|
ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين
|
مواصلة لسلسلة الملفات الثقافية التي بدأت في نشرها من على هذا المنبر الإسفيري الهام (سودانيزأونلاين)، يسرني أن يزدان المنبر هذه المرة بملف حافل عن الأديب والفنان التشكيلي الخالد/ أحمد الطيب زين العابدين – عليه رحمة الله.
الملف من إعداد الأخ الأستاذ / محمد إسماعيل الطيب، وثمرة جهده المهني المخلص، وقد تم نشره في الملحق الثقافي لجريدة "الأيام" الغراء بتاريخ 30 أغسطس 2003م، تحت إشراف الأخ الأستاذ/ عثمان شنقر. الملف بعنوان : " العابر الهائل بنعال من ريح ".
الشكر أجزله للأستاذ / محمد إسماعيل الطيب على وفائه لذكرى الراحل العزيز، وإحياء تراثه الأدبي والفني.. والتقدير لجريدة الأيام على العناية التي توليها لقضايا الثقافة والأدب والفن كما يعكسها الانتظام في نشر مثل هذه الملفات الثرية.
د. عبد القادر الرفاعي
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
العابر الهائل بنعال من ريح ملف عن الراحل أحمد الطيب زين العابدين إعداد : محمد إسماعيل الطيب
افتتاحية ذاكرة ثقافية
أحمد الطيب زين العابدين بدأ معلماً وانتهى معلماً .. بدأ ببخت الرضا التي كانت مركزاً معرفياً وحضارياَ تعلم من خلاله أساتذة كرام يؤمنون بالمشروع ، والبحث ، والاطلاع الزائد والنشاط الجمعي والفردي.. أعطوه نوعاً من المعايشة الإبداعية التي تؤمن بالإبداع فكانت الجمعية الأدبية وكان المسرح وكانت الموسيقى قبل أن تكون في أي مؤسسة تعليمية أخرى ، اختلط بأساتذة كبار لا يستنكفون مؤانسة الصغار فقد كان في بخت الرضا الحب الوسيط للتعليم الأعظم .. ما عدا ذلك مجرد تفاصيل .
انتهى الأستاذ الرحل أحمد الطيب زين العابدين إلى كلية الفنون الجميلة وهي ابنة بخت الرضا. كانت كلية الفنون الجميلة ابنة جميلة تغذت بكل فكرة جميلة..وقد أرسلت إليها ألام الدارسين والمعلمين فكان الانتقال هيناً وسهلاً..ويذكر الأستاذ أحمد الطيب زين العابدين أنه ولد بالجزيرة وتربى في غرب السودان وتعلم في شرقه لحين . مثل هذه الحركة في الزمان والمكان كفيلة أن تخلق فيه وجدانا ( سودانيا) بمعنى هذه الكلمة ، هذا التنقل هو أن كون هذا الحال الثقافي والاجتماعي الذي في فكره وعاطفته معرفته بالوطن كبيرة..
درس الاجتماع .. ودرس التاريخ .. وتاريخ السودان الحضاري بالذات .. ومارس الإبداع التشكيلي. ترابطت وتداخلت فيه الأشياء بحيث أنتج ذلك المنظور السودانوي منظوراً ثقافياً لبنية السودان الثقافية. هذا المنظور هو واقع وجداني شعوري فردي باختلاف الخصوصية الثقافية لأهل السودان في الاجتماع واللغة والفن .
كان خوفه أن يضيع بين الآخرين ، وليس أن يكون مع الآخرين .. هذا الإحساس هو إحساس أكيد .. يضع الإنسان السوداني داخل التفرد من خلال منظور تعدد الثقافات التي توحد الكون الروحي للثقافة السودانية. من هذا المنظور يؤكد أحمد الطيب زين العابدين أن أعمال الطيب صالح هي وجدانه الشمالي .. وأعمال فرانسيس دينق هي وجدانه الجنوبي ، والروائي العظيم إبراهيم إسحاق إبراهيم في وجدانه الغربي ..هكذا نستطيع التثقف ونحن ننتمي لبعضنا البعض ويعرف بعضنا البعض في صفاء واضح.
الأستاذ أحمد الطيب زين العابدين يرى أن لا ينبغي أن تفعل الأشياء والمواقف لإرضاء الآخرين؛ فالحقيقة أن الآخرين إنما ينظرون إلينا نحن على اعتبار أننا آخر ثقافي ؟ ويتوقعون منا أن نعطي ما عندنا وليس ما عندنا .. وداخل هذا المنظور السودانوي يؤكد احمد الطيب زين العابدين أن المحلية التي يستنكفها البعض هي العالمية نفسها ويضرب مثلا ماذا يمكن للطيب صالح لو انه كتب فقط عن تجربة الغربة والاغتراب؟ إذا لم يكتب عن دومة ود حامد؟ هل ستهتم به الدنيا؟ إذن لا بد من توظيف الواقع في بناء الخيال الرائع.. ومن منظوره لتشكيل السوداني يصبر كثيراً في كتاباته .. إن التشكيل السوداني أكثر ديمومة وأكثر استمرارية في ثقافتنا السودانية .
كان التشكيل منذ أيام الشهيناب إلى يومنا هذا .. هذه التجربة قديمة لا زمت تاريخ السودان المعروف وتجلت فيها قيم الجماعات السابقة في هذا الوطن .
وأخيرا يحي هذا الملف عن الراحل الأستاذ احمد الطيب زين العابدين وهو بمثابة مناشدة لجميع تلاميذه وأصدقائه من المفكرين والتشكيلين للإسهام مستقبلا في نشر كتاب يوثق لتجربته في الحياة والإبداع ويضيئ مشروع السودانويه بأفكار خلافية.
محمد إسماعيل الطيب [email protected]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
أحمد الطيب زين العابدين : مؤسس البنية التحتية للنقد التشكيلي بقلم: محمد عبد الرحمن حسن (بوب)
عرف استأذنا الراحل أحمد الطيب زين العابدين في أوساط المثقفين السودانيين ككاتب موسوعي تغطي بحوثه ودارساته عدة حقول تشمل تاريخ الفن وأنثريولوجياه والنقد الفني.. كما كتب في القصة والشعر والأدب الشعبي. وقد اختار لي في البدء الأخ محمد إسماعيل أن أكتب تحت عنوان ( أحمد الطيب ناقدا تشكيليا)؛ وقد قبلت العنوان لأنه يتوجه للكشف عن إسهام استاذنا الراحل في مبحث هام ظل على الدوام يفتقر للمساهمات المنهجية العميقة من قبل الباحثين في شأن الثقافة السودانية ، وخاصة المعاصرة منها ،وهو مبحث (النقد التشكيلي) . وكما تعودنا في محاولتنا لإضافة نوع من الضبط المنهجي على كتابتنا، اعتمدت على النصوص التي استطعت الحصول عليها من كتابات الراحل، وبدأت في وضع الأفكار الرئيسية حول الملامح المميزة لإسهامه النقدي . لكن وردني رأي آخر من أستاذنا الكاتب التشكيلي صلاح حسن الذي يشارك أيضا في هذا الملف ، بأن أحمد الطيب " الكاتب" متوفر للقارئ في أرشيف معظم الدوريات والصحف السودانية ، وأن ما نفتقد التعرف عليه هو أحمد الطيب الأستاذ والأكاديمي الذي علم ودرب عدة أجيال من الفنانين التشكيلين خلال فترة عمله بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية كأستاذ ورئيس لقسم الدراسات العامة. كما عمل عميداً للكلية لفترة من الزمن لم يتخل فيها عن العمل بالقسم المذكور الذي قام بالتخطيط له وإنشائه فعليا، وقد نبهتني إشارة الأستاذ صلاح إلى أمر هام وهو أن الكتابة عن أحمد الطيب الناقد يجب أن تسبقها الكتابة عن احمد الطيب الذي كان أول من اعتنى بإقامة بنية تحتية للنقد التشكيلي ، فغياب القسم الذي يضطلع بتدريس النقد في كلية الفنون لممارسة النقد مثل تاريخ الفن وعلم الجمال والفلسفة وعلم النفس .
