|
الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!!
|
Quote:
نسبة الإنفاق عليه لا تتجاوز 0,03% من الدخل القومي !!
دلّت احصائية حديثة للإتحاد الأوربي علي أن الإستثمار بيورو واحد في البحث العلمي يعطي سبع وحدات إضافية علي صدي السنوات الخمس التي تلي نهاية المشروع وتطبيق نتائجه واهتمت الدول المتقدمة علي البحث العلمي كاولوية متقدمة لدعم الإقتصاد والتنمية
ومثلما كان الإعتماد علي أبحاث الآخرين ومحاولة شرائها والإستفادة منها عملية عقيمة لا تؤدي الي تطوير مجتمعاتنا كان لنا في السودان واقع مؤلم للبحث العلمي فضعف الميزانيات وهجرة العقول وخواء المعامل وتشعّب السياسات عصفت ببذور البحث العلمي علي أرض جدباء لا تنتج وهاهي مجلة (الحياة العلمية) تلقي الضوء علي واقع البحث العلمي في السودان وماوصل اليه علنا نجد الأذن الصاغية والدواء الناجع وإليكم المحصلة.
نحن الأسوأ في البحث العلمي: لن يكون هناك نمو إقتصادي أو تنموي مالم يصحبه تطور في البحث العلمي والعلوم التكنولوجية. هكذا تحدّث البروفيسور/ اسامة عثمان عوض الكريم الأستاذ بجامعة بنسلفينيا الأمريكية والباحث السوداني المعروف في مجال العلوم والتقانة الحديثة وأضاف –جميع العالم يؤمن بضرورة البحث العلمي وأهميته في جانب النمو والتطور الإقتصادي للدول عدا السياسيين في أفريقيا والعالم الإسلامي والعربي وبالرغم من أن المسؤولين في السودان أمّنوا علي ضرورة زيادة الصرف علي البحث العلمي الا أن السودان مازال متذيلاً قائمة الدول الفقيرة ذات الدخل المتدني التي تصرف علي البحث العلمي حيث أن هناك دولاً أقل منّا فقراً ودخلاً ومع ذلك تصرف أكثر من السودان في مجال البحث العلمي وللأسف مايصرف علي البحث في السودان لا يتعدي 0.02% من الناتج المحلي وهناك محاولات الي رفع النسبة الي 1% ولكنه مبلغ ضئيل جداً ومايؤسف له حقاً أن هذا الرقم هو الطموح الذي خرج به مؤتمر القمة الإفريقية والتي اتخذت من البحث العلمي شعاراً لها.
سياسات عشوائية: د. كرار عبادي نائب مدير جامعة أم درمان الأهلية يري أن مشكلة البحث العلمي في السودان هي مشكلة تنظيم وتنسيق وأشار الي تجربة المجلس القومي للبحوث الذي أنشيء في السبعينيات ودوره الرائد في تنظيم البحث العلمي علي جميع الأصعدة حيث ضم كل الجامعات والمؤسسات والوزارات ونسق العمل فيما بينها من أجل مصلحة البحث العلمي والإبتعاد بها عن العشوائية وضمها تحت كيان واحد ولكن للأسف أجهضت هذه التجربة الرائدة وتم تحويل المجلس القومي للبحوث الي مركز مبعثر بين العديد من الجهات وأصبح أمر البحث العلمي موزعاً علي عدد من المؤسسات دون تنسيق أو موجهات وفقدت السياسة الواضحة التي كان ينتهجها المجلس القومي للبحوث حيث كان ملتزماً بميزانية موحدة لكل البحوث في السودان وأصبح البحث العلمي مشتتاً بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة العلوم والتقانة والمركز القومي للبحوث والمراكز الأخري ونقلت كل البحوث المرتبطة بالوزارات المهنية الي هذه الوزارة والتي هي جهة أكاديمية تمنح درجات الماجستير والدكتوراه فقط ولا تقدم أي بحث علمي في المجال المعني والا كيف يستقيم الأمر أن تتبع هيئة البحوث الزراعية لوزارة العلوم والتقانة وليس لها أية صلة بوزارة الزراعة وتلك الأخيرة توقف البحث بها أيضاً.
