14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:11 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة قضية سد كجبار
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-14-2007, 08:14 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. (Re: بكري الصايغ)

    عرض الاصدار الكامل من كتاب السيد حسن دفع الله :"هجرة النوبيين ".
    _____________________________________________________________

    21-06-2003,
    منتدى قرية عمارة ( البيت بيتك ).

    خليل عبدالرحيم:
    _________________
    دعوني اسرد لكم بعض من كتاب السيد حسن دفع الله من كتابه هجرة النوبيين وسيجد القارئ ضالتة عن ذكريلت من وادي حلفا وحقيقة عشت داخل دهاليز هذا الكتاب ذكريات عيشتها ومثلي كثيرون ولمن لم يحالفه الحظ فسيجد فيه الكثير عما حجب عنه في تلك الحقبة من تاريخ النوبيين تسمحوا لي بذلك ؟
    وصولي الي وادي حلفا
    في 17 اغسطسواثناء عطلتي تسلمت امرا من وزارة الداخلية بتنفيذ النقل من منطقة عملي بمنطقة الزراف بمديرية اعالي النيل الي وادي حلفا
    كانت التعليمات تحمل بوضوح امرا بالغاء عطلتي والسفر علي متن اول طائرة متجهةمن الخرطوم الي وادي حلفا واستلام ادارة المديرية من الزميل سيد عبد السميع غندور والذي سيذهب بدوره منقولا الي محافظة الاستوائية
    في 21 اغسطس كنت احلق علي متن طائرة الخطوط الجوية السودانية الداكوتا فوق سماء الخرطوم الملبدة بالغيوم في اتجاه الشمال يتتبع خط السير نهر النيل حتي كريمة وكانت السفرية حتي تلك اللحظة مريحة ممتعة كان منظر النيل والقري والمدن الصغيرة علي طول مجراه والخضرة تكسو شوطئه جميلا ومنعشا عندما عبرنا كريمة شمالاتغير المنظر تماما سبحت الطائرة في الفضاء الازرق فوق الصحراء النوبية وكان المنظر الممتد اسفل صحراء قاحلةوسهول رملية ممتدة مع تلال صخرية متفرقة في كل اتجاه الي ما لا نهاية لا توجد حياة من اي نوع في ذلك المكان العصيب بعد التحليق لمدة سبعين دقيقةوصعبة الي حد ما وقع بصري علي خط اخضر رفيع يمتد وسط تلك الصحراء حوالي نصف المسافة من الافق شعرت بالارتياح واللون الفضي الامع يتلالا من البعد احسست منه باننا قد اقتربنا من النيل مرة اخري
    وان رحلتي قد شارفت نهايتها بعد لحظات انزلت الداكوتا عجلاتها وكنا بعدها علي ارض المطار كنت الاول علي سلم الطائرة منه لمحت مجموعة من المسؤلين والاعيان في انتظاري امام مبني المطار عبد السميع غندور الذي جئت اخلفه ظهر بجسمه النحيل الطويل من وسط المستقبلين وكذلك مختار التوم الكاتب في المدينة هرعا لاستقبالي وبعد الترحاب والبشر بدأ عبد السميع بتقديم من معه
    كانوا يشكلون مجموعة عظيمة نشأت بيني وبينهم علاقات صداقة قوية اثناء اقامتي بينهم في حلفا من بين هؤلاء صالح عيسي عبده ناظر المنطقة الشمالية من المديرية رجل قوي البنية ذو وجه بشوش احمد شريف داودوميرغني علي ابراهيم رئيس الجلس البلدي
    يقع المطار وسط سهل من الرمال البيضاء ويحاط بالتلال الصخرية المنخفضة اما الفجوات فقد امتلأت بكثبان الرمل المتحركة بفعل رياح الشتاء العاصفة.