فالناقد الذي يتقن المنهج التحليلي للشكل الفني ، يفتقد للمعارف المذكورة أعلاه يقدم على الدوام نقداً شكليا بلا محتوى ، لان المنهج النقدي الذي لا يستطيع أن يربط العمل الفني التشكيلي بما يحيط به من سياقات لا يزيد ابد عن أن يكون وصفا لطيبولوجيا للوحة مثلا، أو المنحوت أو التصميم أي لن يتجاوز وصف العلاقات المكانية وترتيبها ، ولهذا فإن المعرفة بالمنهج النقدي التحليلي تعتبر عندنا مجرد بناء فوقي لا بد أن يقوم على بناء تحتي يعطيه الأرض التي يثبت ويرتفع فوقها . هذه الأرض (أو هذا البناء التحتي )، هو العلوم التي تنتج للناقد الكشف عن دلالة العمل الفني – دلالته الثقافية والنفسية والاجتماعية – وهذه العلوم هي التي أهتم استأذنا الراحل بتوفير الكادر الأكاديمي القادر على تدريسها للطلاب منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي ، لقد شكل هذا الانجاز انتصاراً لإرادة عبرت عن هذا المطلب خلال النقاشات الخصيبة التي أدارها عدد من الكتاب التشكيلين في سنوات منتصف السبعينات .. طالب أولئك الكتاب بتدعيم منهجي وأكاديمي لثقافة طلاب كلية الفنون بتدريس علم الجمال وتاريخ الفن والفلسفة وعلم النفس .. الخ .
لقد كانوا على حق واضح حينما اعتبروا أن الوعي ركيزة الموهبة. ومنذ أن عمل الراحل رئيسا لقسم الدراسات العامة بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية وإلى أن عاد مرة أخرى لرئاسة هذا القسم بعد فترة توليه عمادة الكلية، كان قد تمكن من تحقيق عدة إنجازات كبيرة ، بعضها في حجمه وبعضها في آثاره الناتجة عنه. ويمكننا أن نلحظ عدة سمات هامة في كل جهود الراحل التي تحققت ، وهي إنها تتصف بصفتين هامتين ميزتا أيضا إسهامه الفكري، هما وضوح الرؤية والمنهجية . كان يملك هدفا واضحا حينما يتوجه لإنجاز مهمة ما، ويعي تماما ما ينبغي أن ينتهي إليه ذلك الجهد؛ وكان يخطط بدقة ويتحرك ضمن مسار مدروس لتحقيق ذلك الهدف ، ولقد كانت هاتان السمتان الهامتان هما المفقودتان على الدوام في كل الجهود المبذولة في الحقل الثقافي سواء كانت نظرية أو عملية ، رسمية أو صادرة عن المثقفين أنفسهم . كان ومازال مقتل كل إسهام يكمن في غموض الأهداف وضعف التخطيط . لم يكتف أحمد الطيب في مجال تأهيل طلابه بساعات المحاضرات التي كانت تقرر عليهم ، بل حاول تعميم النشاط البحثي على مختلف أنماط الخبرة والأنشطة التي كانت تمارس ضمن المنهج الدراسي ، ومن ذلك أن ما يعرف بالرحلات السنوية في كلية الفنون كان يتوجه فيها الاهتمام إلى اكتساب خبرات جديدة ومتنوعة مع البيئات الجغرافية والاجتماعية التي يزخر بها السودان ، وقد ساد الظن لدى الطلاب وبعض الأساتذة بان التدرب على استخدام الألوان المائية يجب أن يستغرق جل الاهتمام ، لكن الأستاذ أحمد الطيب الذي كان يرى أن عملية الإبداع الفني نفسها هي ( عملية بحثية ) كان قد عمل على تحويل هذا المفهوم المحدود لخبرة للرحلات السنوية إلى شيئ أكثر شمولا فبجانب نشاط الرسم كان يعقد لطلابه جلسات نقاش جماعي في الأمسيات ، كما كان يكون بعض المجموعات التي تقوم بجمع المادة التشكيلية المحلية المتوفرة بالمنطقة. وقد استفاد أكثر الطلاب من قدراته على قراءة وتحليل رموز الثقافات السودانية في تلك الفترة التي أسعدهم الحظ بان يكون مشرفا على رحلاتهم ، لقد كانت هذه المعارف هي الأساس لكثير من طلابه الذين توجهوا في ما بعد لتوسيع معرفتهم بأدوات تحليل الرمز التشكيلي ، وولجوا مجال الكتابه النقدية من هذا الباب.
ومن أهم الخبرات التي حرص على توفير البيئة المناسبة لاكتسابها، خبرة التذوق الفني وسعة القاموس التشكيلي لدى طلابه. ففي فترة عمادته نشط لبناء قاعة عرض بكلية الفنون. وهدف من وراء ذلك لاستضافة المعارض من خارج كلية الفنون ومن خارج السودان أيضا، ولإقامه الورش المشتركة وتعريف الطلاب بتجارب الفنانين المحترفين. وقد استضافت تلك القاعة عدة معارض في السنة الأولى التي أعقبت افتتاحها، بعضها من خارج السودان . وكان يرى أن خبرة المشاهدة هي التي تعين الطالب على تمييز مساره واكتسابه الروح الخلاقة. وفيما بعد، تحت ضغط تزايد أعداد الطلاب المقبولين بالكلية وعدم توسيع مبانيها ، اضطرت إدارة الكلية لتحويل تلك القاعة إلى قاعة دراسية وسميت ( استوديو الرسم ) لكنها ما زالت تستضيف بين الحين والآخر بعض المعارض ، كانت آخرها المعارض التي أقامها الاتحاد العام للتشكيلين. وفي ذات الفترة التي ذكرناها تم تزويد مكتبة كلية الفنون الجميلة بالكثير من الكتب التي تغطي مختلف المجالات والحقول المتاخمة للحقول العلمية التي تدرس في قسم الدراسات العامة ، بحيث أصبح ممكناً أن ينجز الطلاب بحوثهم النظرية من داخل مكتبة الكلية ، كما أصبح من الممكن الاطلاع على بحوث الطلاب المتخرجين بعد أن أقام الأستاذ صلاح الجرف بإنجاز بيبليوغرافيا بحوث التخرج المتوفرة بالكلية.
لم يكتف الراحل بتوسيع قسم الدراسات العامة ليشمل علم النفس والفلسفة إلى جانب التاريخ وعلم الجمال ، بل حرص على اختيار عدد من الأساتذة الذين تميزوا بعمق المعرفة والإحاطة التامة بالمواد التي يدرسوها. ولقد أسهمت جهودهم في توسيع مجالات الاهتمام لدى الطلاب لتشمل معظم مجالات العلوم الإنسانية بعد أن كانت تتركز فقط، لدى غالبيتهم ، على مجالات تخصصهم من الجهة التقنية فقط. كان استاذنا الراحل أيضا مهتما بتنشيط الحوارفي أروقة كلية الفنون . ونتذكر كيف عادت ( جمعية الرسم ) في سنوات عمادته - أي في النصف الأول للثمانينات - لتعمل كقوة دافعة للحركة الثقافية التي قادها الشباب آنذاك عبر تنظيم الجماعات الثقافية مثل جماعة (تجاوز) التي كانت تعقد أمسياتها بمعهد الموسيقى والمسرح رغم إنها ضمت في عضويتها الكثيرين ممن لم يكونوا طلابا بالمعهد.
في ذلك الوقت كان معهد الموسيقى مؤقتاً بقصر الشباب والأطفال ، ومنها جماعة الصحوة بجامعة الخرطوم وجماعة التراث بجامعة القاهرة ،وكانت جمعية الرسم في تلك الفترة قد استطاعت استقطاب اهتمام النقاد الشباب حيث ساهمت في طرح الأفكار الجديدة لدى المعنيين بإدخال مناهج النقد البنيوي وما بعد البنيوي كالسيميلوجيا والتفكيك؛ وكان الراحل يتابع كل ما يدور ، وإن لم يتمكن من حضور كثير من هذه الأمسيات، لكنه كان الداعم الرئيسي لحرية الحوار في وقت كانت فيه أية واحدة من هاتين الكلمتين تكفي لإضاعة المستقبل الأكاديمي لأي طالب ناهيك عن جمعهما معاً . كانت تلك هي السنوات الأربعة الأخيرة في عمر النظام المايوي الممقوت.
