صحو الذكرى الصبية!

Quote: ليتني كتبت عن تلك الذكرى الطفولية ، التي ظلت عالقة بذهني لسنوات ،في حياة أستاذنا ، فلربما تذكر النور شيئا منها ، ولربما أرسلت الذكرى ابتسامة ، فأضاءت المحيا الشاعر

Quote: جسور في وداع الشاعر النور عثمان أبكر صحو الذكرى الصبية! كنت في حرج من أمري وأنا ألبي دعوة حضور عيد ميلاد زميلة فصلي ، ارزولا ( لالا) النور أبكر، الثاني عشر ونحن طالبات بالسنة الأولى بمدرسة شمبات المتوسطة للبنات . أتذكر الأمر جيدا لأن عام ميلادنا واحد . ولأني لا أعير أمر ميلادي التفاتا احتفاليا ، فقد لازمني شعور ممض بأني ربما لم أحسن التهيؤ للمشاركة في جانب اختيار الهدية التي كانت " باكو " كبير من" بسكويت كرم الله "، مكون من أربعة وعشرين صندوقا صغيرا يحتوي كل منها على ( ربما ) ست شرائح خفيفة الوزن ، مصممة الأطراف على هيئة "الفسطون "، لذيذة ، وشعبية . ظللت في شغل عن الحفل ،في مبتداه ، بسبب الهواجس حول قيمة هديتي التي أتيت أسعى بها من شمبات الجنوبية ، نحو شمبات الأراضي . ما رددت الهواجس من مشرق حتى باغتتني من مغرب فما أجد سوى الدعاء ، أن ييسر الله القبول لشرائحي فلا تهون على جمع المحتفلين والمحتفلات. عندما رأيت" كرم الله " يأخذ طريقه الى جانب الكيك المنزلي والآخر الذي تعده محلات الحلويات وتلونه وتزينه ، في الأطباق البلاستيكية الصغيرة ، اطمأنت نفسي ، ولكني لم أكن أعلم أن كرم الله الحقيقي كان ينتظرني . كان ذاك الحفل الطفولي هو المرة الأولى والأخيرة ، التي سأرى فيها النور الشعري الذي وجدت دربا صغيرا يربطني به دون وضوح تام لرؤيا من جانبي في ذاك العمر . اطمئنان للمعرفة الوجدانية التي ستأتي بعد ، دفعني لقلاصة أدبية : _ أستاذ النور ، هل يمكن أن تقرأ علينا من شعرك ؟ التفت أبو زميلتي نحو الصوت المنبعث من وسط صفير البالونات الملونة وضحكات الصغار وموسيقى الحفل القائم على سن ورمح في فناء داره . ربما أن أحدا من جمعنا الصغير ما كان يفكر في شعر الكبار وقد انعقدت ألعاب التسلية وانتظم فيها الجميع ولكني لم أعد أفكر سوى في الشعر الذي قرأته عندما أحضرت ( لالا ) ديوان "صحو الكلمات المنسية" يوما الى المدرسة . استعرت الكتاب ورددته لها في نهاية اليوم الدراسي وظللت أقرأ القصائد بطعم تلك الظهيرة المدرسية في كل مرة طالعتها بعد ذلك . توقف الأديب بعد أن كان في طريقه لتخطي جمعنا ورد بحنان : _ ولكني لو قرأت لكم شعرا فلن تسمعوني ، أنا طويل وانتوا صغار و قصار . جبر الشاعر، فارع القامة ، بخاطر الصبية بالاعتذار المازح ، ثم مضى الى صالون لطيف الاضاءة وجلس مواجها لمجلس زوجته ، أم زميلاتنا . صورة بعيدة في محطات الذاكرة ، تعطي انطباعا محببا عن الزواج والأسرة . فيما بعد ، لم يعد قطار ذكرياتي لفناء الدار الشاعرة محزونا الا بعد صافرة الرحيل الحزينة ، التي زاحمت بثقل الموت صفير بالونات حفل الميلاد الذي شهدته تحت اِشجار اليوسفي الزكية كما شعر أبكر . لقد أبكاني مشهد الوداع الأخير ، وما انفكت الصورتان تصطرعان ، القامة الفارعة ، جابرة الخاطر ، وصورة الجسد المغطى بالأبيض حتى قبيل مواراته الثرى كما رأيتها في مشهد التشييع عبر الشبكة الالكترونية ، تنزلت رحمة الله عليه ، ولتتقبل لالا وايزيس وماجدولينا وأمهن، وعبرهن الوطن البعيد ، عزائي . ليتني كتبت عن تلك الذكرى الطفولية ، التي ظلت عالقة بذهني لسنوات ،في حياة أستاذنا ، فلربما تذكر النور شيئا منها ، ولربما أرسلت الذكرى ابتسامة ، فأضاءت المحيا الشاعر .

Quote: وما انفكت الصورتان تصطرعان ، القامة الفارعة ، جابرة الخاطر ، وصورة الجسد المغطى بالأبيض حتى قبيل مواراته الثرى كما رأيتها في مشهد التشييع عبر الشبكة الالكترونية

Quote: رقية وراق ... تسلمي ياخ, كنت في واجهة الصحفة الإلكترونية, حين أقبلت عليها مسائي هذا, عدد الكتاب صفر, وعدد القراء صفر كذلك, فكان طلعا بهيا وبداية مسعدة, أن ترى أحد أصدقاءك يفتتح عليك صدر الأخبار... فعساك بخير ... والعيال كذلك. كان صحو الكلمات المنسية, لغزا حميدا في حياتي, وإلى الآن ... فيه تباشير ظفر ضالع, بمقاليد جديدة في المناولة الشعرية, عرفت لاحقا أنها ... تجربة شعرية مستحدثة, تزاوج بين طلاقة التعبير وطلائه بما يتسع من الرمزية والإستدراكات الغير تقليدية, كما فيه إعادة ربط للأحاسيس والتعابير الشعرية بالهم الوطني ... بل هي فى واقع الأمر رسالة مبكرة حول هوية السودان وشجون الترابط الخلاق بين مكوناته, لكن لأنه شعر, لم ينتبه إليه السياسيون آنها, إلا ضحى الغد ... خسارة ... كان ممكن تكون الأوضاع أفضل وبكثير, مما نحن عليه الآن ... لو إتبعنا شعراءنا وأحلنا دواوينهم إلى برامج إجتماعية, وشخوصهم إلى قيادات سياسية ... فمن حقنا أن نندم. شكرا رقية على هذا الجسر الأنيق , وعلى إسترجاع هو اليوم كل زادنا فى حياة, نباشرها بنصف حواس, ونستعير طعمها من الماضي. ... ولك الود

Quote: صحو الذكرى الصبية!

Quote: كان ذاك الحفل الطفولي هو المرة الأولى والأخيرة ، التي سأرى فيها النور الشعري الذي وجدت دربا صغيرا يربطني به دون وضوح تام لرؤيا من جانبي في ذاك العمر . اطمئنان للمعرفة الوجدانية التي ستأتي بعد ، دفعني لقلاصة أدبية :

(عدل بواسطة Maha Bashir on 05-11-2009, 05:43 PM)

Quote: كنت في حرج من أمري وأنا ألبي دعوة حضور عيد ميلاد زميلة فصلي ، ارزولا ( لالا) النور أبكر، الثاني عشر ونحن طالبات بالسنة الأولى بمدرسة شمبات المتوسطة للبنات . أتذكر الأمر جيدا لأن عام ميلادنا واحد . ولأني لا أعير أمر ميلادي التفاتا احتفاليا ، فقد لازمني شعور ممض بأني ربما لم أحسن التهيؤ للمشاركة في جانب اختيار الهدية التي كانت " باكو " كبير من" بسكويت كرم الله "، مكون من أربعة وعشرين صندوقا صغيرا يحتوي كل منها على ( ربما ) ست شرائح خفيفة الوزن ، مصممة الأطراف على هيئة "الفسطون "، لذيذة ، وشعبية

Quote: أستاذ النور ، هل يمكن أن تقرأ علينا من شعرك ؟

Quote: ولكني لو قرأت لكم شعرا فلن تسمعوني ، أنا طويل وانتوا صغار و قصار .

وكان شجرة طويلة وظليلة فى الدوحة الجميلة. منحت اوكسجين الحب والرعاية والتشجيع، ولم تحفل باكاسيد الكربون كلها




رقية
يا صبية
الريح ورايا
خلى من حضنك ضرايا
هكذا تقول الكتابة. كم هى جميلة كتاباتك وصادقة. بسكويت لذيذ وشعبى. كرم الروح والعقل واريحية الوجدان.

Quote: الله عجبتني قلاصتك الادبية مررت بالدوحة يومين في نفس اليوم الذي وصلت مساء ذهبت في صحبة أبو ساندرا و كمال سالم لوداع بت النور زي ما كانوا بيقولو و لم أستدرك إلا بعد أن دخلنا لبيت الاستاذ محمد المكي و الإنسانه الرائعة ناجية وتم تعريفي ببت النور إزيس و زوجة النور مارغريت ووجدت أيضا الفنان الكبير السني دفع الله و الاستاذ المخرج عبد الرحمن نجدي .... ثم في اليوم التالي أراني صديقي بدر الدين الامير مسودة كتابه وعليها تعليق بالقلم الاحمر و هذا كان خط النور و في مساء نفس اليوم ذهبت مع بدر الدين لحضور إحتفال الفيفا بمنح دولة قطر شهادة الطب الرياضي عن منطقة الشرق الاوسط و الحدث كان مجهز بالترجمة الفورية التي يوفرها مكتب بدر الدين عن طريق مترجمة متمرسة للأسف نسيت إسمها و لكنها جابت سيرة النور حيث كانت تعمل معه في نفس مكان العمل و تحدثت عنه كثيرا وكنت رأيت فقط في النت صور دفنه عليه الرحمة وفعليلا لم تكن عندي به أي صله أو علاقة ولكن في أقل من يومين مررت علي الكثير و الذي أحسست بأني وجدت دريا صغيرا مثل دريك يربطني بالنور من خلال كل من قابلت وخصوصا بدر الدين تحياتي بدر الدين..حيدر..إشراقه...نجاة مها

Quote: ولكني لم أكن أعلم أن كرم الله الحقيقي كان ينتظرني

Quote: العزيز عادل ، هذه صورة من أجمل ما رأيت من الصور التي نشرت للشاعر في المنابر _ فضل كبير في ذلك يعود لكم يا جمع الأحباب بالدوحة _ كأنما هناك مركز للصورة، معنوي ،هو ابوة النور ومكانته العالية ، ثم تنتشر الروح الجميلة كموجة في تشابك وعناق هؤلاء الشباب حوله. أشعر كأن هذا يشبه كثيرا تكملة تفصيلة ذاك الحفل البعيدة لو كنت التقيت الشاعر فيما بعد. تقديري وامتناني لمداخلتك العميقة يا عادل واعتزازي.

Quote: يبدو أن النور عثمان ابكر .... ... حتى فى موته ..... لم يسلم من استباحة سيرته باللواكة الإجتماعية وصفوف نيل الألقاب الثقافية ..... قدّم ما قدّم .... وذهب ... فى هدوء لم يحترمه الكثيرون من عبدة الضوضاة ....