|
|
 !!!!!!!!!!!!!للنقاش !!دخلت الي الحزب الشيوعي قفزا بالزانة
|
الحاج وراق يواصل نشر مذكراته
دخلت الي الحزب الشيوعي قفزا بالزانة
جعلت من لحمي حبلا وخرجت به من الحزب!!
الحلقة الثانية
كنت قد توقفت في الحلقة السابقة عند اسباب تصعيدي الي السكرتارية المركزية للحزب الشيوعي وقضيت فيها تسعة وعشرون شهرا ، وتعد هذه السكرتارية هي اعلي هيئة قيادية في الحزب ودعوني اورد هنا ان مما جذبني الي الحزب الشعار السياسي المرتكز حينها علي النضال ضد نظام مايو بدكتاتوريته وكذا الدعوة الاساسية للعدالة الاجتماعية والتي اعتقد ان جوهرها صحيح لكن السبل والنهج التي سلكها الحزب الشيوعي ليست صحيحة ... وقد ارتبطت شديدا بهم العدالة الاجتماعية من واقع تجربتي الشخصية احساسا مستمرا بضرورة التضامن الاجتماعي والحوجة لمكافحة حالات الفقر . ولازلت اذكر انني لما كنت في السنة الرابعة ابتدائي انفصل ابي عن امي بالطلاق وكفلنا خالنا وكنا عائلة ممتدة حوش كبير ولم يميز خالنا بيننا وبين ابنائه ان في المأكل والمشرب او الملبس وفي كل شىء ومنذئذ وهي مرحلة باكرة احسست بمعاني التكافل الاجتماعي وبرغم ان الظروف الحياتية ما كانت متيسرة ... وعلي صعيد آخر فان واقعة طلاق امي وعواقبها عايشتها واحسست ان امي ظلمت وتكونت في دواخلي حساسية ضد الظلم وبالتحديد ظلم المرأة . وكانت اكبرنا بنت تم قبولها في جامعة الخرطوم لكنها رفضت دخول الجامعة لمواصلة الدراسة وعملت معلمة لتعاون في تربيتنا وصار لها دور حاسم في تربيتنا وتنشئنا وقد وجدت مواقف تتسق مع احاسيسي في مناهضة الظلم في الماركسية وكانت هي الاقرب الي من اي تصورات سلفية عن المرأة .. لقد تربينا في اسرة محافظة لابد من المواظبة علي الصلوات ، لعب الكوتشينة والذهاب الي السينما حرام الذهاب الي البحر ممنوع والتربية في الاسر الممتدة والتقليدية اصلا ترتكز علي الموانع والمخاوف . وفي ظل تلك الاجواء صرنا نقتنص التحرر والحداثة وبتلك النفسية التي كنا نعيشها سارعت في اعتقادنا الماركسية وساهم الاطلاع الفكري في تسريع اقتناعنا .
مراهقتي كانت مختلفة :
قبل دخول الجامعة تعهدني الاستاذ محمد صالح وكان معلما في مدرسة رفاعة الثانوية . وكان يتميز بصبر مشهود به بل هو صبر خرافي في الاطلاع والمعرفة وعلي بذل الجهد اي كان شكله وعنته وقد صادف ذلك ميلي الشديد نحو العزلة جراء فقداني والدي واحساسي بالغربة وصارت عزوتي القراءة والاطلاع في ظل تلك العزلة المفروضة وكنت بدأت في قراءة الالغاز منذ فترة الابتدائى وكانت منتشرة في ذلك الوقت ثم ملت الي قراءة الروايات ثم قرأت لمصطفي محمود ومحمد صالح عشراوي ... وقد تعهدني الاستاذ محمد صالح في رعايتي فكريا وعودني علي اشياء كان يعطيني كتاب ويطلب مني تلخيصه في زمن ضيق جدا ولحسن حظي فقد استفدت استفادة قصوي من الوقت اذ كان رفاق الصبا والشباب وفترة ، المراهقة يتلهون ويقضون الوقت في اشياء لا تفيد كنت اواظب علي القراءة وقد جعل تعهد استاذي محمد صالح لي اهتماماتي عميقة بالقراءة والكتب بغض النظر عن اتجاهها وتيارها ولقد كان استاذ احياء ومهتم جدا بالعلوم ومتصوفا حتي المشاش واعتقد انه له الاثر الابلغ في توازني وهذا هو المطلوب والتحدي الذي يواجهنا الآن كمسلمين .
