حوار مع الشاعر سركون بولص

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-21-2024, 01:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-12-2003, 12:18 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوار مع الشاعر سركون بولص


    حاوره: صلاح عواد ( كاتب يعيش في نيويورك)

    جاءني الشعر مبكرا كالضربة التي مازلت استرجعها حتى هذا الزمن.

    الحداثة مفهوم غامض وصعب التفسير ويعتمد على موقف الشاعر الشخصي من الثقافة والعالم.

    في قصيدة النثر ليس ثمة ما يقيد الشاعر سوى تجربته الخاصة وديمومة الصوت والايقاع.

    منذ فترة تزيد على عشرين عاما يقيم الشاعر العراقي سركون بولس في مدينة سان فرانسسكو، هذا الشاعر المنحدر من مدينة كركوك حاول مع أقرانه حين وصلوا الى بغداد في الستينات تغيير خارطة الشعر العراقي، وفي إحداث ثورة بأساليبه وتقنياته ضمن مشروع يريد تجاوز ما انتجه جيل الرواد الشعري جيل قصيدة التفعيلة.

    ومن بغداد حمل سركون مشروعه الشعري، حيث توقف في بيروت وتعرف على تجربة مجلة شعر اللبنانية وساهم في تحريرها وترجم العديد من النصوص الشعرية من اللغة الانجليزية، خصوصا لشعراء القارة الامريكية، الذين عبروا عن روح جديدة تختلف عن الشعر الانجليزي المكتوب في بريطانيا تنسجم وفضاء القارة الجديدة على حد تعبير اكتافيو باز. ربما هذا الاكتشاف للشعر الامريكي الذي ساهم فيه شعراء عراقيون آخرون مثل جان دمر وفاضل العزاوي دفع سركون للذهاب الى موطن حركة الحداثة الثانية في الشعر الامريكي، فسان فرانسسكو هي المكان الذي أنعش حركة جيل البيكنس ومن هناك برز الشاعر ألن غينيسبرغ ولويس فرلينفتيني وغيري سنا يدر ومايكل ميكلير، إضافة الى بروز جاك كيرواك والكاتب وليم بروغ صاحب رواية «الغذاء العاري» التي أحدثت ضجة كبيرة في الوسط الأمريكي وأصبحت في الستينات انجيل ذلك الجيل.

    في سان فرانسسكو تعرف سركون على مصادر الشعر الامريكي، وتعرف على بعض شخصيات جيل البيكنس، وتعرف على شعراء آخرين اختطوا لأنفسهم نزعة جمالية تتسم بالتأمل وبالنزوع الصوفي مثل الشاعر هيروين. وخلال الأعوام التي قضاها في سان فرانسسكو بقي سركون مخلصا للشعر ولترجمة الشعر، وأثناء تلك الإقامة الطويلة التي قرر أن ينهيها بالذهاب الى أوروبا خصوصا الى لندن وباريس طور سركون تقنياته الشعرية، وصارت اللغة لديه أكثر حسية. فهو بالرغم من اقامته الطويلة في الولايات المتحدة لم يتخلص من لهجته البغدادية وبقي نفس القروي ذلك القادم من كركوك.

    وكان اللقاء الأول به في مقهى يقع في حي أغلب سكانه من المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية بسان فرانسسكو. وقال هذا أول لقاء له مع شخص عراقي من سان فرانسسكو له اهتمام بالكتابة. ومن المقهى ذهبنا مع صديق لي صاحب مكتبة عربية في المدينة الى حانة شعبية صاحبها من المكسيك ويتحدث أغلب زبائن الحانة بالاسبانية. وكان سركون قد قرر وقف التدخين، فالجو كان غير ملائم في مكان يدخن فيه الجميع بكثافة وبعد ساعتين غادرنا الحانة وتوجهنا الى مطعم مكسيكي يبيع وجبات مكسيكية بهيئة ساندويش كبير. وقبل ان ألتقي بسر كون في اليوم الثاني اشتريت آلة تسجيل صغيرة، واتفقنا على ايجاد محل هادىء لاجراء الحوار، وبعد جوله طويلة شاركنا فيها طالب دراسات عليا من الكويت في هذه المدينة النائمة بوقاحة على لحف المحيط كما وصفها بقصيدة له، وجدنا مكانا هادئا في حانة شعبية لها ساحة ذات فضاء واسع لم يشاركنا فيها أحد في جلسة استمرت أكثر من ثلاث ساعات وكان هذا الحوار.