    قاربت الشمس منتصف النهار عند وصولنا وكان الطقس حارا كعادته في شهر أغسطس في هذا الجزء من السودان إن أشعة الشمس الملتهبة وهي تتساقط ساخنة علي الأرض التي يغطيها بساط من الرمل الأبيض الممتد أحدثت سرابا خادعا عند مغادرتنا ارض المطار انطلقت بنا السيارة علي طريق وعر به كثير من المطبات كان من الواضح انه مهمل منذ سنوات بعد عشرة دقائق انعطفت بنا السيارة فرأيت منازل دغيم تمتد حتى النهر اختفي الجانب الآخر من القرية خلف تلين انحدرا في اتجاه الطريق بنيت هذه المنازل من الطين أو الطوب الأخضر وكسيت بالجير الرملي مما أعطاها منظرا رقيقا بعضها به برا ندات في الواجهة بها أعمدة رومانية مما أعطاها منظرا حديثا مقارنة بالديوان في البيت النوبي التقليدي يتخلل القرية شوارع واسعة مرتبطة بأزقة ضيقة مغطاة بكثبان من الرمل الشوارع نظيفة بصورة واضحة من أي نوع من الأوساخ ويقف صهريج الماء ويعتبر من أوضح المعالم في هذا الجزء من دغيم عاليا علي أعمدة ملونة لا يمكن رؤية أي شخص في هذه الساعة من النهار ويبدو كل شئ ساكنا يعطي عدم وجود أي نوع من الأشجار انطباعا بان القرية كلها قاحلة
    هناك في نهاية القرية غطي خط كثيف من أشجار النخيل مجري النهر بأغصانه المتدلية في الضفة الغربية من النهر تبدو مجموعة من التلال الرملية المسطحة المنحدرة في اتجاه النهر ولا يمكن رؤية شئ غير استراحة بروفسير اقري مطلة علي بقايا مدينة بوهين القديمة خلف أشجار النخيل في ضفة النهر
    عندما انحرفت السيارة يمنة ظهرت بقية القرية لنا وسرنا علي الطريق الذي يمر بمنتصف القرية أول معلم بارز هو المسجد الجميل الواقع وسط ساحة واسعة ترتفع منارته الجميلة إلي السماء بني هذا المسجد الملك فاروق ملك مصر المخلوع عندما كان يتأرجح مصير السودان بين الاستقلال والاتحاد مع مصر بجانب المسجد تقع مباني المدرسة بمداخلها الدائرية في زاوية تلك الساحة وبجانب الطريق توجد استراحة مبنية من الطين لاستخدام ركاب القطار المسافرين للخرطوم عندما عبرنا تلك القرية الهادئة مررنا بحديقة شارل راشد الخضراء وهو سوداني سوري الأصل جاء والده طبيبا مرافقا لحملة كتشنر وتوجد هناك أكواخ متناثرة بالقرب من الحديقة يسكنها المزارعون الصعايدة كعمال لهذه المزرعة في الاتجاه الآخر للطلمبة وعلي يمين الشارع توجد بقايا مساكن مجتمعة عليها أعلام ملونة معلقة علي حصائر البامبو تشير إلي أنها اندايات للمريسة ويعرف هذا الحي باسم ديم جاكسون مما يدل علي انه خطط بواسطة هك جاكسون الذي عمل حاكما في مديرية حلفا في أواخر 1920م خلف هذا الحي توجد القرية الوحيدة في دغيم وترجع لأحد الموظفين النوبيين ويسمي محمود علي إدريس القناة الرئيسية لمشروع راشد تعبر الطريق علي بعد ياردات خلف ديم جاكسون وتمثل الحدود الجنوبية لمدينة وادي حلفا بعد مسافة قصيرة والانعطاف إلي اليسار وجدت أننا في أجمل وأحدث جزء من المدينة بدا لنا من مسافة قصيرة بيت الحاكم بطابقيه وفر نداته الدائرية وجدرانه المزينة بني هذا المنزل في بداية 1920م ويطل ظهره علي النهر وبه حديقة تضم مجموعة من الزهور
