تجربة الصين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 06:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-05-2009, 11:24 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36919

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تجربة الصين

    طعا لاننا لا نتعظ من فشلنا الممتد من 1956 ولا نستفيد من تجارب الشعوب
    اليت على نفسي نقل تجربة متقدمة وواعية جدا بل اضحت معجزة انها الصين عبر كتاب رحلة الي الصين للصحفي المصري جمال البناوحصريا على هذا البورد عسي ولعل نتجاوز خرافتنا في زمن العلم والمعلومات ونضع حارطة طريق علمية تجعل للسودان اسم في القرن الحادي والعشرين
    وهذا الامر يخص اهل الحكم واهل المعارضة على حد السواء


    الحلقة (1)

    رحلة إلى الصين
    مقدمة
    هذا الكتاب محاولة للتعرف على الصين، واكتشاف بعض ما جرى وما يجرى فيها من تغيرات تبدو فى عيون زوارها أقرب إلى المعجزات وفى عيون آخرين تبدو ثورة حضارية واقتصادية وتجربة مبهرة فى التنمية وبناء الإنسان.
    والصين الآن توصف فى كتابات الرحالة والمراقبين بأنها بلد تحدى المستحيل.. بلد الأرقام الضخمة.. التنين الأصفر.. العملاق الأسيوى القادم الذى يتسلل بخطوات هادئة وائقة ليتخذ مكانا فى المقدمة بين دول العالم الكبرى.
    ومثل هذه الأوصاف إنما تعكس الدهشة والانبهار، الأن التاريخ الحديث لا يعرف دولة أخرى انتقلت فى عشرين عاما فقط من دولة نامية من دول العالم الثالث إلى دولة تنافس الدول الكبرى فى العالم الأول.. دون أن تفقد توازنها أو تواضعها.. وما زالت تخفى من عوامل قوتها أكثر مما تظهر.
    والدهشة هى الشعور الطبيعى لكل من يزور الصين الآن خصوصا إذا كان قد زارها قبل ذلك بثلاثين أو عشرين أو حتى خمسة أعوام.. فقد بدأت نهضتها من نقطة الصفر، وتعداد شعبها 800 مليون نسمة، والأمية منتشرة بنسبة تزيد على 90% ومثل هذه النسبة من شعبها تحت خط الفقر. والزراعة بدائية.. والصناعة تعتمد على إدارة وتكنولوجيا قديمة.. وعندما تحركت للخلاص من آثار قرون من الاستعمار والتخلف مع ثورة ماوتسى تونج عام 1949 عاشت محاصرة تقريبا، ووضع الغرب أمامها العقبات، ونتيجة لرواسب القرون من الاحتلال والاستغلال كانت هى أيضا تشعر بالخوف على ثورتها وحلمها فأغلقت أبوابها تقريبا، وبدأت مسيرة عمل وتضحية جماعية لبناء كل شىء.. وظلت سنوات تعمل بهدوء.. وصبر.. وبعيدا عن العيون.. ولكنها تعرضت لانتكاسة خطيرة فى سنوات الثورة الثقافية التى قادتها زوجة ماوتسى تونج وعصابة الأربعة، واستمرت هذه الانتكاسة عشر سنوات كاملة، تحولت فيها البلاد إلى فوضى شاملة، وتوقف كل شىء تحت شعار الحفاظ على مبادئ الثورة من أعدائها.. وبعد أن انتهت هذه الفترة المظلمة عادت الصين مرة أخرى تواصل مسيرتها بفكر جديد، وروح جديدة، وقيادة جديدة.
    وكان هذا الفكر الجديد مواكبا للمرحلة التى قادها دنج شياو بينج ورفع فيها شعار (الإصلاح والانفتاح على العالم). وإذا كانت الصين قد استغرقت أكثر من نصف قرن لوضع حد لحالة الفقر والتخلف وتغيير صورة الحياة العقيمة للصين القديمة، فقد أنشأت فى عشرين عاما فقط نظاما صناعيا حديثا، وزاد الإنتاج الوطنى الإجمالى 56 ضعفا، ووصلت إلى 1250 مليون نسمة، ومع هذا العدد الضخم من البشر لم تعد فيها مشكلة الغذاء أو الكساء، بل حققت تحسنا ملحوظا فى مستوى المعيشة تبدو آثاره واضحة من النظرة الأولى فى المدن والريف لكل زائر.