ومع بداية الديمقراطية أسهم الراحل في دعم الحراك الثقافي بالبلاد فاجتهد مع الدكتور عبد السلام نور الدين في تأسيس دار نشر ( النسق ) التي عملت على طبع وإعادة طبع عدة مؤلفات سودانية هامة كما قامت بدعوة عدة دور نشر عربية كبرى لإقامة المعارض بالبلاد وربما كان أهمها معرض ( دار التنوير) الذي أقيم بمباني دار اتحاد الكتاب السودانيين. وما زالت الكتب الهامة التي اقتنتها المكتبات العامة والجامعية من ذلك المعرض تقف شاهدة على تأثير الراحل في مختلف جوانب الحركة الثقافية، حيث كان حريصاً على تقديم الكتب بأقل الأسعار لتلك الجهات والمؤسسات المهتمة بالكتاب .
حاول استأذنا الراحل أن يكسب بعض طلابه المقربين له بعض الصفات النادرة التي كانت تميزه و أهمها أن ( يتوجه جهدك كله نحو هدف رئيس تحشد له كل طاقاتك الذاتية).
وقد تمكن من غرس هذه القدرة في بعضهم وسعي لتعميمها على كل طلابه بإحداث تغيير هام في طريقة تعليم الطلاب للفنون، وبالإصلاح في طريقة ممارسة الطلاب للبحث أثناء تعلمهم الفنون فكما أسلفنا كان الراحل يرى أن الفن عملية بحثية ، وانطلاقا من مفهومه هذا نظر لعميلة تعلم الفنون على أنها مشروع بحث يمتد طوال سنوات الدراسة. وقد تم إدخال فكرة مشروع البحث على المقرر الدراسي وعمم على أقسام الفنون الجميلة والتطبيقية في تلك الفترة فأصبح لزاما على الطالب أن يتركز عملة على موضوع واحد بعد أن يدرس الطالب كافة جوابنه ويتطلع على كل المعلومات التي تتعلق به ؛ وبذلك فقد سعى لتخليص الطلاب من الفكرة الخاطئة التي تعتبر الإبداع مربوطا بالإلهام، ودعم فكرة أن البحث الواعي هو الذي يغذي الإبداع .
لا يسعنا أبدا أن نعدد ما أنجزه أو ما أسهم فيه استأذنا أحمد الطيب ، ويمكننا فقط أن نشهد على ما كان وثيق الصلة بفترة دراستنا التي امتدت لخمس سنوات بكلية الفنون كطلاب بكالوريوس ، وهناك من طلابه من هو اقدر على تقديم شهادة أوسع من هذه الشهادة المحدودة لان البعض قد درس تحت إشرافة عدة سنوات أخرى للحصول على الدبلوم والماجستير، وبذلك كانوا أقرب إليه مني ولفترة أطول أيضا . ويعتبر إصراره على فتح باب للدراسات العليا لطلاب الفنون من أهم ما تحقق أيضا في فترته ؛ فقد اطلع هو بصورة رئيسية بهم تصميم الكورسات ومتابعة تنسيقها والتدريس أيضا ، وخاصة في كورسات الدبلوم ، رغم أن المرض قد إعاقة كثيراً عن الاطلاع بتلك المهام ، لكن الزملاء من الأساتذة والعاملين معه كانوا عوناً كبيرا له في إتمام تلك المهام، ومره أخرى أقول أن كل ما أنجزه الراحل كان بمثابة البناء التحتي الذي حمل جهود طلابة والأجيال التي تخرجت على يده في مجال الكتابة والتنظير التشكيليين سواء كان ذلك في مجال النقد أو في المجالات الأخرى .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
] جوهر إسهامه يتبدى من خلال صياغة الإشكلات الجمالية والثقافية ( رباعيات الخيام ) تعتبر اهم ترجمة له عن فيتزجرالد من الإنجليزية بقلم : الأمين محمد عثمان *****
"أغلق الغيب تماما ماله قط انفتاح ... ودجى الماضي ظلام ما بدا فيه صباح وهناك بعض قول عن كلينا في يطول ثم نمضي في انحسار كلنا يفني يزول" (رباعيات الخيام – ترجمة احمد الطيب زين العابدين – من الانجليزية).
تعود معرفتي للأستاذ أحمد الطيب زين العابدين للعام 1976م عندما عاد من بريطانيا ليواصل دراسته في كلية الفنون أستاذا لمادة تاريخ الفن ، وقد درسنا هذه المادة قبل مجيئة على الأستاذة (آن البريطانية ) وقد كانت اقرب إلى تدريس المصطلحات الفنية أكثر منها أستاذه لتاريخ الفن.
وما أتيح لنا أن نشارك فيها بالمناقشة وإبداء الرأي، كانت هناك فرصة كبيرة للتعرف على الدوافع والظروف الاجتماعية والثقافية التي صاحبت إنتاج تلك الأعمال العظيمة في تاريخ الفن . كان اهتمامه ينصب على قراءة العمل الفني في إطاره الزمني والمكاني وطبيعة الواقع الاجتماعي والثقافي اللذين أنتجاه مع الاهتمام ببنية اللوحة ومكوناتها البصرية.. ويستشهد كثيراً بالفن المسيحي في شمال السودان - وهو موضوع دراسته وأطروحته بجامعة ليدز؛ وكان مما يعزز مكانته في نفوسنا إجادته للغتين العربية والإنجليزية بما جعله سلس الحديث ودقيق العبارة؛ وكنا نلاحظ محاولاته المستمرة أثناء التدريس في تقريب المصطلحات الفنية بصياغة فيها من البلاغة والمعنى جهد كبير. ولد أحمد الطيب زين العابدين بود الحداد بالجزيرة وتعود جذوره إلى أم كدادة بولاية دارفور، والتي تعد من أكثر مناطق دارفور وعيا وتعليما؛ وقد قدمت للبلاد رهطا من المعلمين والموظفين الكبار في كل المستويات. تلقى دراسته الباكرة بها ثم انتقل إلى مدرسة المعلمين – مبروكة – ببخت الرضا ... تلك القرية الطوباوية التربوية الموبوءة بالملاريا والواقعة على السهول المنبسطة التي غمرها فيضان النيل الأبيض، أو محطة التوليد التربوية، والتجربة المحسوسة كما يقول عنها روبن هودجكن، هناك حيث كان يوجد بها أفضل المعلمين السودانيين ، عبد الرحمن علي طه، ونصر الحاج علي، وسر الختم الخليفة، ومكي عباس، وجمال محمد احمد، وعبد اللطيف عبد الرحمن، وعبد الله الطيب، واحمد الطيب عبد الحفيظ ؛ هناك حيث تم تدريب آلاف المعلمين. كان لبخت الرضا النصيب الأكبر في خلق شخصية المثقف المهتم بقضايا بلاده وقضايا الفن والإبداع عموماً . تابع احمد الطيب دراسته وهو معلم، وتحصل على الشهادة السودانية ليلتحق بكلية الفنون وجامعة القاهرة حيث درس علم الاجتماع، وبذلك توفرت له أدوات متعددة تعينه على طرح رؤيته ومشاريعه الكبرى المتعلقة بخصوصيات وطنه وهويته الثقافية المستمرة. بعد تخرجه ثم تعيينه معيدا لتاريخ الفن .. وغادر لبريطانيا حيث تحصل على شهادة MPhil. في تاريخ الفن من جامعة ليدز. ويذكر أحمد في أحاديثه أنه مدين بتجربته المعرفية لوسط جامعة ليدز المكتظ بمجموعة ثاقبة من السودانيين وأصدقائه الأفروكاريبيين.