    المستجلبه من انجلترا أمام البوابة يقف مدفعان من بقايا حملة كتشنر ملصق مع هذا المنزل مسجد عتيق بني من الطوب الاخضرليس له منارة ولكن القبة بها نوافذ زجاجية يقف المؤذن علي منبر من الخشب لينادي للصلاة بني هذا المسجد الخديوي إسماعيل باشا في 1870م فحمل اسمه تقع علي المساحة خلف المسجد وضفة النهر ثلاثة مساكن يقطنها كبار المسئولين
    شيد فندق النيل عند تقاطع الطرق جنوب المسجد في مساحة واسعة يتكون الفندق من طابقين وكان من أجمل المباني في المدينة يضم جزؤه الأوسط غرف الاستقبال والسفرة ويشمل الجناحان عشرين غرفة عالية النظافة الوجهة الأمامية مغطاة بفرندات مطلة علي السور في الطابق الأرضي والطابق الأول له بالكونات مطلة علي حديقة جميلة تكسو الأرض جلها حتى النيل في الممر الخلفي المؤدي إلي غرفة الطعام كانت تعرض التحف السودانية من عاج وفضة وريش نعام مع بداية الموسم السياحي في الشتاء أما الباخرة س.س.سودان التابعة لتوماس كوك وأولاده فقد كانت معدة دائما ملحقة بالفندق.

    عند زيارتي الاولي لمنطقة السكوت وعند اقترابي من عبري لاحظت ان هناك تجمعا كبيرا من الرجال علي احد جانبي الطريق بالقرب من قرية عمارة وقد رجحت انه تجمع لتشييع احد الموتي ولكن لدهشتي وعند اقترابنا منهم لا حظت ان كل فرد منهم يلوح طالبا منا التوقف فطلبت من السائق التوقف وخرجت من السيارة تحدث شخص يدعي خليل عثمان ويبدو انه الناطق الرسمي باسم هذا التجمع فالقي خطبة طويلة ينتقد فيها العمدة ويوبخه ويفصل في كلمات قاسية كيف ان العمدة اساء استغلالهم ومعاملتهم وفي ختام كلمته طالب خليل بابعاد العمدة حاولت ان اوضح لهم بانني حديث عهد بمنطقة حلفا واحتاج للوقت لدراسة شكاويهم ولكن في ذلك الصخب لم يسمعني غير قليل منهم فسالت خليل من الفترة التي امضاها العمدة في الحكم ؟ اجاب طيلة اثني عشر عاما فسالته لم صمتم كل هذه المدة ؟ اجابة علي سؤالي هذا اخرج خليل لفةمن الاوراق من جيبه وسلمني اياها هذه اللفافة ربطت بعناية بشريط ابيض واحتوت ستة وثائق كل منها في صفحتين تحمل توقيعات واختام اكثر من مائة شخص ورتبت حسب الاسبقية التاريخية اولي هذه الوثائق شكوي لحاكم المحافظة الانجليزي بتاريخ سبعة سنوات مضت وتحتوي علي نقد لاذع للعمدة ووالده رئيس المحكمة وتطالب بابعادهما معا وبما ان محافظ المديرية لم يحرك ساكنا فقد ارسلت الرسالة الثانية لحاكم المديرية الشمالية وكان المهتمون ثلاثة بما فيهم المحافظ نفسه الرسالة الثالثة للسكرتير الاداري يشتكون الحاكم الجائر الذي تواطا مع المحافظ وارسل الخطاب الرابع لحاكم السودان العام مع ملاحظات نقدية علي الخدمة المدنية وكان الخطاب الخامس معنونا للسفير البريطاني في القاهرة طالبين فيه تدخله في الامر اما الاخير فقد ارسل للملك فاروق يشتكون فيه الادارة الانجليزية بصفة عامة بعد فراغي من من قراءة هذه الرسائل المثيرة سالت خليل عما اذا انصفوا في هذا الامر اجاب باسف لم نتلق ردا وما زال العمدة يتمتع بمنصبه كمستعمر بريطاني فقلت له لماذا لم تسالوا الله الرحمة اذن ؟ وعند عودتي من هذه الرحلة وجدت 223 برقية في انتظاري بمكتب وادي حلفا من اهل عمارة الموجدين في مصر.

