يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-29-2024, 05:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالغني كرم الله بشير(عبدالغني كرم الله بشير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2008, 09:42 PM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    عزيزي عويس...

    سلام ومحبة لا تحصى..

    سنعود للحلاج، الفتى الأغر، والشيخ العجوز (أنني شيخ كبير في علو الدرجات، ثم أني صرت طفلا في حضون المرضعات)، وغرابته نسبه الإلهي، حيث الزمن في راحة اليد، وليست اليد في راحته، (فأماته مائة عام) أمات الزمن، وليس الإنسان، ثم يذبح ملك الموت، ملك الزمن، وتصير اللحظة الحاضرة ملكة، وقد حشدت بداخلها البرزخان (الأمس والغد)، (والكتاب)، يغادر كبيرة، او صغيرة، إلا أحصاها.، ..

    والله ياعويس الايام دي مسكون بالشعر الجاهلي، والعربي القديم، اصدفائي ذو الرمة، وجرير، وتأبط شرا، وبالاخص، ولقد عجبته له جدا الشاعر الاندلسي الكبير (ابن خفاجة)، ياااااااااااه، ماهذا الافتتان العبقري بالطبيعة، وأي طبيعة أنها الأندلس... ومن شاعر عظيم، متنعم، صعلوك، فاهم..

    شعره تغزل في الطبيعة، كفتاة، كلمى، كشعر، كخمر..
    عليك الله شوف وصف الليل وهو يسحب رداءه الاسود، بعد قدوم سيدة الفجر..

    ثم أنثنى والسكر يسحب فرعه ..... ويجر من طرب فضول رداء...

    وقبيل هذا البيت وصف الليل وسكره بالنجوم والثرياء، ثم أقبل الفجر، فسحب الليل رداءه كحسنا، طروب. ثملة... تمضي لمخدعه معه، مع الفجر، وهو شيب، وهو سكر...

    ثم يصف الغروب، واللجين الحي يرقص على أنهر الأندلس...
    إنه سكران، بالطبيعة ....
    وتغزل بالشجر، ورب الشجر، غزل لذيذ، يخفر له الثمر، وتهتز الاغصان، والفنن... وترتعش الجذور.. ويهيم بالرمان (لست أدري أي رمان، أعلى الصدر، أم على الغصن)، والرياحين... ياله من هايكو مبكر، وأندلسي، وفي لباس اللغة، ورداء الفتنة..

    قال: فحفت بها ريح بليل (الريح مبللة بالمطر)، وربوة بمسرى غمام جادها متبجس..
    بربي ياعويس هنا هو يصف تلاعب الريح باللهب، هنا:

    لاعب تلك الريح ذاك اللهب ... فعاد عين الجد ذاك اللعب
    وبات مسرى الصبا يتبعه ... فهو لها مضطرم مضطرب
    ساهرته أحسبه منتشيا ... يهز عطفيه هناك الطرب
    لو جاءه منتقد لما درى ألهب متقد؟ أم ذهب؟!!...
    تلثم منه الريح خدا خجلا (!!)، حيث الشرار أعين ترتقتب
    في موقد قد رقرق الصبح به ... ماء عليه من نجوم حبب
    منقسم بين رماد أزرق .!!.. وبين جمر خلفه يلتهب.
    كأنما خرت سماء فوقه.... وأنكدرت عليه شهب..

    كم أدخلني بين حنايا مطضرب ومضطرم في لهو النسيم واللهب...ياله من مجوسي عابد (للهب)..
    ألهذا أقعدني الله بمرض الحساسية، كي أكون رهبين المحسبين، (البيت والكتاب)... واشعر الأندلسي.. عجبى لأمر المومن كل أمره خير.. حتى الحساسية، وحبسة البيت... لو لاها، لم أخرجت الديوان.. (هناك مكر)، خلف وقائع الحياة، هناك مكر مدسوس خلف غريزة الجوع، غريزة الموت، غريزة الجنس، غريزة الله...


    وهنا (تظهر شكوى مطران، وتناصه، او سرقته "الشريفة"، في قصيدته الشهيرة المساء، إليك بيت ابن خفاجة..
    والفجر ينظر من وراء غمامة عن مقلة كحلت بها زرقاء..
    وذات الروح في قصيدة الابنودي، (طلع النهار)، حين تغسل الفتاة شعرها في الترعة، والظلمة تتوارى خلف الأشجار..
    ياله من شاعر مفتنون بثمر الشجر، والسوق... والخمر.. والنساء، تتداخل عوالم، حتى تشك، أيتغزل في شجرة، أم كأس، امر فتاة.. أم فتى..

    كم أطربني بعمسول لغته، وبهجة استعارته، وسلسل قوله... وقريحته نضره....
    ثم وصف النيل، النهر (النيل يسبح في طفولتي)، ...

    لله نهر سال في بطحاء... أشهى ورودا من لمى الحسنا..
    متعطف مثل السوار كأنه .. والزهر يكنفه مجر سماء
    قد رق، حتى ظن قرصا... من فضة في بردة خضراء
    وغدت تحف به الغصون.. كأنها هدب بمقلة زرقاء..
    والريح تعبث بالغصون ... وقد جرى ذهب الأصيل على لجين الماء...

    والريح تعبث بالغصون...
    وذهب الاصيل، يجري على لجين الماء، ياله من نهر، ياله من ذهب سائل..

    سأعود له، فهو محب كبير، لخمر الحياة...

    السلام والمحبة..
                  

07-11-2008, 05:46 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    سأعود
                  

07-12-2008, 08:33 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    لطالما تمنيت أن أكون موسيقيا.
    تطربني الموسيقى بطريقة عجيبة.تستلب روحي، وتروح تمرجحها.تصعد بها، حتى تبلغ حشرجاتها القصوى. الموسيقى كذلك – يا كرم الله – أرواح.الموسيقى تجمّع الأرواح كلها على أطراف أصابعها، وتنثرها – كالأزهار – على حواف الكون، كوننا الداخلي.
    منها تنثال الذكريات.هي توقظ الذكريات، وتحفزها.تتمرغ على القلب، تدفئه، تغسله، تسيل عليه، وتحفر طريقها الزهري.
    لطالما تمنيت أن أكون موسيقيا !
    لا همّ لي في هذا العالم إلا "حبيبتي" الآلة الموسيقية التي تغفو على صدري.تعبئني بالجمال، وتطرد الوحشة عن نفسي.
    لماذا لا نغني حين يموت عزيز ؟
    أليس الغناء..بكاء ؟
    أقاصي الوجع أن (تتوحد) مع آلتك الموسيقية، تحضنها، وتنفخ فيها من روحك، تمرر أصابعك المرتعشة عليها، كما تمررها على وجه حبيبتك، وتتأوه هي، لا من لذة الحسّ المادي، وإنما من حساسية الروح المفرطة.
    الليلة أنا مترع إلى أقصى حد بـ(عثمان حسين).هذا العاشق الكبير، الكبير !
    أعيد سماع أغنياته كلها.
    موجوع برحيله.الليلة فقط، موجوع إلى أقصى حد.
    كأيامي في الخرطوم، رفقة حبيبي وصديقي العظيم (محمد فول)، نذرع الشوارع جيئة وذهابا على سيارته، ونحن نستمع إليه.ثم يأخذ الطرب محمدا إلى أقصى درجة.أشعر باهتزاز روحه.يأخذني الطرب:
    (كيف لا أعشق جمالك
    ما رأت عيناي مثالك)
    (ما بصدقكم)
    (الفراش الحائر)
    (وحياة عيون الصيد)
    يا الله ..يا الله !!
    (يا ناس لا لا)
    (في حياتي قبلك انت
    عشت قصة حب قاسية
    لسة ما زالت في قلبي
    ذكرياتها المرة باقية)
    (مسامحك يا حبيبي)
    (داوم على حبي وأسأل على قلبي..ما تفكر تنساني)
    (أنا وحدي طول الليل بشكي حبي ووجدي) الله..الله !!
    (أنا مالي والهوى)
    يا الله يا عبدالغني، من أيّ طينة عُجن هذا الـ(عثمان) ؟
    أيّ روح عاشقة صوفية كانت تعمر دواخله ؟
    والله قد بلغ بي الطرب والوجع منتهاه.كأن تأتي على الأقداح كلها، وتستزيد على رغم سكرك البائن.الروح ما تزال متوهجة يا كرم الله، تبغي الاستزادة.وأنا من فرط السكر لا أقوى على المسير – بروحي -، لكنها ملأى بالشغف والعشق، عشق هذه الدنيا، الألحان، الجمال، الله، الإنسان.
    أية عبقرية منزرعة في الروح هذا الـ(عثمان) ؟
    أيّ حزن وجودي عميق كان مخبوءا بين ضلوعه ؟ أيّ قلب ؟ أيّ جراح وعذابات وعشق هذا الذي صبغ فنّه بكل هذه الرقة، وهذا الافتتان، هذه الصلوات في محراب الجمال ؟
    أية قدسية لهذا الفن ؟
    أيّ ألحان سماوية تتسرب إلى أعماق النفس بهذه الطريقة الجارحة؟ أيّ كلمات تذوب رقة وعذوبة ؟أيّ ضلوع انطوى عليها صدره ؟ أيّ شغف هذا الذي يدفع لأداء (حساس) إلى هذه الدرجة ؟
    أدرك حزن صديقي، محمد فول العميق عليه.كأن قسما من روحه دفنت مع عثمان حسين.
    عثمان، رمز الفن (الحساس) الذي يتقطر مشاعر وأسى.
    أيّ قلب أمّ، كما تقول يا كرم الله، كان في جوفه ؟!

                  

07-14-2008, 07:47 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    في حياتي قبلك انت
    عشت قصة حب قاسية
    لسة ما زالت في قلبي
    ذكرياتها المرة باقية.....

    لقد أبكاني هذا المقطع، وهو يزخرف نشيد بكائك، الصادق العجيب..

    حقا... لم لا نغني في البكاء، في فراش البكاء...
    فالغناء سليل النفس البشرية، في كل تعابيرها عن نفسها..


    والله أبكاني، لن أقدر على المواصلة..
    مع حبي للعظيم عثمان حسين في روض قبره العظيم...
                  

07-14-2008, 09:08 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    الأُستاذُ / خالد عويس ..

    حضُورٌ ومُتَابعَةٌ

    وتَحِيَّةٌ يَا صَديقي ..

    ولِلْمُنادى هُنا / الأُستاذِ /

    عبد الغَني كرم الله

    آلافُ المَحَبَّاتْ ..



    احترامي ..



    أخوك / محمَّد زين ...
    ____________
                  

07-14-2008, 09:24 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)


    عزيزي محمد زين
    اهلا بمرورك .

    كرم
    راجع.
                  

07-15-2008, 07:05 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    الأرواح الصديقة ...

    سلام ...

    النفس مثقلة جدا اليوم، نوم و صحو ونوم ... نعاسها هروب من تدابير قسوة الحال، و الصحو ثقل على النفس و الجوارح ... بعض الصحو محاولة هرب وكل النوم هروب، يلاحقني ما أهرب منه في نومي، يمسك بتلابيبي، يسألني (الحل)، هو خائف مثلي، وأكثر حظا مني، فإلي يأتي طالبا (الحل) و أنا ليس لي من قبلة سوى تلك التي يزاحمني فيها كل الخلق ... اجاهد لوضع قدمي، يدي تعلوها أياد، و صوتي خافت، مخنوق، يبتلعه الضجيج من حولي، فتعيني محاولة رفع الصوت فوقي قوافل الدعاء توشك على العودة بالآمال و المرتجي ... و تنكسر نفسي من الرجاء، و أعود للنوم من جديد ...

    ...

    ....

    اليوم و بعض من أمس ... صليبي الذي اجرجره منذ عرفت نفسي زاد ثقلا و امتد بعرض السماء.. استيقظت على صوت طرقات على ظهري، ووجوه ألفها تتحلق حولي تطلبني المزيد، تسألني (الحل) تزجرني، تلومني و اهرب منها لطبقة أعلى من النوم، من الغيبوبة، مرحلة ما قبل الموت، ولكن الحياة متشبثة بي، تخترق كل ابوابي، تنساب فيني رغما عني .. صليبي اليوم محكم قبضته حولي، يعانقني و شد و ثاقي له بمزيد من المسامير، مسامير أحبها، أودها، ولكنها في نهاية الأمر مسامير!قدمامي مشدودتان هناك مغروستان في طين يابس... تقرصني الحبال، لا خلاص كما كنت أظن يوما من هذه الحبال .. لا خلاص، رأسي ميدان إعدام ضاج بالرؤى ، تاج الشوك ينز رأسي، يكاد ينفجر من الألم و قطرات الدم تخشى النزيف، تخشى الضوء، تخشى أن تجف بعيدا عني، تخشى ان تغادرني فلا تعود، و الخوف أصله أنا، فأنا أرحل في اتجاه واحد، لا اعرف الالتفاف، أحث المسير لهناك، و هناك يتباعد عني كل ما أسرعت المسير ... ألفت الألم الآن، هدأ هو عندما ألفته! خدرني التعب، الانتظار، لست أطلب أكثر من أن أنام نعسا لا تعب... أريد أن أصحو اكتفاء لا هروبا من كوابيس تتربص بي...

    متعبة حد التعب،


    متعبة من التعب!


    ______________________

    (عدل بواسطة عزاز شامي on 07-15-2008, 07:08 PM)

                  

07-15-2008, 07:21 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عزاز شامي)


    صليبي الذي اجرجره منذ عرفت نفسي زاد ثقلا و امتد بعرض السماء.. استيقظت على صوت طرقات على ظهري، ووجوه ألفها تتحلق حولي تطلبني المزيد، تسألني (الحل) تزجرني، تلومني و اهرب منها لطبقة أعلى من النوم، من الغيبوبة، مرحلة ما قبل الموت، ولكن الحياة متشبثة بي، تخترق كل ابوابي، تنساب فيني رغما عني .. صليبي اليوم محكم قبضته حولي، يعانقني و شد و ثاقي له بمزيد من المسامير، مسامير أحبها، أودها، ولكنها في نهاية الأمر مسامير!قدمامي مشدودتان هناك مغروستان في طين يابس... تقرصني الحبال، لا خلاص كما كنت أظن يوما من هذه الحبال .. لا خلاص
                  

07-18-2008, 04:58 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    كلّ منا يحمل صليبه على روحه، ويسير على غير هدى.
    كل منا يحس - أحيانا - بوطأة المسامير على أوردته، ويمضي يتأمل في حبات الدم التي تلون جسده، وتنقط على الأرض:قصيدة ما، ولادة ما.
    حتى أننا نحب دماءنا أحيانا، وأنا أحب صليبي، إنه علامة !!
    الصليب:فتنة !!
                  

07-18-2008, 04:59 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    كلّ منا يحمل صليبه على روحه، ويسير على غير هدى.
    كل منا يحس - أحيانا - بوطأة المسامير على أوردته، ويمضي يتأمل في حبات الدم التي تلون جسده، وتنقط على الأرض:قصيدة ما، ولادة ما.
    حتى أننا نحب دماءنا أحيانا، وأنا أحب صليبي، إنه علامة !!
    الصليب:فتنة !!
                  

07-18-2008, 07:57 PM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الروح الصديقة عزاز..

    كم عبء هذا الجسد..
    كم نعمة هذا الجسد..

    في الأديان كلها، وحتى ناعومي كاميل، ظل الجسد هو الهاجس، والمتمر، والمتسخ، والسكير، والمجروح، والمحلق.. والنور..
    فهو.. الذي يتألم..
    وهو...الذي يرقص، والذي ينفى، والذي يتلوى من سطوة العشق هو هو، كما ردد عويس في خواطره جزء من نشيدك هذا، عذابك هذا، جرى خاطري (لصليبي)، .. كما يقول أهلي البسطاء، صليبنا معلون حين طلع العسكر، والهوس، والهم، ونظام عالمي (رأسمالي)، يجمع في قوته ليومه، وقرنه، وما بعد قرنه، وهناك من لا يملك قوت الأمس، ناهيك اليوم وغد..

    جرى الخاطر، لموقف المسيح (في الفليم، والواقع)،حين وقف مسمر في الصليب، وهو يهاتف ربه (لم تركتني وحيدا)...هناك لحيظات يغيب فيها المساعد، وتغرب شمس الأخوة، ليس انتقام رب، أو أن فكرة الحياة ناقصة، ولكن (الذات البشرية)، في غنى، عن أي (مساعدة)، سيرك منك، وصولك إليك، لحيظات الأكتفاء (بالأنا)، قال استاذ محمود في كتابة (التنمية الاجمتاعية)، إن غرض الدين (إنجاب الفرد المستغني عن المجتمع)... سيد نفسك مين أسيادك.. وياريت، وهيهات، فالنبي في معراج المعرفة، توقف حزينا، كي يودع صديقه جبريل، وهمس له: أفي هذا المقام يترك الخليل خليله.....
    وهذه الفردية، (بمعنى أن نتخلص من المجتمع، ورواسبه، وحيوانه المنوي،وبيوضته، ونولد بقابلة الفكر)، هي هاجس الحياة، سيد نفسك، مين أسيادك... كن... الأولى، قبل خلق الزمان والمكان، حيث كان الميلاد بكن.. ب... (تغور في الاحشاء ومضات من جهل ونور ولمح)، عصيه الوصف، وساطعة البرهان، معا، بربك كيف يلتقيان..

    يقال (خمرة "الأفراد"، عزت على العباد)...


    هناك أوقات عجاب، للتوقف مع الذات، وتأمل (الأنا)، وما يعتري الذات من هم، وطموح وإخفاق، وأمل..

    لحظات عجاب، نقف مع (الأنا).. وهي تدفن نفسها، كعادتها في (الغموض الأبدي)، ولا تسفر سوى لمح، لا يشفي، ولا يروي..

    انتي عارفة، فجر (صليبك فيني الكثير الكثير)، كتبته في المكتب، وسأرسله يوم الأحد، لو مد الله في العمر بقية... وعن هوان خاص، وعن جوى فكري وتقلب في ايدولوجيا التصديق الذاتي، وعن مخرج، وعن أمل،وعن شاطئ أمان..

    العويس... شوقي ومحبتي، وسعدي بما تسطره من روح هناك، تتلبس كل حروفك، كل خواطرك الدافئة العريقة، الشاعرية، الكثيفة، والله سعيد بأنني (قارئ)، حد السكر، وأكون ثملا، حين اطلع على حروف مترعة بخمر الفكر، وعقد السبح...


    السلام والمحبة، لا تزال الحساسية تسكن الجسد، مع فترات راحة، ثم تأتي لتعتقلني في البيت، بل في الغرفة... وأمرنا لها..


    السلام والمحبة....
                  

07-18-2008, 09:53 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    الأرواح الصديقة ...
    سلام و محبة ...
    أحن إلى شيء ما ... شخص ما ... زمن ما ... لا أدري ولكن حنين حارق يسكنني الآن، احن لرائحة أخرى غير تلك التي تضوع يدي أمي .. رائحة لا تشبه بقايا رائحة أبي في طاقيته النائمة على سريري، رائحة ما تعرفني، تلاحقني أجهلها ، لا تحمل اوراق ثبوتية ولكنها تعرف كل رموزي و تفكك شفرات حصوني، تغلفني في غلالة زرقاء، كـ لون طاقتي الآن، طاقتي المتعبة ... دفنت تعبي في الكتب، بت بطيئة في القراءة، كأنها صلاة، أخشى أن أنجزها بلا خشوع فلا تقبل، أقرأ بمهل شديد، لم أفارق 25 صفحة من زوربا منذ الامس، أعيدها مرارا، أمضغها ببطء، اشعر بالكلمات تنساب فيني، تلاقي كل جملة عائلة من اللحظات في ذاكرتي، تلاحمت الصور مع ذكريات مضت، لم يعد هناك فرق بين كريت و الرياض، بين البحر و البر، فقد فارقت أصدقاء أنا أيضا، تعاهدت معهم على التخاطر أيضا! كنت دودة كتب انا أيضا! نزعت مني صداقتي، عائلتي، ايامي، و زج بي قسرا في مراكب شتى، و ابحرت لوحدي، و ابحرت مع غيري!
    الآن أنا مسجونة في زنزانة جسدي با كرم الله! جلدي السجان، يرغمني ان اكون انسانا محشورا في جسد، يرغمني أن اعبر عني بحواس قاصرة مقهورة، فتبكي العين، و ترخي الأذن السمع للآتي، و أنطق كلاما يوصل بعض من شجني وتعود قوافل البوح بعبارها الزائد ترجوني ألا ابعثها مجددا فهي عرجاء خارج روحي ....
    قال كازانتزاكيس لا أخشى شيئاً، ولا آمل في شيء. أنا حر. لكني اخشى الكثير و آمل في الكثير! فيا طول مشواري و يالبعد حريتي! ولكني لا اريد ان اودع خوفي ولا التمني .. انني أبحث عن حرية تناسب ثناياي، تلبسني، تكسيني، تحميني من جور الطغاة، حرية أقاسمها مع كل الوجود، حرية تسعني، و تسع حزني، و لا تمل من بكائي ...
    كم نتشابه في الحزن يا صديقي!
                  

07-19-2008, 12:22 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عزاز شامي)


    (برقية) إلى عزاز:
    عثرت اليوم على حجر أخضر غاية في الروعة.تعالي لترينه، فهي فرصة لا تعوّض.
    أليكسس زوربا.
    شرق أوروبا.
    الحرب العالمية الثانية.
                  

07-19-2008, 09:21 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    كنت مفتونا بثلاثة من مخلوقات الله، الدودة التي تصير فراشة، والسمكة الطائرة التي تقفز من الماء محاولة تجاوز طبيعتها، ودودة القز التي تحوّل أحشاءها إلى حرير.
    وكنت أحسب دائما بتوحد غامض معها، لأنني كنت أتخيلها دائما رموزا ترمز إلى طريق روحي.
    (نيكوس كزانتزاكس – تقرير إلى غريكو)
    ____
    زوربا: كان يتمتع بكل ما يحتاج إليه الموجه للخلاص: النظرة الأولية التي تصل إلى هدفها كالسهم من علٍ، والانعدام المبدع للفنية، والتجدد كلّ صباح.
    الأمر الذي كان يساعده على أن يرى كلّ شيء باستمرار وكأنه يراه للمرة الأولى، وأن يمنح العذرية إلى العناصر اليومية والأبدية: الهواء والبحر والنار والمرأة والخبز.
    (نيكوس كزانتزاكس – تقرير إلى غريكو)
    _____
    بهذه الكلمات العميقة، يعبر (كزانتزاكس) عن هذا الإنسان الاسطوري: زوربا.
    بعد قراءتي (الجريمة والعقاب) لدوستوفيسكي، التي ما تزال أطياف أبطالها تتراءى لي، بسنوات طويلة، وقعت على (زوربا).وكانت فتحا..كانت طريقا جديدا، ورؤية جديدة وكشفا عميقا جدا.
    في داخل كلّ واحد منا (زوربا)، يرقص على حافة النار، ويضرب ماء البحر برجليه، ويصرخ غبطة حين يرى الشمس: إنسان بدئي، يستلهم من الطبيعة الحية روحه، ويستمر في الصعود، دون أن يكترث لأيّ شيء.إنه التوق الأزلي للانعتاق والعفوية.
    شخصية كانت لتصنع من أيّ كاتب، روائيا عظيما، كـ..كزانتزاكس.
    هل أقول إنني مفتون بهذه الشخصية، التي جسدها (أنتوني كوين) باقتدار وبراعة.
    لكن، كيف ترى كانت تجربة زوربا التي لم يروها كزانتزاكس ؟!
    شخصية النبي والقديس والفاجر والعفوي والمعقد والبسيط والناري هذه؟!
    كيف كانت طفولته، كيف كان صباه ؟!
    وكيف يمسك المرء بتلابيب السرد إزاء شخصية كهذه ؟!
    ...
    حكاية (الحجر الأخضر) هذه ساحرة.فزوربا، عقب افتراقه عن صديقه كزانتزاكس، وذهابه إلى أوروبا الشرقية، بعث له بتلك البرقية، في أثناء الحرب العالمية الثانية، يرجوه الحضور، وقطع آلاف الكيلومترات لرؤية ذلك الحجر (العادي) !!
    عادي ؟؟؟
    عادي بالنسبة لكزانتزاكس، ولنا جميعا، لكنه لم يكن عاديا بالنسبة لزوربا.هذا هو الفارق بيننا وبينه، (روح الصوفي) التي تعمره، تجعله يحس بفتنة الأشياء المتجددة.

    (عدل بواسطة خالد عويس on 07-19-2008, 09:27 PM)
    (عدل بواسطة خالد عويس on 07-20-2008, 06:02 PM)

                  

07-20-2008, 07:18 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    العويس..
    العزاز..

    يالهذا الزوربا...

    كتاب غريب، بل هو حياة، تجري في صحفاته حياة رجل محب للحياة، مفتون بالحياة، ومشرق بها، زوربا شخص غارق في نشوة الحياة بقلب مترع بالذكريات والنزوات، يعرف الشروق والغروب، يعرف النعاج، وخصور النساء، يعرف الخمر، والفشل، يعرف الهزائم والانتصارات، روح مرت بتجارب وليس قراءات، مرت الحياة من فوقه وعبره، وفيه.. (لم يكن صدى الأحداث.. (بل كان التجربة) "مقولة بكور وعصام)..

    من الايام الجميلة في حياة الفرد هي (قراءة زوربا)...
    لن أنسى هذه الايام، أكانت اسبوع، أم أكثر، مثلك ياعزاز، كنت اتمهل، وأتلصص، وأضحك، وابكي، وبربك (أي جمال للقراءة أكثر من هذا)، بل كنت اضع الكتاب على صدري، ثم أسرح مع عوالمه، وكأنني البطل، ومرات أقارن نفسي به، وأحس بضآلة حياتي، وفراغها، وتجردها (أين التجسيد)، زوربا شخص عرف الحياة عبر التجربة، وليس القراءة والتنظير..

    شخصية معادية (تعاديك برونق رؤيتها)، وسحرها..

    لابد من زوربا، ياخي شجعتني الواحد يعيد القراءة، وعسى ان نقطف ثمار فهم ومحبة جديدة لهذا الانطوني كوين، لهذا العجوز المثابر، المخادع، الصعلوك، الحكيم، الولي...


    نعود للقراءة.. والعود أحمد..



    صباح الاحد 20/7/2008
                  

07-20-2008, 07:34 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    -لكن ألا تؤمن بشيء إذن؟
    -كلا، لا اؤمن بشيء، كم مرة يجب ان اقول لك ذلك؟ انني لا اؤمن بشيء، ولا بأي شخص، بل بزوربا وحده. ليس لان زوربا افضل من الاخرين. ليس ذلك مطلقا، مطلقا! انه بهيمه هو الاخر. لكنني اؤمن بزوربا لانه الوحيد الذي يقع تحت سلطتي، الوحيد الذي اعرفه وكل الاخرين انما هم اشباح. انني ارى بعينيه واسمع باذنيه، واهضم بأمعائه، وكل الاخري اقول لك، اشباح. عندما اموت انا، فكل شيء يموت. ان كل العالم الزوربي سينهار دفعة واحدة!

    (من كتاب زوربا)...




    ...
                  

07-20-2008, 06:26 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    الدودة التي تصير فراشة !!
    ما أبهى هذا.الدودة التي تزحف ببطء قاتل على الأرض، أو على ورقة خضراء، تتفتق عن أجنحة ملونة، ولا تلبث أن تنفضها، وتشق طريقها إلى السماء، إلى الضوء، إلى .....الحرية !
    ما أروع هذا الشعور.ليس شعور الطيران، والتحول إلى فراشة، إنه شعور النضال للإرتقاء، للصعود المضني الشاق.ليست المسألة متعلقة ببلوغ القمة، إنها تتعلق فقط بتجشم تلك المسافة القاسية إلى الأعلى.
    وتلك السمكة التي تبذل عمرها في محاولة الطيران.
    أليس كلّ ذلك حياة (روحية) باذخة وعريضة؟
    كم تشبه تلك الفراشة..(الحلاج) مثلا، ثم أنها (تحترق) عشقا !!
    يا..الله !!
                  

