الوهابية خوارج جدد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 03:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-20-2009, 08:56 PM

عبد الحي علي موسى
<aعبد الحي علي موسى
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2929

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الوهابية خوارج جدد

    دعونا أولا نسترشد بهذه المقدمة التاريخية علها تساعد فيما نحن بصدده.
    قبل البعثة كان النبي (ص) يتحنث في غار حراء ويتفكر معتزلا المجتمع-إلى حين- حتى يتهيأ لقول الله: (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا). هذه العزلة ليست أصل، إنما مرحلة يتهيأ فيه الفرد البشري ليعيش بعدها مع الجماعة فيؤثر إيجابا ولا يتأثر سلبا.
    وعندما استقر الإسلام في المدينة كان هنالك أهل الصفة وهي جماعة لا تريد إلا وجه الله تعالى حتى خوطب النبي(ص) من قبل الحق (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً).
    عند انتقال النبي (ص) ومجئ عهد الخلفاء الراشدين( رضي الله عنهم)، بدأ الخلاف ينشب، حتى حول من يكون الخليفة الأول، حتى قيل أن الإمام علي كرم الله وجهه قال-في أمر الخلافة: (حق لنا أخذتموه)، ولم يبايع سيدنا أبا بكر إلا بعد مرور ستة أشهر. ثم جاء عهد سيدنا عمر، فمات مقتولاعلى يد المجوسي أبي لؤلؤة الفارسي، وهذا ليس بالغريب، لكن الغريب حقا هو إغتيال سيدنا عثمان على أيدي المسلمين وهو صائم. ثم سيدنا علي والذي مات مقتولا أيضا على يد الخارج عبد الرحمن بن ملجم أشقى هذه الأمة.
    فبعد كل هذه الفتن -أثناء فترة الخلافة الراشدة- ألا يحق لنا أن نسأل:
    هل هذه الفترة، من الاسلام- هي العهد الذهبي للإسلام؟؟؟
    أثناء قترة حكم الإمام علي، ظهرت جماعة الخوارج، وأهم ما يميزهم:
    *أنهم كانوا يكفرون مرتكب المعصية
    *كانوا من الذاكرين كثيرا بحناجرهم
    *كانوا من القارئين لكتاب الله بأفواههم فقط
    *يقصرون شواربهم وثيابهم ويطلقون لحاهم.
    *كثيروا الجدل بالقرآن، حتى أن سيدنا علي عندما أرسل إليهم عبد الله بن عباس أوصاه بأن يستدل في حديثه لهم بالسنة لا بالقرآن، لأن القرآن حمال أوجه كما يقول الإمام علي.
    لكن هذه الفرقة حوصرت فكريا وانتهى عهدها –إلى حين- وكفى الله الناس شره، وفي نفس تلك الفترة، قام معاوية بن أبي سفيان بمحاربة سيدنا علي حتى استقر الأمر لمعاوية بالشام.
    ثم جاءت الدولة الأموية فعادت آل البيت، وحاربتهم، بل وقتلتهم، واستحلت مدينة الرسول (ص) لثلاث أيام, كان ذلك في عهد الفاسق يزيد بن معاوية.
    عندما استقرت الأمور للدولة الأموية , وظهر ترف الحكام وتكالب الناس على الدنيا , ظهر علماء السلطان (علماء السوء) علماء الظاهر، الذين يفتون على هوى الحاكم. وأظن –والله أعلم- أن الأحاديث التي تنسب للنبي (ص) قد تم وضعها في ذلك العهد.
    وفي نفس هذا الوقت، والحال هكذا، ظهرت فئة من الناس، عزفوا عن الدنيا وزهدوا فيها واعتزلوا الناس – إقتداءا بالنبي (ص) – ليهيئوا أنفسهم، فيتأثر بهم غيرهم إيجابا لا ليتأثروا بغيرهم سلبا، ولبسوا الخشن من الثياب، كالصوف ، فسماهم الناس الصوفية,ولم يسموا أنفسهم بذلك الاسم، كان الغالب على عملهم مجاهدة نفوسهم بغلظة، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).وبذلك نجدهم أقرب الناس تمسكا بحقيقة الدين فكرا وقولا وعملا، أو قل، كان همهم لب الدين لا قشوره.
