يوميات الثورة السودانية – الجزء الثانى

Quote: كتب بيتر تبر السفير البريطاني بالسودان في مدونته بالإنترنت بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم الخميس 12 سبتمبر بعنوان (اليوم العالمي لحقوق الإنسان) واستعرض فيها حالة حقوق الإنسان في السودان. وفي حين اعتبر تبر انشاء المفوضية القومية لحقوق الإنسان في 2011م خطوة مشجعة، إلا أنه انتقد الأداء الحكومي في سبتمبر من قتل للمتظاهرين والاعتقالات وإغلاق الصحف باعتبار ذلك كان صادما للعديد من السودانيين بما في ذلك عدد من المسئولين. كما استشهد باقتباسات لنشطاء وخبراء سودانيين في مختلف المجالات ليؤكد الانتهاكات في مجالات حرية التعبير وحقوق النساء وحرية التنظيم للمجتمع المدني، منادياً لعمل الحكومة جنبا إلى جنب مع المجتمع المدني من أجل حل سلمي يرضي الجميع. نص مدونة السفير البريطاني أدناه اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2013م يُصادف اليوم اليوم العالمي لحقوق الإنسان وفي هذا العام نحتفل بمرور عشرين عاماً على إنشاء مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. كما سيحتفل الناس في كل أنحاء العالم بعدد من الفعاليات تعبيراً عن نجاح المجهود الجماعي المبذول للتعامل مع إنتهاكات حقوق الإنسان وحماية المواطنين. السودان واحد من الدول الموقعة على العديد من أهم الإتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان، كما أن هناك العديدين في داخل الحكومة يعترفون بأهمية تحسين وإحترام حقوق الإنسان. يُعد إنشاء المفوضية القومية لحقوق الإنسان في 2011 خطوة مشجعة وقد كنا نحن من أول الداعمين لها، كما أننا رحبنا بإطلاق سراح عدد من السجناء السياسيين في شهر يونيو المنصرم. ولكن قتل المتظاهرين في الخرطوم في شهر سبتمبر وإعتقال العديد من الناس وإغلاق عدد من المؤسسات الإعلامية مثل صدمة للعديد من السودانيين بما في ذلك عدد من المسؤولين الحكوميين. هذه الأحداث تحمل في طياتها تحدياً كبيراً يواجه السودان في إطار تحقيق تحسن في مجال حقوق الإنسان التي نص عليها دستور البلاد بأفصح العبارات. نحن لا نألوا جهداً للعمل على المساعدة في تحسين وضع حقوق الإنسان في السودان، إذ أننا نعمل على إنهاء الصراع وتحقيق التنمية (وهما من أهم أسباب إنتهاكات حقوق الإنسان)، وبناء علاقات بناءة ومثمرة بين السودان وخبير الأمم المتحدة المستقل والمعني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان، إضافة إلى دعم العديد من المجموعات غير الحكومية والمهنية والتي تعمل بطرق مختلفة لتحسين الوضع. ولكن بدلاً عن إمضاء هذا اليوم في الحديث عما تفعله المملكة المتحدة، فإنني أريد أن أفسح المجال لأراء السودانيين أنفسهم. لقد أثاروا بعض القضايا الأساسية. على الرغم من أن غالبية هذه الأراء كانت ناقدة إلا أنهم قدموا أيضاً مقترحات بناءة لتحسين الوضع وأتمنى أن يُستمع إليها: إن حرية التعبير، بما في ذلك حرية الصحافة، تمثل حجر الزواية في أي مجتمع ديمقراطي. ومع ذلك فإن الصحافيين يجدون مصاعب جمة تحد من عملهم بكفاءة: “ما زالت الصحافة تمر بأوقات صعبة نسبة للضغوط الكبيرة التي تثقل عاتقها، فالرقابة لا تزال مفروضة عليها، ويحرم الصحفيون المناهضون للحكومة في بعض الأحيان من الكتابة لفترات من الزمن. تعاني الصحافة كذلك من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكلفة الطباعة، بالإضافة إلى قلة الإعلانات التي تتقدم بها الشركات والمؤسسات. بالإضافة إلى ذلك فإن مسودة قانون الصحافة الجديد، والذي يعد أكثر صرامة من قانون الصحافة السابق، يحتوي على المزيد من الإجراءات العقابية للصحافة والصحفيين” (صحفي سوداني ديسمبر 