    شئ آخر يتمتع به النوبي هو شعوره العميق بالعزة فعندما يصيبه ضيق فانه لا يظهره مهما كلفه ذلك فإذا كان بسيطا فانه لا يظهر حاجته ويبدو مبتهجا مثل الآخرين لا يسال احد ولا يتنازل عن عزته بسبب الفقر يصبر علي حاله ويتقبله مهما كان معدما ويصل الأمر به إلي أخفاء حاجته حتى من أقاربه الذين يمكنهم مساعدته
    لا يحب النوبي مواجهة الحقائق إذا كانت غير مقبولة لديه لا يقبلون النقد لحساسيتهم مهما كان بناء ويسعدون بالثناء عندما يوجه إليهم للنوبة كذلك عيوب كغيرهم من القبائل السودانية الاخري فالنوبي لا يعارض أخاه مهما كان علي خطأ ولا أستطيع تحديد السبب هل لأدبهم الجم أو لخوفهم أو الاثنين معا ؟ إنها تتعدي أحيانا حدود اللياقة وهم كذلك متطرفون فالنوبي بالنسبة للآخر إما الصديق الحميم أو العدو اللدود ويمكن التضحية بالصداقة لسفا سف الأمور وعندما تسوء العلاقات فليس للعداوة حدود وهم يعرفون بعضهم جيدا مما يعطي الأكثر عنادا منهم الفرصة للسيطرة يبدو ذلك واضحا عندما يطرأ موضوع عام فتكون الرغبة في الرفض أكثر من الموافقة وعندما يأتي حكم لغير فائدتهم مهما كان الحكم عادلا فستتبعه مناشدة قوية وشكاوى أما في حالة القرارات التي يرونها صالحة فإنهم مستسلمون غير مبالين
    هناك ظاهرة واضحة في المجتمع النوبي القديم وهي هجرة الأفراد والجماعات من متوسطي العمر والقادرين من الرجال خارج القطر وتحليل أعداد الزوجات المهجورات والأسر التي غاب عنها ربها موضح في باب لاحق والأرقام تعكس حجم الظاهرة هذه الظاهرة لا تطبق علي حلفا وحدها وإنما تعاني منها دنقلا أيضا كما يبدو بشكل أكثر والنوبة وأمثالهم الدناقلة غير ملامين علي هذه الظاهرة فقسوة الطبيعة هي التي أجبرتهم علي ترك أسرهم من ورائهم لتامين العيش لهم بدلا عن البقاء معهم في حالة من الفقر والحاجة
    وبكل أسف فقد انجذب النوبيون لوظائف في أماكن بعيدة مثل القاهرة وأحيانا انجلترا حيث وجدوا أنهم يمكن أن يكسبوا العيش بمهاراتهم وقدراتهم اليدوية
    هذا البعد منعهم من زيارة أسرهم في أوقات منتظمة حيث ظلت تعاني الزوجات من الهجر الطويل ويفتقد الأبناء الرعاية الأبوية في نموهم وقد حدثني الدكتور طه بعشر الطبيب النفساني الذي قام بزيارة عدة منازل قبل التهجير عن حالة هؤلاء الزوجات المحزنة وقال: انه كلما سال الزوجات عن أحوالهن كانت الإجابة كل شئ علي ما يرام غير أن والد أطفالي غائب لسنوات
    وهذا يعني أن كل شئ بعيد عن كونه علي ما يرام وفي معظم هذه الحالات تترك الأسرة إما مع الأخ الأكبر أو الجد الذي يعطيهم براحا في بيته لهذا نري البيت النوبي كبير في مساحته ومقسم إلي أقسام عديدة
    هذه إلام التي تركت لتواجه الحياة لوحدها مع أطفالها تحمل علي كتفها كل اعباء زوجها لذا تزرع النساء مساحات الأرض الصغيرة وتشرف علي الحصاد لتؤمن غذاء المستقبل ويقمن بتلقيح أشجار النخيل في الموسم ويحصدن ويسوقن محصولهن وبلاضافة إلي ذلك يقمن بترميم منازلهن ورعاية الحيوانات وتوضح إحصائياتنا أن إعداد النساء اللائي يقمن بالزراعة في المنطقة المغمورة أكثر من الرجال وعندما أحصينا أشجار النخيل للتعويضات اكتشفنا أن الصمود في معظم المناطق من النساء ووجدنا كذلك أن معظم الرجال لا يعرفون موقع أشجارهم وواضح أن المراة النوبية هي أفضل امرأة عاملة في السودان قاطبة والمراة النوبية لها دور معتبر في الاقتصاد الاجتماعي ولهن دور مرموق في المجتمع وتتميز كبار السن من النساء بالقوة ويفقن الرجال أحيانا في تحمل العمل الشاق هناك نساء أكثر شهرة واحتراما من رجالهن أمثال ست فاطمة ريا والدة السيد جمال محمد احمد التي عرفت بالكرم وقوة الشخصية.

