علي عثمان محمد طه، قرار الجنائية الدولية ليس نهاية الدنيا و"سنهرب من قدر الله الى قدرالله"

Quote: U]غزة تستحق النفرة الكبيرة التي تمت من أجلها، بل تستحق أكثر! أما دارفور فتحتاج أضعاف مضاعفة من العون والنفرات. ذلل لأننا، كسودانيين، تسببنا فيها. تسببنا في قتل وتشريد بني جلدتنا حين أحكمنا شريعة الغاب! المساحة التي تحتلها غزة في وسائل الإعلام مساحة مستحقة، بل تستحق أكثر. ولكن دارفور تحتاج مساحات ومساحات في "ساحات البناء،" ساحات التنوير والتوعية. في تلفزيوننا "القومي!" وفي إذاعاتنا وفي صحفنا! فبدلاً من قمع الصحفيين وتغييب دور الحكومة في الأزمة من وسائل الإعلام، يجب على المؤتمر الوطني أن ينفتح على الغير ليعينه على تجاوز الأزمة، لا على استفحالها بالتضليل والتعليل الذي لم يعد لهما مكان في وعي المواطن السوداني البسيط، الذي يدرك بقريحته بأن ساسته، بخاصة صقور المؤتمر الوطني، يضللونه. وشعبنا لن يقبل أن يتهم في ذكائه لمدة طويلة بعد اليوم. وقد أرانا قدراته في ثورة أكتوبر وفي انتفاضة أبريل! وهما ما زالتا تتضرمان تحت رماد القرى في دارفور وتغليان في دماء مواطنينا في حي مايو، في حلفا وفي نمولي، وفي كسلا، وكوستي، وفي دماء الملايين في الخرطوم وطيبة شيخ عبد الباقي وفي أبو حراز وخشم القربة! جل السودانيين، بمن في ذلك شريحة كبرى في المؤتمر الوطني نفسه، لم يعودوا يطيقون تضليل المؤتمر الوطني للراي العام!! أعداد مقدرة ومؤتمر في المؤتمر الوطني لم تعد تطيق المؤتمر الوطني، فليتدارك قادة المؤتمر الوطني أنفسهم قبل أن يفوت عليهم الفوات. وقد آن الفوات!! أزمة دارفور أخطر من أزمة غزة بكثير. فهي أزمة في قطر كبير هو أمل الإنسانية في الخلاص من جهل الهوس الديني!! هو أمل العالم في التعايش بين لالأديان، والأعراق، والثقافات بعد أن فشلت فلسطين في تحقيق ذلك، لعوامل ذاتية فيها ولعوامل خارجة عنها. السودان هو أمل الإنسانية في التخلص من جهالات القبلية والعرقية، من إرهاب الهوس الديني، ومن الفساد وسوء إدارة موارد الأرض. بحساب المؤتمر الوطني، بحساب رئيسه، لا بحساب غيره، قتل في دارفور 10000 (عشرة ألاف) مواطن. وبحساب العالم لم يبلغ عدد الشهداء في غزة 1000 شخص. أولا يجعل هذا وحده، بحساب المؤتمر الوطني نفسه، دارفور مستحقة لنفرة تساوي عشرة أضعاف النفرة من أجل إنسان دارفور؟ هذا الإنسان النبيل، الذي اسال القرآن سلسبيلاً من لسانه! هذا الإنسان الذي أهملناه، ثم سقناه إلى محرقة الحرب في الجنوب، ثم خناه، ثم أحرقناه في داره، ثم شردناه، ثم أهملناه مرة أخرى ومرات، حتى ضاق صدر العالم بغلظة أكبادنا ووحشيتنا! بحساب المنطق البسيط، الذي قد يتأتي لمتوسطي الذكاء، المؤتمر الوطني يتاجر بقضية فلسطين، التي ظلت مستباحة لكل المتجبرين من حكام العالم العربي منذ نشِأة إسرائيل. وهذا لا يجوز. مات وشرد في الجنوب وفي دارفور، مجتمعين، ما لايقل عن خمسة ملايين شخص، في قطر المأمول فيه أن يتسع للجميع! المؤتمر لم يتسبب في بدايات الأزمتين في الجنوب وفي دارفور. ولكنه نشط أسوأ ما في نفوس السودانيين من هوس ديني وعصبية قبلية وفساد ساسة وكسل مثقفين، ووظف كل أجهزة الدولة في تمكين الشر من النفوس، فكان ما كان. خلاص المؤتمر الوطني ليس في تسيس مآسي الناس واستغلالها للكسب السياسي. رئيسنا يظهر بمظهر لا يليق برئيس محترم حين ينشط في شأن غزة وهو مطلوب من محكمة جنائية. من الأولى له أن ينفق وقته في تجهيز دفوعاته، قانونية كانت، أم دبلوماسية، أم سياسية! من الأولى لرئيسنا وحزبه أن ينفقوا المال والجهد والوقت في نفرات ونفرات من أجل إنسان دافور الذي تأتيه الإعانات من الخارج، في دولة بترولية تدعي أنها "تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع!" من الأولى لرئيسنا وحزبه الالتفات لواجبات تنفيذ بنود نيفاشا لا المماطلة والتسويف من أجل الكسب السياسي الرخيص! أهل الجنوب وأهل الشرق وأهل دارفور يتحسرون حين يرون راس دولتهم يهرع لنجدة من يستحق على حساب نجدة من هو أحق منه من الأقربين. باستغفاله للناس يحفر المؤتمر الوطني حفرة الهزيمة في الانتخابات القادمة. فلتبدأ حملتنا الانتخابية في مواجهته من هذا المنبر، مؤكدين بأن غزة تستحق النصرة، ولكن أهلنا يستحقون عشرات أضعافها. هلموا يا قادة الرأي. ولنكشف فساد الرأي. فساد الساسة. فساد الحكم. فساد المؤتمر الوطن. وسيكون النصر حليف كل القوى الخيرة في السودان، وعلى رأسها الجمهوريين والحركة الشعبية لتحرير السودان!! هلموا إلينا واستجيبوا لنفرة، بها هام نفرات الوجود تتمم!