|
|
 !!!!!!!!!!!!!للنقاش !!دخلت الي الحزب الشيوعي قفزا بالزانة
|
الحاج وراق يواصل نشر مذكراته
دخلت الي الحزب الشيوعي قفزا بالزانة
جعلت من لحمي حبلا وخرجت به من الحزب!!
الحلقة الثانية
كنت قد توقفت في الحلقة السابقة عند اسباب تصعيدي الي السكرتارية المركزية للحزب الشيوعي وقضيت فيها تسعة وعشرون شهرا ، وتعد هذه السكرتارية هي اعلي هيئة قيادية في الحزب ودعوني اورد هنا ان مما جذبني الي الحزب الشعار السياسي المرتكز حينها علي النضال ضد نظام مايو بدكتاتوريته وكذا الدعوة الاساسية للعدالة الاجتماعية والتي اعتقد ان جوهرها صحيح لكن السبل والنهج التي سلكها الحزب الشيوعي ليست صحيحة ... وقد ارتبطت شديدا بهم العدالة الاجتماعية من واقع تجربتي الشخصية احساسا مستمرا بضرورة التضامن الاجتماعي والحوجة لمكافحة حالات الفقر . ولازلت اذكر انني لما كنت في السنة الرابعة ابتدائي انفصل ابي عن امي بالطلاق وكفلنا خالنا وكنا عائلة ممتدة حوش كبير ولم يميز خالنا بيننا وبين ابنائه ان في المأكل والمشرب او الملبس وفي كل شىء ومنذئذ وهي مرحلة باكرة احسست بمعاني التكافل الاجتماعي وبرغم ان الظروف الحياتية ما كانت متيسرة ... وعلي صعيد آخر فان واقعة طلاق امي وعواقبها عايشتها واحسست ان امي ظلمت وتكونت في دواخلي حساسية ضد الظلم وبالتحديد ظلم المرأة . وكانت اكبرنا بنت تم قبولها في جامعة الخرطوم لكنها رفضت دخول الجامعة لمواصلة الدراسة وعملت معلمة لتعاون في تربيتنا وصار لها دور حاسم في تربيتنا وتنشئنا وقد وجدت مواقف تتسق مع احاسيسي في مناهضة الظلم في الماركسية وكانت هي الاقرب الي من اي تصورات سلفية عن المرأة .. لقد تربينا في اسرة محافظة لابد من المواظبة علي الصلوات ، لعب الكوتشينة والذهاب الي السينما حرام الذهاب الي البحر ممنوع والتربية في الاسر الممتدة والتقليدية اصلا ترتكز علي الموانع والمخاوف . وفي ظل تلك الاجواء صرنا نقتنص التحرر والحداثة وبتلك النفسية التي كنا نعيشها سارعت في اعتقادنا الماركسية وساهم الاطلاع الفكري في تسريع اقتناعنا .
مراهقتي كانت مختلفة :
قبل دخول الجامعة تعهدني الاستاذ محمد صالح وكان معلما في مدرسة رفاعة الثانوية . وكان يتميز بصبر مشهود به بل هو صبر خرافي في الاطلاع والمعرفة وعلي بذل الجهد اي كان شكله وعنته وقد صادف ذلك ميلي الشديد نحو العزلة جراء فقداني والدي واحساسي بالغربة وصارت عزوتي القراءة والاطلاع في ظل تلك العزلة المفروضة وكنت بدأت في قراءة الالغاز منذ فترة الابتدائى وكانت منتشرة في ذلك الوقت ثم ملت الي قراءة الروايات ثم قرأت لمصطفي محمود ومحمد صالح عشراوي ... وقد تعهدني الاستاذ محمد صالح في رعايتي فكريا وعودني علي اشياء كان يعطيني كتاب ويطلب مني تلخيصه في زمن ضيق جدا ولحسن حظي فقد استفدت استفادة قصوي من الوقت اذ كان رفاق الصبا والشباب وفترة ، المراهقة يتلهون ويقضون الوقت في اشياء لا تفيد كنت اواظب علي القراءة وقد جعل تعهد استاذي محمد صالح لي اهتماماتي عميقة بالقراءة والكتب بغض النظر عن اتجاهها وتيارها ولقد كان استاذ احياء ومهتم جدا بالعلوم ومتصوفا حتي المشاش واعتقد انه له الاثر الابلغ في توازني وهذا هو المطلوب والتحدي الذي يواجهنا الآن كمسلمين .
امتحنت امتحانات الانتقال من الثانوي العام الي الثانوي العالي واحرزت المرتبة السابعة علي مستوي ولاية الجزيرة ، وفي ذلك الوقت كان يقوم اتحاد شباب السودان بتنظيم كان تابعا للاتحاد الاشتراكي وجعفر نميري . ونظم اتحاد الشباب دعوة للمائة الاوائل في الجزيرة . وادخلنا معسكرا مغلقا في مدني وكان يشرف عليه عدد من الاشخاص كان ابرزهم عباس ابراهيم النور الذي كان قومي عربي وسكرتيرا لاتحاد شباب السودان ومعه عبد المنعم الدمياطي وكان ايضا قومي عربي ولاحقا التحقا بالجبهة القومية الاسلامية والانقاذ ، هؤلاء الاثنين قدموا لنا ميثاق العمل الوطني لمايو وكانت هذه اول مرة اتعرف فيها علي الفكر الاشتراكي وطالبونا بعد الانتهاء من المعسكر بتكوين شعب الطلاب في المدارس الثانوية وفعلا كوناها عندما دخلنا اولي ثانوي حتي السنة الثانية واثناءها قابلت رجلا مهما ناقشني فيما نقوم به وسرد لي ارتباط ما نقوم به بنظام مايو واورد مظالما يعيشها الناس ، كان شيوعيا .. لم تكن مناقشاته حادة وتأثرت به وقررت ان ذات البناء الذي بنيناه يجب ان نكسره وفعلا صرت اناقش واقصد كل شخص الحقته بشعبة اتحاد شباب السودان ان يخرج منها ووجهت بمقاومة باعتباري - اريد ان اخرب من الداخل وكثيرين ممن لم يخرج اثناء الثانوي من ذلك التنظيم عندما دخلوا الجامعة انضموا الي الجبهة الديمقراطية .