    استمر هذا الوضع هكذا، حتى قيام الدولة العباسية التي نكلت بالأمويين (جزاءا وفاقا).
    وأكثر ما يميز فترة العباسيين هو ظهور العلوم الطبيعية والترجمة والانفتاح على الحضارات الأخرى.
    بعد فترة من ازدهار الحضارة الإسلامية، وأثناءها، وقبلها ظهر التيار الظاهري النصي والذي مثله مؤخرا إبن تيمية الحراني المتوفي(728هـ) ورغم ظاهريته، فقد أشاد -في كتاباته- ببعض أكابر الصوفية كأبي القاسم الجنيد وعبد القادر الجيلاني وحتى أبا يزيد البسطامي.
    ولكن...
    ولأن الله تعالى قد قال: ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين)، و يقول الصوفية (البداية تشبه النهاية ولا تشبهها)، والمؤرخون يقولون (التاريخ يعيد نفسه)، كذلك الرياضيون يقولون، أن الدائرة تبدأ من نقطة، وتنتهي عند تلك النقطة أي أن بدايتها تشبه نهايتها.
    واليوم تبدأ الحلقة، بظهور الخوارج من جديد ويتميزون بما تميز به سلفهم الأوائل.
    * تكفير مرتكب المعصية
    *من القارئين لكتاب الله بأفواههم
    *يقصرون شواربهم وثيابهم ويطلقون لحاهم.
    *وزادوا على سلفهم، بالتفجير بعد التكفير.
    ففي دولة كالسودان يقول أحد سياسيوها، أن سماحة شعبها، إنما هو بسبب تلك التربية التي تلقاها من أكابر الصوفية السودانيين (السيد الصادق المهدي لقناة دريم).
    ولكن رغم ذلك، وبسابق، وبدون سابق إنذار، تطل علينا حكومة أشبه ما تكون بدولة الأمويين , قشور إسلام في العلن، وترف مبالغ فيه في العلن والخفاء، وعلماء سلطان يفتون حسب الطلب السلطاني.
    وعلماؤها كثر، وأهمهم هو المدعو عبد الحي يوسف، الوهابي المتسلق، الذي يفتي بتكفير موظف يعمل بالأمم المتحدة ولا يكفر دولتنا التي هي عضو بالأمم المتحدة.
    كذلك تكفيره لكل من ينضم للحركة الشعبية، متناسيا أن رئيس دولتنا قد أبرم إتفاقا يوالي فيه المسيحي ويجعله نائبا له ورئيسا لنا جميعا في غيابه.
    وصيته لمواطنة سودانية تعمل في دولة غربية مسيحية بمغادرتها، ويتناسى السفراء والدعاة في تلك الدول، أكثر من ذلك لا يعطينا رأيه في مسؤولين حكوميين سودانيين يحملون جنسيات تلك الدول؟
    قنوته لأهل غزة، ويتناسى أبناء جلدته في دارفور. أليس هذا مثال حي للعالم السلطاني؟؟؟ في حين أن شيخه (الأصل) وهو عبد المحسن العبيكان، يسمي من يفجر نفسه، في العراق أو فلسطين، بالمنتحر.
    يقف مرة في مظاهرة ويخاطب الجمع بقوله:
    (والله أن قطرة من دم بن لادن، خير لنا من جميع الكفرة). ويتناسى أن شيوخه (الأصل) بالسعودية، يتبرأون من ابن لادن وأفعاله، بل ويصفون أتباعه بالفئة الضالة، وتراجعات الشيخ الوهابي علي الخضير على شاشة التلفزيون السعودي ليست ببعيدة.
    وجميع شيوخ هذا المتسلق -في السعودية بوجه خاص- أصبح بعضهم على بعض يتلاومون كما قال د. منصور خالد في مقاله (التكفير يعد من أسلحة الدمار الشامل).
    وللذين لم يطلعوا عليه سأقوم بوضعه على هذا الخيط.

