من هو الضابط المتقاعد الذي نصبته الوثائق رئيساً لهيئة الأركان المشتركة ؟!!!!

Quote: من هو الضابط المتقاعد الذي نصبته الوثائق رئيساً للأركان؟ تقرير مجموعة الأزمات يتنبأ أم يمهد المسرح في جنوب كردفان؟ مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها الأخير عن السلام في السودان أفردت مساحة مقدرة للأوضاع في مناطق جبال النوبة وجنوب كردفان, ورغم السرد الإيجابى لسير تنفيذ الاتفاقية خاصة في مجالات تشكيل مؤسسات الحكم بمستوياتها التشريعية والتنفيذية غير أن التقرير عكس صورة سالبة للأوضاع الأمنية, وبدا التقرير في أحسن حالاته كمن يتنبأ بما يمكن أن يحدث, أما في أسوأ الحالات فالتقرير يمكن أن يكون كمن يسعى لتمهيد المسرح لأحداث قادمة.. وازدادت شكوك البعض في هذا الاتجاه حين بدأت تعلو لغة من نوع أن ما يحدث في دارفور يمكن أن ينتقل لكردفان، ثم ازدادت قتامة الموقف حين بدأت ما عرف بحرب الوثائق التي نشرنا الأسبوع الماضي جزءا منها, وكنا قد ركزنا في الحلقة الماضية على شخصيات وردت أسماؤها في مستندات وزعت على نطاق واسع في بعض مناطق جنوب كردفان ثم تسربت الى العاصمة, وقالت تلك المستندات إن الشخصيات تسلمت أسلحة من القوات المسلحة بتوجيه مباشر من وزير الدفاع لمصلحة بعض القبائل, وفي الحلقة الماضية نفت الشخصيات التي التقيناها صلتها بالوثائق مؤكدة تزويرها من قبل جهات قالوا إنها لا تريد استقرارا لجنوب كردفان ولم نشأ أن نخوض في أمر من يقف وراء هذه الوثائق والقيام بتزويرها ولكن ما يعنينا في الأخبار أن هذه الوثائق قد ثبت بما لدينا من مستندات جديدة ومقارنات أنها بائنة التزوير بل هي تفضح جهل من قاموا بالتزوير بأبسط المعلومات عن القوات المسلحة ذلك أن ما يعنينا الآن هو قتل الفتنة في مهدها وليس إدانة جهة أو تبرئة جهة أخرى. وزارة الدفاع الوطني: لعل الأكثر وضوحا أن المستندات المتداولة تحمل (ترويسة) باسم وزارة الدفاع الوطني علما بأنه ومنذ صدور المرسوم الجمهوري رقم 34 لسنة 2005 أصبح اسم الوزارة الرسمي في كل مكاتباته هو وزارة الدفاع. أخطاء إملائية وجغرافية: تقول الوثيقة الأولى التي سنعرضها اليوم وهي وثيقة مليئة بالأخطاء الإملائية والنحوية وحتى الإصطلاحية مثل استخدام عبارة (نقل قوات بكميات كبيرة) وهي عبارة فضفاضة لا تحتملها التوجيهات العسكرية خاصة إذا كانت مكتوبة ثم كلمة حشود التي لا محل لها في الأدب العسكري الرسمي، ولكن الخطأ الفاضح في هذه الوثيقة هو خطأ جغرافي لا يغيب عن فطنة أهل المنطقة حيث ورد فيها حسب النص المزعوم نسبته إلى رئيس هيئة الأركان (يتم حشد قوات برية بكميات كبيرة إلى بحيرة الأبيض وضواحيها لقفل الطريق بين شمال أعالي النيل وجنوب كردفان) وإذا سلمنا جدلا أن رئيس هيئة الأركان كان من الجهل بالمصطلحات العسكرية فلا يمكن أن يكون جاهلا بموقع بحيرة الأبيض التي تقع بين جنوب كردفان وولاية الوحدة وليس شمال أعالي النيل. منذ عهد المايكرويف: المستندات المتداولة تقول بوضوح إنها منذ عهد المايكرويف الذي كانت تستخدمه القوات المسلحة في زمن ما، ولكن حين نجد أن تاريخ هذه المستندات هو نوفمبر من العام 2008 ثم يفيدنا أكثر من مصدر أن شبكة المايكرويف في القوات المسلحة قد انتهت منذ مطلع القرن الحالي تظهر المفارقة البائنة بل وبؤس التزييف. أخطاء متناثرة: أي خبير حتى ولو كان ذا صلة عابرة بالقوات المسلحة ونظمها يكتشف بوضوح جملة من الأخطاء البائنة في تلك الوثائق فمثلا تنظيم القوات المسلحة يقوم على الفرق وليس القطاعات التى تعج بها الوثائق، واللقب الرسمي لوزير الدفاع هو (فريق أول مهندس ركن) وليس (فريق أول ركن مهندس), أما المفارقة الأكثر وضوحا في المقارنة بين ما ورد في هذه المستندات وبين النظم والإجراءات العسكرية المتبعة في تسليم الأسلحة فيقول مصدر بالقوات المسلحة إن أي جندي في القوات المسلحة يعلم أن تسليم السلاح لا يتم (بالكوتة) بل يتم صرف السلاح بالقطعة وأن لكل قطعة سلاح مهما كان نوعها وحجمها رقما معدنيا مبينا عليها ومدونا في سجلات السلاح وبالتالي فإن عملية التسليم لا تتم بالطريقة التي عكستها الوثائق المتداولة الآن. إعادة وترقية ضابط متقاعد: بتجاوز كل الأخطاء اللغوية والإصطلاحية والجغرافية والتنظيمية التي بدت بوضوح في كل الوثائق المتداولة والتي قيل إنها صادرة عن وزير الدفاع ورئاسة الأركان المشتركة إلا أننا نقف الآن أمام وثيقة تنسف في الواقع كل الجهد الذي بذله من تفرغوا لهذا العمل, وها هي الوقائع: السلسلة التي اتبعت في ترتيب هذه الوثائق تبدأ من وزير الدفاع الذي يفترض أنه أصدر أمر تسليح القبائل, وتنتهي عند شركاء مفترضين للوزير هم من تولوا تسلم ذلك السلاح باسم تلك القبائل، ولكن في مسار هذه السلسلة هناك محطة مهمة بل ومفصلية هي محطة رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي يفترض أنه تلقى توجيهات وزير الدفاع ثم قام بدوره بتعميمها أو نقلها لمن هم دونه، فماذا تقول الوثائق هنا؟ لقد ورد اسم رئيس هيئة الأركان المشتركة بصفته مصدرا للتوجيهات في ثلاث وثائق على الأقل من الوثائق المتداولة وباسمه وبتوقيعه على النحو التالي: * في 19 نوفمبر 2008 وثيقة موقعة باسم رئيس الأركان المشتركة فريق أول ركن (محمد الراضي نصر الدين) وبتوقيعه الشخصي أو ما يفترض أن يكون كذلك. * في 27 نوفمبر 2008 وثيقة موقعة باسم رئيس الأركان المشتركة فريق أول ركن (محمد الراضي نصر الدين) وبتوقيعه الشخصي أو ما يفترض أن يكون كذلك. قد يبدو الأمر عاديا للوهلة الأولى ولكن غير العادي يتكشف حين نسأل عن الفريق أول ركن محمد الراضي نصر الدين وأين كان في ذلك التاريخ؟ الإجابة أن الفريق أول راضي قد أنهى خدمته العسكرية أو انتهت كيفما كان الحال قبل نحو عشر سنوات من تاريخ هذه الوثائق وعليه نحن أمام أحد احتمالين, إما أن الفريق راضي قد أعيد للخدمة وعين رئيسا لهيئة الأركان المشتركة (وهي على كل حال نظام جديد طبق في القوات المسلحة بعد سنوات من مغادرة الفريق راضي للخدمة ويكون قد وقع على تلك الوثائق ثم ذهب لحاله، وحيث إن هذا احتمال بعيد فالاحتمال الأرجح أن الوثيقة غير صحيحة وأن من أعدها قد خلط بين الفريق محمد الراضي نصر الدين وبين رئيس الأركان المشتركة الحالي الفريق أول محمد عبد القادر نصر الدين ويبدو أنه لسوء الحظ أو حسن الحظ فقد جاء الخلط من القاسم المشترك بين الاسمين وهو(محمد) و(عبد القادر) وقد يقول قائل إن الوثيقة صحيحة وقد وقع الخطأ عند طباعة الاسم في مكتب رئيس الأركان لأنهم كانوا على عجلة من أمرهم وربما دبروها بليل! وهذا تبرير معقول ولكنه ينهار سريعا حين تحمل الوثيقة توقيع رئيس الأركان الذي طبع اسمه خطأ، فبافتراض أن الخطأ في الاسم مطبعي, فكيف يعقل أن يوقع رئيس الأركان على اسمه الذي يشوبه خطأ مطبعي، وليس خطأ مطبعيا عاديا، بل هو خطأ يأتي للمنصب الذي يشغله بزميل له غادر الخدمة قبل سنوات، فهل يعقل ذلك؟ إلى هنا نغلق ملف الوثائق المزورة ونترك الأمر لفطنة القارئ وحصافة الساسة في جنوب كردفان والحادبين على استقرارها.