نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) (Re: عاطف عبدون)
|
الدّيموقراطيّة الليبراليّة والنّظام الرّأسمالي
ليس هناك شكل واحد للدّيموقراطيّة، إمّا أن تجري وفقه وإلاّ فهي مطعونة في أصالتها وصدقيّتها. فكما أشرنا أعلاه، تتشكّل الدّيموقراطيّة وفق الواقع الثّقافي التي تتنزّل فيه. وهي إذ تفعل ذلك، إنّما لإيجاد الحلول العمليّة لمشكلات عالقة لا بدّ من استشراف الحلول لها، وإلاّ فإلى مزيد من الفشل. فقد أنتج لنا بروز الطّبقة البرجوازيّة الفلسفة الليبراليّة التي عملت على تحقيق تحرّر الفرد من ربقة نظام الأقنان والإقطاع الذي كانت تسيطر عليه الطّبقة الأرستوقراطيّة. وعندما سيطرت هذه الطّبقة على النّظام الاقتصادي، وببروز الرّأسماليّة، كانت الليبراليّة قد أصبحت بمثابة الإنجيل الثّقافي للطّبقة البرجوازيّة. وقد كان ذلك فتحاً عظيماً، به نحرّر ملايين الأقنان من النّظام الإقطاعي الذي تهاوى تحت سنابك رأس المال المتنامي في يد ملايين الأفراد ممّن ليست لهم أيّ خلفيّة نبيلة، أيّ من رعاع النّاس (الرّجرجة والدُّهماء). ولهذا عمدت الرّأسماليّة إلى الاستفادة التّامّة من الفلسفة الليبراليّة لتكريس نفسها، وقد حُقّ لها ذلك، فالفلسفة الليبراليّة بنت الثّقافة البرجوازيّة وصانعتُها في نفس الوقت. وعلى هذا تشكّلت لنا قوالب تنظيميّة ذات ترميز لغوي اصطلاحي بعينه به أصبحت الدّيموقراطيّة التي تبلورت في ظلّ الفكر البرجوازي تنماز به عن غيرها: هذه هي الدّيموقراطيّة الليبراليّة تحديداً، وليس الدّيموقراطيّة مطلقاً. وقد طغى وفشا هذا الفكر حتّى أصبح من الصّعب، إن لم يكن من المستحيل، التّعرّف على الدّيموقراطيّة بدون مسوحها الليبراليّة.
وفي الحقِّ فإنّ الليبراليّة، من حيث جوهرها المتعلّق بتحقيق أكبر قدر من الحرّيّة الفرديّة، ذات جاذبيّة طاغية. فهل أجمل من أن يكون الفردُ حرّاً لا سيّدَ له غير خُلقٍ قويم وضميرٍ حي؟ والإنسان نزوعٌ إلى الحرّيّة، وإلاّ فيم قولُ عمر (رض) لعمرو بن العاص: "متى استعبدتم النّاسَ وقد ولدتهم أمّهاتُهم أحرارا؟". فالحرّيّةُ حقّ إنساني أصيل، ولا يجوز الانتقاص من حرّيّة الإنسان إلاّ لمصلحةٍ عليا تتعلّق بالفائدة العامّة. ولكن هذا لا يعني أنّ الفرد في حقيقة أمره يظلّ حرّاً في النّظام الرّأسمالي؛ ذلك لأنّ وجود أيّ نظام يعني في حقيقة الأمر التّقليل من حرّيّة الفرد مقابل مصلحة الجماعة. كما عُرف عن النّظام الرّأسمالي استغلاله للفرد لدرجة تغريبه عن إنسانيّته. ومع كلّ هذا تبقى مقولة إنّ الليبراليّة، من حيث ارتباطها بالحرّيّة، ذات جاذبيّة طاغية، مقولة صحيحة إلى حدٍّ كبير. ولكن، أحد أكبر الحجج ضدّ الدّيموقراطيّة الليبراليّة أنّها تّتيح للرّأسماليّة أن توظّف الإحساس الظّاهري للفرد بأنّه حرّ لسلب نفس الفرد من حرّيته، وذلك بتحويله إلى أداة من أدوات الإنتاج التي يسيطر عليها الرّأسمالي، بدلاً من كونه إنساناً منتجاً يستحقّ ثمار إنتاجه. وبهذا يفقد الإنسان إنسانيّتَه. وهذا يعني شيئاً جدَّ خطير، ألا وهو أنّ الدّيموقراطيّة الليبراليّة نفسها تضع حدوداً وضوابط للحريّة الفرديّة في نظامها، مع فارق بسيط يكمن في أنّ هذه الضّوابط تصبّ في مصلحة النّظام الّرأسمالي القائم على القوّة الشّرائيّة في السّوق، لا من حيث آليّة العرض والطّلب البسيطة، بل من حيث القدرة الاقتصاديّة على اختلاق حالات طلب بغية إشباعها بعرض مخصوص.
وعلى هذا يمكن القول بأنّه لا يمكن تطبيق الدّيموقراطيّة الليبراليّة بدون نظام رأسمالي. وعليه، لا يمكن تطبيق الدّيموقراطيّة الليبراليّة في أيّ دولة خارج المنظومة الرّأسماليّة. وبما أنّ المنظومة الرّأسماليّة قد قفلت على نفسها باب الرّأسماليّة من حيث هي نادي كبير يضمّ بصورة عامّة دول الشّمال في مواجهة دول الجنوب بدرجة أصبح من المستحيل أن تُقبل أيّ دولة من مجموعة الجنوب في هذا النّادي مهما بلغ تطوّرها الرّأسمالي والصّناعي والتّكنولوجي، جاز الخلوص إلى النّتيجة التّالية، وهي استحالة تطبيق الدّيموقراطيّة الليبراليّة في أيّ مكان خارج إطارها الزّمكاني المعروف بأوربّا الغربيّة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 01:47 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 01:50 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 01:53 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 01:55 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 01:57 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 01:59 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:02 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:04 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:06 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:09 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:12 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:13 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:15 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:18 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:21 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | عاطف عبدون | 02-11-09, 02:23 PM |
Re: حول العلمانيّة، الدّيمقراطية والإسلام ( د.محمّد جلال أحمد هاشم) | Yaho_Zato | 02-11-09, 05:27 PM |
|
|
|