    * كيف كانت البدايات ولماذا اختار سركون الشعر؟

    - أنا أعتقد أن الشعر يختار،وأحيانا دون ارادك وهذا يعني أن الشعر موقع خاص تصل اليه بشروط معينة تدفعك اليها تجربتك الحياتية. وجاءني الشعر مبكرا منذ كنت صغيرا. وكان كالضربة التي مازلت استرجعها حتى في هذا الزمن المتأخر كلما حاولت أن أكتب قصيدة. وفي مفهومي إن الشعر نوع من السحر الذي من الممكن أن يغير حياتك كاملة، كما قصد ذلك ريلكة في قصيدة له عندما قال "عليك الآن أن تغير حياتك ".

    * متي تؤرخ لأول قصيدة كتبتها؟

    - كانت قصيدة عن صياد أذكر أني كتبتها وأنا في الثانية عشرة من عمري، وأنا لم أنس تلك القصيدة لأن فكرة الصيد هي مفهوم الشاعر الحقيقي. أي أن الشاعر يجلس على البحر أو على الشاطىء كل صباح ويدلي بشصه في الماء لعل هناك سمكة عابرة فالشاعر هو صياد.

    * الآن تدرك هذه المعادلة فلماذا اخترت الصياد كمعادل للشاعر؟

    - اخترت الصياد دون أي وعي وكنت أصغر من أن اكون واعيا بما أفعل آنذاك، ولكنني أرى الآن أن الشعر بحر والشاعر هو الصياد وهناك شبكة ما. ولنقل أن الشبكة هي القصيدة وعليه

    (أي الشاعر) أن يخلق تلك الشبكة وهذا عمل يستغرق طيلة الحياة.

    وبعد ذلك..؟

    - بعد ذلك، البدايات تستمر ولا اعتقد أن ثمة نهاية للشعر، فالشاعر هو دائما بداية. ويؤكد كاتب ايطالي أجله كثيرا اسمه شيزارا بافيسي يقول انه «ليس لنا سوى أن نبدأ» وفي هذه الحال ليس لنا سوى أن نبدأ وهذا هو قول الشاعر الحقيقي.

    * انك من مدينة كركوك وانتقلت من كركوك الى بغداد وفي مجموعتك الثانية "الحياة قرب الاكروبول" ثمة حضور لمدينة كركوك فكيف تصف لنا تجربة كركوك ؟

    - هناك فرق كبير بين كركوك وبغداد. فكركوك مدينة غريبة التركيب من حيث الأجواء الاجتماعية ومن حيث الأقوام التي تسكن فيها، ذلك الخليط العجيب المتكون من العرب والآشوريين والأكراد والأرمن والصابئة ومن الاجناس العتيقة التاريخية التي وجدت نفسها في الشمال، حيث ان المدينة كانت دائما منبعا إنسانيا متنوع اللون والشكل. وهو منبع لا ينتهي لغرابة اللغات المتبادلة بين تلك الأقوام، بينما بغداد هي بغداد وهي شيء آخر ولها طابع يعرفه كل من عاش في تلك المدينة. وكركرك بالنسبة لي هي بداية الكتابة وكانت المنبع والمكان الذي فتحت فيه عيني على مواقف الشعر. وعندما ذهبت الى بغداد كان تركيبي الشعري قد ثبت وتصلب تقريبا حتى ولو كانت بغداد هي المنبر الحقيقي والمكان الأوسع روحا والاكثر امتلاء بالحياة عندما وجدت نفسي فيها.