    وكانت رحلتى لمعرفة كيف استطاعت الصين أن تحقق هذه النهضة فى عقدين فى الزمان فقط نجحت خلالهما فى جذب الاستثمارات، وبناء قاعدة صناعية وتكنولوجيا لا تقل عن مثيلاتها فى دول أروبا، ونجحت فى غزو أسواق العالم بمنتجاتها الرخيصة الجيدة، وانتقلت من العالم القديم المتمركز حول الأطلسى إلى عالم آخر من النمو حول الباسفيكى، واحتلت مكان القلب فى التحول الأسيوى، واستطاعت صياغة علاقاتها التجارية والسياسية مع الولايات المتحدة بالذات صياغة فريدة.. فيها الخلاف وفيها الاتفاق.. فيها الصراع والتعاون.. وفيها التحدى وتفادى الصدام.. ونجحت فى حل هذه المعادلات الصعبة كما نجحت فى الحفاظ على حالة الاستقرار التى تمكنها من المضى فى التغيير والتحديث.
    الصين الآن كما يراها المراقبون تمثل لعالم الصناعة النهم الذى لا يشبع أبدا ما كان يمثله العالم الجديد بالنسبة لأروبا منذ قرون أرضا جديدة شاسعة.. فيها قدرات هائلة.. وعوامل نمو.. وفرضا للربح الوفير.. ويمكن أن تصبح بعد سنوات نقطة ارتكاز المنافسة العالمية. والدليل على ذلك أن فائض تجارتها مع الولايات المتحدة يتزايد عاما بعد عام ويوشك أن يصل إلى مستويات سياسية خطيرة، ولذلك يتوقع بعض الباحثين أن الصين والولايات المتحدة ستصبحان القوتين العظيميين، وستكون لهما أهداف مختلفة.. ويتحدث بعض الباحثين أيضا فى الولايات المتحدة عن (الخطر الصينى) ويقولون إن على الأمريكيين أن يستعدوا لمواجهة واحتواء نذا الخطر. ودليلهم على ذلك أن حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة يزيد على ألف مليار دولار سنويا، والعجز فى الميزان التجارى بينهما لصالح الصين يبلغ ستين مليار دولار سنويا.
    والصين تعيش فى وسط دول آسيا التى تعرضت لأزمات اقتصادية، وقد استطاعت أن تحمى نفسها من الوقوع فى أية أزمة، ولم تضطر إلى تخفيض عملتها كما فعلت دول شرق آسيا، لأن العملة الصينية ليست مرتبطة بأى عملة أجنبية، وليست قابلة للتحويل حتى الآن إلا وفق قواعد وشروط، وبالتالى لا تستطيع أية قوة أجنبية التلاعب بسعر العملة، فهى فى مأمن من تأثير الضغوط الخارجية على اقتصادها وعملتها، وهذا هو السر فى قدراتها على النجاة فيما وقعت فيه دول مثل أندونيسيا أو ماليزيا أو حتى اليابان.
    ويتفق كل من كتب عن الصين على أن الميزات الكبرى فى الصين كثيرة منها أن تكلفة العمالة منخفضة جدا، وأن مهارة ودقة العامل الصينى طوال الوقت دون كلل أو محاولة للتهرب أو التمارض والتزامه بالعمل صفات ليس لها مثيل فى أية دولة أخرى. وهذا ما يجعل الصادرات الصينية قادرة على الوقوف بقوة فى المنافسة فى الأسواق العالمية مع الدول الكبرى.