تنازع بين تديني والشيوعية
عند دخولي الجامعة كنت مهيأ ان اكون منضويا تحت الحزب الجمهوري وقابلت زعيمه الاستاذ محمود محمد طه وكان الفكر الجمهوري لي جاذب لكن موقف الحزب من نظام مايو ابعدني من ذلك الفكر اذ ان موقفي من مايو كان قاطعا ونهائىا .. وانا مازلت في اولي جامعة وفي اول يوم من شهر سبتمبر عام 1979م كنت شاهدا لتظاهرة طلابية واثار انتباهي الموقف الذي اوردته في الحلقة الماضية وصمود تلك الطالبة آمال جبر الله امام العتاد وقوة الشرطة والامن وسألت من يكونون هؤلاء الذين وراء التظاهرة فاجابوني انهم ناس الجبهة الديمقراطية .
وسألت ومن تكون الجبهة الديمقراطية فقالوا انهم الشيوعيون وقد استغربت هل الشيوعيين كثيرون الي هذا الحد ؟!
احسست بحالة تناقض فقد كنت ميقنا ان الاشتراكية صحيحة وكنت متدينا وبالنسبة لي في ذهني ان الشيوعية ليست اشتراكية ففيها الحاد وانا من بيئة محافظة وكانت الاشياء تتصارع داخلي واثناء دراستي في اولي جامعة احتك بنا ابوبكر الامين وكان في خامسة علوم سياسية - صحفي حاليا - والغريب انه لعب دورا في خروجي من الحزب الشيوعي ويعيش هو الآن موقفا رماديا من الحزب ... التقيته عابرا فقال لي بيت شعر «اجعل من لحمك حبلا تصعد به» وفعلا جعلت من لحمي حبل وصعدت به وخرجت وكنا نتداول اراء ناقدة ، كان ابوبكر اعطاني كتاب «النظرية المادية للمعرفة لروجيه جارودي وهو كتاب ليس سهل وكانت فكرته هي الاستفادة من كل مكتسبات العلوم الحديثة بتأسيسي للالحاد بالاضافة الي المادية التاريخية والمادية الديالكتيكية الي آخر الكتابات وكانت تجري مناقشة يومية بيني وابوبكر ويحضر يوميا ركن النقاش الذي كان يقوم عليه احمد مصطفي دالي متحدثا باسم الجمهوريين في جامعة الخرطوم وكنت وقتها متنازعا بين هؤلاء (الجبهة الديمقراطية) موقفهم من مايو صحيح بالنسبة لي واولئك (بالجمهوريون) اقرب الي في الاجابة علي ما يجول في ذهني من اسئلة عن كيفية المؤامة بين ان تكون معاصرا وفي ذات الوقت متدينا ... الجمهوريون كانوا يقولون انهم مع الديمقراطية ومع الاشتراكية ومع الدين برغم حصول مشاكل في تصورهم ازاء الديمقراطية والدين ... لقد ظللت محتارا بين المنطقتين الي ان التحقت للجبهة الديمقراطية في يناير 1982م .
كيف التحقت للكادر السري :
وكانت كيفية الالتحاق تتم بان تتقدم بطلب للانضواء للجبهة الديمقراطية وتختبر داخلها وتأخذ زمنا ثم بعده تناقش كثيرا ثم تقدم طلبا للحزب الشيوعي غير انني كنت استثناء ففي ذات اليوم الذي قدمت فيه طلب الانضواء للجبهة الديمقراطية طلب مني ان تقدم بطلب آخر للحزب الشيوعي وتمت مناقشته مباشرة ، وتزكية انضمامي وكان ذلك عقب تخرج نقد وتمت دعوتي الي اجتماع حددوا لي زمانه ومكانه وكان الجو ملبدا بسرية فائقة وحتي اليوم اتذكر اجواء ذلك الاجتماع الاول . تملكني احساسي باني في عالم غامض ... طقوس غريبة تحس انك في عالم فيه الحلم والاغواء في تلك الاجواء الغريبة طلبوا مني ان اختار اسما حركيا اخترت اسم (المهدي) قالوا لي سيكون هذا اسمك الحركي في الجبهة الديمقراطية ويكون اسمك في الحزب الشيوعي اسم آخر واخترت (أبوذر) وظلا اسمين ملازمين لي الي ان خرجت من الحزب وكان لاختياري الاسمين المهدي وهو رمز سوداني وطني ومرتبط بالظاهرة الدينية وابوذر مرتبط كذلك بالدين .
=============================
وللفائدة الرجاء نشر الحلقة الأولى
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
nadus2000
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست