استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 09:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-23-2003, 06:28 AM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد


    استلهام التّراث في الشّعر

    بقلم : د. نجاة محمود أحمد / السودان

    قيل : " إن هذا الماضي قد أصبح الوطن الروحي لأعمالنا " .

    لقد أصبح استلهام التراث واستدعاء الشخصيات التاريخية ، ظاهرة في الشعر العربي الحديث ، حيث إن استدعاء هذا التراث " يشكل ويسجل لحظة وعي جديدة لهذا التراث ". ولكن الوعي بالتراث لا يصبح ذا فعالية ، إلا إذا ارتبط بوعي مماثل للواقع . إذ أن حالة الوعي بالتراث والواقع معاً وبنفس المقدار ، هي الحالة الوحيدة التي تتولد فيها علاقة تبادلية عميقة ومميزة . وبالتالي فإن الوعي بالتراث دون الوعي بالدور التأريخي يؤدي بهذا التراث إلى الجمود . حيث تغيب فعاليته لسيرورة حيويته ـ كما في المقابل أن الوعي بالدور التأريخي دون الوعي بالتراث ، يؤدي إلى قطيعة ابستمولوجية " معرفية " ضد تأريخية الإنسان النفسية.

    حيث إن التراث العربي لما يحويه من فكر إنساني وقيم فنية خالدة ، ومبادئ إنسانية حية ، يعد بالنسبة لشعرائنا معيناً لا ينضب ، ومورداً ثقافياً لا يضعف".

    والجدير بالذكر أن هناك شكلين للشعر المرتبط بمادة تراثية هما:

    أولاً : شكل يتقيد فيه الشاعر بوحدة الزمان والمكان التأريخيتين للحدث ، ارتباطاً كاملاً غير منفك . فتدور الأحداث وفقاً لمعطيات البيئة الزمانية والمكانية القديمة والمحدودة في الخارج منذ البداية وقد يمضي بعضهم في التقيد بذلك الإطار التأريخي فيحاول اصطناع اللغة التأريخية الملائمة ".

    ثانياً : أما الشكل الثاني فيقوم الشاعر بمزج التأريخ بالواقع فيتداخلان ليقيما بنية موحدة.

    ومن المعروف أن الاهتمام بالتراث قد بدأ في القرن التاسع عشر ، عندما ظهرت فكرة القومية والبحث عنها وتأصيلها ، حيث رفع الشعراء الرومانسيّون شعار البحث عن الذات ، وكان هذا البحث في تأريخ أممهم وأساطيرها ، ولقد ظهرت ثلاثة مواقف متباينة من التراث في العقلية البشرية وتراوحت بين مؤيد متحمس ورافض وانتقائي .

    أولاً : الموقف الرافض للتراث برمته من منطلق الثورة على كل ما هو قديم . وأصحاب هذا الموقف يعتقدون أن المنهج الثوري يعني أن نثور على كل ما هو قديم وهدمه . وإقامة كل شيء من جديد وهذا الموقف تبناه الاشتراكيون .

    ثانياً : الموقف السلفي ، وهو موقف محافظ يدعو إلى الجمود عند التراث والاكتفاء بمواريث السلف وعدم الحيدة عنها قيد أنملة وتقديس هذا التراث وتعظيمه كماً وكيفاً دون تدقيق أو تمحيص .

    ثالثاً : موقف انتقائي وأنصار هذا الموقف يعون تماماً أن كل تراث إنساني يضم في داخله جوانب سالبة وأخرى إيجابية. وأن روح العصر تتطلب نظرة موضوعية وتمحيصية دقيقة في التراث لنأخذ النافع منه ونسقط الطالح منه وهم بذلك يفهمون أن المعاصرة بمعنى الارتباط الفعلي بالظرف الزماني والمكاني أمر في غاية الأهمية .