07-20-2008, 09:07 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    كرم الله وعزاز الله
    قليلة هي الروايات التي تؤثر في المرء كلّ هذا التأثير، والشخوص التي تحفر عميقا في الروح.
    زوربا من هذه الخلاصة.
    علاقتي به، راحت تنسج على منوالها الخاص.أعود إليها كلّ فترة، لأتزود من هذه الروح الإنسانية الجبارة، الفطرية العفوية الصاخبة إلى أقصى حدود الصخب.
    زوربا لم يعش في الهامش.كان هو قلب الحياة.الحياة تنبض في داخله، وهو مشرّع الدواخل تماما للانقضاض عليها، وتذوّقها، ولمسها بأطراف أنامله.
    يا الله، قطع أصبعه !!
    ورقصه حول النار.
    حين يشويان اللحم على الجمر، قرب البحر، ويشربان إلى الثمالة، ثم يمضي زوربا يرقص رقصته الشهيرة.
    كم تمنيت أن أرقص مثله، متحررا من كلّ شيء، وملقيا كلّ شيء وراء ظهري.
    هذه تحديدا أسرار زوربا الكبرى.هذه مأثرته الكبرى، فهو لم يخش نفسه، وراح يحيا حياة حقيقية تماما.
    كيف يمكن للإنسان أن يكون متصالحا مع ذاته إلى هذا الحد.
    حين راح يواسي الأرملة ويشفق عليها..بكيت.
    وحين مات.
    وحين واجها – معا – خسائر في العمل.
    وضحكت.ضحكت حين لخّص فلسفته عن الآلهة المعنية باسعاد النساء.ذلك الإله الذي تعب من إرضاء النساء الوحيدات حتى أصابه السعال وتهدمت روحه، وجسده، ثم مات.
    وحين راح يخاطب ذاك الروسي بلغة الرقص !!
    لغة الرقص ؟؟
    كلّ منا يتوق أن يعيش لحظة في حياته..زوربا تماما.
    زوربا يعني العري التام.
                  

07-20-2008, 09:43 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    بِالسرِّ إِن باحوا تُباحُ دِماؤُهم
    وَكَذا دِماءُ العاشِقينَ تُباحُ
    (السهروردي)


    أحيانا، لا يكون في الدنيا سوى الظلام.
    ظلام، لا تدرك كنهه.ينبعث من أعماق روحك المكسورة.يجذبك إلى دائرته، فتكاد تغمس فرشاة روحاتك في سوادها، لترسم تفاصيل العمر - سوداء - على كل المساحات.
    مثقلة للغاية هي الروح.وكئيبة.
    هذا الإكتئاب الذي - ربما - دعا فرانسيسكو غويا - وكم أحبه - لتتسم لوحاته بكلّ تلك السوداوية المرة.
    هل لأن الحياة ذاتها مرة إلى هذا الحد؟
    هل لأنها بالنسبة إلى أيّ فنان، يتصف برهافة الحس البالغة هذه، لا تعدو أن تكون مسرحا عبثيا، كالذي دمغ به آرثر رامبو حياة البشر ؟!
    ...
    أريد أن أرقص مذبوحا.
    أريد أن أشعل نارا هائلة قرب البحر، مثل أليكسيس زوربا، وأرقص عاريا حولها.
    أريد أن أصرخ، لا ليسمعني عمق هذا الكون المجهول، وروحه العظمى، بل..لأبكي نفسي.
    ..
    أحيانا، هكذا فجأة، يشعل الحزن السحيق أعماقنا، ويسحق أرواحنا.
    حزن، لا بداية له ولا نهاية.
    ولا حتى علاج.
    ...
    سيدي (الحلاج)
    أحبك أكثر هذه الليلة.
    ومجذوب تماما، ومحتاج إليك وإلى قطرات الدم التي تنقط من صليبك..على رأسي وقلبي مباشرة.
    سيدي (الحلاج)
    ..
    أموت إذا ذكرتك ثم أحيا ولولا ماء وصللك ما حييت

    فأحيا بالمني وأموت شوقا فكم أحيا عليك وكم أموت

    شربت الحب كأسا بعد كأس فما نفد الشراب وما رويت
    ..
    سيدي (الحلاج)
    فما نفد الشراب
    فما نفد الشراب
    فما نفد الشراب
    ..
    سيدي
    قريبا سأعتلي !


    (عدل بواسطة خالد عويس on 07-20-2008, 09:50 PM)

                  

07-21-2008, 11:13 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    أود أن أرتاح قليلا من تعبي.
    هذا التعب الذي يهد روحي.
    هل لي أن أحزم حقائب روحي، وأتجه إلى جزيرة معزولة/مأهولة بالأطياف الصوفية، والديدان التي تتحول إلى فراشات، وأزهار اللوز، والنخل، والعشب الطري، والرمل، لأمكث أياما؟
    متى يستريح الإنسان من كل هذه العذابات ؟
    أليست الحياة بحد ذاتها، بقاءا مستمرا على الصليب ؟
    الآن، أشعر بوخز المسامير على ساعديّ.مؤلم هو الشعور، حين يدقون المسمار على الساعد، فيروح ينزع اللحم، ويغوص ببطء وسط الأوردة والشرايين والأعصاب، وينبجس الدم.تسمع - بروحك - رأسه المدبب وهو يدق على العظام، ويفتتها ليمضي بعيدا ويثبتك إلى الخشب.
    ثم يهبطون ليفعلوا الشيء ذاته في قدميك.
    تسند رأسك المتعب على صدرك، وتتأمل - مدهوشا - قطرات الدم وهي تنقط على التراب - تحتك -، تتخيل أن زواج الدم بالتراب، سينجب أزهار العشق الحمراء.
    ترفع رأسك ببطء، فتجد الناس تحلقوا حولك.مريدوك وأعداؤك الذين لا تسعهم الدنيا فرحا.
    لك (شبليـ..ك)، أكبر المريدين، تطفر عيناه بالدمع، ويروح يسأل، وربما تجيبه بـ(الوضوء) !!
    تسرح عيناك بعيدا، عبر السهول والجبال، كغيمة تتهادى فوق الفلاحين والرعاة، تمنحهم الحب، وتمضي، تشق طريقها إلى السماء.
    تشق الحجب، وتسجد تحت العرش.
    الدم يلون الأرض.
    وهي، هناك، تخفي وجهها، لكنك لن تخطيء عينيها يوما.
    كما عرفتهما دائما.
    عينان ممتلئتان بالحياة والعشق.
    هي اليوم، في اكتمال الحياة.
    واكتمال الموت.
    تعرف، أنه تبقت ساعات.تبكي بكاءا داخليا مرا، وأنت الوحيد الذي بمقدوره سماعها وهي تنتحب.
    و(الشبلي) يفزع الجميع ببكائه.
    الصليب: ساحة الرقص.
    ساحة الرقص يا شبلي.
    شي لله
    شي لله
    الجسد خفيف جدا، وكذا الروح.
    هذا هو الاتحاد الحقيقي بينهما، المبني على الخفة لا الثقل.
    ما الذي يذكرني الآن - وأنا على هيئتي هذه - بميلان كونديرا ؟
    فلأغنّ إذن لمريديّ أغنيتي الأخيرة.
    فلقد تعب مني الجناح.
    اقتلوني يا ثقاتي
    إن في قتلي حياتي !!!
                  

07-21-2008, 04:28 PM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    العويس...
    وربي أصبت كبد الحقيقة..

    Quote: زوربا يعني العري التام.



    ياعويس، حين تفرض (الكتابة)، شرطها، وسرها،ألا تحس (بذاك التعري)، العجيب، من لبوس ووعي وتقاليد، وصرامة، وقيود..


    متى ياكرام الحي، عيني تراكمو متى...
    حيث لا حيث، وعند لا عند..


    يالها من رقصة شهيرة، تلك التي رقصها زوربا... تكاد دقات قدمه ترن في سموات المريخ، وزحل، والقلب..

    طق طق طق... ثملا، وأي سكر هو... انعتاق كبير، لذهن كبير، وقلب أكبر..


    حقا..

    Quote: زوربا يعني العري التام.


    المحبة الزايدة...
                  

07-22-2008, 02:01 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    سأعود
                  

07-22-2008, 02:16 PM

داليا حافظ
<aداليا حافظ
تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 5055

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    Quote: ياعويس، حين تفرض (الكتابة)، شرطها، وسرها،ألا تحس (بذاك التعري)، العجيب، من لبوس ووعي وتقاليد، وصرامة، وقيود..


    متى ياكرام الحي، عيني تراكمو متى...
    حيث لا حيث، وعند لا عند..




    أتدري يا خالد ...ناديه مرة اخرى بالله عليك



    نحتاجه المجنون لعله يبعثر الفضيحة حيث لا فضيحة



    أو لربما يجئ عند مشارف المسافة ...حيث لا مسافة ..ولا قطيعة ....



    خالص ودي

                  

07-22-2008, 07:13 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    إعلان مدفوع الأجر

    مشتر يبحث عن فضاء مطل على بحر، سقف في الجوار و بعض متاع. بأي سعر. الوسطاء يمتنعون.
    ____________

    كم اتمنى لو كان لي جناحين أو سجادة سحرية أو حذاء مسحور ينقلني فورا للمطلوب أعلاه... ولكن، وكما هي عادة لكن استدراك مؤلم، أنا مجرد انسان معلب في جسد مشدود للأرض .. أرض محبوسة مثلي في مدار، تحمل بحارا و جبالا و مجانين محبوسون جميعنا في مدارات، زنزانة داخل أخرها، صندوق يحوي صندوق، هكذا نحن، رهن الجدران، الخطوط و الحدود، المرئية و غير المرئية! خرائطنا نكتة! من مشى بمحاذاة الخطوط المتعرجة التي كنت اقضي ساعات من طفولتي ارسمها على ورق شفاف؟ لما لم ترسم الدول مربعات و مثلثات؟ لم نرهق زمنا في متابعة خط مهمل لا يبرز إلا في إطلاق النار و تشب البنادق للذود عنه! أي خطوط منها نحن؟

    هذه الخطوط اللعينة انجبت وثائق سفر ألعن، تقتات على تأشيرات عبور و تقيدني حتى في أبسط صور الطيران، السفر، صندوق آخر في دكان الصناديق. كم صندوق حتى الآن؟ جسدي.. جنسي .. جنسيتي ... آه .. نسيت، لوني! ظرف آخر قد ينقلني من صندوق بني لشوال سكر فارغ، مثله مثل الدين ... فبحسب السجان أصنف، قد أكون إرهابية للبعض، أخت في الآسلام للبعض، وقد يمصمص البعض شفاه في ترقب... شيلا صديقتي، انسانة للبعض، يهودية عدوة للبعض، فتاة جيدة للبعض لو تركت صداقة هؤلاء (نحن بالطبع!) ... ماذا تبقى من قائمة (الصناديق)الأغلال؟ استأنستنا هذه الصناديق و بتنا دواجن نرتدي ربطات العنق و الفساتين، موهومين بأننا احرار! هه! كالمساجين هناك، حيث (الحرية) يطلق سراحهم بشروط و تربط في اقدامهم اجهزة تطن متى ما تعدوا الحدود .. نحن كذلك، ولكن بعض الحدود أضيق من ان ترسم، و سيطن جهازك باستمرار ... نخرج للصندوق الكبير من صنودق أصغر، داخل صندوق أكبر، رحم في جوف أمراة تترقب، لدنيا كبيرة تجهل مجيئك حتى تغادرها، فرحيلك عنها إليها، فتعلم انك جئت يوما يوما تضمك في صندوقك الأخير!

    ترى ماذا سيحدث لو قدنا ثورة ضد الصناديق! بأي صندوق نبدأ؟ هل سنهزم كل الصناديق؟ ام سينشق البعض منا نصرة للصناديق؟ أم سنخشى الفراغ و خفته فقد اعتدنا ثقل الصناديق ... هل سنعود يوما منكسرين نبحث في الاشلاء عنها؟ و نبكي إليها عقوعنا و حجودنا؟ ام سنرقص يوم النصر خفافا و نشعل نارا في أكوام الصناديق؟

    لا أخفيكم سرا، احب صناديقي، ألفت صناديقي، لا أعلم وطنا غير صناديقي... اسحب كل هلوستي السابقة، سأكدس صناديقيو صناديق من أعرفهم، لا أريد فكاكا منها، فبالصناديق سأميز .. أخشى الانصهار في بحر من الأجساد الحرة و مشاهد قيامة مبكرة لم أستعد لها بعد... امن أجل هذا للدفن طقوس؟ و للبعث طقوس، و البرزخ دورة تدريبية للتحرر من هذه الصناديق؟
    كيف كنت لو كان الكون اكثر انفتاحا منه الآن؟ أكنا سننبت كالزهر على أطراف الأنهار؟ أكنا سننثر بذورا في المزارع تسقينا مياه الأمطار و ننموا تحت الشمس، لا مهد ولا رضاعة ولا أحضان ولا تطعيمات ضد الامراض؟ كيف كنا سنصنف؟ استوائين، بيئة مطرية، صحراء؟ تبا! عدنا للصناديق مجددا! ترى اكنا سنعبد غير الأرض؟ أكنا سنتقاتل في الحروب، أم سنبر بالأم الكبرى، و سنحب بعضا بعضا كالأخوة؟ هل كنا سنحن للعودة للرحم الأول، باطن الارض؟ أعتقد انها نهاية منطقية أكثر من واقعنا الآن، فوقع الأقدام مزعج لنا هناك، في جوف الأرض، لم نعتد الظلمة، و هذا الصندوق يشعرنا بالضيق مع انها أرحب من الجلد!

    نعود للإعلان،
    أبحث عن فضاء يا أصدقائي، فضاء ... أرض و سماء ... أريد أن أمشي حتى أتعب، لا أريد أن التفت لمراقبة السيارات ولا انتظار اليد البيضاء لتؤذنني بالسير، لا أريد الانتظار في صفوف المترون و الركض كالمعتوهين من رصيف لآخر، لا اردي ان انعطف يمينا أو يسارا، أو ان اعتذر لمرا بجانبي إن تلكئت في السير... مللت كل طقوس التعايش مع مجموعة المساجين الذين يشاركونني هذه الزنزانة الكبيرة، و ترجمت على جان جاك روسو فقد عرف الانسان جيدا، فقد ولد حرا و قيدته المدنية... أريد ان اكل بحسب ساعات جسمي، و انام بحسب التعب، و توقظني قرصة الجوع أبدأ مشوار اليوم من جديد.. هل ذكرت لكم بأني احتاج إلى سقف؟ هو حنين إلى الصناديق، اجتاج حدا ما، خطا مستقيما يفصل شيئين، لا يكفي الأفق البعيد، ولا خط الموج، أريد خطا فاصلا بيني و بين السماء!

    السماء التي لا اعرفها جيدا، تقلقني، أخشاها و تطمئني، السماء البعيدة عني، اعرفها من البعد، كصديق بالمراسلة، راسلتني مرارا، وراسلت جدودي و السابقين، زخات المطر إحدى الرسائل، ترطب روحي، تهدهني وقت القلق... أشعر برغبة غريبة في البكاء وقت المطر! لا اعلم لماذا و لكني اشعر برغبة ما مشاركة السماء البكاء، لا يمكنني ان أربت بيدي عليها، ولا أن أخذ رأسها بين يدي، ولا ان اشكرها، ولكني استعير منها الفعل، و المطر عندي بكاء، و دموعي مطر من روحي ....

    ......

    انتهى...
                  

07-23-2008, 06:35 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عزاز شامي)


    العزيزة عزاز..

    يارب بمنو نبدأ، ربنسون كرزو، أم الرسام بول غوغان، أم بشر الحافي، وكلهم اشتكوا من همك هذا، مثل بصير المعرى، هل يأبق الإنسان من ملك ربه، ويخرج من أرض له وسماء، ليس تساؤل، بل رغبة كامنة في قلب ابي العلاء..

    الرسام بول غوغان، هرب من باريس، من الموضة والجمال والحضارة، إلى جزيرة عذراء، تتداخل فيها الاساطير مع الطبيعة مع الإنهار مع النساء، كلها لوحة واحدة وحية، يصحو مع حرارة الشمس، ودفء صوت الحياة من عصافير وحشرات وموج، ويظل يتسكع بين الاشجار الفوضية، التي زرعتها حكمة الطبعية، حيث تشاء، فلا منجل، ولا كوريك، ولا جدول، شكلتها الطبعية، كما شكلت النيل والامازون، ثم يرنو بصرة للسمروات العاريات، وهن هادئات، لم تطمس العملية والحرص النفوس، والعلاقة مع الطبعية كانت في اسمى حالتها..

    (لا تفعل شئ، أصمت، الفجر آت، والعشب ينمو بمفرده)... إنها قصائد الطبيعة، التي رأها رأي العين، ورسم ورسم ورسم ورسم.. نساء عاريات، نساء جالسات، نساء يزرعن، وأخريات يتسامرن..

    ارتاد قلب الطبيعة، وعلاقتنا الأزلية معها.. ولكنه لم يكن وحده (كما ترغبين)...
    أم سيدنا بشر الحافي، فقد ضاق من بغداد واسواق بغداد، وحياة (القطيع)... وفر بجلده للخلاء، (الفرد المستغني عن المجتمع)، قيل بأن الشيخ عبدالقادر الجيلاني سكن خرائب بغداد، عام يأكل ولا يشرب، وعام يشرب ولا يأكل، وعام لا يأكل ولا يشرب، حتى (رآى رجال الغيب)، وعاش بقوت الفكر، والمحبة، وهي القوت الحقيقي، لا المجاز....

    ياخي المجتمع ؟؟؟.....
    خلوة القبر أفضل الخلوات، هكذا يقول النابلسي..

    الإنسان كائن مكتفي بذاته، (لم أظهر في شئ كظهوري في الإنسان)...

    الكتابة...(إليست عالم بديل، وفنان، وحالم)..
    الخواطر (أليست عالم بديل، وفنان..)..
    الذكرى (أليست عالم بديل)..
    الرغبة.. الأمل...(أليتس عوالم بديلة)، لهذه الماثلة..

    العيش في قلب الوقت (لا أمس من عمر الزمان ولا غد، جمع الزمان فكان يوم لقاك)..

    تروادني فكرة الأرض العذراء، والحلم الواقعي، والفردية، والفرد.. (براااااااااااااي)...

    ربنسون كروز، حين رجع لبريطانيا، حن لجزيرته، وحلمه، وعالمه... مكتفيا بذاته.. عن سواه..

    الأرض العذراء....
                  

07-23-2008, 09:16 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    كلما ازداد شعورنا بتقدمنا في مجال الديمومة المحضة، ازداد إحساسنا بتداخل أقسام وجودنا المختلفة، وبتركيز شخصيتنا كلها في نقطة واحدة أو قل إذا شئت في حدّ يندمج في المستقبل ويقرضه دون انقطاع.ذلك هو قوام الحياة الحرة وقوام الفعل الحر.
    (هنري بيرغسون)
    الزهد في الدنيا قصر الأمل ليس بأكل الغليظ ولا بلبس العباء
    (سفيان الثوري)
    ولما ادعيت الحبّ قالت كذبتني
    فمالي أرى الأعضاء منك كواسيا
    فما الحب حتى يلصق القلب بالحشا
    وتذبل حتى لا تجيب المناديا
    وتنحل حتى لا يبقي لك الهوى
    سوى مقلة تبكي بها وتناجيا
    (الجنيد)
    الزمن هو قوس متجذر في الأزل، في أصله وفي آخره، لكنه يبلغ القمة في ذاكرة المتصوف وعقله.
    (سهل بن عبدالله التستري)
    أنا النقطة في أسفل الباء
    (الشبلي)
    ....
    وأيّ نقطة أنا، وأيّ نقطة أنت يا كرم الله، وأيّ نقطة هي عزاز ؟
    والنقاط كلّها، تعود إلى النقطة البدئية.ونحن مغلولون إلى أسئلتنا وقلقنا.فيم تكمن الإجابات ؟ بتقدمنا في مجال (الديمومة المحضة) أم في (قوس الزمن) المشدود على أرواحنا ؟
    كلّ ذلك ألم.
    فالذي يعرف والذي لا يعرف، كلاهما يقاسيان الألم.
    والذي يعشق، والذي لا يعشق، كلاهما يعانيان الوجع.
    والكتابة عذاب.والقراءة عذاب أكبر.
    طواسين القراءة والكتابة والمكان:
    إنها فوضى بامتياز !
    "غراميات" كونديرا المرحة، وخفة كائنه ذاك،توماس أو تريزا، أو غيرها من الفتيات اللواتي عبرن حياته.خفته المحتملة على نحو ما، وصداع سبينوزا،ونبشه في الأسفار القديمة، والعهد الجديد. ودماء الحلاج، وأفكار ابن عربي، والتبغ، الكثير من التبغ، و..أنا !
    إباحية مورافيا، وجنون ماركيز، قرب منامتي. ودريدا وفوكو، ونسخة من الإنجيل، وأخرى من القرآن، ومؤلفات عن بوذا.
    وجلال الدين الرومي، ولاكاش، ولودفيغ فينغشتاين !
    المدينة لا تحتمل كلّ ذلك.
    المدينة لا تبالي لكلّ الهراء الذي أنتجه العقل البشري، منذ ما بعد العصر الحجري، إلى اليوم "الحجري" !
    بيتي الصغير يحتمل كلّ هذا العذاب.والعذاب الحقيقي، الذي دوخني كلّ ليلة، طلية ثمانية أشهر، هو لويس أراغون !
    لعنته طوال الشهور الماضية.كنت ألعنه كلّ ليلة.لكني لم أستطع أن أفكّ نفسي من إساره.وعلى نحو خاص، راقني رأيه حول الرواية، والفنّ بشكل عام.إن لم يكن ينطوي على تعقيد ما، وتركيب ما، فهو تفاهة تماثل تفاهة هذه المدينة وانحطاطها.
    أما بارغاس يوسا وبورخيس، فهما محطوطان في المكان، واللا مكان.في كلّ ركن.
    خبز مؤلم.كلّه، خبز مؤلم، لكنه، هو تحديدا:حياتي !
    وهي ليست مهمة لأحد، حتى بالنسبة لي.صحيح، تبدو لي مهمة في بعض الأحيان، حين أعكف على الكتابة، وأحسّ بذلك الوجع اللذيذ في أعماقي.لكن، وبمجرد أن أستغرق قليلا، ثم أعود لأقرأ البدايات، يتضح لي أن ذلك كله هراء لا يضاهيه هراء !
    منذ عشر سنوات لم أكتب شيئا ذا قيمة، على الأقل بالنسبة لنفسي.مزقت كلّ ما كتبته.في الحقيقة، منذ اللحظة التي غادرت هناك إلى هنا، عاجز عن العثور على تلك الومضة التي تنبثق فجأة، لتستحيل بعدها الحياة إلى متعة لا تضاهى، وعذاب ليس له مثيل.
    من يناقشك هنا ؟
    من يناقش أناشيد نيرودا، وجموح لوركا وفطرته الإسبانية الصقيلة ؟
    ضحكت حتى دمعت عيناي على كزانتزاكي، وجنون صديقه الذي مات في النهاية، بعد أن شبع من الدنيا، هو والإله "زوس"، الحاني على النساء !
    وبكيت حتى الشقاء لسحر روحه الفطرية التي لم يصقلها شيء، فظلت كحصان بري فالت.
    الحياة، ومضة، سرعان ما تنطفيء.لكنها، هنا بالذات، أكثر وضاعة من أيّ مكان آخر.مملة على نحو باعث على الانتحار.
    المدينة، معسكر كبير و"فخم" للعمال، مسيّجة ببحر منطفيء شاحب، وصحراء ساذجة، لا أساطير فيها، ولا غموض.ليس فيها ثمّة ما يسحر، ذلك العمق السحيق الذي يطلّ من عيون المدن.عيناها، عينا صبية طائشة، وكفاها شديدا النعومة.
    صباحاتها كمساءاتها، لا شيء يذكر.يومها، كأمسها، وأجزم:كغدها !
    ليس ثمّة ما تقدمه سوى متع سخيفة سطحية.أستعيض بالقهوة عن المطر ليبلل عروقي.
    المدينة ليس فيها لا مجانين ولا متسولين ولا نمل !
    لعنة الله على مدن كهذه.تفقدك صوابك تماما، وتسلمك إلى حالة من الرتابة القاتلة.
    منذ عشرة أعوام، أنا محشور في هذا الركن المظلم من العالم.تتغرغر في أعماقي رائحة النفط.يسيل إلى كلّ خلية، ويستوطنها.
    المدينة نظيفة، وهذا مؤلم.مؤلم على نحو ما.ولا تهيم فيها القطط، ولا الكلاب.المدينة منظمة جدا.ولعل هذا هو سبب البلوى.منظمة كقبر !
    ما عدت أشمّ.ما عدت أميز الروائح !
    هنا: ليس سوى "تلك الرائحة"، وفخاخها !
    ما من "عطر صندل" يفوح كالربيع، ولا "خُمرة" تضوّع جسد أنثى مليحة، تترك الشارع بأكمله ناعسا ودائخا، ولا رائحة النهر تلك، التي تحوي رائحة الأسلاف، ورائحة الرضّع.النهر:الطفل.النهر :الجد.
    ما من "برسيم" تعبره الريح، لتحمل منه رائحة الحياة، ورائحة القرية.
    حتى رائحة أمّي، ما عدت أميزها هنا.
    ...
    ...
    والعشق يا كرم الله !
    العشق يا عزاز !
    في كلّ هذا الجدب، ينبثق كفانوس سحري، ويضيء القلب.
    أهي العزلة الدافعة التي تيقظ حواس الروح ومجساتها، حين تفتقد نشوتها الفطرية – هناك – فتتلوى عذابا، وتطرح نفسها عند قدمي العشق ؟
    أم هو الحنين، بوخزاته المرة، ونكشه الروح ؟
    وهذا كلّه يجمّع قطرات الندى على أطراف الروح، فيبللها.
    سقوني وقالوا: لا تغنّ ولو سقوا جبال حنين ما سُقيت لغنت
    (ابن غانم المقدسي – الأندلسي)
    كيف يا كرم الله من سقي لا يغني ؟
    إذا ذكرتك كاد الشوق يتلفني
    وغفلتي عنك أحزان وأوجاع
    (الحلاج)

                  

07-23-2008, 09:37 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    يا عزاز
    ما هذا كله ؟
    "ظلمات بعضها فوق بعض"
    هذا وجع بوسعي أن أسميه "آسرا".
    قلق البدايات/النهايات التي تقود من متاهة إلى أخرى.
    والروح نازفة إلى أقصى حد.
    وما العلاج ؟
    نحن، نتخبط في المتاهة بحثا عن ضوء ما: تارة بالتشبث بالعقل، وتارة أخرى بالروح، بالقراءة، بالكتابة، بالموسيقى، بالعشق، بالبحر، بالسماء، بالحنين.
    هل هذا يجدي ؟
                  

07-23-2008, 09:43 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    Quote: ولما ادعيت الحبّ قالت كذبتني
    فمالي أرى الأعضاء منك كواسيا
    فما الحب حتى يلصق القلب بالحشا
    وتذبل حتى لا تجيب المناديا
    وتنحل حتى لا يبقي لك الهوى
    سوى مقلة تبكي بها وتناجيا
    (الجنيد)



    ياله من برهان صعب...
                  

07-23-2008, 09:53 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    Quote: كيف كنت لو كان الكون اكثر انفتاحا منه الآن؟ أكنا سننبت كالزهر على أطراف الأنهار؟ أكنا سننثر بذورا في المزارع تسقينا مياه الأمطار و ننموا تحت الشمس، لا مهد ولا رضاعة ولا أحضان ولا تطعيمات ضد الامراض؟


    يا له من نزف وحنين وقلق !!
                  