    الثوب النسائي النوبي له شكل خاص إذ ترتدي النساء فوق الملابس العادية عباءة فريدة محاطة من القماش الأسود الخفيف ويسمونه الجر جار وهو رداء طويل واسع ذو أكمام واسعة تتدلي لتصل الركبة وله ذيل من الخلف يغطي الأرض خلف الإقدام ويمسح إثرها عند جره في المشي وتوضع علي الرأس طرحة من نفس القماش تلف برفق حول الرقبة مع ترك طرفيها معلقين علي الكتف ويترك الوجه فقط غير مغطي لا يعرف احد اصل هذا الثوب الذي اشتهرت به المرآة النوبية وهو وسيلة جيدة للتخفي فتبدو النساء من كل الأعمار متشابهات واحدة عندما يسرن في الشارع وتميل الأجيال الصاعدة من فتيات النوبة لاستخدام الثوب السوداني المستخدم في أواسط السودان بدلا عن الجر جار الذي لا يستخدمه السكوت والمحس
    العادات النوبية في الوفاة والزواج والميلاد
    لا توجد عادات خاصة بالنوبيين في حالة الوفاة غير أن العنقريب الذي يحمل جنازة المراة لمثواها الأخير يغطي بفروع النخيل وأوراقه ثم يغطي بالقرمسيس الذي يستخدم في الأفراح عادة
    يدفن الجثمان وفقا لتعاليم السنة حيث يوضع الرأس جنوبا مع اتجاه الوجه للقبلة ويستمر العزاء لثلاثة أيام كما هو الحال في معظم أنحاء السودان يجلس الرجال تحت ظل مصنوع من الأعواد الخشبية والحصائر ويشيد عادة لهذه المناسبة وتجلس النساء علي المساطب الخارجية والحجرات وينتهي الحداد في اليوم الثالث بتوزيع الملابس الجديدة والطعام علي الفقراء وكما هو الحال في أنحاء السودان الاخري يساهم أقارب الميت بمبالغ بسيطة أو بإهداء السكر والقهوة والي ذلك يساهم كل رب أسرة بإحضار الطعام للضيوف إثناء فترة المأتم
    عندما يبلغ الصبي الحادية عشرة من عمره يختار أهله فتاة لتكون زوجة له في المستقبل وغالبا ما تكون احدي بنات عمه وتحجز له بصورة غير رسمية وينمو الاثنان وفي اعتبارهما الارتباط بالزواج في المستقبل وعندما يبلغان سن الزواج الولد واحد وعشرين والبنت ثمانية عشر يتقدم والد الصبي أو والدته لخطبة البنت رسميا من أهلها وتتم الخطبة في هدوء دون احتفالات أو دفع مبالغ من النقود أو الهدايا وتقتصر هذه المناسبة علي الخطوبة فقط وتحديد موعد الزواج وبعد الخطبة تبقي الفتاة في منزلها ولا يسمح لها بالخروج إلي الشارع .
    في معظم الأحيان يدفع المهر مقدما ولكن إذا كان أهل العروس ميسوري الحال فيؤجل الدفع إلي يوم الفرح نفسه تحتاج الأسر الفقيرة إلي الأهل لمساعدتهم في قضاء الحاجيات اللازمة للعرس مثل شراء ملابس العروس عطور جافة وسائلة وكميات من القمح والذرة وأواني للمطبخ ويتراوح المهر بين عشرين جنيها كحد ادني وخمسين جنيها كحد أقصي وتحفظ عشرة جنيهات كمؤخر يستعد أهل العريس كذلك بشراء أثاث للمنزل وملابس للعروس وحفل عشاء كبير يذبح فيها ثور كبير وتقام احتفالات الحنة في الليلة السابقة للعرس وتقام وليمة كبيرة يذبح فيها ثور صغير يدعي كل أقارب العريس وأصدقائه للمنزل ويتناولون العشاء عند الجلوس علي أبسطة وسجاجيد تفرد علي الأرض حسب التقاليد النوبية بعد انتهاء الحفل يفرش برش احمر وهو حصيرة رقيقة مصنوعة من سيقان القمح وأوراق النخيل المصبوغة علي الأرض ويحضر إناء كبير يحتوي علي الحناء المطحونة المخلوطة مع الماء بجانب أواني صغيرة وزجاجات من العطور الهندية توضع كلها بجانب البرش بعد ذلك يمتلئ المكان بالفتيات والنساء يغنن واصفات لأمجاد أجداد العريس في هذا الأثناء يجلس العريس الذي يكون قد أرتدي جلبابا خفيفا علي البرش وتبدأ مراسم الحناء بواسطة سيدة كبيرة في السن من أقربائه تبدأ بمسح أقدام العريس ويديه بالزيت الهندي ثم توضع الحناء عليهما وفي هذا الأثناء يقوم أصدقاء العريس الشبان بوضع قليل من الزيت والحناء علي أصابعهم أو أيديهم للفال الحسن ويوضع إناء كبير ملئ بالماء إلي نصفه بجانب العريس إعلانا لبدء مساهمات الأهل والأصدقاء المالية ( النقطة ) تبدأ بأم العريس التي تفتتح بوضع قطع ذهبية في الإناء ثم يتبعها أقرباء العريس وأصدقاؤه يقترب كل منهم حاسبا مساهمته أمام الجمع ويضعها بجانب الإناء مع ارتفاع زغاريد النساء تعين احدي قريبات العريس لمتابعة المساهمين والمبالغ التي دفعوها لتسجل وتحفظ للعريس حتى يساهم مستقبلا في أفراحهم بعد انتهاء النقطة يعلن والد العريس ووالدته هديتهم من الأرض وأشجار النخيل لابنهم وفي النهاية يجمع كل دخل النقطة ويسلم لوالدة العريس ليساعدها في مواجهة تكاليف الزواج
    عندما تنتهي مراسم الحناء يبدأ حفل راقص كبير يدعي للحفل فنانون كبار آلاتهم هي العود والفيولين للفنانين الحديثين أو مجموعة من الطبول مختلفة الإحجام تطرق مع بعضها مثل موسيقي الجاز وهذه يستخدمها الفنانون التقليديون هذه الطبول خفيفة صنعت من إطار خشبي مستدير شدت عليه قطعة من جلد الخراف وتعرف بالطار يصطف كل المدعوين في دائرة كبيرة في الخارج ومعهم النساء يقف المغنون ومعهم الفرقة الموسيقية في بداية الدائرة ويقف بجانبهم صف من عشرة رجال يوجههم من الجانب الآخر نفس العدد من الفتيات تبدأ الموسيقي أولا ثم يغني المغني أغنية
    كهذه:ـ
    يا جميل سلانقي ***** اودري سلانقي.

    وصف وادي حلفا


    تقع مدينة وادي حلفا في الضفة الشرقية لنهر النيل علي سهل منبسط بين سلسلة من الجبال المنخفضة في الشرق والنهر في الغرب ما عدا ارتفاع قليل من الناحية الشمالية للمدينة فان السهل مستو ويرتفع قليلا في ناحية النهر التربة في الغالب طينية قاتمة تغطيها كميات متفرقة من الرمال الناعمة تمتد المرتفعات الصخرية من أقصي الجنوب إلي الشمال وتبعد حوالي أربعة أميال عن النهر في الركن الجنوبي وتقترب كلما اتجهنا شمالا حني تصير علي مسافة ميل واحد عند الحدود الشمالية
    قسمت المناطق السكنية تبعا لقبائل أو قوميات سأكنيها يوضح تقسيم سكان المدينة البالغ 11000نسمة الاختلاف والتباين في قاطني المدينة يسكن المنطقة شمال السوق وحني دبروسة تجار من أصول سورية أو مصرية استقروا في المنطقة منذ أواخر القرن التاسع عشر وهؤلاء أفضل حالا من من بقية المجموعات في المدينة منازلهم بنيت من طابقين ويبني المنزل عادة في مساحة صغيرة تشمل غرفا متلاصقة ليس بينها أي مساحة خالية وتبني من الطوب الأخضر وتطلي بالجير الأبيض لتعطي شكلا من أعمال النحت أما أبوابها ونوافذها التي ظهرت عليها آثار القدم فتوضح عمرها وكذلك البلوكونات الخشبية المزخرفة والتي تطل علي أزقة ضيقة تعكس الطابع التركي لكل الحي وهناك مسجد عتيق بناه الخديوي توفيق يستحوذ علي منظر جميل يطل علي النهر هذا الحي يسمي التوفيقيةمما يدل علي انه طور إثناء حكم توفيق باشا الجزء الشمالي في هذا الحي تشغله مدرسة مصرية ملحقة بالكنيسة القبطية ومباني المدرسة الحكومية
    سوق وادي حلفا هو أجمل ظاهرة في المدينة قاطبة ويغطي المنطقة من محطة السكة حديد وحتى التوفيقية يتكون السوق من أربعمائة حانوت مبنية في أربعة صفوف تمتد من الشمال ألي الجنوب وتربطها أزقة ضيقة
    الحوانيت مبنية من الحجر ملتصقة ببعضها البعض من الخلف وليس لها أي مظلات لحماية المشاة أو أصحابها من حرارة الشمس بعض هذه الحوانيت بوجه خاص تلك التي تتجه غربا لها مظلات من ألواح الخشب القديمة تركت معلقة اعلي الأبواب دون اهتمام
    لقد كان السوق هو الخلية المتحركة في المدينة كان يكتظ بالبائعين والمشترين والبضائع التي كانت مكدسة علي ارض المتاجر وكذلك الرفوف التي تصل إلي السقف بما عليها مما يدل علي أن البضائع كانت تفوق حجم الحوانيت التجار السوريون كانوا يبيعون كل أنواع الأقمشة بدءا بالصوف الإنجليزي لفاخر والنايلون إلي الدمورية والأقمشة السوداء التي يستخدمها أهالي حلفا التجار المصريون امتلأت حوانيتهم بالأواني والأدوات المنزلية ومواد البقالةاما التجار النوبيون فقد اقتصرت تجارتهم علي المستهلكات اليومية فقط
    بنيت المقاهي علي البلوكات الجانبية وفي معظم الأحيان أثاثها فقير وبها أجهزة للراديو تعمل باعلي طاقتها هنا يجتمع المهربون والمحتالون للقاء وكذلك الثرثارون الذين يأتون لالتقاط الجديد من الأخبار والنميمة مع مدخني الشيشة التركية هذه المقاهي كانت تمثل مناخا جيدا للدعايات لتنمو
    بلاضافة إلي هذه الأشياء كان السوق يعج بصانعي الأحذية والنجارين والحدادين وجامعي الاناتيك الخياطين بائعي الفواكه وتجار التمور الذين يعملون في تصدير التمور إلي مصر والعمل بالوكالات في الطرف الشمالي من منطقة السوق كانت الأفران والطواحين تعمل بنشاط في الخبز وطحن حبوب القمح والذرة
    أكشاك اللحوم والخضروات توجد في الركن الشمالي الغربي للسوق هذا الجزء كان دائما يعج بالمشترين والصياح إثناء فترة الصباح ينادي القصابون بأصواتهم الغليظة علي الزبائن الذين يحملون سلاتهم الفا رغة أمامهم ويتشاجر الموزعون علي كميات الطماطم والبطيخ أو ربط الملوخية التي نزلت لتوها من علي ظهور حمير المزارعين من القرى وهناك بائعو الخبز والفراخ والبيض المتجولون ينادون علي الزبائن
    بائعو الشاي ينادون علي الزبائن مع طرقعة الفناجين مشكلين نغما كفرقة رقص أسبانية أضف إلي ذلك كله نبيح الكلاب الضالة عند أكشاك الجزارين صياح الفراخ وصياح البط نهيق الحمير وصوت طواحين الغلال العالي
    في الحقيقة انه بسبب هذا الزحام فقد كان كل شخص يصرخ باعلي صوت حني يكاد يسمع علي ضفة النهر وفي الطرف الغربي للسوق توجد الفنادق والمطاعم البارات ووكالات السياحة عند مدخل الطريق الرئيس في الطرف الجنوبي تظهر المدرسة الوسطي الحكومية ومباني داخلياتها ذات الطابقين
    إلي الشرق من منطقة السوق توجد ساحة واسعة تستخدم في العادة للاحتفالات القومية هذه الساحة تفصل السوق عن حي اركويت الذي يقطنه العليقات والكنوز واسر أخري من أصول مصرية من المنازل ذات الطابقين الواضحة في هذه المنطقة علي حسب الله اللاشين عبدا لغني علي موسي عبده احمد سليمان وشوربجي ادم
    بقية المساكن كانت من الطوب الأخضر قسمت من الجير الرملي وطليت بالجير الأبيض في الطرف الشمالي لهذا الحي توجد مساكن بوليس حلفا المتميزة الشكل بأسقفها الدائرية وفي الطرف الجنوبي يرتفع المبني الشهير لقبة سيدي إبراهيم وهو في الركن الشمالي للمقابر
    سيدي إبراهيم الميرغني وهو عم السيد علي الميرغني الختمي وقد توفي في طريقه إلي القاهرة يوجد في هذا الحي أيضا المدرسة الأهلية الوسطي وتضم مبانيها معملا فاخرا والسينما بشاشتها الضخمة البيضاء كل هذا في الركن الجنوبي لهذا الحي.

    أوتاشو ( ها نحن قد وصلنا )