    وكانت هجمات الغرب على الصين تأتيها من نقطتين.. الأولى أنها آخر قلعة للشيوعية وملكية الدولة لوسائل الإنتاج والتخطيط المركزى للاقتصاد فى عالم يسود فيه الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق.. والثانية هى الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيطرة الحزب الواحد.. ولكن انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1998 كان دليلا على أن الإسراع فى تغيير نظام الملكية، وفتح الأبواب للديمقراطية عشوائيا دون إعداد المجتمع إعدادا كافيا يمكن أن يؤدى إلى تفكك المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.. وأن سياسة التدرج فى تطبيق اقتصاد السوق والديمقراطية هو الذى يناسب دولة كالصين كبيرة الحجم وسكانها 1200 مليون نسمة، وفيها 55 قومية، ولابد لها أن تضمن أن يكون التغيير آمنا وتظل وحدة البلاد قائمة ولا يحدث فيها ما حدث فى الاتحاد السوفتى من تفكك.
    لم تنخدع الصين بالسراب الذى انخدع به الاتحاد السوفيتى عام 1997 وكان بمثابة قطعة الجبن التى جذبت الفأر إلى المصيدة، حين شهد الاتحاد السوفيتى فى ذلك العام تدفق الاستثمارات الأجنبية، وارتفعت قيمة الأسهم مع الخصخصة المتعجلة، ولكن هذه الفورة كانت قصيرة الأجل أثرى من ورائها عدد محدود من ذوى الحظوة، ثم انتهى الأمر إلى الدمار والخراب وتحول الاتحاد السوفيتى إلى دول متعددة، وعانت روسيا لسنوات أزمة اقتصادية وصلت إلى حد العجز عن دفع مرتبات الموظفين وأفراد الجيش.. وما زالت روسيا حتى الآن تصارع للبقاء واستعادة نفوذها.. وكان ذلك درسا أكد للصين صواب نظريتها عن التحول من التخطيط الشامل وملكية الدولة لجميع وسائل الإنتاج إلى (اقتصاد السوق الاشتراكى) وهى نظرية ابتدعتها الصين، وملخصها التحول إلى اقتصاد السوق مع الاحتفاظ بالتخطيط الشامل والدور المركزى للدولة والسير خطوة خطوة، وعدم الانتقال إلى الخطوة التالية إلا بعد التأكد من إتمام الخطوة الأولى بنجاح.. سياسة التدرج هى سياسية الإصلاح الاقتصادى والسياسى القائمة منذ عشرين عاما وتؤكد النتائج نجاحها.
    وتفتح الصين أبوابها للاستثمارات الأجنبية، ولكنها تؤمن بأن الأجانب لا يملكون معجزة تحقيق النمو والتحديث، ولا يهمهم ذلك كثيرا، وعلى الصين وشعبها أن يجدوا بأنفسهم طريقهم الخاص بهم، ويعتمدوا على أنفسهم أولا، وكل نجاح يتحقق بجهودهم سيكون قوة جذب للأجانب ليأتوا للاستثمار بشروط الصين وليس بشروط الأجانب وهذا ما يجعل الصين قادرة – مثلا – على وضع قيود على الصادرات الأمريكية فى مجالات معينة مثل توليد الطاقة، والسناعات الدوائية، والآلات، والاتصالات عن بعد.. وقادرة على اتخاذ مواقف مستقلة فى القضايا الدولية، ولا تتحول – مثل غيرها من الدول الأسيوية – إلى دولة تابعة.
    ولقد زرت الصين لأول مرة عام 1995 وأثار دهشتى ما تحقق فيها من تنمية وتقدم اقتصادى، ورأيت صورة الصين وشعبها مختلفة عما قرأته عنها فى عصورها القديمة والحديثة على حد سواء، ولكن رحلتى الثانية فى أواخر عام 2000 كانت شيئا آخر.. وجدت طفرات ومعجزات حدثت خلال السنوات القليلة الماضية فى كل مكان ذهبت إليه.. ليس فقط بإنشاء مدن حديثة فى سنوات قليلة فيها ناطحات سحاب تنافس المدن الأمريكية الكبرى مثل نيويورك وسان فراسيسكو، أو فى وجود مصانع الصواريخ والأقمار الصناعية وأقمار التجسس والإلكترانيات والألياف الضوئية وأجهزة الليزر وشبكات الانترنت والتليفون المحمول وغيرها من المنتجات التكنولوجية المتقدمة.. ولكن وجدت الصين متفتحة لأفكار جديدة تتم مناقشتها علانية وبحرية، ووجدت روحا جديدة من عدم الاكتفاء بما تحقق والرغبة فى تحسين الأوضاع القائمة، ولأول مرة لا أسمع العبارات المحفوظة من أقوال الزعماء ولكن أسمع النقد لكل شىء، والإرادة لتحقيق ما هو أكثر، والإصرار على أن الصين ما زالت دولة نامية، ومستوى معيشتها ما زال منخفضا، وتحتاج إلى فترة طويلة لتحديث كل شىء فيها.