    Quote: التكفير يعد من أسلحة الدمار الشامل
    ((قديماً قالت العرب "من يعش رجباً يرى عجباً". ولكن الأعاجيب في زمان السودان الضنين بالمسرة تكاد تتواتر كلما أهل شهر وبدا للناس قمره. آخر الأعاجيب التي استعظمها الحادبون على وطننا المِسقام هي حملات التكفير الجماعي وفتاوى إهدار دماء أصحاب الرأي المغاير. تلك الفتاوى نسبتها الصحف إلى شيخين من قادة التيار السياسي الإسلامي، وعالم أو عالمين معهديين من أهل التقليد إلى جانب أسماء مجاهيل من الذين، فيما يتبدى لنا، إذا اجتمعوا ضروا، وإذا تفرقوا لا يستبان لهم أمر أو شأن. وتفيد قراءتنا أن المجموعة الأخيرة ضمت نذراً من المطاوعية الشغابين الذين تمهروا في الغلو عند أشباههم في المملكة العربية السعودية، كما ضمت واحداً طردته دولة الإمارات درءاً للفتنة عن مساجدها. وحسناً فعل الشيخان (صادق عبد الله عبد الماجد والحبر يوسف نور الدائم) عندما نأيا بنفسيهما، خاصة عن أولئك المجاهيل وعن فتاواهم التالفة، والتي هي وعفيط الضان سواء. هذا أدنى ما يترجاه المرء من رجال يجلون عن النقيصة، فزَلة الجاهل تؤذيه وحده، ولكن بِزَلة العالِم يزل عَالَم.
    حملات التكفير في حد ذاتها ليست جديدة في خارطة الإسلام السياسي المعاصر ـ من جمهورية أفغانستان الإسلامية إلى جمهورية ابسيردستان (Absurdistan) الإسلامية أيضاً. والأخيرة تطلق عليها أطالس الجغرافية اسم جمهورية السودان. فمنذ أن اقتسر النظام الراهن حكم السودان أعضل داء البلاد خاصة بعد تقسيم الوطن الواحد إلى دار حرب ودار إسلام، وجَعل أهله أصنافا تتمايز بالديانة، فيها المسلم والكافر والمشرك. ذلك التصنيف المختلق وما تخللته من ريب خبيثة الأصل لم نصمت عنه، كما لن نضيف في الفحص عن أمر خبثه واختلاقه شيئاً إلى ما كتبنا، وهو مبسوط بين يدي القارئ.
    لا جديد أيضاً في غلواء الشغابين، إذ عرفنا أضرابهم منذ ستينيات القرن الماضي. عرفناهم من ذلك الزمان حمقى يسرفون في الحماقة، وجهال بالغو الرضي بجهلهم واليه اطمأنت نفوسهم. وأكثر ما كان جهل هؤلاء بالدين الذي يتداعون لرفع راياته، ويُحِلون باسمه ـ لا يختلجون ـ دماء اخوتهم في الوطن، بل في الدين. ذلك الانحراف عن الصواب ارتكن دوماً إلى نتيجة مضمرة في افتراض فاسد. الافتراض هو أن أولئك الشغابين ينطقون باسم رب العباد، ويقضون في أمور الدين بتفويض مباشر منه، ولهم العصمة في الحالين. يا لذالك من ظلم لدين يكاد يلحق بالكفر إهدار الدم الحرام: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دماً حراماً". طمأنينة الجهل وحدها هي التي تكسب المرء جرأة على الحق، لأن الفتوى، أي إبانة الأحكام الشرعية في المسائل، هي اجتهاد بشري تطور مؤسسياً مع تطور الفقه. وقد وردت الإشارة للفتيا في الكتاب المقدس بمعان كثيرة، منها تفسير الأحلام وتأويلها: "يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون" (يوسف 12/42)، "أيها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان" (يوسف 12/42). ومنها السؤال التوبيخي "فاستفتهم أهم أشد خلقاً أم من خلقنا" (الصافات 37/149)، " فاستفتهم أ لربك البنات ولهم البنون" (الصافات 37/149). ومنها طلب النصح "يا أيها الملأ أفتوني في أمري" (النمل 27/149). كما منها التحاكم إلى من يملك إبانة الحكم الشرعي. وفي الحالتين التي وردت فيها الإشارة للفتيا بهذا المعنى كان التفاتي لله: "ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن" (النساء 4/127)، "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة...." (النساء 4/176).