    * ما هي ملامح كركوك في تجربة سركون الشعرية ؟

    - لقد كتبت عن كركوك في كل كتبي وفي شكل خاص في كتابي الأخير «الأول والتالي» وفيه قصيدة اسمها نهار في كركوك. وهي قصيدة تعبر بالضبط عن صورة كركوك التي لا زالت تلازمني، وهي قصيدة كتبت في أمريكا بسان فرانسسكو.

    * إذا أردنا أن نتعرف على ملامح ذلك الشاعر الشاب سركون بولص في كركوك كيف نتعرف عليه ؟

    - طبعا.... هذا الشيء لا يمكن أن أعبر عنه إلا شعريا في قصيدة ولكن سأحاول (يضحك).

    * بعد مرحلة كركوك تأتي تجربة بغداد كيف كانت تلك التجربة ؟

    - كانت بغداد بالنسبة الي الخروج من الأحلام والسقوط في حلم آخر كبير. فبغداد هي الحلم وكنا نحلم نحن شعراء المدن النائية كمدينة كركوك بتلك الروضة المليئة بالنيون والمليئة بالملذات كما كنا نتخيلها نحن القرويون تقريبا، ذلك لأن الكركوكي بالنسبة للبغدادي في الفترة التي أتحدث عنها وهي فترة الستينات كان نوعا من القروي، وهو يمثل التفكير الريفي بالنسبة للتفكير المديني الذي كان يجسده رجل العاصمة حيث الحانات وحيث الانفتاح من الناحية الاجتماعية في الجنس والنساء والحب. فبغداد أكثر تحررا من مدينة مغلقة اجتماعيا مثل مدينة كركوك، كبقية المدن الأخرى الصغيرة حيث الحب مثلا كان شيئا سريا وخفيا ومازال حتى الآن. وكنا نحلم ببغداد وكأننا إذا وصلنا سنكون قد وصلنا الى واحة كبيرة بالحياة.

    * في بغداد وجدت نفسك مع جيل شعري جديد كان يفكر بكتابة جديدة تتجاوز ما أنتجه جيل الرواد الشعري في العراق.

    - في تلك الفترة كانت بغداد مليئة بالشعراء وكان جيل الستينات الذي جاء من جميع أطراف العراق ربما كان مدفوعا بنفس الحلم ومتبعا نفس الخطي مكنا. وجد ذلك الجيل نفسه في المقاهي حيث النقاش السياسي والثقافي دائر ليل نهار، وكنت تجد نفسك في معركة سحرية جميلة يشارك فيها العشرات من الشباب وكانوا هم من أدرك إن الثقافة ليست مجرد لعبة ايديولوجية كما كانت مثلا عند الرواد، وانما هي حلم أكبر من ذلك وأكبر من أن تتداول مفاهيم معينة كالثورة والثقافة والشعر، لأن العالم كان كله يلتهب ويفلي بالنسبة لهؤلاء الشباب ويجعلهم يحسون أن طاقتهم جديدة تماما وينبغي أن تكون ثورية ومختلفة بشكل آخر بالنسبة عما سبقهم. ونتيجة لذلك الاحساس وليس التفكير الذي كان يشكل حساسية معينة كان هو الذي ميز شعراء الستينات عن الشعراء الذين سبقوهم وجعل شعرهم وكتاباتهم روضتهم الى عالم أكثر حداثة وانفتاحا.

    * في تلك الفترة ظهرت مستويات مختلفة من الكتابة التي تدرج ضمن مفهوم الحداثة.