امتحنت امتحانات الانتقال من الثانوي العام الي الثانوي العالي واحرزت المرتبة السابعة علي مستوي ولاية الجزيرة ، وفي ذلك الوقت كان يقوم اتحاد شباب السودان بتنظيم كان تابعا للاتحاد الاشتراكي وجعفر نميري . ونظم اتحاد الشباب دعوة للمائة الاوائل في الجزيرة . وادخلنا معسكرا مغلقا في مدني وكان يشرف عليه عدد من الاشخاص كان ابرزهم عباس ابراهيم النور الذي كان قومي عربي وسكرتيرا لاتحاد شباب السودان ومعه عبد المنعم الدمياطي وكان ايضا قومي عربي ولاحقا التحقا بالجبهة القومية الاسلامية والانقاذ ، هؤلاء الاثنين قدموا لنا ميثاق العمل الوطني لمايو وكانت هذه اول مرة اتعرف فيها علي الفكر الاشتراكي وطالبونا بعد الانتهاء من المعسكر بتكوين شعب الطلاب في المدارس الثانوية وفعلا كوناها عندما دخلنا اولي ثانوي حتي السنة الثانية واثناءها قابلت رجلا مهما ناقشني فيما نقوم به وسرد لي ارتباط ما نقوم به بنظام مايو واورد مظالما يعيشها الناس ، كان شيوعيا .. لم تكن مناقشاته حادة وتأثرت به وقررت ان ذات البناء الذي بنيناه يجب ان نكسره وفعلا صرت اناقش واقصد كل شخص الحقته بشعبة اتحاد شباب السودان ان يخرج منها ووجهت بمقاومة باعتباري - اريد ان اخرب من الداخل وكثيرين ممن لم يخرج اثناء الثانوي من ذلك التنظيم عندما دخلوا الجامعة انضموا الي الجبهة الديمقراطية .
تنازع بين تديني والشيوعية
عند دخولي الجامعة كنت مهيأ ان اكون منضويا تحت الحزب الجمهوري وقابلت زعيمه الاستاذ محمود محمد طه وكان الفكر الجمهوري لي جاذب لكن موقف الحزب من نظام مايو ابعدني من ذلك الفكر اذ ان موقفي من مايو كان قاطعا ونهائىا .. وانا مازلت في اولي جامعة وفي اول يوم من شهر سبتمبر عام 1979م كنت شاهدا لتظاهرة طلابية واثار انتباهي الموقف الذي اوردته في الحلقة الماضية وصمود تلك الطالبة آمال جبر الله امام العتاد وقوة الشرطة والامن وسألت من يكونون هؤلاء الذين وراء التظاهرة فاجابوني انهم ناس الجبهة الديمقراطية .
وسألت ومن تكون الجبهة الديمقراطية فقالوا انهم الشيوعيون وقد استغربت هل الشيوعيين كثيرون الي هذا الحد ؟!
احسست بحالة تناقض فقد كنت ميقنا ان الاشتراكية صحيحة وكنت متدينا وبالنسبة لي في ذهني ان الشيوعية ليست اشتراكية ففيها الحاد وانا من بيئة محافظة وكانت الاشياء تتصارع داخلي واثناء دراستي في اولي جامعة احتك بنا ابوبكر الامين وكان في خامسة علوم سياسية - صحفي حاليا - والغريب انه لعب دورا في خروجي من الحزب الشيوعي ويعيش هو الآن موقفا رماديا من الحزب ... التقيته عابرا فقال لي بيت شعر «اجعل من لحمك حبلا تصعد به» وفعلا جعلت من لحمي حبل وصعدت به وخرجت وكنا نتداول اراء ناقدة ، كان ابوبكر اعطاني كتاب «النظرية المادية للمعرفة لروجيه جارودي وهو كتاب ليس سهل وكانت فكرته هي الاستفادة من كل مكتسبات العلوم الحديثة بتأسيسي للالحاد بالاضافة الي المادية التاريخية والمادية الديالكتيكية الي آخر الكتابات وكانت تجري مناقشة يومية بيني وابوبكر ويحضر يوميا ركن النقاش الذي كان يقوم عليه احمد مصطفي دالي متحدثا باسم الجمهوريين في جامعة الخرطوم وكنت وقتها متنازعا بين هؤلاء (الجبهة الديمقراطية) موقفهم من مايو صحيح بالنسبة لي واولئك (بالجمهوريون) اقرب الي في الاجابة علي ما يجول في ذهني من اسئلة عن كيفية المؤامة بين ان تكون معاصرا وفي ذات الوقت متدينا ... الجمهوريون كانوا يقولون انهم مع الديمقراطية ومع الاشتراكية ومع الدين برغم حصول مشاكل في تصورهم ازاء الديمقراطية والدين ... لقد ظللت محتارا بين المنطقتين الي ان التحقت للجبهة الديمقراطية في يناير 1982م .
