|
سيرة مدينة:اصلو ود ابزيد كل يوم من بلدنا يرحل جدى
|
كان يجوب بعربته الكارو شوارع المدينة،لا يفرط فى اناقته واثوابه الناصعة البياض وحصانه المغرور يسير في خيلاء كخيول باكنجهام،ويردد قولته المشهورة دائما:المحافظ عنده مارسيدس وانا عندى حصانسدس،وفى الظهر ياتى بحصانسدسه الى موقف باصات الخرطوم،ليكحل عينيه بالجمال المسافر والجمال العابر وهذه عادة ورثها من اجداده فى مدن النخيل فى الشمال الشعراء اللذين لا يتبعهم الغاوون وهم يجلسون فى مرسى البوستة الباخرة وينزفون مشاعرهم شعرا يسمى هذا ناس الخرطوم بغنى الشايقية ****** كانت حوراته الذكية الغامضة تسحر الناس،اليوم يوجد صيد ثمن امراة مسافرة مع ابنتيها الشابتين صاح بصوته الجهورى -سلام ناس المكان التفت له صديقه مداعبا _الجابك شنو ما تمشى بالكاروا بتاعك ده تشوف ليك زبالة تلمها ابتسم ابتسامة خبيثة ورمق احد الفتاتين عن كثب ووجد انهن لا زلن غير مكترثات بقدومه السعيد:فردد بصوته الجهورى - زبالة شنو....انا بشيل بالمراسيدس بتاعتى دى تلفزيون ..تلاجة ،فديو ،غسالة ....وكمان مرة مطلقة وسقطت الفراشات الجميلة فى الفخ وبدا على احدهن الاهتمام للجملة الاخيرة رد صاحبه فى دهشة مصطنعة - عرفنا الهتش ده كلو بشيلو بالكارو...المرة المطلقة دى شنو - يا اخى المشوار بمشوارين .قبل ما اوصلها بيت ابوها يجو الاجاويد يرجعوها واكون كده انا الربحان ضج الجميع بالضحك بما فى ذلك البنات ودون ان يفقدن وقارهن،ورمقته احداهن فى ود فاضاء وجهه الاسمر بكل الوان الفرح ،هذا ما كان يصبو ******* مضى الوقت المرح..وصعد المسافرين والمسافرات وتحرك البص مبتعدا وقفز صاحبنا على عربيته ونهر الحصان ولم يلحظ احد الدمعة المرة التى سقطت من عينيه الولهانتين وطفق يغني مبتعدا امسك حبل الصبر وخلى قلبك ما يبقى نى اصلو ود اب زيد كل يوم من بلدنا يرحل جدي ******* يا نسمة يا جاية من الوطن بتقولى لى ايام زمان ما برجعن
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: سيرة مدينة:اصلو ود ابزيد كل يوم من بلدنا يرحل جدى (Re: Raja)
|
كان عمى عمر الموظف فى السكة حديد من الرجال اللذين تعلق قلبهم بالمساجد..كان ختمى معتدل وفى الماضى عندما كنا اطفال يحملنى بدراجته يوم الجمعة الى مسجد العمدة السرور السافلاوى فى الداخلة ..كانالمسجد تحيط به حدائق غلبا ولشد ما كان يبهرنى الزخارف الجميلة والبخور المعطر والرجال الشديدى بياض الثياب والقلوب اللذين يتقاطرون على المسجد من كل حب وصوب ..شد ما كان يسعدنى انذاك بائعى النبق والقنقليز اللذين يجلسون فى الطريق بعد الصلاة ويشترى لى عمى منهم واعود سعيدا الى البيت..وعندما كبرنا كان عمى يخبرنى بكل ما يصادفه وفى زمن انقلاب هاشم العطا اخبرنى بان احد المحسوبين على الحزب الشيوعى .جاءه فى المكتب وشد لحيته بطريقة مهينة وردد فى مسا معه"خلاص نحن مسكنا البلد وذى نوعك ده حنختو فى الزرايب" وكان لهذه الحادثة المشينة اثرها فى نفسه الحساسة وكانت كافية لان تدفعه الىاقصى اليمين المتطرف واصبح من غلاة الاخوان المسلمين..وظل يخبرنى عن اعمال الشيوعيين فى تخريب مرفق السكة حديد نكاية بالنميرى وتمزيق المفارش وتكسير لمبات الاضاة فى عربات الدرجات الممتازة التى استوردتها الحكومة من المجر كان عمى يقول"ان الاعمال التخريبية ضد الدولة من نسف الجسور وانبابيب النفط وغيره تكون مشروعة عندما يكون النضال ضد مستعمر اجنبى ينهب خيرات البلد وليس ضد نظام محلى ولعبة الكراسى غير المجدية التى تمارس فى السودان ويدفع ثمنها الشعب ******** مضت السنين تباعا..وفى يوم انقلاب البشير جاء عمى الى البيت والسعادة تكاد تقتله وطلب منى ان اخرج معه واشاهد الدنيا التى تغيرت وذهبت معه الى سلاح المدفعية وسمعنا خطبة الحاكم العسكرى بالنيابة ثم عرجنا الى السوق ..كان عمى من سعادته لا يرى النهب المؤسس لمحلات تجار معينين تحت اشراف الجنود والبعض ذهبت نفسه حسرات وكنت اقول له:يا عمى الاخوان المسلمين بشر وليس ملائكة ويرتكبون الاخطاء والاخطاء الفادحة احيانا"وعمى السعيد بالمدينة الفاضلة التىسينعم بها السودان لايعيرنى سمعا ونختم جولتنا بالعودة الى بيتهم ونسمع الرائد يونس وعمى فىقمة نشوته ويتحفنى بغداء فاخر خمس نجوم..لم اطق ان اجهض احلام عمى وانا الذى يعرف ان الكيزان والشيوعيين وجهين لعملة واحدة..وبعد ذلك غادرت السودان 1990 وانقطعت اخبار عمى عنى لان ناس البيت رحلو الى الخرطوم.وفى عام 1998وبعد ان فصلوه للصالح العام جاءنى نباء وفاته الفاجع عمر عمى مشى بعد رفدوه يسأل كيف يفصلوه مع الشيوعين مافى زول اشتغل بيهو قام طوالى سافر الخرطوم مشى القصر عشان يقابل عمر البشير وناس الامن جلدوه وجاء مجنونا الى ان مات اخبرتنى امى انه فى ايامه الاخيرة ..كان يسالهم "وين عادل؟ كنت اعرف لماذا كن يسال عنى ..كان يريد ان يخبرنى بعد ان جاءه الابصار: بان الاخوان المسلمين بشر وليس ملائكة ويرتكبون الاخطاء والاخطاء الفادحة احيانا ************* اللهم احسن خاتمتنا فى الامور كلها واجرنا من خزى الدنيا وعزاب لآخرةا" " ******** انا وبعد خمسين عاما احاول تسجيل ماقد رأيت رايت شعوبا تظن بأن رجال المباحث امر من الله مثل الزكام ومثل الجزام ومثل الجرب رأيت العروبة معروضة فى مزاد الاثاث القديم ولكننى .. ما رأيت العرب (نزار قبانى)
| |
|
|
|
|
|
|
|