من الماضي: يري الدكتور مصطفي أحمد الحاج نائب مدير المركز القومي للبحوث أنه منذ العام 1968م وصدور قانون المجلس القومي للبحوث الذي ظل معطّلاً حتي قيام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في عام 1991م تم تكوين لجنة سميت بلجنة البحث العلمي تولت مسؤولية الخطط والسياسات لبرامج البحث العلمي وجاءت وزارة العلوم والتقانة لتعضد هذا المجهود لذا يجب أن نذكر أن الوزارة حوت في خطتها حوالي 127 برنامجاً بحثياً و530 مشروعاً قام بتنفيذها 1132 باحثاً و2497 تقنياً ينتمون الي 58 مركزاً بحثياً منتشرة علي نطاق القطر والوضع الراهن للبحث العلمي يحتضنه قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وهو مهتم بجانب إجراء البحوث ذات الطبيعة الأكاديمية وقطاع وزارة العلوم والتقانة وهي تركز علي البحث التطبيقي.
البقية هنا: http://apsi.sd/index/invest-detail0.html?tx_ttnews[year...=26&cHash=0ca279d061
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!! (Re: مريم بنت الحسين)
|
الاخ/ انور مساء (أو صباح) الخير،،، رغم فصل عبارة البحث العلمي عن اسم وزارة التعليم العالي، تبقى الجامعات هي اكبر مصدر للبحث العلمي في السودان رغم ندرة التمويل. كثير من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات يقوم باجراء الابحاث العلمية على نفقتهم الخاصة لحاجتهم اليها في الترقية، علما بأنه ليس شرطا للترقية في اكثر الحالات. حاولت جامعة الخرطوم على أيام البروفيسور/ عبدالملك محمد عبدالرحمن و البروفيسور/ الشيخ (المدير الحالي) بتحفيز البحث العلمي من الموارد الذاتية للجامعة و قد نجحت المحاولة بدرجة كبيرة في انتاج الكثير من الابحاث و في كل المجالات. ليت وزارة التعليم العالي تضع معيارا موحدا للترقية على اساس البحث العلمي كما هو الحال في جامعة الخرطوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!! (Re: AnwarKing)
|
Quote:
هجرة العقول = كارثة: تلك كارثة كبري ولن نعوضعها هكذا وصفها د. مصطفي الحاج مشيراً الي هجرة العلماء والخبراء خارج السودان ويقول إن هناك أكثر من 75% من خبرائنا وعلمائنا في الخارج والسبب في ذلك أن ماهو متاح من معينات لإجراء البحوث ومايصرف عليها من ميزانيات ضعيفة جداً مقارنة بالوضع في بقية الدول مما دفع الكثير من الباحثين والخبراء وأساتذة الجامعات للهجرة لتوفر معينات البحث العلمي هناك وهذه العقول انفقت عليها الدولة أموالاً طائلة من أجل تدريبهم وتأهيلهم حيث يتعدي تأهيل الفرد الواحد خارجياً 200 ألف دولاراً وهذه النسبة المقدرة ب75% من الباحثين لك أن تحسب كم فقدت الدولة من أموال ولم تجن ثمرة ذلك الجهد.