07-23-2008, 01:59 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    عزاز

    من "النطفة" يبدأ هذا الأسر/اللا أسر.
    يستحثه الحبل السري على مزيد من الاستحكام.
    وتبدأ "أرضيتنا" المفرطة الموجعة.
    وهناك في عمق "السر" المخبوء يولد التوق اللا نهائي لـ"الانعتاق"
    قوة تشدنا إلى الأرض، إلى الطين، إلى "الصندوق"، يسيجها أفق عتيق، وربما غير مستحب.
    وقوة أخرى، تنبع من ما قبل النطفة..من، ربما ذلك العدم البدئي، أو الانعتاق الأول، أو "السر"، تصوّب أبصارنا الروحية نحو الانعتاق.
    الانعتاق الذي لا أفق له، ولا حدود.
    هاتان قوتان تتنازعانا.
    ها نحن نعود إلى نقاشناالذي كان مبتدأه وحافزه الروح أم العقل.
    ها نحن نقف تارة أخرى على حافة الهاوية ذاتها، صارخين من أغلالنا، وصارخين - أيضا - من انعتاقنا الجزئي.
                  

07-23-2008, 02:21 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    كرم الله
    خطر لي سؤال
    هل ترى، العذاب الروحي بدأ باختراع الملابس وكل ما تمثله من رمزية ؟!
    لماذا هو زوربا عار إلى تلك الدرجة، وقريبا منه وإليه ؟
    هل بمقدورنا أن نتعرى ؟

                  

07-26-2008, 11:19 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    فوق
                  

07-28-2008, 06:37 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    لبيك، لبيك، ياسري ونجوائي
    لبيك، لبيك، ياقصدي ومعنائي

    أدعوك بل أنت تدعوني إليك فهل
    ناديت إياك أم ناديت إيائي؟

    ياعين عين وجودي يا مدى هممي
    يا منطقي وعباراتي وايمائي

    يا كل كلي، يا سمعي ويا بصري
    يا جملتي وتباعيضي واجزائي

    يا كل كلي، وكل الكل ملتبس
    وكل كلك ملبوس بمعنائي

    يا من به علقت روحي فقد تلفت
    وجداً فصرت رهينا تحت أهوائي

    أبكي على شجني من فرقتي وطني
    طوعاً، ويسعدني بالنوح أعدائي

    أدنو فيبعدني خوفي فيقلقني
    شوق تمكن في مكنون أحشائي

    فكيف أصنع في رحب كلفت به؟
    مولاي، قد مل من سقمي أطبائي


    قالوا تداو به منه ، فقلت لهم:
    يا قوم ، هل يتداوى الداء بالداء

    حبي لمولاي أضناني وأسقمني
    فكيف أشكو الى مولاي مولائي

    إني لأرمقه والقلب يعرفه
    فما يترجم عنه غير ايحائي

    يا ويح روحي من روحي، فوا أسفي
    على مني فإني اصل بلوائي

    كأنني غرق تبدو أنامله
    تغوثاً وهو في بحر من الماء

    وليس يعلم ما لاقيت من أحد
    الا الذي حل مني في سويدائي

    ذاك العليم بما لاقيت من دنف
    وفي مشيئته موتي وإحيائي

    يا غاية السؤل والمأمول يا سكني
    ياعيش روحي، يا ديني ودنيائي

    قل لي- فديتك- يا سمعي ويا بصري
    لم ذل اللجاجة في بعد واقصائي

    إن كنت بالغيب عن عيني محتجباً
    فالقلب يرعاك في الإبعاد والنائي
    (الحلاج)

    يا عبدالغني: حظر الإله حرامها وأنا اجتنبت حلالها!!
                  

07-28-2008, 06:39 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    العويس...

    سلام سلام، ومحبتي...

    Quote: هل ترى، العذاب الروحي بدأ باختراع الملابس وكل ما تمثله من رمزية


    لاشك...

    كانت ورقة التوت.. هي الفيصل..
    بين سيرة...
    وسريرة..

    بين القلب والعقل..

    لنا عودة.. فالموضوع شيق وكبيير..
                  

07-28-2008, 10:57 AM

حامد بخيت الشريف

تاريخ التسجيل: 12-28-2007
مجموع المشاركات: 49

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    2007-12-28 الضائع الذي انا / حامد بخيت

    قالت: ما اسمك؟
    قلت: سواد مشوه
    قالت : غير ان خط البراءة بوجهك قد خبا
    قلت: ضاع في ابواق الغجر
    قالت : والدم المسفوح ، افلا يذكرك الموتى ؟
    قلت: تباً لهم لم يكونوا الا لعنة الأحياء
    قالت: وانت لا تعرف غير وجه واحد للشوق !
    قلت: انجرفت في رغائبي فلم أكنها وبكيت ، انا لعنة المدينة الوحيدة ، انا الضائع ، انا بذور العار،
    ابي متشرب في عتمة كالحة ، يبدأ نهاره دائماً بالبحث عن لحاء الأشجار ، لينمقة ويجيده صنعاً حبال من الصبر والقهر اشد قوة من تلكم التي اقتيد بها أجداده القدامي حين أوفدوا عبيداً لسيدنا – عفواً سيدهم – فأنا تعرفت على نفسي متمرداً على كل شئ – ربما حتى على رغائبي ، ولم لا ووالدي كان جحيمي ومأساتي ، لو لم يعبر ليلته تلك ناصية مخيمات الغجر ، لما رأته الغجرية ذات الرداء المهتري والتى كانت تحيكه بإهمال لا يعني سوي ضعف خبرتها بذلك- يبدو انني انحرف شيئاً ما عن جادة الأمر اذ لا يجدر بي ان اصف هذه الأنثي بهكذا وصف – ربما كان بإمكاني ذلك ان لم تكن هي امي ، ولكنا دائماً ما نعمى عن الحقيقة حين اتصالها بنا – لا بأس إذن ولا يعنيني من الأمر من كانت ومن ستكون؟ على الأقل سافضحهما – اعني امي وأبي كونهما لم يفكرا اوان نزوتهما فيما ان كنت سأنطلق صوب الجحيم او النعيم . ترى هل من نعيم ننتظره؟.
    عادة ما يخرج والدي باكراً كما قلت لكم غير انه خرج يومها بعد غروب الشمس لم يكن يجدر به ان يخرج حينها ولكنه اختار المخاطر وعليه ان يتحمل اذن ، حمل ادواته وخرج وحين مر جوار مخيم الغجر – هؤلاء الغجر طبعاً لم يكونوا من بلادنا ولم يكن من احد يعرف لهم اصلاً ، الغجرية والتي هي امي ، كانت تحيك ردائها الممزق حين رأت والدي وتغنت بإسمه: ياخمري السوداء ، ياتيساً يجئ علي البياض فيزدريه , كانت المرة الأولي تماماً لأبي حين جرّب اعضاءه فسقطت اثرذاك .
    قالت: صوتك ، ان لم يكن للهناءة مات ، الغجر لا يموتون الا حين يصمت بوقهم ، وصوتك مرفأ الأنوار ، انت وحدك ، تكسرت قوالب صنعك بعد خروجك لنا .
    كنت اعرف انني لا أشبه احداً ولا احد يشبهني ، ربما ضيعتني ملامحي التي لم اضيع ، قالت جدتي: انت اللعنه اذ ان صراخك ما حدا بأبيك الي الهرب ، لا احد يعرف اين ولماذا ولكني اعرف ، انت اذن شفرة الموت ، فأخرج وإلا عمدناك لعنةً للغجر هم لم يعرفوا الموت او التفرق قبلك .
    هكذا باعد الغجر بيني وبينهم ، لم اكن شجاعاً بما يكفي ، والا لكنت اخترت طريقاً لا يقابلني بأحد .
    قالت: وانت لم تقابلني بل انا التي فعلت ربما لأني تخيّرت ذات طريقك ولم اكن اعلم انك هنا ، غجري مشرب بسواد باهت ، ترى صديقي ان الغجرهم من كانوا لعنتك. ضيعوك فلم تكن الا غناءاً منكسراً وظهيرة لاتعرف الشمس طريقاً لها . انا ضائعه ولكني املك ضياعي ، وانت الضياع الذي ينتظرني انا الغزالة اذاً وانت صائدي ، معاً لا مكان يشرينا للبقاء الا دفئك وانا يقتلني البرد فهلم .
    شهدت غابة الأحزان اول ضحكاتنا ، وتغنت ، كانت هي المرة الأولي التي تعرفت الغابة فيها علي اغنيات الدموع ، ولعنتي الأخري تعرف نزوعي للخوف ، وهي لا تأبه



    انتهت
                  

07-29-2008, 05:07 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: حامد بخيت الشريف)


    حامد
    لطالما كانت (عوالم) الغجر مغرية لي.كنت أرى حريتهم نعيما وجنة، وتنقلهم المستقر، حلما يتحقق بالانعتاق.وقريبا منهم، من عوالمهم، أحببت أيما حب، الشاعر الإسباني، فدريركو غارثيا لوركا.
    هذا ما كتبته سابقا:

    علي الارض العارية، وفي تعرجات الجبال وحوافها المنحدرة، وقرب شواطئ الانهار، تدب قوافل الغجر في مسير لا يتوقف، مسير تتبين فيه معني الانعتاق من اي رابط بزمان او مكان، انها الحرية التي تلهب خيال فنان مثل لوركا، وفي حلبات مصارعة الثيران تدور رحي حرب بين قوة البدن وقوي الانسان الذي يقف علي حافة الموت، وهناك ايضا، في ارض اسبانيا ينتشي الناس بالفلامنكو، هناك في تلك الارض التي تستقبل موسيقي الغجر بنشوة حقيقية، وتخضب ارضها دماء الانسان الذي يتحدي الموت رافعا شارة التحدي الحمراء ، الارض التي تبدع الفلامنكو، وتورق الاقاحي، وتتفجر بكم هائل من التراث العميق، الذي اورث شعورا هائلا بالفن والجمال، هناك في تلك الارض، ولد فيدريركو غارثيا لوركا في 1898م.
    استوحي عوالمه الشعرية من الترانيم والحكايات القروية في ريف اسبانيا، ومن عوالم الغجر الغامضة ومن التشابك اللذيذ لجملة حضارات، كان كمعظم الفنانين، ثائرا متمردا علي الانماط التقليدية والسير في درب رسمه الاسلاف للحياة الآتية، هجر لوركا قاعات الدرس بجامعة غرناطة ليتجول في الشوارع، يلعب علي الغيتار ويصادق الشعراء ويحاول ان يؤلف للمسرح، ويجد في كل ذلك متعة لا تضاهي، وربما كان غارثيا لوركا كالاديب السوداني الراحل البروفسير علي المك، ميالا الي مخالطة البسطاء بل ومصادقتهم، فهو يري - كعلي المك - ابعادا انسانية غائرة، وحين مات احد اولئك الاصدقاء في حلبة مصارعة الثيران وهو اغناثيو ميخياس سانشيز كتب لوركا واحدة من اروع بكائياته وهي التي يبتدرها بالابيات:
    الموت منتصر في النهاية
    والثور وحده جذلان القلب!

    وربما كانت هذه المرثية من اكثر اعمال لوركا نضجا واحساسا فنيا وانسانيا صادقا، مبعثها العامل المأساوي لوفاة صديق جعله يحلق في سماوات فنية شفيفة:
    سيمر زمن طويل ليولد،، ان ولد
    اندلسي بهذا الصفاء، وهذا الغني في المغامرة
    ..

    وسأرحل بعيدا جدا
    ابعد من هذه التلال
    ابعد من هذه البحار
    وادنو من النجوم
    لأسأل يسوع
    ان يعيد لي روح طفولتي الغابرة
    نشوي بالاساطير
    والقبعة ذات الريش
    والسيف الخشبي

    ...

    تتقلد الثيران
    جلاجل ضخمة من الفضة
    اين ترحلين يا صغيرتي
    يا بنت الشمس والثلج!

    آه ان موضوع الثيران وحلبات المصارعة يبدو شيئا مثيرا وقابعا في ثنايا ذاكرته، ثم ما صلة الشمس والثلج! انها تلك البلاد التي تحيا علي تضاد غريب، ورغبة عارمة في رسم فسيفسائها علي نسق مغاير:

    نهر الوادي الكبير
    ينساب بين اشجار البرتقال والليمون
    نهرا غرناطة
    ينحدران من الثلج الي القمح

    ان لوركا، ينساب هو الآخر الي احضان الطبيعة الاسبانية، التي تشبه انثي حامية، جميلة، لكن لوركا لا يتذوق متعها الحسية فحسب، انما يستلهم من حسنها فنا يطرز به القناديل علي قبة سماوات شعره، وفي قصيدته الغيتار يتحدث عنه:

    يبكي اشياء نائية
    رمال الجنوب الحار
    التي تسأل عن الزنابق البيض
    يبكي سهما بلا هدف
    امساء بلا اصباح
    واول عصفور مات
    علي غصن
    ايها الغيتار
    القلب جرحته
    سيوف خمسة

    لوركا يفصح عن مكامن عميقة، واشياء تترابط ببعضها في ذاكرة المرء، عبر يقظة فنية تتبع كشوفات اخري، تعريف آخر لدغدغة الغيتار تهويمات وجدانية ونفسية تنثال من فضاء يصنعه هو، يثير اشياء يوقظها من سباتها، اندلاق صوته وهو يسكب روعته علي الاشياء ويفيض بحزن غامض، قصيدة اخري قرية تتجلي فيها روعة التصاوير والاوصاف المختزلة وهو طابع يميز لوركا :

    علي الجبل الاجرد
    طريق الجلجلة
    ماء صاف
    وزيتونات عمرت القرون
    في الازمة رجال ذو معاطف
    وعلي الابراج
    تدور الطواحين
    تدور الي الابد
    ايتها القرية الضائعة
    في اندلس النحيب
    وفي رحلة يقول:
    مائة فارس في ثياب الحداد
    اين هم راحلون
    تحت واطئ سماء
    بيارة البرتقال؟
    لن يصلوا
    لا إلي قرطبة ولا الي اشبيلية
    ولا الي غرناطة المتنهدة علي البحر
    هذه الجياد الغافية
    تمضي بهم
    الي متاهة المصلبات
    حيث ترتجف الاغنية



    جريدة (الزمان) العدد 1241 التاريخ 22- 6- 2002


                  

07-29-2008, 06:34 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    الحامد....


    صباحك منور، مع عوالمكم الغرائبية الواقعية، فالواقع أعجب من الخيال وأغرب..
    حباك الله ببيئة اسطورية تكتظ بها العين ويعيشها القلب..

    Quote: ولكني اعرف ، انت اذن شفرة الموت ، فأخرج وإلا عمدناك لعنةً للغجر هم لم يعرفوا الموت او التفرق قبلك



    عارف ياحامد عوالمك دي بس تصويرها يكفي.... فهي العجب العجاب، ...

    يااااااااالله..

    كن بخير، فقد غسلت ضباب العادة، بغرابة الحكي..




    فالصباح الصباح ياجمال الهموم.. ياود حامد والشابي معا..
                  

07-29-2008, 07:11 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    Quote: ابي متشرب في عتمة كالحة ، يبدأ نهاره دائماً بالبحث عن لحاء الأشجار ، لينمقة ويجيده صنعاً حبال من الصبر والقهر اشد قوة من تلكم التي اقتيد بها أجداده القدامي حين أوفدوا عبيداً لسيدنا – عفواً سيدهم – فأنا تعرفت على نفسي متمرداً على كل شئ – ربما حتى على رغائبي ، ولم لا ووالدي كان جحيمي ومأساتي ، لو لم يعبر ليلته تلك ناصية مخيمات الغجر ، لما رأته الغجرية ذات الرداء المهتري والتى كانت تحيكه بإهمال لا يعني سوي ضعف خبرتها بذلك- يبدو انني انحرف شيئاً ما عن جادة الأمر اذ لا يجدر بي ان اصف هذه الأنثي بهكذا وصف – ربما كان بإمكاني ذلك ان لم تكن هي امي ، ولكنا دائماً ما نعمى عن الحقيقة حين اتصالها بنا – لا بأس إذن ولا يعنيني من الأمر من كانت ومن ستكون؟ على الأقل سافضحهما – اعني امي وأبي كونهما لم يفكرا اوان نزوتهما فيما ان كنت سأنطلق صوب الجحيم او النعيم . ترى هل من نعيم ننتظره؟.
    عادة ما يخرج والدي باكراً كما قلت لكم غير انه خرج يومها بعد غروب الشمس لم يكن يجدر به ان يخرج حينها ولكنه اختار المخاطر وعليه ان يتحمل اذن ، حمل ادواته وخرج وحين مر جوار مخيم الغجر – هؤلاء الغجر طبعاً لم يكونوا من بلادنا ولم يكن من احد يعرف لهم اصلاً ، الغجرية والتي هي امي ، كانت تحيك ردائها الممزق حين رأت والدي وتغنت بإسمه: ياخمري السوداء ، ياتيساً يجئ علي البياض فيزدريه , كانت المرة الأولي تماماً لأبي حين جرّب اعضاءه فسقطت اثرذاك .


    حامد
    هذا الصباح، حروفك قهوتي
                  

07-29-2008, 07:22 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    يالله ياعويس..

    إنه بيت القصيدة..
    أصبت وأكثر..

    Quote: تدب قوافل الغجر في مسير لا يتوقف، مسير تتبين فيه معني الانعتاق من اي رابط بزمان او مكان، انها الحرية التي تلهب خيال فنان مثل لوركا،



    وكان سلامه توديعا..

    إنه البرق.. إنه الرحيل، عادة..

    الانعتااااااااااااااق...

    ....
                  

08-03-2008, 03:39 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    فوق
                  

08-03-2008, 04:42 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    يــــمـه الــنـــوم ابــــا وجـافــاني
    واصــــــبــح داجــي ســـــــاهــر
    ويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
    حــتى الطـــــيـف رحــل خـــلاني
    مـــا طـــيـــــــب لـي خـــــــاطــر

    قليل يا طيف هي اقيف وارجاني
    ويـــن فـــــايـتـــني عـــــــــابـــر
    شـــن حـــــــــارس وراك انا تاني
    يــــــانـي مــعــــاك مـســــــــافــر

    ويــن
    حــتى الطـيـف رحــل خـــــلاني
    مـا طـــيـــــــب لـي خـــــــاطــر

    لا تـقــــولي هـي كـــدي استناني
    بـمــشـــي واجــيــــــك بـــــاكــر
    يَـبــــقـى انــا مـا الـم فـيـــك تاني
    ياني معـــــاك مســـــــــــــــــافر

    ويــن
    حــتى الطـيـف رحــل خـــــلاني
    مـا طـــيـــــــب لـي خـــــــاطــر

    تعـــــال شـــــوف بســــــــتاني
    دا الكـــــان باشّـــي ناضـــــــر
    من حــــر السمــــــوم بيعـــــاني
    طـــــيرو يفـــــــــــر يهاجــــــــر

    ويــن
    حــتى الطـيـف رحــل خـــــلاني
    مـا طـــيـــــــب لـي خـــــــاطــر
                  

08-03-2008, 05:31 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    بعض الأغنيات ذاكرة
    وبعضها "أسمدة" للذاكرة
    وبعضها ملح يُرش على جراح الذاكرة !

    "الطيف"، أغنية كأنها "حبيبة طفولة".لم أكن أعي كلماتها، لكني كنت أحس بشكل عميق أن أمرا ما يحدث في دواخلي كلما سمعتها.
    "الطيف" أغنية لها سلطان على الوجدان.
    حتى مفرداتها التي لم أكن أعرف معانيها على وجه الدقة - وقتذاك - كانت تتسع فضاءات أمام ناظري روحي: بستاني، بستاني !
    "الطيف" أغنية فيها آهات مخبوءة في نسيجها، أغنية تحفز - دائما - على البكاء !
                  

08-03-2008, 08:34 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    العويس ..

    سلام سلام، ومحبة..

    للأغاني جوى، لم تعد أغاني، بل جزء من الكيان مثل الام، والعناقريب، والفسحات، في نفحات الصباح، وأختى الكبرى تكنس الدار مع إطلاله الشمس، يغني الكاشف ليك رسالة، فتقف عن الكنس، وهي منحنية، أراقبها من سريري، بدفء عجيب، وهي منحنية طوال الإغنية، يارب نست أنها بتكنس وإنها منحنية، وبعد نهاية الاغنية تبدأ الكنس..

    هناك أغاني صارت أخوات لنا، وأخوان، جزء من البيت زي الزير، وباب السنط، وباب الزنك، حين يخرج صوت الجابري من الرادي القديم الموضوع فوق ضربيزة المكوة كي لا تصله يد رشا الشقية، يعود الرادي هو الملك، ويرسل أشعته للراكوبة حيث أمي وخالاتي، ويجري للصالون لأخواني وهم يناقشون الفكرة الجمهورية والبيان الشيوعي، ولأخواتي في البرندة، فالبيت كبير، كبير، متداخل، عجيب.. كائن حي، حنون، من الطين وللطين...

    للاغاني روائح، نشمها زي الموز، والجرجير، والنعناع...
    وفي العصريات يتلمن بنات الجيران مع اخواتي وهن يرقصن مع أي اغنية، عرس وهمي، عرس حقيقي، وأمي تضحك، وتقيم الرقيص، وتعدل هذه، وترشد تلك... وتمر الحياة، كموجة حلوة، فطرية، تغسل أدران الهم، والغم..

    صارت سماء البيت لطيفة الوجدان بعركي، والكاشف، وعثمان حسين، وثنائي العاصمة، والكابلي، .....
    خالي عاشق للأغاني القديمة للحقيبة، يحكي عن قصص كتابتها، يأول أي بيت شعر يغنى، كالأفلام الهندية لكل قصيدة قصة، فالحياة هي القصة الكبرى والأحلى..

    حين يغني ابوداود، نجري فرحين لفاطمة جارتنا، أبو دواد جا جا جا، إنها تحبه، ونحبه بحبها، ونجلس نستمع له، فأداب الاستماع هي الاصتنات، والمحبة، وعشق الفكرة والصوت معا، فالإغاني للمباني، كالمباني تظهر الأسرار..

    للعشق حكاوي، والعشق يولد الاغاني، يولد الالحان، والشعر والاصغاء الجميل..

    ...
                  

08-04-2008, 05:11 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    كرم الله
    الأغنية هي اغتسال الروح في بركة الحزن والفرح معا.
    الأغنية تسلّ خيطي الفرح والحزن من عتمة الروح، وتغزلهما لتصنع أرجوحة للذاكرة.
    كلّ أغنية، هي ذاكرة شديدة التعقيد، وشديدة الخصوصية !
    كانت أمي، وهي تتشاغل بتقطيع البصل والطماطم، تهمس مع (كرم الله) ..
    : تعال شوف بستاني..بستاني
    ده الكان باشي ناضر
    من حر السموم بيعاني
    طيرو يفر يهاجر.
    الأغنية ..(مكان) !
    الأغنية، على وجه الدقة ذاكرة مكان وزمان.
    الطيف تسربت إلى أحشائي في واو.هي و(الرحلة) – النور الجيلاني، ونور العين – وردي.
    حين ضربنا شمالا، باتجاه القولد، كان كل شيء، بالنسبة لي مختلفا.الطقس الجاف، والناس، والسحنات والأغنيات.
    :السموم يا (فيصل) الحر !
    وفيصل هذا – لفرحتي – قدر لي أن أسافر معه إلى الخرطوم.
    شخصية أسطورية تتغنى بها الفتيات، ها أنا أجلس قربه، أراقبه في كلّ سكناته وحركاته، وهو يصارع أمواج الرمال في (الباجة)، ويسهر حتى الصبح، ويلعب بأصابعه على (بوري تلاتة) !! ويرهف سمعه – ونرهف – لصوت (الكوز) الذي يحسّن صوت الماكينة.
    أين راح كلّ ذلك ؟
    في القولد، كانت أمدرمان التي رأيتها (كائنا) مختلفا لدى أحمد عمر الرباطابي:
    أم در يا ربوع سودانا نحييك وانت كل آمالنا !
    يسافر صوته مع ظلام الليل، وأنا مستغرق فيه، منبعثا من المذياع قرب منامة والدي – رحمه الله - !
    تلك الحرقة الهائلة في أغنية (يا يمة ياااا يمة رسلي لي عفوك ينجيني من جور الزمان) !
    الأغنية رهيفة حساسة.. (من حور الجنان أم أنت)
    كانت تخصني بها، تغنيني في أمسيات شمبات، صوتها يتقطر حلاوة، وهي تسرح بعينيها في قمم الأشجار المعتمة، وفي السماء والضوء.
    في دنقلا أحببت بوب مارلي والبوني إم وأبا ودونا سمر.
    بوب ما يزال معي.لم يعد مغنيا فحسب، صار متمردا ثائرا محطما للقيود.
                  

08-04-2008, 05:21 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    Quote: تعال شوف بستاني..بستاني
    ده الكان باشي ناضر
    من حر السموم بيعاني
    طيرو يفر يهاجر.
    الأغنية ..(مكان) !



    يالله، من الوصف الحي، الوصف العجيب...
    للسموم حكاوي في اجسامنا الصغيرة، ونحن نسعى للمدرسة، او للطاحونة، ...

    أو نعلب الكرة منتصف النهار، ونلبس فساتين من العرق والملح والدبلان...

    كم تصورت وجه أمك العظيمة، وهي تتمثل الغنوة ولحنها، ووصفها، وترتد ذاكرتها المباركة للحقول، والبلدات..



    الأغاني؟؟؟؟؟؟
                  

08-04-2008, 05:48 PM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    Quote:
    كلّ منا يحمل صليبه على روحه، ويسير على غير هدى.
    كل منا يحس - أحيانا - بوطأة المسامير على أوردته، ويمضي يتأمل في حبات الدم التي تلون جسده، وتنقط على الأرض:قصيدة ما، ولادة ما.
    حتى أننا نحب دماءنا أحيانا، وأنا أحب صليبي، إنه علامة !!
    الصليب:فتنة !!


    ايها الصديق السائر مثلي على غير هدى
    خالد عويس ......
    لقد تعبنا من المسير وحُفيت اقدامنا وجُن من جُن ولكننا سائرون....

    فهل نصل يوما ما؟؟؟؟

    وعبدالغني كرم الله هو حادينا في هذا الجنون وانت معه!!

    خذ مني هذا التمزق:


    (1)
    هلْ أنا هابيلُ
    أمْ قابيلُ
    أم قَدحُ المُعَنَّى ؟؟!

    أو ربَّما...
    شطحةُ شعرٍ
    صاغها الجِنُّ وغنَّى!
    او كما قال قريني:
    نمنماتٌ ونقوشٌ
    جادها الغيثُ فجنَّ !

    لا يَهُمُّ..!
    لا يَهُمُّ الآنَ
    إنْ جئتُ على
    ظهرِ الأجنّة!
    فاصْلبوني يا رفاقي…
    اصلبوني فوقَ
    هاماتِ المظنَّـة!
    أو ذروني كرمادٍ
    للرِّياح المُرجحنَّـة!

    إنَّهُ شيطانُ شِعرِكَ
    ليتَ شعري
    أيُّها القدحُ المعنَّى!

    (2)
    أين أُمِّي
    تقرعُ الناقوسَ
    تدمي كفَّها
    وتئنُّ أنّاَ ؟!

    أينَ أقراني
    ومَنْ شادوا
    قصورَ الليلِ
    حينَ أمِنَ منا؟!

    بلْ أينَ أحبابُ الطريقْ،
    ثغورُهم كاللؤلؤِ المنثورِ
    حينَ أظن ظنَّـا!

    وفتاتي أطلقت للرِّيحِ
    أشرعةً ومزمارًا وفنَّـا!

    شرشفاتُ الرَّملِ
    آهٍ...
    أينَ رملي وحُصُوني؟
    أينَ خَبَّأتُ
    خيولي بالدُّجنَّـة؟! إنَّه شيطانُ شِعرِكَ
    ليتَ شعري
    أيُّها القدْحُ المُعَنَّى!

    (3)
    يا لهذا اللَّيل
    يرزخُ بينَ
    مطرقةٍ وسِندانٍ وأنَّة!

    إنَّنا نشكو اليكَ
    أميرَنا وتضِن ضنَّـا؟!!

    إنَّهُ هابيلُ كالجلَّاد
    ينصبُ في تُخُومِ الفجرِ
    مشنقةً مِنْ الشعرِ المُغنَّـى!

    إنَّه شيطانُ شِعرِكَ
    ليتَ شِعري
    أيُّها القدحُ المُعنَّى!