    مع كل، قاد التطور المؤسسي للإفتاء إلى بروز طبقة من الفقهاء المسلمين كاكليريوس ديني مما أضفى طابعاً كهنوتياً على المؤسسة، فأخذت تؤثم وتكفر وتحرم. والتكفير والتأثيم صناعة كهنوت. هذا التحول ليس هو من الإسلام في شئ، ولعل ذلك هو الذي دفع الشيخ الحافظ الوعي محمود شلتوت للقول أن فتوى المفتي "ليست ملزمة لمن يستفتيه، وللمستفتي مطالبته بالدليل، وله أن يستفتي غيره ممن يطمئن إلى علمه. أما شيخ الإسلام والملا فأن المسلمين لا يعرفونهما، أو لقبين علميين شاع في بعض العصور اطلاقهما على من عرفوا في بيئاتهم بامتياز خاص في علوم الدين والشريعة. ولا يرتبط بهما حق تحليل أو تحريم في الشريعة، وليس لهما من حق في العصمة من الخطأ بل لا يعرفهما الإسلام" (الإسلام عقيدة وشريعة).
    حقاً، كان علماء الإسلام في ماضي زمانهم يوغلون في الإفتاء برفق شديد، بل كانوا دوماً في تردد بين الإقدام على، والإحجام عن، الفتيا. كان سعيد بن المسيب، مثلاً، وهو واحد من فقهاء المدينة السبعة لا يفتي إلا ويبتدر فتواه بالقول: "اللهم سلمني وسلم مني". وعلى أثره كان يحي بن معين الذي أنفق ماله وعمره على الحديث، وصحب أحمد بن حنبل في رحلة عمره. قال فيه أحمد "كل حديث لايعرفه يحي بن معين فهو ليس بحديث". ويوم سئل عن مسألة استعصت على غيره من العلماء قال يحي: "يا ويلتي أيعبد رب العالمين على رأي يحي بن معين؟" وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قمة القمم في عدم الاطمئنان إلى النفس، رغم أنه خليفة خليفة رسول الله، وصاحبه الذي ما ترك مكاناً جلس فيه بالكفر إلا وجلس فيه بالإيمان. قال عمر: "لو أذن مؤذن يوم القيامة أن كل الناس سيدخلون الجنة إلا واحداً لقلت أنه عمر بن الخطاب". تُرى ما الذي يورث هؤلاء المطاوعية الشغابين تلك الثقة المفرطة بالنفس التي تبيح لهم إراقة دم المسلم إن لم تكن هي الضلالة العمياء.
    نكاد نلمح وراء هؤلاء الشغابين جماعة في النظام تتناصر بالخداع وتتوالس على الخصوم. تلك الجماعة ما فتئت تهرج بين الناس لتوقد الفتن بوعي كامل. لا تفعل ذلك ابتغاء لمرضاة الله، وإنما ترهيباً لعباده، فعند هؤلاء الرهبوت خير من الرحموت. ولا ريب لدينا في أن توارى التراحم والتسابق للشر يجعل هذه الفئة أقرب ما يكون إلى السيكوباتيين، فالسيكوباتي وحده هو الذي يرتكب الجرم دون أدنى إحساس بالذنب. هؤلاء قوم لا يُجادلون بالتي هي أحسن، بل يفضحون ويُعَرَّون بالتي هي أخشن. فإن كان ثمة كفر، فالكفر في الاتجار بالدين وتسخيره لأغراض الدنيا، ومنها السياسية. كما أن في الجدل الفكري