عاد احمد في عام 1976م ليواصل التدريس بكلية الفنون، وقد أعاد ترتيب الأمور بشكل جيد فيما سمي بعد ذلك بقسم الدراسات الإنسانية؛ ثم عمل عميدا لكلية الفنون، وقد تم في عهده ترفيع شهادة الكلية من درجة دبلوم إلى درجة البكالوريوس .. ثم اتسمت فترة عودته بنشاط مستمر في مجالي الكتابه والبحث، حيث كتب عدة مقالات في الدوريات الثقافية والصحف، وقام ببحث ميداني في منطقة الأنقسنا حول الفنون التقليدية وبنية الرمز عند الأنقسنا.
إما مشروعه الأساسي (السودانوية) فقد جاء في أعقاب كتابات حول أهمية التشكيل في الثقافة السودانية والرموز الحيه في الثقافة السودانية، (أهمية التشكيل في الثقافة هي حساسيته المفرطة تجاه النظام القيمي لدى الجماعات، وقدرته العالية على اختزان المضامين الروحية والوجدانية المحلية، وذلك مع قدرته الاستشهادية ، فهو وسيط جيد يمكن من خلاله توضيح المفاهيم على عكس اللغات مثلا، والتي قد تندثر مرة واحدة مثل اللغة المروية) ( إن اثراً فنياً متكاملاً - فخار- نحت - عماره أو صورة، يكمن فيهما إطاران متكاملان قابلان للدراسة والتحليل، ويحملان في التحامهما رساله ثقافية كاملة، وهي الإطار الفيزيائي والإطار المعنوي للعمل الكامل) .
كتب أحمد حول الهوية نافذا إليها من باب التشكيل وعلاقته بالثقافة .. إن ثقافة الأمة هي واقع تلك الأمة، والفن مثل اللغة هو وسيلة للتعبير عن ذلك الواقع. وبالنظر المتأمل لفنون الأمة تكون معرفتنا لهذه الأمة ، فإن اختار بعض الناس النظر إلى الثقافة السودانية من الخارج، فاننى من آثروا النظر إليها من الداخل . إن عروبة السودان هي إسلاميته، وسودانويته هي إفريقانيته العتيقة؛ وكلا الرافدين إنما هما تياران يتمازجان يصبان في نهر واحد.. وقد قدم عدة حلقات في راديو أم درمان حول هذا الموضوع .
يعتبر احمد الطيب زين العابدين أحد أهم المؤرخين المهتمين بتاريخ دراسة الفنون في السودان الحديث.. قدم عدة أوراق حول هذا الموضوع ، وشارك في مهرجان إفريقيا 95 بلندن بورقه حول تعلم الفنون في السودان، وأخرى شارك بها حول الثقافة في إفريقيا ؛ وقد قام بعدة ترجمات تم نشرها، ولكن أهم ترجمة له هي رباعيات الخيام التي ترجمها عن فيتزجرالد من الإنجليزية ولم تنشر حتى الآن. وصدرت له مجموعة القصص القصيرة ( دروب قرماش) والتي ربما تنال حظها في الدراسة والتعليق ممن هم أقرب منى لهذا الضرب في الإبداع .
استطاع أحمد أن يحاضر ويكتب ويتحدث ويشارك، فهو من الأعضاء المؤسسين لاتحاد الكتاب السودانيين، وقد سبق إلى الدار الآخرة من المؤسسين جمال محمد أحمد، وعلى الملك، وعبدا لهادى الصديق؛ وقد كان لاتحاد الكتاب السودانيين في ذلك الزمان بهاؤه وعظمته كصوت حر يعبر عن تطلعاتنا الثقافية وعن الديمقراطية التي تنشدها بلادنا ؛ لقد كان الاتحاد ثمرة طيبة في نضال شعبنا ضد ديكتلتورية جعفر نميري.
أسس أحمد الطيب، وبالمشاركة مع صديقه الدكتور عبد السلام نور الدين (دار النسق للنشر والتوزيع)، وقد كان أول إنتاجها معرضا ضخما للكتاب بدار اتحاد الكتاب وبعض المنشورات بالتضامن مع اتحاد الكتاب، أذكر منه رسالة لقريكو- سيد احمد بلال ، وديوان (الساقية) لعمر الطيب الدوش.
ولختام سيرته الطيبة فليس هناك أفضل مما قاله الدكتور محمد عبد الرحمن أبو سبيب حيث تميز أحمد بثلاث ملامح في كتاباته ومشروعاته، أولهما أصالة فكرية لا يمكن إغفالها في اجتهاداته، وثانيهما اتساق أكاديمي في تناول المسائل الرئيسية التي أثارها في كتاباته عبر السنين، وثالثهما صياغة الإشكالات الجمالية والثقافية التي أفرزتها الحركة التشكيلية.. وهذا الملمح الأخير هو جوهر إسهام احمد الطيب ومصدر حيويته. وهنالك ثلاث خطوط بارزة في منهجه، أولا، ربط بشكل ضروري بين البنية الثقافية القائمة بين الحركة الفنية، ونظر إلى هذا الرباط كأمر حاسم في تحديد خصوصية الحركة الفنية؛ ثانيا التزامه منهجا تاريخيا اجتماعيا في معالجته لهذه الصلة تجلى في تبنيه مبدأ الاتصال والعمق التاريخي للثقافة السودانية؛ ثالثا مازج بين تاريخية الظاهرة الثقافية والفنية وبين بنيتها الراهنة التي تستبطن ماهية تلك الثقافة وطبيعة تلك الحركة الفنية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
] لولا أنه ليبرالى .. لم يكن احمد الطيب سعيدا بهذا المثقف (الأسطى) الذي يجيد تخصصه
يتمتع بقدرة لاتبارى في ابتكار المصطلحات الفكاهية الساخرة
بقلم : محمد عثمان مكي
- أنه مثقف رائع ... لو لا انه ليبرالي التفكير.. هكذا غمغمت لنفسي متأسيا بالحكمة المصرية الخالدة( الحلو ما يكملش)؛ فقد كنا في السبعينات في القرن الماضي حيث شكلت شعارات الثورية الشمولية جداراً سميكاً قادراً على حجب كل أضواء التنوير والعقلانية ... وحيث لم تكن اليبراليه دليلا على تفتيح العقل والسماحة تجاه الآخرين ، بل كان لها معنى آخر هو انعدام المبدئية والتردد والفوضى الفكرية ... الخ.
ولكن .......... لنبدأ القصة من أولها .. في نهاية السبعينات تم قبول طلبي لتدريس علم الفلسفة في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية . ذهبت لاستلام العمل - ولم أكن اعرف أي شخص من العاملين في الكلية. وكان أول من قابلته أستاذا لم يرحب بي كثيرا (علمت فيما بعد انه من الصنف الذي كان الطلاب يطلقون عليه لقب الديناصورات)، كان رده جافا وعدوانياً: اذهب إلى قسم الدراسات الاجتماعية، ستجد شخصاً لابد أن يعجبك، فهو مثقفاتي يجيد الكلام ، ونحن كما ترى كلية عملية !) . ذهبت إلى قسم الدراسات الاجتماعية والذي لم يكن أكثر من غرفة صفيره جداً (يبدو إنها كانت في يوم من الأيام مخزنا لأدوات الرسم) . سألت عن رئيس بقسم المثقافتي) . . وجدته، صافحني بابتسامة واسعة، مقدما نفسه: احمد الطيب زين العابدين.. وأنا أمد يدي لمصافحتة ، تأكدت من أن عدد أصدقائي قد زاد واحداً. وكان هذا مكسباً.. كان بشوشاً ، لصوته رنين متميز ومحبب ، ضحكته مجلجلة، يتمتع بقدرة لا تبارى في ابتكار المصطلحات الفكاهية الساحرة التي ما أن تستطعم حلاوتها ، حتى تحس مباشرة بطعم مر لاذع للسخرية الناقدة التي يستنبطها المصطلح.