    - الحداثة هي مفهوم غامض وصعب التفسير ويعتمد على موقف الشاعر الشخصي من الثقافة والعالم بشكل عام. أي إن الثقافة تجربة تقف وراء الشاعر والتي تقرر مدى فهم هذا الشاعر أو ذاك وعلى أي مستوى من ما نسميه بالحداثة. وكانت حداثة الرواد تشكيلا جديدا للتفكير الرومانسي الذي هو ثوري أصلا. وكانت متأثرة بتقنيات شعراء الحداثة في أوروبا كإليوت وستويل وعزرا باوند وأودن الذين خلقوا الحداثة الأوروبية ز العشرينات والثلاثينات من هذا القرن، في حين أن الشعراء الذين جاؤوا بعدهم - شعراء الستينات - كانوا يقرأ ون لأجيال أخرى جاءت ما بعد إليوت وباوند وأردن كشعراء البيكنس مكر ألن غينيسبرغ وجاك كيرواك وغيرهم من شعراء الحداثة الثانية في أوروبا وأمريكا. فالتأثيرات التي فعلت فعلها في شعراء الستينات لم يعرف عنها شعراء الريادة الأولى أي شي ء، لأن ثقافتهم توقفت عند حدود الحداثة البدائية الأولى، حداثة إليوت وعزرا باوند.

    * هذا يعني حدوث قطيعة مع جيل الرواد؟

    - إن جيل الستينات كان جيل القطيعة لأنه تبنى أولا قصيدة النثر، وان قصيدة النثر هي ثورة حقيقية ورفض كامل لأسس معينة استند اليها ويحتمي بها الشعر العربي الكلاسيكي والتي تفرع منها شعر الرواد. فشعر الرواد كسر العمود الشعري وهذا لا يعني أبدا أن الشعر قد تحرر، لأن القيود مازالت كما كانت عند شعراء مكركيتس وووردزروث. فالسياب مثلا كتب بنفس النمط الذي كان يكتب فيه كيتس، فهو أحدث الشعراء على الاطلاق وأعتبره أهم شاعر عربي وقد كتب حسب أنماط موجودة في الشعر الانجليزي وكانت ثقافته انجليزية بحتة واتبع نفس التقنيات والقوانين التي كانت عند شعراء الرومانسية الانجليزية ولم يتبع تقنيات شعر إليوت وعزرا باوند. فهو قد تأثر بإليوت فكريا وتقنيا ولكن ليس بشكل الكتابة الشعرية. وعلي أن اعترف إن المسألة معقدة فإليوت وشعراء الحداثة الأوروبية جاؤوا لكي يثوروا على شعر الرومانسية عند بايرون وكيتس وشيلي وووردزروث وعلى غيرهم من شعراء الرومانسية، وشعراء الرومانسية هؤلاء قد تمكرا في شاعر سبق إليوت وباوند هو توماس هاردي الذي جاء واعتبر في الشعر الانجليزي أكبر وريث حديث للرومانسية، الذي نقاها وشكلها في قوالب أخرى. أما شعراء العراق الذين سميناهم بالرواد فقد جاؤوا ليكتبوا قصيدة كما كتبها هاردي وليس كما يكتبها إليوت أو باوند وأردن وغيرهم من الشعراء الذين جاؤوا وثاروا على هاردي وريث الرومانسية.

    * هل يصح مثل هذا الحديث على الجيل الثاني من الرواد مثل سعدي يوسف ؟

    - هذا جيل أخر يضم كلا من سعدي يوسف ومحمود البريكان ورشدي العامل وشعراء أخرين وقعوا تاريخيا بين الرواد وبين الستينيين ونطلق عليهم شعراء الخمسينات. فسعدي يوسف مثلا هو شاعر ذكي وواع، وكان في بداياته مدركا بشكل جيد لهذه المسائل. والغريب أنه قد قام بوثبات مذهلة بتقنياته في شعره الباكر، لكن سعدي يوسف مازال يحمل ذلك النفس الرومانتيكي الحديث لأن شخصيته الشعرية لازالت تتراوح بين قطبين، قطب الحداثة المطلقة وقطب الحداثة المقيدة. وف هذا المجال خلق سعدي أنماطا جديدة في الشعر موسومة بطابعه الشخص، لأنك تستطيع أن تتعرف على قصيدة سعدي أينما وجدتها وهو شاعر كبير ولم يخلق قطيعة مع الرواد قطيعة كاملة وانه بحكم عمره وموقعه التاريخي كان مجددا حقيقيا.

