ابراهيم برسي11-20-06, 08:29 PM
        Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-21-06, 11:12 AM
          Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-21-06, 01:29 PM
            Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه Muna Khugali11-21-06, 01:39 PM
              Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-21-06, 05:54 PM
                Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-22-06, 08:52 AM
                  Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-23-06, 08:43 PM
                    Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-24-06, 03:57 PM
                      Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-26-06, 01:55 PM
                        Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 11-29-06, 11:04 AM
                          Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 12-03-06, 05:28 PM
                            Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 12-06-06, 09:06 AM
                              Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 12-12-06, 07:41 PM
  Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه محمد مكى محمد12-12-06, 07:48 PM
  Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه محمد مكى محمد12-12-06, 07:58 PM
    Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 12-13-06, 06:29 AM
      Re: هاتف النفس و جدار من الوهم نحن صانعوه رأفت ميلاد 12-20-06, 05:38 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de