كيف التحقت للكادر السري :
وكانت كيفية الالتحاق تتم بان تتقدم بطلب للانضواء للجبهة الديمقراطية وتختبر داخلها وتأخذ زمنا ثم بعده تناقش كثيرا ثم تقدم طلبا للحزب الشيوعي غير انني كنت استثناء ففي ذات اليوم الذي قدمت فيه طلب الانضواء للجبهة الديمقراطية طلب مني ان تقدم بطلب آخر للحزب الشيوعي وتمت مناقشته مباشرة ، وتزكية انضمامي وكان ذلك عقب تخرج نقد وتمت دعوتي الي اجتماع حددوا لي زمانه ومكانه وكان الجو ملبدا بسرية فائقة وحتي اليوم اتذكر اجواء ذلك الاجتماع الاول . تملكني احساسي باني في عالم غامض ... طقوس غريبة تحس انك في عالم فيه الحلم والاغواء في تلك الاجواء الغريبة طلبوا مني ان اختار اسما حركيا اخترت اسم (المهدي) قالوا لي سيكون هذا اسمك الحركي في الجبهة الديمقراطية ويكون اسمك في الحزب الشيوعي اسم آخر واخترت (أبوذر) وظلا اسمين ملازمين لي الي ان خرجت من الحزب وكان لاختياري الاسمين المهدي وهو رمز سوداني وطني ومرتبط بالظاهرة الدينية وابوذر مرتبط كذلك بالدين .
=============================
وللفائدة الرجاء نشر الحلقة الأولى
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: !!!!!!!!!!!!!للنقاش !!دخلت الي الحزب الشيوعي قفزا بالزانة (Re: nadus2000)
|
[B]الأخ نادوس بناء على طلبك أضبف هنا الحلقة الأولى من مذكرات الحاج وراق قصتى مع الحزب الشيوعى ولا إدرى لماذا تذكرت عند قرأتها مذكرات السيد أحمد سليمان عموماً لكى لا أستبق دعوتك للنقاش دعنا نقرا ماذا قال أبوذر
حفر في الذاكرة
الحاج وراق يروي قصته مع الحزب الشيوعي السوداني
* فى موسكو ما كنت أنام من كثرة التفكير والتأمل!
* رفضنا زيارة ضريح لينين فقامت قيامة الرفاق!!