    (4)
    "يا ليلى ليلك جنّ"
    وخيالي سكنَ الجَنَّـة!

    "يا ليلى ليلك جنّ"
    أحبابُكِ أهلُ الجَنَّـة!

    "يا ليلى ليلك جنّ”
    وصباحُكِ عبقُ الجَنَّة!

    "يا ليلى ليلك جنّ"
    ولباسي ثوبُ الجَنَّة!

    "يا ليلى ليلك جنّ"
    ونبيذُك خَمْرُ الجَنَّـة!

    (عدل بواسطة عبدالأله زمراوي on 08-04-2008, 05:50 PM)

                  

08-04-2008, 06:07 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالأله زمراوي)

    يااااااااااااااااا الله.. يازمراوي...
                  

08-04-2008, 07:19 PM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    pluginspage="http://microsoft.com/windows/mediaplayer/en/download/"
    id="mediaPlayer" name="mediaPlayer" bgcolor="#000000" showcontrols="false"
    showaudiocontrols="false" showtracker="-1" showdisplay="0" showstatusbar="0"
    videoborder3d="-1" enabletracker="false"
    src="/nsdoc/06ece687-494b-4c47-811e-b39392434543/?id=1158825828424"
    url="/nsdoc/06ece687-494b-4c47-811e-b39392434543/?id=1158825828424"
    autostart="-1" designtimesp="5311" loop="false">

                  

08-05-2008, 05:42 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: emad altaib)



    (
    Quote: 1)
    هلْ أنا هابيلُ
    أمْ قابيلُ
    أم قَدحُ المُعَنَّى ؟؟!

    أو ربَّما...
    شطحةُ شعرٍ
    صاغها الجِنُّ وغنَّى!
    او كما قال قريني:
    نمنماتٌ ونقوشٌ
    جادها الغيثُ فجنَّ !



    عميق المحبة الشاعر الكبير زمراوي..

    حين شطح الشعر فيك وغنى،
    وأسكرنا..
    وحلق بنا في تلك العوالم
    والتي لانعرج إليها إلا ببراق "الشعر"..



    ...
                  

08-06-2008, 05:26 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    Quote: لا يَهُمُّ..!
    لا يَهُمُّ الآنَ
    إنْ جئتُ على
    ظهرِ الأجنّة!
    فاصْلبوني يا رفاقي…
    اصلبوني فوقَ
    هاماتِ المظنَّـة!
    أو ذروني كرمادٍ
    للرِّياح المُرجحنَّـة!


    يا صديقي في معاقرة الجمال والحنين: زمراوي
    ترى - بالله عليك - كيف ستعجن طين قصائدك بعد أن لا تترك المياه لنا، لا أرضا ولا نخلا ولا (ذاكرة) ؟؟
                  

08-06-2008, 06:35 PM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    Quote:

    (1)
    ما هذه الدُّنيا التي
    تقتاتُ مِنْ عمري
    وتُطْعِمُني الثَّريدْ ؟!

    مَا بالُها الأحلامُ
    تأخذُني الى الأحلام ِ
    تَقذِفُني على الأحلامٍِ،
    ثم تركُضُ نحو
    مِحْرقةِ الوعيدْ ؟!

    هل تُدرِكُ الأحزانُ
    هولَ تَحَسُّرِ الذِّكرى
    على الدَّمعِ السَّعيدْ ؟!

    (2)
    إيه على الذِّكرى..
    تُشقشِقُ كالعصافيرِ البَهيَّةِ،
    تنسِجُ الأنغامَ
    للفجرِ الجَديدْ !

    قدْ كنتُ في قلبِ الغُيُومِ
    على السَّليقةِ أصطفِي
    أحزانَ مَنْ شَادوا
    الأرائكَ بالنَّشيدْ !

    قد كنتُ أقْطِفُ
    من ثمارِ العمرِ
    سنبلةً من الأحزانِ
    والفرحِ التَّـليدْ !

    (3)
    اسْترجعتني تلكمُ الأنسامُ
    تَركُضُ بالبيارقِ
    نحوَ مِقْصَلةِ الشَّهيدْ !

    استعبدتْني تلكمُ الأنغامُ
    تَهدِلُ كالحمائمِ
    في سقوفِ العمرِ
    تستبِقُ الجَديدْ !

    (4)
    هذا أنا...
    أشتاقُ للذِّكرى
    وتهزِمُني جُيُوشُ النَّملِ
    واللَّيل العنيدْ !

    هذا أنا...
    اقْتاتُ من خمرِ التَّوحُّدِ
    اسْتجيرُ برونقِ
    الظِّلِّ المَديدْ !

    هذا أنا....
    لا تتركوني جائلاً
    بينَ الموائدِ والمدائنِ
    اقتفي ظلِّي وأحزاني
    على الشفقِ البعيدْ !



    الأحبة الخُلص
    خالد، كرم الله المجنون والمجنون الآخر عماد الذي أعادنا
    الى زمن الغناء الجميل ومحمد كرم الله....

    لماذا يشقى أهل السودان حتى في اظهار
    جنونهم (مجنون قالوا شاعر)؟

    ثم اين المُستقر يا ترى بعد كل عذابات الجنون،
    كما في حال اخوناكرم الله وصديقه الصوفي
    المعذّب عويس؟؟؟؟

    هل لكم ان تأتوا لنا بصوفية التيجاني
    يوسف بشير المعذّبة (قصيدته)؟؟
                  

08-06-2008, 06:45 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالأله زمراوي)

    ياتجاني..
    عفوا..يازمرواي..

    ورب أمي، أعشق الشعر، بصورة عجيبة، فالشاعر يبوح بما لا يعرفه، بما يجهله، وأحيانا أحس بأن الشعر مسكين، غلبان، يتحسس النجوم، ومرات بشوف الشاعر زي يد زول في عتمة وظلام دامس وهي تتحسس الطريق، منظر اليد وهي تلتمس الظلمة هي الشعر، ولكن الشاعر يده تلمس عتمة الضوء.. يسافر بي الشعر للجزيرة التي أحبها، ولا قدرة لي بوصفها، جزيرة الدهش.. دهش الأطفال..

    فيد الشاعر ممدوة للغد، تسبقنا، تتحس الغد، وترجع للخف تتحس الأمس، تذوب في الآن..

    الله على التجاني المعذب....
    التجاني المارق..

    التجاني العجيب... كفر ابن يوسف..


    زمراوي... والله أطربني حتى الثمالة، الشعر يرد الروح..
    ألشعر هو الاكسير الذي بحث عنه جدودنا، وما عرفوه...



    ...
    أعمق المحبة..
                  

08-06-2008, 06:45 PM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالأله زمراوي)

    الصوفيّ المعذّب



    .. هذه الذرةُ كم تحملُ في العالم سراً!

    قف لديها وامتزج في ذاتها عمقاً وغورا

    وانطلق في جوِّها المملوءِ إيمانا وبرّا

    وتنقَّلْ بين كبرى في الذراريِّ وصُغرى

    ترَ كلَّ الكون لا يفتر تسبيحاً وذكرا

    وانتش الزهرةَ, والزهرة كم تحمل عطرا

    نديتْ واستوثقتْ في الأرض إغراقاً وجذرا

    وتعرتْ عن طرير خضِلٍ يفتأ نضرا

    سلْ هزارَ الحقل من أنبتَهُ وردا وزهرا

    وسلِ الوردةَ من أودَعَها طيباً ونشرا

    تنظرِ الروحَ وتسمعْ بين أعماقِكَ أمرا

    * * *

    الوجودُ الحقُّ ما أوسع في النفس مداهْ

    والكونُ المحضُ ما أوثق بالروح عُراهُ

    كلُّ ما في الكون يمشي في حناياه الإلهْ

    هذه النملة في رقتها رجعُ صداهْ

    هو يحيا في حواشيها وتحيا في ثراهْ

    وهي إن أسلمتِ الروحَ تلقّتْها يداهْ

    لم تمت فيها حياةُ اللهِ إن كنْتَ تراهْ

    * * *

    أنا وحدي كنت استجلي من العالَمِ همسَهْ

    اسمع الخطرة في الذر وأستبطنُ حسَّهْ

    واضطرابُ النور في خفْقتِهِ أسمعُ جرسَهْ

    وأرى عيدَ فتى الوردِ واستقبلُ عرسَهْ

    وانفعالُ الكرمِ في فقعتِهِ أشهدُ غرسَهْ

    ربِّ سبحانَك! إن الكونَ لا يقدر نفسَهْ

    صغْتَ من نارِكَ جِنِّيَّهُ ومن نورِك إنْسَهْ

    * * *

    ربِّ في الإشراقةِ الأولى على طينة آدمْ

    أممٌ تزخرُ في الغيبِ وفي الطينة عالَمْ

    ونفوسٌ تزحم الماءَ وأرواحٌ تحاومْ

    سبَّحَ الخلقُ وسبّحْتُ وآمنْتُ وآمنْ

    وتسللْتُ من الغيبِ وآذنْتُ وآذنْ

    ومشى الدهرُ دراكا ربذ الخطو إلى منْ...?

    * * *

    في تجلياتك الكبرى وفي مظهر ذاتِكَ

    والجلا الزاخر الفياضُ من بعض صفاتِكْ

    والحنانُ المشرقُ الوضاحُ من فيضِ حياتكْ

    والكمالُ الأعظم الأعلى وأسمى سبحاتكْ

    قد تعبدتُكَ زُلفى ذائداً عن حُرماتِكْ

    فَنِيتْ نفسي وأفرغْتُ بها في صلواتِكْ

    * * *

    ثم ماذا جد من بعد خلوصي وصفائي

    أظلمت روحي ما عدت أري ما أنا راء

    أيهذا العثير الغائم في صحو سمائي

    للمنايا السود آمالي وللموت رجائي

    آه يا موت آه يا يوم قضائي

    قف تزود أيها الجبارمن زادي ومائي

    واقترب إن فؤادي مثقل بالبرحاء

    ***

    يا نعيما مشرف الصفحة يساقط دوني

    نضرت في قربه نفسي وزايلت غضوني

    فمشت قائلة الشك إلي فجر يقيني

    قضت اللذة فاسترجعها لمح ظنوني

    واسترد النعمة الكبري من الدهر حنيني

    من تري استأثر باللذة واستبقي جنوني؟

    ***

    أذني لا ينفد اليوم بها غير العويل

    نظري يقصر عن كل دقيق وجليل

    غاب عن نفسي إشراقك والفجر الجميل

    واستحال الماء فاستحجر في كل مسيل

    رجع اللحن الي أتاره بعد قليل

    واختفي بين ظلام المزهر الكل العليل

    التيجاني يوسف بشير
                  

08-06-2008, 06:50 PM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالأله زمراوي)

    بالله عليك يا كرم الله ق تأمل في هذه:
    Quote:

    أنا وحدي كنت استجلي من العالَمِ همسَهْ

    اسمع الخطرة في الذر وأستبطنُ حسَّهْ

    واضطرابُ النور في خفْقتِهِ أسمعُ جرسَهْ

    وأرى عيدَ فتى الوردِ واستقبلُ عرسَهْ

    وانفعالُ الكرمِ في فقعتِهِ أشهدُ غرسَهْ

    ربِّ سبحانَك! إن الكونَ لا يقدر نفسَهْ

    صغْتَ من نارِكَ جِنِّيَّهُ ومن نورِك إنْسَهْ
                  

08-06-2008, 06:52 PM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالأله زمراوي)

    ولعويس هذه الملحمة:
    Quote:
    يا نعيما مشرف الصفحة يساقط دوني

    نضرت في قربه نفسي وزايلت غضوني

    فمشت قائلة الشك إلي فجر يقيني

    قضت اللذة فاسترجعها لمح ظنوني

    واسترد النعمة الكبري من الدهر حنيني

    من تري استأثر باللذة واستبقي جنوني؟
                  

08-06-2008, 06:50 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالأله زمراوي)

    يالله...

    أشهد أن لا إله إلا المحبة المطلقة...

    ..
                  

08-06-2008, 07:18 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    ....


    وربي يازمراوي..

    لقد سجدت روحي لهذا الأبيات


    ***

    أنا وحدي كنت استجلي من العالَمِ همسَهْ

    اسمع الخطرة في الذر وأستبطنُ حسَّهْ

    واضطرابُ النور في خفْقتِهِ أسمعُ جرسَهْ

    وأرى عيدَ فتى الوردِ واستقبلُ عرسَهْ

    وانفعالُ الكرمِ في فقعتِهِ أشهدُ غرسَهْ

    ربِّ سبحانَك! إن الكونَ لا يقدر نفسَهْ

    صغْتَ من نارِكَ جِنِّيَّهُ ومن نورِك إنْسَهْ


    **

    لقد ذاب فيه... لم يعد هو، بل كان ذاك،
    ...
                  

08-07-2008, 05:02 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    Quote: كلُّ ما في الكون يمشي في حناياه الإلهْ
                  

08-07-2008, 05:58 PM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالأله زمراوي)

    ــــــــــ
    Quote: والمجنون الآخر عماد الذي أعادنا
    الى زمن الغناء الجميل ومحمد كرم الله....


    الطيف ... والبعد ... والفراق ... مفردات من الممكن أن تتحول لمسائل حسابية

    معقدة مرهقة ومتعبة لبواطن النفس والإحساس , وتجعل الدواخل تهتز وترجف فصوت الفنان محمد كرم

    الله يأتي ببعض الكلمات متنهدة من الاعماق كشهقة , حتي تحدث الراحة من الإرهاق , فالطيف هو

    الصديق الوحيد لكنه ربما يكون عنيداً في كثير من الاحيان والبعد هوقطعة من الحزن ملفوفة

    بسياح الوحدة والفراق بدايه العدم , والكل في دوامة السفر والإرتحال , فوق هذا حتي الزمن

    لمن يكن عادل... والإندماج مع الطيف هو إندماج مع المحبوب ورصد العدم في ذروة الوجود ...

    والقلب لم يكن أحسن حالاً مكسور الخواطر والشوارد , لكنه مجتهداًفي النفاذ للوصول إلي ملامح

    فتاتي المعاني والاشعار كلها أحزان ... وصوت محمد كرم يصدح في كل واحد منا ...


    سلامي للجميع
                  

08-09-2008, 07:18 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    حيث بت اطمئن من غدر الخارج

    حيث أرواحي الصديقة

    ارمي ثقلي هنا ...

    أرى السماء هُناكَ في متناولِ الأيدي
    ويحملني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ
    طفولة أخرى. ولم أحلم بأني
    كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ
    أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً... (*)


    وراجت صناعة الصناديق الآن
    التوابيت..!!
    موسم الرحيل للضفة الأخرى
    حيث تشرق الشمس و تغرب، حيث ننظر حين تضيق بنا الحلقة، و وتشير الأم بلا تفكير حين يسألها طفلها اللحوح "أين الله يا أمي؟" و حيث يشير الشحاذ بأصبعه حين تمد ورقة نقدية لا تلزمك!
    رحلوا جميعا لهناك! حيث لا نرى ... حيث لا نعرف بعد ما هناك! ولكني افترض بأننا نذهب للسماء برغم أن صناديقنا (أجسادنا) ستظل عالقة هنا ... مرهونة للجاذبية، لترتيل المقرئين، لزيارات الأحبة، و موتنا تروج صناعة التوابيت و الأكفنة البيضاء، و قد يتاجر البعض في حزننا، من يدري؟ قد لا يبكينا أحد ما ..!!
    سبقونا لهناك...
    حين تمطر، تنهمر أوكما قال بائس في يوم ما ..!! بدأ الموسم هذا العام مبكرا، أو متاخرا أيهما أقرب للألم الحقيقي .. أولا "جو" والآن أبكي درويش كما يستحق!

    أنا وحيد في البياض،
    أنا وحيدُ... (*)


    أدركت سر الوجود و عبث الحياة يا درويش! نغادرها بمفردنا برغم البواكي و العويل.. لا يرافقنا إلا البياض الناصع من وهج النور الآتي من البعيد، ترى لو أمكننا العودة لهذا الحياة هل كنا سنعود بعد ان نعبر بوابة الضوء؟ هل هناك ما يغري بالعودة لهنا؟ حيث أرقنا هذا الرحيل وحيث أمضيا وقت الانتظار نفلسف عبث الانتظار؟

    أعرفُ هذه الرؤية وأعرفُ أنني
    أمضي إلى ما لستُ أعرفُ. رُبَّما
    ما زلتُ حيّاً في مكان ما، وأعرفُ
    ما أريدُ... (*)


    وماذا نريد؟ لا نعرف! و نذرع الأرض نبحث عما لا نعرف و نردد كالبغبغاء مالا نفقه، و نلف في آخر الأمر كالطفل الرضيع و نوارى رحماً من نوع آخر .. نعود للطين، للنفخة الأولى، لبدء التكوين .. نجرجر كل تلك الأيام .. و الأحلام ... و الهتافات السخيفة عما نريد، وهل نحن نعرف ما نريد؟
    ...
    الحزن في تمامه الآن يا درويش..!!
    موتك تلك الصفعة بعد الصدمة ...
    تشحذ كل الحزن في نقطة ... تلك النقطة الغائرة في الروح
    تلك التي تنبؤني بسخف الأحياء
    وضرورة الموت لنفقه سر تكالبنا على عشب يابس نموت وندفن تحته ...
    في موتك أبكي شاهين، وكل الكبار ..
    و أبكي أكثر كل الموتى الأحياء .. أبكى كل الأطفال الذين يدعون النضج بشواربهم السميكة و عقولهم الصغيرة
    وأبكى نساءً لن يرين العدل يوما ...
    وأبكى ضحايا الحروب
    و ضحايا السلم و الوفرة
    وضحايا انسانيتنا الجوفاء ..!!
    وابكي ضياع هيبة البكاء ... وضياع هيبة الحزن ...
    وسأنتظر ما تحمله الشرائط الحمراء اللعينة في أسفل شاشات الأخبار و عن الـ (خبر عاجل) التالي كل مساء ..!!
    ...

    (*) مقتطفات من جدارية درويش
                  

08-09-2008, 10:18 PM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عزاز شامي)

    ـــــــــــ
    درويش .....

    أحقاً رحلت ...؟؟؟

    أم تريد أن تنام طويلا

    فإني متعب .. من الرثاء والبكاء

    أقترح عليك العودة ....

    Quote: ((بيروت شاهدة على قلبي ))


    حادت بدهشتها من الفجيعة

    وقوست حاجبها وتغيرت ملامحها

    حزناً كان ... والان تشهد

    أن قلبك سليم ومعافي

    وتجاوزت هشاشة البقاء

    إلي رحابة الحياة

    فقد قال قائل :

    ميتاً خلقت ولم أكن من قبله **** شيئافمت حيث حييت

    ولكنك ....

    تركت فراغاً مصفي ......أما العبارة فمنقوشة

    وعلي القبر رخام الضريح ونضرة الحديقة المحيطة

    وهي كما قلتها أنت :
    Quote: تكسّرت روحي، سأرمي جثّتي لتصيبني الغزوات ثانية
    و يسلمني الغزاة إلى القصيدة...
    أحمل اللغة المطيعة كالسحابة
    فوق أرصفة القراءة و الكتابة:


    بكت السحابة في كل المطارت والعواصم
    واللغة كانت تمشي معها,تسألت بمفردها عنك ؟!
    ومطت شفتيها ...أظن أنك لمحتها ..!
    والقراءة والكتابة حسبت وقتها ... فهي كانت
    تعرف معياد الرحيل ...
    طبعاً.....تعرف
    ولا تعرف .. كيف ستقضي الايام بمفردها؟!
    ورددت إنها اليوم غريبة
    تبدو ونبدو مهمومون بغايبك
    جاوبنا بإختصار
    فالامر في غاية الجدية ..
    بداء الشوق من هنا إليك
    وإن قررت البقاء هناك
    حتما سوف نلتقي ومعنا الحلم
    الذي تركته لنحيي به منك .. وإليك ..

    (عدل بواسطة emad altaib on 08-09-2008, 10:59 PM)

                  

08-10-2008, 08:09 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: emad altaib)


    ...

    جِدَارِيَّةُ مَحمُود دَرْوِيشْ

    هذا هُوَ اسمُكَ /
    قالتِ امرأةٌ،
    وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
    أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي.
    ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
    طُفُولَةٍ أَخرى. ولم أَحلُمْ بأني
    كنتُ أَحلُمُ. كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ. كُنْتُ
    أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
    وأَطيرُ. سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
    الفَلَك الأَخيرِ.

    وكُلُّ شيء أَبيضُ،
    البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
    بيضاءَ. والَّلا شيء أَبيضُ في
    سماء المُطْلَق البيضاءِ. كُنْتُ، ولم
    أَكُنْ. فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
    الأَبديَّة البيضاء. جئتُ قُبَيْل ميعادي
    فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي:
    "ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟"
    ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ، ولا
    أَنينَ الخاطئينَ، أَنا وحيدٌ في البياض،
    أَنا وحيدُ …
    لاشيء يُوجِعُني على باب القيامةِ.
    لا الزمانُ ولا العواطفُ. لا
    أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ
    الهواجس. لم أَجد أَحداً لأسأل:
    أَين "أَيْني" الآن؟ أَين مدينةُ
    الموتى، وأَين أَنا؟ فلا عَدَمٌ
    هنا في اللا هنا … في اللازمان،
    ولا وُجُودُ
    وكأنني قد متُّ قبل الآن …
    أَعرفُ هذه الرؤيا، وأَعرفُ أَنني
    أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ. رُبَّما
    ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ
    ما أُريدُ …
    سأصيرُ يوماً ما أُريدُ
    سأَصيرُ يوماً فكرةً. لا سَيْفَ يحملُها
    إلى الأرضِ اليبابِ، ولا كتابَ …
    كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
    تَفَتُّح عُشْبَةٍ،
    لا القُوَّةُ انتصرتْ
    ولا العَدْلُ الشريدُ
    سأَصير يوماً ما أُريدُ
    سأصير يوماً طائراً، وأَسُلُّ من عَدَمي
    وجودي. كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ
    اقتربتُ من الحقيقةِ، وانبعثتُ من
    الرمادِ. أَنا حوارُ الحالمين، عَزَفْتُ
    عن جَسَدي وعن نفسي لأُكْمِلَ
    رحلتي الأولى إلى المعنى، فأَحْرَقَني
    وغاب. أَنا الغيابُ. أَنا السماويُّ
    الطريدُ.
    سأَصير يوماً ما أُريدُ
    سأَصير يوماً كرمةً،
    فَلْيَعْتَصِرني الصيفُ منذ الآن،
    وليشربْ نبيذي العابرون على
    ثُرَيَّات المكان السُكَّريِّ !
    أَنا الرسالةُ والرسولُ
    أَنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
    سأَصير يوماً ما أُريدُ
    هذا هُوَ اسمُكَ /
    قالتِ امرأةٌ،
    وغابتْ في مَمَرِّ بياضها.
    هذا هُوَ اسمُكَ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً !
    لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ
    ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ،
    كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ
    جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى
    ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء
    واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهف،
    يا اسمي: سوف تكبَرُ حين أَكبَرُ
    سوف تحمِلُني وأَحملُكَ
    الغريبُ أَخُ الغريب
    سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات
    يا اسمي: أَين نحن الآن؟
    قل: ما الآن، ما الغَدُ؟
    ما الزمانُ وما المكانُ
    وما القديمُ وما الجديدُ؟
    سنكون يوماً ما نريدُ
    لا الرحلةُ ابتدأتْ، ولا الدربُ انتهى
    لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
    كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
    ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ،
    فلنذهب إلى أَعلى الجداريات:
    أَرضُ قصيدتي خضراءُ، عاليةُ،
    كلامُ الله عند الفجر أَرضُ قصيدتي
    وأَنا البعيدُ
    أَنا البعيدُ
    في كُلِّ ريحٍ تَعْبَثُ امرأةٌ بشاعرها
    - خُذِ الجهةَ التي أَهديتني
    الجهةَ التي انكَسَرتْ،
    وهاتِ أُنوثتي،
    لم يَبْقَ لي إلاّ التَأمُّلُ في
    تجاعيد البُحَيْرَة. خُذْ غدي عنِّي
    وهاتِ الأمس، واتركنا معاً
    لا شيءَ، بعدَكَ، سوف يرحَلُ
    أَو يَعُودُ
    - وخُذي القصيدةَ إن أَردتِ
    فليس لي فيها سواكِ
    خُذي " أَنا" كِ. سأُكْملُ المنفى
    بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ.
    فأيُّنا منا "أَنا" لأكون آخرَها؟
    ستسقطُ نجمةٌ بين الكتابة والكلامِ
    وتَنْشُرُ الذكرى خواطرها: وُلِدْنا
    في زمان السيف والمزمار بين
    التين والصُبَّار. كان الموتُ أَبطأَ.
    كان أَوْضَح. كان هُدْنَةَ عابرين
    على مَصَبِّ النهر. أَما الآن،
    فالزرُّ الإلكترونيُّ يعمل وَحْدَهُ. لا
    قاتلٌ يُصْغي إلى قتلى. ولا يتلو
    وصيَّتَهُ شهيدُ
    من أَيِّ ريح جئتِ؟
    قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ
    الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ !
    وكُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني، ويُرْجِعُني
    إلى زَمَنٍ خرافيّ. ويوجعني دمي
    والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ
    في الجرّة المكسورةِ انتحبتْ نساءُ
    الساحل السوريّ من طول المسافةِ،
    واحترقْنَ بشمس آبَ. رأيتُهنَّ على
    طريق النبع قبل ولادتي. وسمعتُ
    صَوْتَ الماء في الفخّار يبكيهنّ:
    عُدْنَ إلى السحابة يرجعِ الزَمَنُ الرغيدُ
    قال الصدى:
    لاشيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
    على مِسلاَّت المدى … [ذهبيّةٌٌ آثارُهُمْ
    ذهبيّةٌٌ] ورسائلِ الضعفاءِ للغَدِ،
    أَعْطِنا خُبْزَ الكفاف، وحاضراً أَقوى.
    فليس لنا التقمُّصُ والحُلُولُ ولا الخُلُودُ
    قال الصدى:
    وتعبتُ من أَملي العُضَال. تعبتُ
    من شَرَك الجماليّات: ماذا بعد
    بابلَ؟ كُلَّما اتَّضَحَ الطريقُ إلى
    السماء، وأَسْفَرَ المجهولُ عن هَدَفٍ
    نهائيّ تَفَشَّى النثرُ في الصلوات،
    وانكسر النشيدُ
    خضراءُ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ عالية ٌ…
    تُطِلُّ عليَّ من بطحاء هاويتي …
    غريبٌ أَنتَ في معناك. يكفي أَن
    تكون هناك، وحدك، كي تصيرَ
    قبيلةً…
    غَنَّيْتُ كي أَزِنَ المدى المهدُورَ
    في وَجَع الحمامةِ،
    لا لأَشْرَحَ ما يقولُ اللهُ للإنسان،
    لَسْتُ أَنا النبيَّ لأَدَّعي وَحْياً
    وأُعْلِنَ أَنَّ هاويتي صُعُودُ
    وأَنا الغريب بكُلِّ ما أُوتيتُ من
    لُغَتي. ولو أخضعتُ عاطفتي بحرف
    الضاد، تخضعني بحرف الياء عاطفتي،
    وللكلمات وَهيَ بعيدةٌ أَرضٌ تُجاوِرُ
    كوكباً أَعلى. وللكلمات وَهيَ قريبةٌ
    منفى. ولا يكفي الكتابُ لكي أَقول:
    وجدتُ نفسي حاضراً مِلْءَ الغياب.
    وكُلَّما فَتَّشْتُ عن نفسي وجدتُ
    الآخرين. وكُلَّما فتَّشْتُ عَنْهُمْ لم
    أَجد فيهم سوى نَفسي الغريبةِ،
    هل أَنا الفَرْدُ الحُشُودُ؟
    وأَنا الغريبُ. تَعِبْتُ من ” درب الحليب ”
    إلى الحبيب. تعبتُ من صِفَتي.
    يَضيقُ الشَّكْلُ. يَتّسعُ الكلامُ. أُفيضُ
    عن حاجات مفردتي. وأَنْظُرُ نحو
    نفسي في المرايا:
    هل أَنا هُوَ؟
    هل أُؤدِّي جَيِّداً دَوْرِي من الفصل
    الأخيرِ؟
    وهل قرأتُ المسرحيَّةَ قبل هذا العرض،
    أَم فُرِضَتْ عليَّ؟
    وهل أَنا هُوَ من يؤدِّي الدَّوْرَ
    أَمْ أَنَّ الضحيَّة غَيَّرتْ أَقوالها
    لتعيش ما بعد الحداثة، بعدما
    انْحَرَفَ المؤلّفُ عن سياق النصِّ
    وانصرَفَ المُمَثّلُ والشهودُ؟
    وجلستُ خلف الباب أَنظُرُ:
    هل أَنا هُوَ؟
    هذه لُغَتي. وهذا الصوت وَخْزُ دمي
    ولكن المؤلِّف آخَرٌ…
    أَنا لستُ مني إن أَتيتُ ولم أَصِلْ
    أَنا لستُ منِّي إن نَطَقْتُ ولم أَقُلْ
    أَنا مَنْ تَقُولُ له الحُروفُ الغامضاتُ:
    اكتُبْ تَكُنْ !
    واقرأْ تَجِدْ !
    وإذا أردْتَ القَوْلَ فافعلْ، يَتَّحِدْ
    ضدَّاكَ في المعنى …
    وباطِنُكَ الشفيفُ هُوَ القصيدُ
    بَحَّارَةٌ حولي، ولا ميناء
    أَفرغني الهباءُ من الإشارةِ والعبارةِ،
    لم أَجد وقتاً لأعرف أَين مَنْزِلَتي،
    الهُنَيْهةَ، بين مَنْزِلَتَيْنِ. لم أَسأل
    سؤالي، بعد، عن غَبَش التشابُهِ
    بين بابَيْنِ: الخروج أم الدخول …
    ولم أَجِدْ موتاً لأقْتَنِصَ الحياةَ.
    ولم أَجِدْ صوتاً لأَصرخَ: أَيُّها
    الزَمَنُ السريعُ ! خَطَفْتَني مما تقولُ
    لي الحروفُ الغامضاتُ:
    ألواقعيُّ هو الخياليُّ الأَكيدُ
    يا أيها الزَمَنُ الذي لم ينتظِرْ …
    لم يَنْتَظِرْ أَحداً تأخَّر عن ولادتِهِ،
    دَعِ الماضي جديداً، فَهْوَ ذكراكَ
    الوحيدةُ بيننا، أيَّامَ كنا أَصدقاءك،
    لا ضحايا مركباتك. واترُكِ الماضي
    كما هُوَ، لا يُقَادُ ولا يَقُودُ
    ورأيتُ ما يتذكَّرُ الموتى وما ينسون …
    هُمْ لا يكبرون ويقرأون الوَقْتَ في
    ساعات أيديهمْ. وَهُمْ لايشعرون
    بموتنا أَبداً ولا بحياتهِمْ. لا شيءَ
    ممَّا كُنْتُ أو سأكونُ. تنحلُّ الضمائرُ
    كُلُّها. ” هو ” في ” أنا ” في ” أَنت ”.
    لا كُلٌّ ولاجُزْءٌ. ولا حيٌّ يقول
    لميِّتٍ: كُنِّي !
    .. وتنحلُّ العناصرُ والمشاعرُ. لا
    أَرى جَسَدي هُنَاكَ، ولا أُحسُّ
    بعنفوان الموت، أَو بحياتيَ الأُولى.
    كأنِّي لَسْتُ منّي. مَنْ أَنا؟ أَأَنا
    الفقيدُ أَم الوليدُ؟
    الوقْتُ صِفْرٌ. لم أُفكِّر بالولادة
    حين طار الموتُ بي نحو السديم،
    فلم أكُن حَيّاً ولا مَيْتاً،
    ولا عَدَمٌ هناك، ولا وُجُودُ
    تقولُ مُمَرِّضتي: أَنتَ أَحسَنُ حالا ً.
    وتحقُنُني بالمُخَدِّر: كُنْ هادئاً
    وجديراً بما سوف تحلُمُ
    عما قليل …
    رأيتُ طبيبي الفرنسيَّ
    يفتح زنزانتي
    ويضربني بالعصا
    يُعَاونُهُ اثنانِ من شُرْطة الضاحيةْ
    رأيتُ أَبي عائداً
    من الحجِّ، مُغمىً عليه
    مُصَاباً بضربة شمسٍ حجازيّة
    يقول لرفِّ ملائكةٍ حَوْلَهُ:
    أَطفئوني ! …
    رأيتُ شباباً مغاربةً
    يلعبون الكُرَةْ
    ويرمونني بالحجارة: عُدْ بالعبارةِ
    واترُكْ لنا أُمَّنا
    يا أَبانا الذي أخطَأَ المقبرةْ !
    رأيت ” ريني شار ”
    يجلس مع ” هيدغر ”
    على بُعْدِ مترين منِّي،
    رأيتهما يشربان النبيذَ
    ولا يبحثان عن الشعر …
    كان الحوار شُعَاعاً
    وكان غدٌ عابرٌ ينتظرْ
    رأيتُ رفاقي الثلاثَةَ ينتحبونَ
    وَهُمْ
    يَخيطونَ لي كَفَناً
    بخُيوطِ الذَّهَبْ
    رأيت المعريَّ يطرد نُقَّادَهُ
    من قصيدتِهِ:
    لستُ أَعمى
    لأُبْصِرَ ما تبصرونْ،
    فإنَّ البصيرةَ نورٌ يؤدِّي
    إلى عَدَمٍ …. أَو جُنُونْ
    رأيتُ بلاداً تعانقُني
    بأَيدٍ صَبَاحيّة: كُنْ
    جديراً برائحة الخبز. كُنْ
    لائقا ً بزهور الرصيفْ
    فما زال تَنُّورُ أُمِّكَ
    مشتعلاً،
    والتحيَّةُ ساخنةً كالرغيفْ !
    خضراءُ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ. نهرٌ واحدٌ يكفي
    لأهمس للفراشة: آهِ، يا أُختي، ونَهْرٌ واحدٌ يكفي لإغواءِ
    الأساطير القديمة بالبقاء على جناح الصَّقْر، وَهْوَ يُبَدِّلُ
    الراياتِ والقممَ البعيدةَ، حيث أَنشأتِ الجيوشُ ممالِكَ
    النسيان لي. لاشَعْبَ أَصْغَرُ من قصيدته. ولكنَّ السلاحَ
    يُوَسِّعُ الكلمات للموتى وللأحياء فيها، والحُرُوفَ تُلَمِّعُ
    السيفَ المُعَلَّقَ في حزام الفجر، والصحراء تنقُصُ
    بالأغاني، أَو تزيدُ
    لا عُمْرَ يكفي كي أَشُدَّ نهايتي لبدايتي
    أَخَذَ الرُّعَاةُ حكايتي وتَوَغَّلُوا في العشب فوق مفاتن
    الأنقاض، وانتصروا على النسيان بالأَبواق والسَّجَع
    المشاع، وأَورثوني بُحَّةَ الذكرى على حَجَرِ الوداع، ولم
    يعودوا …
    رَعَويَّةٌ أَيَّامنا رَعَويَّةٌ بين القبيلة والمدينة، لم أَجد لَيْلاً
    خُصُوصِيّاً لهودجِكِ المُكَلَّلِ بالسراب، وقلتِ لي:
    ما حاجتي لاسمي بدونكَ؟ نادني، فأنا خلقتُكَ
    عندما سَمَّيْتَني، وقتلتَني حين امتلكتَ الاسمَ …
    كيف قتلتَني؟ وأَنا غريبةُ كُلِّ هذا الليل، أَدْخِلْني
    إلى غابات شهوتك، احتضنِّي واعْتَصِرْني،
    واسفُك العَسَلَ الزفافيَّ النقيَّ على قفير النحل.
    بعثرني بما ملكتْ يداك من الرياح ولُمَّني.
    فالليل يُسْلِمُ روحَهُ لك يا غريبُ، ولن تراني نجمةٌ
    إلاّ وتعرف أَنَّ عائلتي ستقتلني بماء اللازوردِ،
    فهاتِني ليكونَ لي - وأَنا أُحطِّمُ جَرَّتي بيديَّ -
    حاضِريَ السعيدُ
    - هل قُلْتَ لي شيئاً يُغَيِّر لي سبيلي؟
    - لم أَقُلْ. كانت حياتي خارجي
    أَنا مَنْ يُحَدِّثُ نفسَهُ:
    وَقَعَتْ مُعَلَّقتي الأَخيرةُ عن نخيلي
    وأَنا المُسَافِرُ داخلي
    وأَنا المُحَاصَرُ بالثنائياتِ،
    لكنَّ الحياة جديرَةٌ بغموضها
    وبطائرِ الدوريِّ …
    لم أُولَدْ لأَعرفَ أَنني سأموتُ، بل لأُحبَّ محتوياتِ ظلِّ
    اللهِ
    يأخُذُني الجمالُ إلى الجميلِ
    وأُحبُّ حُبَّك، هكذا متحرراً من ذاتِهِ وصفاتِهِ
    وأِنا بديلي …
    أَنا من يُحَدِّثُ نَفْسَهُ:
    مِنْ أَصغر الأشياءِ تُولَدُ أكبرُ الأفكار
    والإيقاعُ لا يأتي من الكلمات،
    بل مِنْ وحدة الجَسَدَيْنِ
    في ليلٍ طويلٍ …
    أَنا مَنْ يحدِّثُ نَفْسَهُ
    ويروِّضُ الذكرى … أَأَنتِ أَنا؟
    وثالثُنا يرفرف بيننا ” لا تَنْسَيَاني دائماً ”
    يا مَوْتَنا ! خُذْنَا إليكَ على طريقتنا، فقد نتعلَّمُ الإشراق …
    لا شَمْسٌ ولا قَمَرٌ عليَّ
    تركتُ ظلِّي عالقاً بغصون عَوْسَجَةٍ
    فخفَّ بِيَ المكانُ
    وطار بي روحي الشَّرُودُ
    أَنا مَنْ يحدِّثُ نفسَهُ:
    يا بنتُ: ما فَعَلَتْ بكِ الأشواقُ؟
    إن الريح تصقُلُنا وتحملنا كرائحة الخريفِ،
    نضجتِ يا امرأتي على عُكَّازَتيَّ،
    بوسعك الآن الذهابُ على ” طريق دمشق ”
    واثقةً من الرؤيا. مَلاَكٌ حارسٌ
    وحمامتان ترفرفان على بقيَّة عمرنا، والأرضُ عيدُ …
    الأرضُ عيدُ الخاسرين [ ونحن منهُمْ ]
    نحن من أَثَرِ النشيد الملحميِّ على المكان، كريشةِ النَّسْرِ
    العجوز خيامُنا في الريح. كُنَّا طيِّبين وزاهدين بلا تعاليم
    المسيح. ولم نكُنْ أَقوى من الأعشابِ إلاّ في ختام
    الصَيْفِ،
    أَنتِ حقيقتي، وأَنا سؤالُكِ
    لم نَرِثْ شيئاً سوى اسْميْنَا
    وأَنتِ حديقتي، وأَنا ظلالُكِ
    عند مفترق النشيد الملحميِّ …
    ولم نشارك في تدابير الإلهات اللواتي كُنَّ يبدأن النشيد
    بسحرهنَّ وكيدهنَّ. وكُنَّ يَحْمِلْنَ المكانَ على قُرُون
    الوعل من زَمَنِ المكان إلى زمان آخرٍ …
    كنا طبيعيِّين لو كانت نجومُ سمائنا أَعلى قليلاً من
    حجارة بئرنا، والأَنبياءُ أَقلَّ إلحاحاً، فلم يسمع مدائحَنا
    الجُنُودُ …
    خضراءُ، أرضُ قصيدتي خضراءُ
    يحملُها الغنائيّون من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ كما هِيَ في
    خُصُوبتها.
    ولي منها: تأمُّلُ نَرْجسٍ في ماء صُورَتِهِ
    ولي منها وُضُوحُ الظلِّ في المترادفات
    ودقَّةُ المعنى …
    ولي منها: التَّشَابُهُ في كلام الأَنبياءِ
    على سُطُوح الليلِ
    لي منها: حمارُ الحكمةِ المنسيُّ فوق التلِّ
    يسخَرُ من خُرافتها وواقعها …
    ولي منها: احتقانُ الرمز بالأضدادِ
    لا التجسيدُ يُرجِعُها من الذكرى
    ولا التجريدُ يرفَعُها إلى الإشراقة الكبرى
    ولي منها: ” أَنا ” الأُخرى
    تُدَوِّنُ في مُفَكِّرَة الغنائيِّين يوميَّاتها:
    "إن كان هذا الحُلْمُ لا يكفي
    فلي سَهَرٌ بطوليٌّ على بوابة المنفى …"
    ولي منها: صَدَى لُغتي على الجدران
    يكشِطُ مِلْحَهَا البحريَّ
    حين يخونني قَلْبٌ لَدُودُ …
    أَعلى من الأَغوار كانت حكمتي
    إذ قلتُ للشيطان: لا. لا تَمْتَحِنِّي !
    لا تَضَعْني في الثُّنَائيّات، واتركني
    كما أَنا زاهداً برواية العهد القديم
    وصاعداً نحو السماء، هُنَاكَ مملكتي
    خُذِ التاريخَ، يا ابنَ أَبي، خُذِ
    التاريخَ … واصنَعْ بالغرائز ما تريدُ
    وَلِيَ السكينةُ. حَبَّةُ القمح الصغيرةُ
    سوف تكفينا، أَنا وأَخي العَدُوّ،
    فساعتي لم تَأْتِ بَعْدُ. ولم يَحِنْ
    وقتُ الحصاد. عليَّ أَن أَلِجَ الغيابَ
    وأَن أُصدِّقَ أوَّلاً قلبي وأتبعَهُ إلى
    قانا الجليل. وساعتي لم تأتِ بَعْدُ.
    لَعَلَّ شيئاً فيَّ ينبُذُني. لعلِّي واحدٌ
    غيري. فلم تنضج كُرومُ التين حول
    ملابس الفتيات بَعْدُ. ولم تَلِدْني
    ريشةُ العنقاء. لا أَحَدٌ هنالك
    في انتظاري. جئْتُ قبل، وجئتُ
    بعد، فلم أَجد أحداً يُصَدِّق ما
    أرى. أنا مَنْ رأى. وأَنا البعيدُ
    أَنا البعيدُ
    مَنْ أَنتَ، يا أَنا؟ في الطريقِ
    اثنانِ نَحْنُ، وفي القيامة واحدٌ.
    خُذْني إلى ضوء التلاشي كي أَرى
    صَيْرُورتي في صُورَتي الأُخرى. فَمَنْ
    سأكون بعدَكَ، يا أَنا؟ جَسَدي
    ورائي أم أَمامَكَ؟ مَنْ أَنا يا
    أَنت؟ كَوِّنِّي كما كَوَّنْتُكَ، ادْهَنِّي
    بزيت اللوز، كَلِّلني بتاج الأرز.
    واحملني من الوادي إلى أَبديّةٍ
    بيضاءَ. عَلِّمني الحياةَ على طريقتِكَ،
    اختَبِرْني ذَرَّةً في العالم العُلْوِيِّ.
    ساعِدْني على ضَجَر الخلود، وكُنْ
    رحيماً حين تجرحني وتبزغ من
    شراييني الورودُ …
    لم تـأت سـاعـتُنا. فـلا رُسُـلٌ يَـقِـيـسُـونَ
    الزمانَ بقبضة العشب الأخير. هل استدار؟ ولا ملائكةٌ
    يزورون المكانَ ليتركَ الشعراءُ ماضِيَهُمْ على الشَّفَق
    الجميل، ويفتحوا غَدَهُمْ بأيديهمْ.
    فغنِّي يا إلهتيَ الأثيرةَ، ياعناةُ،
    قصيدتي الأُولى عن التكوين ثانيةً …
    فقد يجدُ الرُّوَاةُ شهادةَ الميلاد
    للصفصاف في حَجَرٍ خريفيّ. وقد يجدُ
    الرعاةُ البئرَ في أَعماق أُغنية. وقد
    تأتي الحياةُ فجاءةً للعازفين عن
    المعاني من جناح فراشةٍ عَلِقَتْ
    بقافيةٍ، فغنِّي يا إلهتيَ الأَثيرةَ
    يا عناةُ، أَنا الطريدةُ والسهامُ،
    أَنا الكلامُ. أَنا المؤبِّنُ والمؤذِّنُ
    والشهيدُ
    ما قلتُ للطَّلَلِ: الوداع. فلم أَكُنْ
    ما كُنْتُ إلاّ مَرَّةً. ما كُنْتُ إلاّ
    مرَّةً تكفي لأَعرف كيف ينكسرُ الزمانُ
    كخيمة البدويِّ في ريح الشمال،
    وكيف يَنْفَطِرُ المكانُ ويرتدي الماضي
    نُثَارَ المعبد المهجور. يُشبهُني كثيراً
    كُلُّ ما حولي، ولم أُشْبِهْ هنا
    شيئاً. كأنَّ الأرض ضَيِّقَةٌ على
    المرضى الغنائيِّين، أَحفادِ الشياطين
    المساكين المجانين الذين إذا رأوا
    حُلْماً جميلاً لَقَّنُوا الببغاءَ شِعْر
    الحب، وانفتَحتْ أَمامَهُمُ الحُدُودُ …
    وأُريدُ أُن أُحيا …
    فلي عَمَلٌ على ظهر السفينة. لا
    لأُنقذ طائراً من جوعنا أَو من
    دُوَارِ البحر، بل لأُشاهِدَ الطُوفانَ
    عن كَثَبٍ: وماذا بعد؟ ماذا
    يفعَلُ الناجونَ بالأرض العتيقة؟
    هل يُعيدونَ الحكايةَ؟ ما البدايةُ؟
    ما النهايةُ؟ لم يعد أَحَدٌ من
    الموتى ليخبرنا الحقيقة … /
    أَيُّها الموتُ انتظرني خارج الأرض،
    انتظرني في بلادِكَ، ريثما أُنهي
    حديثاً عابراً مَعَ ما تبقَّى من حياتي
    قرب خيمتكَ، انتظِرْني ريثما أُنهي
    قراءةَ طَرْفَةَ بنِ العَبْد. يُغْريني
    الوجوديّون باستنزاف كُلِّ هُنَيْهَةٍ
    حريةً، وعدالةً، ونبيذَ آلهةٍ … /
    فيا مَوْتُ ! انتظرني ريثما أُنهي
    تدابيرَ الجنازة في الربيع الهَشّ،
    حيث وُلدتُ، حيث سأمنع الخطباء
    من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
    وعن صُمُود التينِ والزيتونِ في وجه
    الزمان وجيشِهِ. سأقول: صُبُّوني
    بحرف النون، حيث تَعُبُّ روحي
    سورةُ الرحمن في القرآن. وامشوا
    صامتين معي على خطوات أَجدادي
    ووقع الناي في أَزلي. ولا
    تَضَعُوا على قبري البنفسجَ، فَهْوَ
    زَهْرُ المُحْبَطين يُذَكِّرُ الموتى بموت
    الحُبِّ قبل أَوانِهِ. وَضَعُوا على
    التابوتِ سَبْعَ سنابلٍ خضراءَ إنْ
    وُجِدَتْ، وبَعْضَ شقائقِ النُعْمانِ إنْ
    وُجِدَتْ. وإلاّ، فاتركوا وَرْدَ
    الكنائس للكنائس والعرائس /
    أَيُّها الموت انتظر ! حتى أُعِدَّ
    حقيبتي: فرشاةَ أسناني، وصابوني
    وماكنة الحلاقةِ، والكولونيا، والثيابَ.
    هل المناخُ هُنَاكَ مُعْتَدِلٌ؟ وهل
    تتبدَّلُ الأحوالُ في الأبدية البيضاء،
    أم تبقى كما هِي في الخريف وفي
    الشتاء؟ وهل كتابٌ واحدٌ يكفي
    لِتَسْلِيَتي مع اللاَّ وقتِ، أمْ أَحتاجُ
    مكتبةً؟ وما لُغَةُ الحديث هناك،
    دارجةٌ لكُلِّ الناس أَم عربيّةٌ
    فُصْحى/
    .. ويا مَوْتُ انتظرْ، ياموتُ،
    حتى أستعيدَ صفاءَ ذِهْني في الربيع
    وصحّتي، لتكون صيَّاداً شريفاً لا
    يَصيدُ الظَّبْيَ قرب النبع. فلتكنِ العلاقةُ
    بيننا وُدّيَّةً وصريحةً: لَكَ أنَتَ
    مالَكَ من حياتي حين أَملأُها..
    ولي منك التأمُّلُ في الكواكب:
    لم يَمُتْ أَحَدٌ تماماً، تلك أَرواحٌ
    تغيِّر شَكْلَها ومُقَامَها /
    يا موت ! ياظلِّي الذي
    سيقودُني، يا ثالثَ الاثنين، يا
    لَوْنَ التردُّد في الزُمُرُّد والزَّبَرْجَدِ،
    يا دَمَ الطاووس، يا قَنَّاصَ قلب
    الذئب، يا مَرَض الخيال ! اجلسْ
    على الكرسيّ ! ضَعْ أَدواتِ صيدكَ
    تحت نافذتي. وعلِّقْ فوق باب البيت
    سلسلةَ المفاتيح الثقيلةَ ! لا تُحَدِّقْ
    يا قويُّ إلى شراييني لترصُدَ نُقْطَةَ
    الضعف الأَخيرةَ. أَنتَ أَقوى من
    نظام الطبّ. أَقوى من جهاز
    تَنَفُّسي. أَقوى من العَسَلِ القويّ،
    ولَسْتَ محتاجاً - لتقتلني - إلى مَرَضي.
    فكُنْ أَسْمَى من الحشرات. كُنْ مَنْ
    أَنتَ، شفَّافاً بريداً واضحاً للغيب.
    كن كالحُبِّ عاصفةً على شجر، ولا
    تجلس على العتبات كالشحَّاذ أو جابي
    الضرائبِ. لا تكن شُرطيّ سَيْرٍ في
    الشوارع. كن قويّاً، ناصعَ الفولاذ، واخلَعْ عنك أَقنعةَ
    الثعالب. كُنْ
    فروسياً، بهياً، كامل الضربات. قُلْ
    ماشئْتَ: "من معنى إلى معنى
    أَجيءُ. هِيَ الحياةُ سُيُولَةٌ، وأَنا
    أكثِّفُها، أُعرِّفُها بسُلْطاني وميزاني".. /
    ويا مَوْتُ انتظرْ، واجلس على
    الكرسيّ. خُذْ كأسَ النبيذ، ولا
    تفاوِضْني، فمثلُكَ لا يُفاوِضُ أَيَّ
    إنسانٍ، ومثلي لا يعارضُ خادمَ
    الغيبِ. استرح … فَلَرُبَّما أُنْهِكْتَ هذا
    اليوم من حرب النجوم. فمن أَنا
    لتزورني؟ أَلَدَيْكَ وَقْتٌ لاختبار
    قصيدتي. لا. ليس هذا الشأنُ
    شأنَكَ. أَنت مسؤولٌ عن الطينيِّ في
    البشريِّ، لا عن فِعْلِهِ أو قَوْلِهِ /
    هَزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها.
    هزمتك يا موتُ الأغاني في بلاد
    الرافدين. مِسَلَّةُ المصريّ، مقبرةُ الفراعنةِ،
    النقوشُ على حجارة معبدٍ هَزَمَتْكَ
    وانتصرتْ، وأِفْلَتَ من كمائنك
    الخُلُودُ …
    فاصنع بنا، واصنع بنفسك ما تريدُ
    وأَنا أُريدُ، أريدُ أَن أَحيا …
    فلي عَمَلٌ على جغرافيا البركان.
    من أَيام لوط إلى قيامة هيروشيما
    واليبابُ هو اليبابُ. كأنني أَحيا
    هنا أَبداً، وبي شَبَقٌ إلى ما لست
    أَعرف. قد يكون ” الآن ” أَبعَدَ.
    قد يكونُ الأمس أَقربَ. والغَدُ الماضي.
    ولكني أَشدُّ ” الآن ” من يَدِهِ ليعبُرَ
    قربيَ التاريخُ، لا الزَّمَنُ المُدَوَّرُ،
    مثل فوضى الماعز الجبليِّ. هل
    أنجو غداً من سرعة الوقت الإلكترونيّ،
    أَم أَنجو غداً من بُطْء قافلتي
    على الصحراء؟ لي عَمَلٌ لآخرتي
    كأني لن أَعيش غداً. ولي عَمَلٌ ليومٍ
    حاضرٍ أَبداً. لذا أُصغي، على مَهَلٍ
    على مَهَل، لصوت النمل في قلبي:
    أعينوني على جَلَدي. وأَسمع صَرْخَةَ
    الحَجَر الأسيرةَ: حَرِّروا جسدي. وأُبصرُ
    في الكمنجة هجرةَ الأشواق من بَلَدٍ
    تُرَابيّ إلى بَلَدٍ سماويّ. وأَقبضُ في
    يد الأُنثى على أَبَدِي الأليفِ: خُلِقتُ
    ثم عَشِقْتُ، ثم زهقت، ثم أَفقتُ
    في عُشْبٍ على قبري يدلُّ عليَّ من
    حينٍ إلى حينٍ. فما نَفْعُ الربيع
    السمح إن لم يُؤْنِس الموتى ويُكْمِلْ
    بعدهُمْ فَرَحَ الحياةِ ونَضْرةَ النسيان؟
    تلك طريقةٌ في فكِّ لغز الشعرِ،
    شعري العاطفيّ على الأَقلِّ. وما
    المنامُ سوى طريقنا الوحيدة في الكلام /
    وأَيُّها الموتُ التَبِسْ واجلسْ
    على بلَّوْرِ أَيامي، كأنَّكَ واحدٌ من
    أَصدقائي الدائمين، كأنَّكَ المنفيُّ بين
    الكائنات. ووحدك المنفيُّ. لا تحيا
    حياتَكَ. ما حياتُكَ غير موتي. لا
    تعيش ولا تموت. وتخطف الأطفالَ
    من عَطَشِ الحليب إلى الحليب. ولم
    تكن طفلاً تهزُّ له الحساسينُ السريرَ،
    ولم يداعِبْكَ الملائكةُ الصغارُ ولا
    قُرونُ الأيِّل الساهي، كما فَعَلَتْ لنا
    نحن الضيوفَ على الفراشة. وحدك
    المنفيُّ، يا مسكين، لا امرأةٌ تَضُمُّك
    بين نهديها، ولا امرأةٌ تقاسِمُك
    الحنين إلى اقتصاد الليل باللفظ الإباحيِّ
    المرادفِ لاختلاط الأرض فينا بالسماءِ.
    ولم تَلِدْ وَلَداً يجيئك ضارعاً: أَبتي،
    أُحبُّكَ. وحدك المنفيُّ، يا مَلِكَ
    الملوك، ولا مديحَ لصولجانكَ. لا
    صُقُورَ على حصانك. لا لآلئَ حول
    تاجك. أَيُّها العاري من الرايات
    والبُوق المُقَدَّسِ ! كيف تمشي هكذا
    من دون حُرَّاسٍ وجَوْقَةِ منشدين،
    كَمِشْيَة اللصِّ الجبان. وأَنتَ مَنْ
    أَنتَ، المُعَظَّمُ، عاهلُ الموتى، القويُّ،
    وقائدُ الجيش الأَشوريِّ العنيدُ
    فاصنع بنا، واصنع بنفسك ما تريدُ
    وأَنا أُريدُ، أُريد أَن أَحيا، وأَن
    أَنساك …. أَن أَنسى علاقتنا الطويلة
    لا لشيءٍ، بل لأَقرأ ما تُدَوِّنُهُ
    السماواتُ البعيدةُ من رسائلَ. كُلَّما
    أَعددتُ نفسي لا نتظار قدومِكَ
    ازددتَ ابتعاداً. كلما قلتُ: ابتعدْ
    عني لأُكمل دَوْرَةَ الجَسَدَيْنِ، في جَسَدٍ
    يفيضُ، ظهرتَ ما بيني وبيني
    ساخراً: ” لا تَنْسَ مَوْعِدَنا … ”
    - متى؟ - في ذِرْوَة النسيان
    حين تُصَدِّقُ الدنيا وتعبُدُ خاشعاً
    خَشَبَ الهياكل والرسومَ على جدار الكهف،
    حيث تقول: ” آثاري أَنا وأَنا ابنُ نفسي ”. - أَين موعدُنا؟
    أَتأذن لي بأن أَختار مقهىً عند
    باب البحر؟ - لا …. لا تَقْتَرِبْ
    يا ابنَ الخطيئةِ، يا ابن آدمَ من
    حدود الله ! لم تُولَدْ لتسأل، بل
    لتعمل …. - كُن صديقاً طَيِّباً يا
    موت ! كُنْ معنىً ثقافياً لأُدرك
    كُنْهَ حكمتِكَ الخبيئةِ ! رُبَّما أَسْرَعْتَ
    في تعليم قابيلَ الرمايةَ. رُبَّما
    أَبطأتَ في تدريب أَيُّوبٍ على
    الصبر الطويل. وربما أَسْرَجْتَ لي
    فَرَسا ً لتقتُلَني على فَرَسي. كأني
    عندما أَتذكَّرُ النسيانَ تُنقِذُ حاضري
    لُغَتي. كأني حاضرٌ أَبداً. كأني
    طائر أَبداً. كأني مُذْ عرفتُكَ
    أَدمنتْ لُغَتي هَشَاشَتَها على عرباتك
    البيضاءِ، أَعلى من غيوم النوم،
    أَعلى عندما يتحرَّرُ الإحساس من عبء
    العناصر كُلّها. فأنا وأَنتَ على طريق
    الله صوفيَّانِ محكومان بالرؤيا ولا يَرَيَان /
    عُدْ يا مَوْتُ وحدَكَ سالماً،
    فأنا طليق ههنا في لا هنا
    أو لا هناك. وَعُدْ إلى منفاك
    وحدك. عُدْ إلى أدوات صيدك،
    وانتظرني عند باب البحر. هَيِّئ لي
    نبيذاً أَحمراً للاحتفال بعودتي لِعِيادَةِ
    الأرضِ المريضة. لا تكن فظّا ً غليظ
    القلب ! لن آتي لأَسخر منك، أَو
    أَمشي على ماء البُحَيْرَة في شمال
    الروح. لكنِّي - وقد أَغويتَني - أَهملتُ
    خاتمةَ القصيدةِ: لم أَزفَّ إلى أَبي
    أُمِّي على فَرَسي. تركتُ الباب مفتوحاً
    لأندلُسِ الغنائيِّين، واخترتُ الوقوفَ
    على سياج اللوز والرُمَّان، أَنفُضُ
    عن عباءة جدِّيَ العالي خُيُوطَ
    العنكبوت. وكان جَيْشٌ أَجنبيٌّ يعبر
    الطُرُقَ القديمةَ ذاتها، ويَقِيسُ أَبعادَ
    الزمان بآلة الحرب القديمة ذاتها … /
    يا موت، هل هذا هو التاريخُ،
    صِنْوُكَ أَو عَدُوُّك، صاعداً ما بين
    هاويتين؟ قد تبني الحمامة عُشَّها
    وتبيضُ في خُوَذ الحديد. وربما ينمو
    نباتُ الشِّيحِ في عَجَلاتِ مَرْكَبَةٍ مُحَطَّمةٍ.
    فماذا يفعل التاريخُ، صنوُكَ أو عَدُوُّكَ،
    بالطبيعة عندما تتزوَّجُ الأرضَ السماءُ
    وتذرفُ المَطَرَ المُقَدَّسَ؟ /
    أَيها الموت، انتظرني عند باب
    البحر في مقهى الرومانسيِّين. لم
    أَرجِعْ وقد طاشَتْ سهامُكَ مَرَّةً
    إلاّ لأُودِعَ داخلي في خارجي،
    وأُوزِّعَ القمح الذي امتلأتْ به رُوحي
    على الشحرور حطَّ على يديَّ وكاهلي،
    وأُودِّعَ الأرضَ التي تمتصُّني ملحاً، وتنثرني
    حشيشاً للحصان وللغزالة. فانتظرني
    ريثما أُنهي زيارتي القصيرة للمكان وللزمان،
    ولا تُصَدِّقْني أَعودُ ولا أَعودُ
    وأَقول: شكراً للحياة !
    ولم أكن حَيّاً ولا مَيْتاً
    ووحدك، كنتَ وحدك، يا وحيدُ !
    تقولُ مُمَرِّضتي: كُنْتَ تهذي
    كثيراً، وتصرخُ: يا قلبُ !
    يا قَلْبُ ! خُذْني
    إلى دَوْرَة الماءِ …/
    ما قيمةُ الروح إن كان جسمي
    مريضاً، ولا يستطيعُ القيامَ
    بواجبه الأوليِّ؟
    فيا قلبُ، يا قلبُ أَرجعْ خُطَايَ
    إليَّ، لأَمشي إلى دورة الماء
    وحدي !
    نسيتُ ذراعيَّ، ساقيَّ، والركبتين
    وتُفَّاحةَ الجاذبيَّةْ
    نسيتُ وظيفةَ قلبي
    وبستانَ حوَّاءَ في أَوَّل الأبديَّةْ
    نسيتُ وظيفةَ عضوي الصغير
    نسيتُ التنفُّسَ من رئتيّ.
    نسيتُ الكلام
    أَخاف على لغتي
    فاتركوا كُلَّّ شيء على حالِهِ
    وأَعيدوا الحياة إلى لُغَتي !..
    تقول مُمَرِّضتي: كُنْتَ تهذي
    كثيراً، وتصرخ بي قائلا ً:
    لا أُريدُ الرجوعَ إلى أَحَدِ
    لا أُريدُ الرجوعَ إلى بلدِ
    بعد هذا الغياب ألطويل …
    أُريدُ الرجوعَ فَقَطْ
    إلى لغتي في أقاصي الهديل
    تقولُ مُمَرِّضتي:
    كُنْتَ تهذي طويلا ً، وتسألني:
    هل الموتُ ما تفعلين بي الآنَ
    أَم هُوَ مَوْتُ اللُغَةْ؟
    خضراءُ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ، عاليةٌ …
    على مَهَلٍ أُدوِّنُها، على مَهَلٍ، على
    وزن النوارس في كتاب الماءِ. أَكتُبُها
    وأُورِثُها لمنْ يتساءلون: لمنْ نُغَنِّي
    حين تنتشرُ المُلُوحَةُ في الندى؟ …
    خضراءُ، أكتُبُها على نَثْرِ السنابل في
    كتاب الحقلِ، قَوَّسَها امتلاءٌ شاحبٌ
    فيها وفيَّ. وكُلَّما صادَقْتُ أَو
    آخَيْتُ سُنْبُلةً تَعَلَّمْتُ البقاءَ من
    الفَنَاء وضدَّه: "أَنا حَبَّةُ القمح
    التي ماتت لكي تَخْضَرَّ ثانيةً. وفي
    موتي حياةٌ ما …"
    كأني لا كأنّي
    لم يمت أَحَدٌ هناك نيابةً عني.
    فماذا يحفظُ الموتى من الكلمات غيرَ
    الشُّكْرِ: ”إنَّ الله يرحَمُنا ”…
    ويُؤْنِسُني تذكُّرُ ما نَسِيتُ مِنَ
    البلاغة: ” لم أَلِدْ وَلَدا ً ليحمل مَوْتَ
    والِدِهِ ”…
    وآثَرْتُ الزواجَ الحُرَّ بين المُفْرَدات ….
    سَتَعْثُرُ الأُنثى على الذَّّكَر المُلائِمِ
    في جُنُوح الشعر نحو النثر ….
    سوف تشُّبُّ أَعضائي على جُمَّيزَةٍ،
    ويصُبُّ قلبي ماءَهُ الأَرضيَّ في
    أَحَدِ الكواكب … مَنْ أَنا في الموت
    بعدي؟ مَنْ أَنا في الموت قبلي
    قال طيفٌ هامشيٌّ: "كان أوزيريسُ
    مثْلَكَ، كان مثلي. وابنُ مَرْيَمَ
    كان مثلَكَ، كان مثلي. بَيْدَ أَنَّ
    الجُرْحَ في الوقت المناسب يُوجِعُ
    العَدَمَ المريضَ، ويَرْفَعُ الموتَ المؤقَّّتَ
    فكرةً … ".
    من أَين تأتي الشاعريَّةُ؟ من
    ذكاء القلب، أَمْ من فِطْرة الإحساس
    بالمجهول؟ أَمْ من وردةٍ حمراءَ
    في الصحراء؟ لا الشخصيُّ شخصيُّ
    ولا الكونيُّ كونيٌّ …
    كأني لا كأني …/
    كلما أَصغيتُ للقلب امتلأتُ
    بما يقول الغَيْبُ، وارتفعتْ بِيَ
    الأشجارُ. من حُلْم إلى حُلْمٍ
    أَطيرُ وليس لي هَدَفٌ أَخيرٌ.
    كُنْتُ أُولَدُ منذ آلاف السنين
    الشاعريَّةِ في ظلامٍ أَبيض الكتّان
    لم أَعرف تماماً مَنْ أَنا فينا ومن
    حُلْمي. أَنا حُلْمي
    كأني لا كأني …
    لم تَكُنْ لُغَتي تُودِّعُ نَبْرها الرعويَّ
    إلاّ في الرحيل إلى الشمال. كلابُنا
    هَدَأَتْ. وماعِزُنا توشَّح بالضباب على
    التلال. وشجَّ سَهْمٌ طائش وَجْهَ
    اليقين. تعبتُ من لغتي تقول ولا
    تقولُ على ظهور الخيل ماذا يصنعُ
    الماضي بأيَّامِ امرئ القيس المُوَزَّعِ
    بين قافيةٍ وقَيْصَرَ …/
    كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ آلهتي،
    هنالك، في بلاد الأرجوان أَضاءني
    قَمَرٌ تُطَوِّقُهُ عناةُ، عناةُ سيِّدَةُ
    الكِنايةِ في الحكايةِ. لم تكن تبكي على
    أَحَدِ، ولكنْ من مَفَاتِنِها بَكَتْ:
    هَلْ كُلُّ هذا السحرِ لي وحدي
    أَما من شاعرٍ عندي
    يُقَاسِمُني فَرَاغَ التَخْتِ في مجدي؟
    ويقطفُ من سياج أُنوثتي
    ما فاض من وردي؟
    أَما من شاعر يُغْوي
    حليبَ الليل في نهدي؟
    أَنا الأولى
    أَنا الأخرى
    وحدِّي زاد عن حدِّي
    وبعدي تركُضُ الغِزلانُ في الكلمات
    لا قبلي … ولا بعدي /
    سأحلُمُ، لا لأُصْلِحَ مركباتِ الريحِ
    أَو عَطَباً أَصابَ الروحَ
    فالأسطورةُ اتَّخَذَتْ مكانَتَها / المكيدةَ
    في سياق الواقعيّ. وليس في وُسْعِ القصيدة
    أَن تُغَيِّرَ ماضياً يمضي ولا يمضي
    ولا أَنْ تُوقِفَ الزلزالَ
    لكني سأحلُمُ،
    رُبَّما اتسَعَتْ بلادٌ لي، كما أَنا
    واحداً من أَهل هذا البحر،
    كفَّ عن السؤال الصعب: "مَنْ أَنا؟ …
    هاهنا؟ أَأَنا ابنُ أُمي؟"
    لا تساوِرُني الشكوكُ ولا يحاصرني
    الرعاةُ أو الملوكُ. وحاضري كغدي معي.
    ومعي مُفَكِّرتي الصغيرةُ: كُلَّما حَكَّ
    السحابةَ طائرٌ دَوَّنتُ: فَكَّ الحُلْمُ
    أَجنحتي. أنا أَيضاً أطيرُ. فَكُلُّ
    حيّ طائرٌ. وأَنا أَنا، لا شيءَ
    آخَرَ /
    واحدٌ من أَهل هذا السهل …
    في عيد الشعير أَزورُ أطلالي
    البهيَّة مثل وَشْم في الهُوِيَّةِ.
    لا تبدِّدُها الرياحُ ولا تُؤبِّدُها … /
    وفي عيد الكروم أَعُبُّ كأساً
    من نبيذ الباعة المتجوِّلينَ … خفيفةٌ
    روحي، وجسمي مُثْقَلٌ بالذكريات وبالمكان /
    وفي الربيع، أكونُ خاطرةً لسائحةٍ
    ستكتُبُ في بطاقات البريد: "على
    يسار المسرح المهجور سَوْسَنَةٌ وشَخْصٌ
    غامضٌ. وعلى اليمين مدينةٌ عصريَّةٌ " /
    وأَنا أَنا، لا شيء آخَرَ …
    لَسْتُ من أَتباع روما الساهرينَ
    على دروب الملحِ. لكنِّي أسَدِّدُ نِسْبَةً
    مئويَّةً من ملح خبزي مُرْغَماً، وأَقول
    للتاريخ: زَيِّنْ شاحناتِكَ بالعبيد وبالملوك الصاغرينَ، ومُرَّ
    … لا أَحَدٌ يقول
    الآن: لا.
    وأَنا أَنا، لا شيء آخر
    واحدٌ من أَهل هذا الليل. أَحلُمُ
    بالصعود على حصاني فَوْقَ، فَوْقَ …
    لأَتبع اليُنْبُوعَ خلف التلِّ
    فاصمُدْ يا حصاني. لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ

    أَنتَ فُتُوَّتي وأَنا خيالُكَ. فانتصِبْ
    أَلِفاً، وصُكَّ البرقَ. حُكَّ بحافر
    الشهوات أَوعيةَ الصَدَى. واصعَدْ،
    تَجَدَّدْ، وانتصبْ أَلفاً، توتَّرْ يا
    حصاني وانتصبْ ألفا ً، ولا تسقُطْ
    عن السفح الأَخير كرايةٍ مهجورةٍ في
    الأَبجديَّة. لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ،
    أَنت تَعِلَّتي وأَنا مجازُكَ خارج الركب
    المُرَوَّضِ كالمصائرِ. فاندفِعْ واحفُرْ زماني
    في مكاني يا حصاني. فالمكانُ هُوَ
    الطريق، ولا طريقَ على الطريق سواكَ
    تنتعلُ الرياحَ. أَُضئْ نُجوماً في السراب !
    أَضئْ غيوماً في الغياب، وكُنْ أَخي
    ودليلَ برقي يا حصاني. لا تَمُتْ
    قبلي ولا بعدي عَلى السفح الأخير
    ولا معي. حَدِّقْ إلى سيَّارة الإسعافِ
    والموتى … لعلِّي لم أَزل حيّاً /
    سأَحلُمُ، لا لأُصْلِحَ أَيَّ معنىً خارجي.
    بل كي أُرمِّمَ داخلي المهجورَ من أَثر
    الجفاف العاطفيِّ. حفظتُ قلبي كُلَّهُ
    عن ظهر قلبٍ: لم يَعُدْ مُتَطفِّلاً
    ومُدَلّلاً. تَكْفيهِ حَبَّةُ ” أَسبرين ” لكي
    يلينَ ويستكينَ. كأنَّهُ جاري الغريبُ
    ولستُ طَوْعَ هوائِهِ ونسائِهِ. فالقلب
    يَصْدَأُ كالحديدِ، فلا يئنُّ ولا يَحِنُّ
    ولا يُجَنُّ بأوَّل المطر الإباحيِّ الحنينِ،
    ولا يرنُّ ّكعشب آبَ من الجفافِ.
    كأنَّ قلبي زاهدٌ، أَو زائدٌ
    عني كحرف ” الكاف ” في التشبيهِ
    حين يجفُّ ماءُ القلب تزدادُ الجمالياتُ
    تجريداً، وتدَّثرُ العواطف بالمعاطفِ،
    والبكارةُ بالمهارة /
    كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ أُولى
    الأغنيات رأيتُ آثارَ القطاة على
    الكلام. ولم أَكن ولداً سعيداً
    كي أَقولَ: الأمس أَجملُ دائماً.
    لكنَّ للذكرى يَدَيْنِ خفيفتين تُهَيِّجانِ
    الأرضَ بالحُمَّى. وللذكرى روائحُ زهرةٍ
    ليليَّةٍ تبكي وتُوقظُ في دَمِ المنفيِّ
    حاجتَهُ إلى الإنشاد: "كُوني
    مُرْتَقى شَجَني أَجدْ زمني" … ولستُ
    بحاجةٍ إلاّ لِخَفْقَةِ نَوْرَسِ لأتابعَ
    السُفُنَ القديمةَ. كم من الوقت
    انقضى منذ اكتشفنا التوأمين: الوقتَ
    والموتَ الطبيعيَّ المُرَادِفَ للحياة؟
    ولم نزل نحيا كأنَّ الموتَ يُخطئنا،
    فنحن القادرين على التذكُّر قادرون
    على التحرُّر، سائرون على خُطى
    جلجامشَ الخضراءِ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ … /
    هباءٌ كاملُ التكوينِ …
    يكسرُني الغيابُ كجرَّةِ الماءِ الصغيرة.
    نام أَنكيدو ولم ينهض. جناحي نام
    مُلْتَفّاً بحَفْنَةِ ريشِهِ الطينيِّ. آلهتي
    جمادُ الريح في أَرض الخيال. ذِراعِيَ
    اليُمْنى عصا خشبيَّةٌ. والقَلْبُ مهجورٌ
    كبئرٍ جفَّ فيها الماءُ، فاتَّسَعَ الصدى
    الوحشيُّ: أنكيدو ! خيالي لم يَعُدْ
    يكفي لأُكملَ رحلتي. لا بُدَّ لي من
    قُوَّةٍ ليكون حُلْمي واقعيّاً. هاتِ
    أَسْلِحتي أُلَمِّعْها بمِلح الدمعِ. هاتِ
    الدمعَ، أنكيدو، ليبكي المَيْتُ فينا
    الحيَّ. ما أنا؟ مَنْ ينامُ الآن
    أنكيدو؟ أَنا أَم أَنت؟ آلهتي
    كقبض الريحِ. فانهَضْ بي بكامل
    طيشك البشريِّ، واحلُمْ بالمساواةِ
    القليلةِ بين آلهة السماء وبيننا. نحن
    الذين نُعَمِّرُ الأرضَ الجميلةَ بين
    دجلةَ والفراتِ ونحفَظُ الأسماءَ. كيف
    مَلَلْتَني، يا صاحبي، وخَذَلْتَني، ما نفْعُ حكمتنا بدون
    فُتُوّةٍ … ما نفعُ حكمتنا؟ على باب المتاهِ خذلتني،
    يا صاحبي، فقتلتَني، وعليَّ وحدي
    أَن أرى، وحدي، مصائرنا. ووحدي
    أَحملُ الدنيا على كتفيَّ ثوراً هائجاً.
    وحدي أَفتِّشُ شاردَ الخطوات عن
    أَبديتي. لا بُدَّ لي من حَلِّ هذا
    اللُغْزِ، أنكيدو، سأحملُ عنكَ
    عُمْرَكَ ما استطعتُ وما استطاعت
    قُوَّتي وإرادتي أَن تحملاكَ. فمن
    أَنا وحدي؟ هَبَاءٌ كاملُ التكوينِ
    من حولي. ولكني سأُسْنِدُ ظلَّّك
    العاري على شجر النخيل. فأين ظلُّكَ؟
    أَين ظلُّك بعدما انكسرَتْ جُذُوعُك؟
    قمَّةُ
    الإنسان
    هاويةٌ …
    ظلمتُكَ حينما قاومتُ فيكَ الوَحْشَ،
    بامرأةٍ سَقَتْكَ حليبَها، فأنِسْتَ …
    واستسلمتَ للبشريِّ. أَنكيدو، ترفَّقْ
    بي وعُدْ من حيث مُتَّ، لعلَّنا
    نجدُ الجوابَ، فمن أَنا وحدي؟
    حياةُ الفرد ناقصةٌ، وينقُصُني
    السؤالُ، فمن سأسألُ عن عبور
    النهر؟ فانهَضْ يا شقيقَ الملح
    واحملني. وأَنتَ تنامُ هل تدري
    بأنك نائمٌ؟ فانهض.. كفى نوما ً!
    تحرَّكْ قبل أَن يتكاثَرَ الحكماءُ حولي
    كالثعالب: [ كُلُّ شيء باطلٌ، فاغنَمْ
    حياتَكَ مثلما هِيَ برهةً حُبْلَى بسائلها،
    دَمِ العُشْب المُقَطَّرِ. عِشْ ليومك لا
    لحلمك. كلُّ شيء زائلٌ. فاحذَرْ
    غداً وعشِ الحياةَ الآن في امرأةٍ
    تحبُّكَ. عِشْ لجسمِكَ لا لِوَهْمِكَ.
    وانتظرْ
    ولداً سيحمل عنك رُوحَكَ
    فالخلودُ هُوَ التَّنَاسُلُ في الوجود.
    وكُلُّ شيءٍ باطلٌ أو زائل، أو
    زائل أو باطلٌ] مَنْ أَنا؟
    أَنشيدُ الأناشيد
    أم حِكْمَةُ الجامعةْ؟
    وكلانا أَنا …
    وأَنا شَاعرٌ
    ومَلِكْ
    وحكيمٌ على حافّة البئرِ
    لا غيمةٌ في يدي
    ولا أَحَدَ عَشَرَ كوكباً
    على معبدي
    ضاق بي جَسَدي
    ضاق بي أَبدي
    وغدي
    جالسٌ مثل تاج الغبار
    على مقعدي
    باطلٌ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
    كُلُّ شيء على البسيطة زائلْ
    أَلرياحُ شماليَّةٌ
    والرياحُ جنوبيَّةٌ
    تُشْرِقُ الشمسُ من ذاتها
    تَغْرُبُ الشمسُ في ذاتها
    لا جديدَ، إذاً
    والزَمَنْ
    كان أَمسِ،
    سُدىً في سُدَى.
    ألهياكلُ عاليةٌ
    والسنابلُ عاليةٌ
    والسماءُ إذا انخفضت مَطَرتْ
    والبلادُ إذا ارتفعت أَقفرت
    كُلُّ شيء إذا زاد عن حَدِّهِ
    صار يوماً إلى ضدِّهِ.
    والحياةُ على الأرض ظلٌّ
    لما لا نرى ….
    باطلٌ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
    كلُّ شيء على البسيطة زائلْ
    1400 مركبة
    و12,000 فرس
    تحمل اسمي المُذَهَّبَ من
    زَمَنٍ نحو آخر …
    عشتُ كما لم يَعِشْ شاعرٌ
    مَلكاً وحكيماً …
    هَرِمْتُ، سَئِمْتُ من المجدِ
    لا شيءَ ينقصني
    أَلهذا إذاً
    كلما ازداد علمي
    تعاظَمَ هَمِّي؟
    فما أُورشليمُ وما العَرْشُ؟
    لا شيءَ يبقى على حالِه
    للولادة وَقْتٌ
    وللموت وقتٌ
    وللصمت وَقْتٌ
    وللنُّطق وقْتٌ
    وللحرب وقْتٌ
    وللصُّلحِ وقْتٌ
    وللوقتِ وقْتٌ
    ولا شيءَ يبقى على حالِهِ …
    كُلُّ نَهْرٍ سيشربُهُ البحرُ
    والبحرُ ليس بملآنَ،
    لاشيءَ يبقى على حالِهِ
    كُلُّ حيّ يسيرُ إلى الموت
    والموتُ ليس بملآنَ،
    لا شيءَ يبقى سوى اسمي المُذَهَّبِ
    بعدي:
    "سُلَيمانُ كانَ " …
    فماذا سيفعل موتى بأسمائهم
    هل يُضيءُ الذَّهَبْ
    ظلمتي الشاسعةْ
    أَم نشيدُ الأناشيد
    والجامعةْ؟
    باطلٌ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
    كُلُّ شيء على البسيطة زائلْ /…
    مثلما سار المسيحُ على البُحَيْرَةِ،
    سرتُ في رؤيايَ. لكنِّي نزلتُ عن
    الصليب لأَنني أَخشى العُلُوَّ،ولا
    أُبَشِّرُ بالقيامةِ. لم أُغيِّرْ غَيْرَ
    إيقاعي لأَسمَعَ صوتَ قلبي واضحاً.
    للملحميِّين النُّسُورُ ولي أَنا: طوقُ
    الحمامةِ، نجمةٌ مهجورةٌ فوق السطوح،
    وشارعٌ مُتَعرِّجُ يُفْضي إلى ميناءِ
    عكا - ليس أكثرَ أَو أَقلَّ -
    أُريد أَن أُلقي تحيَّاتِ الصباح عليَّ
    حيث تركتُني ولداً سعيدا [لم
    أَكُنْ ولداً سَعيدَ الحظِّ يومئذٍ،
    ولكنَّ المسافةَ، مثلَ حدَّادينَ ممتازينَ،
    تصنَعُ من حديدٍ تافهٍ قمراً]
    - أَتعرفني؟
    سألتُ الظلَّ قرب السورِ،
    فانتبهتْ فتاةُ ترتدي ناراً،
    وقالت: هل تُكَلِّمني؟
    فقلتُ: أُكَلِّمُ الشَبَحَ القرينَ
    فتمتمتْ: مجنونُ ليلى آخرٌ يتفقَُّّد
    الأطلالَ،
    وانصرفتْ إلى حانوتها في آخر السُوق
    القديمةِ…
    ههنا كُنَّا. وكانت نَخْلَتانِ تحمِّلان
    البحرَ بعضَ رسائلِ الشعراءِ …
    لم نكبر كثيراً يا أَنا. فالمنظرُ
    البحريُّ، والسُّورُ المُدَافِعُ عن خسارتنا،
    ورائحةُ البَخُور تقول: ما زلنا هنا،
    حتى لو انفصَلَ الزمانُ عن المكانِ.
    لعلَّنا لم نفترق أَبداً
    - أَتعرفني؟
    بكى الوَلَدُ الذي ضيَّعتُهُ:
    "لم نفترق. لكننا لن نلتقي أَبداً " …
    وأَغْلَقَ موجتين صغيرتين على ذراعيه،
    وحلَّّق عالياً …
    فسألتُ: مَنْ منَّا المُهَاجِرُ؟ /
    قلتُ للسّجَّان عند الشاطئ الغربيّ:
    - هل أَنت ابنُ سجّاني القديمِ؟
    - نعم !
    - فأين أَبوك؟
    قال: أَبي توفِّيَ من سنين.
    أُصيبَ بالإحباط من سَأَم الحراسة.
    ثم أَوْرَثَني مُهمَّتَهُ ومهنته، وأوصاني
    بان أَحمي المدينةَ من نشيدكَ …
    قُلْتُ: مُنْذُ متى تراقبني وتسجن
    فيَّ نفسَكَ؟
    قال: منذ كتبتَ أُولى أُغنياتك
    قلت: لم تَكُ قد وُلِدْتَ
    فقال: لي زَمَنٌ ولي أَزليَّةٌ،
    وأُريد أن أَحيا على إيقاعِ أمريكا
    وحائطِ أُورشليمَ
    فقلتُ: كُنْ مَنْ أَنتَ. لكني ذهبتُ.
    ومَنْ تراه الآن ليس أنا، أنا شَبَحي
    فقال: كفى ! أَلسْتَ اسمَ الصدى
    الحجريِّ؟ لم تذهَبْ ولم تَرْجِعْ إذاً.
    ما زلتَ داخلَ هذه الزنزانة الصفراءِ.
    فاتركني وشأني !
    قلتُ: هل ما زلتُ موجودا ً
    هنا؟ أَأَنا طليقٌ أَو سجينٌ دون
    أن أدري. وهذا البحرُ خلف السور بحري؟
    قال لي: أَنتَ السجينُ، سجينُ
    نفسِكَ والحنينِ. ومَنْ تراهُ الآن
    ليس أَنا. أَنا شَبَحي
    فقلتُ مُحَدِّثاً نفسي: أَنا حيٌّ
    وقلتُ: إذا التقى شَبَحانِ
    في الصحراء، هل يتقاسمانِ الرملَ،
    أَم يتنافسان على احتكار الليل؟ /
    المقطع قبل الأخير
    كانت ساعَةُ الميناءِ تعمَلُ وحدها
    لم يكترثْ أَحَدٌ بليل الوقت، صَيَّادو
    ثمار البحر يرمون الشباك ويجدلون
    الموجَ. والعُشَّاقُ في الـ” ديسكو ”.
    وكان الحالمون يُرَبِّتُون القُبَّراتِ النائماتِ
    ويحلمون …
    وقلتُ: إن متُّ انتبهتُ …
    لديَّ ما يكفي من الماضي
    وينقُصُني غَدٌ …
    سأسيرُ في الدرب القديم على
    خُطَايَ، على هواءِ البحر. لا
    امرأةٌ تراني تحت شرفتها. ولم
    أملكْ من الذكرى سوى ما ينفَعُ
    السَّفَرَ الطويلَ. وكان في الأيام
    ما يكفي من الغد. كُنْتُ أصْغَرَ
    من فراشاتي ومن غَمَّازتينِ:
    خُذي النُّعَاسَ وخبِّئيني في
    الرواية والمساء العاطفيّ /
    وَخبِّئيني تحت إحدى النخلتين /
    وعلِّميني الشِعْرَ / قد أَتعلَّمُ
    التجوال في أنحاء ” هومير” / قد
    أُضيفُ إلى الحكاية وَصْفَ
    عكا / أقدمِ المدنِ الجميلةِ،
    أَجملِ المدن القديمةِ / علبَةٌ
    حَجَريَّةٌ يتحرَّكُ الأحياءُ والأمواتُ
    في صلصالها كخليَّة النحل السجين
    ويُضْرِبُونَ عن الزهور ويسألون
    البحر عن باب الطوارئ كُلَّما
    اشتدَّ الحصارُ / وعلِّميني الشِعْرَ /
    قد تحتاجُ بنتٌ ما إلى أُغنية
    لبعيدها: "خُذْني ولو قَسْراً
    إليكَ، وضَعْ منامي في
    يَدَيْكَ". ويذهبان إلى الصدى
    مُتَعانِقَيْنِ / كأنَّني زوَّجتُ ظبياً
    شارداً لغزالةٍ / وفتحتُ أبوابَ
    الكنيسةِ للحمام … / وعَلِّميني
    الشِعْرَ / مَنْ غزلتْ قميصَ
    الصوف وانتظرتْ أمام الباب
    أَوْلَى بالحديث عن المدى، وبخَيْبَةِ
    الأَمَلِ: المُحاربُ لم يَعُدْ، أو
    لن يعود، فلستَ أَنتَ مَن
    انتظرتُ … /
    ومثلما سار المسيحُ على البحيرة …
    سرتُ في رؤيايَ. لكنِّي نزلتُ عن
    الصليب لأنني أَخشى العُلُوَّ ولا
    أُبشِّرُ بالقيامة. لم أُغيِّر غيرَ إيقاعي
    لأَسمع صوتَ قلبي واضحاً …
    للملحميِّين النُسُورُ ولي أَنا طَوْقُ
    الحمامة، نَجْمَةٌ مهجورةٌ فوق السطوح،
    وشارعٌ يُفضي إلى الميناء … /
    هذا البحرُ لي
    هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
    هذا الرصيفُ وما عَلَيْهِ
    من خُطَايَ وسائلي المنويِّ … لي
    ومحطَّةُ الباصِ القديمةُ لي. ولي
    شَبَحي وصاحبُهُ. وآنيةُ النحاس
    وآيةُ الكرسيّ، والمفتاحُ لي
    والبابُ والحُرَّاسُ والأجراسُ لي
    لِيَ حَذْوَةُ الفَرَسِ التي
    طارت عن الأسوار … لي
    ما كان لي. وقصاصَةُ الوَرَقِ التي
    انتُزِعَتْ من الإنجيل لي
    والملْحُ من أَثر الدموع على
    جدار البيت لي …
    واسمي، إن أخطأتُ لَفْظَ اسمي
    بخمسة أَحْرُفٍ أُفُقيّةِ التكوين لي:
    ميمُ / المُتَيَّمُ والمُيتَّمُ والمتمِّمُ ما مضى
    حاءُ / الحديقةُ والحبيبةُ، حيرتانِ وحسرتان
    ميمُ / المُغَامِرُ والمُعَدُّ المُسْتَعدُّ لموته
    الموعود منفيّاً، مريضَ المُشْتَهَى
    واو / الوداعُ، الوردةُ الوسطى،
    ولاءٌ للولادة أَينما وُجدَتْ، وَوَعْدُ الوالدين
    دال / الدليلُ، الدربُ، دمعةُ
    دارةٍ دَرَسَتْ، ودوريّ يُدَلِّلُني ويُدْميني /
    وهذا الاسمُ لي …
    ولأصدقائي، أينما كانوا، ولي
    جَسَدي المُؤَقَّتُ، حاضراً أم غائباً …
    مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن …
    لي مِتْرٌ و75 سنتمتراً …
    والباقي لِزَهْرٍ فَوْضَويّ اللونِ،
    يشربني على مَهَلٍ، ولي
    ما كان لي: أَمسي، وما سيكون لي
    غَدِيَ البعيدُ، وعودة الروح الشريد
    كأنَّ شيئا ً لم يَكُنْ
    وكأنَّ شيئاً لم يكن
    جرحٌ طفيف في ذراع الحاضر العَبَثيِّ …
    والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ
    ومن أَبطالِهِ …
    يُلْقي عليهمْ نظرةً ويمرُّ …
    هذا البحرُ لي
    هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
    واسمي -
    وإن أخطأتُ لفظ اسمي على التابوت -
    لي.
    أَما أَنا - وقد امتلأتُ
    بكُلِّ أَسباب الرحيل -
    فلستُ لي.
    أَنا لَستُ لي
    أَنا لَستُ لي
                  