2013م). وكذلك نتيجة للتشريعات المُقيدة للحريات فإن: “قوانين مثل قانون الأمن الوطني لعام 2010م وقانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009 تسمح لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ومجلس الصحافة بالاستمرار في اعتقال واستجواب ومحاكمة الصحفيين ورؤساء التحرير لأسباب تتعلق بعملهم وقد دعا الصحفيون والنشطاء في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني السلطات إلى إصلاح قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009 وتُلغى القيود على حرية التعبير وذلك تماشيا مع التزامات السودان الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان” (صحفي وناشط في مجال حقوق الإنسان، ديسمبر 2013م). لا تزال حرية التنظيم والتجمع ترسف في قيودها الأمر الذي يُضيق المساحة التي يعمل فيها المجتمع المدني وفي بعض الأحيان يتم إقصاؤه بالمرة: “حرية التنظيم والتجمع السلمي تتدهور تدهورا مقلقا وفي وجه الجميع بما في ذلك منظمات المجتمع المدني. في عام 2013م تم إغلاق دور العديد من منظمات المجتمع المدني بلا وجه حق، البعض الآخر منها طرد ورفض تسجيل من أراد أن يسجل من هذه المنظمات في الولايات المختلفة بصورة قانونية. في ظل هذه الأوضاع فإن منظمات المجتمع المدني وغيرهم من الناشطين –خاصة الشباب- بدأوا في تكوين جمعيات خاصة بهم من غير أن يسجلوها وذلك في محاولة للفرار من قبضة النظام الصارمة” (ممثل للمجتمع المدني، ديسمبر 2013م). يكمن الحل في أن تعمل الحكومة مع المجتمع المدني جنباً إلى جنب من أجل حل سلمي يُرضي الجميع: “ينبغي على السلطات السودانية الاعتراف بدور منظمات المجتمع المدني كشريك كامل في عملية التحول الديقراطي، وبناء السلام والتنمية المستدامة. ويجب خلق آليات ارتباط واضحة على كافة المستويات والمراحل. وسيساعد هذا الأمر على التشجيع على الملكية القومية لهذه العمليات. كما ينبغي على السلطات السودانية العمل على ضمان صول المجتمع المدني على البيئة المهيئة للعمل من غير تضييق أو ترهيب. لقد أثارت منظمات المجتمع المدني مخاوف تتعلق بقانون العمل الطوعي الحالي، والذي يحكم نشاط هذه المنظمات والطريقة العشوائية في تطبيقه” (ناشط من المجتمع المدني، ديسمبر 2013م). وهناك قضية أخرى- ولكنها ذات علاقة بالأمر- وهي حماية الشرائح الضعيفة وغير الممثلة في المجتمع، خاصة المرأة. تشجيع المساواة بين الجنسين يُعد جزءً أساسياً في كل شيء نفعله في السفارة هنا في السودان وفي كل الشبكة العالمية الخاصة بالمملكة المتحدة:”إن تفكيك الأصولية الأبوية في السودان هو الطريق الوحيدة نحو مساواة الجنسين وتمكين المرأة. وكامرأة، فإنني أعمل لتحقيق ذلك التفكيك وإلى أن يأتي اليوم الذي لا تصبح فيه الأنوثة عملاً ولكنها طريقة حياة في الوقت الذي نعمل فيه في وظائف وأدوار أخرى” (خبيرة في النوع، ديسمبر 2013م). أعيد إنتخاب المملكة المتحدة الشهر الماضي في مجلس حقوق الإنسان. ويعمل المجلس على محاسبة الدول التي ترتكب إنتهاكات خطيرة ومنظمة ضد مواطنيها. يوضح وزير الخارجية البريطاني ما ستفعله المملكة المتحدة في هذا المجلس خلال تفويضها:” سنعمل بلا كلل ولا ملل من أجل حماية الشرائح الضعيفة من التمييز، وسنناصر القضايا العالمية بما في ذلك العنف الجنسي في النزاعات، والحاجة إلى الإسهام الكامل للمرأة في بناء السلام، والحق العالمي في حرية التعبير والاعتقاد” (وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، 12 نوفمبر 2013م). هذه هي إلتزاماتنا الدولية وإلتزامنا تجاه العمل في السودان، ونتمنى في العيد العالمي لحقوق الإنسان القادم في 2014 أن تكون هناك قصصاً أكثر إيجابية لنسردها.