التحاقي باليسار ارتبط بواقعه حدثت في شهر يناير 1982م اذ خرجت تظاهرة طلابية من جامعة الخرطوم مناهضة لزيادات سعر السكر ، وكنت حينها ادرس بالجامعة ويقلقني سؤال ملح مطروح لدي الاخوان الجمهورييون عن علاقة التدين بالمعاصرة وكيف يكون الانسان متديناً ومعاصراً· في تلك الفترة كان احد اصدقائي أبو بكر الأمين يدرس في السنة الخامسة بالكلية وكنت بالسنة الاولي طرح علي كتابين الاول لروجيه جارودي (النظرية المادية للمعرفة) وكتاب للينيين (الاقتصاد السياسي) قراءتهما وداومت في مكتبة كلية الاقتصاد علي القراءة في الماركسية وكانت لدي تحفظات ولم يكن بيني وبينها انسجام فلسفي الي ان حدثت تلك التظاهرة الطلابية وسُد شارع الجامعة عند صينية الاتحاد الاشتراكي قبالة مقر الحزب الحاكم ذاته وواجهت قوات الشرطة تلك التظاهرة بعنف وتشتت المتظاهرون وشاهدت وسمعت احدي الطالبات ترتدي ثوبا ابيضا وتنادي في المتظاهرين بالاترجعوا ولاتجروا وفي ذات الحين هي تتقدم صوب قوات الشرطة المدججة بالسلاح تلك الطالبة عرفت اسمها فيما بعد وهي آمال جبر الله وهي الآن طبيبة في بريطانيا ··· ذلك المشهد هزني وجعلني في منعطف مفارق وصرت متسائلا ما هو الذي ألهم تلك الفتاه هذاالتصميم والكفاحية الذي جعل هذه الطالبة لا ترتعب من قمع الشرطة ··· لابد من ان وراء هذا التصميم شىء واناس بمثل هذه المواقف جديرون بالوقوف معهم ···وحدث لي توحيد في اللاشعور بين صور هذه البنت الطالبة وبين الام والدتي في حياتي الشخصية الام المضحية في سبيل ابنائها وامي كافحت في تربيتنا وكابدت وعانت شظفا في العيش ، وصار في خاطري ووعي كأنما ذاك التنظيم المنضوية له تلك البنت يعبر لحد ما عن خصائص الام ···· الام التي خبرها وعايشها المرء في حياته ···كما اني عشت طفولتي في غربة والذي يعيش في غربة دائما ما يحاول تعويض احساسه هذا بالانتماء الي جماعة او تنظيم ··· وهذا مبعث الجذور النفسية للانتماء للمنظمات السياسية انضويت الي الحزب الشيوعي للحقيقة سياسيا وبعد دخولي اعيد تكويني الفلسفي وتحولت الي ماركسي تماما ···· كنت اصلي الي أن تقدمت بطلبي لسكرتارية الجبهة الديمقراطية للحزب الشيوعي في هذا الخصوص ·
استمررت ناشطا في خلايا الحزب الي ان حان التوجه نحو الاختفاء والاختباء في منتصف التسعينات وكانت فترة ثرة بالاطلاع والتأمل وسد الفراغات المعرفية والاجابة علي الاسئلة التي كانت مهمشة في الذهن وكانت عندي شواغل واسئلة فلسفية لا اجابات لها او اجاباتها ناقصة لذا ركزت في القراءات الفلسطفية في فترة الاختفاء والتي اكتشفت فيها انه ليس من مفكر عظيم - الا استثناءاً - اعتقد ان الكون غير منظم حتي كارل ماركس نفسه يعتقد وجود قوانين ديالكتيكية حاكمة للكون والمجتع والمعرفة وان كل الظواهر تنتقل من البسيط الي المعقد وتوجد قوانين ناظمة لها والكون في اعتقاد ماركس غير عشوائي · والا استثناء هؤلاء الي حد ما مثل راسل وسارتر ·
بعد رحلة تأمل كبير ولابعاد متعلقة بالجذور النفسية لي ولكون فترة الاحتفاء فترة حصر ومخاطر تقربت فيها للقوي المهيمنة او القوي الضابطة للكون ··· وحياة الاختفاء والعمل السري تقوم علي المخاطر وتدعك في حالة ضعف وتنتفي فيها دواعي الغطرسة والادعاء وماشابهها من تصرفات وسلوكيات ·