08-10-2008, 12:41 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)


    حزن قاهر ممض عليك يا صديقي.
    أهكذا تغادر؟؟
    دون وداع، دون قصيدة أخيرة؟
    هل جهزت حقيبتك، وفرشاة أسنانك، هل خبأت "زيتونة" في مكان ما، لترافقك في السفر الطويل؟
    هل حلقت ذقنك - عند الصباح - وهل استأذنت القصائد في أن تعبر إلى الضفة الأخرى؟

    حزين حزين حزين حزين يا صديقي.
    فجرح رحيلك لا يطاق.
                  

08-11-2008, 04:39 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    لا تعتذر عن موتك !

    وهل الجليليات كنّ في استقبالك، بمناديلهن المطرزة، وحزنهن الزيتوني الأبدي ؟!
    اختارك الموتُ هذه المرة، لا الإيقاع.
    وصرت رجعا للكمان، تصغي للحجر.
    لك يا صديقي حكمة المحكوم بالموت – الآن -، فحدثنا قليلا عنه، قصّ حكايتك الأخيرة قبل أن تمضي.
    وحدها حقول الأقحوان ستبكيك طويلا بالندى المبثوث أشعارا وعصافير.
    كيف نثق بالماء – الآن – ونحن سكّان أغنيتك/أرضك؟
    كيف نثق بالموت ؟!
    (أنزل هنا، والآن، عن كتفيك قبرك
    وأعط عمرك فرصة أخرى لترميم الحكاية
    ليس كلُ الحب موتا
    ليست الأرض اغترابا مزمنا)
    هل رممت الحكاية، وعدت من اغترابك إلى اغترابك؟
    سقطت أنتَ مضرجا بدمّ القصيدة، وسقطنا مضرجين باغترابك الأبدي.
    كنت وحدك قارة من الكلمات، كنت كما بلادك (القريبة من كلام الله)، ولك في كل قلب موطن، ولك في كل وطن مرتقى إلى العرش السماوي المجيد.
    السلام عليك..
    (السلام أنين محبيّن يغتسلان
    بضوء القمر)
    من لـ(ريتا)
    من لـ(أمي)، خبزها، وقهوتها المعمدة بالحبّ، ووطن عينيها، ورائحة عشبها، وصوتها ؟
    لماذا ترى يا درويش كلّ العاشقين الكبار تأسرهم (النون) في سورة الرحمن ؟
    كيف هي مديات عشقك ؟
    وتقول: قصيدة..[كتبت عام 1999]، ثم ترسل الضوء شفيفا:
    هذا هو اسمك/
    قالت امرأة،
    وغابت في الممر اللولبي...
    ..
    هذه قصيدة ؟
    هذا الحوار الفلسفي العميق المتشابك المتفجر ..قصيدة وحسب ؟
    هذا الحوار الذي يغشى (هيدغر) و(ابن عربي) و(المعري) ويسرح في البعيد، محمّلا بالمعاني كلّها، والأسئلة الصعبة المفخخة كلّها، قصيدة وحسب ؟!
    خضراء، أرض قصيدتـ(ك) خضراء.
    لك – الآن – متسع من الأنهار، تكفي لتهمس للفراشة: آهِ يا أختي !
    الأرض عيد الخاسرين [وأنت/أنا/نحن/هم..منهم]
    فـ(يا موتنا ! خذنا إليك على طريقتنا، فقد نتعلم الإشراق).
    درويش
    هل المناخ معتدل هناك؟
    وهل كتاب واحد يكفي ؟
    هل جاء الموت كالمتسولين، وجلس على بابك كالشحاذ؟
    أم كان كـ(الحب عاصفة على شجر) ؟
    اخاله لصا جبانا !!
    (هزمتك يا موت الفنون جميعها
    هزمتك يا موت الأغاني في بلاد
    الرافدين.مسلة المصري، مقبرة الفراعة،
    النقوش على حجارة معبد هزمتك
    وانتصرت، وأفلت من كمائنك
    الخلود..
    فاصنع بنا، واصنع بنفسك ما تريد)
    من أنت (دون منفى)
    وما المنفى..بدونك ؟
    قصيدة أخيرة، وامضِ يا صديقي، متيقنا من دربك، ولا تخشَ – كما كنت دائما – العلو على الصليب.
    فمثلك يزهر جبينه على الصليب، ويغتسل بضوء الشمس/الشعر على الصليب.
    حلّق على الصليب، أيها الراحل في الليل غريبا ووحيدا.
    فمن لم يصلب، لربما لم يعرف الحياة، ولم يعرف الموت، ولم يعرف الله.
    أنت حرّ الآن.
    حرّ.
    حرّ.
                  

08-12-2008, 04:25 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    عفو زهر الدم يا لوركا
    وشمس في يديك
    وصليب يرتدي نار قصيدة
    أجمل الفرسان في الليل يحجون إليك
    بشهيد وشهيدة
                  

08-13-2008, 06:42 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الاخ العزيز عويس
    والاخت العزيزة عزاز..

    والسرب الجميل... ولأغنية حتى الطيف رحل...

    سلامي ومحبتي... فالعزاء في درويش عزاء شخصي، فهو طفل صغير، ظل يحب حلاوة الشعر، ورقته، فخلق عشاقه، بل أعلى من شأن الشعر، حتى صار مطلب جماهيري، كالخبز، فالخرطوم أحتفت بصورة شعبية، فشعره صار جزء من وجداننا وبصورة مبكرة..

    أعمق التعازي لموهبة وصانع كبير للشعر،...
    كم حزنت، حزن شخصي، لتلك العلاقة القديمة معه، ومع صوته، وشكله، وسمته، فهو جزء من الأسرة الشخصية، ويشترك اخوتي الكبار واصدقائي كلهم في محبته، ودواوينه تزخرف حقائبنا البسيطة والدواليب وعتبات الشبابيك..

    عميق حزني، وعميق محبتي..
                  

08-14-2008, 06:26 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    الله ياعويس.. أمس أعدت قراءة الكثير من المداخلات، ياخي بارك الله في همومكم وحرفك، حيثما كنت..

    العويس كتب..

    Quote: عماد يا صديقي الذي مقامه مقام البكاء.
    ولمقامات البكاء..مقام !
    كلّ وجود لا يبكي، لا يعوّل عليه!
    كلّ وجود لا يحزن، لا يعوّل عليه.. (أليس هذا – مجازا – ابن عربي؟)
    نحن يهصرنا الوجود.يفجعنا ويمزقنا ويفتتنا.ونحب – أحيانا حين نبصر – تفتتنا هذا.نحب الوجود بكلّ ما فيه.نراه في أصغر برعم زهرة.
    نراه في جبل يتصدع لتفتق وردة (كما رآه محمود درويش على عتبات الموت/الحياة في جداريته).
    في ساعة الفجر حين يفتق صوت المؤذن القروي، (الحاج سيدأحمد النوش، رحمه الله) يفتق السكون، ويسيح في الخلايا.صوت قادم من أبعد نقطة في الكون.يوقظ الوجود.يتحسس مكامنه، ويرش بهاءا خالدا يتقطر من فرجات لا مرئية في السماء المرصعة بالنجوم، هناك !
    في تلك الساعة يختلط بكاؤه ببكاء كوني متعاطف إلى أقصى حد مع عذابات الإنسان.
    في أجراس كنائس (جوبا)، وترانيم الوجود التي يترنمون بها.أحبّ الترانيم! تلك الأصوات الممزوجة بالجراح الأبدية والتوق الأزلي للخلاص.
    كم هو غريب أمرنا، نحب الوجود، ونسعى للخلاص!
    يا عبدالغني!
    (محمد مدني) يشاطرني جنوني هذه الأيام.
    أمّي (بخيتة محمد ساتي) تصنع لنا (القراصة بي الويكة) و(الملوخية)، وتعد لنا القهوة، ونحن نوغل في (محمود درويش) و(مظفر النواب) و(سبينوزا) و(دريدا) و(أسامة الخواض) و(بشرى الفاضل) و(ميشيل فوكو، و(محمد خلف الله) و(عادل عبدالرحمن)و....!
    و(محمد مدني) ذاته !
    قرأ لي (جدارية).الحق، أنا عرضت عليه أن يقرأ.ويقرأ قصائده.
    هاتفنا (بشرى الفاضل) و(السمندل)، وحاولنا الاتصال بالمجنون محسن خالد، لكن هاتفه لا يجيب (يا محسن، يا سفيه، غاطس وين، الله يغطس حجرك يا مجنون، معقول اربعة خمسة شهور ما تتصل؟ أها خليني أكاويك شوية، أنا مشيت – بعدك – أديس أبابا، يااااااه! دي براها – خلي شاشاماني – عايزة ليها رواية قدر الدون الهاديء! هناك يا محسن كل شيء حكاية، هناك الموسيقى والكلمات والمطر والشوارع والناس و(الصبايا) والابتسامات والبيوت والشطة و(الأزّي) و(الكرار) كلهم غواية للكلمات! حرّم، أنا كان ألقى شوية قريشات أمشي البلد ديك أغطس، ما أطلع إلا بعدما أكمل خمس روايات !! يا سفيه اتصل !!)

    عزاز
    هو الوجود يا عزيزتي! ثقيل الوطأة جدا، فإما أن نمضي، وإما أن نهذي!!
    ويقولون إن (إدريس جماع) جنّ في آخر سنيه!!
    والله – لو علموا – هم المجانين!!
    الرجل – قدس الله سره – يرى ما لايرون، ويحس ما لا يحسون.يحس بالوجود، بالأرواح التي في البشر والحيوانات والطيور و(حبة القمح يا عبدالغني)، والطين، فكيف يجن؟!
    ويقولون – سماحهم الخالق – إن ابن يوسف شقي، وقد كفر!!
    والحلاج!!
    والله هم الذين لا (يعرفون) !
    ولو (عرفوا) لـ(نازعوهم)
    هو الوجود يا عزاز.هو الحب، هو قهر الكراهية والتوحد بالآخر.هل أحببت حجرا يا عزاز ؟
    وهل أحببت نخلة،ثوب أمك المضمخ بالعطر، الظل في بيتكم (هناك في المحس) ساعة الأصيل، لا يخطيء – أبدا – مواقيت عشقه، إناء (اللبن)، زجاجة السمن، الزير الذي يبرّد الماء جيدا، (الدوكة) التي تصنع عليها (عمتك) الكسرة؟
    أأحببتيهم ؟
    أليست هذه الأشياء جزء من الوجود/منا؟
    ولذا، تتقاذفنا الرغبات كلها.رغبات الوجود.رغبة الحجر في أن يفتته وابل المطر، ورغبة النخلة في أن تتكيء أخيرا على النيل، ورغبة القمر في أن يمحي بياضه، ورغبة الضد في أن يصبح ضدا!!
    تلك الرغبات البدائية الأبدية.
    كم هي ثقيلة الحياة، وكم هو خفيف – أيضا – الوجود!!
    حين نذكر الذين رحلوا، نتوق إليهم!
    نزحف نحو كهولتنا، وإن بدت بعيدة، وتخطر ببالنا أيامنا الأولى، وذكريات متشظية، لا تبدو بارقات السعادة فيها، إلا بعد انطوائها، لا يبقى سوى الحزن معلقا فوانيسه في غرفة القلب الطينية!
    نذكر الذين رحلوا نازفين.نتوق إليهم.يعذبنا الشوق، والوجود.نريد أن نكسر هذا الحائط الرخو.هذا الحائط الذي يفصلنا (عن ماذا؟)
    أليس الـ(هناك) اكتشاف جديد، وتجربة مغايرة؟
    ربما أشتاق راحة أبدية.
    ما أروع أن يتوسد الواحد منا الثرى، لينام طويلا، طويلا جدا.يشم رائحة طينه ممزوجا بالتراب.أخيرا، يرتاح من وجوده!!
    عزاز
    حين أعبر، سأزورك – كالأطياف – تحفني الفراشات، وملتصق بثيابي، اخضرار العشب، لنتسامر.فقط، اعدي لي قهوة، وضعي سجائري قرب مجلسي، وشمعتين، فضلا لا أمرا !!
    ما رأيك في أن أكتب حكاية (...) معلن ؟؟
    ماركيز..! يا له من مجنون، الأفضل أن يكتب المرء علانية، عن هذا، طالما أن (واحدهم) ما يزال في متاهته، التي هي بعض من متاهاتنا!!
    بالله عليك، خبريني، أليست هذه الغربة بحد ذاتها..(حكاية موت معلن)؟
    وكيف يموت الإنسان؟
    أنا أحيا – فقط – بالكتابة والقراءة.
    وأكتب حكايات/ي/نا/ك/هم!!

    يا عبدالغني !!
    هذا تناص مكاني !!
    تخيل
    في القولد، ابتنى (إبراهيم عويس) حوشا (حدادي مدادي)، يماثل دارا للرياضة.بيت طيني، هو، وأراض زراعية في القولد وجزيرة (كومي)، كلّ ما يملك من حطام الدنيا!!
    لكنه عالم مترام.فالأرواح هي التي تعمر.
    الصالون مكتظ بالكتب العربية والإنجليزية.والبراندة الفسيحة مفتوحة على الجهات كلها إلا جهة الشرق، مفتوحة أكثر على جهة الوجد.
    هناك حياتنا.هذه (البراندة) فقط، هي حياتنا.الأسرة و(العناقريب).الفوانيس – ليلا – وحتى الحمام الذي يحطّ على أعواد السقف، والقمرية التي تروح منذ الصباح تؤنسنا، وتسأل (إبراهيم عويس) عن صحته، وعن آلام (الرطوبة) التي غزت ركبتيه في (واو).
    لديّ غرفة تتوسط غرفة النوم، والصالون.هي عالمي الخاص.كم أحنّ إليها.
    كتبت بداخلها (الرقص تحت المطر).
    كنت أدخن (سرا).هو صديقي، لكن الاحترام والحب !
    الحب الكبير.
    قبل أن يتوجه إلى العمل (الثامنة صباحا)، يطرق باب الحجرة بكل تهذيب (..تخيل) !! يتوكأ على عصاه، ويدخل، تعلو وجهه – كالعادة، منذ أن رأيته – ابتسامة تشع على كوني الصباحي. يحب أن (يتونس) معي.وأنا أحب ذلك. يجلس قريبا مني. نتحدث في كل شيء.الأقرباء، والمواقف والسياسة والزراعة والجامعة والرواية !
    هو قارئي الأول !
    كم أفتقد قراءته الأولى لأعمالي !
    وكم كنت أتمنى أن يقرأها (مطبوعة، ومنشورة)
    تعاطف للغاية مع (مايكل) في الرقص تحت المطر. يقول إن لغتي جميلة.الحق، إنه أول من قال لي ذلك، وشجعني على الكتابة.
    لا طعم لأي نجاح أدبي أو حياتي في غيابه.غيابه/حضوره.وكم هو متعب هذا الحضور الباذخ الفسيح.حضور يطغى على القلب.
    حين ذاع صيت ويتني هيوستون بعد (The body guard) واحتلت المرتبات الأولى في Top 10 طيلة أشهر، كنا، في الليل، نستمع إلى أغنياتها سويا، كأيّ صديقين.
    والجمعة !!
    منذ الصباح الباكر، نتناول الشاي سويا، ثم القهوة، والإفطار.نتحلق ثلاثتنا (هو، وأمي، وأنا) حول المائدة، ثم ننتظر مرور أبناء (إسحق)، محمد، وأحمد، وشيماء.يمرون كلّ جمعة لتحيته.كما يفعل أبناء سعيد (ابن أخته، يمن) حين يأتون من السعودية.يحب أن يشاغل سعيدا وسامرا (ابنه).كلاهما يشجعان (المريخ).يروح يغيظهما بحب، كما يغيظ (ناصر عبدالمنعم – مهدي في سودانيز أون لاين، ابن خالتي فتحية محمود، وخالي، المرحوم عبدالمنعم إبراهيم)، أن الهلال أعلى كعبا، وأن الريح مصطفى، كجكسا ودريسة ومنزول وعبدالرحيم القطر، يهزمون المريخ بسهولة.
    يحب كمال عووضة (ابن أخيه).يحب نقاشاته حول الأدب والثقافة.
    البيت فسيح جدا يا عبدالغني.لذا أرواحنا – على عكس هنا، الشقق الضيقة القاتمة – طليقة، تستحم في الضوء الطبيعي، وتتمرغ في الأصوات الطبيعية، ثغاء الأغنام الطليقة في الشوارع، ونهيق الحمير، والناس الذين ينادون بعضهم بعضا بأصوات عالية.
    أحبّ حيطانه الخشنة، وبابه العالي.مسوّر بدكة طينية مرتفعة.السيول تمر أحيانا قرب بيتنا، وتنحدر بسرعة جنونية إلى النهر.
    يا أخي هذا نزف.هذا يأخذ من الروح، ويتعبها.يغسلها بالحزن !!




    الحاجة الرؤوم: بخيتة محمد ساتي تزخرف النص بقلبها وحنانها، وروحها..



    سلامي ومحبتي..
                  

08-17-2008, 01:08 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    عبدالغني
    سأعود
                  

08-17-2008, 08:57 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    موت !
    موت من هو أقرب من الوريد إليك !
    موت من هو أكبر من صديق وأكبر من أخ وأكبر من مساحة دم.
    كيف هي العلاقة بين (سميح) و(محمود) ؟
    علاقة الشعر والقراءة والكتابة والأرض والمنافي والحزن والليالي الطويلة والدخان والعطر والقهوة وزهر الصبّار.
    علاقة الأم !!
    كيف ينظر (سميح) في عيني أمّ (محمود) ليخبرها برحيل (محمود) ؟

    (تُعانقُني أُمُّنا. أُمُّ أحمدَ. في جَزَعٍ مُرهَقٍ بعذابِ
    السِّنينْ
    وعِبءِ الحنينْ
    وَتَفْتَحُ كَفَّينِ واهِنَتَينِ موبِّخَتَينِ. وَتَسأَلُ صارخةً
    دُونَ صَوتٍ. وتسألُ أينَ أَخوكَ؟ أَجِبْ. لا تُخبِّئ عَلَيَّ.
    أجِبْ أينَ محمود؟ أينَ أخوكَ؟
    تُزلزِلُني أُمُّنا بالسّؤالِ؟ فماذا أقولُ لَهَا؟
    هَلْ أقولُ مَضَى في الصَّباحِ ليأْخُذَ قَهوَتَهُ بالحليبِ
    على سِحرِ أرصِفَةِ الشانزيليزيه. أمْ أدَّعي
    أنَّكَ الآن في جَلسَةٍ طارِئَهْ
    وَهَلْ أدَّعي أنَّكَ الآن في سَهرَةٍ هادِئهْ
    وَهَلْ أُتْقِنُ الزَّعْمَ أنّكَ في موعِدٍ للغَرَامِ،
    تُقابِلُ كاتبةً لاجئَهْ
    وَهَلْ ستُصَدِّقُ أنّكَ تُلقي قصائِدَكَ الآنَ
    في صالَةٍ دافِئَهْ
    بأنْفاسِ ألفَينِ مِن مُعجَبيكَ.. وكيفَ أقولُ
    أخي راحَ يا أُمَّنا ليَرَى بارِئَهْ..
    أخي راحَ يا أُمَّنا والتقى بارِئَهْ)

    كيف يمكن قياس مساحة الألم هذه؟
                  

08-17-2008, 09:03 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    والله يا عبدالغني إني لأسمع - بوضوح - صرختها وتغرورق عيناي بالدمع لحنينها/حنانها/حنان الأم، ففي كل كبد منا قلب أم:
    Quote: وَتَفْتَحُ كَفَّينِ واهِنَتَينِ موبِّخَتَينِ. وَتَسأَلُ صارخةً
    دُونَ صَوتٍ.

                  

08-18-2008, 09:50 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    ــــــــــ
    وردة ,,, لروح محمود درويش

    الموت هو اللغز الابدي والاكبر





    حزناً رحيماً...
                  

08-18-2008, 05:33 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: emad altaib)

    صديقي وزميلي في قناة العربية دكتور ياسر ثابت كتب:

    عُد للأرض.. كي تستريح

    "هزمتكَ يا موتُ الفنون جميعها

    هزمتكَ يا موتُ الأغاني في بلاد الرافدين،

    مسلةُ المصري، مقبرةُ الفراعنة،

    النقوشُ على حجارةِ معبدٍ، هزمتكَ

    وأفلتَ من كمائنكَ الخلودُ

    فاصنع بنا، واصنع بنفسكَ ما تريد"

    ("جدارية"، محمود درويش، منشورات رياض نجيب الريّس للكتب والنشر، 2000)

    قُل لي: أبَعدَ الموتِ موتٌ؟


    هل كنتَ تعرفُ أن الأغنياتِ الأثيرة يسيلُ منها دمك، فآثرت حفظَ مائكَ الفضي واتخذتَ من القلوبِ منازل

    لم تقلْ للموتِ هذه المرة: انتظرني قليلاً

    لم تفاوضه أو تساومه على قصيدة

    فالموتُ يعشقُ فجأةً مثلك.. والموتُ لا يحبُ الانتظار

    لم تمنحْ المسافرين هذه المرة آخرَ نظراتكَ الحزينة، التي تشبهُ دمعةً تسيلُ على ساقيةِ القلب

    ربما أدركتَ الحقيقة التي تعلمناها في غيابك: عندما نموتُ نصيرُ سادةَ العالم


    الأعراسُ والأجراسُ في انتظاركَ، لكن زيتونَ فلسطين يجهشُ في البكاء

    وأنتَ الذي بللتَ شفتيَ القصيدة بهواءٍ ناضجٍ كالقمح

    علَمتها حُمى الوقت، ودسستَها في حقائبِ السفر، وحفظت قلبكَ كلّه عن ظهرِ قلب


    بصوتِكَ المعبأ بالدخان والأحزان، الآتي من غياهبِ بئرٍ عميقة، كنت تَخيطُ روحكَ إلى روحِنا، وأنت تُلقي قصائدكَ وتوزعُ حكمتكَ بعينين نزقتين وطيفِ ابتسامةٍ، وخصلات شَعرٍ - منذ ثلاثين عاماً ـ خائف أن يشيب


    شِعرُك أيها المُسجى فوق أرضٍ غريبة، كان الحجارةَ التي تعيدُ بناءَ أنقاض القرى التي أزالوها من على وجهِ الأرض وحذفوها من الخرائط المعدلة

    قصائدُكَ كانت تقولُ لليائسين: لكي تبني المحارةُ قوقعتَها، يتوجبُ عليها أن تمررَ في جسمها ما يعادلُ وزنَها خمسين ألف مرةٍ من مياه البحر

    يا لها من حكمةٍ نازفة

    ظِلُكَ المثقوبُ يُقَلِمُ أغصانَ حيرتنا، وصوتُكَ المجروحُ مطرزٌ بهديلِ النجومِ الشاردة وغَمزِ الغيُومِ التي تراوغُ في وعودِها، وضحكتُكَ المبتورةُ تعانق جذور زهرةٍ يتيمة

    طوبى للعاشقِ الذي ينسى دوماً بابَ قلبِه مفتوحاً، ليزفَ النايُ للشتاتِ بشارةَ العودة


    أيها الأندلسيُ الذي تسلقَ جدارَ الموتِ، هارباً من نوافذ قرطبة وبحرِ بيروت ومآذنِ القاهرة وشرطة عَمَان، لماذا تركتَ القصيدة عالقة في شِباكِ مَن سرقوا عيونَ البحر كي لا نرى الحقيقة

    ‎‏

    لماذا ضيَعتَ فرصتكَ في الموتِ مُذ كنتَ صغيراً؟ لماذا ضيَعتَ النهايةَ من البداية؟

    أترانا أيها الرائقُ، المارقُ، الحاذقُ، محكومين بموتٍ سريعٍ يمُرُّ ببُطءٍ؟


    أما الآن وقد امتلأت بكلِ أسبابِ الرحيل، فإنني أوصيكَ: كن رشيقاً كحروفكَ، موجعاً كالكلامِ حين تمضي إلى تلك المسافة الفاصلةِ ما بين حلمٍ واستفاقته




    مطمئنونَ نحن إلى أن الموتَ لن يستقبلكَ بفظاظة حارسٍ ليلي، فهو يحفظ قصائدك المغناة ويرددُ في أوقاتِ فراغه قولك: ''وأعشقُ عمري لأني إذا متُ أخجل من دمع أمي''


    لكنكَ تموتُ، بعيداً عن قهوةِ أمك وخبزِ أمك ولمسةِ أمك

    ها هو الموتُ يُضبطُ متلبساً بالانضمامِ إلى باقي القتلة


    متَ يا درويش، والخوفُ كل الخوفِ أن يخرُجَ لنا من الجحور دراويش، يتنازعون على لونِ عينيكَ، وإطارِ نظارتِكَ الطبية، وحبيبتكَ الأولى وقصيدتِكَ الأخيرة، ويتحدثون عن بطولاتٍ زائفة وانتماءاتٍ كاذبة مثل أردأ مساحيق التجميل


    "يحبّونني ميّتًا ليقولوا: لقد كان منّا، وكان لنا"

    ("ورد أقل"، محمود درويش، دار العودة، 1993)

    أولئك الذين يُمجدون صياغتكَ إعلان الاستقلال الفلسطيني في الجزائر، وينسون استقالتكَ من اللجنة التنفيذية لمنظمة

    التحرير احتجاجاً على اتفاق أوسلو، حين صرخت بأعلى صوتِك:


    "كل شىء مُعَدٌ لنا

    فلماذا تطيلُ التفاوض،

    يا ملكَ الاحتضار ؟"


    )"أحد عشر كوكباً"، محمود درويش، دار الجديد، 1993)

    أخطأ الأطباءُ في المستشفى الأميركي تشخيصَ الداء..لم تكن المشكلةُ في إصلاح ستة وعشرين سنتيمتراً من الشريان الأبهر لقلبِكَ المُنهَك

    كانت الأزمةُ تكمن في 365 كيلومتراً مربعاً هي مساحة قطاع غزة..وفي قولٍ آخر، كانت المشكلة في قلبكَ تمتد 5844 كيلومتراً هي مساحة الضفة الغربية

    ولأن أطباءكَ في هيوستن، أيها الغزالُ الحرُ في بريةِ الروحِ، لم يتذوقوا قصائدك، ولم يقرأوا عن فلسطين الجريحة في دواوينكَ الشعرية، فقد أغفلوا احتمالاتٍ أخرى:

    السلطةُ الوطنية التي داخت مثلَ ذبابةٍ أصابَها مبيد حشري، الدمُ الفلسطيني الذي لم يعد خطاً أحمر، رائحةُ البرتقالِ التي تختفي يوماً بعد يومٍ عن بيادر يافا

    لم يعرفوا خطورة هذه "الأمراض" على رجلٍ كان يُذكِرُنا دوماً بأن فلسطين التي تضيع..لن تضيع




    الصراعاتُ التافهةُ قضمت شرايينكَ كعيدان قصبٍ جافة، ولعلَكَ سئمتَ مِنْ تقطيرِ الحزن في قلبِكَ دَمْعَةً دمْعَةً

    ولأن العاملين في ذلك المستشفى لا يفقهون اللغة العربية، فإنهم لم يفهموا مغزى الوصيةِ المنقوشة فوق أحدِ أوردتك لأبناء وطنك:

    من يحلم بالكرامةِ.. فهو حيٌ ذليل. وحدهم الذين يعرفونَ توقيتَ الصلابةِ ويتقنون فن السيولة، هم الذين لا يتبخرون في فضاءِ الكونِ مثل غازاتٍ ضائعة


    وحدهم الذين يملكون بوصلةَ الوعي والنضج، قادرون على أن يبقوا بشراً بدلاً من أن يصبحوا مجردَ كائنٍ رخو

    أليست مفارقةً تدعو إلى التأمل أن تُسلِمَ الجسدَ المعطوبَ للجراح العراقي الأصل حازم صافي؟

    العراقي الممزقُ بين المنافي يعالجُ الفلسطيني المحترقَ بنارِ وطنٍ محتل

    كلاكما تبحثان عن وطن وحرية.. والجميلُ في الحرية أننا نتعلقُ بها في النطاق ذاته الذي تبدو فيه مستحيلة

    جيمس جويس رفضَ أن يزورَ مدينته دبلن بعد أن غادرَها، ليظلَ يكتبُ عنها من الذاكرة الخائنة

    لكنكَ آمنتَ بأن الكتابة وترٌ مشدودٌ بين الحريّة والتذكّر، فعُدتَ دوماً لتقاومَ بأصابع ينزُ منها دمُ الكلام "ذاكرة للنسيان"

    هذه المرة فقط..لن تعود

    الغيابُ الآن كفٌّ ملساء من دون خطوط


    البروة، قريتُك التي كانت، تئنُ وتقيمُ سرادقُ عزاء تحت الأرض، تقرأ فيه المدنُ ما تيسرَ من "مديح الظل العالي"، وتدرسُ فيها القرى "أحد عشر كوكباً" وتتساءلُ

    البلدات "لماذا تركت الحصان وحيداً"، فيما الشعراءُ يقتفون "أثر الفراشة"

    أنتَ الآن تشبهُ نفسك "كزهر اللوز أو أبعد"

    أنتَ الآن طفلٌ يتوجبُ أن يتنازل هذا الكونُ الكاملُ عن ألعابِ طفولته من أجلكَ

    أنتَ الآن وحيدٌ في البياض، تمَشِّطُ ضفيرة الريح، وقلبُك قميصُ الشفق

    وما بين ضبابِ المخدرِ وبياضِ الغيبوبة، يناديكَ الغمام


    "أرى السماءَ هُناكَ في متناولِ الأيدي

    ويحملُني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ

    طفولةٍ أخرى. ولم أحلم بأني

    كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ

    أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً

    وأطير. سوف أكونُ ما سأصير في

    الفلك الأخير. وكلّ شيء أبيض"

    ")جدارية"، محمود درويش، منشورات رياض نجيب الريّس للكتب والنشر، 2000(

    أيها العائدُ من تخومِ الموتِ، خُذ "جداريتك" وعُد للأرض كي تستريحَ يا إمامَ التعب


    جلجامش، لم يبقَ فوق الأرضِ سوى الرجال الذين يعجزُ الموت عن تطهيرهم من ذنبِ الحياة


    أيها المارون بين الكلمات العابرة .. ها هو "أحمد العربي "يحاصرُ حصاره، ويهزمُ الموتَ، ويرتقي مدارجَ البهاء وحيداً حافلاً بالأمنيات

                  

08-19-2008, 04:05 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    في ليلة رحيل درويش، اتصلت به هاتفيا لأعزيه.
    رحيل أي مبدع هو رحيل قطعة من المبدعين كلهم.
    وهو مبدع يتقطر ابداعا.
    لم يجب هاتفه.لم تجب الإنكليزية صاحبة الصوت الهاديء والصبر الجميل، رفيقة الدرب - كعادتها - لتعطيني إياه.
    لم يجب الهاتف طوال أيام.
    فإذا به في المشفى، فقد تطلبت الوعكة جراحة.
    وكأني به صابرا كعادته يرسم فوق شفتيه ابتسامة جميلة يعزينا بها عن قسوة الأيام.
    كنهر النيل وطميه، كأشجار النخل، كالعجائز الطيبين والأغنيات الطيبة، كالليالي والنهارات هناك في الشمال في الجنوب في الغرب في الشرق في كل مكان.
    حمدا لله على سلامتك استاذي وصديقي وحبيبي.
    لكم اشتقت لك.
    آخر مرة، قضينا - الصديق الأستاذ عبدالرحمن الراشد وشخصي - ساعة ونصف الساعة معك رفقة صديق عمرك محمود صالح حين غشيت دبي مستشفيا.
    كنت أكبر من المرض، وأكبر من الحياة وأكبر من تفاصيلها.
    عزيزي الطيب صالح
    ألف حمدا لله على سلامتك
                  

08-19-2008, 05:32 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    عزيزي درويش، عظيم سلامي لجماع، بلغه الحب، والمحبة، وأقرأ عليه سورته، سورة الأسى، سورة الفنان أمام بؤس العالم، وبؤس النفس:

    ماله أيقظ الشجون فقاسى وحشة الليل واستثار الخيالا

    ماله في مواكب الليل يمشي ويناجي خميله وظلالا

    حاسر الرأس عند كل جمال مستشف من كل شيء جمالا

    هين تستخفه بسمة الطفل قوي يصارع الأجيالا

    ماجن حطم القيود وصوفي قضى العمر نشوة وابتهالا

    خلقت طينة الأسى وغشتها نار وجد فأصبحت صلصالا

    ثم صاح القضاء كوني فكانت طينة البؤس شاعرا مثالا
                  

08-21-2008, 06:08 PM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)


    (خيال المثقف وذاكرة السلطة)

    يظل "الخيال" دوما في صراع مع الماثل، يرى بعينيه الذكية العيوب والتقصير والبلادة، حتى جناح الفراشة الجميل، لا ينال رضى الخيال، حتى الثورات الفكرية، والمنجز العلمي، يظل قاصراً، بليدا، متحجرا، أمام عيون الخيال الطفولية العبقرية، فالخيال يسكن الغد، ويهاجر للمستقبل مع بزوغ كل فجر....




    دي بداية مقال، منهك الايام دي بكتابة مقال عن "المثقف والسلطة"، أي سلطة، ان شاء الله القوة الفيزئاية، وامتعاضه منه..
    ياخي "الحرية"، دي ماعندها نهاية تب..
                  

08-21-2008, 08:29 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله)

    عندما تكون الكتابه لله يفتح الله البصائر...وتفرغ القلوب أثقالها أنهرا
    من سلوى...ويكون الشارب منها كالمطعم من سلا...وما أدراك ما سلا... تلك
    التى لا يرغب الذائق منها إلا فى المزيد...وتصير القراءة لله...ولا يكون إلا
    الذى منه والذى إليه...ولا تكون إلا لذة الإقتراب منه بالتدبر فى قدرته...
    وفضله علينا بثراء فى لغته تلك التى ليس بمقدور البنوك ولا شركات التأمين
    أن تحويها وتحتويها...وكيف لها أن تخزن معكوس ظلال الفانوس على الحائط...
    أو أثر إعجابى بجناح فراش...أو حجم السعادة والفرح من مطالعة كتاب صبرت
    علية وشوكة العقرب فى الإبهام دون أن أدرك...صديقاى أنتما السحر بذاته
    وصفاته...وأنتما لساحرين أورثكما موسى العصاه...ولا فضل لفرعون علينا
    ولا نخشاه...وسنظل على إيماننا برب هرون وموسى.......................



    ولكما السلام


    منصور

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 08-22-2008, 06:09 PM)

                  

08-24-2008, 06:46 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: munswor almophtah)

    سأعود يا رفاق الحرف والنزف
    سأعود مشبعا بهواء البحر في أصيلة وطنجة لأحكي لنفسي ولكم كيف هو البحر عاشق للمحيط هناك، وكيف هو المساء في أصيلة، وكيف تصحو الشمس صباحا فوق طنجة.
                  

08-24-2008, 09:06 PM

عبد المنعم ابراهيم الحاج
<aعبد المنعم ابراهيم الحاج
تاريخ التسجيل: 03-22-2005
مجموع المشاركات: 5691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    فقراء الزاوية المنسية سلام..

    شغلتنا الدنيا أم قدود
    عن متابعة هذا الدفق الحيوي.

    سأداوم
                  

08-30-2008, 12:26 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبد المنعم ابراهيم الحاج)

    up
                  

09-09-2008, 09:13 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    فوق
                  

09-27-2008, 02:24 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الروائح !
    الروائح هنا لها (روائح) أخرى. أكثر ثباتا.هي رائحة الشيء ذاته، إنما رائحة أكثر من الشيء ذاته !!
    الروائح تنبعث من الأزقة والدروب الضيقة. (الزنقات) !! الجلود المدبوغة والبهارات والحلوى وروائح النساء والسمك والعطور والبخور.
    تستغرق مذهولا في هذا العالم الذي تجذبك حواشيه إلى متونه، فتدب على الدروب المرصوفة بحجارة قديمة، تمر بالمتاجر والمحال، المعلقة على أبوابها فوانيس عتيقة، ويمر بك ناس لا ينتمون لا إلى هنا ولا إلى هناك، سابقون لوعيك، هم من بطون الكتب، الكتب التي تسرد "سحر الشرق" وملامحه، المخلوقات البر-بحرية، والأخرى البحرية، الجنيات اللواتي يعشقن الأنسيين، والحذاء الأسطواني الذي يحمل صاحبه ويطير به، أليس ضريح ابن بطوطة قريبا من المكان؟
    - أأخويا.. شنو بغيتي ؟!
    - بغيت واحد كاسيط ديال عبدالرحيم الصويري وواحد ديال الحاج بوجدوب !!
    نظر إلىّ مليا، وتبع نظراته المتسائلة بسؤال صريح هذه المرة
    - من وين أأخويا ؟
    - السودان !! ليش؟
    - تعرفو الصويري وبوجدوب
    - ايوة انا نحبهم بالزاف..وبغيت كاسيط ديال غِناوة !!
    هذه المرة لم يطق صبرا
    - لا.. لا.. انت مزداد في المغريب ؟
    - لا..بس اعرف الموشحات الاندلسية بالزاف.. واعرف الغناوة والدوكالي .
    هذا مقهى "السنطرال" في ميدان صغير تنتصب فيه مقاه عدة، وسط أزقة وزنقات ضيقة، ومبان قديمة.هنا كان يجلس "شكري".على مقربة، كان رجلان تجاوزا العقد الخامس، يدخنان الحشيش.على بعد أمتار، مسجد عمره ثلاثمائة عام، مبني على الطراز المغربي، ومدهون بالأزرق والأبيض. هذان اللونان ينبضان بالحياة هنا، كما هو شأنهما في (أصيلة)، أروع عروس رأيتها في حياتي.
    أصيلة !!
    لك أن تشهق إزاء فتنتها.
    بيوت مدهونة بالأبيض، تصلي قرب البحر.
    بيوت تلتف بثياب بيضاء.
    وشبابيك زرقاء.
    أصيلة، لوحة رسمها فنان تحاشى تماما أن يزرع فيها شوارع !!
    تعمد أن تتنفس بيوتها في بعضها، وأن تلصق شفاهها ببعض، لأنها..عاشقة !

                  

09-29-2008, 12:58 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    فوق
                  

10-31-2008, 07:18 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    وأخيرا عدنا
                  

11-03-2008, 09:57 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    الرحلة إلى هناك، تستغرق ثماني ساعات. وما إن تقترب الطائرة من ملتقى المحيط الأطلسي، بالبحر المتوسط، حتى تأخذ في الانحدار تدريجياً إلى الأسفل، فوق عشب أخضر، وغابات من الشجيرات، بعد أن تعبر سلاسل الجبال الملفوفة في ثياب الغمام، لتنتهي أخيراً، فوق صفوف من الأبنية المرشوشة بالأبيض.

    مسؤولو (موسم أصيلة الثقافي) استقبلونا في مطار (طنجة)، وحمَلونا فوق أكُفّ الراحة. أحدهم (سفير المملكة المغربية) في المنامة. وهو (متطوِّع) منذ نحو 15 عاماً للعمل في موسم أصيلة، دون أن يتلقى أجراً على ذلك، ودون منّ أو أذى. فهو، على الرغم من منصبه الدبلوماسي، لا يستنكف أن يفعل كلّ شيء، وأن يؤدي أي دور، ما دام (موسم أصيلة) يتطلب ذلك. وهو ليس وحده؛ فالمئات من الشباب والشابات والكهول، من مدينة أصيلة، ومن خارجها، من مدن مغربية أخرى، يقْدِمون على التطوع لخدمة ضيوف الموسم الثقافي، وزوَّار أصيلة.
    بلغْنَا الفندق المتكئ على ساحل المتوسط، لا تفصله إلا كيلومترات محدودة، عن الشواطيء الإسبانية، بلغناه عند الأصيل، وأشعة الشمس تغتسل في ماء البحر، وتستحم الروائح في فضاءات (طنجة). طلبوا منا أن نغتسل ونبدل ملابسنا لننطلق على عجل إلى (أصيلة) حيث ينتظرنا (شيخ) أصيلة، وصاحب فكرتها، وزير الخارجية المغربي السابق؛ محمد بنعيسى.
    وضوء الشفق القاني ينسكب على الأبنية والشوارع، رحنا نعبر شوارع (طنجة) إلى خارجها. شوارع نظيفة، والناس إما متناثرون على المقاهي التي يحمل غالبها أسماء إسبانية، أو عائدون من العمل، أو يستعدون للسهر. الطقس في غاية اللطف. في الطريق إلى (أصيلة)، ثمة أعمال تشييد على قدم وساق من أجل إنشاء مدن جديدة، ومساحات خضراء مسقوفة بالسماء.
    (أصيلة) كانت كعروس في ليلة زفافها. بيوتها مرشوشة باللون الأبيض، وفي المدينة القديمة، حيث يقام الموسم الثقافي، ما يشبه الحلم. فالدروب هناك ضيقة للغاية، والمنازل كأنها من صنع فنان أمضى عمره في غرس الجمال في هذا المكان.بيوت من طابق واحد، ذات لون أبيض، وأبواب وشبابيك مطلية بالأزرق، تطل على المحيط الأطلسي. كانت الشمس في طريقها لأن تغمر نفسها بالماء في نقطة بعيدة في المحيط. ترجَّلْنا من الحافلة، ومضينا نشقّ دروب المدينة القديمة. (طنجة) وحواليها كانت منطقة يتقاسمها الاستعمار، إلا أن الإسبان تركوا بصمةً لا تخطئها لا العين ولا حتى المعدة!!.
    فمن ضمن الأطباق الشهية التي تقدَّم هناك، (الباييلا) الإسبانية، وهي وجبة بحرية بامتياز. مطعم (بيبي PEPE) الشهير ليس بعيداً عن مقر الموسم الثقافي. قالت لي النادلة التي تعمل هنا منذ سنين طويلة، إن محمد شكري كان يجلس في تلك الطاولة بالذات. أشارت بيدها. طاولة تتسع لنحو ستة أشخاص، يتدلى فوقها مصباح كهربائي عتيق، وفوقها لوحة زيتية. (بيبي) يهودي إسباني، هاجر إلى المغرب، وأضحى جزءاً حميماً من (أصيلة). كتب محمد شكري عنه وعن مطعمه وعن فتياته العاملات.
    رائحة الزهر تتسرب إلى أنوفنا ونحن نخطو باتجاه بيت محمد بنعيسى. بيته، بسيط وفخم للغاية بأثاثه المغربي الغني، وجلسته التي تشبه تعريشة تظلِّها النباتات المتسلقة، والأزهار. كمعظم بيوت أصيلة، تتجلى فيه العراقة واللمسات الفنية الباذخة، إلى جانب البساطة. وتحسّ بمتعة خالصة، وصوت الماء المنسكب من الفسقيات يغرِّد حولك.
    على مدى خمسة أيام، صار برنامجنا اليومي، هو الاتجاه من (طنجة) إلى (أصيلة) صباحاً أو ظهراً، والعودة ليلاً. في الأيام التي كنا نذهب فيها ظهراً، تمكنَّا من الذهاب إلى المدينة القديمة في (طنجة) عند الصباح. مدينة من سحرها وفتنتها تصيب بالدُّوار. مساجد عمرها ثلاثمائة عام، ودروب ضيقة جداً، تتسع بالكاد لعبور ثلاثة أو أربعة أشخاص، وضريح (ابن بطوطة)، وأسواق طنجة القديمة، ومقاهيها.
    الأسواق تعج بالحركة، تعج بالسائحين من كل حدب وصوب، يُقْبِلون على شراء الملابس المغربية كتذكار، وعلى الفوانيس، والمشغولات الخشبية والنحاسية، وأواني الشاي المغربي. هنا لا يعرفون القهوة التركية، ولا الشيشة.
    حين نتعب من السير، نجلس في مقهى (سنطرال) كما يدعونه، فالمغاربة ينطقون (التاء) (طاء)، وما عليك إلا أن تنادي: (طاكسي) ليتوقف التاكسي!.
    مقهى سنترال حيث كان يجلس شكري. والحقيقة إنني لم أترك مكاناً كان يقصده الأدباء الذين مروا من هنا، إلا وغشيته.هذه هي المدينة التي غشيها جان جينيه وتينسي ويليامز وأمبرتو إيكو وعشرات الروائيين والشعراء والرسامين.
    وفي قلب المدينة القديمة، أقاموا معرضاً لمحمد شكري تحت عنوان (الكاتب ومدينته). لم يحالفني الحظ، فقد كان مغلقاً بسبب عطلة نهاية الأٍسبوع.
    الروائح!. هنا، لكلّ شيء رائحة. البحر والمحيط، لهما رائحة حلوة هنا. وحين تعبر الأسواق القديمة، تتسلل خلسة إلى أنفك، ودون استئذان، روائح البهارات والجلود المدبوغة والخشب المعتق والعطور والبخور.
    ولـ(أصيلة) رائحة بيضاء!؛ رائحة عروس تتوشح بياض زبد البحر، الذي يروح يرش وجهها الحلو، وهي تفتح نوافذها كلها عليها، وكأنها لا تستطيع أن تغمض عينيها المكحولتين لحظة عن البحر.
    في الليلة الأخيرة، دعانا الوزير محمد بنعيسى لحضور مهرجان الختام. جرى المهرجان بداخل قاعة فسيحة امتلأت عن آخرها بسكان المدينة وبأمثالنا من الغرباء الذين وفدوا إليها، فوجدوا فيها حميمية ودفئاً ساحراً. توالت فقرات المهرجان. وهو ببساطة تكريم لشخصيات العام في (أصيلة)، ليسوا روائيين ولا موسيقيين ولا شعراء. إنهم (الأم المثالية)، و(صياد العام)، و(تلميذ العام)، و(تلميذة العام)، و(الشخص الأكثر اهتماماً بالبيئة لهذا العام)، و(الشخص الأكثر اهتماماً بالزراعة لهذا العام)، وشخصيات أخرى، هي ملح الحياة. شخصية بسيطة نابضة بالحياة والعطاء.
    أشخاص مثلهم، لا يحلمون في أماكن أخرى بمثل هذا الاحتفاء والتكريم، لكنهم هنا يتمتعون بتكريم يستحقونه فعلاً، ووسط دموع أقربائهم، وفرحة أهاليهم، وفي جو حميمي، هو جو الأسرة الواحدة، التي صرنا لساعات جزءاً منها.
    قبل ذلك بليلة، كنا قصدنا مع بنعيسى معرضاً للوحات تشكيلية رسمها أطفال صغار لا تتعدى أعمارهم تسع سنوات. الأكيد أن أجيال أصيلة ستعشق الفنون إلى الثمالة، وسيخرج من صلب هذه المدينة عمالقة بمقدورهم أن يصنعوا الكثير.فمدينتهم، مرَّ بها أدباء كبار من كلّ أنحاء العالم، ويغشاها كل عام، ويقيم بها لشهور عدة، عدد من الرسامين من أنحاء العالم، يروحون يدهنون حيطانها البيضاء بلوحاتهم ويشعلونها بجنونهم وعبقريتهم. (أصيلة) لوحة كبيرة في الهواء الطلق، وبمقدور طفل صغير، أو طفلة أن يضحي رساماً هناك، قماشته البيوت، وألوانه البحر والسماء والعصافير.
                  

11-04-2008, 08:13 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    الثالوث المقدس:

    عزاز+ كرم +خالد
    هذا الدفق والتماهي في الحميم من أشيائنا
    (بودي في داهية)

    لكما حديث يصدر وينبع من معاناة الفنان
    الذي يجهد نفسه وروحه في الخروج من المألوف والمؤطِر
    فيندلق في ذاته
    وهنا المباغتة والفجاءة الكبرى
    إذ يصعب عليه الخروج من أقدس أقداسه
    (الروح وخلجاتها ونزفها الحميم)
    كونوا بعافية الروح
    وها أنا أرقب هذا التداعي الثر
    بهاء/طوكيو

    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 11-04-2008, 08:14 AM)

                  

11-04-2008, 08:33 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: Baha Elhadi)

    المحطة الجاية بالله ؟!
    أشهد أن الورود تمنح الشهد
    ولكنما كثيرون يرونه غيرذلك لعمى بصيرتهم
    عزاز
    لك ودي المقيم الفياض
    ويغشى المجنونين
    تباري خالد وكرم الله بجننوك
    وأكرم به من جنون حنون
    أنا أنتظركم في حنايا العقل المُعّنى
    وتلافيف ذاكرة أترعت فشاخت
    وباتت تبحث عمن يضيء لها العتمات
    أشتاقكم كثيرا أيها الثلاثي الذي يغازل
    الأفكار ولا يعطي المجاني من الفكر
    لكم قامات النخيل تنهض
    فهيا تعالوا وأسرجوا خيولكم للريح والفكر والمثاقفة
    بهاء

    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 11-05-2008, 10:23 AM)

                  

11-15-2008, 02:42 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: Baha Elhadi)


    عزيزي بهاء
    كامل الاحتفاء بحروفك البهية هنا.
                  

11-15-2008, 07:16 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    الأخ خالد :
    شكرا لكم جميعا
    بتنا نفتقد مثل هذا الكتابات
    والغثاء صار يزحم الفضاء
    وأصبحنا نبحث عن ملجأ يقينا
    من الهجير والوعثاء
    وكآبة المنظر
    وسوء الحال
    الكتابة لا زالت هاجس يمرع فينا
    أكتبوا يا رعاكم الله
    لولا هذا الثلاثي لما دخلنا هنا
    قليل مما تكتبون يجعلنا نتنفس هواء طريا
    ونحس بعرق الحياة(ينتح) فينا
    في أقاصي شرق الله
    أنتظركم
    بهاء بتاع طوكيو
                  

11-30-2008, 07:01 AM

عبدالغني كرم الله
<aعبدالغني كرم الله
تاريخ التسجيل: 07-25-2008
مجموع المشاركات: 1323

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: Baha Elhadi)

    البهاء والعويس..

    وسرب الصداقة الابدية سلامي ومحبتي، كنت في الوطن، غارق في حضن الاهل، والذكرى..

    فعميق محبتي، وشوقي، ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 4 „‰ 4:   <<  1 2 3 4  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de