مع الحشوية إراقة لماء الوجه، بل إجتراح لخطيئة نهى عنها المسيح عيسى بن مريم عندما قال: "لا تطرحوا الدرر أمام الخنازير". والحشوية طائفة من المسلمين لا تعرف من الإسلام إلا القشور، ولا تستمسك منه إلا بالمظاهر. ويمثل هذا التسطيح الفكري لا تدرك تلك الطائفة أن الشريعة أصول لا تفاصيل، وأن الدين ـ أولاً وأخيراً ـ مقاصد تتغياها الشريعة، لا شكول ورسوم. لهذا فأن جنايات هذا الرهط على الدين الذي يزعمون الدفاع عنه، ويوحون للناس أنهم وحدهم المالكون لمفاتح أغلاقه، لأدهى بكثير من جنايتهم على المشروع الحضاري الذي توهموا صنعه. أنظر إلى فسل قولهم: "من يدعو إلى الاشتراكية أو الشيوعية أو غيرها من المذاهب الهدامة المناقضة لحكم الإسلام فهو كافر ضال أكفر من اليهود والنصارى". لا شك في أن الساعة العقلية لهؤلاء قد توقفت حيث كانوا يتصارعون مع الشيوعيين في الستينات. لم يسمعوا بالقلاسنوت، ولا يدرون ما هي البروسترويكا، ولم يجيئهم بعد نبأ سقوط حائط برلين. ثم أو ليس الحديث عن ضلال الكفار والنصارى بهذا الأسلوب الجائح هو إعلان للحرب بين أبناء الوطن الواحد، بل الحرب على العالم كله. ذلك أمر لا يقدم عليه إلا مغامر نزق طائش يقوده طيشه للظن أنه "مطاع عند ذي العزة مكين".
    الحشوية المتطرفة لا تهدد نسيج الوطن وسلام العالم فحسب، بل تكاد تدعى مشاركة رب العباد ـ جلت قدرته ـ في سلطانه. رب العباد وحده هو الحسيب الرقيب يغفر عمن يشاء ويحاسب من يشاء: "أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك". وهو وحده الذي يبشر "الذين كفروا" "بعذاب أليم". وهو وحده الذي يقضي بأن "مثواهم جهنم". وهو وحده الذي يقطع "لهم ثياب من نار"، ويجعلهم في العذاب محضرين. هذه هي اختصاصات ذي الجلالة جلت قدرته وتعالت أسماؤه، لا اختصاصات متفيقهين جهال يهيمون على وجوههم في فلوات السودان يطلقون لحاهم ويحفون شواربهم، ثم يغريهم الجهل القاتل أن "ربك لم يخلق لطاعته سواهم من عباد الله إنسانا". ولعل تلك من تسويلات الشيطان. ما الحال، اذن، أن كان جل هؤلاء المتفيقهين لم يردوا من مناهل العلم إلا الوشل، هذا إن وردوها حقاً. بعضهم، فيما تكشف سيرته، من الذين يأمرون بالأمر ويختلفون إلى غيره، إذ عرفهم أهل السودان وراء تلقيح كل الفتن الدينية التي كادت تمزق نسيجه الاجتماعي. هؤلاء، فيما نقدر، هم الذين ستدور بهم رحى جهنم، ففي الأثر "أن في جهنم أرحاء تدور بعلماء السوء فيشرف عليهم من كان يعرفهم في الدنيا فيقول ما صيركم في هذا وإنما كنا نتعلم منكم؟ قالوا : :كنا نأمركم بالأمر ونخالفكم إلى غيره".
    أن محنة هذه الطائفة الحشوية، أو بالحرى محنة الذين دفعوا ـ ويدفعون بهم ـ إلى مسرح الأحداث محنة مضاعفة. فأن كانت تلك الطائفة بتفكيرها القمعي، وفهمها السطحي للدين، وانغلاقها الفكري، تعيش بسبب من كل هذا في حالة قطيعة معرفية كاملة مع العالم، إلا أن الذين يدفعون بها إلى لجة الأحداث يعرفون غير هذا. نعم، يعرفون كيف تبدل الحال بعد 11 سبتمبر، ويعرفونه (زي جوع بطنهم). فرايات التطرف الديني الرسمي لم تنتكس في أفغانستان وحدها وإنما نكست في دول أخرى أقبل أهلها بعضاً على بعض يتلاومون. هؤلاء يعرفون أيضاً أن العالم القرية الذي نعيش فيه لم يعد هو عالم المنصور بن أبى عامر الذي يُكَفرَّ فيه أهل الفكر، وتحرق فيه امهات الكتب، ويحمل فيه الناس على رأي واحد ورؤية فريدة للإسلام. فمن أنكر الموطأ طُرِد من المملكة، ومن تشيع لوحق وعُذِّب، ومن اعتزل أهل السنة والجماعة أخمدت أنفاسه. في عالم اليوم التكفير سلاح من أسلحة الدمار الشاملة، هكذا يُعِّرفه العالم، وهكذا سيتعامل مع مجترحيه. وبهذا الفهم تصبح التهمة الاحتياطية المطاطة (الردة) تهمة خاسرة مردودة. ولعله من الخير للذين ارتضوا في ماشاكوس أن يتضمن دستور السودان أعلاناً للحقوق (Bill of Rights) يحتوي على كل مواثيق حقوق الإنسان الدولية والإقليمية قبول النتائج المترتبة على التزامهم ذلك. تلك الحقوق تتضمن حرية الضمير، وحرية الاعتقاد، وحرية العبادة، كما تعني هذه الحريات (بالعربي الفصيح) أن يختار الفرد الدين الذي يريد، وأن يخرج من أي دين إن رغب. من جهة أخرى لا يعني الكفر والإيمان شيئاً في مضمار الحقوق الدستورية (دستور الجبهة الراهن، ودستور ماشاكوس المقترح)، فمناط الحقوق في الدستورين هو المواطنة التي يستوي فيها المسلم والنصراني والدائن بالشرائع التقليدية، كما يستوي فيها الذكر والأنثى. وإن كان متفيقهو الحشوية لا يدركون هذه الحقائق (ولا شك لدينا في جهلهم البالغ بها) فمن واجب الذين صاغوا الدستور، وأولئك الذين مهروا الاتفاقات الدولية، وتراضوا أمام العالمين على مدونة للسلوك العام، أن يبينوا لهم تلك الحقائق، ثم أن يلجموهم عن الغي الذي سيوفي بهم وبنصرائهم إلى خراب. يخلق أيضاً بالذين يدفعون تلك الجماعات التي تعيش خارج إطار التاريخ لإذكاء الفتنة، أو على الأقل يتعامون عنها، أن يكبحوا جماحها إن كانوا راغبين حقاً في سلام ووئام وطني شامل. ولئن كان السلام هدفاً إستراتيجياً حقيقياً للنظام فلن تفيد الناشزون من أهله تكتيكات الإغاظة أو الإثارة للخصوم التي يلجأون إليها، لا لأنها تفتقد لأي إستراتيجية ضابطة فحسب، وإنما أيضاً لأنها تتعارض تعارضاً كاملاً مع استراتيجية السلام والوئام التي بشر بها النظام العالمين)).

    وعندما يكتب د. منصور خالد، يجب أن يتوقف الآخرون عن الكتابة وأولهم أنا، لماذا؟ لأني استحي أن أكتب بعد هذا المقال.
                  

العنوان الكاتب Date
الوهابية خوارج جدد عبد الحي علي موسى05-20-09, 08:56 PM
  Re: الوهابية خوارج جدد الكباشى البكرى05-20-09, 09:10 PM
    Re: الوهابية خوارج جدد Sabri Elshareef05-21-09, 00:43 AM
      Re: الوهابية خوارج جدد عبد الحي علي موسى05-21-09, 08:33 PM
        Re: الوهابية خوارج جدد عبد الحي علي موسى05-23-09, 09:26 PM
          Re: الوهابية خوارج جدد Sabri Elshareef05-24-09, 01:31 AM
            Re: الوهابية خوارج جدد الكباشى البكرى05-24-09, 06:40 AM
              Re: الوهابية خوارج جدد ود محجوب05-24-09, 09:36 AM
                Re: الوهابية خوارج جدد عمار عبدالله عبدالرحمن05-24-09, 11:07 AM
                  Re: الوهابية خوارج جدد عبد الحي علي موسى05-26-09, 02:50 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de