كنت محظوظا جدا ان سافرت الي الاتحاد السوفيتي عام 1988م فترة البروسترويكا حيث كانت المناقشات الحية والحادة وكان مبعث سفري مدرسة كادر حزبي غادرت الخرطوم في ديسمبر 1988م وفي الاتحاد السوفيتي وجدت نقاشا جاداً حول الماركسية والتجربة الاشتراكية وماهي مبررات ثورة 1917م ان كان تاريخيا او عمليا او اخلاقيا سافرنا ككل ماركسي لينيني شيوعي الي الاتحاد السوفيتي باعتباره نموذج التجربة الاشتراكية ·
وصراحة لفترات طويلة وانا في تلك البلاد ماكنت انام الي الصباح وكانت تعتصرني حسرة عميقة ولايام وليالي كنت ابكي واذرف الدمع وسط استفهامات تشنقني اهذا هو المجتمع والتجربة التي كنا نجهد فيها لشعبنا احسست بمرارة وقسوة واحباط ازاء الانهيار الذي حدث لذا صرت استطيع ببساطة اقدر واتصور الازمة التي يعانيها الاشخاص والمجموعات اذا ما انهارت وانكسرت احلام نماذجهم الحاكمة ·
فترة وجودي في تلك البلاد احتككت بعدد من المواقف صغيرة في مبناها ولكنها ذات طابع نوعي تكشف لك كامل التجربة · فقد تفاجأنا بأن جزء من الكورس وبرنامج اساسى لك وانت قادم للاتحاد السوفيتي ان تزور ضريح لينين ···رفضت ومعي زميل سوداني ان نذهب لضريح لينين فصدمنا بان هذا الرفض اثار ضجة كبري وصارت قضية عظمي في مدرسة الكادر ان اثنان رفضوا زيارة الضريح ·
وموقف آخر اننا وجدنا من الرائج ان تقود بابسط المغريات ان كانت قارورة عطر او زجاجة شمبانيا او بنطال جينز اي فتاة للدعارة وتساءلت باشمئزاز اهذا هو نموذج مجتمع وتجربة (70) عاما حط من كرامة الانسان بان يبيع روحه وجسده لقاء زجاجة شمبانيا ·
وموقف ثالث اكتشفت ان كتابات تروتسكي مخزونة في مكتبة العمل السري في ذات مدرسة الكادر ··· حتي تحصل علي تلك الكتابات تطرق شباك خاص تدخل بطاقتك فإن اذن لك بعد المراجعة بالدخول تجد عددا محدودا من الذين هم جزء من كورس كادر العمل السري يحق لهم استخدام تلك المكتبة فقد اكتشفت بذلك الموقف ان كتابات تروتسيكي مصنفة باعتبارها وثائق سرية ، وايضا مجلة "النيوزويك" الامريكية لا تقرأ الا في مكتبة العمل السري ·
وموقف رابع نقلنا لحضور انتخابات مجلس السوفيت الاعلي في مدينة لينينغراد ومعنا مترجم واحدي النساء الكبيرات سألتها لمن ادليت بصوتك ولك ان تتخيل مدي الزعر الذي اصابها جحظت بعينها من هول السؤال وعرفت انه في لينتغراد قرروا اسقاط عضوالمكتب السياسي الشيوعي لصالح شيوعي آخر ليس في المكتب السياسي وفي هذا تعبير عن رفض النظام لذا كان الخوف من ان يعلنوا انهم صوتوا للمرشح الشيوعي الآخر ·
وازيد ان احدي النساء الروسيات حكت لي في جلسة خاصة ان جدتها قالت لها الا تصدقوا البروسترويكا هي مجرد كذبة يقصد بها الشيوعيون معرفة الذين ضدهم حتي يذبحوهم في مذابح مثلما التي شهدتها في الثلاثينيات ، تطهير وذبح واعدامات فظيعة هذه المواقف وموافق آخري لم ولن اوردها اثرت في تأثيراً بالغاً وانتظمت في ذهني وتراكمت وانا ادرها فيه مع استنتاجات نظرية وصادف ان عاصرت مفكرا سوريا اسمه دكتور توفيق سلوم كان مستقرا في موسكو ومتزوجا من روسية · وكنا كثيرا نجلس سوياً وكان يعبر لي عن بالغ إستياءه عن مجريات الاحوال والانكسار الذي حصل وكان من درجة استيائه يستفرغ عملياً ···· مرة التقينا في منزله وشاهدنا احداث >تبلسي< في جورجيا تظاهرات سلمية طبيعية جداً تنادي بمنح الجورجيين حقوقهم القومية خرجت عليهم الدبابات وقصفتهم واستخدمت ضدهم الغازات الكيمائية وليس غازات تسييل الدموع سقط مئات بل آلاف الضحايا · توقف صديقي توفيق عن الحديث او التعليق وما انفك يستفرق ويتقيأ بكثرة حتي خشيت عليه من الهلاك ولحظتها ادركت فعلا وفهمت مقولة المفكر هيجل >جراح المعرفة لا تندمل الا بمزيد من المعرفة< ·
