|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
] جوهر إسهامه يتبدى من خلال صياغة الإشكلات الجمالية والثقافية ( رباعيات الخيام ) تعتبر اهم ترجمة له عن فيتزجرالد من الإنجليزية بقلم : الأمين محمد عثمان *****
"أغلق الغيب تماما ماله قط انفتاح ... ودجى الماضي ظلام ما بدا فيه صباح وهناك بعض قول عن كلينا في يطول ثم نمضي في انحسار كلنا يفني يزول" (رباعيات الخيام – ترجمة احمد الطيب زين العابدين – من الانجليزية).
تعود معرفتي للأستاذ أحمد الطيب زين العابدين للعام 1976م عندما عاد من بريطانيا ليواصل دراسته في كلية الفنون أستاذا لمادة تاريخ الفن ، وقد درسنا هذه المادة قبل مجيئة على الأستاذة (آن البريطانية ) وقد كانت اقرب إلى تدريس المصطلحات الفنية أكثر منها أستاذه لتاريخ الفن.
وما أتيح لنا أن نشارك فيها بالمناقشة وإبداء الرأي، كانت هناك فرصة كبيرة للتعرف على الدوافع والظروف الاجتماعية والثقافية التي صاحبت إنتاج تلك الأعمال العظيمة في تاريخ الفن . كان اهتمامه ينصب على قراءة العمل الفني في إطاره الزمني والمكاني وطبيعة الواقع الاجتماعي والثقافي اللذين أنتجاه مع الاهتمام ببنية اللوحة ومكوناتها البصرية.. ويستشهد كثيراً بالفن المسيحي في شمال السودان - وهو موضوع دراسته وأطروحته بجامعة ليدز؛ وكان مما يعزز مكانته في نفوسنا إجادته للغتين العربية والإنجليزية بما جعله سلس الحديث ودقيق العبارة؛ وكنا نلاحظ محاولاته المستمرة أثناء التدريس في تقريب المصطلحات الفنية بصياغة فيها من البلاغة والمعنى جهد كبير. ولد أحمد الطيب زين العابدين بود الحداد بالجزيرة وتعود جذوره إلى أم كدادة بولاية دارفور، والتي تعد من أكثر مناطق دارفور وعيا وتعليما؛ وقد قدمت للبلاد رهطا من المعلمين والموظفين الكبار في كل المستويات. تلقى دراسته الباكرة بها ثم انتقل إلى مدرسة المعلمين – مبروكة – ببخت الرضا ... تلك القرية الطوباوية التربوية الموبوءة بالملاريا والواقعة على السهول المنبسطة التي غمرها فيضان النيل الأبيض، أو محطة التوليد التربوية، والتجربة المحسوسة كما يقول عنها روبن هودجكن، هناك حيث كان يوجد بها أفضل المعلمين السودانيين ، عبد الرحمن علي طه، ونصر الحاج علي، وسر الختم الخليفة، ومكي عباس، وجمال محمد احمد، وعبد اللطيف عبد الرحمن، وعبد الله الطيب، واحمد الطيب عبد الحفيظ ؛ هناك حيث تم تدريب آلاف المعلمين. كان لبخت الرضا النصيب الأكبر في خلق شخصية المثقف المهتم بقضايا بلاده وقضايا الفن والإبداع عموماً . تابع احمد الطيب دراسته وهو معلم، وتحصل على الشهادة السودانية ليلتحق بكلية الفنون وجامعة القاهرة حيث درس علم الاجتماع، وبذلك توفرت له أدوات متعددة تعينه على طرح رؤيته ومشاريعه الكبرى المتعلقة بخصوصيات وطنه وهويته الثقافية المستمرة. بعد تخرجه ثم تعيينه معيدا لتاريخ الفن .. وغادر لبريطانيا حيث تحصل على شهادة MPhil. في تاريخ الفن من جامعة ليدز. ويذكر أحمد في أحاديثه أنه مدين بتجربته المعرفية لوسط جامعة ليدز المكتظ بمجموعة ثاقبة من السودانيين وأصدقائه الأفروكاريبيين.
عاد احمد في عام 1976م ليواصل التدريس بكلية الفنون، وقد أعاد ترتيب الأمور بشكل جيد فيما سمي بعد ذلك بقسم الدراسات الإنسانية؛ ثم عمل عميدا لكلية الفنون، وقد تم في عهده ترفيع شهادة الكلية من درجة دبلوم إلى درجة البكالوريوس .. ثم اتسمت فترة عودته بنشاط مستمر في مجالي الكتابه والبحث، حيث كتب عدة مقالات في الدوريات الثقافية والصحف، وقام ببحث ميداني في منطقة الأنقسنا حول الفنون التقليدية وبنية الرمز عند الأنقسنا.
إما مشروعه الأساسي (السودانوية) فقد جاء في أعقاب كتابات حول أهمية التشكيل في الثقافة السودانية والرموز الحيه في الثقافة السودانية، (أهمية التشكيل في الثقافة هي حساسيته المفرطة تجاه النظام القيمي لدى الجماعات، وقدرته العالية على اختزان المضامين الروحية والوجدانية المحلية، وذلك مع قدرته الاستشهادية ، فهو وسيط جيد يمكن من خلاله توضيح المفاهيم على عكس اللغات مثلا، والتي قد تندثر مرة واحدة مثل اللغة المروية) ( إن اثراً فنياً متكاملاً - فخار- نحت - عماره أو صورة، يكمن فيهما إطاران متكاملان قابلان للدراسة والتحليل، ويحملان في التحامهما رساله ثقافية كاملة، وهي الإطار الفيزيائي والإطار المعنوي للعمل الكامل) .