ليس المال وحده: وفي ذات الإتجاه الخاص بهجرة العقول خارج السودان يقرّ د. أسعد خالد بأن أعداداً كبيرة من العلماء السودانيين وفي مختلف المجالات الهامّة هم رموزاً علمية خارج بلادهم وهم يمثلون أكثر من 90% في أوربا وأمريكا وباقي الدول وينفي د. أسعد أن يكون ضعف الراتب الذي يتقاضونه في السودان مقابل الراتب المجزي في الخارج هو سبب هجرتهم ويقول: ليس صحيحاً ما يشاع بأنهم يتقاضون رواتب عالية لا يستطيعون التفريط فيها وهم علي استعداد وأنا واحد منهم-والحديث لدكتور أسعد- لافتراش الأرض وأكل الفتات ولكن علي الدولة أن توفر المعينات وهؤلاء العلماء لن يعودا طالما هم يشعرون بأنهم غير مفيدين لوطنهم علماً بأنهم ليسوا سبباً في ذلك فمن غير المعقول أن تنفق مئات الملايين من الدينارات شهرياً لمخصصات ورواتب موظفين وأثاثات مكاتب ويكون ذلك خصماً علي معينات الموارد وأنابيب الإختبار والتجارب حيث لا يصرف ربع هذا المال علي البحث العلمي.
اعتراف بالأرقام:
ويعود د. مصطفي الحاج قائلاً: مع اعترافنا بالنقص في معطيات البحث العلمي نطالب بزيادة الإنفاق حتي يصل لأكثر من 1% كما أن هناك مشكلة كبري في تدريب الباحثين ففي عام 1970 كان 95% من الباحثين يتدربون بالخارج وتناقصت هذه النسبة الي 35% فقط في عام 1990م والآن تقلصت الي 2% فقط وإهمال التدريب الخارجي صحبه تدني في إعداد الباحثين حيث أن المعدل العالمي للباحثين المتفرغين في الدول المتقدمة هو 83 باحثاً لكل 100 ألف نسمة وفي العالم العربي 17 باحثاً لكل 100 ألف نسمة وذلك نتيجة حتمية لتدني الإنفاق علي البحث العلمي حيث تصرف الدول المتقدمة من2- 9% من الناتج المحلي علي البحث العلمي وتصرف الدول العربية مجتمعة 1% والسودان0.03%.
http://apsi.sd/index/invest-detail0.html?tx_ttnews[year...]=2&cHash=c7663e78a7
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!! (Re: AnwarKing)
|
Quote: وعلينا أن لا ننسي أن البحث العلمي أصبح استثماراً ناجحاً وكثيراً من الدول لم يزدهر اقتصادها بفضل مواردها الطبيعية فقط ومايحدث في الخليج مثلاً يسمي استهلاكاً إقتصادياً وليس نمواً فهو يعتمد علي البترول فقط ولا يتبع ذلك بحثاً علمياً فإذا ما نفذ هذا المورد إنهار الإقتصاد خلاف مايحدث في كوريا واليابان وماليزيا التي قام اقتصادها ونما ليس بفضل مواردها الطبيعية بل بفضل جهودها في مجال البحث العلمي ودولة مثل كندا تُعدُّ من أكبر الدول المصدّرة للحبوب علماً بأنها تزرع أربعة أشهر فقط في العام حيث يغطي الجليد كل أراضيها في باقي الشهور فاعتمدت علي البحث العلمي في مسألة زيادة انتاجية الفدان ونحن في السودان مازالت البحوث الزراعية متدهورة وانتاجية الفدان ضعيفة. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!! (Re: Nasr)
|
الأخ العزيز نصر، تحياتي وشكري العميق على حضورك وتعليقك المفيد...
Quote: ينفق السودان 1 في المائة من دخله القومي السودان تنفق أمريكا 15 في المائة علي التعليم (ونفس النسب في الصحة) ومع ذلك فالتعليم في أمريكا في صف الطاشرات في العالم كدي قارن التعليم والبحث العلمي (التعليم طبعا مفروض يخرج مشاريع علماء) |
في خاطري حكاية الشخص الذي لم يعرف مقدار الظلم الواقع عليه، إلا عندما سمع صدى شكواه...
الآن على اليوتيوب...توجد فيديوهات تحتاج لمائة سنة من العمر حتى تحضرها كاملة وكل يوم يزيد العدد...