رجعت من الاتحاد السوفيتي وانا ادرك لماذا امثال الجنيد علي عمر وغيره عادوا بعد ان زاروا دولاً شمولية الي السودان وهم يعانون من اضطرابات نفسية برغم ان الاتحاد السوفيتي وقتها كان تجربة مقدسة ،القدح فيها او نقدها تصنفك بالهرطوقي او الزنديق ···· رجعت احمل اراءاً سالبة جداً تجاه التجربة ،·ومرات كثيرة جدا لم اجهر بارائى خوفا من الرأى العام الموجود في الحزب والمشاعر المكتوبة تجاه الاتحاد السوفيتي العظيم ·
ولما عدت عانيت من تناقض فظيع كلما سآلني شيوعي عن مشا هداتي ومعايشتي في الاتحاد السوفيتي · هل تصارحه برآيك وتقول له قولا تكسر به نموذجه وحلمه الذي يرتجيه كما انكسر عندك آم تحبس عنه الحقايق والمرارات ام تشبك في ذهنه الاستنتاجات وتدعه وشانه وكنت محظوظا ايضا اني لم ابلغ حد الاضطرابات النفسيه غير ان جراحات كبيره وعميقه وبعد مجيئنا كان مرجو منا ان نباشر عملنا الحزبي الذي لاجله كلفت من زميل كان يعاني من ذات معاناتي ومشاعري وطلب مني ان احاضر ندوة المدرسة اي لجنة الحزب الشيوعي في العاصمة القومية الخرطوم واذكر تماما اني حاضرت الندوة·
وتجرآت فيها علي قول ماكان الشيوعيون يهربون من طرحه··وقلت انه حان أن يكون في المجتمع الاشتراكي والدول الاشتراكية تعددية؟؟فكان ردهم آن الاشتراكية تعبر عن سلطة الطبقة العاملة وليس هنالك حوجه لفتح الباب لمزيد من الأحزاب الطبقية واحزاب إقتصاد الظل و الحرامية والسماسرة واللصوص ؟ وكان وقتها اي حديث عن تعددية في ظل الأشتراكية علي حد قول "لينين "هو خروج عن النص وتغريد خارج السرب · وطبيعي جداً عند إنهيار التجربة بياناً بالعمل وجدنا أنفسنا كحزبيين في موضع أسئلة أكثر إذ أنه كان لدينا أصلاً تشككات ومراجعات ونقد محتفظُ به من بعد تلك الندوة إنفرط عقد الحزب الي تياريين تيار نادي بالتجديد باشكاله المختلفة وبزوايا نظر مختلفة وتيارنادي بالترميم واصفاً الذي حدث في الإتحاد السوفيتي بالخطاءفي الممارسة وظل التياريين في صراع محتدم حتي إنحسم الامر بخروجنا من الحزب في ديسمبر1995م
من حظي أنني صُعدت الي قيادات الحزب في سن مبكرة جداً ومنذ فترة التكوين الاُلي للحزب الشيوعي لا أظن أن أشخاصاً في مثل سننا دخلوا قيادة الحزب ··وأذكر آني في رسالة الي الاستاذمحمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي قلت له إننا كنا نعتقد أن السكرتارية المركزية "قبه تحتها فكي" ولكننا دخلنا إليها بتلك القداسة التي يراها الشيوعي العادي هذه الصورة إنكسرت عندنا لاننا نظرنا من الداخل ···
صعدت الي قيادة الحزب لاسباب موضوعية واُخري ذاتية فالموضوعية أن الحزب واجه حصاراً وإعتقالات كبيرة فقد جراءها كوادر عديده وصارت الحاجه الي كوادر جديده لسد النقص في الجبهات المختلفة ··· وعلي صعيد أخر كنت قد تفرغت للعمل الحزبي وأصبحت في الجهاذ الحزبي "متفرغ "والمتفرغون في الاحزاب العقائدية وفي الحزب الشيوعي تحديداً فرصتهم في الصعود الي أعلي أكبر من غير المتفرغيين وتاريخ تفرغي كان عام 1987م وساعد في صعودي أنهم في الحزب كانو يحتاجون إلينا في كتابة البيانات وقيادة العمل السياسي إذ كلما ذادت حركتك في العمل القيادي أثناء الإختفاءتكون معرض للضربات الامنية·
لذلك وصلت الي السكرتارية المركزية للحزب الشيوعي وهي أعلي هيئه قياديةفي الحزب الشيوعي ومكثت فيها تسعة وعشرون شهراً أي عامان وخمسة أشهر·
| |
|
|
|
|
|
|
| |
nadus2000
Yasir Elsharif
sultan
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست