|
Re: خفايا وأسرار الصراع الخفي والمعلن بين الأجنحة الإسلامية المتصارعة في السودان !! (Re: مجاهد عبدالله)
|
وهنا يبدو أن الشيخ أخذ ضربة قاضية من أحد كوادره وهو عمر البشير , وعرف الترابي حينها الفرق بينه وكادره الذي يتدثر بالزي العسكري , فقد أسقط الترابي هذه المؤسسة خلال صراعة من حساباته تماماً , وعرف أن أراضيه داخل المؤسسة لا وجود لها , ولذلك سعى بكل قوته لبناء أرضية داخل المؤسسة العسكرية ونجح لحد كبير , وإنتقل الصراع الى شكل أخر ولكن ليس بعيداً عن كنه الصراع الحقيقي , وهو التنظيم الإسلامي , وما يرجح ذلك نشاط الكثير من الإنقلابات داخل صغار الضباط وهو ما يعني أن هنالك تفلت تنظيمي داخل المؤسسة العسكرية بالرغم من أن هذه التفلتات كان كثيرة إلأ أن النظام إستطاع أن يتكتم في أمرها , فخرجت الكثير من قوائم الفصل للصالح العام من منتسبين للمؤسسة داخل عهد الإنقاذ , وعندها عرف علي عثمان أن الصراع قد إتخد شكل لايمكن مجابهته إلأ بتدبيرات أكبر منه , فسعي بكل قوته عبر البشير ببناء أقوي جهاز أمني يعرفه السودان منذ الإستقلال , وندب له الكثير من الكفاءات الأمنية التي تعمل منذ أيام النظام المايوي والتي أخذت الكثير من الدورات الخارجية , وهو الجهاز الذي نشهده اليوم , فقد كان لهذا الجهاز القدح المعلى في تسكين الصراع أكثر من تسلطه على الشعب السوداني , ولنا أن نرى بئس هذا الصراع وبأسه, ونشط الجهاز في تقطيع أوصال الخيوط التي صنعها الترابي داخل المؤسسة العسكرية , وسرعان ما أدرك الشيخ الصباح , ورجع الى ميدانه وهو تنشيطه لأغلال التشريع حتى يقع العلي عثمان في حبائل أخطائه , فشرع يحاول يترصد علي عثمان عبر وزراء ملفه المسئول عنه داخل مؤسسة الرئاسة وهو ملف الإقتصاد , وخصوصاً محاولة علي عثمان لتجفيف موارد التمكين من إعفاءات ضريبية وجمركية والتي كانت تعني نشاط الترابي في إحياء الحركة الإسلامية , وتمكن علي عثمان من مضايقة أتباع الترابي وخصوصاً منظمات العمل الجهادي , وعمل عبر وزير ماليته عبدالوهاب عثمان على مضايقة النمو المضطرد لأبناء الترابي داخل الحركة الإسلامية , والترابي كل يوم يسمح داخل مجلسه الوطني لإستدعاء وزراء وفق الإستجوابات المقدمة من الأعضاء والتي كانت تُرتب قبل الجلسات , وهو ما جعل الكثير من الوزراء يتذمرون لمؤسسة الرئاسة لوضع حد لهذه الإستفزازات التي يقوم بها الشيخ , والشيخ سادر في غيه ولا يتوانى,حتي حبك علي عثمان مع من لايؤيدون سياسة الترابي وكذلك مع من يضمرون العداء له داخل الحركة الإسلامية قبل الإنقاذ , وبعض الذين تنفذوا بعض الشيئ مع مجئ الإنقاذ ولا يريدون أن يغادروا مواقعهم ذات صبح , بما يعرف بمذكرة العشرة والتي كانت في جوهرها تحد من نفوذ الترابي داخل العملية السياسية والتنفيذية , وكان على رأس هؤلاء العشرة الكرام البررة أبراهيم أحمد عمر وغازي صلاح الدين , ونجحت المذكرة بالدهاء الذي فيه من كبح جماح الشيخ فيما هو سادر فيه , ولكن هذا الرجل به عبقرية لو وزعت على كل مجرمي الأرض لوسعتهم , فقد خفض رأسه سريعاً للعاصفة , ويبدو أن جرابه كان ملئ من الخطط البديلة ما يكفي لبلوغ ما يريد . بدأ الشيخ ومعه فتاه الجديد علي الحاج في تجهيز مقبرة الحسم لهذا الصراع , خصوصاً أن الصراع أصبح في بعد جديد وهو كنس كل مؤسسة الرئاسة , علي وعمر , لذلك إبتدأ رحلة أعتبرها أكبر رحلة في التاريخ وهي رحلة تجهيز الولايات عبر المؤتمرات القاعدية وقد إمتدت هذه الرحلة لقرابة العام , وبدأ فيها الترابي المسير من منطقة إلى أخري مكوناً المكاتب ومرشحاُ من يريده للتمثيل في المؤتمر العام للمؤتمر الوطني , وركن كل من علي وعمر إلى أن الشيخ يبدو عليه قد عاد ألى رشده , ولكن كان علي عثمان يعلم أن الشيخ يضمر الكثير وخصوصاً أن الأنباء الواردة له من هذه المؤتمرات القاعدية ينبئه بخسارة ما يعتبرهم سند كبير له , لذلك سارع بتحشيد الكثير من القوي الفاعلة من داخل المؤسسة العسكرية وجهاز الأمن , مع علمه بعدم خضوع مؤسسة الرئاسة للعملية الإنتخابية داخل المؤتمر العام وأن الولوج الى المكتب القيادي للمؤتمر العام مضمون بالنسبة لهما هو والبشير , ولكن كان خوفه الأكبر على أعوانه , هؤلاء العشرة الكرام البررة , وأعتقد أن علي عثمان إستعان بالمرحوم مجذوب الخليفة حتى يكون سند له خصوصاً أن الآخير تربطه علاقة قوية مع الترابي في تلك الأحآيين , ويقيني أنه قد خرج معه بإتفاق ليرتفع من شأنه إن ساعده على تنفيس مخططات الترابي , لذلك وعندما أتى موعد المؤتمر القاعدي لولاية الخرطوم سقط كل العشرة وبالإنتخاب وتعسروا في الوصول الى المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم وهنا جاء دور مجذوب الخليفة وقد كان له وحسب نصوص اللأئحة الداخلية أن يعين واحداً لهذا المكتب القيادي وأعتقد كان هذا المكتب هو المسئول الثقافي , ولذلك جاء غازي صلاح الدين وولج الى المؤتمر العام عبر مجذوب الخليفة , وكانت طعنة من الخلف وعبر غواصة داخل الصراع لم يفطن لها الترابي , وجاء المؤتمر العام والذي شكل المكتب القيادي وأصبح الترابي أمينه العام وكان به البشير وعلى عثمان أعضاء بهذا المكتب بحكم مناصبهما , ولو كان هنالك ترشيح يجب أن يخضعا له لسقطوا أمام ما حشده الترابي للتنكيل بمن حاول أن يغمضه حقه كما يرى في الحركة الإسلامية . ودانت السيطرة التنظيمية للترابي بعد أن حل هذه الحركة بيده وعرف مقدار التعب الذي كابده , ولذلك لم ينتهي صراعة , وبعدها تربع على المجلس الوطني وجلساته يحاول كل يوم من الإنتقام من مؤسسة الرئاسة ففتح الكثير من الملفات وأصبح وكأنه يقايض بها في أن يسلم الطرف الآخر وأن يرحلوا من دفة الحكم فقد أصبح الحكم في يده وكل التنظيم معه , ولذلك حاول من الإنتقاص من هيبة الحكم وجعله كالصورة فذهب الى تشريع الحكم الفيدرالي في التطبيق , وكان هذا بمساعدة كبيرة من علي الحاج , فعمد الى تشريع إنتخاب الولاة كأولى الخطوات في تمييع الحكومة المركزية وجعل يدها قاصرة في الحكم , ومرت الليالي سريعة والجلسات في وتيرة كبيرة تعلن كل يوم أن موعد إقتراب الساعة قد أزف , حتى قلب البشير وعلي عثمان الطاولة بمساندة الجهاز الأمني والمؤسسة العسكرية , وحدث الإنشقاق الأصيل والذي كان في الأصل موجوداً منذ اليوم الأول للسلطة , فكل إسلامي كان يتمثل الأمير في كتاب ميكافللي.
نواصل ..
|
|
|
|
|
|