نقد الكتاب الاسود

العـــقل مهووس والكتاب الاسود:

عقل مؤلفي الكتاب الأسود والذي شكلته مناهج تفكير غير واقعية للعالم مــــــــن حــــــوله تتولد لديه علاقة مباشرة بنظرية المؤامرة لا شك في أن البحث عن مؤامرة خفية وراء الأحداث وتصديق هذه المؤامرة يحملان على الإحساس المريح بامتلاك "ذكاء خاص" كما أنهما يرفعان عن الكاهل الإحساس الشديد بالمسؤولية عن الحدث (ولو جزئيا) وإزاحة هذه المسؤولية وتحميلها لـ"الآخر". نظرية المؤامرة التي يعتنقها العدا ليون الجدد بكل قوة - إلى جانب أنها غير موضوعية - هي معطلة لفهم الحقائق على الأرض فهناك أسباب اقتصادية وسياسية وثقافية
]وذكر الكاتب تركي الحمد في شرحه لظاهرة الهوس:
الهُجاس قد يترجمه البعض بالوسواس او الاستحواذ، هو ببساطة استحواذ فكرة معينة، او صورة معينة على عقل الفرد، بحيث لا يرى شيئا غيرها، ولا يرى اي شيء الا من خلالها. والهجاس والهوس يؤديان الى التعصب والتطرف، والسلوك التعصبي المتطرف بمختلف اشكاله. فما التعصب في النهاية الا استحواذ فكرة معينة، لا فكرة غيرها على الذهن، وبالتالي تحديد السلوك على اساسها وفي اطارها. فالمتعصب والمتطرف هو بالضرورة شخصية هجاسية الى هذا الحد او ذاك، وهوسي السلوك الى هذا الدرجة او تلك. والشخصية الهجاسية، ، هي شخصية خائفة، بالرغم من مظاهر القوة والثقة بالنفس التي تبديها، والتي ما هي في حقيقتها الا مجرد قناع تخفي فيه خوفها من كل شيء وأي شيء[

المسئولية الأخلاقية والكتاب الأسود:

أين كان كتاب الكتاب الأسود عندما كان يقوم نظام الجبهة بسجن شرفاء مثل منير شيخ الدين من أبناء جبال النوبة والذي
كتب كتاب ووثق فيها تحريته المريرة في سجون الجيهه الإسلامية بمنطقة الدلنج شمال جبال النوبة الكتاب بعنوان (الغائصون في دماء أمة- خبرة ومشاهدات في سجون الجبهة الإسلامية)؟

والذي تم اعتقاله منذ 22/يوليو/1989 إلي 22/يونيو/1991 بتهم ملفقة أتضح أنها كلها كاذبة يسرد فيها منير كيف أجبر الشهود علي الإدلاء باعترافات مزورة ضده تحت التهديد والوعيد، ويسجل منير في هذه الملحمة مشاهد القتل الجماعي وحرق القرى والتعذيب وأسماء المجرمين في جهاز الأمن والاستخبارات العسكرية والجيش السوداني.

أين كان كتاب الكتاب من السياسة العنصرية الوحشية التي مارسها النظام في منطقة جبال النوبة، والتي أصدر فيها علماء السوء فتوى بقتال الخوارج. ونتيجتها راح أكثر من 12 الف شخص من المواطنين الأبرياء الذين قتلتهم أجهزة الأمن والجيش، وكذلك هناك آلاف ضحايا التعذيب الذين أصيب البعض منهم بعاهات مستديمة وأمراض نفسية وجسما نية.؟

فقد كان حريا بمناصري المشروع الحضاري التائبين أن يكتبوا لنا سفر و كتب سوداء أخري، عن بيوت الأشباح والتعذيب عن المجازر التي تمت باسم الإسلام في جبال النوبة وجنوب السودان ودار فور وشرق السودان عن سرقة السلطة من الشعب السوداني عن القمع والبطش والإرهاب لجماهير الشعب السوداني عن الفساد والغني والثراء الطفيلي.

كان حريا بباحثي العدالة الجدد أن يعتذروا لهذا الشعب المغلوب علي أمره والذي أبتلي بأبناء من أمثالهم، كان حريا بطلاب الحرية الجدد أن يطلبوا منه العفو و المغفرة و السماح.

بدلا عن ذلك أصدروا كتاب بدون ذكر اسم المؤلف أو المؤلفين القصد منه إثارة مشاعر الحقد وزرع الكراهية بين أبناء وطن واحد كهدية أخيرة لنا والقصد منه علي وعلي أعدائي.
فهيهات

وحتى نكون منصفين أن استغلال الاثنية والقبلية يتم أيضا من جانب هذه الحكومة بشكل لم يسبق له مثيل وأن مؤلفي الكتاب الاسود وأهل الانقاذ ماهم إلا وجه لعملة واحدة تخرجت من مدرسة فكرية واحدة تريد بث سموم القبلية والعنصرية بعد فشل المشروع الحضاري

وأخيرا لم يكتشف أهل الكتاب الأسود سرا لم نكن نعرفه أو أتو بجديد لا يدريه أحد فالجميع يدري أن هنالك خلل مريع في التركيبة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في السودان، وكل الحادبين علي مصلحة السودان من القوي الديمقراطية والذين ينشدون أن يظل هذا الوطن واحد يعيش فيه الجميع في سلام، قد وعوا هذا الدرس التاريخي لذلك يسعون بشكل جاد لتخليص السودان من هذا الخلل الذي تسبب في خلق أزمات سياسية متلاحقة منذ الاستقلال، فهذا التغير لا يتم إلا بالنقاش الموضوعي وتبني دراسات علمية منهجية وأفق سياسي جديد ينشد بناء سودان جديد تنتظمه أسس العدالة واحترام الإنسان لأخيه الإنسان.