|
|
 بالحساب يا مصطفى شحاتة .. بالحساب.
|
أولا , حديثك بأن الشعب السودانى كان مثل الشحاتين قبل مجئ الإنقاذ , والذى حاولت فيه خاسرا مقارنة الندرة فى السلع الأساسية فى الأسواق فى ذلك الزمان وسعى الناس للحصول عليها بالتسول , حديث قاصر ومهين وغير مسئول.
وقصور حديثك يأتى من حقيقة أن الندرة فى السلع الأساسية فى الأسواق ومعاناة الناس فى الحصول عليها لا يمكن على الإطلاق تشبيهها بالتسول . فالمواطن الذى يستيقظ فجرا ليقف فى طابور الخبز أو صف البنزين للحصول على هذه السلع له أو لأسرته , إنسان عزيز وكريم ومرفوع الرأس . ببساطة شديدة .. لأن يده الممدودة "تلك" للحصول على هذه السلع يد عليا وعزيزة , يد أعطت المال أولا قبل أن تتناول هذه السلع لتطعم الأسرة والأبناء. هذا المال الذى لم يأتيها منة من أحد , بل بذلت فيه الجهد المضنى والدم والعرق .. فأين التسول هنا يا سعادة المستشار ؟؟.
والأهانة , هى في حديثك الوقح الذى وجهته لشعب , بالرغم من فقره وضنكه ومعاناته , من أكرم وأعز شعوب الأرض قاطبة . شعب كل الأرض تعرف أنه يعطى من لا شئ .. كل شئ , شعب كان ولا يزال يقطع من القليل الذى يملكه ليكرم ويواسى به المعًوز حتى وإن أتى من خارج الحدود , وكله .. بلا مًن ولا أذى. وأليس هو نفس الشعب الذى خرجت أنت من صلبه ومن بين حواريه , فأواك وحماك وعلمك , وأليس هو نفسه الذى جعلك رجلا وطبيبا ووزيرا ومستشارا حتى وإن أتيت غدرا ... فلماذا وبأى حق تهينه ؟؟.
أما عدم المسئولية فى حديثك , فنسأل أولا , ما الذى كنت ترجوه , يا سعادة المستشار , فى مقابل نعتك للشعب السودانى بأنه كان "مثل الشحاتين" قبل مجيئكم بالإنقاذ !. ما الذى تريد إثباته بحديثك هذا ؟؟ . هل تريد حقيقة أن تثبت لهذا الشعب أنكم إنتشلتموه من وهدة الفقر والمعًوزة بمجيئكم ؟؟. وحتى وإن كان فقيرا و"مثل الشحاتين" كما ذكرت , هل تظن أنه من الحكمة ذكر هذا الأمر فى مؤتمر صحفى ؟؟. ولكنك تعلم الآن أكثر من غيرك , أن الذى قلته فى حق الشعب السودانى إنما هو كلام , وبكل المقاييس , غير مسئول , ولا يصدر إلا من شخص لا يفكر كثيرا قبل أن يتكلم .. هذا إن أمتلك ناصية التفكير أصلا .
ثانيا , دعنا نطرح معك المقارنة الحقيقية للشعب السودانى قبل وبعد مجئ الإنقاذ وبالحساب , مع تذكيرك هنا بأن الخرطوم وحدها ليست هى كل السودان , دعنا ننظر الى حالة الشعب السودانى الآن , وبعد عشرين عاما من مجيئكم , هل هو "مثل" أولئك الشحاتين الذين كانوا يقيفون صفوفا قبل مجيئكم , أم تحول بفضل سياساتكم وظلمكم وإرهابكم الى ملايين من الموتى واللاجئين والمشردين فى داخل السودان وخارجه ؟؟. هل تعلم كم عدد المنظمات الطوعية العالمية التى تعمل فى بقاع السودان المختلفة الآن ؟؟. هل لديك إحصائية لعدد المنظمات التى تطعم أهلك فى دارفور فقط ؟. إنها , وبإعتراف الحكومة نفسها , أكثر من مئتى منظمة دولية . هل تعلم كم يطعمون من السودانيين ؟. أربعة ملايين وسبعمائة ألف سودانى , تماما كسكان الجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان . كلهم أصبحوا , بفضل مجيئكم , يعتمدون على منظمات الأغاثة فى غذائهم ومائهم ودوائهم . ليس لأنهم شحاتين أو كسالى , بل لأنكم قصفتم قراهم ومزارعهم وحرمتموهم من العيش بكرامة مثل باقى البشر . قتلتموهم وشردتموهم وحولتموهم الى لاجئين يعتمدون على الإغاثة الدولية , نفس الإغاثة التى تريدون إستعمالها الآن كسلاح لكسرهم وإذلالهم .. وموتهم إذا لزم الأمر .
هؤلاء , يا سعادة المستشار , مواطنين سودانيين ايضا . مواطنين كاملى الأهلية , مثلهم مثل الذين فى الخرطوم ومدنى وبورسودان . ولكن الفرق بينهم وبين سكان المدن الكبيرة تلك , أنهم مشغولون دائما بتوفير الأمن الغذائى والإقتصادى لبقية الشعب السودانى ... لا وقت لديهم للمظاهرات ولإضرابات والإنقلابات, ولهذا كانوا آخر همومكم . ولكننا الآن على يقين أن أوان التغيير قد حان .. وسترى !.
|
|
 
|
|
|
|
Dr Mahdi Mohammed Kheir
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست