|
قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن
|
قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن
دخل محمد محي الدين والشهير بمحمد كريمة جهاز الأمن بعد تخرجه من جامعة الخرطوم مباشرةً ، لقد كان شخصية مثيرة للجدل في صفوف زملائه ، أقل ما يعرف عنه أنه شخصية شرسة ومتمردة ، تحقد عليك لسبب بسيط ، وتضمر الشر لسنوات طويلة ولا تنسي أبداً تفويت الإساءة ، من الممكن أن تكون هذه الأسباب ساعدت أخونا محمد كريمة لدخول جهاز الأمن ، الشخصية الكتومة والنفس التواقة لارتكاب الشر من الشروط الأساسية التي يجب توفرها في المتقدمين ، ليس ذلك فحسب ، الانتهازية معيار لا يقل كثيراً عن رسم الكفاءة ، الكثير من الروايات تواردت إليّ من محمد كريمة ، عنه وعن شخصيته ودوره الكبير في تعذيب أبناء دفعته ، حتى الذين سكنوا معه في داخلية أربعات والنشر والنيل الأبيض وبحر الجبل لم يسلموا من شره ، فظائعه شاعت بين أبناء جيله أكثر من فظائع سلفه عبد الغفار الشريف ، هذا الأخير ، يُعتبر المؤسس الحقيقي لجهاز أمن الطلاب ، هذا الجهاز ، لعب دوراً حاسماً في ترويع الطلاب خلال الفترة الممتدة من 89 إلي عام 2000م ، أحد عشر عاماً قضاها عبد الغفار الشريف وهو يعذّب كل من عرفه بجامعة الخرطوم ، وبالذات الذين اشتهروا بمعاداة الاتجاه الإسلامي ، كان هناك تنسيق بينه وبين لجنة الاختيار المختصة باستيعاب الخريجين في الخدمة المدنية ، قائمة خريجي جامعة الخرطوم كان يطالعها عبد الغفار الشريف واحداً تلو الآخر ويعلق عليها بواحدة من ثلاثة عبارات ..نشط ..قاعدي ..خامل ، كل شفرة تحمل مفهوماً محدداً يشير إلي الصفة التنظيمية للمتقدم ، عبد الغفار الشريف ينتسب لمدينة شندي ، في الجامعة كان مشهوراً بارتداء بناطلين ( الجنز ) في كل الأوقات ، ومن النادر أن تجده يتحدث إلي أحد ، خلافاً لما جرت عليه العادة أنذاك ، حيث كان الاتجاه الإسلامي في نهاية الثمانينات لا يحفل كثيراً بمنتديات التنظيمات السياسية المعادية له ، كان بالإمكان رؤية عبد الغفار الشريف وهو مندساً بين الحضور ، مثل شخصية (فضولي ) التي كنا نبحث عنها في مجلة ماجد ، حاضراً بدمه ولحمه ، ومميزاً ببنطاله الأزرق ، لمثل هذا اليوم كانوا يعدونه ، وبرز دور العميد عبد الغفار الشريف لاحقاً ، وكان هو الجلاد الذي يختار فريسته بمهارة ، شريطةً أن تكون من زملاء الدفعة ، ومن الذين يعرفهم والذين يعرفوه ، كانوا يطلقون عليه في جهاز الأمن اسم ( مولانا) ، ويحضر جلسات التعذيب وهو ملثم الوجه ، ويستمتع بسماع الصراخ ونداءات الاستغاثة . محمد كريمة لم يكن يختلف عن سلفه كثيراً ، كلاهما كان يحمل نفس الروح السادية التي تتلذذ بالتعذيب ، وكلاهما يحركه نفس الحقد الدفين والذي مبعثه رؤيتهما للحياة في بيئة فقيرة ومدمنة للحرمان ، الشعور بالظلم والغبن هي التي تدفع بعضنا لزوايا التطرف ، فتصبح الشخصية المعنية مثل القنبلة الموقوته ، تنتظر من ينزع عنها الفتيل حتى تنفجر لتقتل الجميع . بعد التخرج التحق محمد كريمة بجهاز الأمن كما أشرنا ، وعمل في أحد بيوت الأشباح في مدينة بورتسودان ، وصادف مرةً أن التقي بأحد زملائه ، من أبناء دفعته بكلية الاقتصاد ، و الأستاذ/خالد والذي كان يعمل في شركة الإطارات الدولية ببورتسودان ، كان هناك خلافاً في وجهات النظر بين الأخ خالد ومحمد كريمة ، سببه الاستقطاب الحاد حول كسب أصوات الطلاب في انتخابات الاتحاد ، كان الأخ/خالد نشطاً في حركة الطلاب المحايدين والتي كانت تستأثر بمقاعد رابطة طلاب الاقتصاد ، في وقت كان فيه الاتجاه الإسلامي في ذروة سنام قوته ، هذه الهيمنة لم ترق لرجل الأمن الشرير محمد كريمة ، وكثيراً ما كان يصف زميلات الدفعة بالسفور والعهر ، وحلف بالله لو أنه كان يملك سلطة في البلد لجلد كل بنت يعرفها في جامعة الخرطوم ، هذه السلطة جاءت لمحمد كريمة بعد تخرجه ، فأستخدمها كما يريد ، التقي الزميلان المتنافران في أحد المطاعم ، بخبث ماكر ، سأل محمد كريمة زميله في الدراسة الأخ /خالد عن مكان سكنه ، فأجابه خالد ببراءة ودلاه علي المسكن الذي يقيم فيه ، افترق الرفيقان علي أمل اللقاء مجدداً ، لتذكر أيام العم محمد والصفرة الجديدة ، وهاشم وحراسة الصفرة من ( المجيتين ) ، والسماني ، الصفرجي الرياضي الذي يحابي المشجعين لفريق المريخ ، فيزيد لهم كمية اللبن . عاد خالد إلي المسكن ، وهو سعيد لأنه ألتقي أحد أبناء دفعته ، فذكره أيام تسلق سطح داخلية النشر ، لمشاهدة أفلام سينما النيل الأزرق كما يقول المصريون ( ببلاش ) ، والصياح في أذن المشغل ( أبو صلعة ) في لحظة انقطاع الفلم ، فيهتف فيهم المشاهدون الدافعون لثمن التذكرة ..أسكت يا ملح . فرحة الأخ خالد بهذا اللقاء لم تكتمل ، فقد أعد النقيب/محمد كريمة خطة جهنمية ، عشرة من الملثمين تسلقوا جدار المسكن الذي يسكن فيه خالد ، قلعوه من السرير واقتادوه لمكان مجهول ، وهناك ، أوسعوه ضرباً ولكماً حتى سال الدم من فمه ووجهه ، ثم عادوا به وهو ينزف دماً ورموه أمام المسكن وهو لا يحرك عضواً ، تعرّف الجيران علي نوع السيارة التي حملته ، عربة ذات دفع رباعي كان يقودها محمد كريمة بنفسه ، يتجول بها في أنحاء المدينة وهو يذيق الناس صنوف الذل والهوان ، نصحه أهل الحي بضرورة مغادرة المدينة حفاظاً علي حياته ، وحكوا له الكثير عن الأشياء المروعة التي يقوم بها محمد كريمة ، لكنهم بهتوا وتملكهم العجب عندما عرفوا أنه أحد أبناء دفعته ، أعتقد خالد أن ما حدث في جامعة الخرطوم من خلاف بينه وبين محمد كريمة كان شيئاً من الماضي ، لكن ذاكرة محمد كريمة لا تعرف النسيان ، وقلبه الأسود لا يعرف التسامح ، فأنتقم لنفسه بعد أن أصبحت في يده السلطة التي طالما كان يحلم بها وهو في عمق اليقظة . مضت حياة محمد كريمة علي هذا الشكل ، وهو يمشي علي طريق وعر ، محفوف بالجثث وآهات الذين يصرخون من ألم التعذيب ، وهو الآن برتبة عقيد ويتولى قيادة فرقة أمنية متخصصة في حراسة البترول ، ويعود إلي الديار وهو علي متن مروحية مملوءة بالنفائس من ثروات الجنوب ، أغرب قصة سمعتها عن محمد كريمة ، هي زواجه من طليقة أحد ولاة الشمالية ، فهي كانت تكبره بعقدين من الزمن وتعمل محاضرة في جامعة السودان وتحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة ، هناك من يقول أنها تزوجته نكاية في زوجها الذي شغله عمله الحزبي عن شئون بيته الخاصة ، فهذا الوالي إسلامي قديم وكان نقابياً في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، وهناك من يقول غير ذلك ، أن محمد كريمة تزوجها حتى يحمي نفسه ، فهي تمت بصلة القرابة لمسؤول رفيع في نظام الإنقاذ .. والله أعلم . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | SARA ISSA | 09-20-06, 12:13 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Murtada Gafar | 09-20-06, 02:12 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Salwa Seyam | 09-20-06, 02:47 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Salwa Seyam | 09-20-06, 02:50 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | عدلان أحمد عبدالعزيز | 09-20-06, 03:30 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Mustafa Mahmoud | 09-20-06, 03:40 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | فاروق حامد محمد | 09-20-06, 03:53 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | عبدالأله زمراوي | 09-20-06, 05:21 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | عصام أحمد | 09-20-06, 05:35 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | wesamm | 09-20-06, 05:52 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | خالد العبيد | 09-20-06, 06:37 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Nasr | 09-20-06, 07:48 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | عبدالرازق نقد | 09-20-06, 08:54 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | ABDELMAGID ABDELMAGID | 09-20-06, 09:04 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Rashid Elhag | 09-20-06, 09:11 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | wesamm | 09-20-06, 09:20 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | wesamm | 09-20-06, 09:34 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Mustafa Mahmoud | 09-21-06, 01:38 AM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Yasir Elsharif | 09-21-06, 01:58 AM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Murtada Gafar | 09-21-06, 03:49 AM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | عادل فضل المولى | 09-21-06, 05:36 AM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | Mustafa Mahmoud | 09-21-06, 01:48 PM |
Re: قصة رجلين جمعهما العمل في جهاز الأمن | عبد المنعم سليمان | 09-21-06, 04:19 PM |
|
|
|