    ومن ثم نخلص إلى أن الموقف الأول والثاني ( الرفض الكامل والقبول الكامل ) للتراث إن دل فإنما يدل على ضيق الأفق وأحادية النظرة . وهذا لا يتساير وروح العصر . إذ يجب لتتحقق المعرفة الشمولية أن تكون النظرة لهذا التراث نظرة موضوعية وشمولية للأشياء حتى يتأتى لنا الحكم على الأشياء حكماً صائباً .

    أما الموقف الثالث وهو الموقف الانتقائي ، فأعتقد أنه موقف إيجابي وموضوعي ، يدل على عمق التفكير وشموليته ويدل على الاستنارة وبعد النظر ؛ فهذا الموقف يدعو للتمحيص والتدقيق ، فيما هو صالح ، والأخذ بالأنفع من التراث ، وغربلته وعلى الشاعر أن يأخذ المناقب الإيجابية من التراث ويشكل لحظة وعي به ، والاستفادة منه في طرح قضايا معاصرة .

    ولقد ظهرت كذلك مصطلحات نقدية جديدة وهي الأصالة والتجديد ، وباختصار شديد أن الأصالة تعني الارتباط الشديد بتراثنا وبيئتنا . كما يعني التجديد الانفتاح على ما يجري حولنا في العالم وتطور العمل الأدبي شكلاً ومضموناً فالتغيير يحدث في الجزئي النسبي المتغير ، وليس الكلي المطلق الثابت .

    " وهكذا يعمل مخزون الذاكرة في تشكيل السياق الشعري المعاصر وكما يستطيع الشاعر المعاصر استلهام بعض جوانب التراث في تشكيل بنية النص تشكيلاً حداثياً ، ويكون هذا النص الحداثي استمراراً للنصوص القديمة يحاورها ويستنطقها ويقيم معها العلاقات التماثلية أو التناقضية للتعبير عن تجربة معاصرة ".

    كما يرى أدونيس أن الشاعر العظيم هو الذي يستطيع أن يتجاوز التراث مضيفاً إليه شيئاً جديداً ، وكذلك أن التراث عنده منشق إلى شقين غور وسطح ، وثابت ومتغير قائلاً :

    "يجب أن نميز في التراث بين مستويين للغور والسطح. والسطح هنا يمثل الأفكار والمواقف والأشكال ، أما الغور فيمثل التفجر ، والتطلع ، والتغير والثورة ، لذلك ليس مسألة التطور أن نتجاوزه بل ننصهر فيه . الشاعر الجديد ـ إذن ـ متفرس في تراثه ، أي في الغور ولكنه في الوقت ذاته منفصل عنه . إنه متأصل لكنه ممدود في جميع الآفاق . الحركة الوسطية متصلة بالذات وأعني بها حركة الأصالة والتجديد أو الأصالة والتفتح يعني المحافظة على الأصول مع التفتح على الحضارة الحديثة".

    وقد قُسِّم استلهام التراث في الشعر العربي إلى عدة أنماط:

    التراث الشعبي .

    الأقنعة .

    المرايا.

    التراث الأسطوري .

    1 ـ التراث الشعبي :

    يمكن أن يصنف الناحية التأريخية وقد يؤدي دور الرمز . والجاذبية من التراث تكمن في أنه يمثل جسراً بين الشاعر والناس وبين الحاضر والماضي . وهو بذلك قد يؤدي دوراً في إيقاظ الشعور القومي وإبقائه حياً . ونجد خير تمثيل لهذا النوع من الشعر هو الشعر السوداني الحديث . فهو أكثر " اتصالاً بهذا التراث ومن ثم تفرداً في اللون الإقليمي (...) وإذا كان هذا الشعر يبدو غريباً حين يتجاوز حدوده الإقليمية ، فليس هذا هو ذنب الشعر ، وإنما جريرة الكسل العقلي عند من يريدون أن يتناولوا الأمور من أسهل الطرق ".

    2 ـ الأقنعة :

    حيث يمثل القناع شخصية تأريخية ، في الغالب يختبئ الشاعر وراءها ، ليعبر عن موقف أو ليحكم على نقائص هذا العصر من خلالها . وقد يكون القناع أيضاً ، أسطورة تأريخية ـ غير حقيقية ـ فهو من هذه الناحية ، يعبر عن موقفه من التأريخ الحقيقي . فيخلق بديلاً له أو محاولة خلق موقف درامي مغاير ولكن دونما التحدث بضمير الأنا ".

    3 ـ المرايا :

    المرايا أشد واقعية من القناع كما أنها أيضاً أشد حيدة لأنها لا تعكس إلا الأبعاد المتعينة على شكل صورة أمينة للأصل ، ولكنها في ذات الوقت تستطيع أن تكون بعيدة عن الموضوعية ، لأنها في النهاية صورة ذاتية ومن المفترض أن تكون كذلك إذ لو كانت مكتملة الموضوعية لكانت أقرب إلى الواقعية الطبيعية التي تحاول رسم الأمور كما هي دون تحريف . ولكانت أشبه بالتصوير الفوتوغرافي ولكن المرايا أوسع مجالاً للانفتاح من الحاضر لأنها تستطيع أن تُرجع للماضي كما أنها يمكن أن ترفع من وجه الحاضر وأن تَعكِس الأشياء مثلما تُعكس الأشياء في حين لا يصلح القناع إلا للماضي واستحضار شخصيات أصبحت أنموذجية في التأريخ. وتنقسم المرايا إلى:

    أ - مرايا الشخصيات التأريخية.

    ب - مرايا الشخصيات غير المحدودة بالزمكان .

    جـ - مرايا شخصيات رمزية.

    د - مرايا شخصيات معاصرة.

    هـ - مرايا المجسدات .

    حـ - مرايا زمانية الحاضر والوقت .

    ط - مرايا مكانية .

    ي - مرايا الأشياء .

    ك - مرايا مجردة.

    ل - مرايا أسطورية .

    4 ـ التراث والأسطورة :

    تمثل الأسطورة مقاماً هاماً في كثير من العلوم الإنسانية الحديثة ، يرى بعض علماء " الأنثروبولوجيا " أنها تعبير ديني اجتماعي ، ويعد استقلال الأسطورة في الشعر العربي الحديث من أجرأ المواقف الثورية فيه . وأبعدها أثراً حتى اليوم ، لأن ذلك استعادة للرموز الوثنية واستخدامها في التعبير عن أوضاع الإنسان المسلم العربي المعاصر قد يؤدي إلى رفع أكثر من حاجب .

    ومن ثم قد أصبح الشعر العربي المعاصر يعتمد كثيراً على هذه الرموز واستلهامها مؤكداً إنسانية الأدب باستقلال الشاعر بكل بادرة في التراث الإنساني لها طبيعة الرمز والأسطورة غير مفرّق بين التراث العربي وغير العربي بذلك قد أضاف مادة ثقافية إنسانية جديدة إلى الشعر العربي أي "إن شعره المعاصر قد أخذ يمثل حلقة من سلسلة التراث الإنساني الشعري خلال هذا الترابط المعنوي بين رؤية الشاعر المعاصر والتراث ".

    فإذا كان الهدف من استلهام التراث هو التفاعل مع هذا التراث وربطه بهموم الشاعر وعصره حتى تتحقق الأصالة والمعاصرة في الإنتاج الشعري فإننا نخلص إلى أن شاعرنا محمد عبد الحي له القدح المعلى في ذلك بين الشعراء العرب المعاصرين داخل وخارج السودان وهنا نورد بعض النماذج الشعرية التي تبين فهم محمد عبد الحي العميق للتراث المحلي والإنساني حيث يقول :

    " صحراؤك احترقت ليلاً عنادلها

    من نار موسى التي شبت أوائلها

    من حلمك البشري "

    وهنا يستلهم الشاعر قصة سيدنا موسى ـ عليه السلام ـ وهي من القصص القرآني ويبين لنا ماذا يحدث الآن في أرض موسى ويبدي حزنه وأساه . وكما يؤكد على وجود الحس الديني وتأصله داخل النفس البشرية وهذه من أساسيات الخطاب الشعري لهذا الشاعر المتفرّد .

    وفي النموذج التالي نجده يستدعي ذلك الحيوان الخرافي التنين ليرمز به إلى قهر السلطة وكذلك يجعله شاهداً على ما يحدث في هذا العصر من عذابات وآلام واضطهاد للبشرية :

    " رفرف التنين في ليل المدينة

    أخضر الجلد وهاج الشعل "

    وفي النموذج التالي نجده يستدعي قصة من الأدب العالمي حيث يستلهم قصة" هاملت " ليبين درجة الظلم والحطة والخيانة التي وصل إليها هذا العصر :

    " أبلغ العسس رئيس الشرطة

    بشبح الملك السابق

    الذي ظل يحوم ثلاث ليالي متواليات حول القصر الملكي ،

    بدرعه وسيفه وقوسه "

    ثم يرجع إلى تراثه المحلي في السودان حيث يستلهم قصة إسماعيل صاحب الربابة في تبيان خطاب الهوية السودانية :

    " الفرس الأبيض

    تميس في الحرحر والأجراس

    وعلى حضن الينبوع يستفيق طفل الماء

    ويفتح الحراس

    أبواب (سنار لكي يدخل موكب الغناء ) " .

    وفي النموذج التالي نجده يسترجع التاريخ المحلي ليرمز إلى انتمائنا العميق والعريق وضروب جذورنا في التأريخ حيث يذهب بنا إلى الحضارة المروية التي أقامها الزنج قبل الميلاد :

    " وكان الكروان الأسود الريش يغني

    في غصون الشوك

    كان غنائه على شرفه ترهاقا قديما "

    وفي النموذج التالي يستلهم التراث الإنساني ليأخذ قصة سيدنا نوح عليه السلام، وكأنه يتمنى أن يحدث ذلك الطوفان ليبدأ العالم من جديد بخلق صافٍ وعظيم :

    " مرض من الزمان

    يبدأ الطوفان

    وتطير وترجع عبر حدود الحياة الحمامة "

    كما ينهل في معين التراث العربي الإسلامي من درعيات ابن عربي قائلاً:

    " حراس اللغة ـ المملكة الزرقاء

    ذلك يخطر في جلد الفهد

    وهذا يسطع في قمصان الماء "

    وخلاصة القول إن استلهام التراث وتفجيره بمعان جديدة ومعاصرة يحتاج إلى شاعر موسوعي المعرفة وعميق الفهم حتى يصل إلى مستوى التفجير . ولا يكون شعره استغراقاً في الماضي إذ أنّ هذا التناول السطحي قد يذكرنا بالماضي ولكن لن يقدم أي حلول للمشاكل المعاصرة ولكن تفجير التراث قد يولد لنا لحظة وعي بالتراث متصلة غير منقطعة في سيرورة ما بين الحاضر والماضي . ففي الأساس أن الهدف من استلهام التراث هو التفاعل مع هذا التراث وربطه بهموم الشاعر وعصره حيث تتحقق الأصالة والمعاصرة في الإنتاج الأدبي الذي يتخذ مادته من التراث كما أسلفنا .

    * جزء من رسالة دكتوراة

    منقووول من مجلة افق
                  

العنوان الكاتب Date
استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد هدهد06-23-03, 06:28 AM
  Re: استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد sentimental06-23-03, 06:38 AM
    Re: استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد bayan06-24-03, 03:10 AM
      Re: استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد السمندل06-24-03, 06:00 PM
        Re: استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد bayan06-25-03, 05:29 AM
          Re: استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد shiry06-25-03, 02:54 PM
            Re: استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد السمندل06-25-03, 03:40 PM
  Re: استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد Ridhaa10-12-03, 10:58 AM
  Re: استلهام التّراث في الشّعر.. د. نجاة محمود أحمد Elmosley10-12-03, 02:59 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de