لكن من بين الفيديوهات الفارغة والخ...لم يفتح الله على الكثيرين بزيارة مواقع الجامعات الأمريكية لمعرفة أين يقفون كخريجين من طلاب لم يتخرجوا بعد من الجامعات الأمريكية...
هذه قناة جامعة أستان فورد الأمريكية على اليوتيوب http://www.youtube.com/user/stanforduniversity شخصياً أستفيد منه الكثير جداً...و أحاول معرفة ما تيسر من العلوم عبر هذا الموقع...
ما يزال البحث العلمي عندنا يعاني ليس فقط من شح الإمكانيات، بل عدم التفكير فيه كمخرج لنا في كثير من نواحي الحياة السودانية...
أشكرك مجدداً وأتمنى أن تواصل معنا أنور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!! (Re: Al-Sadig Yahya Abdall)
|
الهبيب انور... شكرا علي هذه الاضافة... دخلت علي عجل و اعجبني الموضوع ... فقلت بدل ما اطلع كده ساكت... احسن اضيف نجمه تأكيدا علي اهمية الموضوع رغم اني لست مريخابيا... علي كل تذكرت ايامات الانقاذ الاولي و نحن في سنين الجامعه "اوعك تقول العجوز ده شنو"... و في احدي النقاشات مع كوز دفعه عن اثار رفع الدعم عن داخليات الطلاب في الجامعات... كان رد صديقنا في ذلك الوقت انه في ترتيب الاهميات في شأن ادارة الدوله في ذلك الوقت الحرج جدا... فأن التعليم يقع في المرتبه الثامنه بعد الدفاع ... و ... و ... ... اهمية كلامه بالنسبة لي في تلك المرحله الاولي من دراستي الجامعية هي ان اداره اي مؤسسة سواءا كانت دوله او مدرسه تبدأ باستراتيجيه و ان دولتنا السودانية بها استراتيجية للتسيير ... فقد اعجبتني الفكره بغض النظر عن اختلافي معه في الترتيب الصحيح لموقع التعليم و الصحه... الاهم من ذلك ... حدث و ان تناقشت مع كوز اخر ايضا و كانت المفاجئه انه قدم نفس التبرير بالحرف... قلت يا ربي ... الكيزان ديل من شدة ما منظمين حتي في الحاجات الزي دي بدوهم دروس خصوصيه عشان يعرفوا يتناقشوا بالحجه مع اي زول من طرف...
هذه المقدمة رأيت ان لها علاقة كبيره بما يحدث الان من تدهور في التعليم... لانه في ذلك الوقت الحرج جدا من عمر بلادنا ... فقد تم تقليص اهمية التعليم الي المرتبه الثامنه,,, و الدفاع الي المرتبة الاولي و ما زالت حتي الان كذلك ... حسب اعتقادي او اسوأ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!! (Re: Mahjob Abdalla)
|
Quote: لاحظ انه مع تقليص اهمية التعليم فأن عدد الجامعات قد تضاعفت ... احد زملائنا السناير تخرج في نفس العام و تعين في احدي تلك الجامعات الجديده مساعد تدريس و مدير القسم الذي يعمل فيه... |
العزيز محجوب تحياتي مجدداً وشكراً على الإضافات وارجو أن تواصل الى الاخر...
عملت كمساعد تدريس عقب تخرجي من البكالريوس...وكان غريباً جداً، أن أجد زملاء هيئة التدريس في كليات علوم الكمبيوتر...من متخصصي الهندسة الكيميائية وتخصصات أخرى فضلاً عن أن رئيس القسم كاملاً لديه درجة ماجستير فقط من السودان...
عملت في مكان آخر كمساعد تدريس أيضاً...كان عميد الكلية المتخصصة في الكمبيوتر ، دكتوراة في الزراعة!!! وبقية هيئة التدريس غير مواكبة تماماً لمجريات حركة الكمبيوتر ، لا عربياً ولا افريقيا، وبالطبع لا مواكبة دولية...
في كلا الحالتين...كان عليّ شخصياً إختيار المقرر والمراجع للكورسات، ووضع الإمتحانات ومنح الدرجات والخ...
واشياء أخرى جعلتني قمة في الحزن على أوضاع كليات الكمبيوتر، والتي مناط بها تخريج بشر غير عاديين في طرائق التفكير وحلحلة المشاكل الصعبة والجديدة كلياً...والخ...
أرجو مواصلتك
أنور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!! (Re: AnwarKing)
|
كمان يا انور شغال هسع في ادارة البحث العلمي تحديدا
هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها
حقيقي الصرف على البحث العلمي في السودان ضعيف جدا يصل لدرجة منعدم
الغريبة الليلة كنت بتكلم مع المدير قال عاوز داتابيز للمشاريع البحثية
كان الوزارة عملت ليها حاجة كده اسمها المشاريع البحثية ليها زي اربعة سنوات
بجيبها الباحث كفكرة والوزارة او ادارة البحث العلمي تحديدا بتمول ليه المشروع ده
لكن طبعا الكلام دع لي مشاريع صغيرة
بمولوا زي 100 مشروع في السنة وكلها مشاريع في حدود 10 مليون لحدي 30 مليون
هسع انا شغال في الداتا بيز دي وحا ارفعا اون لاين
لكن برضو الصرف على البحث العلمي ضعيف جدا يصل لدرج معدوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الإنفاق على البحث العلمي في السودان، لا يتجاوز ال 0.03% من الدخل القومي!!! (Re: Adam Omer)
|
العزيز آدم...اشكرك على المرور والتعليق...
هذا المقال الحديث...أراه مهم ومتصل بالموضوع ...
Quote:
العلم والإيمان في الجامعات السودانية ... بقلم: د. حيدر ابراهيم علي السبت, 16 مايو 2009 18:08
بقلم: د. حيدر ابراهيم علي
مركز الدراسات السودانية
[email protected] هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته
يعاني نظام التعليم الجامعي او العالي عموماً في السودان من زحمة مشكلات عويصة متفاقمة تبدأ من تأهيل كوادر هيئات التدريس والبنية الأساسية من معامل او مختبرات وقاعات مناسبة ومكتبات حتى النشاط الجامعي والسكني الملائمة مروراً بالحرس الجامعي والرسوم. وكل هذه معوقات ومشكلات تقلل من مخرجات ومردود التعليم العالي. وتتحول (الثورة التعليمية) الى عبء ثقيل يتمثل في جيوش العطالة وانصاف المتعلمين المزودين بشهادات عليا ولا يتنازلون عن مطالب معينة يستحقها الخريج المؤهل.
تتعدد سلبيات التعليم الجامعي وبالذات في المناهج والمقررات التي يبدو انها لم تخضع لدراسات وحوارات. وينطبق هذا القول – تحديداً – على ما يسمى (مطلوبات الجامعة) والتي شكلت لها إدارة منفصلة. كما تم توزيع هذه الادارة الى اقسام والتي تشغل موادها – خلال السنتين الأولى والثانية – عدد 375 ساعة. ويفترض ان تقوم هذه (المطلوبات) بتقوية اللغات وتزويد الدارسين بثقافة عامة. ورغم نبل الهدف الا ان هذه المقررات قد اكتسبت سمعة غير طيبة لارتباطها بالنظم الشمولية العربية حين سميت بالمقررات القومية. وكانت تدرس باللاجدية بسبب الاعداد الكبيرة وعدم ارتباطها مباشرة بالتخصص الدقيق.