    إننا عندما نتحدث عن التجديد المطلق الكامل أو عن القصيدة التي تذهب الى نهاية القطيعة ينبغي أن نتحدث عن قصيدة النثر إذا أردنا أن نفهم أين مستقبل الشعر العربي. ونحن حين نقول قصيدة النثر فهذا تعبير خاطيء لأن قصيدة النثر في الشعر الأوروبي هي شيء آخر. وفي الشعر العربي عندما نقول قصيدة النثر نتحدث عن قصيدة مقطعة وهي مجرد تسمية خاطئة، وأنا أسمي هذا الشعر الذي أكتبه بالشعر الحر كما كان يكتبا إليوت وأودن وكما يكتبه شعراء كثيرون في العالم الآن. واذا كنت تسميها قصيدة النثر فأنت تبدي جهلك لأن قصيدة النثر هي التي كان يكتبها بودلير ورامبو ومالارميه وتعرف بـ (prose poem) أي قصيدة غير مقطعة. وأصبحت هذه المسألة معروفة الآن. واعتقد أن النقاد العرب، يصرون على هذه التسميات كي يشككوا في قيمة قصيدة النثر لذا نحن نحتاج الى نقاد مستقبليين يتحررون من هذه العقدة أي عقدة الخوف وان يفهموا بعد دراسة حقيقية للشعر العالمي ماهية قصيدة الشعر الحر. ونأمل أن يأتي جيل جديد من النقاد يتميز بهذا الفهم، بهذا الانفتاح دون خوف وعقد. ويبدو أن الكثير من كتبوا عن قصيدة النثر كتبوا عنها بشكل عدائي، وهناك فهم خاص في أن قصيدة النثر هي قطيعة نهائية وهذا صحيح وهذه القطيعة هي ضد الشعر وهذا أمر غير صحيح.

    * في الوطن العربي ظهر جيل بعد تجربة الرواد مثل جيل أدونيس ومحمود درويش وصلاح عبد الصبور وآخرين هل أضاف هذا الجيل الى تجربة الشعر العربي الحديث ؟

    - طبعا دون شك....

    * أنت تتحدث عن قطيعة عن قصيدة التفعيلة لكن الاتهام الذي يوجه الى جيلكم هو التأثر الكبير بتجربة أدونيس الذي لم يتحرر من قصيدة التفعيلة.

    - بالطبع إن جزءا من شعراء ذلك الجيل كانوا شعراء ايديولوجيين الذين وجدوا عند أدونيس ضالتهم المنشودة. وان شعراء الايديولوجيا في الستينات والسبعينات في الشعر العربي هم من تأثر بأدونيس لأنه شاعر ايديولوجي وانا لا أقصد بذلك طعنا بأدونيس وانما أقصد أن ثمة جانبا كبيرا من التفكير الايديولوجي يسير شعر أدونيس.

    * هل شكت تجربة أدونيس إضافة الى الشعر العربي الحديث ؟

    - دون شك إن أدونيس شكل إضافة وهو شاعر عظيم وأنا لا أحب أي واحد أن يطعن بأدونيس وهو شاعر لا يحتاج الى شهادات ولا يحتاج الى إثبات أي شيء لأن نتاجه يقف هناك شامخا.

    * من خلال تجربتك الخاصة كيف تنظر الى أدونيس؟

    - أنا من خلال تجربتي أختلف شخصيا ونهائيا عن تجربة أدونيس وأعرف شعر أدونيس واين يتجه واحترم ذلك الاتجاه، لكن مفهومي الحقيقي للشعر هو: إن كل شاعر ينبغي أن يبني عالما كاملا لأن كل شاعر مختلف في تقاسيمه وايقاعاته وفي تجربته التي يجترع منها تلك الايقاعات وتلك التقاسيم وأنا لا أعتقد أن أي شاعر يخرج هكذا ويقلد شاعرا ما، هذا الأمر ليسر له أي معنى.

    * في الستينات كتبتم كثيرا ويبدو انكم مارستم نوعا من الاستعجال في الكتابة ومن خلال الاعمال التي نشرها أبرز ممثلي جيلكم هناك نوع من التخلي عن الكتابات التي يبدو عليها الحماس والاستعجال وأنت واحد منهم حيث نشرت كثيرا في مجلة شعر ومواقف ولم نجد الكثير من تلك النصوص في المجموعات الثلاث التي نشرتها من شعرك.

    - هذا صحيح وعل أن أتحدث عن تجربتي الشخصية واستطيع أن أحكم عن شعراء آخرين وربما قد تكون لي أراء معينة في هذا المجال وأنا لم أتبع الطرق المعتادة التي يتبعها الشعراء الآخرون لأن حياتي كانت مضطربة بشكل مهول وأنا لم أعش الحياة الجيدة اللطيفة الثابتة التي عاشها أغلب الشعراء بعد التخرج من الجامعات واصدار مجموعات شعرية منظمة والتعامل مع الناشرين.فأنا عشت الشعر وفي رأيي إن الشاعر المبدع هو أن يعيش ذلك الشعر الذي يريد أن يكتبه. فالشاعر بالنسبة لي هو متناحر مع تجربته الحياتية حقا، وتجد الكثير من القصائد إن لم يكن تسعون بالمئة منها لا تعتمد على تجارب حياتية حقيقية رغم أن هذا ليس شرطا ولا يهم القارىء في النهاية. غير اني أجد أن الشعر بالنسبة الي حاجة عظيمة ومخيفة وسحرا أحتاجه لذلك فإن الشعر لا يعني أي شيء عندما يكون مجرد نتاج وملء صفحتي كتاب لذلك لدى ثلاثة كتب فقط، ولدي قصائد منشورة هنا وهناك وفي مجلة أدونيس "مواقف" لدي قصائد منشورة من الممكن أن تكون أكثر من كتاب ولكني لم أجمعها على الاطلاق ولا تلك القصائد التي نشرتها في مجلة شعر والتي تتجاوز الخمسين قصيدة. فأنا لست شاعرا نظاميا، أنا شاعر من نوع آخر.

    * في المجموعة الأولى "الوصول الى مدينة أين " يحمى القاريء أن القصائد منتقدة من فترات معينة وليس ثمة تاريخ للقصائد فهل كنت متعمدا في هذا الاختيار؟

    - إن قصائد "الوصول الى مدينة أين " هي قصائد متفجرة وهي قصائد الحيرة بدءا من العنوان وإذا فتحت الكتاب وقرأت الكلمة الأولى وهي «وصلت» وقرأت الكلمة الأخيرة في الكتاب "ذهبت " تجد في الكتاب أن فكرة الوصول الى مدينة أين محتجزة بين هاتين الكلمتين. ففي البداية تصل ولكنك في النهاية تذهب ولم تصل الى أي مكان لأن ليس هناك أي مكان والمسألة هذه تلتقي مع قول القديس أوغسطين أنه "ليس هناك مكان نحاول أن نذهب ونجيء اليه ولكن ليس ثمة مكان " التي كانت حاضرة في مجموعة الوصول الى مدينة أين.
                  

العنوان الكاتب Date
حوار مع الشاعر سركون بولص هدهد09-12-03, 12:18 PM
  Re: حوار مع الشاعر سركون بولص هدهد09-12-03, 12:21 PM
    Re: حوار مع الشاعر سركون بولص هدهد09-13-03, 01:18 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de