    وجدت الصين وقد خرجت نهائيا عن عزلتها وانفتحت على العالم، وبدأت تظهر فى الصحف مقالات تتناول السلبيات وتطالب بالإصلاح هنا وهناك، ومع الانفراج فى الإعلام انتشر (الانترنت).. وأهم من ذلك أن قادة الصين فتحوا مجالا واسعا للجدل والحوار عن المستقبل السياسى والاقتصادى وما هى أسلم الطرق للوصول إلى هذا المستقبل.. وكان من حظى أن أكون عضوا فى الوفد المصرى فى المؤتمر الدولى رفيع المستوى الذى عقد فى بكين لبحث مكان الصين فى القرن الحادى والعشرين وشارك فيه رؤساء حكومات سابقون ومفكرون وخبراء من أمريكا وروسيا واليابان وألمانيا واستراليا وبريطانيا وبقية دول العالم، وكان هذا المؤتمر دليلا على رغبة الصين فى الاستماع إلى (الآخر)، والتعرف على رؤية العالم لها فى الحاضر والمستقبل، والاستفادة بالرؤى والأفكار المعبرة عن المدارس الفكرية المختلفة فى العالم.
    وعدت من هذه الرحلة وأنا مؤمن بأن الصين فعلا كما يقال عنها (مختلفة).. مختلفة فى اقتصادها ونظامها السياسى، ونفهومها للديمقراطية، وهذا الاختلاف نابع من أوضاع الجغرافيا السياسية أولا، ومن الميراث التاريخى الثقيل من الماضى الاستعمارى البعيد والقريب، ثانيا ومن ثقل حجمها السكانى، ثالثا وهى تنطلق إلى بناء ذاتها بوعى بظروفها وطبيعة تكوينها، ولا تتأثر بالضغوط الخارجية، ولا تعمل إلا ما يتفق مع هذه الطبيعة وهذه الظروف.
    ولست فى حاجة لأن أكرر أن كل زائر للصين تواجهه صعوبة اللغة الصينية وضرورة اعتماده على مترجم، وكان من حظى أن صاحبنى اثنان من جمعية التفاهم الدولى يجيدان اللغة العربية، كما كان معى فى معظم لقاءاتى وجولاتى السفير المصرى المتميز الدكتور نعمان جلال، الذى كان يستعد لمغادرة الصين بعد انتهاء فترة عمله فيها وقد ترك أثرا طيبا. كذلك كان معى السيد محمد أبو الوفا السكرتير الثانى بالسفارة فى بكين والسيد ياسر هاشم القنصل المصرى فى شنغهاى، والسيد حامد صقر المستشار الإعلامى، والسيدة هالة عنارة مديرة مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط فى بكين، وقد لقيت منهم مساعدات كبيرة وأجد نفسى مدينا لهم بالشكر.
    ولا أدعى أنى استطعت بكل ما فى الصين، فهى عالم كبير وليس من السهل الإحاطة بكل شىء فيها إحاطة شاملة، مع تنوع الأصول العرقية، والقوميات، واللهجات، والديانات والثقافات. والاختلافات الجغرافية والسكانية.
    ولا ينبغى أن نغفل ونحن نتحدث عن الصين أن مسيرتها ليست سهلة، فهى فى الحقيقة تسير فى حقول ألغام، وهناك تعارض مصالح بينها وبين بعض جيرانها من ناحية، وصراع مع الولايات المتحدة لا يخفى عن العيون وصل إلى ذروته فى معركة استعادة هونج كونج ومكاو وما زال الصراع فى الذروة من أجل استعادة الصين لجزيرة تايوان ضمن سياسة (توحيد الوطن) وإن كانوا لا يتحدثون عن ذلك الصراع كثيرا، والولايات المتحدة من جانبها لا تخفى أنها تعتبر الصين العدو المحتمل وتسعى إلى تحجيم قوتها ودورها الاقليمى والعالمى والحد من سرعة انطلاقها التجارى والاقتصادى والعسكرى، ودول كثيرة فى العالم أصبحت تخشى غزو المنتجات الصينية لأسواقها بعد أن بللأت هذه المنتجات الأسواق بأذواق تناسب المستهلكين فى كل بلد، وبأسعار أقل بكثير من أسعار المنتجات الماثلة فى الدول الغربية، ونتيجة لذلك أصبحت الصين دائنة لمعظم دول العالم، وبينما ديونها الخارجية محدودة، ووصل الاحتياطى النقدى الأجنبى فيها إلى رقم يفوق الاحتياطى فى أية دولة أوربية.
    ولا يعنى ذلك أن الصين قد انتهت من حل مشاكلها المتراكمة منذ مئات السنين، فما زالت فيها مشاكل كثيرة، وهم لا ينكرون ذلك، ويتحدثون عن مشاكلهم بمنتهى الصراحة، ولم يعد الصينيون حريصين على إخفاء المشاكل كما كانوا قبل عشرين عاما، ولم يعد أحد يقول لك أن كل شىء كامل، أو أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، أو يردد أن الصين فوق الجميع، وعندما بدأت الصين التفاوض مع منظمة التجارة العالمية للدخول فى عضويتها وقفت بصلابة ترفض شروط المنظمة.. كانت منظمة التجارة العالمية تريد أن تكون عضوية الصين على أساس أنها دولة متقدمة، وظلت الصين متمسكة بأن تدخل كدولة نامية وتحصل على الامتيازات والإعفاءات والتسهيلات الممنوحة للدول النامية، وبالصبر الصينى الذى لا مثيل له استمرت المفاوضات خمسة عشر عاما إلى أن سلمت منظمة التجارة العاملية وقبلت شروط الصين بالكامل وكانت الصين هى آخر عضو انضم إلى المنظمة فى أواخر عام 2001.
    ويتحدثون هناك كثيرا عن التخلف فى الريف وفى مناطق غرب الصين، لأن مشروع التنمية والتحديث بدأ فى جزء واحد فى المناطق الشرقية الساحلية، وكانت الحكمة من ذلك أنه من المستحيل تنمية الصين كلها فى وقت واحد، والآن وبعد عشرين عاما تحققت لمناطق الشرق التنمية. فبدأت الصين فى تنفيذ خطة جديدة لتنمية الجزء المتخلف من البلاد فى المناطق الغربية، ويقولون إن هذه المناطق الغربية تحملت التضحيات من أجل تنمية المناطق الشرقية وأصبح على المناطق الشرقية بعد أن وصلت إلى درجة ملحوظة من التقدم والثراء أن تسدد الدين، وتسهم فى تنمية الغرب، وبذلك تتحقق التنمية فى الصين كلها وهذا هو الهدف الذى يعطونه الأولوية فى هذه المرحلة.
    ولا زالت الأمية والفقر فى بعض المناطق. وتعانى الصين أيضا من البطالة نتيجة تطبيق اقتصاديات السوق، ولم تعد الدولة مسئولة عن توظيف كل مواطن بصرف النظر عن الجاجة إليه. كما تعانى الصين من ظواهر سلبية مثل انتشار المخدرات، والتفكك الأسرى، وهى مشكلات لا يخلو منها مجتمع فى العالم اليوم، وهم يعترفون بوجود هذه الظواهر السلبية، ويعملون بجدية على التغلب عليها.
    ويلفت نظر الزائر انتشار الثقافة الأمريكية إلى حد ما لدى بعض الشباب فى المدن الكبرى.. وإعجاب الشباب بالوجبات السريعة والملابس والموسيقى الأمريكية، خصوصا بعد انتشار الفضائيات وخروج الصينيين إلى دول العالم بأعداد كبيرة، وزيادة أعداد مستخدمى الإنترنت، وبعد أن تهاوت الأسوار القديمة، وانفتحت الأبواب للغرب بما فيه من حسنات وسيئات، وهم يحاولون تجنب السيئات بقدر الإمكان، وإن كان الأمريكيون يرون أنهم يستطيعون التأثيرعلى كل دول العالم وليس على الصين وحدها. وإن كان الشعب الصينى فى عمومه ما زال محتفظا بتقاليده وعاداته الاجتماعية وتقاليده الموروثة ولم يتأثر بالثقافة الغربية.
    وفى رأيى أن الصين أقرب إلينا من أمريكا. والبعض يتصور أن مصر والدول العربية يمكن أن تأخذ بالنموذج الأمريكى فى الاقتصاد والتنمية والثقافة والتعليم، وهذا مستحيل، لأن ظروف أمريكا وقدراتها مختلفة تماما عن ظروفنا وقدراتنا.. أمريكا بلد الوفرة.. بلد الأراضى الشاسعة البكر التى لم يتم استغلالها بالكامل حتى الآن.. بلد التقدم المذهل فى العلوم والتكنولوجيا والصناعة.. بلد يزيد إنتاجه على احتياجات شعبه.. بلد يقدم ما يفيض من حاصلاته الزراعية معونات للدول الفقيرة ويلقى بعض المحاصيل فى المحيط، ومصر على العكس، لديها ندرة فى الموارد، والخبرات، وسوقها محدود، وقدراتها المالية أقل من أن تحقق كل طموحها، ولكن رغم الاختلاف فى الحجم والمساحة والقدرات أقرب إلينا، فهى مثلنا صاحبة حضارة قديمة متميزة عمرها خمسة آلاف سنة، وهى مثقلة مثلنا بأحمال الماضى، ومهما يقال عن كثرة مواردها فهى تكفى بالكاد شعبها الذى يمثل خمس سكان العالم، وقد عانت مثلنا من مشاكل فى إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، وضعف الطلب الداخلى والخارجى، كما نجحت فى تخفيف القيود على الاقتراض والائتمان، وأنشأت نموذجا لا مثيل له فى المناطق الصناعية هى الأصلح لنا، لأنها ليست شديدة التعقيد مثل التكنولوجيا الأمريكية، ولكنها تكنولوجيا متوسطة وأسعارها فى حدود الممكن، ويتم تصنيعها بمواد نستطيع إنتاجها محليا ويمكن اكتساب الخبرة فيها بسهولة.. أى إن المسافة التكنولوجية بيننا وبين الصين أقرب كثيرا من المسافة الشاسعة بيننا وبين أمريكا والمسافة الثقافية أيضا أقرب كثيرا.
    عوامل التقارب، وجسور التفاهم بيننا وبين الصين كثيرة، ونستطيع أن نتعلم الكثير من تجربتها، وعلينا أن نطلب العلم من الصين، وإن كان كل من قابلته فيها كان يقول لى إنهم يطلبون العلم منا.
                  

العنوان الكاتب Date
تجربة الصين adil amin02-05-09, 11:24 AM
  Re: تجربة الصين adil amin02-05-09, 11:28 AM
    Re: تجربة الصين adil amin02-09-09, 12:47 PM
      Re: تجربة الصين adil amin02-10-09, 01:28 PM
  fg ناذر محمد الخليفة02-05-09, 06:03 PM
  Re: تجربة الصين adil amin02-11-09, 08:42 AM
    Re: تجربة الصين معتز تروتسكى02-11-09, 09:11 AM
      Re: تجربة الصين adil amin02-11-09, 09:57 AM
        Re: تجربة الصين adil amin02-11-09, 10:02 AM
          Re: تجربة الصين adil amin02-12-09, 08:36 AM
            Re: تجربة الصين adil amin02-15-09, 09:19 AM
              Re: تجربة الصين adil amin02-16-09, 12:09 PM
                Re: تجربة الصين adil amin02-21-09, 07:13 AM
                  Re: تجربة الصين adil amin02-21-09, 07:17 AM
                    Re: تجربة الصين adil amin02-25-09, 08:40 AM
                      Re: تجربة الصين adil amin03-22-09, 11:39 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de