    هذه حلفا اذا تلك التي كانت ( داوية قفراء يحاربها الردى ) مكتنزة بالامل و الترقب .. ممتدة بين مسارب الصحراء و موج البحر الهائج دوماً .. تعاند ريح الخماسين التي تهب شمالاً و جنوباً(ألا ان اجمل كل الهبوب الشمالي) .. هذه حلفا اذاً حاضرة مائلة كما قدر لها أن تبقى البوابة الشمالية تلك التي ترصد الوافدين و الخارجين و تحرق آخر عود جاف تحت دوكة طينها لتكرم الضيف الهجوع ..
    هذه حلفا و هاهم أبناؤك قد عقدوا العزم على ان ينفضوا عنك غبار السنين و التهميش لتعود لكل الاحياء اسماؤها من صرص الى فرص مروراً بأرقين و سرة و عنقش و ولياب و السندة و فجكة و مجراب و فارقي و جنساب و أرض الحجر ..
    ستعود لحلفا اذاً نخيلها السامقات و سيعود دبيب الحركة في الميناء و تعود مراكب الصيد الضخمة ذات الاشرعة الملونة تلوح في البعيد شارة خير و بشارة … و سيعود المستشفى بجدرانه الجيرية البيضاء و سراميكه اللامع و عنابره الانيقة المرتبة و "حسن بصل" و "جرقندي" ..
    هذه حلفا اذا و هذه جمعية دغيم الخيرية بالرياض تستنفر كل من رضع من ثديها .. كل من نام تحت نخيلها و كل من عبر بمينائها أن يهـب لدعـم المسـيرة الضخـمة المقـدرة لها ان تكـون في يولـيو عــــام(2004) تعبيراً عن الوفاء و الصمود ..
    أما لماذا يوليو فلأنه و في مثل هذا الشهر و قبل أربعين عاماً خلت كان المذياع يذيع البيان التالي نقلاً عن وزارة الداخلية:-
    أولاً :قررت الدولة تهجير جميع الخدمات و المرافق العامة في المنطقة المغمورة في موعد أقصاه شهر أغسطس من العام القادم " كان ذلك في 23 يوليو 1963" و سوف لن تبقى أي مؤسسة من الخدمات العامة مهما كان نوعها صحية كانت أم تعليمية أو مواصلات أو غيرها.
    ثانياً: ان هذه المنطقة ستكون خالية تماماً من مقومات الحياة ليس فيها غير المياه و الرمال و الصخور و سوف لن تسمح أحوالها لبشر أن يمارس الحياة فيها و عليه فإن البيان يذكر من يهمهم الامر من المواطنين بأنه اذا أراد شخص البقاء في هذه البقعة فعليه ان يفعل ذلك بناءً على مسؤوليته الشخصية…
    و هذه هي بعض تفاصيل ما حدث … فعلى منوال هذه المسؤولية الشخصية طرزت البقية القليلة الصامدة نسيجاً و تجسيداً تجسد في ما نراه اليوم من شموخ مدينتنا الباسلة رغم ضراوة الصمود و رغم شراسة التحدي..
    معذرة حلفا اذاً .. فبالرغم من سنوات الغربة و تباعد المسافات الا ان الجسد ما زال متورماً بدم الرجوع فأنا استطيع أن أجزم بأن ليس للنوبي فردوساً غير فردوس بلاده ليرتاح فيه جسده النحيل ويغفو على صوت ساقية بعيدة أو (دقات طاحون عابدين قيل) أو لطقطقة وابور المشروع التعاوني في (جمي)
    فحلفا التي نشهدها تحتاج الكثير من البنى التحتية مثل مشروع زراعي للاعاشة و الاستقرار .. و حلفا كانت و ما تزال تحلم بشريان الشمال ان يصلها و لو بعد حين خصوصاً و أن أصوات التراكتورات و الحفارات قد خفت بعد أن وصل الطريق جنوب دنقلا ( عسى المانع خير!!) .. و حلفا التي نعرفها اليوم تحتاج لتحديث مستشفاها لتكتمل معداتها و أجهزته فتنقذ حبلى فاجأها المخاض و حاصرها ( الكلبش )
    و لا تتكرر حوادث الوفيات في الاكسبرس الذي صار (عكس يربس ) يتلكأ حتى يصل الخرطوم.
    ومن المفارقات العجيبة أن حلفا التي غرقت بمياه السد العالي ظلت لفترة طويلة تعاني من العطش و الظلام معاً , فكنتور المياه لم يكن ثابتاً لتركيب مضخات مياه ثابتة الامداد المائي و كذلك كانت مشكلة الكهرباء .
    و يقال أن أحد اخواننا الشايقية و يبدو أنه كان عائداً من أسوان راح يبحث بين أزيار المحطة عن جرعة ماء فوجدها كلها خالية فقال قولته التي صارت مثلاً:-
    ( انتو يا جماعة حلفا دي الحكومة غرقتها بي رملي ).


    حلفا 60
    يا جميل (سلانفي)
    تعالى
    من قاع النيل
    وقاع زمانك
    اني فصلت لك الأثواب
    من الصوت الرنان
    و أغمضت عيون الشمس من الرؤيا
    وتعالي
    اني ساهر التابوت
    أهز الأهرامات الكبرى لجمالك
    حتى تنبثقي من غمد الموت
    كما تطلع شمس الظلمات
    "محمد علي شمس الدين –الصوت (يوليو1991م )

    كانت حلفا تعيش في حالة من القلق و الترقب في انتظار عودة الوفود التي ذهبت لتعاين المواقع المقترحة للهجرة … شمال الخرطوم.. جنوب الخرطوم.. حوض السليم.. خشم القربة.
    النخيل تقف مشدوهة تطل على الأرض اليباب , الجداول التي جف حلقها تبكي جسدها المهجور وقد امتلأ بركام الأغصان الجافة و بقايا الأعواد المكسرة تلك التي لم يأبه لجمعها أحد .. أحياناً تهب رياح عاصفة تلوي قامات النخيل و تهز بقايا القصب في الحقول … تخفت فيها صرصرة "عثمان جيكي" و نقيق الضفادع.
    حزن صامت يلف المكان .. ما عادت الصبايا المعجونات (بماء الطيب) يتمايلن و (صفائح ) الماء على رؤوسهن .. يغنين في رحلتهن اليومية من مشرع (يوسين) .. الى تلك المنازل الطينية قبال مدرسة (دغيم الجنوبية) .
    تقول لي يا (سمره) شفتيني
    تقولي جنب الكوبري شفتيني
    بالأمارة هوانا كان أخضر
    و الشوق في بيوتنا كان أخضر .. (وا أسمر اللونا)
    سبحانه يخلق من الشبه زي أربعين غيري
    بالله عليكي لا تغيري .. (وا أسمر اللونا)
    (حلفا 60) حفظت التاريخ فأهملتها الجغرافيا و سياسة الساسة .. ربما لم نكن في نظرهم أكثر من بعض بيوت القيقر و التوفيقية و حفنة من القرى المتناثرة المحاذية للنيل , تلك التي أشفق عليها قمندان حلفا ذات اجتماع في -مارس 1899م- مع ضابط شرطة التوفيقية بحضور ممثل هيئة الأراضي للحكومة المصرية فطلب اضافة حوالي مائتي متر لحدودها شمال (فرس) عند نقطة حدود (بيربا).
    فأضاف بذلك لحدود حلفا 99 فداناً و 7 قيراط و 15 نخلة ليأخذ مركز حلفا شكله النهائي , و يضم فيما يضم مجموعة من القرى أهمها:
    سرة شرق – فرس-دبيرة-سرة غرب-أشكيت-أرقين-دغيم-عنقش و دبروسة .. الخ
    من -مارس 1899م- حتى –مارس 1960م- جرت مياه كثيرة تحت الجسر عندما أطلق السيد (أندريه مالرو) وزير الثقافة الفرنسي (رئيس اللجنة المركزية لليونسكو) نداءه الشهير (أنقذوا آثار النوبة) استجابة لنداء اليونسكو:
    في هذا اليوم من الثامن عشر من مارس (1960) م و لأول مرة دعى العالم للتعاون في انقاذ آثار النوبة تلك الحضارة النوبية القديمة التي هي ملك للانسانية جمعاء خاصة و نحن نرى العالم يدور في فلك اضطرابه السياسي و عداوته و البغضاء .
    وعلق مدير اليونسكو قائلاً:
    لقد بدا العمل في السد العالي وفي ظرف خمس سنوات أو أقل ستصبح بحيرة النوبة بحيرة كبيرة بالرغم من وجود الآثار التاريخية الرائعة و الفنون القديمة التي تعد ضمن أعظم ما ابتدعته يد الانسان مهددة بالغرق.

    كمن ألغى حجراً في بحيرةً راكدة تدفقت جموع السياح و علماء التاريخ و المهتمبن بالآثار و الحفريات اكثر من خمسون جامعة من اكثر من 22 قطر في العالم توافدوا على حلفا . امتلأت بهم الفنادق و الاستراحات , كثيرون منهم نصبوا خيامهم في نفس المواقع التي جاؤوا للتنقيب فيها .. و شاهد أهلنا البسطاء ( الأميرة مارجريت) بلحمها (بدون شحم) تعيش معهم قرابة الخمس أسابيع (أميرة عرش الدنمارك آنذاك) في بيت نوبي عادي تأكل ال(جكي سوريد) و تشرب معهم شاي المغرب في حضرة البسكويت و (المنين) و الطراوه …
    كان هناك معبد بوهين حتشيسوت ل(هورس) اله الصقر (و معبد عكاشة الذي بناه رمسيس الثاني) …
    و مينارتي وما أدراك ما (مينارتي) .. (10كلم) جنوب الشلال و على بعد شهقة من جزيرة (المجراب) –وهذه قصة أخرى-جبل رملي عالي السنام ضخم الجثة ..قبالة (جنساب) ..لم نكن ندري أن تلك الرمال الناعمة تخبي تحتها كنوزاً من الآثار و الفخار و النقوش.. حتى جاء الفرنجة و نبشوا بمعداتهم و معاولهم و مناقيشهم ظهرت جلية واضحة للعيان آثار العصر المروي و العهد المسيحي على شكل حفريات قديمة تحمل نقوشاً باللغة النوبية .
    اكثر من (250) باحث .. نقبوا تحت رمالها و نبشوا حجارها و صخورها اكثر من سبعة عشرة شهراً عثروا بعدها على (1241) قطعة أثرية من أجمل قطع الفخار و كنيسة !!
    وحدهم السياح الألمان انشغلوا بالجانب الروحي تجمعوا حول شيخهم شيخ الطريقة (البرهانية) .. يحيون ليال الذكر كل اثنين و خميس لم يجد (محمد كبارة) سبيلاً لدولاراتهم هذه المرة ذهب اليهم اكثر من مرة ليصطحبهم في جولات سياحية الا أ نه كان يذهب اليهم في كل مرة يجدهم غارقين في الحضرة .. و قال قولته المشهورة مخاطباً شيخ الطريقة ( جرى ايه يا عم الشيخ ده انتو خربتو علينا الخواجات بتوعنا ولا ايه !!
    ------------------------------------------------------
                  

العنوان الكاتب Date
14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-14-07, 01:44 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-14-07, 06:44 PM
    Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. welyab05-14-07, 07:04 PM
      Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. welyab05-14-07, 07:08 PM
        Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. welyab05-14-07, 07:24 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-14-07, 07:05 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-14-07, 08:14 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. Bashasha05-14-07, 08:37 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-14-07, 08:43 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-14-07, 10:12 PM
    Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. welyab05-15-07, 03:41 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-14-07, 10:24 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-15-07, 10:48 AM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-15-07, 12:07 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-15-07, 12:14 PM
    Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. welyab05-15-07, 02:57 PM
      Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. welyab05-15-07, 03:18 PM
        Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. welyab05-15-07, 03:27 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-15-07, 09:46 PM
  Re: 14 مايو 1964أسـود يوم في تاريخ النوبة: تحـويل مجـري نهـر النيل وبداية غـرق المنطـقة. بكري الصايغ05-15-07, 10:14 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de