كان احمد الطيب فنانا تشكيلياً، ناقد فنياً، قاصاً ، مؤرخاً ... وفوق كل هذا وذاك مفكراً ليبرالياً ... يناقش، ينتقد، يهاجم، يسخر - ولكنه ابداً لم يدع احتكار المعرفة، لم يرفض لفكر الآخر المناقض له ، بل كان دائما يدعو للتعايش معه. لم تعجبني ليبرالية احمد الطيب في ذلك الوقت ، بالطبع السبب لم يكن كامنا في مفهوم اليرالية نفسه، بقدر ما كان نتاجا لخاصية في سباق استيعابي الخاص لمراحل تطوير الفكر الإنساني (هذا بالطبع موضوع آخر ومعقد ليس هذا مكانه - ولكن المهم فيه ، أن ليبرالية احمد الطيب كانت امتيازاً ، كنا محرومين من القدرة على تقويمه بصورة ايجابية).
أحمد الطيب زين العابدين هو مؤسس قسم الدراسات الاجتماعية في كلية الفنون الجميلة ( فلسفة، تاريخ ،فنون، علم جمال، علم نفس، ...) يل وأتجرأ على القول بأنه احد المناضلين القلائل في جبهة تخليص المثقف السوداني من أسر عقلية (الأسطوات) التي غرستها وبعمق الفلسفة الإنجليزية التجريبية في رؤوس مثقفينا من خلال المناهج الدراسية،منذ مرحلة الأساس وحتى الدراسات العليا. لم يكن احمد الطيب سعيداً بهذا المثقف ( الأسطى) الذي يجيد تخصصه، ولكنه يجهل علاقة هذا التخصص بباقي مجالات الحياة الأخرى. واختار أحمد الطيب ميدانا لمعركته ... كلية الفنون الجميلة والتطبيقية.
كانت الكلية – مثلها مثل المؤسسات الأكادمية وغير الأكاديمية الأخرى في البلاد – ترفع راية التخصص الضيق المعزول عن باقي المعارف الإنسانية. وكان شعار العداء للعلم الإنسانية يعلن عن نفسه بلا حياء وبتبجح . الفنان... هذا الكائن نصف المقدس، ليس له سلاح سوى الفرشاة أو الإزميل، وهو أصلاً موهوب ... لماذا تزعجه بخطرات أرسطو وكانط وهيجل وغيرهم .. هل حاول احدهم أن يرسم؟ وحتى الفنانين أنفسهم ... ماذا يهم منهم غير لوحاتهم ... ثم ها..ها.. ها .. سمعتكم تحاضرون عن كافكا وديستيوفسكي وغيرهم من الأدباء ... لم يبق لا أن تدرسوهم الاقتصاد السياسي .. أيها المثقفاتية، اتركوا الفنانين في حالهم... هكذا لخص أحد الديناصورات الرؤية (العلمية) الرسمية في الكلية . وسط هذه الأجواء كان أحمد الطيب بثبات وصبر وجلد ، أساسا جديداً للفنان المثقف المرتبط بعصره وكل العصور السالفة بل واللاحقة . كان يلاحق الأكاديميين والمثقفين للعمل معه في الكلية لتدريس العلوم الاجتماعية المختلفة، ويعمل على مكتبة الكلية البائسة بجلب المزيد من الكتب في مختلف المصادر حتى الشخصية، وهو أول من أدخل في الكلية نظام كتاب البحوث والدراسات، بل وجعل منها شرطاً أساسيا للحصول على شهادة التخرج (والتي ارتقت بفضل قسمه هذا من مجرد الدبلوم إلى شهادة البكالوريوس).
كنت أقوم بالتدريس في أخرى، لم أجد فيها تلك الأجواء التي وفرها أحمد الطيب إلى كليته. ولذلك كنت أفرغ سريعاً من عملي في تلك الكلية لأذهب إلى كلية الفنون لأقضي أكبر وقت ممكن في مكتب رئيس القسم ، تلك الغرفة الضيقة المعتمة (ليس بها نوافذ) والتي تتحول في كثير من الأحيان إلى صالون فكري، أو قاعه للمحاضرات واسعة بفضل رحابة صدر صاحبنا. كنت حينها ضد التفكير الليبرالي، ومن أنصار(الفكر الوحيد السليم) ، ولكنني كنت أرى في نفسي نزوعا كامنا( يشوبه التوجس) نحو احترام الرأي الآخر، بل وإمكانية أن تتسلل منه آراء سليمة تهدد احتكار (الفكر الوحيد السليم) للمعرفة. وهذا ما حبب إلى المناكفة مع ذلك الليبرالي المتمرد على كل شئ . وكثيراً ما كان يداعبني بسخريته اللاذعة: (ياخي أنا عندي مشكلة . عاوزك تديني روشتة ماركسية قوية أحل بيها مشكلتي) .. لم أكن أرى في هذه المداعبات أي نوع من خشونة؛ إذ كان احمد نفسه دارسا للماركسية، معجبا بثرائها الفسلفي وإمكانياتها الضخمة في رؤية الواقع ، وإمكانية المساعدة في تغييره ، ولكنه لم ير فيها نهاية المطاف للفكر الإنساني، وعند هذه الملاحظة الأخيرة كنا نختلف في ذلك الوقت .
كان معجبا إعجابا شديداً بالمفكر الماركسي/ الفرويدي أريك فروم ، وكنت في ذلك الوقت - لسوء الحظ أترجم كتابا لفيلسوف سوفيتي يمرمط فيه فروم ويكيل له ما قدره الله عليه من اتهامات بالذاتية و التحريضية و(الليبرالية) و العمالة ... الخ، القائمة إياها. وكنت أتبنى مواقف الفيلسوف السوفيتي. تناقشنا في هذا الأمر كثيراً، و لكن جملة قالها أحمد الطيب أبت أن تترك ذاكرتي على الإطلاق : (شوف طالما أنت بتفكر بطريقة علمية وموضوعية، لا بد في يوم من الأيام ستعيد تقويمك لأريك فروم ولهذا الفيلسوف السوفيتي الجربان).
وقد كان ... صحيح أن مراجعتنا لبعض ما كنا نعتقده في الماضي لا تعني التنكر لذلك التراث الفلسفي و الفكري الضخم الذي كنا نقتات عليه والذي أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن ... وصحيح أيضا أن كل ما كان يقال سابقا من نقد ضد الأحادية والجمود، ليس كله سليماً وموضوعياً. فالحياة أكثر تعقيداً من هذا التبسيط المخل. ولكن الصحيح أيضا و المهم هو أن تراثنا الفكري المعاصر يتكون من منابع ومجهودات متعددة، و بمساهمة من رموز مستنيرة من أفراد من مجتمعنا قد تكون ضحية للطابع الأساسي الأحادي الحاد للصراع بين قوى الاستنارة وقوى التخلف. وقد أهملت القوى السياسية في كل من الجبهتين جيشها الاحتياطي من المثقفين، لان المثقف يطبعه ينفر من الصرامة التنظيمية والتي - وإن كانت ضرورية في المراحل السابقة لتطورنا الاجتماعي- إلا إنها لم تعد الآن الوسيلة المناسبة لإدارة الصراع في الحياة.
أحمد الطيب زين العابدين، رمز من رموزنا الثقافية، لكل منا حق الاتفاق معه أو مخالفته، ولكل منا حق تقويمه بالصورة التي يراها. ولكن كل هذا لا يلغى حقيقة مساهماته الثرية في مجالات التشكيل و النقد الفني والقصة والسودانوية (والتي تجلت الآن، في الدعوة السائدة حالياً لاحترام التعددية الثقافية في بلادنا والعمل على خلق وحدة تعمل على أساس قانون التعددية). وفوق كل هذا وذاك، رحابة صدره و احتماله للآخرين وعدم أنفته من الاستفادة من كل منبع فكري يصادفه ... باختصار ليبراليته، و التي لم أرتح لها سابقاً، ولكنني أعتبرها الآن من أجمل خصائص هذا الشخص النبيل.