كتب أحمد حول الهوية نافذا إليها من باب التشكيل وعلاقته بالثقافة .. إن ثقافة الأمة هي واقع تلك الأمة، والفن مثل اللغة هو وسيلة للتعبير عن ذلك الواقع. وبالنظر المتأمل لفنون الأمة تكون معرفتنا لهذه الأمة ، فإن اختار بعض الناس النظر إلى الثقافة السودانية من الخارج، فاننى من آثروا النظر إليها من الداخل . إن عروبة السودان هي إسلاميته، وسودانويته هي إفريقانيته العتيقة؛ وكلا الرافدين إنما هما تياران يتمازجان يصبان في نهر واحد.. وقد قدم عدة حلقات في راديو أم درمان حول هذا الموضوع .
يعتبر احمد الطيب زين العابدين أحد أهم المؤرخين المهتمين بتاريخ دراسة الفنون في السودان الحديث.. قدم عدة أوراق حول هذا الموضوع ، وشارك في مهرجان إفريقيا 95 بلندن بورقه حول تعلم الفنون في السودان، وأخرى شارك بها حول الثقافة في إفريقيا ؛ وقد قام بعدة ترجمات تم نشرها، ولكن أهم ترجمة له هي رباعيات الخيام التي ترجمها عن فيتزجرالد من الإنجليزية ولم تنشر حتى الآن. وصدرت له مجموعة القصص القصيرة ( دروب قرماش) والتي ربما تنال حظها في الدراسة والتعليق ممن هم أقرب منى لهذا الضرب في الإبداع .
استطاع أحمد أن يحاضر ويكتب ويتحدث ويشارك، فهو من الأعضاء المؤسسين لاتحاد الكتاب السودانيين، وقد سبق إلى الدار الآخرة من المؤسسين جمال محمد أحمد، وعلى الملك، وعبدا لهادى الصديق؛ وقد كان لاتحاد الكتاب السودانيين في ذلك الزمان بهاؤه وعظمته كصوت حر يعبر عن تطلعاتنا الثقافية وعن الديمقراطية التي تنشدها بلادنا ؛ لقد كان الاتحاد ثمرة طيبة في نضال شعبنا ضد ديكتلتورية جعفر نميري.
أسس أحمد الطيب، وبالمشاركة مع صديقه الدكتور عبد السلام نور الدين (دار النسق للنشر والتوزيع)، وقد كان أول إنتاجها معرضا ضخما للكتاب بدار اتحاد الكتاب وبعض المنشورات بالتضامن مع اتحاد الكتاب، أذكر منه رسالة لقريكو- سيد احمد بلال ، وديوان (الساقية) لعمر الطيب الدوش.
ولختام سيرته الطيبة فليس هناك أفضل مما قاله الدكتور محمد عبد الرحمن أبو سبيب حيث تميز أحمد بثلاث ملامح في كتاباته ومشروعاته، أولهما أصالة فكرية لا يمكن إغفالها في اجتهاداته، وثانيهما اتساق أكاديمي في تناول المسائل الرئيسية التي أثارها في كتاباته عبر السنين، وثالثهما صياغة الإشكالات الجمالية والثقافية التي أفرزتها الحركة التشكيلية.. وهذا الملمح الأخير هو جوهر إسهام احمد الطيب ومصدر حيويته. وهنالك ثلاث خطوط بارزة في منهجه، أولا، ربط بشكل ضروري بين البنية الثقافية القائمة بين الحركة الفنية، ونظر إلى هذا الرباط كأمر حاسم في تحديد خصوصية الحركة الفنية؛ ثانيا التزامه منهجا تاريخيا اجتماعيا في معالجته لهذه الصلة تجلى في تبنيه مبدأ الاتصال والعمق التاريخي للثقافة السودانية؛ ثالثا مازج بين تاريخية الظاهرة الثقافية والفنية وبين بنيتها الراهنة التي تستبطن ماهية تلك الثقافة وطبيعة تلك الحركة الفنية
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-15-09, 03:42 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-15-09, 03:57 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-15-09, 04:21 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-15-09, 04:32 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-16-09, 11:44 AM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-16-09, 11:50 AM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-16-09, 11:55 AM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-20-09, 05:52 AM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-20-09, 12:28 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-20-09, 12:55 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-23-09, 09:30 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-23-09, 09:38 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | عبد القادر الرفاعي | 02-23-09, 09:58 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | Mohamed Elgadi | 02-16-09, 12:02 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | Abdlaziz Eisa | 02-16-09, 12:42 PM |
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين | Sabri Elshareef | 02-16-09, 12:58 PM |
تحياتي ... | سيف اليزل الماحي | 02-16-09, 02:05 PM |
صاحب السودانوية | Elbagir Osman | 02-20-09, 05:57 AM |
Re: صاحب السودانوية | kh_abboud | 02-20-09, 07:46 AM |
Re: صاحب السودانوية | الطيب شيقوق | 02-23-09, 10:06 PM |
Re: صاحب السودانوية | عبد القادر الرفاعي | 02-23-09, 10:16 PM |
Re: صاحب السودانوية | عبد القادر الرفاعي | 02-24-09, 05:48 AM |
Re: صاحب السودانوية | Emad Abdulla | 02-24-09, 06:56 AM |
Re: صاحب السودانوية | Seif Elyazal Burae | 03-06-09, 02:21 AM |
Re: صاحب السودانوية | عبدالله الشقليني | 03-06-09, 06:20 AM |
Re: صاحب السودانوية | Mamoun Ahmed | 03-06-09, 10:52 AM |
Re: صاحب السودانوية | محمد سنى دفع الله | 03-06-09, 11:38 AM |
Re: صاحب السودانوية | shahto | 03-06-09, 12:34 PM |
|
|
|