وقع في يدي – صدفة – مقرر الثقافة الاسلامية بجامعة الخرطوم، ولقد صعقت حقيقة للمادة التي تقدم لطلاب الهندسة والطب والعلوم والانسانيات. وكان لابد لي من التوقف ومناقشة محتوى المقرر رغم التخويف والابتزاز الذي قد يتعرض له كل من تسول له نفسه ان يناقش او يحاور اي قضية تنسب الى الدين او الاسلام. فسرعان ما يعتبر هذا الحوار او النقد هجوماً على (الدين) او (الاسلام) حيث يصبح مقرراً كتبه بنشر جزءً من الدين. وقد يتهم الشخص بمعاداة تدريس الثقافة الاسلامية أصلاً، وهذه ايضاً ليست حقيقة. فهناك ثقافة اسلامية مستنيرة وتقدمية تحترم العقل وتخاطبه بعيداً عن العواطف والغرائز. فهناك فهم او ثقافة اسلامية يقدمه ابن رشد او ابن حنبل او بن لادن، وكلها مرجعيته اسلامية. لذلك فالمشكلة ليست تدريس ام عدم تدريس الثقافة الاسلامية، ولكن السؤال: اي ثقافة اسلامية نقدمها لطلاب وطالبات جامعيين في العقد الأولى من القرن الحادي والعشرين ؟
يحتوي مقرر الثقافة الاسلامية – في البداية – على تقديم للدكتور مبارك محمد علي المجذوب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ثم تقديم آخر للدكتور ابراهيم احمد غندور مدير جامعة الخرطوم (عام 2004) ومقدمة للشيخ عبدالحي يوسف. وحاول الجميع التبشير بمقرر شامل وكامل. ويرجع الفصل الأول أهمية دراسة الثقافة الاسلامية الى ما يلي:
توضيح الأساسيات التي تقوم عليها الثقافة الاسلامية.
تأثير الثقافة الاسلامية في العرب.
تفاعل المسلم مع مبادئه وقيمه.
بيان الازدهار الحضاري للأمة الاسلامية.
بيان الأدواء التي حلت بالأمة الاسلامية.
بيان دور الثقافة الاسلامية في العصر الحديث وما تقدمه للانسان المعاصر.
هذه الاهداف في منتهى الروعة والعلمية ولكن واقع اهتمام المقرر – القسم الأول – مختلف تماماً. فقد تجنب المقرر تقديم الوجه المشرق للحضارة الاسلامية في أوج تقدمها وتأثيرها على العالم واشعاعها الذي وصل الى الاندلس والهند، واكتفى بتقديم ماهو معلوم وبديهي، فقد كان من المفترض ان يتعرف الدارسون على جابر بن حيان وابن رشد والرازي وابن سينا والفارابي والكندي واخوان الصفا وابن خلدون والغزالي وغيرهم. بالذت في كليات العلوم الهندسية لكي يشعروا بقيمتهم كمسلمين ونديتهم للحضارات الأخرى.
يخصص المقرر قسماً كبيراً ومسهباً للعبادات ولا يوجد اي قسم للمعاملات وهذه هي حقيقة الثقافة الاسلامية: السلوك، الاخلاق، القيم، القوة، العلم والمعرفة. والمواد التي يتضمنها الكتاب تم تدريسها للطلبة والطالبات عدة مرات في المراحل السابقة. فهل تأكد واضعو الكتاب ان طلابهم لم يدرسوا احكام الوضوء (ص136-143) او التيمم او احكام الصلاة، في مراحل دراسية سابقة ؟ هذا مجرد تكرار قد يكون الهدف منه زيادة صفحات الكتاب وليس زيادة معرفة الدارسين. وسعر الكتاب هو (5) جنيهات ويباع لكل الطلاب ولا يوزع مجاناً، وهو مجرد تصوير ردئ ويخلو من فنون الطباعة. وهذا عكس الاتقان الذي طالبت به الثقافة الاسلامية التي يدرسها الشيوخ الاجلاء.
أثار انتباهي الفصل الخامس، الباب الثالث، تحت عنوان: آداب قضاء الحاجة (ص134). فمن الواضح ان الكاتب لهذا الفصل كان يفكر في قضاء الحاجة في الخلاء ولم يضع في الاعتبار ان اغلب طلابه وطالباته يستخدمون الحمام او التواليت المغلق المفرد، ولكن مع ذلك يدرس المساكين شروطاً تبدو لهم غريبة وبالتأكيد سوف تثير الضحك، وهذه نماذج لللآداب:- أولها التباعد، ويفسره: (حتى لا يرى شخصه، لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كان رسول الله (ص) اذا ذهب المذهب أبعد. رواه اصحاب السنن، وعن جابر رضي الله عنه ان النبي (ص) كان اذا اراد البراز حتى لا يراه أحد) (ص134) وفي موضع آخر تحت عنوان: تجنب قضاء الحاجة في طرق الناس وأفنيتهم وظلهم وأماكن جلوسهم ومن ذلك الاسواق والحدائق العامة، الحديث: (اتقوا اللعانين) قالوا: وما اللعانان يا رسول الله ؟ قال: (الذي يتخلى في طريق الناس او في ظلهم). ونقرأ: عدم الكلام حال قضاء الحاجة، لحديث ابي سعيد قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فان الله يمقت على ذلك). ويستثني من ذلك ما كان مهماً، كطلب مزيل للأذى من ماء ونحوه. وفي الفقرة الثامنة: بلُّ اليد قبل ملاقاة الأذى وتنقيتها بعده، لحديث أبي هريرة قال: كان النبي (ص) اذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور او ركوة فاستنجى ثم مسح يده على الأرض. اما العناوين الأخرى، فهي: تجنب مسح الفرج باليد اليمنى او الاستنجاء بها، او: الاستنجاء بالماء او الاستجمار باليابس المنقى، كالورق او القماش او الحجارة او غير ذلك مالم يكن طعاماً او عظماً او روثاً او نجساً، والاستنجاء أفضل لأنه أنق.. (ص135). هذا ما دعاه النبي (ص) علم من لا ينفع. فعلينا ان نتصور طالباً او طالبة حتى وصل الجامعة ودخل كلية الهندسة او الطب او الاقتصاد دون ان يعرف كيف ينظف نفسه بعد قضاء الحاجة ! هذه معلومات او تمارين مكانها الحضانة او الروضة. والا ستكون كارثة حين ننتظر اولادنا وبناتنا حتى سن الثامنة عشر او التاسعة عشر لندرسهم.
يواجه المسلمون اشكالية تناسق العلم والايمان اي كيف تكون مؤمناً وتعيش عصر العلم. فالمطلوب إزالة اي تناقض حقيقي او مفتعل بين العلم والايمان. وكان من أهم أسباب الصراع بين المسيحية والعلم، وقوف الكنيسة ورجال الدين ضد العلم وضد الكشوفات والاختراعات البشرية الجديدة. وهناك بعض الفقهاء المسلمين يضعون الحواجز الوهمية بين العقل والدين، بين العلم والايمان، وذلك بطرق مختلفة. ومن هذه الطرق، الاهتمام بقشور المعرفة الدينية، والطريقة الأخرى الجمود في مراحل تاريخية سابقة وبالتالي جعل الاسلام ثقافة ماضوية ويفصلونها عن الحاضر والمستقبل. ومن اخطر مواقف هذه الفئة الغاء العقل او استقالة العقل مقابل تقديس النقل بلا تساءل وتفكير.
من المفروض مراجعة مقرر الثقافة الاسلامية الجامعي من أجل ابراز صورة الاسلام الذي كرم الانسان واحترم عقله وهذا هو سبب استخلاف الله سبحانه وتعالى للانسان: عقله، تفاحة المعرفة اللذيذة، لابد من مقرر يخاطب عقول طلاب وطالبات احرزوا درجات رفيعة وسهروا وتعبوا من أجل تعليم أفضل وأرقى.
وداعا طاغية الخرطوم...كاريكاتير
|
| |
|
|
|
|
|
|
|