تحية لذكرى أحمد الطيب الصديق العزيز.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
] قراءة التاريخ من وجهة نظر داخلية
أحمد الطيب زين العابدين والسودانوية
كان تعرفي فكريا للمرة الأولى على أحمد الطيب زين العابدين، من خلال مقالتين لفتتا نظري إليه بصورة لم أحسها مع أي كاتب آخر، وأنا في بداية طريقى مع عالم الكتابه ... وما جذبني إلى تينك المقالتين، وضوح المعالجة النقدية للموضوع وعمق التحليل وأعتقد - إن لم تخني الذاكرة- المقالة الأولى كانت دراسة في أدب الروائي إبراهيم اسحق ، نشرت مطالع الثمانينات على صفحات ملحق الأيام (للآداب والفنون) الذي كان يشرف عليه القاص عيسى الحلو... وفي تلك الدراسة قدم زين العابدين وفق تحليل نصى مقارن- ما بين الأدب والفلكلور- استنتاجات بارعة في الكيفية التي وطن بها إبراهيم اسحق بنية الحكاية الشعبية المتمثلة في قصة (ود الملك وود الحطاب) وفي نص روايته القصيرة المعروفة (أخبار البنت مياكايا) وهو نص وعر استلف له إبراهيم أكثر من خطاب لمعالجة دلالاته ومرموزاته المضمونية التي سعى لتجسيدها في سياق أسئلة قضايا التكوين الثقافي والعرقي للمجموعات السودانية إبان القرن السادس عشر على تخوم المنطقة الواقعة على ضفتي النيل الأبيض مابين فاشودة والجزيرة أبا... وأبان احمد زين العابدين في تلك الدراسة التجرية البلاغية لإبراهيم إسحاق في استلهام بنية الحكاية الشعبية وإخضاعها لمقتضيات الكتابه الفنية الروائية.....
والقصة الشعبية نفسها كان إبراهيم اسحق قد أخرجها في كتاب للأطفال حمل ذات العنوان(ود الملك وود الحطاب) . أما المقالة الثانية فارتبطت بالتباسات مناخ الكتابات المستثارة بتجربة النميري في تطبيق قوانين الشريعة عقب تشريعات سبتمبر (1983)،وما شهدته تلك الفترة من اتجاهات في الكتابه العاطفية للموضوعية التي نادت بإعادة فهم وقراءة ظواهر التاريخ السوداني على ضوء مستجدات المرحلة.. فكتب أحمد الطيب زين العابدين مقالته التي نشرت بمجلة (الخرطوم) ووسمها بعنوان(التاريخانية السودانية ومسألة الاستمرارية الحضارية كما تبين في كتابات المثقفين السودانيين) عالج فيها بالنقد الموضوعي المنهجي ما أثارته مقالات بعض الكاتبين في ذاك المناخ من دعوى جنحت نحو إنكار سودانية المتحف القومي بسبب ما يحتويه من مظاهر للثقافة المادية التي لا ترى فيها تلك الأقلام إلا تراثا وثنيا وتمجيداَ لثقافات نصرانية مسيحية.. فتصدى كاتبنا الراحل المقيم لمثل تلك الكتابات في مقالته الآنفة الذكر وفق تحليل عميق شرح فيه عبر تعقيدات نظرية ومصلحيه مفهوم الاستمرارية الثقافية الذي ظل احد أهم المرتكزات النظرية في المشروع الثقافي الفكري لأحمد الطيب زين العابدين انطلاقا من عبارة العنوان التي احتوى على كلمة (التاريخانية) وهي مصطلح أسهب في شرحه في صلب مقالته مبينا الفروقات الدقيقة بين ما يمكن أن نسميه (تاريخي) من وقائع التراث الإنساني للمجتمع وما يمكن أن نسميه ( تاريخاني) ...وقد قدم حججه المعرفية الدامغة على مثل ذلك التدليس الثقافي في خطابات أولئك المنكرين لسودانية المتحف القومي، والتي بلغت - ربما - مقاما صريحا من الجهل الفاضح بوقائع التاريخ والتجربة الإنسانية والحضارية الذاخرة للإنسان السوداني على تخوم حوض النيل الخالد وأرض فجر الحضارة الإنسانية.
لم اقصد بذكري لهذين النموذجين من كتابات أحمد الطيب زين العابدين ، تقديم دراسة وافية عن منهجيته وطرائقه في التفكير والكتابة ... فتلك غاية لا يدعى كاتب هذه السطور القدرة على تجشم مشاقها، وإنما أوردنا ما ذكرناه لكي ندلل على أساسبة في ما يتعلق بتراث احمد الطيب زين العابدين الثقافي والفكري، وهي قدرته البليغة على التنظير والاجتراح النظري في معالجة قضايا الواقع الثقافي السوداني من بوابة النقد، وكذلك من جهة قدرته الفذة على الإنتاج المعرفي بإشكالات هذا الواقع الملحة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا، فأحمد الطيب من هذه الناحية كمثقف منتج للمعرفة في حقل الدراسات السودانية المعاصرة يمثل أحد ألمع الأسماء في ذلك التيار الذي رسخ الآن وتحددت معالمه واتجاهاته، ونعني به تيار مدرسة( السودانوية)؛ وللكلمة في ما حدث من تطورات على المستوى السياسي- مؤخراً - أبعاد ودلالات قد تنطبق على مفهومها (الثقافي) الذي نادت به جماعة أو تيار السودانوية في الحقل الثقافي والدراسات السودانية بشكل عام، أو قد لا تتطابق مع محددات المصلحة أو في بعده السياسي. والذي يعنينا هنا من هذه المسألة، المرتكزات النقدية والتنظيرية الحديثة للسودانويين ومنهجيتهم لتلافي نواحي القصور في خطاب الدراسات السودانية ومرجعياتها المؤسسة لها على اعتبار أنها كتبت ودرست في معظمها من الخارج أو من إسهام علماء أجانب من شاكلة الرحالة، وملفات ومباحث الإدارة الاستعمارية...
ولذلك نجد زين العابدين يشير لمثل هذه العقبات التي يواجهها الباحث السوداني في مقالة الموسم بـ ( الرموز التشكيلية الحية في الثقافة السودانية – مجلة الخرطوم عدد11- أغسطس 1994م) ما يلي (إن الباحث في الآداب السودانية، قد يعاني من مشكلات منهجية حقيقة، خاصة إذا ما كان مشغولا بمثل مانحن به مشغولون من مسائل التواصل الحضاري، مثل محاولة الربط ما بين الحديث والقديم، لرؤية شكل الاستمرار الأدبي، فقد يواجه بتقاطعات لغوية، واندثار اللهجات وثنائيات العامي والفصيح ، مما لا يواجه الباحث في الثقافة المادية والتشكيل... ويشير زين العابدين في ذات المقال إلى أن الحلول المتوقعة لمثل هذه العقبات (مرتهن حلها بحلول مشاكل علوم إنسانية أخرى مثل علوم الآثار والانثروبولوجيا والتاريخ العام وهي علوم معاصرة). وعلى ضوء هذا التشخيص للمعضلات التي يواجهها الباحث والأدبي في ميدان التاريخ الثقافي توسل كاتبنا مداخل منهاجية مختلفة لقراءة الظاهرة الثقافية السودانية وذلك بهدف واضح وهو إعادة قراءة هذه المنظومات والظواهر التراثية القارة في صلب هذه الثقافة بعيون سودانية ترى إليها في نمط اتساقها واستمراريتها وتحوراتها التاريخية، أو بكلمة واحدة قراءة للحيثيات التاريخية السودانية (من وجهة نظر داخلية) وذلك لتعزيز التفرد، والقضاء على حالة الدونية التي قد تتلبس الفرد السوداني إزاء ثقافة الآخرين.. فمعرفة الخصوصية الحضارية كما يقول زين العابدين(يبعد شبح الدونية الثقافية – ويجعلنا أنداداً بالآخرين).
وختاماً نقول إن أية دراسة حقيقية تود أن تقدم مقاربة واقعية لإسهام أحمد الطيب زين العابدين النظري والفكري في خطابنا الثقافي المعاصر لا يمكن لها أن تحقق مثل هذا المسعى الا من خلال تقدير جهده العميق الأصيل في إثراء البحث المعرفي وتطوير الصياغة المصطلحية لما عرفناه لتونا بمدرسة أو تيار (السودانوية) داخل حقل الدراسات السودانية المعاصرة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
][
كان شهابا توهج، اضاء وبقي فكراً وانطفأ جسدا بقلم : صلاح إبراهيم
العبارة أعلاه مقتبسة من عنوان كتاب شربل داغر الرائع عن الشاعر الفرنسي رامبو، لظننا أن بين الرجلين ، أحمد ورامبو بعض الوشائج، أولاها: القدرة على التأثير على الآخرين فكريا، والثانية طقس العبور السريع القصير الأمد . أحمد كان شهابا، توهج ، أضاء وامتد في الزمان والمكان وبقى فكرا ثم انطفا جسداً .
تعود معرفتي بأحمد ، الطيب بلا حدود ... لبواكير العام 1979م حينما كنت طالبا بألسنه الأولى بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية، وأحمد كان أستاذاً بها، قدم – لسنوات قليلة خلت من مبتعثه بانجلترا.
كان يردد ياستمراروبصبر يحوي الكثير من الأناة نظريته الثقافية الأثرية عن ثقافة المركز، والحزم والتي ولجت أخيرا إلى دهاليز الخطاب السياسي وصارت تعرف بمسكوكة المركز والهامش؛ وظل المركز ماثلا في ارتخاء وتحول الهامش إلى أطراف عديدة.
درجت كلية الفنون ضمن منهجها ( الكولنيالي) على إقامة رحلات للطلاب حسب سنوات الدراسة، في السنة الأولى لمناطق النيل الأزرق ، وفي السنة الثانية لمناطق جبال النوبة، وفي السنة الثالثة لمناطق البحر الأحمر، وفي السنة الرابعة لمناطق جبل مره بدارفور.. وتختم بإهرامات الجيزة بمصر.
كان الأستاذ مشرفا على رحلة السنة الأولى التي كنا ضمنها ولم نكن ندري أن الرجل كان باحثا في الثقافة المادية إلا بعد سنين عددا بعيد ذلك طيلة الرحلة التي كانت تسترسل في الزمان على مدار شهر.. كنا في كل المواقف ننصت ذاهلين للرجل .. كان الرجل أمة تحشد في فرد وكانت المعرفة تحتشد في فرد، وكانت المعرفة تحتشد فيه حتى خلناه لا يقوى على ابتلاع الطعام! كان الأستاذ دهقونا ذا طرفة طازجة يجيد الحكي والأنس في سماح الحبوبات بعد صلاة العشاء ورواء الماء القراح. كان يتحدث في الشيء واللا شيء، إذ أن المعرفة في منتهاها هي القدرة على التمييز والتكييف في آن معا.
كرت مسبحة الأيام- والكائنات نيام – صار الأستاذ عميدا لكلية الفنون، وفرضا لذلك وكانت الليالي حوالك، ومايو تسعى نحو الانتفاضة ! كنا أوانئذ على أعتاب التخرج ، كنا شهوداً على الكثير من مجاهدات ومكابدات الأستاذ.
ساهم منهجيا في إدخال الكثير من المواد التي تعنى بالحضارات في السودان، والفن الإفريقي، والثقافات الإفريقية التي تعنى بكل ضروب الفنون في إفريقيا. وعرج بنا في محاضراته الرشيقة على الأدب والنحت في إفريقيا النقية وليست السوداء.
زاد الأستاذ من معدات الحوار حول الثقافة والثقافات في السودان وخارجه ! استقطب الأستاذ لفيفاً من الاكاديميين من جامعة الخرطوم لتدريس الفلسفة واللغة الإنجليزية ومناهج وطرق البحث العلمي الأكاديمي .
الأيام تترى ، ونعتزنحن كدفعة بالأستاذ كثيرا، لأننا أول دفعة تتخرج في عهده بالبكالوريوس بديلا عن الدبلوم الذي امتد دهورا.
في تقديري المتواضع أن الأستاذ أحمد قد وطن للكتابة الناقدة حول التشكيل ، إذ أن الكتابة على قلتها قبل الإنسان كانت لا تخلو من وصفية وانطباعية وسجال يتوشح بالظلال السياسية والتناحر الأيديولوجي بعيدا عن الموضوعية واحترام مشروعية الاختلاف واتيان السلوك الديمقراطي!
كان الرجل دائبا في عطائه الإيجابي وخدمة التعليم والتربية – باعتبارهما آليتان للتغيير – ديدنه . فكانت كلية التربية جامعة السودان، وكانت (دار النسق)، وكان تعاونه في مجال كتب الأطفال مع شريف مطر، وكانت مجموعة من المقالات والمحاضرات عن التشكيل .... وكانت السودانوية على قمة الهرم الثقافي لديه.
وفي واحدة من لقاءاتنا غير المتكررة بحكم الظروف، حدثني وقال لي ان الخرطوم ليست قارئة ولا كاتبة شأن العواصم رصيفاتها، والمدن التي يتمشدق أهلها بالتمدن والرقي المعرفي . يقصد الاستاذ - بكلامه ذاك- أنك لوتتبعت الأدبيات المنشورة في كل التخصصات ، من أدب للطفل والاقتصاد والفنون والاجتماع... الخ بأقلام سودانية لما قبضت إلا الريح.
ملأ أحمد الخرطوم بالكتابة حتى صارت الكتابه تسعى بين الناس منتعلة حذاءاً لا بأس به، ومرتدية زيا من جميع مناحي السودان الثقافي.
ختاما: أود أن أضع نفسي في موضع المدين للأستاذ بالعرفان لما سجله في حقي وشمس الدين بشارة وسيف لعوتة ، بان سمى اجتهادنا التشكيلي بالتيار الجديد في التشكيل في السودان، يضاف إلى ما هو موجود ويأخذ منه ويتدبر ماذا يفعل ! لقد رأىالممالك القديمة في رسوخها، والأزياء والوشم وكل ما هو سافر ومحتشم وما كنا نعي ! غير أنا كنا نود ان نكون سوادنيين مثله ، ألا رحمه الله رحمة متسعة . 6/7/2003م الخرطوم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
][
سودانوية ابن زين العابدين بقلم :د. يوسف حسن مدني
***** وإذا انتهيت اليك من وجع المسافة
شب في الجوف حريق
فاكتبيه عندك الآن علوا
في مساحات النداء
واجيبيني بلى
أتقوم في تاريخ تاريخي حقيقة؟ *****
لم يجئنى من سويعات اللقاء الحزن
غير الانتظار
من جديد ضج جلدي بالسؤال
كيف ترتج الأماكن كيف تختنق المحابر
انعتاق الحرف قال
عنصر التكوين في حنجرتي
محال
سكت الشعراء واستسقوا وقالوا
رحم الله القصيدة *****
وتأوه الحلق وأرغى من رتيب
من طنين اللحن يسنت
في اصفرار الحرف
من هذى؟ أتدرى؟
كيف لا وأنا وجيب القلب أسمعه
هنا وهناك يحتل المقاعد في المقاهي والمنازل
في صروح الجامعات
اللحن يسكت في الضريح
اللون يمسك في مساحات الصروح
بل اصفرار الحرف قزم كيف تنهد الجسور اليك من هذى
أتدري؟ *****
كورت قبلتها الأولى لنا في سابحات من أثير عل جرحي يندمل
لكن جرح الجن هذا لم يغادر
انتباه...
فرية الخلق تجلت في محاجر مقلتيها من جديد كورت أخرى لنا في سابحات من اثير
تحمل البشرى
تواترت الإفادة عشبة تهب التداوي
الحاملى جرح السرى
القى يفئ
بيارق الرؤيا ترف حمامة زيتونة مشكاة تاريخ
تفى بالمنذر من هذى أتدرى؟ *****
اللون لؤلؤة التجلي
يا ابن زين العابدين الزاهدين
السالكى درب الكتابة
كيف لا أبكي وأنا وجيب القلب أسمعه
هنا وهناك يحتل المقاعد في المقاهي
والمنازل في صروح الجامعات
وإذا انتهيت اليك من وجع المسافة
ألقيت عندك قامة الشيخ الطريقة
حبري الصفحات في ثقة التجلي خر حرفى شاهدا
بخلود روحك مرتقى
يختط للناس طريقا في حديقتنا الكلام
فاكتبوها عندكم فصلا
فصولا في مساحات المدارس
قد عرفناها أتدرى؟ *****
هي معبر لمحاط خيل الليل ... كلا
هي صرخة في واد لا
هي اسمنا هي رسمنا هي رمزنا
هي أمنا هي كلنا
هي متلقى وعد مسيد *****
يا وريف القلب
مسدار وطمبور وطبل الاستواء
وسافانا مطيرة وفقيرة
وصحارى
وشراع ودميرة بنقولو وإزار
وطار
كل بوستة قونشمن
دمزوقة في قلب ريرة ومهيرة
وحريرة وضريرة نبضهم في قلب مريم
فارس الغرب تحزم
من بلاد الفور حمحم
زينب تجر النم نم نم هانئا في صدر مريم ذكر صوفي يزيد الكم كما. . حلق الشيخ
وترجم
يرتشف من ماء زمزم ومن النيل الحياة
ضاق ماعوني فزيدوا ... سكت الشعراء
واستسقوا وقالوا...
رحم الله القصيدة *****
الأربعاء 4/2/1998م الخرطوم بحرى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
Dr. Rufa3i wrote:
Quote: إن منطقة ( سرف الحسين) تمتزج فيها القبائل العربية والإفريقية التي اكتسبت لهجة عربيه مكسرة وانها فقدت لغتها الأم . أو أن هذه اللغة الأم في طريقها للاندثار بعد خضوعها لسلطة الثقافة العربية الإسلامية طوعا لأن اللغة لا تؤتى إلا بالتلاقح والتمازج ؛ وأن اللغة العربية باعتبارها لغة (القرآن الكريم) - ودارفور كلها لا تنتشر فيها ديانة غير الإسلام - وإذا وجدت فان نسبة أي ديانة أخرى لا تتعدى 1% ، مما يعني أن اللغة العربية صارت هي اللغة المطلوبة للعلم والدين. ¡ 56. |
I wonder why ustaz/عبد العزيز مختار دهب considered this way of language 'disappearnce'a voluntary one? When the oppressed find themselves forced to use/adopt another language, and may be another religion, too, !we should not call it Voluntary
What do you think?
mohamed elgadi
P.S. Thanks, Dr. Rufa3i, for sharing this important file..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ملف الأديب الراحل / أحمد الطيب زين العابدين (Re: Mohamed Elgadi)
|
الأستاذ الأديب الراحل/ أحمد الطيب زين العابدين
طيب الله ثراه..
لا زلت أذكر كلماته في أول يوم حط بينا فيه بكلية الفنون الجميلة.. ذلك الصباح من أوائل اكتوبر 1982م كانت كلماته ممزوجة بدفء الترحاب والتوجهات والمرتكزات الهامة في دنيا التشكيل.. كان يوقد فينا صبح الزمن القادم والجاهزية للولوج في عوالم الإبداع والوعي.. ولحق بنا في جبال الأنقسناأخا زميلا وصديقا.. بعيدا عن عباءة العمادة والأستاذية.. جلس معنا في تراب الأرض حاورنا ونورنا وأتحفنا بمفاهيم التشكيل.. وبماهية الفنان ورسالته.. رحم الله أستاذنا أحمد الطيب..
نواصل
عبدالعزيز
| |
|
|
|
|
|
|
تحياتي ... (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
.
الاستاذ عبد القادر الرفاعي .. أخلص تحياتي ..
وفاء لروح أستاذنا أحمد الطيب زين العابدين هل تم فتح هذا الملف على موقع ملتقى التشكيليين السودانيين؟ فهنالك الكثير من تلاميذه وأصدقائه وعارفي فضله وعلمه وإسهامه الكبير الباذخ فقد كنا لا نمل الجلوس اليه .. حتى يطردنا مازحا، وهو يلوح بعصا كانت تعينه على الحركة لتتنزل على قبره شآبيب الرحمة والمغفرة .. بقدر ما قدم للفكر وللثقافة .
سيف اليزل
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صاحب السودانوية (Re: kh_abboud)
|
الاخ عبد القادر الرفاعي
تحياتي
دعني احيي عبركم الدكتور عبد المنعم خليفة الخبير الاقتصادي بوزارة التجارة والصناعة بسلطنة عمان والذي جمعتني به الصدفة نهار اليوم في مكتبه بالوزارة . سالني الدكتور منعم عما اذا كنت متابعا كتابات شخصكم عن الاستاذ التشكيلي احمد زين العابدين واجبته بكل اسف لا يا دكتور . حديث الدكتور عن روائع الراحل المقيم احمد زين العابدين جعلتني ابحث عن كتاباتكم حوله.
خالص امتناني لكم ولدكتور منعم وساظل حاضرا ومتابعا كتاباتكم في هذا البوست .
خالص الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صاحب السودانوية (Re: kh_abboud)
|
الأعزاء :
محمد القاضي عبد العزيز عيسى صبري الشريف سيف اليزل الماحي الباقر عثمان خلف الله عبود
لكم المودة والإعزاز.. مع عظيم التقدير لكلماتكم المضيئة عن الراحل العزيز .. الانسان والأديب الشامل والفنان المبدع أحمد الطيب زين العابدين .. وفي انتظار المزيد منكم..
د. عبد القادر الرفاعي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صاحب السودانوية (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
واحدٌ هو من رموزنا الوضّاءة .. رجلٌ علمٌ موسوعي .. و مبدعٌ فريد الطراز . توهج كثيرا و أضاء .. ثم رحل في هدوء .
لأستاذي و معلمي أحمد الطيب زين العابدين الرحمة و المغفرة .. شكراً أخي الرفاعي على هذه الجرعة التوثيقية في حق رجلٍ يستحق أن تسود له و لفكره و سيرته و أبداعه مئات المؤلفات .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صاحب السودانوية (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
الأكرم : الرفاعي
قرأت له ، كان يكتُب ، ولديه حياة فكرية تحملها روح خلاقة . ذهن متفتح .. و ددت أن ألقاه وهزم الرغبة سيف الرحيل . أنت خير موثق ، ليتنا جميعاً نوثق لمبدعينا . لم يذهب من يُبدع وينقل لنا إبداعه . وهنالك الكثير الذي يتعين تناوله بالمباحث : لغته ، نهجه ، والتراث ،....الخ
شكراً لك ولأضيافك الكرام وللذين كتبوا عن الراحل : الأستاذ / أحمد الطيب زين العابدين ملف رائع بحق
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صاحب السودانوية (Re: عبدالله الشقليني)
|
تحية لذكرى الرجل العظيم تماما كما ذكر استاذنا الامين محمد عثمان كون المرحوم رائد في تدريس العلوم الانسانيه ذات العلاقة بالفنون كنا محظوين اذ تولانا في ذلك منذ السنه الاولى وتحولت مسز آن الي تريس المصطلحات الفنية واللغة الانجليزية واظن ان هذا مجالها! وادخل مادة علم الجمال عبر الفلسفة بجلبه استاذا كبير كالراحل محمد عثمان مكي وكذلك الاستاذ صلاح الجرق
معه ومعهم لم تعد المسالة اجتهادات بل منهج واضح يدرس للطلاب وقد استفدنا منهم غاية الفائدة
احمد الطيب باحث وليس ملقن كاتب اصيل ومساهماته لاتزال مطروحة بقوه اتفقنا ام اختلفنا معه
له الرحمة مضى كالحلم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صاحب السودانوية (Re: محمد سنى دفع الله)
|
شكرا اخي و الله كان اكثر من اب بالنسبة لي
لا اجد شئ غير ان اطلب من الله ان يحفظك دخرا لنا
لانك حافظ للجميل و هذا العالم الجليل السودانوي ارث لعلماء السودان و العالم انه رجل عصامي بني نفسه بنفسه واصبح ابا لنا جميعا... انه ابا للسودانوية الحقة التي نحن اليوم في حوجة لقراءة افكاره بصوت عالي
نحن ابناء تضامن اهل الريف و الحضر
شحتو
| |
|
|
|
|
|
|
|