الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 05:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد المنعم عجب الفيا(agab Alfaya & عجب الفيا )
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-19-2004, 06:26 AM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كمال الجزولي..لو كنا نسمع أو نعقل (Re: Agab Alfaya)

    تقديم بوردابي: عضو المنبر/ الأستاذ محمد عبد الرحمن تساءل بعد ان قرأ هذا المقال ثم إختار و انزل هذا الجزء الثامن والأخير منه في بوست بالمنبر..بعنوان كمال الجزولي على خطى عبدالله علي إبراهيم ...!!
    أو قريب منه..
    أها أنتو رايكم شنو؟؟؟


    لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ

    جِبَالُ النُّوبَا .. الاِنْجِلِيزِيَّة (الأخيرة)

    (عُزُوفُ صَفْوَةِ جَماعاتِنا القَومِيَّة عَن لُغاتِها المَحلِّيَّةِ وَجْهٌ مِن انفِصامِها عَن الطُّمُوحِ الدِّيمُوقراطِىِّ لِهذِه الجَّمَاعَاتْ)!



    كمال الجزولى


    (1)

    (1/1) تغيير الحركة الشعبيَّة لغة التعليم والتخاطب من العربية إلى الانجليزية فى مناطق إدارتها بجبال النوبا أيقظنا على ضعف تأهُّل الجماعة المستعربة المسلمة لترتيب مساكنتها للآخرين ، وضعف وعى الآخرين بمكوِّناتهم الثقافيَّة ، وضعف جدارة (نيفيشيا) بصون (الوحدة)! وقلنا إن ما ينبغى أن نسمعه ونعقله هو أن صمتنا عن استعلاء التيار (السلطوىِّ) على الآخرين باسمنا يُنتج الآن مشهدهم يثفلون لغتنا كما لطعة الدم من الحلقوم! وتساءلنا عمَّا إذا كان المسئول عن هذا تيار الاستعلاء بيننا ، أم تيار الغفلة عن استحقاقات (الوحدة) بين (الآخرين)!

    (1/2) وللاجابة تقصَّينا انحدار غالب الجماعة المستعربة المسلمة من العنصر النوبىِّ فى الشمال والوسط ، وانحدار غالب (الجلابة) من هذه الجماعة حيث بالثروة والدين والثقافة واللغة والعرق تشكل تيار الاستعلاء على العبيد والمزارعين والرعاة وصغار الحِرَفيِّين ضمن التكوينات القوميَّة والقبليَّة فى الجنوب وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق. ولاحظنا أن الاستعمار فاقم المشكلة ، وأن نخبنا التى ورثت السلطة عنه اعتمدت الأسلمة والتعريب كأيديولوجية قامِعة. ولكننا لاحظنا أيضاً انتباهة أقسام واسعة من التيار (العقلانى/التوحيدى) وسط هذه الجماعة لخطورة هذه الخطة ، وأبرزنا ما كان اجترحه الشيوعيون باكراً من معالجات يجدر تطويرها كيلا تتجمَّد فى القوام الشعارى.

    (1/3) ثم شدَّدنا على خطورة دور مثقف الهامش من حيث منظومة القيم التى يشتغل عليها داخل الثقافة المحليَّة. ونظرنا فى سيرورة (الوحدة) ضمن أيديولوجيا (السودان الجديد) ما بين (المانيفستو) عام 1983م وإحلال الانجليزيَّة محل العربيَّة عام 2002م ، فلاحظنا علو مكانة (الوحدة) فى (المانيفستو) رغم نزوعه لتفسير (التنوُّع) السودانى بمؤامرة (فرِّق تسُد) الاستعماريَّة. ثم تساءلنا عمَّا إذا كان صحيحاً أن الحركة قد تحوُّلت للاقرار بهذا (التنوُّع) فى ضوء (السياسة اللغويَّة) الجديدة للحركة ، أو ما أسماه مسئولها سايمون كالو (بالثورة اللغويَّة)!

    (1/4) ولأن المعيار الموضوعى لسداد أى أيديولوجيا هو قوة حمولتها من الابستمولوجيا ، فقد قادتنا مناقشة هذه السياسة ـ علاوة على استجلاء مفهوم (اللغة) فلسفياً ـ إلى مقاربة الواقع اللغوى لتكوينات النوبا فى عشر مجموعات كبيرة تقوم العربيَّة بينها مقام أداة الاتصال lingua franca ، علاوة على كونها لغة البعض الأصليَّة ، بينما تنحصر الانجليزيَّة فى شريحة ضيقة من المتعلمين ، حسب المسح اللغوى الذى أجراه معهد الدراسات الآفرو آسيوية ابتداءً من العام 1972 ـ 1973م وتم نشره فى 1978م.

    (2)

    (2/1) لكن المؤسف أن حقائق الواقع الموضوعى نفسها قد تخضع أحياناًًً لمنهج المكابرة الغليظة وفق مقتضى الكسب الآنى فى السياسة السياسويَّة! فقد كتبت (خرطوم مونيتر) ، على سبيل المثال ، فى (افتتاحيَّتها editorial) بتاريخ 29/4/04 ، أن "اللغة العربيَّة فشلت ، حتى على أيام المهديَّة ، فى أن تكون أداة تخاطب على المستوى القومى national medium for communication"! وأنها "ظلت تستخدم فقط من جانب بعض القبائل الموالية للعرب والتى احتلت مناطق فى الجزيرة والنيل الأبيض وبعض الجيوب الصغيرة فى غرب السودان"! أما اللغة الانجليزيَّة فقد "أصبحت هى لغة التخاطب فى السودان لفترة طويلة من الزمن بعد سقوط الثورة المهديَّة"! وذلك على حين فشلت العربيَّة "المكتسبة حديثاً فشلاً ذريعاً فى الانتشار عبر كل مساقات الحياة قبل أن ينال السودان استقلاله من البريطانيين والمصريين"! وحتى خلال الفترة التى أعقبت الاستقلال فقد وجد أبراهيم عبود صعوبة فى إنفاذ سياسات التعريب فى الجنوب "لأن كلا الجنوبيين والشماليين كانوا واقعين فى حب اللغة الانجليزيَّة were in love with the English Language"! بل وقد ذهب "الشماليون إلى أبعد من ذلك فألفوا أشعارهم باللغة الانجليزيَّة"! و"لم تستطع العربيَّة أن تحقق قفزة نوعيَّة فى المجالات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والعلميَّة والثقافيَّة فى السودان إلا تحت حكم الانقاذ"! وذلك فى الوقت الذى "هجرت فيه البلاد زبدة الخبرات والعقول التى كانت تشكل مصدر فخرها بسبب عدم إتقان أصحابها للغة العربيَّة التى فرضتها الانقاذ حديثاً"!

    (2/2) والآن ، أفلا يحق للمرء ، فور فراغه من مطالعة هذا الكلام العجيب ، أن يتساءل عمَّا إذا كان موضوعه (السودان) حقاً أم (بلد آخر) لم يعرف العربيَّة إلا قبل خمسة عشر عاماً فقط! وما إذا كان كاتبو هذه (الافتتاحيَّة) على دراية ، أصلاً ، بالطبيعة المعقدة لمشكلة الصراع السياسىِّ الناشب حول تركيبة السودان الاثنيَّة المتعدِّدة والمتنوِّعة عرقياً وثقافياً ولغوياً أم أنهم يصدرون عن محض (مُدرَكات perceptions) تحتل الحقيقة الأيديولوجيَّة فيها موقع الحقيقة الابستمولوجيَّة! وما إذا كان مصدر علمهم السودانىِّ هذا حركة الواقع التاريخىِّ الحى لجماهير التكوينات القوميَّة والقبليَّة فى البلاد أم تشهِّيات بعض شرائح الانتلجينسيا النخبويَّة فى الجنوب كما فى الشمال! وإلا فأيَّة إنجليزيَّة تلك التى أصبحت لغة للتخاطب بين الناس فى السودان كله بعد دخول الاستعمار؟! وأىُّ شِعر هذا الذى صار الشماليُّون (هكذا بالألف واللام!) يؤلفونه بالانجليزيَّة؟! وأى حُبٍّ للانجليزيَّة ذاك الذى فوجئ أبراهيم عبود بأن الشماليين والجنوبيين أجمعهم واقعين فيه؟! وأىُّ عقول وخبرات هذى التى هجرت البلاد لعدم إلمامها باللغة العربيَّة التى فرضتها الانقاذ (حديثاً)؟!

    (2/3) إننا لا نشك مطلقاً فى أن جماعات جنوبيَّة كثيرة فى (الحركة الشعبيَّة) وفى (خرطوم مونيتور) وغيرهما مناضلون ولهم قضيَّة ويؤثرون فى ذهنيَّة أقسام وقطاعات واسعة من الانتلجينسيا الجنوبيَّة. لكننا ، فى هذه الناحية ، نختلف معهم ، يقيناً ، فى الفكر ، وفى تصوُّر طبيعة القضيَّة ، وفى المنهج النضالى الذى يتبعونه ، ومن ثمَّ فى قيمة الوعى الذى يروِّجون له. فثمة فرق شاسع بين الوعى بالدور التدميرى الذى لعبه تاريخياً تيار الاستعلاء (السلطوى/التفكيكى) وسط الجماعة المستعربة المسلمة ، وبين الدعوة لتدمير ثقافة ولغة هذه الجماعة ذاتهاً ، أى وجودها أصلاً. ولئن كان ثمة تيار ديموقراطى (عقلانى/توحيدى) وسط هذه الجماعة يبغض الاستعلاء ، ويستشعر خطره ، فيناصبه العداء ، ويتصدى لحربه من داخل ثقافة الجماعة ، دفاعاً فى المقام الأول عنها ، وتبرئة لذمتها ، وتنقية لها من هذه السُّبة التاريخية ، وذلك باب فى النضال لو تعلمون عظيم ، فمن الوهم تصوُّر أن هذا التيار الديموقراطى نفسه يمكن أن يقبل بممارسة (الاستعلاء المضاد) على هذه الجماعة ، بل وإلى حد الدعوة لمحو هويتها من (الوجود السودانى) حلاً للمشكلة! هذا أمر لا يستقيم عقلاً ، ولا يُعقل منطقاً ، ولا يخوض فيه غير داعية لفتنة جديدة أو متجانف لهلكة أخرى. فالحل الذى يستبدل استعلاءً باستعلاء ليس حلاً البتة ، وإنما هو ، بكلِّ المقاييس ، وسيلة لإعادة إنتاج الأزمة فى سياق آخر! وإذا كنا نتفهَّم بواعث ردود الأفعال الجمعيَّة للمقموعين ، وسايكلوجيَّتهم الاجتماعيَّة ، فإن هذا ليس بعذر للمؤسسات المسئولة عن بلورة الرأى العام والتأثير فى الوعى الاجتماعى فكرياً وسياسياً ، وبخاصة تلك التى تزعم الانطلاق من مواقع ثوريَّة ، حين تتقاعس عن أداء دورها فى تثوير هذه السايكولوجيَّة وردود أفعالها ، دع أن تتصدى هى نفسها لتوجيه هذه الانفعالات فى الاتجاه الخاطئ.

    (2/4) إن وجود الجماعة المستعربة المسلمة فى السودان ، بهويِّتها الدينيَّة واللغويَّة والثقافيَّة ، ليس (اقتراحاً) مطروحاً للنقاش ، بل هو إحدى حقائق الحياة السودانيَّة التى لا يجوز إسقاطها لدى أىِّ حل ديموقراطىٍّ سلمىٍّ لمشكلتنا الوطنيَّة ، تماماً كحقيقة وجود التكوينات الاثنيَّة الأخرى غير المستعربة وغير المسلمة. ولكن ثمة مدخلين متضادَّين ، مع ذلك ، للوعى بهذه الحقيقة: فمن جانب هناك مدخل (الوعى الموضوعى) ، مدخل (العقلانيين/التوحيديين) من كل تكوينات البلاد الاثنيَّة ، يتطلعون لأن يشيِّدوا فوق هذه الحقيقة صرح وحدة مرموقة ، طوعيَّة وجاذبة ، تتساوى فيها حقوق الجميع وواجباتهم كما تتساوى أسنان المشط ، ويتنشأون ، جيلاً بعد جيل ، على الاقرار التلقائىِّ الجهير بهويَّات بعضهم البعض ، فلا يستعلى عِرق منهم على عِرق ، ولا دين على دين ، ولا ثقافة على ثقافة ، ولا لغة على لغة ، دون أن يكون ثمن هذا الوعى (إستقالة) الجماعة المستعربة المسلمة من (الوجود) ، أو (انسحابها) من حركة (التاريخ) ، أو (محوها) من منظومة (التنوُّع) السودانى ، فجدل (التنوُّع) ذاته يفترض وجود هذه الجماعة ضربة لازب. أما من الجانب الآخر فهناك مدخل (الوعى الزائف) ، وهو مدخل (السلطويين/التفكيكيين) فى هذه الجماعة ، يحلقون بأجنحة من الشمع تحت شمس هذه الحقيقة الساطعة ، متوهِّمين فيها زاداً لتأبيد سطوتهم بلا مُسَوِّغ ، ومَدداً لتكريس استعلائهم دونما استحقاق. وواجب الوطنيين الديموقراطيين من مختلف التكوينات الاثنيَّة التضامن لمجابهتهم باستقامة ، لا تشويه الصراع باختلاق أو تشجيع (الاستعلاء المضاد) الذى نخشى أنه يستشرى الآن كالوباء فى جسد الهامش المناضل كله ، لا فى الجبال وحدها أو الجنوب وحده ، فقد لاحظنا أن د. شريف حرير الذى شارك باسم التحالف الفيدرالى فى مفاوضات انجمينا مع الحكومة لوقف إطلاق النار فى 10/4/04 تعمَّد تقديم مطالب الفور .. بالانجليزيَّة!

    (3)

    (3/1) خلطت (خرطوم مونيتور) بين سداد دعوتها لاستعادة العناية القديمة بتعليم اللغة الانجليزيَّة فى المدارس والجامعات ، كأداة للانفتاح على علوم الغرب ، وترميم ما تسبَّبت فيه سياسات الانقاذ غير الرشيدة فى هذا المجال ، وهو ما نتفق معها حوله بصورة عامة ، وبين خطل مناداتها بإحلال الانجليزيَّة محل العربيَّة كأداة للتخاطب medium of communication فى عموم السودان ، مِمَّا يشى ضمناً بتأييدها لقرار الحركة الشعبيَّة ، لا بتغيير لغة التعليم فحسب ، بل ولغة (التخاطب) أيضاً من العربية إلى الانجليزية فى مناطق إدارتها بجبال النوبا. (3/2) وإذا كنا نتحدث عن الوحدة كاستراتيجيَّة وطنيَّة ديموقراطيَّة ، فإن من أهمِّ مقوِّماتها (اللغة) التى تشكل (أداة التواصل lingua franca) بين مختلف المكوِّنات الاثنيَّة. ولعل مِمَّا يَتيَسَّر استنتاجه من المسح اللغوى المار ذكره أن العربية المحوَّرة بفعل المثاقفة ، والتى ظلت تلعب دور أداة التواصل بين مختلف المجموعات اللغوية فى الجبال نفسها ، ناهيك عن أن البعض هناك يعتبرها لغته الأصلية ، هى نفسها التى ظلت تلعب ذات الدور بين مجموعات الجبال اللغويَّة من جهة ، والتكوين المستعرب من جهة أخرى ، وبقيَّة التكوينات الاثنيَّة بشروطها المماثلة على نطاق القطر كله من جهة ثالثة. ولعل الوضع اللغوى لدى تكوينات الجنوب القوميَّة والقبليَّة يقدم أيضاً مثالاً ساطعاً آخر على توطن ضرب من العربيَّة (عربى جوبا) كأداة للتواصل فى ما بينها هى نفسها ، من جهة ، وفى ما بينها مجتمعة وبين بقيَّة التكوينات الاثنيَّة فى البلاد من الجهة الأخرى. ولئن كانت اللغه تنتشر بفعل عوامل شتى ، كالدين أو التجارة أو تبنيها من جانب الحكام أو ما إلى ذلك ، فإن المعطى التاريخى العيانى الماثل والذى لا تجوز المكابرة فيه هو أن العربيَّة ، فصيحة أو عاميَّة أو محوَّرة ، وبنموذج أم درمان أو جوبا أو الدلنج .. الخ ، تكرَّست فى ما بيننا أداة للتواصل المطلوب على رأس المقوِّمات التى نحتاجها لتحقيق حلمنا بوطن ديموقراطىٍّ متنوِّع فى وحدته. وهى ، من قبل ومن بعد ، لغة أفريقيَّة يتحدثها ما لا يقل عن 60% من سكان القارة. فما حاجتنا لإحلال الانجليزيَّة محلها كأداة لا تساعدنا على وصل ما بيننا ، بل تفصم ما تبقى من عراه؟!

    (3/3) ومع ذلك فليت قرار الحركة اتجه لتدوين لغات المجموعات النوباويَّة المختلفة لاستخدامها فى تطوير ثقافاتها ، وكأداة لتعليم أبنائها ولو خلال سنوات المرحلة الابتدائيَّة ، ولإحلال أكثرها انتشاراً محل العربيَّة كلغة للتخاطب فى ما بين مجموعات الجبال المختلفة ، مع الابقاء على العربيَّة ، كما فى السابق ، لغة للتواصل بين هذه التكوينات مجتمعة وبين بقيَّة التكوينات الاثنيَّة السودانيَّة. تلك على الأقل خطة أقرب للارادة الشعبيَّة التى أنتجت واستقبلت واستخدمت هذه اللغات ، علاوة على كونها تدفع باتجاه أحد أنبل الأهداف الوطنيَّة الديموقراطيَّة: الإقرار بالحق فى التميُّز الثقافى. وهى ليست خطة منبتة بلا سابقة ، فثمة نموذج لها اختطه جوزيف قرنق على أيام توليه وزارة شئون الجنوب مطلع السبعينات ولم يمهله الاعدام لإكماله ، حيث كان قد حث مستشاره الفنى للتدريب والتعليم أن يدرس إمكانية تبنى لغة من لغات الجنوب ، كالدينكا مثلاً ، لتكون لغة الاقليم القومية ، وأن يحدِّد العوامل الجديرة بالاعتبار لتلك الغاية ، وأن يستقرئ النتائج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التى ستترتب على ذلك فى القطر وفى الاقليم ، وردَّ الفعل المتوقع من الجنوبيين الذين يتكلمون لغات أخرى ، وأن يدرس كذلك إمكانية اختيار أكثر من لغة لهذا الغرض (عبد الله على ابراهيم ، 2001م). فكيف غابت عن صانعى قرار الحركة الشعبيَّة وعن كاتبى افتتاحيَّة (خرطوم مونيتر) أدنى ملامح هذا السداد فى اجتهاد النظر والعمل؟! أَليس من شأن مثل هذا القرار أن يسهم فى طمر اللغات التى تشكل الذاكرة الثقافيَّة التاريخيَّة لتكوينات (الهامش) القوميَّة التى تدافع كلا المؤسَّستين عنها؟!

    (3/4) ولكم وددت ، فى هذا الختام ، لو أننى عثرت على إجابة أخف مرارة مما فى أطروحة د. عبد الله على ابراهيم (الماركسيَّة ومسألة اللغة فى السودان) ، حيث يرى أن المكوِّن الثقافى لجماعاتنا القوميَّة/القبليَّة غير العربيَّة هو أقل العناصر وعياً بذاته فى عمليَّة اليقظة ، ويدلل على ذلك بضآلة شأن اللغات المحليَّة عند المتكلمين بها من الصفوة التى أثبتت فى أكثر من مناسبة عزوفها التام عنها ، إلى حدِّ التفكير أحياناً حتى فى إحلال السواحيليَّة محلها ، كوجه من وجوه انفصامها الحقيقى عن الطموح الديموقراطى الأساسى لهذه الجماعات. إنتهت إجابة عبد الله ، ولمن أراد استزادة أن يلتمسها فى المصدر. غير أننا نضيف ملمحاً آخر لهوان هذه اللغات على هذه الصفوة حتى أهملتها المحافل الاقليميَّة التى يفترض أن تعنى بحق التعدُّد اللغوى فى بلدان المنطقة. فقد انعقد ببيروت ، خلال الفترة بين 19 ـ 22 مارس الماضى ، المنتدى المدنى الأول الموازى للقمَّة العربيَّة ، وأصدر توصياته تحت عنوان (الاستقلال الثانى: نحو مبادرة للاصلاح السياسى فى الدول العربيَّة). وعلى حين لم ترد كلمة واحدة فيه عن اللغات والثقافات السودانيَّة إنصب اهتمامه على "ضرورة الاعتراف بالحقوق اللغويَّة والثقافيَّة الأمازيغيَّة في بلدان المغرب العربى ، واعتبارها أحد مكونات الثقافة الوطنيَّة ، على أساس المساواة وحق المواطنة واحترام حقوق الإنسان والشراكة في الوطن". ولا عتب على المنتدى ، فقد نهضت للأمازيقية حركة تذود عن حياضها ، بينما حركة الهامش لدينا مشغولة بإحلال الانجليزيَّة محل العربيَّة!

    (إنتهت)

    عن سودانايل ..
                  

05-19-2004, 02:49 PM

kamalabas
<akamalabas
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 10673

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    نقلا عن جريدة الصحافة
    ومع ذلك
    الإسلاموعربية . . . تاني

    د. عبد الله علي ابراهيم



    أرجو أن يتدبر الحاملون علي الثقافة العربية جيداً إن كانوا راغبين في المضي في حملتهم هذه الي حدودها المنطقية وهي أبلسة أهلها وصيدهم صيد الساحرات متي استوي لهم الأمر وأصبح بيدهم الحل والعقد. وأول صيد الساحرات نفي المستهدف عن إسمه ورسمه. فقول المستهجنين لحملة الثقافة العربية الأسلامية أنهم بغير فرز "إسلاموعروبيون" من باب تذليل مهمة إقصائهم وتصفيتهم في يوم قريب. بل بدا لي من بعض المناقشات حول المتنبيء أن هناك من يعد الحطب لحرق بعض إرثه لخوضه فيما لا يرضي عداة الإسلاموعربية. ولو فعل الناس جميعا ذلك بإرثهم لما تبقي من المواريث الإ النذر. وسيكون أول حطب النار الدستور الأمريكي. ففي مناسبة مرور 50 عاماً علي ذكري قضية (بروان ضد مكتب التعليم)، التي قضت بلا دستورية تعليم البيض بإنفصال عن السود، قال مولانا برير، عضو المحكمة العليا الأمريكية، أن المادة 14 من الدستور غطت البيض بحماية القانون دون السود. وقال أن عظمة حكم المحكمة العليا أنه مدد مظلة حماية القانون لتشمل السود منذ 50 عاماً فقط.

    الثقافة العربية الإسلامية كيان خطابي بحر وخضم متلاطم. ولم نر منه بعد في السودان سوي واحدة من أبأس نسخه وهي التي يتوسل بها الحاكم لتسويغ حكمه. وقد سميتها في موضع آخر ب"البلدوية" نسبة الي المرحوم علي بلدو الذي كان أول من زج بالدين لإدارة المديرية الإستوائية في عهد المرحوم عبود في أوائل الستينات. ولم يحتج بلدو لينظر لأبعد من عهد الإنجليز ليؤسس هذه السياسة. فالبلدوية هي عكس بسيط لسياسة سلفه الإنجليز. فقد قصر الأنجليز الجنوب علي تعلم الأنجليزية والتدين بالمسيحية. وأرادت البلدوية أن تقصر الجنوبيين علي العربية والإسلام. ثم توسع نميري والبشير في البلدوية كما هو مشاهد.

    ووجب التذكير مع ذلك أن الجنوب لم يكن هو ميدان البلدوية الحيوي. فساحة البلدوية الجد كانت في الشمال وبانت أسنانها فيه أولاً. فقد إنعقدت البلدوية للدولة بشكل أدق في حربها للحركة الجماهيرية والشيوعية الشمالية بالأساس بعد ثورة إكتوبر 1964. فقد جاءت هذه الثورة بجذرية في المقاصد والوسائل أخملت الفكرة الأزهرية الوطنية المجردة. ولعزل الشيوعيين إحتاجت الفكرة الوطنية لترتدف الدين حفاظاً علي شرعيتها وقيادتها . ووجدت الحركة الإسلامية الطرفية هذا الشق ووسعته. وهذا فصل في "تديين الدولة" مهجور في خطاب ومباحث اليوم (من يريد أن يتكلم عن القشيرية في منابر الغرب؟ ومن يريد عكننة مانحي الزمالات ومال البحث ومدبري المنتديات بحديث القشيرية؟ من ؟). وقد راج أن هذا التديين مما قصد به الجنوب لا غير. وكثر إجتراره علي غلطه البين. فلم تشفع لعبود بلدويته عند المسلمين في الشمال. فقد عارضوه وألحوا عليه أن مشكلة الجنوب مسالة سياسية وحلها يقع في حيز السياسة. ولم يشذ عن ذلك حتي الإخوان المسلمين (ممن كان الدستور الإسلامي شغلهم الشاغل) الذين لم يقبلوا بعبود لمجرد خروجه مجاهداً بإسم الدين في الجنوب. إن اسنان البلدوية بانت في الشمال قبل الجنوب. . . وماتزال. البلدوية هي ثقافة عربية إسلامية في حدها الإداري. فقد إستصحبت لمهمة التبشير بالعروبة والاسلام المعاهد العلمية وأكثرت منها في الجنوب. ولم يكن ابناء الشمال أنفسهم يقبلون بالدراسة بالمعاهد العلمية إلا مضطرين لزراية الدولة بها. وهي زراية موروثة من الأنجليز. كما أزرت البلدوية بحملة الثقافة العربية الإسلامية ممثلين في مدرس اللغة العربية والدين الإسلامي والقاضي الشرعي. فمن جهة المرتب فقط تساوي القاضي الشرعي مع زميله المدني في 1967 بعد نضال نقابي ومشائخي ذكي (أنظر كتابي "الشريعة والحداثة"). وهو نفس العام الذي نالت فيه النساء أجراً مساوياً للرجال للعمل المتساوي. أما معلمو العربية والدين فقد ناضلوا حتي الثمانينات للتساوي مع معلمي المواد الحديثة. ودونك كتاب المرحوم عبدالله الشيخ البشير المعنون "فيض الخاطر" لتري آيات هذا الجهاد في دولة تبجحت بالأسلام وجعجعت بالعروبة طويلاً. فأي دولة ، ناهيك عن دولة تزعم الإسلام والعروبة، ترضي بتحقير مستخدمين فيها مثل هذا التحقير.

    قال رجل من جنوب النوبة محتجاً علي حكم من قاض شرعي: "أهذا الإسلام؟ هذا إسلام الحكومة وبوليس كادوقلي." وهذه صفة البلدوية. والعربية بحر. والإسلام محيط. ومن قصد البحر إستقل السواقيا.

    تصويب

    نبهني صديق الي أنني ربما لم احسن نقل مخاشنة السيد عبدالمنعم عجب الفيا مع سكرتيره العربي في الكلمة التي نشرتها عنه هنا يوم السبت الماضي. وبالفعل وجدت أن عجب الفيا أملي علي سكرتيره كلمة "رقم كذا" وكتبها السكرتير "رغم كذا" لأن نطق السودانيين للقاف هكذا. وكنت قلت في روايتي أنه أملي عليه: "برغم" وكتبها السكرتير "برقم". وليس للسوداني مشكلة مع الغين. ولذا لزم التنويه.

                  

05-19-2004, 02:55 PM

kamalabas
<akamalabas
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 10673

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    نقلا صحيفة الصحافة ــ محمد محمد خير
    ــمن اقاصي الدنيا
    أنا عـــــــــــــربي يامناضلي الكي بورد

    محمد محمد خير




    علق أحد مناضلي (الكي بورد) في موقع ( سودانيس أون لاين) تعليقاً ادهشني للغاية بقوله إن محمد محمد خير احبطني باعلانه أنه عربي.. ومصدر دهشتي أنني اكتب بالعربي وأتكلم العربية، وأفكر تفكيراً عربياً. وارتدي ازياءًعربية. واترنم بعض الاحيان بالغناء الهابط من فصيلة (العربي من طابت)! فأين الإحباط هنا؟ هل مطلوب مني أن أنكر نفسي حتى اصبح على مستوى المرحلة؟ وأمتدت دهشتي حين علق مناضل آخر بأن لا فرق بيني وبين الجبهة في مقام الهوية والتعرب والثقافة وهذه سبة اعتاد مناضلو (الكي بورد) على الصاقها بكل من يخالفهم الرأى القائم على لعن هويتنا والتبرؤ من عروبتنا والتمسك بمظاهر السودان القديم هل مجرد إعتزازي بلساني العربي وحرصي عليه يجعلني في خندق واحد مع حكومة عارضتها حتى نفتني؟ ماهذا الخطل؟!

    لا ادري أيدرك هؤلاء الكتّاب الذين يروّجون لفض العروبة في السودان أنهم يخدمون دون وعي مشروعاً سياسياً يعكف الغرب عليه منذ أمد ويرى أن قطا فه قد حان الآن؟

    الهدف الآن هو تفتيت الكتلة المتماسكة في السودان باعتبار أنها الكتلة التي تبلورت ملامحها واكتمل بناؤها الثقافي وترسخت ابنيتها الاقتصادية.. بماذا نريد استبدالها؟ وكيف سيتم ضربها وتفكيكها وماهى تلك الكتلة الاجتماعية السياسية الثقافية الجديدة التي تترشح لاحلال الكتلة القديمة الموصوفة بالاستعلاء والفساد؟ كنت اشارك في ندوة نظمتها وزارة الخارجية الكندية بأوتوا عام 99 وكان السيد بونا ملوال يستدر عطف الخواجات بخطاب شديد القابلية للتضجر بتصويره الشمال العربي كمسترق للجنوبيين وكظالم تاريخي لهم وسط إصغاء غربي ذي تأفف ولكني انتزعت فرصة وضّحت فيها للمشاركين أنني احلت للصالح العام وللمعاش وكان عمري وقتها 23 عاماً وأن السيد بونا هو الذي احالني للمعاش ولم اباشر عملي الاعلامي إلا بعد الانتفاضة وأنا شمالي ظالم وبونا جنوبي مظلوم فأي منا في موضع الظالم؟!

    أنا لا اقف في صف الظلم الاجتماعي الذي يتحمل الشمال مسؤوليته تجاه الهوامش القريبة والقصية في السودان لكنني لن اضجر واصبح ضد نفسي وضد لساني وضد عروبتي في معرض معالجة الازمة.. ولا تقتصر الازمة في السودان على هويته فحسب إنها ازمة تضرب جذورها بكل شئ لكن السبيل لحلها ليس إبدال الجلد والوجدان واللسان، هذا هروب عرقي يرتد على مرتكبيه.

    كنت نشرت الاسبوع الماضي مقالاً بهذه المعاني فتح علىّ نيراناً ولظى وافجع بعض قرائى ولكن هل اقول أنا لست عربياً حتى اكسب ودهم والرضى وعندما
                  

05-20-2004, 05:03 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شكرا يا كمال عباس (Re: Agab Alfaya)

    الاخ العزيز كمال عباس

    شكرا جزيلا علي نقلك مقالات الدكتور عبدالله ،

    لعلك لاحظت ان الدكتور صار في هذه المقالات الاخيرة اكثرة وضوحا وجراة في التعبير عن افكاره حول موضوع الهوية بعكس اسلوب غير المباشر الذي اتبعه في كتاباته السابقة لاسيما تحالف الهاربين وربما يرجع السبب الي ان
    هنالك استقطابا حادا هذه الايام حول الافرقة والعروبة.
                  

05-20-2004, 05:17 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة من مني خوجلي (Re: Agab Alfaya)

    Dear Ustaz Al ajab,



    Greetings,



    I followed with great interests the exchange of views on the issue of identity through articles written by Dr, Ibrahim and yourself. Addressing this issue is very vital and important for all Sudanese. I have written to Dr. Ibrahim some similar lines on this issue few days ago.

    However, I always felt there is a missing point, that people do not like to address directly or indirectly, I am not quite sure whether or not this is also a sort of "denial" to identity or what. Most of northern Sudanese would like to claim their Arab identity, and they are fond and proud of that, equally others would like to claim African identity with the same deginity and pride, but my question now, are all sudanese pure Arabs or pure Africans? what about assimilation? I feel this is a taboo among sudanese!

    On the other hand, why does it always have to be one identity, I am not talking only here about exclusion of others or marginalisation of "others" I am also talking about a changeable identity, because identity is not only about one or two elements, ethnicity alone or culture alone, Identity is sutbled, it is about them together or separate beside others. My identity of today could develop tomorrow to include others, my identity as a woman could have more gender' dimension beside others.

    To tell you the truth, I feel this exchange of articles although very important and a fundamental human rights, I still feel it is continuing in a closed circle, why not starting the debate on identification of identity, I am sure many will come with different definitions!



    I am sorry I had to write in English, I cannot type Arabic, although I can express myself much better in Arabic!



    Best,

    Muna Awad Khugali
                  

05-20-2004, 05:35 PM

haneena
<ahaneena
تاريخ التسجيل: 05-27-2003
مجموع المشاركات: 2002

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة من مني خوجلي (Re: Agab Alfaya)

    carry on the debate
    we are following

    thanks all
                  

05-22-2004, 09:30 AM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة من مني خوجلي (Re: Agab Alfaya)

    عجب سلام،

    بوست، كل ماليه ماشي مكرب، بغض النظر عن مايروقنا فيه وما لا يروقنا، وهو السواد الاعظم.

    معليش داير اخرم شوية، واحي بت حلتي او جارتي، اخت الشهيد مصطفي عوض خوجلي، اختنا مني عوض خوجلي..

    طلتك هنا اهاجت فينا شجون.

    تحياتي لي محمد، وتلميذتي منال، وصديقتي ماجدة، وبقية الاسرة، اخر مرة غشيت بيتكم كان في 95. بيتنا كان ملاصق لي ناس حسن الزبير، الفاتح في بيتكم طوالي. الكلام ده في نهاية السبعينات، واوائل الثمانينات.

    بالنسبة للبوست، يا عجب ما نسيت، او جاييك ياداب، او يا اسامة اتلومت تب، وانت من قلنا عنك متمرس، او ذو قدرة عالية علي تحمل نار الصراع الفكري، فاذا بك تحرن؟
                  

05-22-2004, 08:08 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا هلا وسهلا بالاستاذة مني عوض خوجلي (Re: Bashasha)

    التحية للاستاذة مني عوض خوجلي
    وقد سعدنا بزيارة بت حلتك لينا يا بشاشة

    ونحن في انتظار مساهماتك وعامرين بوجودك
                  

05-21-2004, 10:09 AM

Khatim
<aKhatim
تاريخ التسجيل: 05-16-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الأخ عبد المنعم،
    تمكنت البارحة من قراءة ورقتك حول مفهوم الأفروعربية، للمرة الثانية. كنت قد اطلعت عليها بصورة سريعة وإنتقائية، بعد فترة من ظهورها، وعرفت أنها تستوجب الوقوف عندها، ولكن مشاغلي الآنية، ألاقل شأنا من حيث الموضوع، والتي لا أستطيع الفكاك منها مع ذلك، لم تمكنني من الرجوع إليها وهو ما فعلته البارحة.
    وأحب في البداية أن أهنئك بصدق على هذه الورقة الكبيرة القيمة من حيث موضوعها، ومحتواها الفكري، ومنطقها الداخلي، وأسلوبها، وأجندتها المعلنة، وخصومتها الشريفة. فمن حيث الموضوع، لا توجد على الساحة الفكرية والثقافية والسياسية، في سودان اليوم، قضية أهم من قضية الهوية. فما يستقر عليه الجدل حول هذه القضية، وما يتوصل إليه الناس من مفاهيم حول ذواتهم، وتصورات لماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، وما يترتب على كل ذلك من سياسات عملية في جميع أوجه الفعالية الإنسانية، هو الذي يحدد، جوهريا، هل يكون السودان أو لا يكون. وإستشعارا للأهمية الإستثنائية لهذه القضية، كتب صديقي الدكتور الباقر العفيف، ورقة بعنوان أزمة الهوية في شمال السودان: متاهة قوم سود... ذوو ثقافة بيضاء، وقد قمت بترجمة هذه الورقة إلى اللغة العربية، إذكاء للحوار، وطرحا للقضية على أسس من الصراحة والصرامة والوضوح، تخرج بها من دهاليز اللاوعي، إلى دائرة الضوء، وتمكن بالتالي من الحوار حولها واستجلاء تناقضاتها، ومحاولة حل تلك التناقضات، أو بعضها على الأقل. وقد نشرت تلك الورقة بهذا الموقع مرتين، ولكنها لسبب أو آخر لم تثر الجدل الذي كنا نتطلع إليه. بل إنا، باقر وأنا، لاحظنا تجاهلا يكاد أن يكون متعمدا، من قبل المهتمين بقضية الهوية، لتلك الورقة. فلم يرد لها ذكر، على سبيل المثال، في كتابات الدكتور منصور خالد المسهبة والمطنبة في الإستدلال والإقتباس، لأسباب لا نعتقد أن لها علاقة بمقتضيات الأمانة العلمية، كما أنها تهزم إدعاءات الشمول والتوفر على الحقل الفكري والثقافي.
    أنا سعيد بأن ورقتك وحدت هذا الإهتمام، لأن هذه قضية لن تختفي بالتجاهل، وستحتفظ بمكانها ومكانتها في صدارة المسرح الفكري لفترة طويلة من الزمن.
    المنطق الداخلي لورقتك متماسك ورصين، فأنت تعرضت للمقولات الأساسية لورقة الدكتور عبد الله على إبراهيم: الأفروعربية أو تحالف الهاربين، وذلك بالإقتطاف المباشر من الورقة نفسها، بل إوردتها على الموقع، ولم تلجا إلى محاورة ورقة محورة، لتناسب أغراضك وتنسبها إلى عبد الله، كما يفعل هو في أغلب مؤلفاته المتعجلة. وفندت الحجج الواردة فيها مستعينا بخدمات المنطق البسيطة والمباشرة، وبالمعارف الكثيرة التي لديك عن الموضوع، وأبنت تناقضات عبد الله، سواء النائمة بغفلة على السطح، أو المختبئة بمكر في القاع.
    أجندتك واضحة، وهي إيجاد أرضية سليمة وبنية نفسية معافاة، وفضاء ثقافي وسياسي غير ملوث، لتعايش السودانيين مع بعضهم البعض، وتصالحهم مع أنفسهم قبل التصالح مع الآخرين. وهذه أنبل الأهداف دون شك. كما أن خصومتك شريفة، لأنك لم تتحامل أ و تجامل، وبين التحامل والمجاملة، تبخرت أفكار عديدة في الهواء، ولم تستقر في الأرض.
    وبكتابتك لهذه الورقة، فإنك لم تطرح قضية الهوية وحدها، للحوار، بل طرحت عبد الله على إبراهيم نفسه للبحث. فماذا يمثل هذا الرجل في حياتنا الفكرية وا لسياسية الآن؟
    هذا ما سأعالجه في موضع آخر عما قريب، مع طرح وجهة نظري المتكاملة عن قضية الهوية نفسها.
    لك كل الود، وللشاعر الكبير والكاتب الرصين محمد المكي إبراهيم، ولكل من شارك في هذا الحوار، الذي أرجو أن أعود إليه مرة أخرى بعد الإطلاع المتأني على المساهمات الممتازة لكثير من الأخوة ا لباحثين في أمر الهوية وما يتصل بها من قضايا.
    أخوك
    الخاتم عدلان.

    (عدل بواسطة Khatim on 05-21-2004, 01:45 PM)

                  

05-21-2004, 09:05 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانصاف علي الصفاء هو الاكسير ، الاستاذ الخاتم (Re: Khatim)

    Quote: أجندتك واضحة، وهي إيجاد أرضية سليمة وبنية نفسية معافاة، وفضاء ثقافي وسياسي غير ملوث، لتعايش السودانيين مع بعضهم البعض، وتصالحهم مع أنفسهم قبل التصالح مع الآخرين. وهذه أنبل الأهداف دون شك. كما أن خصومتك شريفة، لأنك لم تتحامل أ و تجامل، وبين التحامل والمجاملة، تبخرت أفكار عديدة في الهواء، ولم تستقر في الأرض.

    تجدني كثير الامتنان لهذه الشهادة اخي الاستاذ الخاتم،
    فالانصاف علي الصفاء ، كما قال المجذوب ،هو الاكسير .وشجرة الاكسير كانت علي الذروة من جبل كسلا ، وليس غيرها في الدنيا، قيل صعد اليها رجل واقتلعها ! اين الرجل ؟" او كما قال .

    للاسف لم احظي بقراءة ورقة الاخ العزيز الدكتور الباقر عفيف لكني
    سمعت عنها ارجو ان يعاد نشره مرة اخري سواء في بوست منفصل او في
    هذاالحيز. واغتنم هذه الفرصة لاحي الدكتور الباقر علي هذا الجهد المقدر.

    ونحن في شوق لاستماع المزيد من اراءك وافكارك النيره حول هذا الموضوع
    كما اننا في انتظار دراساتك عن الهوية و عن كتابات الدكتور عبدالله

    لك مودتي وعميق احترامي
                  

05-21-2004, 04:35 PM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في رد (التأسلم) و (الإستعراب) وفق مكمايكل و ترمنجهام و الأفروعروبية.. (Re: Agab Alfaya)

    الإسلام الشعبي: دين في مقاس الرجرجة
    عودة الي مفهوم القس سبنسر ترمنغهام (1949) عن الأسلام الشعبي

    عبدالله علي إبراهيم
    ترجمة محمد عبدالله عجيمي
    سادت منذ حين مصطلحات واوصاف في الكتابة عن الثقافة السودانية لم تخضع بعد الي التمحيص. ومن هذه المصطلحات قول الكتاب أن إسلام السودانيين المسلمين هو "تأسلم" وأن عروبة عربهم استعراب وأن خليط هذين الحظين المبخوسين هو "الاسلاموعربية". و"التاء" في حال التأسلم والإستعرب هي "ت" الإفتعال. وهذا حكم مجازف لا يصدر عن علم او تأهيل لأنه لا احد يعرف "مقدار" الاسلام أو العروبة التي يشترط توفرها في كائن بشري حتي يصح وصفه بالمسلم العربي بغير "تاء" المناتقة كما جاء عند الدكتور عبدالله الطيب.

    وأخشي أن يكون ذيوع هذه المصطلحات أثراً من معارك السياسة العملية حيث تدور رحي حرب الحداثيين والإصوليين من العرب المسلمين منذ حين في سياق حرب اهلية بغيضة. وقد اراد الحداثيون كسب نقاط علي خصومهم الدينيين بالقول ان ديننا هو "نص ديانة" وعروبتنا هجينة فلا تخوتوننا. واذا صح مثل هذا الاعتذار بضآلة كسبنا من الاسلام والعروبة في معمعمان العراك السياسي فهو لا يجوز في مقام العلم بالأشياء.

    ومصطلحات الحداثيين الدهريين من مثل الإستعراب والتأسلم قديمة حتي لو بدت لها لمعة عند الناطقين الجدد بها. فهي من موروثنا من الإثنوغرافية الاستعمارية والتبشيرية التي نشط فيها هارولد مامكايكل بكتابه عن (تاريخ العرب في السودان، 1922 ) والقس الأنجليكاني ترمنقهام بكتابه عن الاسلام في السودان (1949). ولم نقصد برد منشأ هذه المصطلحات الي بؤر استعمارية القول ان متبنيها في أيامنا هذه ملوثون ومصروعون بالغرب. حاشا. اكثر ما نريده في هذا المقام القول ان هذه المصطلحات قد تفرعت من نظريات "ألأوابد"survivals والانتشار التاريخي للثقافة ومباديء الوظيفية functionalism التي سادت في اوئل القرن الماضي ثم خبت جذوتها وهجرها الناس الي نظريات أهدي وأقوم. ووقف للأسف حمار نظرنا الثقافي في عقبة تلك النظريات المهجورة. وقد نعزو ذلك الي ان شعبة الأنثربولجيا بجامعة الخرطوم ،التي هي مركز تلقي الجديد في هذا العلم، قد كفت عن العناية بالثقافة منذ تحولت الي شعبة خدمات لمنظمات غوث الملهوف الغربية. وأضحي جهد أكثر اساتذتها منصباً علي كتابة مذكرات عن خلفيات اجتماعية للسودانيين المراد غوثهم او تطويرهم. وهكذا توقفت الشعبة عن النظر الثقافي الذي ميز جيلها الأول مثل الدكتورين تاج الأصفياء وفهيمة زاهر. وسيري القاريء خطر مثل هذا التباطؤء في متابعة النظر الثقافي المطرد الذي انتهي بنا الي التعلق بنظريات عن أخص خصائصنا عفا عليها الزمن ورمي بها الناس في مزبلة العلم لو صح التعبير.

    وقد حاولت في مقالين لي بالإنجليزية أن أوطن النظر الثقافي عندنا فيما استجد من علم الهوية والثقافة. نشرت كلمتي الأولي في مجلة الدراسات الأفريقية العالمية الإنجليزية عام 1985 ونشرت الثانية بكتاب حرره الدكتوران سيد حامد حريز والفاتح عبدالسلام عنوانه في العربية: "الإثنية والخصام ولتكامل القومي في السودان" (1989). وقد حال صدورهما في الانجليزية وتنائي المنشورة بالخارج منهما عن محيط البلد دون أن يجدا مكانهما في المناقشات الجارية علي قدم وساق في بلدنا عن الهوية. وقد التمست عون الاستاذ عزالدين عثمان المحامي في ترجمة المقالة الأولي والأستاذ محمد عبدالله عجيمي في ترجمة الثانية. كما دقق في التعريب الدكتور بدر الدين علي والأستاذ الخاتم المهدي. فجزاهم الله عني كل خير. وقد راجعت التعريبين لأتحمل تبعة نشرهما وحدي دون غيري. وقد نشرت المقالة الأولي المعنونة "كسار قلم مكميك: عودة الي هوية الجعليين الكبري" هنا علي حلقات منذ حين. وها أنا أبر بالوعد وأنشر المقالة الثانية المعنونة " الإسلام الشعبي: دين في مقاس الرجرجة" علي حلقات هنا. ولن يجد القاريء ثبت المراجع ويمكن لطالب الإستزادة الإستفسار عن مرجع أو آخر علي بريد المؤلف.



    وجهة النظر المأخوذ بها حاليا حول هوية السودانيين الشماليين الإثنية والدينية هي في جوهرها من عمل هارولد أ. مكمايكل (1922)1 وجي. سبنسر ترمنغهام (1946)2. ويقول مكمايكل أن القاسم المشترك الأعظم في الهجين العربي الأفريقي، الذي نشأ عن اختلاط النوبة المحليين والعرب، الذين استقروا على نهر النيل منذ القرن التاسع وحتى القرن الرابع عشر الميلادي، هو تلك الأرومة البربرية أو النوبية المشتركة التي تسري في كافة عناصره بنسب شديدة التفاوت (1922:235). وقد أطلق ترمنغهام على دين هذا الهجين اسم "الاسلام الشعبي" لأنه مشرب بالوثنية الأفريقية. وأراد ترمنغهام بهذه التسمية القول انه إسلام آخر علي النقيض من الاسلام الارثوذكسي ANTI -ORTHODOX ،أو هو هجينSYNCRETISTIC علي اقل تقدير، او غير تقليديUNORYHODOX(1949 :10. وقد قبل الباحثون اللاحقون بهذا التوصيف لهوية الشماليين الإثنية والثقافية على نطاق واسعهارولد باركلي 1964 :136-137؛ يوسف فضل حسن 1967 :152؛سيد حريز 1977 :11،22؛ وليام آدمز 1977: 557،574،577؛ أحمد الشاهي وف.ت.مورF. C. T. MOOR 1978 :32؛ حيدر ابراهيم 1979 :15،126؛ أحمدعبدالرحيم نصر 1980 :88-91 وشرف الدين عبدالسلام 1983 :5،10،43)3.

    ينطلق توصيف كل من مكمايكل وترمنغهام لهوية الجعليين الكبري من فرضية فاسدة لا تستمد جذورها من الحقيقة المشاهدة للتمازج العربي-الأفريقي في السودان فحسب بل من الدلالات السلبية لمصطلح السفاحية العرقيةMISCEGENATION في الثقافة الانجلو-ساكسونية. فهولاء البيض من ذوي السلطان علي الفكر ومفاهيمه يستهجنون في دخيلة انفسهم خلطة الأعراق ويعدونها خرقاً وسفاحاً (علي المزروعي1973 :58،75).وعليه فمكمايكل يتحدث عن عملية التمازج العربي-الأفريقي في السودان والعنصر الذي نتج عنها بمصطلحات مثل:"التدني"، و"النقاء العرقي"، و"السلالة الأصلية"، و"التلوث" وما يجري مجراها1922 :195،208،223،318،336). وهذا فعل من يستنكر في قرارة نفسه تزاوج الأعراق وخلطتها. بل أنه وصف مجموعة عرقية سودانية بعينها يجري فيها دم أفريقي أكثر من الدم العربي بأنها "متدنية أو هابطة". وقال أنه عني بهذا الوصف أن تلك الجماعة ببساطة وبراءة "أقل عروبة" من غيرها. وقد برر لجوءه لهذا المصطلح بقرينة أنه يكتب عن العرب في السودان لا عن أفارقته: " وبما أنني أكتب عن العرب وليس عن السودانيين الأفارقة الذين سبقوهم الي السودان بصورة أساسية فانني استخدم عبارة"أكثر تدنيا" كمعادل ل"أقل عروبة"(1922 :223)". وبرغم هذا االتنصل فان عمل مكمايكل يوحي أحيانا بأنه يرى"الدم العربي" أعلى قدراً من "الدم الأفريقي" .فهو يشير، على سبيل المثال، الى أن أغلب الأسر ذات البشرة الشاحبة، التي يفوق مقدار دمها العربي مقدار دمها الأفريقي، تنفر من التلوث بدم هو مزيج سوداني خالص(1922 :199 31. وعلى نحو مماثل ينسب مكمايكل وترمنغهام تفوق الكنقارا، وهم سادة الفور بغرب السودان، وبأسهم الى أرومتهم العربية الأولي (مكمايكل 1922 :91؛ترمنغهام 1949 :32). والواضح أن وراء استخدام مكمايكل لمصطلح "تدني" دلالة أكبر من مجرد مصادفة إسلوبية في الكتابة عن العرب دون الأفارقة. ويبدو تمسكه بمقولة التدني الثقافي الناشئ عن التدني العرقي هذه أكثر وضوحا حين يصف اسلام "عرب" السودان الشمالي بانه "ملوث بعادات وخرافات مختلف السكان الأصليين الذين استقروا بينهم" (1922 :195). وحسب ترمنغهام فان "الزنوج-العرب" و "الحاميين-العرب" في السودان دخلوا الإسلام وصبغوه بقدر وافر من وثنيتهم (1922 :10،149). وقد بدا له إسلام السودانيين مشربا بعناصر وثنية أفريقية كما هي في دارج فهم الغربيين لعقائد الأفريقيين المتمهين بالتعلق بالخرافة النزعة العاطفية وقابلية التأثر بالايحاء الجماعي (1949 :108،149). وجريا على ذات االنهج يشير ترمنغهام الي "تعصب" البقارة للمهدية وينسبه الى غلبة "الدم الزنجي " فيهم (1949 :30).

    بات واضحاً أن مقولتي "التدني العرقي" و"التدني الثقافي" متناصرتان يشدا واحدهما إزر الأخري في هذه المناقشة حول هوية السودانيين الشماليين. فالدهماء في نظر ترمنغهام ترتبط بخرافاتها ارتباطاً لاينفصم (ترمنغهام 1949 :195). وستقتصر هذه الورقة على مناقشة مقولة التدني الثقافي التي ينطوي عليها مفهوم الاسلام الشعبي الذي جاء به ترمنغهام ليصف إسلام السودانيين. وسنتتناول بالنقد المنهج والمفاهيم التي استبطنت مقولته عن الاسلام الشعبي. وأضافة الى ذلك سوف تناقش الورقة حماسة الدراسات الأثنوغرافية السودانية في قبول هذه المقولة بغير تأمل ونقد. وهي حماسة تتناقض مع أفضل أحكام ترمنغهام الذي حذر من الأخذ ببعض مقولاته الى حين اجراء دراسات مفصلة حول الاسلام الشعبي في أقاليمه المختلفة (1949 :171). ولاحاجة للقول بان هذه القبول السكوتي لمقولته يتعارض أيضا مع افضل النظرات التي تمخضت عنها تلك الدراسات الأثنوغرافية نفسها. وترى ورقتنا أن فهم الاسلام في السودان، في وقت أصبح الدين يلعب دوراً متزايداً في الحياة الثقافية والسياسية للبلد، سوف يبقى قاصرا من دون نظر نقدي في نصوص ترمنغهام وأفكاره.

    يرى ترمنغهام أن الاسلام في السودان يراوح بين قطبين هما الاسلام "الشعبي "والاسلام الأرثوذكسي ORTHODOX ISLAM وقد فسر الاختلاف بين الأثنين في ضوء اطروحته العامة حول التعايش التاريخي بين الإسلام الرسالي الأول وبين نظم هجينة تفرعت منه في البلاد التي التي تمدد اليها . وعلى حد قول تلك الاطروحة فان قلة فاتحة ضئيلة الشأن من العرب جاءت بالرسالة ، أي بالقرآن والسنة، فأخذتها الجمهرة الي اقاليم الدنيا واستثمرتها في معاشها ومعادها كادحة الي ربها كدحاً. وقد أعطى هؤلاء الذين دخلوا الاسلام تلك الرسالة "استشرافا للعالم دفق بدوره الدين في كل شئ في الحياة". وبمضي الزمن، في قول ترمنغهام، تطور الاسلام الى النسق التوفيقيSYCRETISTIC SYSTEM الذي هو عليه اليوم. وهو نسق علي خلاف الرسالة الإسلامية الوافدة والحضارة التي تمثلتها. فهذا الهجين في نظر ترمنغهام "شئ جديد حقاً نشأ عن تفاعلهما وتركيبهما". ويصف ترمنغهام هذا النظام المهجن بأن له قوة باطنية غير عادية لتمثل وهضم العناصر الأجنبية التي أثرت مفاهيمه الأصلية الغريرة بينما احتفظ، في ذات الوقت، بعزائمه الخاصة في طلب الشوكة والوحدة العضوية والنظر المحيط للعالم. ويقرر ترمنغهام أن الشريعة تبقى الرمز لأهل النظام الهجين بينما تحكم الأعراف والعوائد حياتهم (1949 :106-107).

    ويعتبر ترمنغهام،فيما يبدو، التهجين SYNCRETISM عملية خلاقة حينما تطرق لكيف تهجن الاسلام وتطور داخل الحضارتين الهلينية-الشرقية (1949 :106) الا أنه سيء الظن بعاقبة التهجين لدي تناوله لإسلام السودان الهجينSYNCRETISTIC ISLAM :-

    "...لقد أشرب الاسلام بصبغة قوية من الميول والنزعات الأفريقية فجاءت سماته المميزة ممثلة في الوجدانية المسرفة والخرافة... جاء الإسلام الى بلاد بلا حضارة (السودان-أفريقيا) خلا الناس فيه من كل إرث باطن يسهمون به في ترقية الدين الوافد صعداً" (1949 :104.

    وزاد ترمنغهام بأن قال أن الذين قاموا بنشر الاسلام في السودان لم يأتوا بإسلام من الدرك الأسفل فحسب بل كانوا انفسهم من الجهلاء الذين قصر خيالهم دون التدريب الحسن في عقيدة الإسلام الإرثوذكسية. وواصل قائلاً أنه قد سنحت الفرصة كاملة لهولاء الدعاة الجهلاء، وسط قوم بلا خلفية ثقافية، أن لا يستصحبوا خرافات الناس وترهاتهم فقط بل أن أن يجسدوها هم أنفسهم في هئية أولياء صالحين ذوي كرامات (1949 :10".

    ومن أول متاعب الباحث مع مفهوم "الاسلام الشعبي" أنه غير دقيق في الإحاطة المقنعة بالظاهرة التي خرج لوصفها. فالاسلام الشعبي، حسب ترمنغهام وسالكلي نهجه، هو إسلام صوفي في غالبه إرتدف ممارسات وثنية مميزة ايضاً. فمن المعلوم أن رجال الصوفية هم من نشروا الإسلام في السودان بصورة رئيسية. ولقد سبق لنا الوقوف على الفكرة االسلبية التي يحملها ترمنغهام عن انجاز هؤلاء الرجال. فقد وصف الطرق الصوفية، التي هي عنده نقيض الأورثوذكسيةORTHODOXY ، بأنها التعبير المنظم عن حياة السودانيين الدينية. ويصنف ترمنغهام الايمان بالمهدية كجزء من الاسلام الشعبي رغم أنه يطلق علي المهدية اسم "الاسلام البدائي" (علي غرار المسيحية البدائية المضطهدة في ظل دولة الرومان) الذي هو عنده الأصل الذي جاء به النبي (ص) (1949 :155). من الناحية الأخرى لايعتبر ترمنغهام "الاسلام البدائي" اسلاما إرثوذكسياً ORTHODOX طالما أنه يرفض المذاهب الأربعة كما فعل المهدي (1949 :162). وهنا مطعن علي ترمنغهام كبير. فهو يدخل مفهوم المهدي في الأسلام الشعبي ثم يخرجه منه بمنطق دائري. واخيراً فان ترمنغهام لايفرق كثيرا بين الصوفية الخالصة التي تروق للمتعلمين وبين الاعتقاد في الأولياء والصالحين السائد عند جمهرة الناس (1949 :193). فهما عنده سواء مما يدخل المتعلمين في جمهور الإسلام الشعبي ايضاً. ولكنه يري أن عقيدة العامة تضمنت المفاهيم الصوفية بشكل مفسد (1949 :210). وعلى وجه العموم فان وجهة النظر الأكاديمية السائدة عندنا تطابق بين الإسلام الشعبي وبين الصوفية التي يعتقد الباحثون أنها لم تبلغ قوماً بلا حضارة وحسب، بل كانت هي نفسها تمر بمرحلة متضعضعة من تاريخها، وبين الإسلام الشعبي.

    للباحثين نظرات شتي في البؤس الثقافي المزعوم للإسلام الشعبي. فهو في نظر الباحثين تجلي متدن للإسلام الرسالي في بئية السودان الجاهلة. فلما اعيت الإسلام الحيلة عندنا أن يتحقق علي مثاله الأرثوذكسي الرسالي أو الرسمي هبط الي درك الشعبية. (ترمنغهام 1949 :115؛ حريز 1972 :22؛ ابراهيم 1979 :126؛ عبدالسلام 1983 :43). ويرى هؤلاء الباحثون أن السودانيين انتهوا الي إسلام متدن حين مزجوا الاسلام الأرثوذكسي بالعادات المحلية.

    كان بوسع ترمنغهام في الأربعينات ان يخوض في هجنة الدين كما فعل. ولكن لا عذر لسالكي دربه لأن الدراسات الأكاديمية الحديثة حول الهجنة SYNCRETISM ،وتجلياتها في الإسلام على وجه الخصوص، علي نقيض الصورة التي رسمها ترمنغهام للاسلام "الشعبي" في السودان. وقد وضع جي.سبولدنغ JAY SPAULDING أصبعه ،على نحو مميز، علي الخلل في معالجة ترمنغهام والمعالجات الشبيهة بها. يقول سبولدنغ أن وجود ممارسات اسلامية سودانية مما قد تكون بدعاً سافرة قد قاد اؤلئك الباحثين الى استخلاص نتيجة مفادها إما أن السودانيين مسلمون غير ملتزمين أو أن إسلامهم يختلف عن إسلام الشعوب الأخرى. ويرى سبولدنغ أن المسالة الأولى هي شأن متروك الحكم فيه لربهم الذي خلقهم بينما الثانية نموذج للبرهان الدائري- أي أن يفترض المرء مسبقا أن السودانيين مسلمون ثم يأتي من بعد ليقف علي طبيعة وشذوذ الإسلام السوداني (1977 :49).

    وقف الباحثون في الاسلام في شرق آسيا، بحزم، ضد الفكرة القائلة بان الهجنة تتمخض في نهاية المطاف عن ضرب من الاسلام من الدرجة الثانية. ويرى جون بوسفيلد JOHN BOUSFIELD أن الأيحاء بان المراحل الأولى للإسلمة في جنوب شرق آسيا كانت تحمل في طياتها فكرة تعدد الآلهة بقدر تععد قوي الطبيعة ونواميسها. وهي المعروف ب "الإشراك" في الديانات التوحيدية. ومن ثم جاءت، بالضرورة، باسلام "غير نقي" هي فكرة ليس لها ما يسندها (1985 :207). و من ناحية أخرى يلقي عاصم رويASIM ROY اللوم على دارسي الاسلام الذين يصبون اهتمامهم على قياس انتشار الاسلام على المستوى الأقليمي بمسطرة الاسلام الأرثوذكسي. هذا القياس ، فيما يقول روي، يحيل عملية جد خلاقة ومركبة للتفاعل الثقافي بين ديانة مقتحمة وثقافة محلية، الي مجرد مسالة استقطاب بسيطة، غير حاسمة ولا موضوعية بين ضرب من الاسلام "الحقيقي" أو "الأصلي" وضروبه المنحرفة عنه المسماة ب "الشعبي" أو "العامي" (1983 :249).

    وفوق ذلك فإن مصطلح "الهجنة" قد يكشف، وبشكل مضطرد، عن قصور نظري في تحليل كيف يغير الناس معتقدهم ويدينون بدين جديد. بل أن ستيفن قليزر STEPHEN GLAZIER وجد مفهوم الهجنة مضللاً. واستفاد قليزر من ليكوكس الزوجة والزوج (1972 :320 ) ليخلص الي أن مفهوم الهجنة يفشل في انصاف العملية الخلاقة في تحول الناس الي الأديان حيث يوحي بأنها ، بالأحرى، مجرد عملية تجميع آلية لأفكار خليط من الدين الوافد وعقائد سبقته بين من إعتنقوا هذا الدين (جلازير 1985 :60).

    ويمكن لهذه القطبية (المثالي-الواقعي) أن تكون أكثر تضليلا اذا ما أخذت بمعزل عن سياق الخطاب الذي أفرزها. ويوضح روي، على نحو بارع،أن المثالي في الاسلام أو الإرثوذوكسي، هو من ابتداع المستشرقين ودارسي الاسلام الأول ممن لم يطلعوا علي ابحاث تجريبية عميقة حول الاسلام في اقاليم أهله العديدة . فقد نحت هؤلاء الباحثون، فيما يرى روي، نموذج الاسلامي الارثوذوكسي نحتاً إستندوا فيه بالضرورة على مثال المذهب السني. وأصبح هذا الابتداع، الاسلام الأرثوذكسي، المحك الذي يقيسون به صحة كافة المظاهر الاسلامية الأخرى(روي 1983 :5). وعليه فإدعاء هذا الكيان المبتدع أنه الأصل والحق و"الدين" هو مما فرضه هذا الكيان نفسه علي ضروب التدين الأخري. وهي ضروب يحق لها بذات القدر أن تدعي مصداقية جوهرية وجاذبية باطنة للمعتقدين بها. علماً بأن اؤلئك الباحثون لم يجعلوا الاسلام الأرثوذكسي مرادفا ل "الدين" الا في ضوء معيار مسبق للصحة يرتبط بمفهومهم للحقيقة (عبدالحميد الزين 1977 :24.

    وهذا منهج أخرق في قول روي: " يكمن القصور الاساسي لهذه النظرية الإستشراقية المثالية للتفاعل الديني الثقافي في نزوعها الى تقييم الظاهرة الاسلامية والمسلم استنادا الى درجة التطابق مع مثاليات أو معايير الاسلام الأرثوذكسي. ويعاني هذا المنهج الاستدلالي في مجال دراسة التغيير الديني من قصور ذاتي حيث يبدأ بتعريف مسبق للإسلام ومن ثم قبول أو رفض ما يعرض لهم من إسلام اقوام مسلمين بمقدار انسجامه مع ذلك التعريف . ومنهج كهذا لهو عاجز عن تفسير الدين تفسيراً يبلغ ما يعنيه الدين لمن يؤمن به ويتعبد به ويوقره في خاصة نفسه. واذا كان الهدف من دراسة دين ما ليس هو تعريفه بل التعرف عليه فان هذا البحث المعياري، الذي يحاول فرز المسلم "الصالح" من المسلم "الطالح"، قمين باتخاذ وجهة خاطئة" (1983 :5).

    وعليه فإن مصطلحي الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي لايندرجان تحت علاقة الواقعي في مواجهة المثالي، بحفظ الترتيب. بل علينا أن ننظر اليهما من وجهة نظر المسلم كضربين أو واقعين اسلاميين مختلفين كما سنبين ذلك بالتفصيل لاحقا. ونقول، مستفيدين من عبارة لميشيل هرزفيلد MICHAEL HERZFELD ، أن الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي لايشكلان تمييزا بين "الواقعي" و"المثالي" بقدر ما يمثلان تقابلاً بين واقعين :أي فكرتين حول ما ينبغي أخذه في الإعتبار عند محاولة تعريف ماهية المسلم(1982 :9).

    ويضر تشديد الباحثين على الانفصام بين الاسلام التقليدي والاسلام الشعبي بمحاولة فهم أوسع وأشمل للاسلام في السودان. وقد درج الباحثون اللاحقون لترمنغهام، دون تمييز، على إعادة صياغة أفكاره حتى عند تعارضها مع بصيرتهم التجريبية المستقاة من العمل الميداني بين الجماعات المسلمة، كما سيتضح بالتدريج. ويكشف وصف ترمنغهام لأداء الاسلام في السودان،وما استنسخ الباحثون التالون له منه، دون اختلاف يذكر، عن ملمحين،الأول: أن ترمنغهام يميز بين الاسلام الأرثوذكسي والاسلام الشعبي على المستوى القومي أو مستوى "القريةالأنثروبولوجية" باعتبارهما مؤسستين وواقعين متعارضين تماما. وإذا نظرت الي عناصر هذه القطبية رأيت مدي التحامل التاريخي للدراسات الأكاديمية علي العامة المستضغفين وتنميط طرائقهم وتبخيسها كيفما أتفق. ويوضح الرسم المستخلص عن هذه الدراسات كيف أن هذه الدراسات تتحيز ضد الوثني، والأفريقي والأمي والعملي والأنثى حين تقيسهم علي المسلم والعربي والمتعلم والنظري والذكر (الأشكال لن تصحب المقال).

    التحامل الثاني في تحليل ترمنغهام هو إخضاعه للممارسات الدينية بحسب درجة قبولها النسبية عند علماء الدين (باركلي 1964 :206). وهكذا سارع لباحثون لتعيين البدعة والمحرم والمفارق للقرآن في ممارسات الإسلام الشعبي بمقياس ما ظنوا أنه لا يتسق أو ينافي الإسلام الأرثوذكسي (ترمنغهام 1949 :127،164،166،181،210). ويقول حيدر ابراهيم بوضوح أنه بنى دراسته عن إسلام الشايقية علي بينة "أين يتقاطع مع الاسلام الأرثووذكسي وأين يميل عنه أو يختلف"(1979 : 134). وهكذا فإن هؤلاء الباحثين بتركيزهم على الانفصام بين الأرثوذكسي والشعبي يعطون الانطباع بان موضوع دراستهم ليس الاسلام والسودانيين بل الاسلام في مواجهة السودانيين. ويعلق الدكتور أكبر أحمد على نزعة مماثلة في دراسة الاسلام في باكستان قائلا أن الباحثين ينحرفون بدراسة الإسلام فيحعلونه ديناً مضاداً لإسلام شعب الباشتون الباكستاني. ويضيف: "يمثل الإسلام بالنسبة للبشتوني القبائلي تكوينا سياسيا واقتصاديا-دينيا محددا يمارس هويته الباشتونيته من خلاله. فالاسلام والباشتونية متسقان ومنسجمان بحيث يمثلان عند الباشتوني تكوينا منطقيا. ويرتبط الأثنان بعلاقة تبادلية عميقة. كما أن الاسلام متوغل في البنية الباشتونية بما يوحي بأن مسألة الفصل بينهما غير واردة (1982 :193)".

    ولابد أن ترمنغهام قد أدرك شيئا من متانة تعلق مسلمي السودان بإسلامهم . فعلى الرغم من قوله صراحة أن السوداني يحتاج أن يتحرر من "اسلامه العاطفي، غير الأصيل" (1949 :22) لكي يحقق امكانياته الجمالية، فانه يصف ذات السوداني، في ذات الوقت، بأنه "مسلم حقيقي صلب" وليس وثنياً تكسوه قشرة رقيقة من الإسلام (1949 :108ـ109).

    يكشف حتي الباحثين الذين يقبلون بالإسلام الأرثوذكسي كمفهوم صالح ونهائي في الاسلام عن قصور كبير في محاولاتهم لتحديد أرثوذوكسية أفكار ومعتقدات اسلامية بعينها منسوبة للإسلام الشعبي في السودان. وقد أبان طلال أسد عن جهل هارولد باركلي بالأفكار والمفاهيم الاسلامية الأرثوذكسية التي أراد أن يحاكم بها ممارسات الإسلام الشعبي (1965 :169). ويكفي أن نذكر هنا أن عقيدة رجم الملائكة للشياطين بالشهب، وهي ثابتة بنص آية قرآنية(67 :5) مما عده باركلي خرافة(1949 :172)6. ويتضح من هنا أن أية تأكيدات حول وجود انقسام بين الدين الأرثوذكسي والشعبي يستلزم، في المقام الأول، معرفة شاملة وعميقة بفقه الإسلام الأرثوذكسي الذي عليه مدار الحكم. وسوف نفصل لاحقا في حاجة دارسي الثقافات الإثنية في المجتمعات الاسلامية الى تدريب كاف في مسائل الفقه والشريعة الإسلامية.

    وفوق ذلك فقد أضفى بعض الكتاب إبهاما وغموضاً على مفهوم الإرثوذكسية نفسه، وذلك حين خلقوا، بلا مبرر، صراعأً داخلياً بين عناصر هذا المفهوم المعروفة من قرآن وسنة وقياس واجتهاد. فليس ثمة إتفاق بين هؤلاء الكتاب في نسبة ما للإرثوذكسي وما للإسلام الشعبي من الممارسات التي يدرسونها. فشرف الدين عبدالسلام يقول بأن الاعتقاد في الأولياء والصالحين ليس له ما يسنده في القرآن الا أنه، مع ذلك، لايوحي بان ذلك الاعتقاد يتنافى مع الاسلام الإرثوذكسي(1983 :63). وحسب رأي باركلي فإن العناصر القرآنية المتوافقة مع االاعتقاد في الأولياء والصالحين ـ خلافا للعناصر غير القرآنية ـ مقبولة تماما عند علماء الدين(1964 :206). وفيما يتعلق بمفهوم المهدية، من الناحية الأخرى، فان ترمنغهام يراه عظمة نزاع بين إرثوذكسية متشددة ترفضه وإرثوذكسية متساهلة تتسع له وتتكيف معه (1949 :14. ويزيد الأمر تشويشاً حين يقسم ترمنغهام معظم السودانيين الي فئتين: فئة الإرثوذكسيين من جهة وفئة الإرثوذكسيين المتشددين من الجهة الأخري. ولا غرو فإن هذا التشقيق في مفهوم الأسلام الإرثوذكسي يفسد قولهم بالتمايز والقطيعة بينه وبين الإسلام الشعبي. فالإرثوذكسي، كما رأينا في تشقيقه أعلاه، ذو درجات ومنازل منها القصوي المتشددة والصغري المتساهلة. وقد تتداخل درجاته الصغري مع الإسلام الشعبي.

    وينبع التشويش في مفهومي الإسلام الإرثوذكسي والشعبي من بعض الأساليب التي يصف به الكتاب بعض عقائد العامة.فيستخدم بعض دارسي الإسلام أحياناً صيغة المبني للمجهول عند الحديث عن معتقدات بعينها مما يؤمن به القرويون (باركلي 1964 : 146،152؛ حيدر ابراهيم 1979 :18،145). وهذا الاستخدام اللغوي مضلل في كثير من الاحيان. فقد يقود الى الظن بأن هذه المعتقدات مما يختص بها الاسلام الشعبي بينما حقيقة الأمر ليست كذلك. وعلى سبيل المثال يقول باركلي: "يعتقد بعض القرويين أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد، وبسبعة وعشرين درجة على وجه الدقة" (1964 :146). وفي واقع الأمر فان ذلك هو حكم الشرع لكن صياغة باركلي توحي بأنه ربما كان مجرد اعتقاد شعبي. ويبلغ موضوع فرز عناصر الإسلام الشعبي من الإرثوذكسي مرتبة العشوائية في تناول الدارسين للعين الحارة. فالدارسون، على اطلاقهم، يعتبرون الايمان بها أمرا ليس من الاسلام الإرثوذكسي في شئ ويحسبونها إما من عقائد الاسلام الشعبي (حيدر ابراهيم :126،145،149)، أو ممارسة خرافية وثنية ظلت حية بعد دخول الاسلام (ترمنغهام 1949 :166،170ـ171؛ باركلي 1964:195؛ سيد حريز 1977 :7؛ آدمز 1977 :577؛ شرف الدين عبدالسلام 1983 :86ـ89). ومن الجهة الأخري فإن دائرة المعارف الإسلامية تنص علي ثبوت العين في الاسلام (ص786) الا أنها تقرر خطأً أن "السنة تشجب الايمان بها" (ص786).

    وصفوة القول فإن تلك المؤسسات التي أطلق عليها الباحثون اسم الاسلام الإرثوذكسي يمكن أن نطلق عليها،وعلى نحو دقيق، اسم الاسلام "الرسمي" والذي نشأ في ظل الأدارة الاستعمارية التي تلت الدولة المهدية(1885ـ189. وليس بغير دلالة هنا أن يستخدم كل من ترمنغهام وسيد حريز مصطلحي "رسمي" و "أرثوذكسي" بالتبادل (ترمنغهام 1949 : 202؛ حريز 1977 :7). ولإتحاد المصطلحين، أو تبادلهما المواضع، جذر في نشأة المؤسسة الدينية الحكومية في السودان خلال عهد الإستعمار. فقد تتبع نورمان دانييل ،ببصيرة نافذة، التباين بين أرثوذكسية (الدين) والتعصب (اللادين) في سياق الإسلام والسياسة في السودان ورده الى أيام حرب الدعاية التي شنها دعاة التدخل في السودان من الإنجليز في آخر القرن التاسع عشر لإقناع الرأي العام والحكومة البريطانيين بضرورة القضاء على الدولة المهدية (1966 :423ـ44. وصورت تلك الدعاية المهدية في السـودان بأنها حركة ضالة مفعمة بالتعصب وتدعو الناس الى ما وصف،على وجه التحديد، بانه مروق على الدين القويم (دانييل 1966 :428، 435،43. وبعد القضاء علي المهدية أرادت الإدارة الإستعمارية التحوط ضد قيام أي تمرد مسلح كالمهدية في المستقبل تؤجج ناره الطوائف الصوفية (التي كانت تعتبر جزءً من الاسلام الشعبي). ولذا قررت الأدارة الاستعمارية تشجيع ما أسمته الاسلام "الأرثوذكسي" ORTHODOX ISLAM . ويصف غابرييل واربيرج هذا الضرب من الاسلام كمايلي :-

    "يقوم أولاً علي هذا الاسلام العلماء الذين درسوا في الأزهر بصفة أساسية. وكانت مهمة هؤلاء رئاسة الهرم الديني في السودان ومنع قيام الحركات الرسولية، مثل المهدية. ويقوم ثانياً علي شبكة من المحاكم الشرعية يرأسها قضاة مؤهلون وذلك للحيلولة دون لجوء المسلمين السودانيين الى شيوخ الطرق الصوفية... كما شددت السلطات الاستعمارية على ضرورة اقامة مساجد في المراكز الهامة في السودان الشمالي للتقليل من أهمية زوايا الصوفية (1971 :95)." ويتضح لنا مما تقدم إن الاسلام الرسمي-الإرثوذكسي - هو واقع سياسي أكثر منه مسألة عقيدة أو مذهب. وهو أيضا أداة أدارية، بمعنى أنه، ممثلا في الشريعة، صار القانون "الأهلي" أو"العرفي" الذي يحكم حياة السودانيين الشخصية والعائلية(فليرـلوبان FLUEHR- LOBBAN 1981 :69) وبالتالي فلا يمكن الإدعاء للاسلام الرسمي إلا بشق الأنفس بأنه الإسلام الإرثوذكسي طالما أردنا له ان يتطابق مع عالمية العقيدة وسدادها.

    ومما يبعث على الأسف أن تركيز الباحثين على ثنائية الشعبي/الإرثوذكسي، على مستوى "القرية الأنثروبولوجية" يتعارض مع أفضل النتائج التجريبية التي توصل اليها الباحثون أنفسهم. وفي هذا السياق أمسك باركلي علي ما سماه " جوهر الاسلام الإرثوذكسي" في بري اللاماب (الحي الخرطومي المعروف وكان ريفاً لدي زيارة الباحث له في الخمسينات) في ضوء تحرياته الميدانية حول مدى التزام أهل القرية بأركان الاسلام الخمسة (1964 :137ـ145). وعلى الرغم من حقيقة أن باركلي قد وجد أن القرويين علي جادة شرع الإسلام من هذه الجهة إلا أنه يتشبث مع ذلك بالثنائية القديمة بين الاسلام الإرثوذكسي وإسلام القرية الشعبي قائلاً:

    " أهل بري اللاماب مسلمون يمارسون شعائرهم وفق المعتقد السني أوالإرثوذكسي ويتبعون المذهب المالكي الا أن السلوك الديني في القرية لايمكن تفسيره، على وجه الدقة، وفق أي مفهوم أساسي للاسلام الأرثوذكسي (1949 :136). واستطرادا فان ترمنغهام وآدمز يزعمان، دون تمحيص، أن مسلمي السودان يرتبطون بكرامات وسير الأولياء والصالحين أكثر من ارتباطهم بإسوة النبي (ص) (ترمنغهام 1949 :127؛ آدمز 1977 :579). هذا في الوقت الذي يلفت فيه باركلي النظر الى ايمان القرويين المطلق بالنموذج المثالي للنبي(ص) (1964 :13.

    وتتحكم في تضخيم ثنائية الأرثوذكسي -الشعبي إعتبارات لا اصل لها في الإسلام نفسه بقدر ما تعلق ذلك بمنهج مباحث الدارسين وتبويب كتبهم الأنثربولجية. فالباحثون في إسلام القرية عادة ما يفردون فصلاً لدين القرويين يصفون فيه خرافاتهم ووجوه ممارساتهم التي يقولون أنها لا تنسجم مع الإسلام الأرثوذكسي. ومن الجهة الأخري، وفي حالات عديدة، يأتي هؤلاء بما يعدونه ممارسات إسلامية "إرثوذكسية" من صحيح الدين في فصول أخري ليست هي فصل دين القرية الموصوف بالشعبي. فعلي سبيل المثال نجد بركلي يعرض لموقف اللأسلام الشرعي في العدل بين الزوجات، وعلاقة الرقيق بالسادة في الأبواب المفردة للصلات القرايبية وتراتب الشرائح الأجتماعية في كتابه. ولو لم تستول فكرة ثنائية الدين الشعبي والأرثوذكسي علي بركلي لوسع من فصله عن دين القرية (الذي هو عنده دين غير قويم ومفارق للجادة) ليشمل هدي الأسلام عن تعدد الزوجات والرق والرحم والقرابة (1964 :122،126،129).

    ويتكرر نفس الشيء في كتاب حيدر إبراهيم عن الشايقية (1979). فالكتاب يعرض لعقائد وهدي الأسلام الأرثوذكسي خلال فصوله التي تتناول ترتيب الشرائح الأجتماعية ودورة الحياة والنظم الأجتماعية. ولم يشأ حيدر أن تتخلل تلك العقائد فصله المخصص للدين. وغني عن القول أن قصر مناقشة الاسلام على فصـل مفرد للدين يعني فصـله عن الممارسةالأجتماعية. وفوق ذلك فقد عني الدارسون بإيراد هذا القدر من أقباس الاسلام الأرثوذكسي بما وافي حاجة بحثهم الخاص ولم يريدوا الحصر. ولو أرادوا الحصر لجاءوا بعناصر كثيرة من وحي الشرع في حياة أهل القري. وسنخلص الي شيوع الأرثوذكسية وتمكنها من الإسلام الشعبي متي اعتبرنا ضروب الممارسات الإسلامية العديدة لعامة المسلمين التي أصلها في الإسلام الأرثوذكسي من غير تصريح أو إعلان. وعلى سبيل المثال فقد ظللت اعتقد، ولفترة طويلة، أن التقريع الذي نالنا من أهلنا الكبار حين نتناول الطعام وقوفاً أو استلقاءً على الجنب، ماهو الإ من قبيل الحث على آداب المائدة، ان لم يكن خرافة. ثم اكتشفت أنه مما قضت به الشريعة.

    بالاضافة الى الخلل الذي رأيناه في المحاولات البحثية لتحديد الممارسات الاسلامية الأرثوذكسية، فإن نظرة دارسي "الاسلام الشعبي" في السودان تجاه المعتقدات الشعبية، التي هي قوام إسلام العامة في نظرهم، ربما كانت هي خطئيتهم الكبري. فهم قاصرون عن تحليل هذه المعتقدات علي ضوء خصائص أجناسها الأدبية أو الفلكلورية لإقتطاعهم لها من سياقها الشفاهي في دورانها بين الناس وجعلها عقائداً مجردة مكتفية بذاتها. فعلماء الفلكلور شديدو التنوية بأن النظر الرشيد الي عقائد العامة رهين بمثل هذا التحليل لكل المأثور الذي تستبطنه هذه العقائد. وترجع هذه الشدة في التنوية الي سي دبليو فان سيدو (194 وقد تبعه بإحسان لوري هونكو الذي قال: " قبل اصدار أي حكم تعميمي حول معتقدات الانقريين (مجموعة اثنية فنلندية) على المرء ان يعرف أي جنس من المأثورات يوفر أكثر الأدلة قيمة عن المعتقد وأيها ، من الجهة الأخري، ثانوي القيمة بوجه ما" (1964 :7).

    ينطبق النقد سالف الذكر على توصيف ترمنغهام لما يشكل "عقائد للسودانيين". فهو عزوف عن تحليل الأجناس الأدبية الموصوفة. ففي تركيبه لما سماه بالإسلام الشعبي نجد ترمنغهام يقتطع عقائده عن الأجناس الفلكورية الحاملة له مثل كرامات الاولياء والصالحين (1949 :135ـ136) والإمثال السائدة (ص15 والاحلام (ص143) والنذور (ص145) والتنبؤات (ص15 والخرافات (ص173) والأحاجي (ص173) والحكايات (ص173). وفيما عدا بعض التعليقات المقتضبة حول مصداقية كرامات الاولياء و"الخرافات" فانه يهمل نقد مصادر العقائد الشعبية إهمالاً تاماً. ونتيجة لذلك فقد انتهى به الامر، كما أشرنا من قبل ، الى اعتبار ما جاءت به الآيات القرآنية عن الشهب والشياطين، إضافة الى شيطان الاعصار، من قبيل الخرافة، وهما حق ديني (1949 :172). علاوة علي أن النذر ليس دلالة على الخضوع الكامل للولي كما اراد لنا ترمنغهام ان نفهم . فخلافاً لذلك يرى حيدر ابراهيم أن مريدي الأولياء ماكرون نوعاً ما وعلاقتهم مع سادتهم تتسم بالمنفعية والعملية. ومن دلائل ذلك ما قاله حيدر عن تهديد القرويين للولي خلال طقس أداء النذور بالتحول عنه الي ولاء آخر إن هو فشل في تلبية حاجتهم. وقد قيل أن ولياً مشهوراً اشتكى من اساءات القرويين له واستفزازهم (حيدر ابراهيم1979 :156) .ويعتبر تحليل سيد حريز لأحاجي الجعليين (1977) وشرف الدين عبدالسلام لكرامات الأولياء (1983) تقدما جديرا بالثناء في مجال تحليل الأجناس الفولكلورية بالرغم من انهما لم يبتعدا كثيرا عن الولاء لاطروحة ترمنغهام في عرضهما لعقائد الإسلام الشعبي.

    نظرة جديدة لاشكالية الإسلام الشعبي/الإسلام الأرثوذكسي

    أوجزنا فيما سبق بعض الاخطاء التي وقع فيها الباحثون في محاولتهم تأسيس دراساتهم حول السلوك في القرية السودانية على مفهوم مسبق قائم على ثنائية الإسلام الشعبي/الأرثوذكسي. كما تناولنا بعض الاشكاليات الكامنة في افتراض مثل هذه الثنائية. ومن الناحية الاخرى فقد تشكك بعض الباحثين، مؤخراً، في جدوى مفهوم "الأرثوذكسية" نفسه سواء بالنسبة لدراسة الاسلام أو ممارسته. ففي قول بعض الباحثين أن إستخدام مفهوم الاسلام الأرثوذكسي أضحي اما أمراً متعذراً أو مسألة خاضعة لإيجاد تحديد صارم ودقيق له بفضل ما أولاه المؤرخون الاجتماعيون والاثنوغرافيون من اهتمام لرسم صورة دقيقة للاسلام في تضاريسه المتنوعة والمركبة، ومن السياقات المحلية لا من الكتب الشرعية وحدها.

    وقد اتخذ هذا الانزعاج من مفهوم "الإرثوذكسي" منحى متطرفا في بعض الحالات. فعبدالحميد الزين، مثلا، يقترح التخلي عن مصطلح "الاسلام" الجامع المانع والمعرف بالألف واللام لأجل فهم أفضل لتجارب المسلمين المتنوعة في ضروب اسلامهم العديدة النكرة (1977 :227). ويرمي اقتراحه بصورة أساسية الى ازاحة مايطلق عليه الاسلام الأرثوذكسي عن موقعه المتميز بوصفه الاسلام ـأي ذلك المعرف بالألف واللام. وقد لفت العديد من الباحثين النظر الى الطبيعة المتطرفة لاقتراح الزين هذا (ايكلمان EICKELMAN 1981 :1؛ أسد 1986 :1؛ أكبر أحمد 1987 :220). وفوق ذلك يبدو اقتراح الزين لإفتراع "ثيولوجية شعبية" إسلامية صعب التحقيق . وهذه الثيولوجية الشعبية، التي تضارع الثيولوجية الرسمية تعني عنده "تجاوز النص المقدس لصالح نظرة ثاقبة مباشرة في نظام العالم" (1977 :24. ولعل احدى سلبيات فرضية الثيولوجيا الشعبية هذه أنها تبقى على ثنائية الإسلام الشعبي/الأرثوذكسي التي خرج الزين بالذات لهدمها .وهو بايحائه أن الثيولوجيا الشعبية قد تكون "الاسلام الحقيقي" (المصدر السابق :246) يحدث ضررا بالغا بقضيته الداعية الى أن الإسلام تجليات شتي كل منها صحيح النسبة للدين.

    وعلى الرغم من الخلل في حجة الزين فان الثيولوجيا الشعبية قد تبرهن على كونها مجالا واعدا للبحث والدراسة. فقد جمعت مثلاً من الرباطاب حكما وأمثالا صيغت جريا على نهج السنة النبوية .ومع ذلك فان القول بوجود ثيولوجيتين متميزين في الاسلام أمر يصعب برهانه. وكما بين مايكل غيلسنان ،على نحو بارع، فان تعاليم القرآن والسنة والاحكام الشرعية قد نفذت من خلال قوة الثقافة الشفاهية الى صميم النسيج الذي يشكل حياة المسلمين واصبحت جزءا منه (1982 :35ـ36). وهكذا صح القول إن ما عددناه "الثيولوجيا الشعبية" هي بالأحري مجرد ثيولوجيا صفوة دخلت الماثور الشفاهي للعامة. ولعل إحدى مهام البحث الشيقة القادمة هي التحقيق في السبل التي أخذت العامة الثيولجيا الأسلامية وجعلتها جزءاً صالحاً من ثقافتها وممارساتها.

    ويرى باحثون أخرون أن مسألة الأرثوذكسية ذاتها كمفهوم وممارسة دخيلة على الدراسات الاسلامية (سميث SMITH 1957 :20؛ ايكلمان 1981أ:213؛ تيرنر TURNER 1974 :62). فهم يرون، تبعاً لذلك أنه من الأوفق الحديث الأورثوبراكسية لا الأورثوذوكسية متي تعلق الأمر بالإسلام. والأورثوبراكسية هي مفهوم يعني إشتراك اهل الدين في العبادات والشعائر أكثر من إشتراكهم في العقائد اللأهوتية التي لا خلاف عليها (ايكلمان 1981 :204). وعلى الرغم من أن ديل ايكلمان قد ساهم في صياغة هذه الفرضية الا انه يلفت النظر ـ محقاـ الى قصورها (المصدر السابق :204). فهي تفصل في الاساس بين الشعائر والعقيدة اللذين يمثلان في واقع الامر جانبين لا غني عن اي منهما في اي حياة دينية تستحق الإسم (دائرة المعارف الدينية THE ENCYCLOPEDIA OF RELIGION :187). ولن تفلح فكرة جعل الإسلام وحدة شعائر لا عقائد في تفسير المحن العقدية التي تعرض لها علماء ومتصوفة مسلمين عبر التاريخ. فهناك محنة احمد بن حنبل ،شيخ المذهب الحنبلي، ومحنة ابن تيمية، حنبلي القرن الرابع عشر، ومحنة وإعدام الحلاج ـ صوفي القرن العاشر. وهي محن كانت مدارها صحة العقيدة لا سداد الممارسة. وكبديل للتخلي عن مفهوم الإرثوذكسية هذا بالكلية حاول بعض الباحثين ادخال تعديلات عليه. ويمكن للاسلام، بلا شك، ان يستخدم المفهوم بمعنى يختلف عن ذلك الذي ظل مستخدما حتى الآن . وقد يقتضي هذا بالطبع تعديلات جذرية عليه قد تنتهي باستبداله بآخر اكثر ملاءمة .

    توافرت لنا منذ سنوات بحوث ودراسات جيدة عن ضروب الاسلام المحلي وتجارب الاسلام "الشعبي" والاسلام في التخوم . وهي دراسات ساقت الباحثين الى الفكرة القائلة بوجود معتقدات معيارية عامة تستبطن كافة ضروب الاسلام المحلية هذه (ايكلمان 1982 :1). ولكن هذه المراجعة لاتستلزم بالضرورة العودة الى مفهوم الأرثوذكسية القديم الذي تعرضنا له بالنقد لتونا . فلا مندوحة من القول أن الأرثوذكسية أساس في الإسلام. ويقول طلال أسد أنه من المؤكد أن للأرثوذكسية حضوراً في الاسلام. فهي عنده تتجلي "حيثما توفرت لدى المسلمين القوة لضبط وإعلاء شأن دينهم أو طلب الإلتزام بصحيح الدين والتكيف علي مقتضاه أو ما استخدموا تلك القوة لإستهجان الإنحراف في دينهم وحصره وتقويضه أو إحلال صحيح الدين في محله."( 1986 :15). فالأرثوذكسية كما يراها أسد، تقاليد خطاب DISCURSIVE TRADITION يمكن حتي للمسلم الامي أن يساهم فيها بفرز صحيح الدين والإلتزام به (المصدر السابق ).ويستطرد فيصفها بانها "علاقة مميزة ـ علاقة قوة" وليست مجرد فقه وشرع ومعتقد (المصدر السابق ) . وتغاير فكرة اسد هذه ،بوضوح، معنى الإرثوذكسيةالذي اعترضنا عليه في هذا الفصل. فقد فهمناها طويلاً كبنية من المعرفة والمتون أو المؤسسات الوصي الوحيد عليها هم علماء الدين . وفي تعريف اسد للإرثوذكسية يصبح عالم الدين، الذي كان في السابق الوصي والقيم الوحيد على التعاليم الاسلامية، وترا واحدا فقط في قوس" التقليد الإسلامي كما جاء عند غيلسنان (1982 :46) .

    ومع ذلك يبدو ان أسد لم يصب تماما في مطابقته بين التقاليد الخطابية والإرثوذكسة. فللأورثوذكسية لوازم من إجراءات فقهية وسياسية كي تقع وتنفذ. وعليه فمفردات التقليد الخطابي قد تندرج أو لا تندرج في الأرثوذكسية حكماًً بصور الشوكة التي تسندها وتجعلها قانوناً نافذاً متبعاً. فالسنة والشيعة معاً في تركيا مثلاً يستهجنون ممارسات العلويين وينفونهم عن الإسلام. وبهذا الحكم علي العلويين فإن هؤلاء السنيين والشيعة قد ادلوا بدلوهم في ما هو صحيح الدين وشاركوا في الخطاب الذي يريد حفظ بيضة هذا الصحيح من الدين (ايكلمان 1981أ :220ـ221). ولكن يحتاج المرء الي ما هو أزيد من مجرد هذا الإستهجان والنفي عن الدين ليدرج رأي السنيين والشيعة الموصوف في الإرثوذكسة. وقد مر علي بين االرباطاب السودانيين من صرف عبارات تقولها كبار النساء من جيل مضي بمثابة إقامة للصلاة كلغو فولكلوري لا دين فيه. ولكن الباحث يحتاج لاكثر من مجرد نفي السنة والشيعة الاتراك للعلويين من الدين لكي يدرج رأيهم هذا في الإرثوذكسية. ونجد في الحالين تعييناً من مسلمين لصحيح الدين ، اي التقاليد الخطابية، من غير أن تتخذ هذه التقاليد صورة الأرثوذكسية الجامعة المانعة.

    ويبدو ان العلاقة بين التقليد الخطابية والأرثوذوكسة في الاسلام تثير معضلة حقيقية للباحثين .وأطلق هودجسون HODGSON ، الذي واجه هذه المعضلة قبل أسد، علي هذه التقاليد الخطابية مصطلح "الإسلام الشرعاني" (1963 :229) وهي تسمية سرت سريان النار في الهشيم ووافقت هوي عند جملة من الباحثين (تيرنر 1974 :105؛ ايكلمان 1981أ : 221؛ بوسفيلد 1985 :207). ويعرف هودجسون هذا الضرب من الإسلام بأنه كيان كلي معقد من نظم السلوك والتفكير يتميز به أولئط المسلمون الذين يرون أن للشريعة القدح الأعلي في الدين والحياة. (هودجسون 1974 :351). وعلى الرغم من أن الإسلام الشرعاني ، حسب قول هودجسون ، ليس صورة الإسلام الوحيدة ، إلا أنه إكتسب منزلة خاصة بين صور اللأسلام الأخري. فقد إستاثر بالحكم علي صحيح الدين من غيره. فهو الذي بيده الأمر في موافقة ممارسات وعقائد المسلمين أم إنحرافها عن جادة الأسلام. (المصدر السابق :224). ومع ذلك فان هودجسون يقرر حقاً أن الإسلام الشرعاني ليس إرثوذكسية خلافا لافتراضات بعض الدارسين الخاطئة في هذا الشان (المصدر السابق :350ـ351). وبالمقابل يحتفظ هودجسون بمصطلح "إرثوذكسي" في دراسة الإسلام ليستخدمه في الحالات التي إستقرت فيها عقيدة او ممارسة بعينها وتوطدت إاما رسميا او اجتماعيا مما يسوغ وصفها بالإرثوذكسية. ومثل هذا الإستخدام المشروط لمصطلح "أرثوذكس" ، في قول هودجسون، لايتطابق بالضرورة، في كل الاحوال ،مع "الشرعانية". (المصدر السابق :351). إن تمييز هودجسون هنا بين الأرثوذكسية والتقاليد الخطابية مثير للاهتمام الا إنه لن يشبع الباحث الذي يريد أن يعرف كيف تشق مفردات التقاليد الشرعانية الخطابية طريقها الي الأرثوذكسية في الإسلام. فلم يفصل هودجسون في أمر المؤسسة أو المؤسسات التي لها الشوكة في تعيين ما الأرثوذكسي. كما لم يتطرق الي التقاليد الثقافية التي ترتكز عليها تلك المؤسسة او المؤسسات ليقع لها بها ذلك التعيين. وليس واضحاً من إجتهاد هودجسون في الأمر المدي الذي تطاله هذه الأرثوذكسة متي وقعت.

    مما لا شك فيه سمو مهمة إعادة تعريف مصطلح الأرثوذكسية كأداة شوكة ثقافية من جهة و بما يأخذ في الإعتبار خصوصية الدين الأسلامي من جهة اخري. وليس في المجال فسحة هنا لمعالجة الاسئلة الهامة التي يثيرها هذا المشروع. غير أني سوف اسلط الضوء ،باقتضاب، على بعض المسائل المتفرعة عن هذه المراجعة. وعلينا هنا أن نضع نصب اعيننا اننا نتعامل، فيما يتصل بالاسلام إجمالاً، مع تقاليد خطابية صورها الدكتور بريان تيرنر بأنه تتمتع ب "بفضفضة جوهرية" (1974 :226). فليس هناك البابا الذي يحتكم اليه المسلمون حول صحيح العقيدة ولا المجالس اللأهوتية التي يتواثق عندها اهل الحل والعقد. وتبعاً لذلك علينا، مثلا، ان نحدد كيف يسعى الإسلام الى تحقيق الاجماع حول صحيح معتقده، وكيف ينعقد له الإجماع علي ذلك، وكيف يحافظ عليه ويوطده، وبأي حظ من النجاح. ولا مشاحة أن المحن الكبري مثل محنة إبن حنبل والحلاج وابن تيمية، التي المحنا اليها فيما سبق، ستكتسي قيمة عظمي في المباحث الأانثروبولوجي التي تتجه لغاية تعيين صور الإسلام المختلفة. ومن المفيد في معالجتنا لطريقة الإسلام في عقد الإجماع لصحيحه ان نعرف لماذا أحس ابن تيمية ،الحنبلي ، بعد اربعة قرون من اعدام الحلاج بسبب معتقداته الصوفية، بالحاجة الي الطعن في الرجل والتنغيص الغليظ علي ذكره. فلربما ألجأ ابن تيمية الي هذه الخطة النكدة فرط محبة الحنابلة من رهطه للحلاج بعد مر كل ذلك الوقت علي محنته (ماسيجنون 1982 :45).

    اضافة الى ذلك نحتاج ان ندرس البنية الكهونتية (متعلقات إدارة الكنيسة الجامعة في التعبير المسيحي) في كل تعبير أو مؤسسة إسلامية. والبادي أن علماء الشيعة يتمتعون بقوة "كهنوتية" مؤسسية تضمن لهم تلاحم جمهور اتباعهم اكبر بكثير مما يتمتع به اضرابهم من علماء السنة . وسيقودنا هذا الي جملة ابحاث نافعة ولازمة وخصبة عن المدى الذي تطاله فتاوى العلماء ودرجة نفاذها، وبطش ووسداد مجالس التفتيش التي يعقدها العلماء للتحري عن إلتزام أفراد بعينهم بصحيح الدين، ومنزلة حكم الردة عموماً 12. ولعلنا نحتاج أيضا الي التدقيق في مصطلحات إسلامية راسخة مثل "الغلو" و "الاعتدال" و "تجاوز حد الدين"، كحدود تعين علي تمييز المباح والمندوب والمحرم إسلامياً لنستصحبها في مباحث الإرثوذكسية ومترتباتها في الإسلام. وفوق هذا فقد أشار ايكلمان ،ببراعة، الى أن أثر المال السعودي، الذي دعم المذهب الوهابي في بقاع دار الأسلام، في عقد اتساق إسلامي مشاهد حول صحيح الدين، من الموضوعات التي لم تنل حظها الكافي من الدراسة (1982 :11). ان دراسة المجالات المشار اليها آنفا مطلوبة من اجل توصيف دقيق لكيفية عمل مفهوم الإرثوذكسية في الاسلام قبل ان نقطع بوجودها في الدين او عدمه رجماً أو تكأة علي تقاليد دينية أخري .

    وقد المحنا فيما سبق الى تشبث الاثنوغرافيين اكثر فاكثر بالمعتقدات المعيارية في الاسلام وهم ينبشون في البيئات المحلية الوصوف إسلامها بالشعبي. وهذا يتطلب منهم ،بدوره، تنويعا في تدريبهم يشمل التعرف على نصوص الاسلام الموسومة باللأرثوذكسيةORTHODOX ISLAM . ومثل هذا التدريب سوف يعرض للخطر ،بلا شك، تقسيم العمل البحثي حول الاسلام كما تصوره العالم الإنثربولجي الأمريكي روبرت ردفيلد (1985) فالماثور الثقافي عند ردفيلد إما "كبير" ويقصد به ثقافة الخاصة وإما "صغير" وهو ثقافة العامة. و جسد ردفيلد التفاعل بين المأثورين، "الكبير" و "الصغير"، في واقعهما الاسلامي، كلقاء بين فون جرنباوم VON GRUNBOUM ووسترمارك WESTERMARK . أما الأول فهو دارس لتراث الإسلام الفصيح وأمهات كتبه وتفاسيره ومتونه وحواشيه الرصينة المهابة. أما الثاني فهو عالم انثروبولوجيا انصب اهتمامه على المأثور الشعبي والمحلي والخرافي. فهما مثلاً قد درسا موضوع التفاعل بين الاعتقاد في الاولياء والصالحين ومفهوم الإسلام الشرعاني كل من زاويته وبما يسعف منظوره ومنهجه (1985 :48ـ49). وكيفما كان الأمر فان حظ مأثوري ردفيلد "الكبير" و "الصغير" من الذيوع في أدبيات الانثروبولوجيا حول الاسلام، جد قليل. وقد قبل به من دارسي الإسلام الدكتور جوزيف روجر JOSEPH ROGER الذي زكي ان يعيننا المصطلح كإطار لا بأس به لفهم بعض عقائد العامة. ولم يعلق روجر مع ذلك علي ثنائية ردفيلد فتحاً علمياً مرموقاً (1981 :8 ويرى ايكلمان، من الجهة الأخري، انه لايعني اكثر من حشد لا يسمن ولا يغني لبيانات بعقائد إسلام الخاصة، كا بوبها المستشرقون، ومقابلتها بقائمة حاشدة اخري من عقائد العامة مما إستنبطه الإنثربولجيون. وفي الحالات التي جرت في هذه المقابلة بين قطبي الثنائية (كما في تحقيق حيدر ابراهيم حول مفهوم السحر في قريته السودانية (1979 :135ـ143) مثلا) فان المرء ليشك في شرعية تقسيم الإسلام الى شعبي / تقليدي . وعلى نقيض اللقاء بين العقيدة والخرافة الذي هيأنا له ردفيلد في صورة إجتماع فون قرنبوم ووسترماك، فإن المقابلة بين قائمة إسلام الصفوة واسلام العامة أقرب الي مشهد الشخص الذي يرى صورته في المرآة أو يلتقي بنفسه في الجانب الآخر من الطوار.

    يربط ايكلمان بين ميل الانثروبولوجيا المتزايد لتصبح مشروعا "أهليا"، اي ما يقوم به أهل البلد عن بلدهم بدلاً عن إحتكارها بيد البحاثة الأوربيين، وبين التعديلات الجوهرية التي لا بد أن تطرأ علي دراسة وتحليل التيارات الدينية الشعبية (1981أ :234). وربما كانت تدور بخلده حين قال بهذا الربط مساهمة المرحوم الأنثربولجي المصري عبدالحميد الزين (1935ـ1975) ووعده الذي عاجله الموت فذبل. ونقول بهذا عن إيكلمان إستنادا الى ماكتبه ايكلمان ناعياً الزين بالاضافة الى كتاباته أخرى. فأيكلمان مدرك ليس لما أنتوي الزين من تغيير لمنهج دراسة الإسلام الشعبي فحسب بل مدرك للحدود القصوي التي ربما قطع الزين أشواطها لتنفيذ منهجه المذكور لو لم يمت. (1981 :365). وكان الزين إقترح معالجة لنظام الرموز الدينية علي نهج المدرسة البنيوية. وهي مدرسة تري تلك الرموز قائمة كتعابير عن علاقات في تركيبة مجمل المجتمع. يقول الزين :



    "علينا ان نبدأ، في هذه الحالة، من نموذج إسلام إنسان البلد NATIVE"" ونحلل العلاقات التي عينت معناه . وانطلاقا من هذا الافتراض يمكن لنا أن نلج عالم اللأسلام ونسبر غوره من أية نقطة كانت حيث لايوجد انقطاع مطلق في أي مكان بداخله. فلاتوجد كيانات مستقلة في باطن ذلك النظام ، وكل نقطة فيه يمكن الوصول اليها، في نهاية الأمر، انطلاقا من اية نقطة اخرى. وبهذا الفهم لن تكون للمعاني وظائف جامدة ممكن عزلها عن بعضها بصورة كلية أو إرجاعها ببساطة الي أي وحدة من وحدات التحليل سواء كانت رمزاً أو مؤسسة أو عملية إجتماعية إلا إذا فرضنا ذلك فرضاً علي الوظائف المذكورة. وأنتهينا بذلك الي ترتيب خارجي لها يخيم علي النظام الثقافي، الإسلام، بصورة مصطنعة ومن عل. وبمعنى آخر فإن بنيات النظام الثقافي الإسلامي وطبيعة مفرداته المكونة له هما ذات الشئ، اي أن منطق النظام هو محتواه، بمعنى ان كل مصطلح وكل كيان داخل النظام هو نتيجة علاقات بنيوية بين كيانات ومصطلحات اخرى ،وهكذا دواليك، بلا بداية للنظام ولا نهاية عند أي نقطة معينة مطلقة " (1977 :251ـ252) .

    ويوحي الزين هنا ان مثل الترتيب المصطنع الدخيل على النظام هو ما يقع لنا متي ما تمسكنا بغير ضرورة بثنائية أرثوذكسي/شعبي .

    والمهم أيضاً أن عبدالحميد الزين لم يقنع بردم الهوة بين "الإسلام الشعبي" و "الاسلام الرسمي" بل سعى ايضا الى لحم الانفصام في الأنثربولوجي نفسه وذلك من خلال بحثه، في أخريات أيامه، للحصول على درجة علمية في الفقه والتشريع الاسلامي ( ايكلمان 1981ب: 365). وكان يريد أن يلم بهذه العلوم الشرعية حتي لا يسلم أمر فهم الدين، متي عرض له إسلام الخاصة، لعلماء الدين مؤمناً علي دور زينوه لأنفسهم كسدنة للإسلام لا فهم له بدونهم ولا معقب علي قولهم. وهو دور خصهم به لأنثربولجي الباكستاني أكبراحمد بقوله: "ان تصحيح الفهم الخاطئ للاسلام عند رجال القبائل المسلمين هو مهمة علماء الإسلام الأورثوذكسي. أما نحن، كانثروبولوجيين ، فمعنيون بكيفية فهم المجتمع للدين وليس بكيفية رؤية الدين لنفسه " (1982 :19 . وخلافاً للزين فإن أحمد يوطن علماء الدين في مشروعهم كحراس للدين الصحيح. فقد ظل علماء الدين "يعتبرون سوء استغلال الاسلام او الفهم الخاطئ له عند رجال القبائل " من صميم الاسلام "الشعبي" أو الضال . وهذا منهاج سيبقي علي الثنائية الأورثوذكسية-الشعبية. وللخروج منها يلزم أن نتجه الي دراسة افضل لكيفية فهم المجتمع للدين، او الدرس الأفضل للدين الشعبي الذي سيقتضي تجاوز الحدود التي إقترحها أحمد. فالتأهيل الشرعي الفقهي الذي طمح له الزين في أخريات عمره مما يشير بقوة الي الحاجة الملحة لخرق حدود بروتوكول تقسيم دراسة الدين بين غون قرنبوم ووسترمارك.

    خاتمة :ـ

    تنطلق هذه الورقة من الارتياب في فعالية مفهوم الاسلام الشعبي الذي اطلقه ترمنغهام عام 1949 م لوصف دين "العرب ـ الافارقة" بشمال السودان . وقد اتضح ان هذا المفهوم يرتبط ارتباطاً لافكاك منه بوجهة نظر سلبية أشمل تستهجن الطبيعة الهجين لاؤلئك الناس حيث تعتبرهم نتاجا لدم سفاحي ملوث تم فيه التنازل عن نقاء كل من العنصرين العربي والافريقي . ونتيجة لذلك فإن اسلامهم تشكل على صورتهم فجاء "مموثناً"، اي مترعاً بالوثنية، وفي درك من الثقافة. إضافة الى ذلك فان الورقة ترى ان مفهومي التوفيقية SYNCRETISM والأرثوذكسية ORTHODOXY قد قيدا خطا دراسة الاسلام في السودان بفرضهما على مادة البحث ترتيباً حكمياً، خارجياً، مزيفاً. و عليه يمكن وصف تلك الدراسات التي تاسست علي ثنائية الشعبي والأرثوذكس بانها تتناول الإسلام في صدام مع السودانيين وليس إسلام السودانيين . وبسبب قبول الأنثربولجيين لثنائية شعبي/وأرثوذكسي بصورة مسبقة فإنهم قد انحدروا في بحث غير رشيد مما يسميه الغربيون ب "صيد الفراشات" يتعقبون به الغرائبي والمنحرف والخرافي من العقائد لحشدها في فصل مستقل عن إسلام القرية التي يدرسونها. وهذا منهج أطرق ينتزع الاسلام من جملة حياة أهل القرية في زواجهم وعقودها وتنشئة بنيهم وبناتهم، وموتهم وشعائره، اي في معاشهم ومعادهم. وتري المقالة أنه لكي ندرس بصورة أحذق ما تعارفنا عليه بإسم الإسلام الشعبي وجب علي الأنثربولجيين إحسان المعرفة بما يسمونه الأسلام الأرثوذوكسي والتدريب في فنونه حتي لا ينصبوا بغير ضرورة ملجئة علماء الدين اوصياء عليهم في مجال حيوي من مجالات علمهم.

    هوامش

    1ـ دخل مكمايكل (1892ـ1969) في خدمة حكومة السودان (الاستعمارية البريطانية) في عام 1905 وتدرج فيها حتى تبوأ منصب السكرتير الاداري في عام 1926 .

    2ـ انضم ترمنغهام (1904ـ ) الى خدمة جمعية التبشير الكنسية واصبح سكرتيرا عاما للجمعيات التبشيرية في كل من شمال السودان أعوام 1937ـ1949، ومصر أعوام 1949-1951 ثم غرب افريقيا أعوام 1951ـ1952، حيث استغرقه البحث الاكاديمي منذ ذلك الحين . ومن المدهش ان تظل صورة مبشر للإسلام في السودان متماسكة لا يعتورها شك أو تصويب على مدى العقود التي إنصرمت منذ الخمسينات وخلال فترة مضطربة طوال عهد الإستقلال اصبح فيها موضوع الدين طاغيا في الساحة السياسية . ولا لا غلاط أن تحيزات ترمنغهام التبشيرية تنفذ من خلال عمله بلا مواربة . ويكفي ان نشير الى قوله ان السوداني اذا ما "حرر من إرثه الديني فان تطوير فكره وخياله سيكون أمراً ميسوراً " (1949 :22) . وغني عن القول ان هذا "التحرير" هو نقطة البداية لأي مبشر . وواضح أن صورة ترمنغهام لإسلام السودان احتفظت بجاذبية نافذة إختلف إغراؤها بإختلاف من وقعوا اسري لها. وبدا لي أن رواد الحركة الوطنية واليساريين قد راقهم فيها الفصل بين الأسلام الشعبي والرسمي أو الأرثوذكسي. فمثل هذا الفصل يبيح لهم أخذ جانب الدين الشعبي وشجب طبقة العلماء الدينية المتهمة عندهم بممالاة الإستعمار أو الشطط الديني. أما الإسلاميون فقد وطدوا عزمهم علي تربية او حمل الناس علي صحيح الدين لما مثله الأسلام الشعبي من إنحراف عنه. وقد وجد الاثنوغرافيون، من الناحية الاخرى ، ان الاسلام الشعبي قد فصل من نفس القماشة الريفية الهامشية التي هي مادة شغلهم البحثي. وتشكل هذه الجاذبية المتعددة الوجوه للاسلام الشعبي موضوعا شيقا للبحث في حد ذاته.

    3ـ يطلق عليه آدمز اسم "الدين الشعبي" (1977 :574،577) . ويرى باركلي ان الطرق الصوفية ليست دينا "شعبيا" بكل معنى الكلمة حيث انها ذات جذور في تاريخ المسلمين الفكري (1964 :137) .

    4ـ إختلف الباحثون في تعيين الطبقة الثقافية التي تهجنت مع الإسلام لدي وفوده الي أرض النوبة. فقد وصفها بعضهم بالوثنية او السحر (ترمنغهام 1949 :111؛ باركلي 1964 :266؛ عبدالحي 1976 :28؛ حريز 1977 :52،60؛ ابراهيم 1979 :126؛ نصر 1980 :91؛ عبدالسلام 1983 :10). ويبدو ان آدمز هو الوحيد الذي إعتقد أنها ثقافة مسيحية متماسكة ومؤثرة في أهلها تفاعلت بقوة مع الاسلام الوافد (1977 :591) . ومما يستغرب له أن هؤلاء الكتاب، خلافاً لآدم، شككوا في مسيحية السودانيين التي كانت دين السودانيين لحوالي ثمانية قرون خلت قبل اللأسلام، ونسبوها الي الوثنية أو السحر. والسبب البادي في هذا الإرذاء بالمسيحية السودانية أن هؤلاء الكتاب إعتقدوا أن مسيحية السودانيين كانت سطحية الأثر ولم تفلح في اقتلاع جذور الوثنية التي سبقتها . فقد قال ترمنغهام إن المسيحية السودانية لم تكن سوي دين للدولة بينما لم يكن الناس علي دين ملوكهم وظلوا يحتفظون بأرواحيتهم الوثتية (1949 :77) .

    5ـ يذكر حيدرابراهيم منظور المؤمنين هذا،عرضا، ودون تركيز في تناوله له خلال تأطيره لدراسته عن الاسلام في قريته الشايقية . ويلفت النظر ، محقا، مع ذلك الى ان كل طائفة من المسلمين في القرية تعتبر نفسها وحدها العارفة بصحيح الدين وتدعي حوزة السداد في معرفة ذلك الصحيح دون الآخرين (1979 :127)، ولكنه للأسف لم يتحر بإستقامة هذه النقطة الهامة بل تجاوزها متمسكاً بثنائية الشعبي والأرثوذوكسي (1979 :126) .

    6ـ يرى ترمنغهام ان سمة الاسلام الافريقي المفردة تتمثل في ان اعتناقه لايسبب الا قدرا ضئيلا من الاهتزاز الداخلي في الحياة الاجتماعية ومأثور الإنسان الأفريقي العائش علي الطبيعة. والسبب في ذلك أن هذا الأسلام لا يستنكف إستصحاب ملامح الوثنية الأساسية ويهجنها في صحيح معتقده (1949 :249) . وبهذا يفسر ترمنغهام النجاح الكبير للإسلام في افريقيا لأن تحول الأفريقي اليه لا ينزعه جملة واحدة من أكثر عقائده الوثنية (1949 :165). ويناقض ترمنغهام مع ذلك نفسه حين ينسي مقولته عن هذا التساهل الفطري للإسلام في قبول الهجنة حين فسر السودانيين الجنوبيين عنه. وقال أن هذا الإنصراف راجع الي المقاومة الطبيعية للقبائل الزنجية للاسلام "حيث ان الارواحية الوثنية شديدة المحافظة بينما الإسلام يدمر المؤسسات الوثنية " (1949 :104) .



    7ـ يبدو ان عدم الدقة في تحديد ماهو من الأسلام الأررثوذكسي وما ليس منه فاشية. فميشيل ميكر MICHAEL MEEKER يري أن أداء فريضة الحج عدة مرات ليس من الإسلام الأرثوذكسي في شيء. ويقرر أيضاً بغير سند أن الوقوف بعرفة في الحج امر منهي عنه في صحيح الإسلام (1979 :266) .والحكمان خاطئان من وجهة نظر الاسلام الموصوف بالأرثوذكسية.

    8ـ يقدم جاك واردبيرج JACQUES WAARDEBURG اطارا فكريا ًاوسع للتعيين الأخرق للأرثوذكسية في الاسلام وذلك من خلال تفسيره لاسباب ضآلة مساهمة البحث الاكاديمي الغربي في تعميق فهم العلائق الواشجة بين الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي. يقول واردبيرج : "بما ان أهل العلوم الإجتماعية قلما يعرفون النصوص الاسلامية الآمرة . . . فإنهم ظلوا يركزون مباحثهم على الاسلام الشعبي حيث وجدوه غاصاً بعناصره "البدائية"... فالانثروبولوجيون يعتبرون الإسلام الشعبي الشعبي هو اسلام الناس الحقيقي بينما يعتبرون الاسلام الرسمي (الأرثوذكسي) مثاليات دينية لدى بعض المشرعين وعلماء الدين البعيدين عن الناس (1978 :335ـ33 .

    9ـ المصادر التي اعتمدت عليها دائرة المعارف الإسلامية ، لا تقرها، في حقيقة الامر، علي حكمها بأن العين خرافة ليست من الدين. ولم يزد ابن الاثير والمتقي، ممن رجع اليهم كاتب مادة (العين الحارة) في دائرة المعارف، عن لجوء المصاب بها الى ضارب الودع للوقاية منها ( ابن الاثير 1893 :202، المتقي 1969،4 : 220) . وفيما عدا هذا الاحتراز فان المتقي يورد خلاصة لمعظم الاحاديث النبوية التي تقرر ان العين حق (1971 :744،746) .

    10ـ يرى ايكلمان ،على سبيل المثال، ان المرابطية ،وهي مصطلح أهل المغرب لعقيدة الناس في الأولياء الصوفية، لا نسبة لها في الإسلام الأرثوذكسي. وهي عنده في احسن الأحوال ضرباً من الأورثوزبوكسيةORTHODOXY وتتبع شعيرة طقسية راسخة (1981أ :225) .

    11ـ يرد في إقامة الصلاة تلك ما يلي:

    الصلاة صلاتك

    والواطة واطاتك

    ونقع ونقوم على جلاتك

    ترجمها عن الانجليزية محمودالامين في " الصوفية في السودان SUFISM IN THE SUDAN " بحث لنيل درجة الشرف ،الجامعة الامريكية ببيروت 1970 .

    12ـ للوقوف على تطبيق حديث لهذه السلطات العقابية الدينية انظر محمودمحمد طه (1987) .


    --------------------------------------------------------------------------------
    منقول عن موقع سودانايل
                  

05-21-2004, 08:32 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن اي استقوال تتحدث اخي هاشم الحسن؟ (Re: Agab Alfaya)

    اخي هاشم الحسن
    يبدو انه قد انطبق عليك المثل :ملكي اكثر من الملك !
    فبالرغم من اقرار دكتور عبد الله وعدم اعتراضه علي قراءتنا له
    بل وتاكيده علي كل اطروحاته في عموده اليومي الذي ينشره بجريدة الصحافة هذه الايام ،واتخاذه منحي اكثر مباشرة وجسارة في التوسع في هذه الاطروحات،الا انك تصر علي اننا لم نفهمه الفهم الصحيح وان قراءتنا له غير صحيحة واسقاطية وتعتمد علي الاستقوال!

    فعن اي استقول تتحدث اخي الكريم ؟
    ها هي ورقة دكتور عبد الله نشرناها امامكم وها هي قراءتنا لها ،
    وها هي مقالات دكتور عبد الله التي لم يجف مدادها بعد توكد ما قلناه
    بل ويذهب فيها اكثر مما ذهب اليه في تحالف الهاربين .
    فارجو يا اخي ان تضع يديك علي اي معلومة او واقعة نسبناها للدكتور
    استقوالا ،حتي لا ياتي الكلام مطلوقا علي عواهنه.

    الحقيقة ان الاستقوال هو الاستراتيجية التي يتبعها الدكتور في نفيه للواقع الافريقي السوداني من خلال نقده لكل من يتحدث عن هذا الواقع .

    - ان اتهامه للافروعروبين بانهم انما يرددون مقولات المستشرقين من امثال مكمايكل وترمنجهام ،استقوال.
    - زعمه بان الافروعوربين يريدون استنساخ هجين عربي افريقي من كل قوميات السودان استقوال .
    - قوله ان ناس الغابة و والصحراء اساؤا للافريقي استقوال.
    - زعمه بانهم صوروا الجنوبي في صورة بدائي نبيل استقوال.
    - اتهامه بانهم يهدفون الي خلع انتمائهم العربي الاسلامي استقوال.
    - الخ ....

    اخيرا هل تسمح لي اخي هاشم ان اوجه اليك سؤالا ،والغرض من السؤال الخروج بنتيجة من هذا الحوار،
    والسؤال هو: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟

    ولك شكري وتقديري علي اثراءك لهذا النقاش.
                  

05-22-2004, 00:11 AM

ودرملية
<aودرملية
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3687

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عن اي استقوال تتحدث اخي هاشم الحسن؟ (Re: Agab Alfaya)

    سلامات
    وعوافي
    فوق
    ينبغي ان يظل هذا البوست في الصفحة الاولي لكل من يطمع او يتعشم في الاستزادة من صراع الهوية وماالي ذلك
    وحقيقة اتمني دوما تواجد كل الاطراف في هذا الحوار الحسن ود.النور بشاشة واستاذ الخاتم وبكري الجاك وكم كنت اتمني وجود اسامة الخواض ايضا فاستعصاء الخلاف بين النخبة الواعية ينبغي ان يكون نتاجه ثمرة طيبة تساعدنا نحن جمهور المتابعين في تدشين حصيلة معرفية علي الاقل يمكن ان ندافع بها عن مفهومنا للهوية في ابسط المواقف ان لم تستفحل
    نشكركم كثير ونقدر لكم تجشم العناء في مواصلة هذا السجال الاكاديمي الصارم والموضوعي في ابهي صور التحاور ولو كنت الحظ بعض الغيظ المتبادل بين الفيا والخواض لتعصب كل منهم لمنهجيته
    شكرا كثيرا مرة اخري لكل الشرفاء المرابطين هنا لاجلاء الغيوم عن موضوع الهوية
    اتمني دعوة الدكتور عبدالله بولا لهذا السجال
    سلمتم جميعا
                  

05-22-2004, 07:47 AM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟ (Re: Agab Alfaya)

    حباً و كرامة يا عزيزي عجب الفيا..
    و الإجابة..
    أراه:
    متعدداً..
    كان بعضه
    يسعى في (صهر) البعض الآخر
    و تذويبه...!!
    الآن بعضه
    يسعى في (هدم) الآخر!!
    و نفيه عن الوجود..!!
    الأجدى، في نظري، هو أن يقرّ الكل للكل بالحق الكلي في الوجود و الإنتماء،،، كما يشتهون.
    كيف؟؟ هذا هو الحوار الذي ما برحنا نراوح فيه مبدأ (معرفة الشئ كما هو عليه فقط)..
    و سأعود.. بي مهلة.. بعد فراغي من قراءة ورقة د.الباقر العفيف التي هدانا لها مشكوراً الأستاذ الخاتم عدلان، له التحية.
    و الورقة، بدسامتها البحثية فيما قرأته منها حتى الآن، مما سيثري هذا الحوار و يفتح للفكرة (منتزهاً) أرحب..
    و سلمت يا منعم
                  

05-22-2004, 12:16 PM

Bakry Eljack
<aBakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟ (Re: هاشم الحسن)

    الاخ هشام

    شكرا كثيرا على نقلك لنا لكتابة الدكتور عبد الله على ابراهيم, فهى وان اختلفنا معها تقف تاكيدا على ان مثل هذه الرؤية لها وجود فاعل فى مخيلة الكثير من قاطنى الشريط النيلى الذى يسعى الدكتور الى الدفاع عن عروبته, و ان كنت اتفق مع الاخ الفيا ان الدكتور قد اسقط ورقة التوت عن نفسه اخيرا بعد ان كان يتحصن فى المعيته و فى تواريه خلف حصافته اللغوية و فطنته الاكاديمية ولا اري ما يعيب الدكتور فى قول انه عربى وان سكان الشريط النيلى ممن يسميهم قبيلة الجعليين الكبري بانهم عرب حتى وان تنكر لهم العرب فالامثل عنده التوسع فى العروبة و اجراء البحوث حول لون العرب الاصلى ان كان هو السواد او الخضرة وان يبحثوا حول كيفية نطق القاف والغين على طريقة قلب الطاء ظاءا عند بعض القبائل العربية, وهاهو ينصح الاخ عجب بالتوسع فى العروبةبل وبامكان كل من يري فى قول الدكتور عبد الله ما ينفع الناس فليمضى فى بحثه حول التوسع فى العروبة, ولكن اسمحوا لنا ان نقول رايا قيميا و معياريا ما عهدنا قوله الا فى الاوقات المستعصية التى يكون لاخيار لنا سوي قول ما يجب ان يقال, وللامانة ان بحوث الدكتور بقدر ما بها من ثراء اكاديمى و اجتهاد فهى بلا شك عندي اصغر فى نظري كثيرا من جرح هذا الوطن بل اري فى الكثير منها مدعاة الى الاحتراب والى الاستعمار الجديد بعد اكتمال اضلع المشروع القائم على

    1- بعث الشريعة ونفض الغبار عنها بعد ان ينهزم مفوهم الاسلام الارثوذكسى و الشعبى وغيرها من شائبات الاستشراقيين ومن لف لفهم

    2- التوسع فى العروبة بالمغالطات البحثية

    3- قيام اشجار النسب التى تنسب من يظن دكتور عبد الله انهم عربا الى العروبة

    واهم تكتيكات هذا العبد الله تكمن فى جعله الباب مواربا للراغبين فى الدخول فى مشروع الهوية الكبري هوية الجعليين الكبري عبر عمليات اعادة الانتاج و غيرها بالدخول كما فى قوله ان مفهوم الهوية هو مسالة خيارات , و عليه تكون الاضلع قد اكتملت و من ثم تبدا غارات الاستعمار السودانى السودانى فى دورته الثانية,
    هذا على اقل تقدير ما استطعت فهمه من خلال قراءتى للكثير من كتابات الدكتور عبد الله على ابراهيم, وللعلم فقد خصصت وقتا لم اخصصه لباحث فى الاونة الاخيرة لاقرا مرة واثنين وثلاثة حتى لا اظلم الرجل و رغم ذلك لم افهم غير الذى خرجت به, ولا غرو عندي فى ان اقول هذا القول حتى وان كان الدكتور عضوا فى حزب لى او كان استاذا لى او كان من اقربائى.
    كتبت


    كان بعضه
    يسعى في (صهر) البعض الآخر
    و تذويبه...!!
    الآن بعضه
    يسعى في (هدم) الآخر!!
    و نفيه عن الوجود..!!


    هل لك ان توضح لنا بالاستشهادات من كان يسعى لصهر البعض و ما هى اليات هذا الصهر؟؟

    كما هل لك ان توضح لنا من هم البعض الذين يسعون الى هدم الاخر ونفيه من الوجود ومن هو هذا الاخر؟

    ولك احترامى و تقديري
    ولابد لى ان اثنى على طول نفسك فى هذا الحوار.


    كلمة للاخ عجب الفيا: اعتقد انه لابد من المواصلة فى هذه القراءت الى اخرها حتى نستجلى ما اراد الدكتور قوله ولم تستطع عقولنا المتواضعة التى استطاعت فهم مشروع الدكتور محمد عابد الجابري بكل اكاديميته القحة, واستطاعت فهم بنيوية جان بياجيه و استطاعت فهم كل مفكري الثورة الفكرية الفرنسية من جورج لوكاتش و ميشيل فوكو و استطاعت فهم اللا منتمى و استطاعت فهم ليفى شتراوس فى هكذا تكلم ذرادشت كما استطاعت فهم الكثير من المفكرين اللذين اذا قررت حصرهم فساكون كاذبا, ولكنها لم تستطع فكر هذا العبد الله
    ؟

    بكري الجاك
                  

05-22-2004, 06:21 PM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟ (Re: Bakry Eljack)

    الأعزاء أجمعين
    أعتذر عن الإختفاء في الأيام الماضية
    فقد ضرب كمبيوتري فيروس جيد الصنع، جعله يتصرف كالمجنون. ولقد أمضيت الأيام الماضية في التردد على عيادات الكمبيوتر. وعموما نسال الله دوام الصحة والعافية لكمبيوتري المتوعك، الذي لا تزال به بقايا من مس الجنون الذي اصابه.


    العزيز هاشم الحسن
    شكرا لك على توسيع آفاق الحوار، وعلى أدبك الجم، في الإشارة إلى مواضع الخلاف.

    لا حاجة بك يا عزيزي للإعتذار. فأنت حين تكنيني "بأبي النحلان"، فإنك لا شك، تعلي من قدري. والكنية التي كنيتني بها، كنية تسرني، لكونها تربطني، بجدي الشيخ، العارف، حمد ود الترابي، الملقب بحمد النحلان. وسبب اللقب، فيما سمعت من أبي محمد ود حمد ود إدريس، الترابي، الذي أنار طفولتي بقصص الأولياء والصالحين، إضافة إلى ما قرأت لاحقا في طبقات ودضيف الله، هو أن الشيخ حمد قد دخل الخلوة، وبقي فيها ستة وثلاثين شهرا ـ هكذا يحكيها أبي، ولا يقول ثلاث سنين! ـ دخل الشيخ حمد الخلوة، عقب شهوده واحدة من كرامات أخيه الأكبر، الشيخ ننة الترابي. وقد كان حمد فقيها، يدرس الناس مختصر الخليل، وكان ننة صوفيا، تتلمذ ضمن من جرت تسميتهم "برجال الضحوة" على يدي إبن خالته، الشيخ، دفع الله العركي، الذي كان هو الآخر محبا، مزوارا لضريح الشيخ إدريس ود الأرباب. وكان الشيخ دفع الله العركي، ينزل عند إبني خالته، ننة، وحمد، في قريتهم التي تبعد، بضع كيلومترات، شمالي موقع مدينة الكاملين الحالي، وهو في طريقه، من أبي حراز إلى العيلفون، ومن العيلفون، رجوعا، إلى إبي حراز.

    وإسم الشيخ ننة الأصلي هو، محمد، بن عبد الرحمن، بن عبد الله. وقد اكتسب اللقب، "ننة" اثناء تتلمذه على الشيخ دفع الله العركي. وقد دخل حمد مع أخيه ننة في نزاع حول أرض موروثة لأسرتهما، تسمى "أم تكل"، وأوشك أن يذهب بهما الخلاف إلى حد الوقوف أمام القاضي، بقرية ود عشيب، المقابلة لقريتهم، في الضفة الشرقية للنيل الأزرق. وحين رأى حمد كرامة أخيه الأكبر ننة، تنازل عن الأرض، وروي عنه، أنه حين تنازل عن تلك الأرض لأخية "ننة"، حلف ألا يرث جنى جناه، شيئا من أرض "أم تكل". ثم دخل، على أثر ذلك، الخلوة التي استمرت ستة وثلاثين شهرا، وخرج منها، كما روي عنه، جلدا على عظم. وقيل إنه عاش طيلة فترة الخلوة، على "مُطَّالة" من دقيق الذرة، وشيء من القرض. وبسبب خروجه ناحلا، نحولا، شديدا من تلك الخلوة، سُمي بحمد النحلان.

    وما أن خرج الشيخ حمد من تلك الخلوة، بدأ حقبته الملحمية، المدونة في كتاب الطبقات، التي اتسمت بالتصدي لجور سلاطين الفونج، على الأهالي. وقد كانت قبائل الضفة الشرقية للنهر، التي تعمر البطانة في طرفها القريب من النيل الأزرق، تحتمي بالشيخ حمد، من غارات سلاطين الفونج، التي كانت تستهدف سلب بهائمهم. وللشيخ حمد قصة مشهورة مع قائد فونجي، يسمى ود التُّمَام، خرج من سنار، وأخذ يسلب بهائم الأهالي، حتى وصل إلى منطقة ود الترابي. وحين تسامعت القبائل بحملته تلك المتقدمة شمالا من جهة سنار على طول النيل الأزرق، هرعت القبائل إلى الشيخ حمد. وفيما يروى فإن الشيخ قد رد عدوان ذلك القائد بكرامة، وأنقذ ممتلكات الأهالي من السلب. (راجع كتاب الطبقات تحت حمد النحلان).

    قدم الأجداد الأوائل للشيخين، ننة، وحمد الترابي، من دار البديرية، المعروفة، عند منحنى النيل، في السودان الشمالي، وتناثر أولئك القادمون الأوائل، في سهول الوسط، على طول النيل الأزرق، ضمن حركة المد الصوفي الكبيرة، التي انتظمت قرون السلطنة الزرقاء الثلاثة.

    إشارتك إلى حمد النحلان، فتحت لي بابا شيقا في سؤال الهوية. فللشيخ حمد قصة مروية عن صراعه مع السلطات الحجازية، عند أدى فريضة الحج. سافر الشيخ حمد، إلى الحج، بعد أن خرج من خلوته تلك. وقد ورد في أخباره المكتوبة، والمرويةأنه سار في موكب مهيب من حيرانه، راجلين من منطقة ودالترابي، حتى سواكن. وقد عبر الشيخ وحيرانه النيل الأزرق، عند قرية كلكول، الحالية شمالي الكاملين، ثم عبروا سهل البطانة، ومناطق قبائل البجا، فيما وراء الإتبراوي، حتى وصلوا مرسى سواكن القديمة. ويحكي أبي قصة شيقة، توارثها عن أجداده، عن نزاع نشب بين الشيخ حمد وقبطان السنبوك، الذي كان يقل الناس عبر البحر الأحمر. فقد سأل قائد السنبوك، الشيخ حمد أن يدفع أجرة عبور من معه من الفقراء. فقال الشيخ حمد، إنه قاصد بيت الله، ومن يقصد بيت الله لا يحمل معه مالا. فرفض قائد السنبوك حمله ومن معه من حيران. ويقال أن قائد السنبوك عجز عن مغادرة المرفأ، وتعثرت جهوده للمغادرة، مما اطره في نهاية الأمر، طلب الصفح من الشيخ، وقبول حمله، وحيرانه على ظهر مركبه. ويقال أن صاحب السنبوك، أرسل رسالة مع واحد ممن كانوا معه في السنبوك، إلى سلطات الحجاز، في ذلك الوقت، قائلا، إن "ساحرا سناريا"، يتوجه في مجموعة من أتباعه إلى مكة. وفي مكة أستقبلت سلطات الحجاز الشيخ حمد، بعداوة، ظاهرة، وذلك للإعتقاد بأنه، "ساحر سناري". وتقول الروايات، إن الشيخ حمد، إدعى المهدية، في فترة إقامته هناك. ويقال إن محاولة لقتله بالسم، قد جرت هناك، ولكنه نجا منها. ويقال، أيضا، إن مطرا شديدا، نزل في شعاب مكة، في تلكم الأيام، فسالت أوديتها المتحدرة من الجبال، وتهدمت من جراء السيول، كثير من أبنيتها. وفي هذا قال شاعره:

    نِسِلَْتكْ دهمشـيَّة، وسـاكنين الغـربْ
    وبى كلكول قطع، ما دارلو زاد، وُقِرَبْ
    وفي مكة أم حطـيمْ، هدَّم بُنَاها، خَرَبْ

    وقصة ما جرى للشيخ حمد ود الترابي في الحجاز، فيها إشارة إلى هويتنا التي تميزنا. وواضح من القصة أن الإسلام الذي خرج من جزيرة العرب، في القرن الثامن الميلادي، وتوغل في فجاج إفريقيا، قد عاد إليها، في القرن السابع عشر الميلادي، بعد غيبة شارفت العشر قرون، في شخص الشيخ حمد، وحيرانه، في هيئة أنكرها، أهل جزيرة العرب. فنسبوا الشيخ، وأفاعيله، وحيرانه، إلى السحر! وما أسهله من حل!!

    شكرا لك، أخي هاشم، على تلك الإشارة، إلى حمد النحلان. فهي قد أعطتني فرصة هذا الإستطراد. ومهدت لي للدخول، دون اجتراح قفزات مربكة، إلى سوح الكبريت الأحمر، تاج التصوف الإسلامي، وغرته، الشيخ محي الدين إبن عربي. ثم إلى سوح الأستاذ محمود محمد طه، الذي رفع التصوف الإسلامي، فعلا، وقولا، إلى قمة غير مسبوقة. فنحن حين نتحدث عن هويتنا، في هذا الفضاء الإنساني، نتجاوز الآفروعروبية، التي مثلت وصفة توفيقية للخروج من أزمة السودانيين الشماليين، إلى سوح الفكرة الصوفية في تجلياتها الإنسانية الكوكبية. وهو الفضاء الذي يشار إليه في الأدبيات الغربية بكلمة mysticism . ففي هذا الفضاء الرحب، ينمحي الإستعلاء العقيدي، وتدخل الديانات كلها، في تشكيل مركب الهوية، على قدم المساواة. ويستوى في هذا الدخول الدين الكتابي، وغير الكتابي. فالمجال هنا للتجربة الروحية، والتجربة الروحية ليست وقفا على قبيل من الناس، دون قبيل آخر، وليست وقفا على دين دون دين آخر. هنا يستوى، المطران المسيحي، والراباي اليهودي، والشيخ الأزهري، والراهب البوذي، والهندوسي، والفقير الصوفي، والكجور، (وقيل كمان جماعة الخضر!). القيمة هنا لما يتضمنه التصور، ايا كان، من العناصر المففكة لماكينزمات الإستعلاء بكل صورها. وأيضا العناصر الحاملة لجينات اكتمال العدل والمرحمة، وأفول شمس الشر والعدوان. هذا هو جوهر الحلم الإنساني الكبير، وما عدا ذلك مجرد زخم شغل أغلبية بني البشر، فيما لا طائل تحته. وإلى لقاء قريب، بإذن الله.

    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-22-2004, 06:53 PM)
    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-22-2004, 06:55 PM)
    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-22-2004, 06:56 PM)
    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-22-2004, 07:00 PM)
    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-22-2004, 07:02 PM)

                  

05-22-2004, 08:28 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل نطمع في المزيد من الايضاح اخ هاشم ؟ (Re: Agab Alfaya)

    شكرا اخي هاشم علي الاجابة السخية واعتقد اننا بهذه الاجابة
    قفذنا خطوات بهذا الحوار الي الامام:
    Quote: أراه:
    متعدداً..
    كان بعضه
    يسعى في (صهر) البعض الآخر
    و تذويبه...!!
    الآن بعضه
    يسعى في (هدم) الآخر!!
    و نفيه عن الوجود..!!
    الأجدى، في نظري، هو أن يقرّ الكل للكل بالحق الكلي في الوجود و الإنتماء،،،

    دعني اضم صوتي الي صوت بكري الجاك لمزيد من الاستيضاح:
    ما هو البعض الذي كان يسعي الي صهر الاخر ،
    وما هو البعض الذي يسعي الان الي هدم الاخر ونفيه عن الوجود ؟

    التحية لاستاذي النور حمد وحمدلله علي السلامة
    لك تقديري واحترامي بكري الجاك وسوف اواصل ان شاءالله
                  

05-22-2004, 10:25 PM

نصار
<aنصار
تاريخ التسجيل: 09-17-2002
مجموع المشاركات: 11660

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخ بكرى الجاك

    هذا العبد الله لا ينتج فكر ليفهم كل ما يفعله هو
    تزويق نظرة متخلفة بترصيعها بأنشاء مفوف جميل
    المنظر و لا مخبر له سوى عصبية لا تجمل بأكاديمى
    يحمل لغب الدكتور فهو مجتهد لكن اجتهاده ماهو
    الا لهاث مكابر لإثبات حقائق افترضها هو و اوقف
    نفسة لمجادلة الواقع و الحقيقة و من يقولون بهما
                  

05-23-2004, 06:09 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اذن ما الاعتراض علي وصف هذا الواقع بانه افروعربي؟ (Re: Agab Alfaya)

    في الاجاية علي سؤالنا كيف يري هاشم الحسن واقع الحال الثقافي
    والاثني في السوداني ؟
    اجاب بالاتي :
    Quote: أراه:
    متعدداً..
    كان بعضه
    يسعى في (صهر) البعض الآخر
    و تذويبه...!!
    الآن بعضه
    يسعى في (هدم) الآخر!!
    و نفيه عن الوجود..!!

    وقد سالنا هاشم مزيد من الايضاح الا انه لم يفعل او ربما لم يتاح له الوقت ذلك .

    ولكن ما فهمته من كلامك اخي هاشم ان البعضين هما البعض العربي والبعض الافريقي،
    البعض العربي كان يسعي لصهر وتذويب البعض الافريقي ،
    اما الان البعض الافريقي يسعي لهدم ونفي العربي عن الوجود،
    ومن هنا جاءت منافحة هاشم ودكتور عبدالله عن هذا الواقع العربي وتثبيته،

    وقبل الخوض في تفاصيل ، من الذي يسعي الي نفي او تذويب الاخر ،
    فطالما ان الواقع الثقافي والاثني مكون من بعضين ،هما عربي واخر افريقي، فما هو وجه الاعتراض اخي هاشم علي توصيف هذا الواقع بانه افروعربي ؟؟؟!!

    حسب ظني ومن خلال ردك علي ايمن وانور اعلاه ، ان سبب رفضك وصف هذا الواقع الثقافي والاثني السوداني بانه افروعربي رغم اقرارك بانه مكون من عنصرين عربي وافريقي،هو الافتراض الذي انطلق منه دكتور عبدالله بان الافروعربية تنظر الي اهل السودان بانهم كلهم هجين ولانه يري انه عربي حقيقة كما عبر في حواره مع السؤال فانه يرفض وصفه بالهجين ،
    وهذا مجرد استقوال من دكتور عبد الله ،فلا احد قال انه لا مكان للعربي الصرف في السودان او انه لا مكان للافريقي الصرف ،ويمكن الرجوع الي ورقتي والتي ذكرت فيها في اكثر من موضع ان وصف افروعربي هو توصيف عام لا يلغي ولا ينفي الخصوصية الثقافية والاثنية،

    هنالك ملاحظة مهمة جدا وهي في الوقت الذي يركز فيه الافروعروبيون وكل منظري الهوية علي الجانب الثقافي نجد دكتور عبدالله ابراهيم يصر علي التركيز علي الجانب العرقي،ونفي الهجنة العرقية.
    فمحمد عبد الحي مثلا من اهم منظري الغابة والصحراء ،من ناحية عرقية لا يوجد دافع يجعله يطالب برد الاعتبار للمكون الافريقي،ولكنه كان ينظر الي الثقافة السودانية ككل كما هي مشكلة علي ارض الواقع - الاغنية السودانية مثلا ،يصلي بلسان ويغني بلسان،ولسان الغناء المقصود به هنا :النغم والايقاع واللونية عموما.

    صفوة القول ان الحديث عن فرز كيمان بالطريقة التي يدعو لها عبدالله ابراهيم ضرب من الميتافيزيقيا، فالتمازج حدث ويحدث من الاف السنين ،ولكن هذا لا ينفي حق هاشم الحسن او عبدالله ابراهيم ان يدعي له وجودا عربيا صرفا فهذا الوطن الافروعربي يسع الجميع او كما جاء في خاتمة ورقتنا.



                  

05-23-2004, 12:02 PM

Bakry Eljack
<aBakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اذن ما الاعتراض علي وصف هذا الواقع بانه افروعربي؟ (Re: Agab Alfaya)

    الاخ نصار وبقية الحاضرين هنا
    بعد السلام


    الاخ بكرى الجاك

    هذا العبد الله لا ينتج فكر ليفهم كل ما يفعله هو
    تزويق نظرة متخلفة بترصيعها بأنشاء مفوف جميل
    المنظر و لا مخبر له سوى عصبية لا تجمل بأكاديمى
    يحمل لغب الدكتور فهو مجتهد لكن اجتهاده ماهو
    الا لهاث مكابر لإثبات حقائق افترضها هو و اوقف
    نفسة لمجادلة الواقع و الحقيقة و من يقولون بهما


    الشيء المتعارف عليه فى منهج الدعاة و المتاملين سواء كانو مفكرين او دعاة مناهج فى الفلسفة او الدين هو ان يتاكدوا من سلامة وصول فكرتهم الى المتلقى دون شوائب, حاولت جل جهدي فى ان افهم الى ماذا يسعى الدكتور عبد الله على ابراهيم؟ قرات الكثير و كل يوم يزداد يقينى ان الرجل يقولها صريحة فى مستبطن كلامه الذى بدا يتكشف دون اعمال اي مناهج حفرية لقراءة لا شعور الرجل وغيرها من المناهج الابستمولوجية, قبل لحظات قرات المرافعة الفائقة الاناقة التى قدمها الدكتور عبد الله بولا فى بوست الترحيب به فى ردخ على الاخ الصديق بشاشة المنطلق من ارضية المركزية الافريقية وورد فى اتون الدفاع عن الدكتور عبد الله ان اورد الدكتور بولا احد ردود الدكتور على سؤال احد الصحفيين:

    س ـ أشرتَ إلي ضرورة أن يوطن" أهل الشمال المسلم " حسب تعبيرك في ثقافتهم قيم الحرية و أن يكفوا عن خلع ثقافتهم بدعوى الهجنة، كيف تري ذلك وأنت ترفض فكرة التمازج كما طرحتها مدرسة الغابة و الصحراء؟

    ج - أعتقد أن لدينا مكونات ثقافية كثيرة ستسعد بأطروحات التمازج هذه فالتمازج سيستمر و ستزيد وتيرته، لظروف الاضطراب السياسي لأنه حدث اقتلاع مفاجئ دفع الناس دفعاً للتمازج و النزوح الكبير إلى القرى الطرفية في الخرطوم وحول المدن، لم يكن واضحاً الطريق الذي يستمر فيه التمازج، سرعته ومعدلاته، في الماضي كنا نتحدث عن ظروف طبيعية بمعني أن الكيان الإفريقي موجود في الجنوب و الكيان العربي في الشمال فحدثت خلطة وامتزاجات طرحت تحديها و [ضرورة] النظر الثقافي المتجدد إليها. وهذا البحث الذي أعكف عليه الآن هو لمعرفة هذه الوتائر المتسارعة في الفترة الأخيرة بحيث نمنح مسألة الهجنة والاختلاط براحات أوسع. لكن الافتراضات السابقة كانت تتحدث عن أن الهجنه حدثت أصلا و ستحدث لكن كان هناك اعتراض حول وجود قوامات ثقافية، و هي تطرح أهمية أن تكون الدولة محايدة تجاه الثقافات، بمعني أن يكون هناك برنامج لديمقراطية الثقافة. فمسألة كيف يكون التعليم علي سبيل المثال و بأي لغة، هذا ليس من شأن الدولة أن تصدر فيه قراراً و كذلك بالنسبة للعادات وشرائع الناس و قوانينهم. نريد أن نستل من الدولة كل هذا العنف ونجعلها محايدة تجاه العملية الثقافية بقدر ما يمكن أن يكون الحياد. هذه أهم عناصر برنامج ديمقراطية الثقافة وهو بالطبع ما لم يكن حاصلاً أبداً، لأن الدولة كانت مستخدمة باستمرار لأغراض إيديولوجية و سياسية مباشرة في أن تقرر ما الثقافة. مثال الآن الشرعية يصب في اتجاه عدم حياد الدولة تجاه القوامات الثقافية، فلذلك أنا أطالب الجماعة العربية أن تحرر نفسها بنفسها و أن تقرر بنفسها تجاه مسألة الشريعة ما تريده و ما لا تريده و ألا تذهب في اتجاه تأكيد أن ثقافتنا هجينة وممتزجة وغير ذلك مما أسميه الغش الثقافي الذي يجد من ورائه من هم من غير العرب والمسلمين حقهم مبخوساً في الدولة من جراء هذه الاتجاهات.
    ويختلف خطابا غلاة الإسلاميين والأفروعربيين في منتوج التمازج. فالتمازج القومي في نظر الغلاة سينتهى بشكل مؤكد إلى تبنى الجماعة الجنوبية الإسلام والعروبة لأنهما مميزان علويان مقابلة بملل الوثنية ورطانات العجم. فالتمازج في أفق الغلاة هو معسكر دعوة كبير لتغيير الملل واللسان ". (الخطوط تحت السطور من عندي وليست في الأصل ـبولا).



    وللامانة ترددت بعد قراءتى لرد الدكتور على الصحفى فى وصفه للمشهد الثقافى للبلاد و شعرت بوخزة ضمير فى اننى ربما اكون تسرعت فى الحكم على الرجل لغبائى فى فهم مكنونات فكره المستعصى والعلى الفهم وذلك اذا كان رد الدكتور اعلاه يعبر عن الاطار النظري لجل اجتهاداته ومشروعه الفكري المشفر الذى لم يفهمه الى نفر كريم بقامة عقل ودراية الدكتور بولا فانى اري ان الرجل على مصوبة من امره فى قراءة واقع الحال و احتمالات المال فى شاننا الهويوي بل بالكاد ان اقول انه حر فى ادعاء ما يشاء من هويات طالما انه من دعاة الديمقراطية الثقافية التى فيها يتم التعامل مع النوع حتى وان كان يمثل واحد فى المائة و لا يتم التعامل مع الاغلبية كما فى المفهوم الميكانيكى لعلمية الديمقراطية التعددية, ثانيا هو من دعاة حيادية الدولة حسب رده اعلاه, و لكن استدركت ان ما ورد هو قول وحيد و يتيم للدكتور و تذكرت ايضا للدكتور بولا فى عرض دفوعاته عن فكره ضد اتهامات الاخ بشاشة قوله:

    الذي هو، على كل حالٍ، ليس بحاجةٍ إلى كثير تأويل في نسبة "التمني الإيديولوجي وغياب صفة طلب العلم" عن نصي المأسوف على مآله. وها أنت ذا تكمل الناقصة، فتدخلني في زمرة "النقروفوبيين" مع الصديق عبد الله على ابراهيم، بقراءةٍ هي غاية في العجلة، وباعتمادٍ على نصٍ واحدٍ. وهو على وحدانيته لا يسند استنتاجاتك الجافية

    الان انا فى حيرة من امري, فاذا اخذت بدفوعات دكتور وهو العارف بالرجل مقام علمه بنفسه حسب ما ورد فى عرض ردوده عن صداقتهم العضوض وانا من الذين يرون فى كتابات بولا موضوعية وصرامة منهجية قل ما توجد فى باحثينا المعاصرين, فهذا يعنى اننى ساقول اننى ظلمت الرجل اذا ما قررت الاكتفاء فقط بدفوعات بولا, و لكن كما ورد على لسان بولا اعلاه فى انه من الخطا العلمى الحكم على اي كاتب من نص واحد, فماذا قال دكتور عبد الله فى مواقع اخري غير هذا اللقاء الصحفى, فهو رفض فكرة الاعتذار التاريخى عما بدر من جماعة الشريط النيلى عن ما حل بالبلاد وهوامشهاابان علوها و توليها امر السلطة فى كافة الانظمة التى مرت على البلاد حسب ما ورد فى شهادة عجب الفيا التى لاشك عندي فى امرها, و كما قرانا بحوث اخري للدكتور عبد الله فوجدنا ان ما قال به الدكتور فى رده على الصحفى اعلاه لا يتماشى و روح بحوثه الاكاديمية و مقالاته اليومية التى لخصنا فهمنا لها فى مداخلة لنا اعلاه, اذن يمكننى ان اضيف الى ما فهمته من بحوث الدكتور العصية الفهم على امثالى انها متناغضة ما بين الحال والمال فالحال عند الدكتور هو اللقاء الصحفى الذى فيه دشن الخطوط الاساسية لفهمه للمشهد الثقافى فى السودان, والمآل ( بوضع المد على الالف) عند عبد الله هو بحوثه و كتاباته الصحفية, وعليه فان اسوا ما يمكن ان يوصف به كاتب او باحث اكاديمى فى نظري هو عدم الامانة العلمية خصوصا اذا كان مجال الدراسة هو العلوم الانسانية الرحبة التى ما زالت فى اولى عتبات ضبطها المنهجى, فانى اري فى الدكتور احد اثنين اما

    انه غير امين اكاديميا فى التناغض الظاهر ما بين حاله وماله
    او

    انه ما زال يتقلب بين مواقف ايدولوجية تصطرع فى مخيلته و لم يخلص بعد الى رؤية جلية حول امر الصراع الهويوي فى بلد اسمه السودان, ولا غبار عندي فى ان يغير الكاتب مواطيء اقدمه الفكرية من حين لاخر فى رحلة بحثه عن الحقيقة متى ما تبين له خطا قراءته السابقة, و لكن كتابات الدكتور عبد الله التى لم يمضى عليها سوي ايام تؤكد انه ماضى فى مشروع عربنة السودان بل وربما لا يتورع فى اقصاء من هم ليسوا من مناصري مشروع التوسع فى العروبة التى لا اري فرقا شاسعا بينها و اعادة الانتاج عبر بوتقة الانصهار التى هى ماحدي ميكانيزمات السودان القديم فى اسلمة و عربنة الهوامش.


    و ربما اعود ولكننى حتما ساظل متابعا.


    بكري الجاك

    (عدل بواسطة Bakry Eljack on 05-23-2004, 05:38 PM)

                  

05-23-2004, 11:30 PM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اذن ما الاعتراض علي وصف هذا الواقع بانه افروعربي؟ (Re: Bakry Eljack)

    تتعرض هذه الحلقة إلى العنصر الصوفي في مركب هويتنا. ولابد من الإشارة إلى أنني حين أشير إلى هذا العنصر الهام، في مركب ثقافتنا، لا أشير إليه من زاوية التعصب، لكوني عشت تجربة صوفية أشرف على تسليكي فيها حبر التصوف الأعظم، الأستاذ محمود محمد طه. فالفكر الصوفي فضاء عريض، مليء بالمشارب المختلفة، وهو بهذا المعنى، عرضة للنقد، مثله مثل أي فكر آخر. غير أن الفكر الصوفي ظل مغيبا، في السياسة، وفي شكل الدولة، منذ القمع الذي تعرض له، وهو في فجر نشأته، في القرون الإسلامية الأولى، وخاصة على أيدي العباسيين. يهمني من الفكر الصوفي، نزعته الإنسانية، ونزوعه للحيرة تجاه أسرار الوجود المستشكلة، واستخدامه الحيرة سبيلا إلى التواضع الفكري، والسلوكي. ثم تنفيره من الوثوق، وإطلاق الأحكام النهائية، واعتناق التصورات المغلقة. فالصوفيون ماديون، وروحانيون في ذات الوقت. ولربما استغرب هذا القول كثيرون. ولكنه قول يمكن إقامة الشواهد عليه، بيسر شديد.

    لقد سبق المتصوفة، في تقديري، مفكري ما بعد الحداثة، في معنى ما أكدوا على الهيئة المركبة، والملتبسة للثنائيات. والثنائيات dichotomies هي آفة حقبة الحداثة في التفكير الغربي. وحقبة الحداثة هي ما يشير إليه مفكرو ما بعد الحداثة، بـ الـ modernist paradigm و"المودورنيست برادايم"، تتجذر رؤاه في فيزياء نيوتن، وفيما تماهى معها من النزعات الفلسفية الوضعية، وما طورته فلسفة الرأسمال في كل تجلياتها البراغماتية اللاحقة. فالصوفيون الرؤيويون، من عيار إبن عربي، وعبد الكريم الجيلي، وحتى عبد الغني النابلسي، قد أخرجوا وعيهم من أسر المقابلات، من شاكلة علماني، وروحاني، ومن ثم برئوا من الإشارة، إلى خلق الله، بالإشارات من شاكلة مسلم، وكافر.

    قال الشيخ عبد الغني النابلسي:
    ومن عجـب الأمر هذا الخفا، وهذا الظهـور، لأهل الوفـا
    وما في الوجـودِ سـوى واحـدٍ، ولكن تَكَثَّرَ، لمـَّا صـفا
    فإن قلتَ: لا شيءَ، قلنا نعم: هو الحقُّ، والشيءُ فيه اختفى
    وإن قلت شيءٌ، نقول: الذي، له الحـقُّ اثبتَ، كيـف انتفى

    وهذا ما أشار إليه شاعر الجمهوريين، عوض الكريم موسى حين قال:

    وبين النفي والإثبات معنى، به الرجعى، إلى أصل المعاني

    ولذلك فقد اختلف اللاهوت الصوفي عن اللاهوت الديني، المؤسسي، الأرثوذكسي. ويشمل اختلاف لاهوت المتصوفة، مع اللاهوت "الحكومي، المؤسسي" كل النسخ المؤسسية للديانات الكتابية الثلاث: اليهودية، والمسيحية والإسلام. وهذا ما عناه الأستاذ محمود محمد طه حين قال:

    ((إن ما جئت به هو من الجدة، بحيث أصبحت به بين أهلي كالغريب. وبحسبك أن تعلم، أن ما أدعو له، هو نقطة إلتقاء الأديان جميعها، حيث تنتهي العقيدة، ويبدأ العلم. وتلك نقطة يدخل منها الإنسان، عهد إنسانيته، ولأول مرة، في تاريخه الطويل)).

    ونفس هذا المعنى هو ما أشار إليه، الشيخ، محي الدين بن عربي، في القرن الثاني عشر الميلادي، في قصيدته المشهورة التي مطلعها: ((ألا يا حماماتِ الأراكةِ والبانِ، ترفقن، لا تظهرن بالشجو أشـجاني)). وذلك حيث يقول:

    لقد صـار قلبي قابلاً كل صـورةٍ، فمرعىً لغزلانٍ وديرٌ لرهبـانِ
    وبيتٌ لأوثانٍ، وكعـبةُ طائفٍ، وألواح توراةٍ، ومصـحف قـرآنِ

    وهذه ليست فنتازيا عبارات، كما قد يراها البعض، ولا جنوحا لإحداث صدمة في ذهن المتلقي، وإنما هي إشارة إلى تعدد الطرق، وتشعبها، في معرفة الحقيقة، أو قل تعدد طرائق خلق المعنى، وسط كل الجماعات البشرية. ومشكلة الإنسان تكمن في كونه كائن كلف بخلق المعنى!

    وأدب التصوف، في شقيه العرفاني، والسلوكي، إنما انصب على إخراج الوحش من إهاب الآدميين. وجوهر ذلك تصحيح الصورة المترسبة في أعماق العقل الباطن لدى بني البشر، عن الوجود. فالجهل بحقيقة البيئة التي نعيش فيها، وبكوننا مجرد عابرين في هذا السديم الذي يشبه الحلم، الممتد بين لحظتي الميلاد، والموت، هو الذي يرسخ قيم الزهد، وقلة الحرص، وحب الخير للآخرين. ولذلك فالتصوف ليس حذلقة لغوية، ولاعبارات معقدة، ولا هو أيضا، استعراض بالمصطلح، وبالمفهوم، وإنما هو يقظة من غفلة الإعتياد، إلى انتباهة الدهشة، والحضرة، الباعثة على التخلي، وعن الغرق في هم التدبير، وجهود التحصن، مما يقود إلى الأنانية، والطغيان على الآخرين، من إنسٍ، وحيوانٍ، وشجرٍ، ومدر. جاء في الأثر: ((الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا)).

    هذا حديث قد يطول، ولكن ما يهمنى من هذه الإشارات التي سلفت، إنما هو التأكيد على المعاني الإنسانية المشتركة، والفضائل الإنسانية المشتركة. وهذه فضائل يشترك فيها عباد الطواطم، والأصنام، مع غيرهم من المتعالين باعتناق ديانات التوحيد، أو الديانات الكتابية. والفضاء السوداني ملء بكل ذلك. ومن عرف التصوف في عمقه، وسلك سبيله بفهم، برء من التعالي على اصحاب الملل الآخرى. وحقيقة الأمر، ليس هناك ملة واحدة. فداخل كل ملة، يمثل كل فرد ملة بذاتها. فأنت، والثاني والثالث، والرابع، لا تؤمنون في حقيقة الأمر، بالمعتقد في أصله، وإنما بمحصلة ما وعاه ماعون إدراككم من المعتقد. وهذا المشترك بين أهل املة الواحدة، ليس في حقيقيته، سوى تجريدات عقلية!

    الهوية لا تنسب لجهة، شرقية كانت أم غربية، عربية كانت أم إفريقية. الهوية في الظرف الوعيوي الكوني المتشكل حاليا، هي الإنتماء إلى معسكرى الخير، في مواجهة معسكر الشر. وهذا ما عنيته حين قلت، إن أهل الجبهة الإسلامية في السودان، تجمعهم مع جورج بوش، ومع سائر العابدين لصنم السلطة المطلقة للرأسمال، عقيدة واحدة، ودين واحد، بل وقبيلة واحدة، وإن أدعوا غير ذلك.

    ونعود من هذه السياحة المفاهيمية، السريعة، إلى مجال الشيخ الأكبر، محي الدين بن عربي، الذي ولد في وترعرعى في الأندلس، ثم هاجر منها إلى المشرق. وضع الشيخ، تصانيفه المكتوبة، الكثيرة، على ظهور عدد من البغال، ويمم شطر المشرق. مر على المغرب، وعلى القيروان، وعلى قاهرة المعز، وأقام في كل تلك الأماكن. ثم جاور في الكعبة المشرفة، لبعض الوقت، وجال في أنحاء جزيرة العرب، وانتهى به المقام في دمشق، حيث مات، ودفن.

    ومحي الدين بن عربي، أحد كبار طلائع المثقفين الكونيين. فهو الرجل الذي دفع بالعقيدة الإسلامية، إلى آفاق بعيدة تجاوزت ضيق شعاب الملة، والنحلة، وجاز بها إلى فضاءات التلاقي الإنساني العريض. ولا غرو أن شغل الرجلُ الناسَ، لثمانية قرون متتالية، ولا يزال يشغلهم! فقد أدخل الرجل الوعي الإسلامي، في جنات معروشات، لم يعهدها المسلمون، ولا تزال تستوحش منها أفئدتهم الصحراوية.

    قال الشيخ محي الدين بن عربي:

    رأى البرق شرقياً فحنَّ إلى الشرق، ولو كان غربياً، لَحَنَّ إلى الغربِ
    وليـس غرامي بالبُرَيْقِ، ولمعه، ولكن غرامي، بالأمـاكن والتُـرْبِ

    وبعد استئذان الشيخ الأكبر، في استعارة بعض من تأويلاته المبصرة، وبعضا من سمات لغته الفخيمة، الفارهة، أقول إن الحنين المشار إليه هنا، في هذه الأبيات، إنما هو حنين إلى الفطرة التي تجمع الناس، ولا تفرقهم. فالقلوب في المفهوم الصوفي، مناطق تقع وراء حجاب العقل. وفي منطقة القلوب لا يوجد اختلاف، وإنما يوجد الإختلاف في منطقة العقول. والفطرة هي التي تجمع الناس. وللصوفية تأويل طريف للحديث النبوي: (( كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يمجِّسانه، أو يهوِّدانه، أو ينصِّرانه)). وذلك يعني أن العقيدة، بما في ذلك، عقيدة الإسلام، في شكلها الأوَّلِي، الذي لا تمييز به على غيرها من عقائد، هي التي تتسبب في خروج المواليد، من دين الفطرة، إلى دين الملة، والنحلة. والدين بهذا المعنى، متشكِّلٌ إجتماعي social construct. أما في حقيقة الأمر، فإن للبشرية دين واحد، هو دين الفطرة. وآية صحة التدين بدين الفطرة، البرء من التعصب، ومن الإنكار على الآخرين. قال بعض المتصوفة: ((أُخذت علينا العهود، بألا نعترض على النصارى، واليهود)). قال الشيخ عبد الغني النابلسي:

    عجـنا على ديـرِها، والليـل مُعْتَكِرٌ، حتى زجـرنا لدى حاناتها، العيسـا
    مستخـبرين سـألنا عن مكامنها، توما، ويوشـا، ويوحـنَّا، وجرجيسـا
    إِذِ القاقسيسُ قاموا في برانسِـهِمْ، يومون بالرأسِ، نحو الشرقِ، عن عيسى
    والكلُّ، في بحـرِ نـورِ اليثربي حكى، موجـاً، أرته ريـاحُ القربِ، تأنيسـا

    وهذا بعضٌ من فهمهم، أن الديانة الإبراهيمية، في عمومها، سيف واحد، ولكن له أكثر من حد واحد.

    لقد سبق أن اشرت أن الهوية ليست، شيئا عرقيا. أو قل، على الأصح، لم تعد، شيئا عرقيا، بقدر ما أصبحت تمثل ضرورة الإنتماء إلى نسق معرفي، يعطي الإنسان القدرة على الإعتداد بانسانيته. وأعني هنا الأنساق المعرفية المهمومة بقضايا العدل، والحرية، والمساواة، والإنعتاق من كل صور الإستعباد الكثيف، منها واللطيف، مما ورثناه من امتدادات التاريخ في حاضرنا. وهنا تجيء عبارة عبد الله بولا، التي أوردها، في ضرورة الإحتراز عن الإنحجاب بالشجرة، عن ما في الغابة من غنى وتنوع.

    الهوية الإفريقية لا تعني شيئا، إن لم ترتبط بنسق معرفي عصري، مركزيته قضايا السلطة والثروة. وهذا النسق المعرفي موزع بين جميع الثقافات، ولا تنفرد به ثقافة واحدة. فمناهضة الظلم، ونصرة المظلوم، ورفع الضيم عن المُضامين، والتحلي بأخلاق الإنسان، والتوق إلى الإنفلات من قبضة الوحش، الذي يربض في إهابنا، شيء موجود في كل الثقافات، وإن تفاوت وجوده، من حيث الكم، والكيف، بين ثقافة وأخرى. ومما اصبح في حكم الثابت الآن، أن البشرية جميعها قد خرجت من إفريقيا، وانتثرت في قارات العالم. ولذلك فالإنتماء للموقع الجغرافي، لا يعني شيئا. سواء كان ذلك الموقع الجغرافي إفريقيا، أو آسيا، أو كان السودان، أو الجزيرة العربية. ما يهم هو السمات الثقافية التحررية في كل ثقافة، وما تسهم به في مشروع دولة الإنسان الكبرى، التي لم تعد كما كان معتقدا من قبل، مجرد حلم يوتوبي، لا يتعدى عالم المخطوطات، إلى حالة التجسيد في الواقع، وذلك بعد أن جعلت منها قفزات القرن الأخير، مثالا ممكن التحقق.

    تحدث فراعنة مصر، في النيل الأدنى، لغة تنتمي إلى مجموعة الآفروإشياتك Afro-Asiatic، في حين تحدث أهل نوبيا، في النيل الأعلى، لغة تنتمي إلى مجموعة النايلو سهاران Nilo-Saharan. والغريب إن لغة الهوسا في الجزء الأوسط من حزام السافنا، جنوبي الصحراء الكبرى، تنتمي إلى مجموعة الأفروإشياتك، في حين لا تنتني لغة النوبيين، في وادي النيل، إلى هذه المجموعة. هذا بالرغم من ارتباط النوبيين العضوي بمصر القديمة، بل وحكمهم لكل الإقليم النيلي الممتد من جنوبي الخرطوم، وحتى الدلتا. ولذلك فالحديث عن هوية إفريقية، منمازة عن ثقافات آسيا، لا يعدو أن يكون سوى مجرد تجريدات، عقلية، وتبسيطات، لا تمثل صورة الواقع الحي، المركبة، والمتشابكة، لا في صورتها في الماضي، ولا في الحاضر، الأكثر تعقيدا، وتشابكا، وترابطا. .

    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-24-2004, 08:36 AM)
    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-24-2004, 08:40 AM)

                  

05-24-2004, 08:08 AM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لك التحية و التقدير يا د.النور (Re: Dr.Elnour Hamad)

    عزيزي د. النور حمد
    لقد طالني مقالك العالي في أمر الكنية بأبي النحلان و قبولكم السمح..
    وهي، أي الكنية، التي فرضتها علينا إنتشاءة بقراءتي لكم ليست طارئة و لا مؤقتة، و أوجبها فائق التقدير.
    ثم سرني أيما سرور رضاك السمح عنها، و إنفتاح الأبواب منها على مثل هذا المنجم في المعرفة و كمالات الناس..الأقطاب لا المستقطِبين..
    و قدأبهجني من سيرة النحلان، عندكم، أنها طازجة و تستصحب نصوصاً موازية أثرى و أنضر من التي في الطبقات و غالتها علينا لغة ود(ضيف الله)في الطبقات .
    سروري الأعظم بنصوصك أنها تغوص في مباحث أولية مما يتعلق بهذا النقاش و تشير إشارات لطيفة إلى الرأي فيه، مما يستوجب النظر المتعمق و يرفع مستوى التحدي إلى ما هو أكبر من التحدي..
    و أعترف لك أن هذه النصوص قد أشارت علي منذ البداية بطريقة في طرح الرأي إستصوبتها..إلا أنه،
    يعتريني ما ما يعتري السالك العجول في ( أرض المعدن و الأبواب) من ترابه الكثيف، فلا يبقى على أحوال الصفاء و لا مقامات الرضا، من مثل تلك التي يرجوها المتشبه (بالكبريت الأحمر) ويشابي ل ( فصوص الحكم) و(الفتوحات)..
    نعم..لست كمثل إبراهيم بن الأدهم و لكن كمثل إبن الأقلح ..في بوست الترحيب ب (بولا) الذي هو كنانة هذا المنبر..سهمين أو ثلاثة حداد، فأعرنيها..
    و لك الرضا في كل حال
    و لك التقدير

    ولي نظرات في مداخلاتكم غير عجلى وربما تساؤل أو أخر..
    و تسلم يا دكتور
                  

05-24-2004, 08:50 AM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لك التحية و التقدير يا د.النور (Re: هاشم الحسن)

    شكرا أخي هاشم
    أنارت أمسيتي مداخلتك.
    وإلى لقاء قريب
    .
                  

05-24-2004, 09:15 AM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإيضاح المكتوب في الإستيضاح المطلوب (Re: Agab Alfaya)


    أخي الأستاذ عبد النعم عجب الفيا
    تحية و تقدير
    وللمتداخلين التحايا
    كنت قد حرصت أن أشاركك و الآخرين في هذا الحوار راجياً أن الإختلاف لا يفسد للود قضية، خاصة لو كان هذا الحوار مع من كان في مَثلكم عندنا من المكنة المعرفية و الأخلاقية..و حرصاً مني على إستمرار الحوار على هذا النهج الهادئ حول هذا الأمر المهم من التنازع السوداني، إخترت ألا تكون مداخلاتي سجالية أو تتحول إلى(غلاط) مع إختلاف طرحها مما فهمته من طرحكم.. و لقد وعدتني في أكثر من رد عليّ، مسبوقٍ بأريحي ترحيبكم ،المقدر عندنا، بأن تناقش هذه أو تلك من الأفكار و التساؤلات..فلمّا لم تفعل، وهو ما لاحظه الملاحظ، عذرتك بالمشاغل العامة مما يلم بالناس، و بالخاصة في كونك صاحب هذا البوست وما يقتضيه هذا من التداخل مع الجميع والترحيب، على ضيق الوقت، و ما حسبتك عاجزاً عن الرد عليّ .. حاشاك.!!
    ثم في المداخلة التي عنونتها (حمداً لله على السلامة يا هاشم الحسن) قلت لي:
    Quote: (غيابك كان له اثر سلبي علي مجري النقاش
    حتي كاد النقاش ان يتحول الي غلاط بيني وبين اخي اسامة الخواض
    الذي استنجد بمداخلاتك الثاقبة،)
    فشجعني ذلك على تكبد الوقت و الجهد راجياً أن يبقى أسامة محاوراً و متسائلاً و مجيباً ومقعداً للمفاهيم، و لا زلت أرجو ذلك، فنستفيد إيجاباً.
    ثم قلت:
    (
    Quote: ولكن من مداخلتك الاخيرة لاح لي ان تحفظاتك علي هذا التوصيف ربما مردها الي كلمة هجين التي ركز عليها عبدالله ابراهيم حتي صارت مرادف للافروعربي،فبدا لك ان هذا التوصيف يعني حصرا هجين ولا شي غيره وبالتالي لا مجال للعربي الصرف ان يجد له بكان بين هذا هجين،كما ليس للزنجي ان يجد هو الاخر بكان ،
    اذا كان ذلك كذلك ،فاظن ان هذا عسف لا مبرر له.فهذا التاويل لم يقل به احد غير عبدالله ابراهيم،فالحديث عن امة وليس عن قبيلة،وبالتالي فهو حديث عام والعام لا يلغي الخاص هذا من البديهيات في المنطق،
    فهل لي قبل ان استرسل اكثر حول موضوع الهجنة ان اسمع رايك حول صحة هذا الاستنتاج؟)
    و لأن ملاحظاتي لا تتعلق بمعنى كلمة الهجين و لا ببكان العربي الصرف أو الزنجي الصرف بين هذا هجين..بل، و لكن، بالهجنة كمصطلح في إستخدامكم له، و بالإستخدام الأيدلوجي للهجنة في أطروحة الأفروعربية كما شرّحها د. عبد الله علي إبراهيم و نفيته أنت. أو في غيرها من أطروحات متاحة للمتابع..كما انها، أي ملاحظاتي، تتعلق بمنهج قراءتكم لأطروحة د. عبد الله في ( تحالف الهاربين) التي تسمح لكم بأخذ إستشهاداته من كلام الآخرين كأقوال له موثقة...
    إستعنت بثقتي فيكم، و تغاضيت عن حقيقة كوني قد فصلت هذا الرأي قبلاً في أكثر من مداخلة طويلة و قصيرة تناولت فيها الأيدلوجي و الثقافي مما يتعلق بنقاشنا هذا..وفي كل حال، متفادياً السجالية. ثم (كتلت قلبي) عن تجانفكم الرد علينا و لو مجملاً رغم توسعكم في الرد على آخرين،ربما الكلمة بالكلمة، تخالفاً او توافقاً، و(أكلتها على اللُّبادة) و أسمعتكم رأي حول عدم صحة إستنتاجكم أعلاه في مداخلتي المعنونة على غراركم في العنونّة (في تلجلج المصطلح و قسر القول) و التي جاء فيها:
    Quote: (نعم يا عزيزي منعم..كما قلت ..و لكن ليس من باب سوء الفهم أو لعسر يعنوه!!
    أختلافي، مع ما تطرحه في هذه الورقة من نقد ناقدي الأفروعربية، لا توفر أحداً، عبد الله علي إبراهيم أساسا،ً و من أثنوا عليه، أو على رؤيته، لتحالف الهاربين عن صحرائهم القاسية ،، ثم عن غابة أحلامهم في تجليّات حقها الحق، و ليس لما كانت في وهم إستيهامهم لبدائيتها..هروباً صريحاً، عنهما جميعاً ، وعن أنفسهم الأولى....!! هو إختلاف جسيم، يتجاوز مجرد سوء الفهم لمصطلح(الهجنة) إلي ما هو أعمق من ذلك و غائر في جروح منهج مقاربتكم لها في صدد نقدكم لـ ع ع إبراهيم .
    و قد حاولت بسط ذلك الإختلاف فيما سبق من مداخلاتي، عن إلتحاق تصوركم بالأيدلوجيا إلتحاقاً عضوياً، في كل ملابسات نشأتها حلماً، و سيرورتها (المايوية) و حتى صيرورتها إلى مجرد زانة للقافزين إلى نفي العروبة عن السودان جملة و تفصيلاً).
    ثم زدت فيما سقته عن الأزرق (الهجين العرق) الذي ثقفته العربية حين تحالفت مع نسيبها في العرق حتى غلبت عليه غلباً لا مغالب له و غلبت على ما فيه من دم أفريقي لم تسنده ثقافة صاعدة كما كانت العربية حين بدأ كل ذلك. ثم تواصلت تفاعلاته متصاعدة من تلك البداية، في دينامية مستقلة عمّا جرى به حكم الجدل في الزمكان الآخر مما نعرفه الآن بالسودان)
    ثم قلت قولاً في الإستقوال، لم (أهرف) به فرداً، بل و ساقه السائقون و السائقات. ضربت عليه الأمثلة مما فهمته من قراءتي لورقتكم، لم ألجأ للتنصيص خوف الوقوع في الإبتسار و مَثل (ولا تقربوا الصلاة ...) فتركت للقارئ قراءته، لو شاء، من نفس مصدري، و الذي هو ورقتكم من أول هذا البوست ومداخلاتكم التي تلت ثم ورقة د. عبد الله علي إبراهيم في تحالف الهاربين..
    (أما أخطر ما في هذا النقد الذي قدمه منعم لورقة تحالف الهاربين و أشده أذىً لرقائق العلمية، فهو في ما سماه (فيصل محمد صالح)، في حوارات سبقت مع منعم و تتعلق بنفس الموضوع، سمّاه ب(الإستقوال)، و الذي هو تقويل المرء ما لم يقل. و مصكوكة الإستقوال، بداهة، ليست إشارة الي ما يمكن للقارئ أن يخرج به من تفكيك الخطاب المقروء، أو تحليل بنياته و الكشف عن دواله و إنطاق سواكته و إعلان مضمره. بل هي إشارة إلى قسر القول على معنى لا يحتمله مما هو إبتسار و سوء تأويل على أضعف الفروض، و هذا لا نجوزّه في حق الفيا.. أو هو تعسف مقصود لذاته أو لأجل خدمة فكرة أو رأي يراه القارئ المؤدلج.... و كذلك، ربما جنت لغة د. ع ع إبراهيم الأدبية الرفيعة عليه..فالبلاغة أيضاً حمالة أوجه.. فأتاحت لمنعم ما لم تتحه لنا من أوجه الإستعارة و المجاز، فزعمنا {إنو كلام الراجل واضح و عديل ما فيه عوج و لا دسدّسة} (يمكن لمن يريد، متابعة حوار فيصل/محمد جلال/منعم في الوصلة التي أتاحها عادل عبد العاطي في مداخلته من هذا البوست)!!..المهم هو أن ورقة منعم في نقد تحالف الهاربين، تقوِّل الأخيرة و معها ع ع إبراهيم ما لم تقل و ما لم يقل...)

    ولأنني مصدق في جدية هذا الحوار و ثرائه مما أكدته منذ مداخلتي الأولى
    Quote: (الأستاذ عجب الفيا لك التحية مستحقة، على جهدك المقدر في التثاقف الرفيع، و بما تبذل من رجاحة عقل و معرفة، في هذة الورقة وفي سوح المنبر .)
    والتي حددت فيها موقفي من قراءة د. عبد الله لتحالف الهاربين و غيره من وقائع الحال السوداني ، متيحاً لنفسي حق الإختلاف معه حيثما يكون إختلاف. و لكن بالتأكيد ليس على ما جاء به من نقد الأفروعربية و كشفه عن خطة آيدلوجيتها، الذي هو مربط الفرس من هذا البوست..فهو عندنا من القول السديد، مع تحفظنا على حدّة لفظه في حق الكبار عندنا و(عنده أيضاً بالمناسبة) مما هو في اول مداخلة لنا، فأثنى عليه منعم مخجلاً تواضعنا .قلنا:
    Quote: (الذي حدث هو، ان د.عبد الله، وبفضلك يا العجب !!أصبح عندي الناطق الرسمي بكثير من القول الرشيد( حتى لا نقول كله) من سيرة و مبحث ومآل التثاقف الأفقي و الرأسي في السودان ، وها أضحت مصائب قوم في ( خطابهم) فوائد لآخرين ، بمن يكشف عن الشيء كما هو عليه..( قديماً قال إبن الهيثم، العالم في البصر : ( العلم هو معرفة الشيئ على ما هو عليه) لا كما نتمناه و لا كما يفرض علينا..)
    ...فقد واظبت لاحقاً على المتابعة والإستمتاع بالروائع من إجتهادات المتداخلين، كما عبرت عنه دائماً..لأنني مصدق، فقد رأيت كما غيري رأى، أن يكون د.عبدالله حاضراً يقول ولا يُستَقوّل..فألصقت ما توفر عندنا من (كلاماته) و كنت أود لو أضيف (كسّار قلم مكميك) لولا إنكسار الكمبيوتر امام جائحة الفيروس و ضياع الورقة من محفوظاتنا...الله ستر، فلربما غضبتم بأكثر من هذا الذي في تلبيسنا مثل الذي هو ( ملكي أكثر من الملك) مع كوننا من قوم (جمهوريين) لو خيِّرُوا في دولتهم ، و نؤمن بالحوار (الديمقراطي) لو أبيح لنا..
    يقول الأستاذ عبد المنعم:
    Quote: اخي هاشم الحسن
    يبدو انه قد انطبق عليك المثل :ملكي اكثر من الملك !

    فنعم وبلى يا عزيزي طالما الملك (الذي في المثل) لا يزال عندنا كاسٍ متجلببٌ بعلم وثيق و منطق مقنع و رؤية نافذة بماهو أعمق من المنطق الصوري في التحليل، أو إستنباطات المحلل النفسي المتعجل، في التدليل. و لكن أتراه الملك، رسمني فارساً لمائدته المستديرة، وقد هجرها منذ اربعين عاماً، أو هو مدحني كما مُدِحتم بفرمان ماكن:
    Quote: (إنني كما تعلم صائم منذ أربعين عاما عن الخوض في مسائل الهوية وما يتعلق بالغابة والصحراء.ولكنك تطرح هذا الموضوع بفرادة واقتدار ولا تحتاج مني للنصرة أو المدد فرب رجل كألف ورب ألف كأف)

    نحن مكرّسون للهجاء..فلا تثريب..كما إن ملكنا يحاورك/نا مباشرة ويومياً من عموده اليومي بالصحافة و من سودانايل، تعرف ذلك و أعرفه و يعرفه الأستاذ كمال عباس.. فساهمنا جميعاً في تحديث الصفحة الثرة من حوارنا هذا.. للإثراء فيما يستحق طولة النفس...!!
    وبعد ذاك..قلتم
    Quote: فبالرغم من اقرار دكتور عبد الله وعدم اعتراضه علي قراءتنا له
    بل وتاكيده علي كل اطروحاته في عموده اليومي الذي ينشره بجريدة الصحافة هذه الايام ،واتخاذه منحي اكثر مباشرة وجسارة في التوسع في هذه الاطروحات،الا انك تصر علي اننا لم نفهمه الفهم الصحيح وان قراءتنا له غير صحيحة واسقاطية وتعتمد علي الاستقوال!
    ثم سألتم
    Quote: فعن اي استقول تتحدث اخي الكريم ؟

    عن مثل هذا يا عزيزي منعم..ألا تشير إلى مقالة (التوسع في العروبة) التي ألصقتموها هنا..كيف يكون إقراراً و عدم إعتراض قول د. عبد الله
    Quote: ( ولا أعرف بياناً ابلغ من قول عجب الفيا أسند به مقولتي عن التوسع في العروبة. فهوليس عربياً بالسجية فحسب بل هو ساهر ليله علي المعاجم يشهدها صدق عروبته التي إزدري بها مروؤس له في موقع من مواقع إقتصاد المغتربين.)

    أو لم تكرسوا كل هذا البوست و آخر، في النعي عليه التوسع في العروبة كمثل تحقيقه شجرة نسب الجعليين الذي اصبح نقيصة فيما قرأنا لكم رغم عدم أستشهادكم بنص صريح في تبنيه لها كابراً عن كابر..ولا هو فعل غير توهيطها في مباحث الفولكلور و الترميز الإجتماعي.. وماذا عن قوله منكراً عليهم، في الأفروعروبيين، إنهم إنشغلوا بإعلاء المكون الأفريقي على حساب المكون العربي خدمة لأجندتهم!!ألم تستقوَّلوا هذا تبخيساً مريعاً لقدر الأفريقي، و إسقاط عن رغبات د. عبدالله الدفينة في الخلوص إلى النقاء العرقي..!! إنه فقط، حسب فهمنا للفظ و للسياق العام والخاص، يدينك من لسانك..بإعترافك الذي هو سيد الأدلة و بادٍ في منازعتك المحقة لحق المستعربيين السودانيين في إدعاء حرف ثامن أو عاشر..فقد إدعت المستعربة غيرهم سبعة الأحرف الأولى!! و ما يعني الأفروعربية من هذا؟؟.إلا لو كنت تتفق مع ما سقناه من شبهة إتفاقكما بالرغم من عدم إشارتكم ولا مناقشتكم لما أشرنا له بهذا التالي ..
    Quote: (و يشرح، أي منعم:
    Quote: {عندما تقول مثلا :العلاقات الافروعربية ،فانت تقصد العلاقات بين الدول العربية من ناحية والدول الافريقية من ناحية ثانية لكنك لا تتحدث عن دول افروعربية بالضرورة .
    ولكن عندما تقول ان السودان بلد افروعربي،فان اول ما يتبادر الي ذهن السامع انك تقصد ان السودان يجمع بين الانتماءين العربي والافريقي ،ولكنه لا يفهم انك تقصد ان سكانه كلهم هجين لا مكان بينهم للعربي الصريح او الافربقي الصريح ،
    لذلك قلنا في الورقة ان الافروعربية لا تعني الغاء للخصوصية القبلية والاثنية والثقافية،}...
    فقلنا
    إذن يا منعم انت تقول ما قاله ع ع إبراهيم، بيد إنك تسلم 99% من أوراق اللعبة لمحدد خارج عن رؤية السكان لأنفسهم و عنها، هو الجغرافيا التي لم تكن معدودة في العدد قبلاً ، كما، و تلعب (بجوكر) العِرق مما يشي به التكرار الحاد لكلمة(الصريح)..مما أنكره حتى صلاح احمد إبراهيم القال ( نحن عرب العرب) ثم عاد وتساءل عمّن هو الصريح منا في ابيات لا أذكرها فأفيدونا....
    (أنا لا أفهم قولة صلاح في عرب العرب كما جاء في بعض المداخلات هنا، بل بغير قليل من الإختلاف مما ساعود إليه و قول المجذوب في الطرب الغشوم..)
    ولكن هل تتركونا نعود لمثل ذلك؟؟ بل تقول
    Quote: ها هي ورقة دكتور عبد الله نشرناها امامكم وها هي قراءتنا لها ،:

    و ها نحن نقرأ الإثنتين، و لا نسلم بقراءتكم لها تسليماً كاملاً فلا ترضون عنا و لا عنه.. ثم تصرِّون
    Quote: وها هي مقالات دكتور عبد الله التي لم يجف مدادها بعد توكد ما قلناه : بل ويذهب فيها اكثر مما ذهب اليه في تحالف الهاربين .
    ولكنها في الأغلب يا أستاذي مقالات يعاد نشرها عن قصد واضح في تتابعها و تعلقها بالحوار ( في المنبر الآن ثلاثة محاور، أو أكثر عن عبد الله علي إبراهيم أو تناقشه) ، وأجزم إنها على تعلق بهذا الحوار، لأنها تحاوره بالأسم أو الإشارة..ثم لا تزن الواحد من الناس بأفٍ..ناهيك عن الألف!!
    و تقولون
    Quote: فارجو يا اخي ان تضع يديك علي اي معلومة او واقعة نسبناها للدكتور استقوالا ،حتي لا ياتي الكلام
    مطلوقا علي عواهنه.:
    تلك السابقة، واحدة يا أخي.. و أخرى آتيك بها أخيراً، و بينهما كثر..أشرنا لها في إستفاضة مما سبق، و ننصص الآن مثالاً منها يستغرق حيزاً جسيماً من ورقتكم و هنا..و ليكن، حتى لا (ينطلق) الكلام:

    Quote: (مغالطة الواقع والتاريخ

    ولعل القارئ يتساءل عن الأسباب والمبررات التي حدت بالدكتور عبد الله إلى نفي المكون الأفريقي ، الثقافي والعرقي عن سكان شمال السودان . يعتقد د0 عبد الله أن القول بأن سكان السودان الشمالي هجين عربي أفريقي هو قول خاطئ يستند إلى فكرة خاطئة روج لها المؤرخون والباحثون الأجانب الذين كتبوا عن تاريخ السودان ثم تبعهم في ترديد هذه الفكرة الخاطئة المؤرخون والباحثون السودانيون . يقول : " … تقف دعوة الآفروعربية بيلوجيا على ما روجه المؤرخون والأثنوغرافون خلال هذا القرن من أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي . " (19 ) فهارولد ماكمايكل ، يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربي " ويقول أن بقية المؤرخين تبعوا ماكمايكل في دعوته هذه وذكر منهم من الأجانب ج. ترمنغهام ووليام آدمز ومن السودانيين يوسف فضل وحامد حريز وحيدر إبراهيم .

    ولكن ما وجهة اعتراض الدكتور على أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي ؟ في الواقع أنه لا يجد أي حجة موضوعية لمناهضة هذه الحقيقة التاريخية سوى اللجوء لنظرية المؤامرة وافتراض سوء النية المبيت لهؤلاء العلماء والباحثين الذين قالوا بأفروعربية شمال السودان .
    يقول : " وقد صدرت هذه النظرية ، نظرية الهجنة العربية الأفريقية في سياق نقد أولئك المؤرخين والأثنوغرافين لمزاعم النسابة السودانيين من أهل الشمال في إلحاق أهلهم بنسب عربي صريح . وقد ساءهم إسقاط النسابة لاختلاط الدماء العربية والأفريقية في من عدوهم عربا أقحاحا . " (20)

    لاحظ أنه يقول : " وقد ساءهم أي ساء هؤلاء المؤرخين الذين قالوا بأن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي ، ساءهم أن يلحق أهل الشمال نسبهم بنسب عربي صريح . فكأنما دافع هؤلاء المؤرخين ليس بالبحث عن الحقيقة التاريخية بوازع من الأمانة العلمية وإنما دافعهم هو الغرض والهوى بقصد النكاية في السودانيين الذين يعدون أنفسهم عربا أقحاحا ولا أدرى أية إساءة يمكن أن تلحق بهؤلاء المؤرخين إذا ثبت لهم أن سكان شمال السودان عرب أقحاح . ولكن د0 عبد الله هنا يمارس نوعا من الإسقاط الشخصي في اتهامه لهؤلاء المؤرخين .
    فقد سبق له أن أصدر بحثا في تحقيق شجرة نسب الجعليين بعنوان : " الحصن المنيع البأس في اتصال إبراهيم جعل بأصله العباس " انتهى فيه إلى صحة نسب الجعليين إلي العباس العدناني العربي . والحقيقة أن د0 عبد الله هو الذي ساءه أن يلحق هؤلاء المؤرخين نسب الجعليين الذين يعدهم عربا أقحاحا بالعرق الزنجي الأفريقي . ولكن مهما يكن من أمر فإن الحقيقة التي انتهى إليها الباحثون بأن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي لا تنفى أن بعض القبائل تنحدر من نسب عربي صريح كالجعليين مثلا ، فالحديث هنا ليس عن قبيلة بعينها وإنما عن أمة ، عن الخصائص المشتركة لهذه الأمة .

    لكن د0 عبد الله يأبى إلا أن يواصل تشكيكه في نوايا المؤرخين والطعن في أمانتهم العلمية بدعوى أنهم أرادوا الحط من قدر السودانيين عندما الحقوهم بالنسبة الأفريقية . " … أن دعوى الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل وتجلياتها الثقافية عند ترمنغهام تنطوى على فرضية انحطاط " (21)

    ولكنه لا يأتي بالأقوال المباشرة الدالة على فرضية الانحطاط هذه وإنما يستنتجها استنتاجا من كتابات هؤلاء المؤرخين . يقول : " فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحى بأن الدم العربي أرفع من الدم الزنجي " وجاء عند ترمنغهام " أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية " وأن ترمنغهام " رد عصبية البقارة التي ناصروا بها المهدية إلى غلبة الدم الأفريقي . " (22) لاحظ أنه قال " فقد جاء عند ماكمايكل كما يوحى . " أي أن ماكمايكل لم يقل أن الدم العربي أرفع من الدم الأفريقي ، وإنما أوحى إلى الدكتور عبد الله بذلك إيحاء . لكن من أين جاء هذا الإيحاء ؟ هذا ما لم يذكره . أما إشارة ترمنغهام إلى أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية ، فلا أدرى كيف تنطوي على فريضة انحطاط الدم الأفريقي ؟ وما علاقة الوثنية بانحطاط الدم أو سموه ؟ فالوثنية مرحلة من تطور الوعي البشري مرت بها كل الشعوب ، حتى العرب لما جاء الإسلام وجدهم قوم وثنيـون .

    وأخشى أن تكون تهمة الدكتور لهؤلاء المؤرخين بالقول بانحطاط الدم الأفريقي ، ما هي إلا اسقاطات لآراءه الشخصية وقد حاول صياغتها بطرق ملتوية بالالتفاف حول آراء المؤرخين والطعن في نواياهم والتشكيك فيها حتى تبدو هذه الاسقاطات للقارئ وكأنها هي آراءهم وليتهرب هو من المسئولية . وحتى لا نطلق الكلام على عواهنه كما يقولون ، لابد من الإشارة إلى أن مسوغ هذه الاسقاطات تعود إلى مواقف سابقة كان قد اتخذها الدكتور من قضية الهوية السودانية . فقد أسس هو ونفر من أصدقائه في نهاية الستينات ( 1968 ) جماعة أدبية أطلق عليها ( أبادماك ) ، وقيل أن هذا الاسم من اختيار د0 عبد الله نفسه . (23) وكما هو معروف أن أبادماك هو الإله الأسد ، إله الحرب والصحراء ، في الحضارة المروية النوبية القديمة . وتحررت تحت عبادته مروى من سلطة الفراعنة المصريين وتخلت عن الكتابة بالهيروغلوفية إلى الكتابة باللغة المروية . وكأنما أراد الدكتور أن يتبرأ من موقفه السابق من الهوية السودانية من خلال إدانة هؤلاء المؤرخين الذين قالوا : " أن الخليط من النوبة القارة والعرب هجين عرب أفريقي " فقد بدأ له قول ترمنغهام بامتزاج الثقافة العربية بالثقافة الأفريقية الوثنية ، كأنه محاولة لاتهام الإسلام بالوثنية للحط من قدره .

    أما قول الدكتور أن ترمنغهام " قد رد عصبية البقارة التي ناصروا بها الثورة المهدية إلى غلبة الدم الزنجي فيهم " لا أفهم كيف يمكن أن ينطوي على فريضة انحطاط فهل الحمية القتالية التي ناصر بها البقارة المهدي لا تحتمل سوى تفسير واحد سوى غلبة الدم الزنجي ولنفترض أن السبب المباشر لهذه الحمية هو غلبة الدم الأفريقي فيهم ، هل سيكون في هذه الحالة النسبة للدم الزنجي أعلاه من قدره أم للحط من قدره ؟ وهل فعلا أن البقارة يغلب عليهم الدم الزنجي مقارنة ببقية القبائل العربية الأخرى في السودان ؟ مرة أخرى أخشى أن يكون الأمر إسقاط آخر يكشف عن موقف عدائي للدكتور من الثورة المهدية حاول أن يعبر عنه بالالتفاف حول رأي ترمنغهام من خلال الحط من قدر الدم الزنجي الذي ناصر الثورة المهدية . ولنفترض جدلا أن ماكمايكل وترمنغهام وكل الذين كتبوا عن تاريخ السودان قد قصدوا الإساءة إلى السودانيين والحط من قدرهم عندما قالوا أن دماءهم العربية قد اختلطت بالدماء الزنجية . فهل يعد ذلك مبررا كافيا للسودانيين للتنكر لأصولهم الأفريقية والتنصل من انتمائهم لافريقيا؟!)
    كل الأحكام التي زعمتها القراءة أعلاه في قراءة د.عبد الله لمقولات الإستعماريين، هي محض مقاربة للنوايا، و قسريات في اللغة، و إسقاطات لأحكام مسبقة عندكم هي في حكم الغبينة عندنا، لا تجد سنداً لها في ورقة تحالف الهاربين إلا كشفها عن وهم الأفروعربية. ولا تجد لها نصيراً في ما توفرنا عليه من كتابات د. عبد الله التي لا يمكن حتى مع أسوأ الظن بها، أن نجردها عن الأكاديمية و العلمية و عن خبرات الدكتور الشهيرة في أمر الأيدلوجيا و عن سيرورات الصراع السياسي في السودان.. ولا أعتقد أنه يمكننا أبداً، في حكم العدل العاقل، أن نعزوها فقط لإيغاله في ( نظرية المؤامرة) أو (لعقدة الذنب) التي تلبسته جراء أيامه في (معبد ابادماك الوثني) كما تشير المقاطع عاليه التي هي، على مركزيتها في ورقتكم، لو إستثنينا منها الإنشاء، لا تفيد بخبر متحقق منه، دع عنك خبر (جهيزة) الذي يقطع قول كل خطيب...ثم لا يسندها منطق في الإستدلال غير (منطقها الداخلي) الذي حق له كل ما يريده من (تماسك) حتى يمكنه مثل هذا الإستقوال الواغل في السيكلوجيا و دفائن النفوس...
    و قد أذهلني عدم إكتراثكم بما أوضحه الأستاذ أيمن بشرى من ورود كلمة CONTAMINATED في نصوص مكميكل السودانية..و هو الذي يبدو انه مطلع عليها و غيرها إذ غالط ما أورده د. عبد الله عن بعضهم.. ثم لم تلتفتوا إلى أوراق موازية ألصقناها هنا، من قول د. عبد الله في دحض هذة المصادر الإستعمارية، لا يلتبس فيها القول بكلمات مثل (ما يوحي) ذات الدلائل!!
    ثم تقولون
    Quote: الحقيقة ان الاستقوال هو الاستراتيجية التي يتبعها الدكتور في نفيه للواقع الافريقي السوداني من خلال نقده لكل من يتحدث عن هذا الواقع .
    ونسأل، أما ترى للواقع السوداني الآن أصبح محض ( افريقي صريح) عندكم، بعد ان كان أفروعروبياً هجيناً. وهو الإضطراب الذي ناقشناه سابقاً فما أجدى فتيلا نقاشنا له. ثم يبقى التأكيد على أنني لا أعرف كيف مجرد نقد المتحدثين بهذا الواقع الأحادي ، يكون إستقوالاً؟؟.
    و تقولون:
    Quote: - ان اتهامه للافروعروبين بانهم انما يرددون مقولات المستشرقين من امثال مكمايكل وترمنجهام ،استقوال.

    و نظن أنها قراءة أشد شكيمة من هكذا توصيف و منضبطة باكاديمية عالية تؤاتيها في تحليل و تناول السياقات التاريخية / الثقافية / المعرفية / المنهجية. و في تحديد الدوال و المدلولات، و تفكيك الإستعارات و التمظهرات..
    ثم، ماذا في قراءة المستشرقين ( ذات البراءة الأكاديمية و الطهرانية) حتى تنكرها في محفوظات الأفروعروبيين، و حبر دفاعك عنها لم يجف بعد!!!؟؟
    Quote: - زعمه بان الافروعوربين يريدون استنساخ هجين عربي افريقي من كل قوميات السودان استقوال .

    و البوتقة التي دافعت عنها يا منعم...كيف تعمل ؟؟؟ بل إن قوله بالأستنساخ في خطة الأفروعروبيين تخفيف من صهدها..
    Quote: - قوله ان ناس الغابة و والصحراء اساؤا للافريقي.. و زعمه بانهم صوروا الجنوبي في صورة بدائي نبيل استقوال:
    و هل رؤية الأفريقي (كبدائي نبيل) و راقص أزلي أو كما في هذا الشعر العالي من الزنزباريات
    (وحيث تستفيق
    تحت غلائل السحب ـ المعبأة بأنعم الرحيق ـ
    أفريقيا الأولى
    ..أيتها العواميد من النعومة السمراء
    أيتها القباب المصلتان للريح و للأنواء
    ..)
    أو هل بعد هذا التشهير الشهير لوم على مستقوِّل
    (و ليتني في الزنوج و لي رباب تميل به خطاي و تستقيم
    و في حقوي من خرز حزام و في صدغي من ودع نظيم
    وإجترع المريسة في الحواني و أهذر ، لا ألام ولا ألوم)
    لا لوم و لا من يلوم..أو ليسوا البدائيين حيث لم تتطور بعد أي منظومة في القيم وفق القائمين على عبء الرجل الأبيض في أدغال إفريقيا!!!

    Quote: اتهامه بانهم يهدفون الي خلع انتمائهم العربي الاسلامي استقوال..


    و ماذا عن الإنطلاق عن قيد قريش و أحساب تميم..هو الخلع ، إلا إذا غيبنا سيرة (الصعاليك عروة و صحبه).. و لا أظنها غابت عن المجذوب..الذي يقول ايضاً، و بعد عودة مؤجلة مثل تلك التي عادها عبد الحي..
    (و سلام عليكم عدت للعرب كارها ولي وطن فيهم ذبيح مقسم)
    و هنا بيت القصيد.الوطن المذبيح المقسم. حاولته الأفروعربية في توفيقياتها و أحلامها فما تفتقت إلا عن تلفيق ليس بمثله ينبسط (الملَوْلَوْ) إلا إذا صهر في (البوتقة) . لا معنى للأفروعربية و لا هي في عير الهويات و لا نفيرها، بدون هذا الذي سماه د.عبد الله بالإعلاء القصدي، إعلائها من شأن المكون الأفريقي على حساب المكون العربي في الدراسات المتينة و المقالات التي قفت..أما الذي ما تراه من لا أيدلوجيتها و كونها مجرد توصيف، فقد إنصرفنا لدحضه زمانا. حتى لاح لنا أنه مجرد توصيفك الخاص لا يتعدى الجمع التركيبي للثنائى ( إفريقي + عربي) كما في أفروأسيوية أو يوروأسيوية (ألا يمكن ان نقول عن بحر القلزم أنه البحر الأفروعربي) مما لا ضرر منه على السناري في النيل و البوادي و لا على مساكنه في النيل و البوادي أيضاً، و باقي الوطن السوداني، فكُفيناه!! و بمثل هذا لمَّحنا لتوحد قولكم و قول د. عبد الله في أخراه، لولا ما يسود من إضطراب في طرحكم لمعنى الهجنه وتعريف الأفروعربية والهوية ..وماأكثرت فيه من الإستقوال و الغبن الشديد على حلم لم يطول إلا بما يكفي (للجهجهة) بمساعدة من عوامل أخرى...
    ثم سالتم:
    Quote: اخيرا هل تسمح لي اخي هاشم ان اوجه اليك سؤالا ،والغرض من السؤال الخروج بنتيجة من هذا الحوار،
    والسؤال هو: كيف تري انت واقع الحال الثقافي والاثني في السودان ؟
    فلما إستعجلت لكم إجابة، وأقررت في إستعجالي ذاك، لكم بالأستاذية ووجوب التوقير فلا أترككم دون واحدة مما يسمح به الوقت و( خُلعة) الدعوة للسجال، وهي ايضاً تخرجني عن حرج الإتهام بالتجاهل..و تتضمن في صلبها وعداً قاطعاً بالعودة و تصور في ما اراه حلاً
    قلتُ:
    Quote: حباً و كرامة يا عزيزي عجب الفيا..
    و الإجابة..
    أراه:
    متعدداً..
    كان بعضه
    يسعى في (صهر) البعض الآخر
    و تذويبه...!!
    الآن بعضه
    يسعى في (هدم) الآخر!!
    و نفيه عن الوجود..!!
    الأجدى، في نظري، هو أن يقرّ الكل للكل بالحق الكلي في الوجود و الإنتماء،،، كما يشتهون.
    كيف؟؟ هذا هو الحوار الذي ما برحنا نراوح فيه مبدأ (معرفة الشئ كما هو عليه فقط)..
    و سأعود.. بي مهلة.. بعد فراغي من قراءة ورقة د.الباقر العفيف التي هدانا لها مشكوراً الأستاذ الخاتم عدلان، له التحية.
    و الورقة، بدسامتها البحثية فيما قرأته منها حتى الآن، مما سيثري هذا الحوار و يفتح للفكرة (منتزهاً) أرحب..
    و سلمت يا منعم
    إقتطعت أنت (كما تشتهون) من بعد الشولات، و غيبتم وعدي بالعودة الماهلة و رغبتي في الرحابة، حتى يكون لكم متكأ في السخرية مما ترونه (فشلاً في الوفاء بمتطلبات الأمتحان) و لو أنصفتم لرأيتم أن قولي ليس إلا فهمي ل، و تنويع على، لغة د. عبدالله التي( لايطاق ثرائها البلاغي) فيما جاء من قوله في آخر مقالته عن أفضل الطرق عنده..وعندي..
    Quote: إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا . فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق .

    و لكنكم قوم تستعجلون النصر!!
    إن إقتطاعك من إجابتي، التي هي أكثر حسماً و اشد و ضوحاً في ظني من إجابات لك سلفت من هذا البوست في هذا الخصوص، و تغييب المعنى بذلك الشكل، هو المثل الآخر وليس الأخير على نشاط آلية الإستقوال عندكم لا تفتر!!
    هذة المرة الإستقوال بالتغييب، فينفسح المجال لمعنى مغاير..!!
    ثم لما رأيتني يا عزيزي، لا إكترث بذلك من وقته، و إنصرف إلى مداخلة كنت أعدها في الحوار و ليس (الرد) على مداخلات للأخوين أيمن و أنور..إستنجدتم بآلية أخرى في إستقوالي، قديمة، ألا و هي نفيي عن الفهم الصحيح و نسبتي في سوء الفهم و من ثم القيام (بعبء الأستاذية) و إهدائي فهماً تظنه مصححاً، لم أطلبه، و إلا لإكتفيت من هذا البوست بالإشادة..هذا الفهم الذي تتبرع به عني غير صحيح ، و إجابتي على سؤال الأستاذ بكري الجاك الذي عاضدتموه عليه، و على (إستيضاحك) اللاحق، ليست بهذه!!!!

    Quote: وقد سالنا هاشم مزيد من الايضاح الا انه لم يفعل او ربما لم يتاح له الوقت ذلك .

    ولكن ما فهمته من كلامك اخي هاشم ان البعضين هما البعض العربي والبعض الافريقي،
    البعض العربي كان يسعي لصهر وتذويب البعض الافريقي ،
    اما الان البعض الافريقي يسعي لهدم ونفي العربي عن الوجود،
    ومن هنا جاءت منافحة هاشم ودكتور عبدالله عن هذا الواقع العربي وتثبيته،

    وقبل الخوض في تفاصيل ، من الذي يسعي الي نفي او تذويب الاخر ،
    فطالما ان الواقع الثقافي والاثني مكون من بعضين ،هما عربي واخر افريقي، فما هو وجه الاعتراض اخي هاشم علي توصيف هذا الواقع بانه افروعربي ؟؟؟!!

    حسب ظني ومن خلال ردك علي ايمن وانور اعلاه ، ان سبب رفضك وصف هذا الواقع الثقافي والاثني السوداني بانه افروعربي رغم اقرارك بانه مكون من عنصرين عربي وافريقي،هو الافتراض الذي انطلق منه دكتور عبدالله بان الافروعربية تنظر الي اهل السودان بانهم كلهم هجين ولانه يري انه عربي حقيقة كما عبر في حواره مع السؤال فانه يرفض وصفه بالهجين ،
    فمع تقديري لتفهمكم عامل الوقت في هذه المرة، إلا أنني لا أتبنى إستقوالكم لعبد الله ما لم يقل،
    بل أشير للمصهر الافروعروبي و آليات البوتقة التي ناقشها هنا كثر و بينوا كيفيات عملها في التذويب و الإستنساخ و الأستيعاب و (الصهينة)..لم ارك تنكرها عن طرحكم..و إلا فما آلياتكم؟؟
    و أشير إلى أيدلوجيات النفي التي تتجلى في الإنكار و الإنفصال و الإحتراب و(الجهجهة)..الأخيرة من تخصص الأفروعربية (الأيدلوجيا) التي طُبِعت كتحالف هاربين، و ليست طبعتكم منها..
    أما (الأجدى) عندي فهو في قول د.عبد الله عاليه..و هو كما كل ما قرأنا له..لا نجد فيه من سيرة الأعراق إلا إستقوالاً ، أو تأتونا ببرهان وثيق من نصوصه، ولتكن تلك التي في تحقيق شجرة نسب الجعليين..!!
    و أقر ألا و جه لإعتراضي على التالي ،إلا قليلاً ليس هذا وقته
    Quote: فطالما ان الواقع الثقافي والاثني مكون من بعضين ،هما عربي واخر افريقي، فما هو وجه الاعتراض اخي هاشم علي توصيف هذا الواقع بانه افروعربي ؟؟؟!!
    و لكنني أتساءل ما هو وجه إعتراضكم أنتم يا سيدي، على نقد عبد الله علي إبراهيم لأفروعربية لا تتبنونها، بهكذا توصيف لا يقدم أي جديد في معرفة أن السودان قطر يسكنه عرب و أفارقة كما البحر الأحمر تتشاركه أفريقيا و اسيا فهو أفرواسيوي..و لكن د. عبد الله يزيد في (كشف النومة) و بيان الفساد في التصور و الخطة، و كما مثقف (عضوي) لا يتهيب أن يطرح بديلاً في التعايش هو ( أن يقرّ الكل للكل بالحق الكلي في الوجود والإنتماء،،،،كما يشتهون) أو كما فهمنا!!

    ثم تقول

    Quote: هنالك ملاحظة مهمة جدا وهي في الوقت الذي يركز فيه الافروعروبيون وكل منظري الهوية علي الجانب الثقافي نجد دكتور عبدالله ابراهيم يصر علي التركيز علي الجانب العرقي،ونفي الهجنة العرقية.
    فنقول، إتنا بالدليل، على القولين كليهما..و لا يزال هنا في البوست (حديث الحبوبات)، و لا تزال هناك مباحث الشلوخ و الإنداية في قصارى جهد الأفروعربية من (الجهجهة) رغم أن الشلوخ إستعربت حتى صارت (قرشية) بل وتصوفت..قبل أن تبدأ تتلاشى قليلاً قليلاً..و ما حكاية الإنداية بأقرب لأفريقيا إلا كما قربها من طرفة الذي قال

    وما زال تشـرابـــي الخمـــور ولذتـــي وبيعي وإنفاقـي طريــفــــي ومتلــــدي
    إلــى أن تحـــامتنـــى العشيـــرة كلهـــا وأفردت إفراد الــبــعـيـــر الــمــعــبـــد
    رأيـت بنــي غبـــراء لا ينكـــروننـــي ولا أهل هـذاك الطـــراف الــمــمــــدد
    ولولا ثــلاث هـن مـن عيشــة الفتــــى وجدك لـم أحفل متـــى قــــام عــــودي
    فـمـنهـــن سـبـــق العـــاذلات بشربـــه كميـــت متـــى مـــا تعــل بالمـاء تزبـد
    أو إبن كلثوم، الأعشى، ابونواس و...إلخ
    و هو الذي نزعم قربه في مصادر الناس على النيل و البوادي بأكثر من (البدائي النبيل)..
    و أما هذا
    Quote: فمحمد عبد الحي مثلا من اهم منظري الغابة والصحراء ،من ناحية عرقية لا يوجد دافع يجعله يطالب برد الاعتبار للمكون الافريقي،ولكنه كان ينظر الي الثقافة السودانية ككل كما هي مشكلة علي ارض الواقع - الاغنية السودانية مثلا ،يصلي بلسان ويغني بلسان،ولسان الغناء المقصود به هنا :النغم والايقاع واللونية عموما.
    فأوله من شر البلية ياعزيزي، و يطششش علينا ما عرفنا عن عبد الحي، من رهافة فلا ينتظر العرق (التركي..هذه من بولا) يدفعه في الخير .. و لكنه عاد في أخراه عن الأفروعربية كنهج في مناهج الخير..أو ليس كذلك؟؟
    و كإقتراح لكم أخي منعم...وقد طالما أثنيتم على مثابرتي في إثراء البوست، هناك مداخلتين أو ثلاث في بوست د.النور للترحيب ب د.بولا، تتعلق بهذا الحوار مباشرة و تتصل بدعوتك لبولا للمشاركة(ما كانت دعوة مراكبية ساي) فهل لكم في إضافتها لصقاً لثراء هذا البوست..أنا أرجو أن تفعل حتى إن لم تقنعكم هذه المطولة مني ولا أظنها تفعل، فإنما عند بولا ثراء عظيم..
    وفي ديوان (العودة إلى سنار)، من بعد، إشارة شارحة، تقرأ {{ في القصيدة ربما كانت سنار دفعة من كيان الفنان في شبابه حينما رغب ـ كما جيمس جويس قبله ـ في أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد. و ربما كانت نقشاً على صخر آخر. ((بداءة)) أخرى. إسماً يتجوهر في ((مملكة البراءة)). فهي عين نبصر بها و خلالها. و الأشياء هنا هي كما في السماء. و العودة إليها فقر.}} فهل تراها إستقوال، قراءة د.عبد الله لأفروعربية د.عبد الحي و محل (البداءة) منها..

    أما ما تفضلتم به من الشرح في أصل الغناء الذي بلسان، فلا نقول به في الإستقوال ونضيفه لقراءتنا القادمة للقصيدة، رغم ما تلى ذلك من أبيات جاءت في هذا الترتيب..
    {تائه عاد يغني بلسان،
    ويصلي بلسان
    من بحار نائيات
    لم تنر في صمتها الأخضر أحلام الموانيء.
    كافراً تهت سنيناً و سنيناً
    مستعيراً لي لساناً و عيونا
    باحثاً بين قصور الماء عن ساحرة الماء الغريبة
    مذعناً للريح في جمجمة البحر الرهيبة
    حالماً فيها بارض جعلت للغرباء
    ـ تتلاشى تحت ضوء الشمس كي تولد من نار المساء ـ
    ببنات البحر ضاجعن إله البحر في الرغو...
    (إلى آخر ما يغني الشعراء)
    ثم لما كوكب الرعب اضاء
    إرتميتُ
    و رأيت ما رأيت:
    مطراً اسودَ ينثوه سماءٌ من نُحاس، و غمامٌ أحمرُ
    شجراً ابيضَ ـ تفاحاً و توتاً ـ يثمرُ
    حيث لا أرض و لا سقيا سوى ما رقرق الحاض من رغو الغمامُ.}
    لله در إستشهاد د. عبد الله بها حيثما إستشهد..
    و نحن، في عجلة منا ربما، ظننا بها التناص مع قصيدة و.ب. ييست ( المجيء الثاني) و قد أشار إليه عبد الحي في مصادره ..فقلنا ربما قصد إلى الغناء بالشعر في لغة أخرى غير عربية السنارية حينما كان يتثقف و يتحدث الإنقليزية زماناً تطاول عليه فطال الحنين... وما ذهبنا مذهب (النغم و الإيقاع و اللونية عموماً) هذا الذي في قراءتكم.. و نضيفه في رصيد قراءتنا، و نشكركم يا أستاذي عجب الفيا عليه، فهو على الاقل يخفف على نفَسي الذي أنهكته هذه السجالية..فما أقدر أن ( أوضح مستشهداً) إلا بعد حين، فليعذرني الأخ بكري الجاك...

    ولك شكري وتقديري علي إبتدارك لهذا النقاش.
    و لي عودة..
    و ها هي الوصلات لورقة الدكتور الباقر العفبف فيما قضينا بعض الوقت فيه
    متاهة قوم سود ذوو ثقافة بيضاء /د.الباقر عفيفى عرض متوكل بحر

    ازمة الهوية في شمال السودان وجهة نظر حق، عطبراوي و أ. سعاد ابراهيم و البقية

    و هي على حملها الشديد على ازمة الهوية العربية السودانية (السنارية) معددة لأسبابها و متقصية لتجلياتها، فلا تجنح إلى الإستقوال فيما راينا، وإن عابها ألآ تذكر أثر بروباغاندا الأفروعربية في (جهجهة) هذه الهوية..
    و سلام على الجميع
    حتى عودة قريبة
                  

05-24-2004, 11:37 AM

farda
<afarda
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    *
    الإخوة الأعزاء : عجب الفيا ، هشام الحسن ، بكري الجاك...
    المتداخلون والمتداخلات

    لكم التحية...

    كنتُ قد شاركت في التعليق على ورقة الفيا هذه، بصورة مقتضبة وعامة ، في "تظاهرة" بشاشة (والتي يبدو أنها أصيبت بداء مظاهرات الديمقراطية الثالثة: (الغِـيادة ، ولاّ مجلس الوزرا؟!)... وقد قلت حينها لأستاذ عجب الفيا أن إحجامي عن المشاركة هنا سببه ما أكتنف هذا الحوار من انفلات في بعض الأحيان ( أعني المناوشات الحادة بين الفيا والخواض ، وهي طبعاً بقايا من حوارات سابقة لا علاقة لها بهذا الخيط تحديداً) ...
    عليَّ هنا إذاً أن أشكر الكاتب والباحث المدقق هشام الحسن على جهده الحثيث في أن يبقى هذا الخيط في دائرة البحث الجاد مما يشجعني الآن على أن أنضم اليه. وإذا سمح لي الصديق الأستاذ عجب الفيا ، أرجو أن أطلب منه عدم تحويل مسار الحوار الآن الى رؤى هشام الحسن في موضوع الهوية ، وأن نبقى في تناولك لورقة تحالف الهاربين فهي الموضوع الأساسي للبوست. وارجو أن يواصل هشام إضافاته إن كان مازال لديه المزيد من التعليق على الورقة...(كتبت هذا قبل الإطلاع على مداخلتك الأخيرة يا هشام)

    شجعني أيضاً على التعليق الآن أن الأخ بكري الجاك قد شرع أخيراً في رحلته التي لا فرار منها: من الإيمان والقطع الموقن الى الشك والحيرة ، فالشك هو بداية البحث المبدع الجاد... ورغم أن بكري ما زال يتمحرك ولا يبارح مكانه ، بدلاً من الإذعان للصوت الناقد داخله فإنه يسعدني أنه على الأقل "في حيرة من أمره" وقد بدأ في مساءلة قراءاته العجولة الأولى حول الكتابات والكاتب موضوع النقاش...

    ولا شك أن الكلمة الثاقبة والمثـقوفة التي كتبها عبدالله بولا في تعليقه على القفزة العمياء – لإبن جـيلي بشاشة – فوق حواجزَ لا مفر منها لأمور غاية في الفداحة مثل قراءة النصوص وأصول البحث ، كان لها أثرها في أن يستقيم هذا الحوار الذي انتشر على صفحات عديدة على طول هذا البورد وعرضه. وكنت آمل أن يعمل بشاشة بدعوة بولا له بأن يقرأ "بجدٍ هذه المرة" ولكن أمعن في إساءة القراءة مرة أخرى كما هو واضح في تعليقه اللاحق.... (عذراً، إذ لا مناص من التعليق على تلك المداخلات هنا ، فكل حوارات ومظاهرات الأفروعربية في البورد قد نشأت من ورقة الفيا في هذه الصفحة)
    لا بد أن يلتفت أبناء جيلي – ومنهم بكري وبشاشة – الى مسائل تجويد أسس الحوار وقواعد البحث والقراءة التي اهتم بها أساتذتنا من أمثال عبدالله (بولا وإبراهيم) وجعلوها شرطاً لا بديل عنه إزاء تثـقافهم واختلافهم وتحاورهم... وقد قلنا مبكراً أيضاً لبشاشة ، في باب تقويم قراءته التالفة لما كتب ع.ع.إبراهيم (وما كتبه الفيا أيضاً
    Quote: ) يا عزيزي بشاشة ، كل ما في الأمر هو أنني اقول أنك لم تقرأ ما كتب عبدالله على إبراهيم في مقاله ، أو لم تستعبه على أقل تقدير ، وهذا واضح من الأحكام المجانية التي أطلقتها دون إشارة محددة لمقاله حتى الآن... (شكراً على تأكيد تصحيحي لكمال عباس)...
    النقد الذي وجهه ع.ع. إبراهيم لمدرسة الغابة والصحراء ، في محصلته النهائية والواضحة ، يقول بإنطلاق هذه الحركة الشعرية من نفس مواقع الثقافة العربية الإسلامية في تبنيها للصورة الوهمية التي رسمها الذهن العربي – وأيضاً الإستشراق الغربي – لإفريقيا وللإنسان الإفريقي! تصور؟!
    ولكنه رفض أن يتصور! وقد قلت للأستاذ عجب الفيا في مكان آخر كلاماً شبيهاً بما قاله هشام أعلاه عن الإستقوال:
    Quote: أن مقاربتك لمقال تحالف الهاربين – أو الهاربَين، بالمثنى المذكر – أصابها خللٌ أساسي: سعت الورقة لتفكيك ما تعتبره موقفاً ايدلوجيا مسكوت عنه في تفحصها لكلمة ع.ع.إبراهيم (وتناقضاً في الخطاب على المستوى المصرح به والمسكوت عنه) ولكن ، في ما أرى، أغلب الإقتباسات والتدليلات التي أوردتها عن تلك الكلمة لم تتحمل بجدارة كافية عبء إثبات ما ذهبت اليه. (أعرف أنك قد تحدثت أيضاً في ورقتك المشار اليها عن الإسقاطات ، ولكن هذه منطقة إشكالية(problematic) لن أقاربها الآن)
    وأضفت:
    Quote: أن اللغة البحثية التي استخدمها ع.ع. إبراهيم حافلة بالشروط والإستدراكات والتقوسيات والإقتباسات الحرفية وغير الحرفية ، وقد سعيت أنت لفك تلك المحاذير والإرتباطات لتخلص الى ما تظنه فكاً لشفرة الآيدلوجيا المتعالية المسكوت عنها في الكلمة المشار اليها ، أو مثلما تقول خطة عبدالله ابراهيم، في تمرير خطابه الاسلاموعربي المناهض لاي وجود افريقي... (...) أنَّ ذلك التفكيك هو المشكلة في رأيي...

    أخيراً ، أقول لأخي بكري أن المسألة ليست أن ما كتبه ع.ع. إبراهيم في شأن مدرسة الغابة والصحراء هو عصي على الفهم أو بالغ التعقيد ، فما يميز كتابة عبدالله البحثية هنا هي دقـته في تأسيس مصطلحاته واستخدامه الذكي للإحالات التي يشير بها الى النصوص التي يدرسها ، وتوظيفه لهذه الإقتباسات في توضيحه لما توصل اليه من توصيف لمدرسة الغابة والصحراء ورؤيتها. (وأرجو أن لا تصرف ذلك الى إعجاب أعمى ، أو مبصر حتى! بالكاتب المعني مثلما فعلت من قبل ، فعبدالله (is not exactly a pop star!)
    أتمنى ، مثل هشام الحسن ، أن تضاف المداخلات التي قدمها الأستاذ عبدالله بولا الى هذا الخيط.

    ولكم جميعاً التقدير
                  

05-24-2004, 07:32 PM

Bakry Eljack
<aBakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: farda)

    الاخ الاستاذ حافظ الخير:
    اعجبنى عتابك لى ووصف حالى بالمحركة و عدم مبارحة المكان, فيما يتعلق بشكوكى الحالية التى تجاوزت مرحلة الايمان والوثوقية فى شان قراءتى لحال دكتور عبد الله على ابراهيم,

    تعليق على قولك

    أخيراً ، أقول لأخي بكري أن المسألة ليست أن ما كتبه ع.ع. إبراهيم في شأن مدرسة الغابة والصحراء هو عصي على الفهم أو بالغ التعقيد ، فما يميز كتابة عبدالله البحثية هنا هي دقـته في تأسيس مصطلحاته واستخدامه الذكي للإحالات التي يشير بها الى النصوص التي يدرسها ، وتوظيفه لهذه الإقتباسات في توضيحه لما توصل اليه من توصيف لمدرسة الغابة والصحراء ورؤيتها. (وأرجو أن لا تصرف ذلك الى إعجاب أعمى ، أو مبصر حتى! بالكاتب المعني مثلما فعلت من قبل ، فعبدالله (is not exactly a pop star!)
    أتمنى ، مثل هشام الحسن ، أن تضاف المداخلات التي قدمها الأستاذ عبدالله بولا الى هذا الخيط.


    اخى حافظ اذا رجعت الى اول مداخلة لى فى هذا الخيط سيتبين لك موقفى من القراءة النقدية التى قدمها عجب الفيا لمشروع عبد الله على ابراهيم بل برغم قصرهااي مداخلتى فيها اوضحت راي فى تيار او مدرسة الغابة والصحراء و تبسيطها المخل فى شاننا الهويوي, السبب الذى جعلنى مرابطا فى هذا البوست وداعما ومشجعا للحوار فيه, هو استجلاء اراء اكبر عدد من القراء حول كتابات الدكتور عبد الله على ابراهيم الذى هو دائرة بحثى هذه الايام, والسبب الاخر هو ان الحوار فى هذه الورقة لا مناص ماضى الى تاملات فى شان هويتنا مصدر الاحتراب فى الميادين و الاعتراك الاكاديمى والثقافى الدائر الان بين كل مثقفى السودان, فيما يتعلق بالمغالطات حول معرفية ولا ايدولوجية الافروعروبية و نقائها وطهرها المعرفى فى نظري هو من نافلة القول فى هذه الزاوية ولا اري من مبرر لاضاعة جهد فى اثباته من عدمه فلا يةجد فكر يخلو من الايدولوجيا, اما فى قراءتى لورقة الدكتور عبد الله تحالف الهاربين الورقة موضع الدراسة فهى تبين عن نفسها فى قول الدكتور فى قوله الخير الذى يبدا بافضل الطرق عندي ولا ارغب فى اغتباسه لكثرة تعرضه للاغتباس استشهادا.

    مبحث عجب الفيا و صراعه مع دكتور عبد الله على ابراهيم حول نفى الهجنة عن سكان شمال السودان النيلى حسب ما فهم عجب الفيا الذى يؤكد حدوث هذه الهجنة وهذا ايضا من نافلة القول عندى فى شاننا الهويوي انطلاقة من فهمى لهذا الشان. حتى هذه اللحظة للدكتور قولان يجعلانه على صواب فى نظري وحسب فهمى المتواضع فى امر فهمه لسؤال هويتنا المعقد, احدهما ما ورد فى اخر قوله فى ورقته تحالف الهاربين الاصل, التى يتحدث فيها عن قوامان او اكثر للثقافات السودانية بمعنى انه من المؤمنين بالتعدد, ولا يضيرنى شيئا ان خلع سكان الشريط النيلى عن نفسهم عروبتهم او بحثوا فى امرها والفوا الكتب فى انسابهم, الاستشهاد الثانى رده على سؤال الصحفى فى اللقاء الذى اجري معه فى العام 2001 والذى استشهد به دكتور بولا و الذى قمت باثباته فى مداخلتى السابقة, و لكن بقراءتى لكتابات دكتور عبد الله اللاحقة من ضمنها حديثه عن التوسع فى العروبة و غيرها من بحوث فى الشريعة يصف فيها قضاة هم بمثابة تنابلة الاستعمار بالوقار و غيره, و قول عجب الفيا فى شان محاضرة الامارات و غيرها من ما يرد فى شكل ايماءات فى عموده اليومى لا مانع عندي ان قررنا ان نلاحقه فهو متوفر فى ارشيف الصحافة وعلى مرمى نقرة من الكى بورد وكليهما يضعان الرجل فى دائرة القراءة التى ايضا اثبتها اعلاه فى مداخلتى القبل الاخيرة فى فهمى الى مشروعه او احدي الخيارين الذين وردا فى مداخلتى الاخيرة. و الى ان استوثق من احدي فرضياتى الاولية فى مشروع بحثى عن مكنونات دكتور عبد الله على ابراهيم لا شيء عندي استصحبه لا حسن الظن بالرجل فى شاننا الهويوي الا حسن ظن بولا به الذى هو ليس بالبوب ستار ولكن حسن ظنى ببولا اتى من قراءتى اليتيمة له فى شجرة نسب الغول التى اكتبها خطا هاهنا و اعرف انه من مدعاة استهجان بولا. اتمنى ان اكون قد ابنت ولو بعض الشيء.

    و سنلتقى فى معارج هذا الحوار

    بكري الجاك
                  

05-24-2004, 09:49 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الي الاخ الاستاذ بكري الجاك (Re: Bakry Eljack)

    الاخ العزيز بكري الجاك اعتقد انه قرار حكيم ان تخلو الي نفسك لدراسة اطروحات الدكتور عبدالله ابراهيم بمهلة وانا كلي ثقة انك سوف تطلع علينا بدراسة قيمة،
    ولكن هذا لا يمنع من بقاءك معنا
    لك التحية والتقدير علي اثراءك لهذا الحوار وكل الحوارات بالمنبر
                  

05-24-2004, 06:37 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخوان الاصدقاء الاعزاء

    هاشم الحسن

    حافظ خير فردة

    اطلعت للتو علي مداخلاتكم بعد عودتي من نهاية اليوم

    شكرا لكم علي جهودكم في استمرار هذا الخيط وسوف اعود

    الشكر ايضا للاخوان الاصدقاء الاعزاء ودرملية ونصار وحنينة

    والشكر للدكتور النور علي استمراره في اتحافنا بقراءاته الموازية

    نسبة لانني لم اتمكن من متابعة بوست الدكتور بولا بسبب ضيق الوقت فانه لا علم لي بالمداخلات المتعلقة بالموضوع وما اظن اجد الوقت الكافي لمراجعة البوست فارجو من الاخوة الاعزاء ممن يجد الوقت ان ينقلوا لنا تلك المساهمات الي هذا البوست
                  

05-24-2004, 06:53 PM

عبد الله بولا
<aعبد الله بولا
تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    عزيزي فردة وعبدالمنعم وجملة الأصدقاء الأعزاء،
    تحياتي المخلصة ومودتي،
    قرات قبل قليل اقتراحات بنقل مداخلاتي من بوست النور في الترحيب بي.
    وأرجو أن تتقبلوا اعتراضي على ذلك حرصاً على أن لا تختلط السياقات وحفاظاً على حقوق الكاتب والموقع الرئيسي الذي يختاره لعلاقته بقرائه. يمكنكم بلا شك وعلى الرحب والسعة نقل استشهادات منهالا تتعدى حدود الاستشهادات المتعارف عليها في المجال الأكاديمي والأعراف المعمول بها في مجالات النشر مع جزيل شكري.

    بــــولا
                  

05-24-2004, 09:37 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    احتراما لرغبة الدكتور عبدالله بولا ارجو من الاخوة الاصدقاء عدم نقل
    اي مساهمات من بوست الترحيب الخاص به الي هذا الخيط .

    وتحياتي للجميع
                  

05-25-2004, 12:36 PM

Bakry Eljack
<aBakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخ الصديق عجب الفيا و الاخوان هشام و حافظ دكتور النور وبقية المتابعين لهذا الصرح

    سلامات,

    استوعب حجم العمل الذى يستصعب سرقة اي ثانية فى صراع الحال والمآل ,

    فلنحترم رغبة الدكتور بولا فى عدم نقل اي من تعقيباته فى الرد على المرحبين به, و ان كنت اساسا لا اري ضرورة تجعلنا ننقل اي منها, ولا اري علاقة لها بمحاور النقاش فى هذا البوست الا فيما تعلق ببعض استشهاداته حول بحوث دكتور عبد الله و بعض تاملاته فى شان الهوية التى هى ملك له و له ان يحدد المكان والزمان الذين سنشر فيهما افكاره و تاملاته التى ستكون محل احترام وتقدير لدينا.

    لدي رجاء للاخ منعم وبقية المشاركين:
    هو ان ينتقل بهذا الحوار الى الفضاء الذى نحن فيه الان, اعتقد اذا قرر العجب العودة الى التعليق و الرد الى مداخلة الاخوين هشام و حافظ الاخيرتين سوف يصبح هذا الحوار بلامضابط, فاذا كانت ورقة الفيا ادعت نفى الايدولوجيا عن مشروع الافروعروبية وقدم العجب ما راه مناسبا من استشهادات فى هذا الشان, فانى اري ذلك كفيا, و بالمقابل تصدي بعض مخالفى عجب باستشهادات مضادة, اعتقد ان الحوار اكتمل فى هذا الشان ولنترك الامر للقاريء وحصافته, ولا اري ان اي احتمال سيتوفر ان يقنع اي منكما الاخر بان مشروع الافروعروبية هو قراءة ايدولوجية ام قراءة معرفية, بل ان الاستمرار فى هذه النقطة هو استمرار للسجال الدائري فى حلقات مفرغة حسب اعتقادي,
    كما رجاء اخر ان ننتقل ايضا من ساحة المغالطات حول ما ان كان الدكتور عبد الله على ابراهيم قد نفى الهجنة عن سكان شمال السودان ام لا, فللعجب الحق فى فهم انه ينفى ذلك من خلال قراءته له و ليس بالضرورة ان يكون فهمه خاطيء لكتابات الدكتور و يجوز ان يكون فهم الاخوين هشام و حافظ صحيحا لاثبات ان عبد الله لم ينفى الهجنة, اعتقد ان الاستمرار فى هذين المحورين و محور البدائى النبيل واستخدام اوصاف كالاستقوال و غيرها من مفردات ذات مدلولات سالبة على الحوار هى سوف لن تقدم ولن تؤخر فى شيء بل هى بمقتضى الحال ستجعل هذا الحوار من نوع الترف الاكاديمى الذى اصبح من عادات المثقفين السودانيين فى صالوناتهم, بل اصبحت الونسة التى هى من باب ساكت نوع من المحاكمات الاكاديمية البزخية التى هى لا وجود لها الا فى ابراجهم الثقافية التى ليست من عاج ولا يحزنون,
    حسب فهمى لورقة عبد الله على ابراهيم انه استخدم ادواته واستشهاداته فى التعامل مع تيار الغابة والصحراء و مهما تمسحت اي دراسة و تحصنت بصرامة منهجية اكاديمية فهى ايضا ناقصة علميا و قابلة للنقد والدحض مهما بدات متماسكة, خلاصة القول عندي ما خلص اليه عبد الله من نقده لتيار الغابة والصحراء سواء بتزييفه و سوء قراءته للغابة والصحراء لا ينزلان عندي منزلة الالزام او التصحيح او الادانة, بل ان ساعتبر بما انتهى اليه فى بحثه, و هذا هو الفضاء الذى اختلف فيه مع دكتور عبد الله اختلاف ما زال كبيرا فى نظري بل ربما يجعلنى اري انه ورغم اشتغاله بمهمجة البحث فى الهوية وغيرها الا انه سيظل رصيدا سالبا ولو تراصت كل البشر للدفاع عنه اذا ظل يحمل تلك النظرة التى لا تري خطئا فى موقف الشمال النيلى برغم ما ارتكبت وترتكب من مذابح و تصفيات واغتيالات جماعية, وتبقى تاملاته هذه من قبيل الترف الثقافى الذى يصلح لونسات مابعد منتصف الليل,
    جل جهدى ان نمضى بهذا الحوار الى فضاء الراهن والى سؤال الان, واري ذلك فى تفضل الاخ هشام بالاجابة الى الاستيضاحات التى طالبناه بها فى عرض اجابته على سؤال الفيا فى شان الهوية, ولسنا فى حوجة الى كثير انشاء و كتابات فالجرح ينزف والتكرار و العمل بحوار جمل العصارة سوف لن يجعل اي منا يبارح مكانه قط فهلا استجبتم الى هذا النداء, وقمة رجائى ان لا ينجر الاخ عجب الفيا فى اي رد مطول على مداخلة الاخ هشام التى لا شك عندي ان اي محاولة للرد عليها سيرجعنا الى سكوير صفر.

    ودمتم مع احترامى

    بكري الجاك

    (عدل بواسطة Bakry Eljack on 05-26-2004, 06:21 PM)

                  

05-25-2004, 12:42 PM

Bakry Eljack
<aBakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    مكرر

    (عدل بواسطة Bakry Eljack on 05-25-2004, 08:13 PM)

                  

05-25-2004, 12:44 PM

Bakry Eljack
<aBakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    العذر

    مكرر

    (عدل بواسطة Bakry Eljack on 05-25-2004, 08:16 PM)

                  

05-25-2004, 06:35 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخوان الاصدقاء الاعزاء

    بكري الجاك

    حافظ خير فردة

    هاشم الحسن

    الدكتور النور

    اعمل الان علي مداخلة مطولة سوف انزلها في بوست عبدالله بولا

    سوف تلامس بعض القضايا المطروحة من فردة وهاشم واتمني الا تكون تكرار

    لما سبق ذكره هنا،

    الي ذلك الحين اقول لصديقي فردة ان التاصيل للعروبة والاسلام

    لا يحتاج لعبقرية،وقد سبق ان رديت عليك بالتفصيل في بوست بشاشة وما عقبت ،ما عارف الجديد شنو في كلامك البخليني اعيد النظر في ردي عليك

    ومع ذلك سوف اعود لمواصلة الحوار هنا

    واشكرك يا صديقي بكري الجاك علي المقترحات لكن شايف اخوي هاشم دا زعلان مني قال انا ما قاعد ارد عليه ،
    لكن يا هاشم لشنو فسرت عدم ردي عليك بالتجاهل،ما ممكن يكون متفق معاك في النقاط الما رديت عليها،لكن بجيك ارد علي حكاية القاف والغين والتوسع في العروبة،
                  

05-26-2004, 01:19 AM

farda
<afarda
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    *
    الصديق الأستاذ عجب الفيا ...
    Quote: الي ذلك الحين اقول لصديقي فردة ان التاصيل للعروبة والاسلام
    لا يحتاج لعبقرية،وقد سبق ان رديت عليك بالتفصيل في بوست بشاشة وما عقبت ،ما عارف الجديد شنو في كلامك البخليني اعيد النظر في ردي عليك

    لم أفهم ما تعنيه بخصوص " ان التاصيل للعروبة والاسلام لا يحتاج لعبقرية"...
    ولكن بالإشارة للجزء الثاني من قولك أقول ، للتوضيح ، الذي كتبته أعلاه هو تلخيص لرأيي (أو ملاحظتي ) الذي أوردته في البوست الآخر ( وليس القصد منه إنتزاع رد آخر منك) ....
    وقد أورتُ فيه ، أيضاً ، قولاً عاماً في شأن
    Quote: تجويد أسس الحوار وقواعد البحث والقراءة (بإعتباره) شرط لا بديل عنه في التثاقف والإختلاف...
    و لا يخفى عليك أن هذا كلام أتيت به بالنظر الى الحملة العامة (والتي وصلت لمستوى الـ witch hunting) التي طالت الدكتور ع. ع. إبراهيم على صفحات هذا المنبر ، في حين أن الأمر ينبغي أن يكون باباً في التثاقف والنقد والإختلاف...
    لك تقديري؛ وسأنتظر مداخلتك المطولة الموعودة ...
                  

05-26-2004, 06:14 AM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخ العزيز حافظ.

    والله وقصبا عني اعود للمنبر رغم ان ظروفي لا تسمح لي بهذا.سأكتفي بهذا البوست الثورة، وسارابط بقية اليوم وغدا، فقط للرد علي مداخلتك هذه، بخوص ما ورد ببوست الاستاذ بولا، الذي ابدي تبرم شديد من مواصلتي في بوست الترحيب، ونزولا عند رغبته تركت امر تلك المداخلة برمتها، علي غير عادتي، احتراما للاستاذ بولا.

    فكرت في مواصلة هذه النقطة في بوستي المخصص للنقروفوبك عبدالله، لكني تراجعت خوفا من سوء الفهم من الاستاذ بولا، الذي عبر عن تأذيه من موقفي تجاه دكتور عبدالله.

    الان اعود للموضوع واقول نعم اقر بوقوع خطأ اجرائي من جانبي، باسناد، تصوير دكتور عبد الله لمفهوم "الزنوجة" عند الغابة والصحراء لعبد الله نفسه، لان النص ورد مبتور من قبل الاستاذ بولا، حسب ما اتضح لي اليوم، بعد اضطلاعي علي هذه المداخلة.

    اقول خطأ اجرائي لاني لازلت مصر علي موقفي الاولي من نمط تفكير دكتور عبدالله، وكما هو معلن من جانبي، في هذا المنبر من قبل، وفي هذا الخيط تحديدا، اكثر من مرة- فلا فرق عندي مابين عروبة او افروعروبة السودان او شمال السودان تحديدا.

    فكلو "سلخ نملة" لا يغني ولا يسمن من جوع، لاجديد فيه اطلاقا، بل هذا الجدل الدائري العقيم هو المسؤول عن ايرادنا وبلادنا موارد التهلكة.

    لانو يستحيل الوصول الي نتيجة جديدة ومختلفة بالاصرار علي ذات المعطيات البالية الخربة، باعتبارها مراوحة كما بندول الساعة، من مركزية عربية، الي مركزية اوربية، وبالعكس!

    فقط احي وقفة اخي عجب الشجاعة ضد فهلوة متوهم العروبة، والذي لايختلف عن اي من حبوباتنا، في اجتراره، لخرافة النسب للعباس.

    وعشان ما اكون واضح وضوح الشمس، اكرر مارددته مرارا، وهنا وفي المنابر الاخري، منذ عام 98،:
    كل من يتوهم نفسه عربيا من اهالي اقصي الشمال، فهو تلقائيا استعلائي، حيث الاستعلاء تعبير ومعاوضة عن مركب نقص، واحساس مفرط بالدونية، وكراهية للذات "الزنجية" كما ابتدعها منظر النازية قوبيني تحديدا، وليس علم الاجناس الكلونيالي كما يردد دكتور عبدالله، واسامة الخواض، والاخرين.

    فيا عزيزي حافظ، دكتور عبدالله هذا يقول بانه عربي، صراحة وهذا كافي جدا بالنسبة لنا، اما حملته علي رموز الغابة والصحراء، وبالذات ادعائيه الدفاع والاقتصاص للافريقي برفضه مفهوم البدائية لديهم، ماهو الا استهبال وضحك علي الدقون وذر للرماد في العيون، حتي لانستبين، كيف ان حملته علي طرح الغابة والصحراء، دافعه الاساسي فيها، هو وهم النقاء العرقي، لا اكثر ولا اقل.

    هذا هو لب اللف والدوران الاكروباتي لعبدالله، والذي انطلي علي البعض كمستوي عالي من الطرح!

    المدافعين عن هذا العبدالله، وكتكتيك انسحاب منظم يطلقون نيران التعقيد المتوهم لطرح عبدالله وقصور فهمنا عن ادراك كنهه، كتغطية وحسب لهذا الانسحاب.

    فلا فرق في عرفنا مابين عبدالله، والمدافعين باستماتة عنه، باعتباره دفاع عن النفس في المقام الاول.

    فياعزيزي حافظ قراءتي للنص الذي اورده بولا صحيح، واذا اتضح ايراده مبتورا، فها نحن نراجع ولكن لا نتراجع!

    اتمني انك تركز وتدافع عن استاذك عبدالله.

    ونواصل
                  

05-26-2004, 09:19 AM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخ العزيز بكري

    وانا في انتظار حافظ، خليني ادردش معاك حبة.

    واضح نك اتخميت يابكري.

    غموض دكتور عبدالله، ماهو الا فهلوة وتمويه وتغليف للنوايا الحقيقة.

    النوايا هنا، مقصود بيها عقلية الشمالي، العروبية، الاقصائية، والمسكونة بأوهام النقاء العرقي.

    ليس هذا بانشاء او تنظير من عندياتنا، وانما هو واقع حال جبال الظلم وشلالات الدم، وانهار الدموع، لملاييين الضحايا، في اكبر كارثة تشهدها الانسانية قاطبة، في هذه اللحظة!

    لاحظ عندما ووجه بحقيقة انه رافض لفكرة التمازج كما قال بها رموز الغابة والصحراء، في قول الصحفي:
    Quote: وأنت ترفض فكرة التمازج كما طرحتها مدرسة الغابة و الصحراء
    .

    دكتور عبدالله لم ينف الاتهام الصريح المباشر، وانما واصل عرضه الاكروباتي، لذلك عليك بالتركيز علي مابين السطور، لانه لايملك والا ان يناقض نفسه.

    بالنسبة لي كقانون واداة تحليل، دايما بركز واعرف الواحد جايي من وين اصلا، ولا احفل كتير بي انو هو ماشي وين، بقصد هو عايز يقول شنو.

    كده ابدا ما بتطش!

    فهو لمان بدا كلامو عن
    Quote: " فالتمازج سيستمر و ستزيد وتيرته"
    ، فقصبا عنو جا مارق كلامو عن
    Quote: "و ألا تذهب في اتجاه تأكيد أن ثقافتنا هجينة وممتزجة وغير ذلك مما أسميه الغش الثقافي".


    غش لي منو؟،

    طبعا ما لي جماعتو العربية، وانما الجماعة الافريقية!

    فالراجل حريص خالص علي مصلحة الافارقة الهو اصلا جاكي منهم، باعتباروا عربي، اكثر من حرصو علي جماعتو العربية!

    ياسلام!

    احنا بنريل يعني؟

    بعدين التمويه الاخر هو كلاموا عن التمازج، اللي ذي تماذج فيصل صالح!

    مجرد نزوح "الجنوبيين" و "الغرابة" لي اطراف العاصمة، ليعيشوا في ال"Concentration Camps" بتاعة كرتون كسلا مثلا، فهو تمازج ما بعدو!

    امشي علي البوست بتاع "نحونة ساكت" عشان ماتعرف، نوع الترف الذهني لاصحاب الحظوة بالميلاد، عشان ما تقدر هذا التماذج الاسطوري حق تقديره!

    فعبدالله البوسوس من هاجس الهجين، الكسر قلم ماكمايل، يتكلم عن "التماذج" واحنا الطيورو ايها الانسان، بذا الغباء خصنا الرحمن، نصدق!

    فما اظنك بتتخيل تمازج عبد الله مقصود بيه، زواج الجعلي من "الفلاتية" بتاعة كرتون كسلا، البتغسل في العدة جوا!

    فكلام هذا القبلي الاستعلائي، عن ديمقراطية الثقافة، يعبر عن ذات نزعة الفصل الابارثيدي المنطلق من ذات وسواس النقاء، اكثر من اي شئ اخر، بالذات انو وعي درس التعريب علي اسنة الرماح، علي طريقة صنو وفردتو مصطفي الطيب.

    علي الاقل الاخير واضح او دقري، مش ذي عبدالله، جايي ياكل بي عقلنا حلاوة!

    لمان ارجع لو في عمر، بعد طفشتي دي، حامسك كلامو ده سطر، سطر!
                  

05-26-2004, 05:07 PM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخ العزيز حافظ

    انا معاك باقي اليوم ده، انشاء الله ظروفك تسمح، او تجي بي جاي، لاني جيت مخسوس والله. خليني اكرر مذكرة "الارضية المشتركة" هنا، تفاديا لسوء الفهم:

    لغياب الارضية المشتركة، بيني وبين خصومي الفكريين، فيا عزيزي القارئ اعلم، ان طرحي المنطلق من مواقع المركزية الافريقية، يصادم "head on" طرح المنطلقين من مواقع مرجعية ثنائية، عربية/اوربية.

    علي وزن "الحكم الثنائي"، اساس التعليم في السودان، وبذلك الطرح المتصل بقضايا السودان- دائما ثنائي المرجعية!

    لا يخرج في مجمله وفيما يتعلق بموضوع الهوية، عن ما خطه قلم نعوم شقير، المؤلف الحقيقي، لذهنية ونمط تفكير السودان المصري الانجليزي، او السودان القديم، كما تجسده عقلية عبدالله خير تجسيد.

    لذلك لامعني لتبهير الموضوع بالاكاديمية، وتصويرو كعلم صواريخ جديد، والموضوع لا يخرج عن كون دكتور عبدالله "لهط" صارقيل "جبادة" شقير، وان ادعي انو كشف شرك "قمري" ماكمايل!

    فدكتور عبدالله، ينطلق من ذات المركزية الاوربية، في غارتو الجوية علي مكمايل، او غيرو، ليعود لذات قواعد مركزيته الاوربية سالما، ليوهمنا انو طلع بر الحوش، بينما هو لم يفعل اكثر من الانتقال من غرفة لاخري داخل نفس المنبي!

    هذا تعميم، لا مانع لدينا من تفصيله بالادلة، فقط اشيروا علينا!

    لذلك خصومي، ودون مراعاة لهذا الاختلاف الجذري، يتململون ويجأرون بالشكو من اسلوب بشاشا، متناسين كيف ان هذا الدواس الفكري، ما هو الا انعكاس واستمرار، للدواس الصحي صحي، علي ارض الواقع، في الجنوب، والجبال، والجنينة، فأنا متمرد، بينما خصومي يمثلون حكومات وتيارات واحزاب الشمال، القابض حتي علي "هواء الله" ذاتـــــــــو، في السودان!

    لذلك احساسي تجاه تخرصات عبدالله مختلف تماما، عن احساس الاخ حافظ، والذي لايختلف في طرحه عن طرح دكتور عبدالله، الا في التفاصيل، من عروبة او افروعروبة السودان، او احمد و حاج احمد!

    لذا لزم التنويه ابتغاءا للعذر!
                  

05-26-2004, 05:39 PM

farda
<afarda
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Bashasha)

    *

    dear Bashasha ... i
    my apologies for not getting back to you as quick as you wish, i
    but i'm at work at the moment and i don't want to rush into commenting on your 3 posts... i
    as you know, the issues involved need serious attention and I don’t want to disappoint you with less than that… i

    will write back sometime tonight

    regards…i
                  

05-27-2004, 00:44 AM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    جميل السمعنا منك، يااخ حافظ.

    وانا في الانتظار خليني افصل بعضا مااوردته اجمالا، حتي اذا اتعاقبنا، يكون واضح ليك المقصود شنو.

    Quote: *كل من يتوهم نفسه عربيا من اهالي اقصي الشمال، فهو تلقائيا استعلائي.


    نعم انها قناعتنا، كيف ان السودان هو افريقي 100%!

    بل التقاليد المروية في كل انحاء القارة السوداء، تشير الي السودان الحالي كموطن للاجداد.

    علي نطاق العالم القديم كله، ساد الاعتقاد بان السودان المروي هو موطن الانسان الاول!

    اجدادنا وحتي تاريخ افول شمس حضارتهم، ظللو يرددون انهم اول البشر fisrt of all men حسب ما اورد ديودورس الصقلي في القرن الاول قبل الميلاد.

    حيث شرحوا له نظرياتهم العلمية اللتي تثبت بعضا من ذلك.

    الاختلاف النسبي مابين الشمالي والجنوبي من حيث الملامح، بمصطلحات اليوم، يمثل ربما 80% من البلبلة الحالية فيما يتصل بالشق البيولوجي لسؤال الهوية.

    لانو اذا نجحنا في اثبات ان لا دخل للهجنة او الاختلاط بملامح الشمالي في اختلافو النسبي عن الجنوبي، او الاثيوبي عن النيجري، فسنحل النصف الاول من سؤال الهوية نهائيا لصالح اساس جديد لسودان جديد.

    اجابتنا علي هذا السؤال تعتمد علي اقدم وثيقة اثنوقرافية في التاريخ، والمعروفة بويقة بيبان الملوك، جمعها وحققها شامبليون نفسه، وهي تعود الي 1500ق.م!

    هذه الوثيقة واللتي تعالج نقطة الاختلاف بين نموذجي السود، كفيلة بمفردها لحل هذه المعضلة جذريا!

    وهكذا وانطلاقا من تعاليم المركزية الافريقية يمكننا ان نحدث ثورة بل طفرة هائلة تخرجنا من "فرناغة" مكمايل وويلات المركزية الاوربية وهجنتها، نهائيا.

    هذا هو سبب اصرارنا، علي ان عروبة دكتور عبدالله وكل اهل الشمال ما هو الا وهم كبير ونكتة بايخة.

    فمعروف ومدون في كتب التاريخ، كيف ان اجدادنا بعد ان خسرو الحرب ضد الغزو العربي، صحو من نومهم ذات صباح واعلنو انفسهم عرب، كنوع من المخارجة مما الت اليه امورهم كقوم سود، بالذات بعد سقوط دنقلا
    The Last Strong Hold and The Flood Gate

    لذلك الكارهين لذاتهم والهاربين من جحيم الزنوجة، يدعون العروبة كهوية.

    بمرور الزمن جماعة عبدالله العربية زورا وبهتانا، صدقت هذه الفرية، ومن موقع امتيازها المحبوك بواسطة الاحتلال الثنائي المرعوب من المهدية، مارست هذه الجماعة ارزل نماذج الاستعلاء، لتنسج من قماشه علم، وجيش ونشيد ودولة، ليأخذ هذا التصور صورته النهائية، في شكل السودان المصري الانجليزي الحالي.

    هذه دعوة منا، نحن القادمون الجدد من رحم شهداء قوي السودان الجديد، ان تنتفضوا علي طرح عبدالله، والغابة، بكسر هذه الحلقة الشريرة المفرغة، واللتي ظللنا ندور فيها وحول انفسنا، منذ نصف قرن، وكثمن دفع الملاييين ارواحهم البريئة والطاهرة.

    فيا عزيزي حافظ، حي اقدم الي مواقع المركزية الافريقية، لتري نفسك، والعالم من حولك للمرة الاولي، بام عينك، وليس بعيون الغير، انطلاقا من مركزية اوربية او عربية!
                  

05-27-2004, 02:27 AM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تهنئه..مبروك عهد نيفاشا..و إعتذارين..و ترحيب (Re: Bashasha)

    مبروك..لعهد نرجو أن يدوم فيه الحوار بآليات جدل الديمقراطي،
    و العادل، المثبِت و المعترِف،
    وليس بطلقات الكلاشينكوف.
    الرجاء أن يكون الإتفاق بين حكومة الإنقاذ و الحركة الشعبية الذي ولد في(يومنا دا) بعد مخاضات عسيرة جداً جداً،
    بداية لعصر جديد من سيرة الوطن و الجدل و الحوار..
    و التبادل السلمي بين السودانيين..

    و إعتذار للدكتور عبد الله بولا..عمّا إقترفته بي السجالية، أعشتني عن شواهد الفروسية ومناراتها في أدب الحوار و الصراع، التي في بوست، بدا للترحيب بكم حقاً.. و هو أصلاً في الإحتفاء بالمعنى العالي... خاطر بهذا لم يفارقني فلم ارد مقارفة التعدّي على المعنى و السياق، خبط عشواء. و عنّ لي أن أرى فيه (الإذن) أو (أورط) به منعم، مستعيناً بما رأيت من (جعلوية) فدائيته و سوابق معرفته..أمسحا في و شنا..

    و إعتذار للأخ عجب الفيا، و الجميع، لو أنه ظن في مدلول قولنا (بالإستقوال) ما ظنه به الأخ بكري الجاك فقال:
    Quote: واستخدام اوصاف كالاستقوال و غيرها من مفردات ذات مدلولات سالبة
    و نؤكد إننا لم نذهب بهذا أي مذهب في المباشر الشخصي و لا الموارى عن الأخلاقي، أبداً، بل هو في منهج التحليل وعنه. وقد إعتقدت، ولا أزال أرجو، أن هذا مفهوم عند منعم، وإن رده في نفي هذا عن ورقته و تأكيده على ورقة د. عبد الله، كان إشارة و دليلاً على مثل هذا الفهم..
    و لكن..!!!
    أي قصور في لغتنا يؤدي بها إلى ظلال الإلتباس و مهاوي السلبية، و يقصر بها عن تأكيد هذا المعنى في (نقد المنهج)، هو قصورنا الذاتي و يحتم علينا إعتذاراً عنه، نرجو له القبول، وأن يأخذ القول كما قصدنا له..
    سيرتي في المنبر، على قصرها..هي في الهجرة إلى مظان المعنى، و مضارب الفيا منها...

    كما أرجو أن أشير لمنعم، إلى أن (زعلي) ليس بسبب من (تجاهل الرد على مداخلاتي)، بل من إغفال إختلافها القديم والمقيم. و هو، في ظننا، أي الإختلاف، الذي به إجابات رأيناها، على (إستيضاحكم) المتأخر الورود، ثم لا ترضون (بقفزتنا) (قصيرة النفس) إلى الحوار..العفو والعافية يا أخي..
    و مرحبا بالأستاذ حافظ الخير في المحاورين بروية...
    وبعودة الأستاذ بشاشا..
    و لي عودة يا أخي بكري
    مبروك على الجميع
    هاشم
                  

05-27-2004, 02:31 AM

farda
<afarda
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Bashasha)


    *
    شكراً ، عزيزي بشاشة ، لصبرك الى أن أعود للتعليق على ما كتبتْ
    وقد تصادف اليوم أيضاً توقيع الإتفاقية في نيفاشا الذي كنت أتابعه...

    وأخشى أولاً أن ينقلب علينا الفيا ونحن نعرّج ببوسته الى نقاش قد يطول ، ولا شك سينصرف الى الحديث عن الكثير من الخلفيات التي أوضحتها عن "منهجك" الذي تعتمد عليه... فدعني اولاً أعتذر له عن ذلك...
    وسأحاول أن يكون تعليقي قصيراً ومرتبطاً بموضوع مداخلتي التي أشرت اليها والمتعلقة أساساً بنصحي لك بالحفاظ على قواعد الحوار والبحث والقراءة ، على أن أعدك يا بشاشة بان اكتب في المواضيع الكبيرة التي تدعوني لأن أحاورك فيها بتوسع أكبر في مداخلاتك أو بوستاتك التي ستكتبها – ومن هذه المواضيع تحديداً "منهجك" الذي تشير اليه أعلاه ، والذي أسميه: المرجعية الأفريقية الشمالية ، وقد ألهمني له إمضاءك الشهير ... فمثلما يا بشاشة تختار أنت تسمي مناهج الآخرين وقراءاتهم للواقع بلغتك وأحكامك إسمح لي أن أختار لغتي التي أسمي بها ما تطرحه أنت ، ولدي طبعاً مسوغات لذلك ستأتي في حينها – ...

    ولكن عليَّ أن أقول أولاً أن تعقيباتك أعلاه قد وضعتني – حقيقةً – في وضع محرج للغاية (أو كما يقول الإنكليز: between a rock and hard place!)... دعني – لو سمحت – أشرح لكَ كيف:
    هنالك ، أولاً ، مشكلة كبيرة جداً في وقفتنا أو قعدتنا هنا (على الرمضاء ، تـِحـِت شـمِش الفضاء الهلامي الذي نتحدث فيه والذي إسمه سودانيز أونلاين) لنــتــحاور!! فأنت في تعقيبك أعلاه أراك تشكك بشكل جذري – وفي صورة تبدو للوهلة الأولى عــدمية خالصة- في قيمة وجدوى أشياء أولية وأساسية جمعتنا – أنا وأنت – هنا لنتبادل هذه الرسائل الإلكترونية: أشياء مثل الحوار ، النقاش ، القراءة والكتابة (التي عبرها نتخاطب) والبحث العلمي وحتى اللغة، الخ الخ... فكلو "سلخ نملة" لا يغني ولا يسمن من جوع، لاجديد فيه اطلاقا وربما ترف ذهني ، أو مثلما تقول! فبأي لغة سنتحاور ونختلف؟!! ودعني أيضاً أستعير لغتك وأقول: يعني يا بشاشة لو عقَّبت على كلامك حتقول لي ما تتفلسف علينا ، ولو لم أفعل لإعتبرته تجاهلاً !!!
    وتذكر أيضاً ما فهمت منه أنه ليس لك أرضية مشتركة للحوار مع من تسميهم خصومك الفكريين...
    وأنت لديك مقدرة عجيبة ، يا بشاشة ، في فركشة أجندة الحوار بإطلاق الأحكام الشاملة الكاملة ، فمثلاً أنت تستعمل تعبيرات مثل: اتمني انك تركز وتدافع عن استاذك عبدالله. وتدعي أنني أوافق ع.ع.إبراهيم في رؤاه (الحقيقية أو التي توهمتها أنت) في مسألة الهوية وغيرها ، وتفترض أن محاورتي لك هنا هي دفاع عنه!!... فعلي قبل أن أتحدث عن أي شيء أن "أنــقَّي" كلامك من هذه الأحكام التي تعرف أنت تماماً أنها ليست صحيحة... فلقد تحاورنا من قبل في بوستي الذي عنونته بـ An Invitation to a Question, A start of Another. في ما أعتقده أنا في نظرتي لموضوع الهوية ، وقد قلت لك ما قلت في ما أراه حول سؤال الهوية ، وعلقت لك عن آرائك التي طرحتها أنت في ذلك البوست... فماذا أنا فاعل مع كل هذه الصعوبات التي تضعها أنت في طريق أي حوار ؟!! فلذلك تجدني أنا أيضاً "في حيرة من أمري" ولكنها للأسف ليست حيرة ملهمة حتى الآن...

    ولكني مع كل ذلك لن أهمل التعليق على ما دعاك لأن ترابط "هنا ، بقية اليوم وغدا، فقط للرد علي مداخلتك هذه، بخصوص ما ورد ببوست الاستاذ بولا،" ... فأنت تقول "
    Quote: الان اعود للموضوع واقول نعم اقر بوقوع خطأ اجرائي من جانبي، باسناد، تصوير دكتور عبد الله لمفهوم "الزنوجة" عند الغابة والصحراء لعبد الله نفسه، لان النص ورد مبتور من قبل الاستاذ بولا، حسب ما اتضح لي اليوم، بعد اضطلاعي علي هذه المداخلة. "
    فأنت تسمي ما حدث "خطأً إجرائياً" وكذلك تلوم الآخرين على سوء قراءتك!!! ألم تقل أنك قرأت وحللت وحسمت رأيك حول ما كُتب؟ هذا ليس خطأً إجرائياً يا بشاشة ، بل كارثة! خصوصاً لشخص يريد أن ينقد ويحلل ويفضح الذهنية التي تقف وراء المكتوب!!! لن يقبل منك – إلا من يثق في قدرتك على ضرب الرمل!- أحكامك واستنتاجاتك إذا لم توثقها وتبحثها !! (وكم أدهشتني ملاحظتك عن بوست نحونة ســاكت ، والذي اعتبرته ترفاً ذهنياً لأصحاب الحظوة!! فهل يا ترى قرأت هذا البحث القصير الذي يتحدث عن الأصل النوبي لكلمة سـاكت؟! وهذا الطرح كان يمكن أن يأتي منك أنت ، لو كنت لسانياً ، من باب التدليل على رؤاك المطروحة!! وانت طبعاً ترى الى الأمور من خلال النظر للتاريخ ، وقد يعتبر البعض ما تقوم به أنت ترفاً ذهنياً أيضاً!!! المزيد عن كيف تستعمل أنت السرد التاريخي لاحقاً)
    ذلك ، يا بشاشة ، هو عمق ومغزى مداخلتنا هنا ، وفي بوستك المذكور ، لا أكثر ولا أقل!!!

    أخيراً ، أشكرك على دعوتك أياي أن " حي اقدم الي مواقع المركزية الافريقية، لتري نفسك، والعالم من حولك للمرة الاولي..." ولو تذكر ، يا بشاشة ، في بوست الترحيب بك ، دعوتك أيضاً لقراءة رؤيتي ، أو سمها تساؤلاتي حول مسألة الهوية... ولك أقول باختصار أتمنى لا يكون مخلاً الآتي: أولاً أنني ، كحال الكثير من المعارضين للمشروع الآيدليوجي الإسلاموي العروبي في السودان بكل تجلياته (وما أكثرها)، أجدُ نفسي قريباً من الرؤى التي تنادي بإعادة إكتشاف تاريخنا المسكوت عنه وتاريخ ثقافاتنا المركزية العديدة (المهمشة عمداً)... هذا كلام ضروري أدرجه هنا قبل أن أقول لك أنني ، وفي نفس الوقت ، أشفق على نفس هذه الرؤى من أوهام كثيرة تعتريها ، ومن سقوطها في إعادة انتاجها لخطابات مكررة (قريبة كثيراً من ما طرحته الغابة والصحراء) وأقل ما يقال عنها أنها غير مبدعة وتفتقد الرؤية الخلاقة...

    أن ما يسمى بالخطاب الإسلاموي العروبي هو خطاب خبيء ومتخفي رغم أنه ظل الخطاب السائد في منتوج الفكر السياسي الشمالي منذ وقبل الإستقلال. إنه خطاب متعدد الطبقات والأصوات تمثله شرائح سياسية وفكرية متباينة. ولا بد أن نذكـِّر أيضاً بأنَّ ما أسميه هنا بالمرجعية الأفريقية الشمالية جذور في تيارات سياسية وثقافية عديدة في شمال السودان...

    فمثلما يقدم الخطاب الإسلاموي العروبي (مرة أخرى، بتجلياته الكثيرة) في السودان وصفاً "تاريخياً" لما يسميه بـ"هويتنا السودانية" ، يبدو أن الخطاب المناهض له ، والذي لخصته أنت يا بشاشة في توقيعك بالمرجعية الأفريقية ، يحاول أن يقدم لنا تفسيراً أو وصفاً بديلاً للهوية السودانية والتي ظلت الموضوع الأول في صراعات السلطة في السودان لزمان طويل... هذا الوصف البديل ، إن أردت أن الخصه دون ابتسار ، يقول أن هويتنا "الأصلية" هي هوية أفريقية وأن علينا استعادة هذه الهوية الأصلية حتى نكون "نحنُ نحنُ"... كلا الخطابين يقولان بإمتلاك الأدلة "التاريخية" الناصعة على صحة وصفها الدقيق للهوية السودانية... كلاهما ينقب في التاريخ والأديان والآثار واللغة ليضعانا وجهاً لوجه أمام إنعكاس هويتنا وصورتها على مرآة التاريخ: كلاهما يقول: ها أنت هنا ، فتأمل وجهك الحقيقي! كلاهما – باختصار– يقدم لنا بطاقة هوية ممهورة بختم رسمي...
    سيقول الأيديولوجي والسياسي: وما الغضاضة في ذلك؟ إنه الصراع! وقد يهتف الديني: وما المشكلة؟ سينتصر الحق! سيزهق الباطل! ولكن هذا التطابق – في المنهج على الأقل – لابد وأن يثير يثير رعبي ويحرك فيَّ أسئلة مشروعة عن دلالاته...
    لن أطيل ، وأعدك أن أنضم الى أي بوست تطرح فيه أفكارك وأناقشك فيها....

    مع الإعــــتذار الشـــديد يا عجب الفيا....
                  

05-27-2004, 03:36 AM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    نواصل تفصيل بعضا مما اجملنا.

    قلنا:
    Quote: اما حملته علي رموز الغابة والصحراء، وبالذات ادعائيه الدفاع والاقتصاص للافريقي برفضه مفهوم البدائية لديهم، ماهو الا استهبال وضحك علي الدقون وذر للرماد في العيون، حتي لانستبين، كيف ان حملته علي طرح الغابة والصحراء، دافعه الاساسي فيها، هو وهم النقاء العرقي، لا اكثر ولا اقل.


    نزعة الاستعلاء، تتبعها دايما نزعة النقاء العرقي، المستمد علي المستوي النظري من منظر النازية الفرنسي الاصل قوبيني، باعتباره الاب الشرعي لشخصية "الزنجي" او الNegro النمطية، واللتي تطل من بين سطور قلم عبدالله، وقصبا عنه!

    بالذات كلامه عن محرمات الثقافة العربية وصرامتها.

    عندما اعود المرة القادمة سنجري مقارنة مابين طرح قوبيني ودكتور عبدالله، وستفاجأ لمدي المقاربة لدرجة التطابق في جزئية بعينها، ما بين استعلاء دكتور عبدالله وغرور قوبيني منظر النازية.

    مشكلة دكتور عبدالله لاساسية مع رموز الغابة والصحراء، تتصل مباشرة بقولهم ما سماها هو بالهجنة او الاختلاط.

    حيث تعكنن هذه الفرضيه مزاج النقاء الاستعلائي لديه.

    كنوع من الضرب تحت الحزام، دكتور عبدالله يلجأ الي تعرية مفهوم الافريقي البدائي او نموذج قوبيني للزنجي، في طرح الغابة والصحراء.

    هنا من المهم جدا التركيز علي الحتة الجاي منها دكتور عبدالله مش الماشي عليها، في رفضو لي مفهوم الافريقي البدائي.

    فلا يعقل ابدا ان يكون موقف عبدالله وهو الاستعلائي المسكون بوسواس الهجنة، منطلق من انحياز للزنجي المنبوذ سلفا لديه!

    علي الاقل طرح الغابة منحاز للزنجي باعترافو ولو جزئيا بالدم الافريقي، علي عكس عبد الله!

    فال intellectual swindal الذي رمي به مدرسة الغابة انما هي بضاعة عبدالله، من باب الفيك بدر بيه، والهجوم خير وسيلة، As a pre-empt strike
                  

05-27-2004, 04:58 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلتي في بوست الدكتور عبدالله بولا- 1 (Re: Agab Alfaya)

    اسمح لي اولا ان اعبر عن اعتذري عن عدم تمكني من متابعة ردودك علي محبيك المحتفين بقدومك الي هذا الوطن حيث انني لم اقرا ردك علي كلمة ترحيبي بك الا قبل قليل بعد ن نبهني بعض الاصدقاء ،وذلك بسبب ظروف العمل القاهرة التي لا تترك لنا مساحة للتواصل ،فنحن نعمل كالحمير حيث تمتص كل طاقاتنا ثم نقذف كالنواة مقابل دراهم معدودات ،
    لعلك لاحظت ولاحظ كل الاصدقاء الاعزاء انني احيان كثيرة لم اتمكن من الرد علي مداخلات المساهمين في بوست الافروعربية ،بسبب ضيق الوقت مما حدا بالاخ العزيز هاشم ان يعبر عن زعله متهما اياي بتجاهل الرد علي مداخلاته الثرة ،

    ثانيا،احب ان اؤكد ان نزول بوست الافروعربية متزامنا مع بوست الترحيب بك لم يكن مقصودا وانما كان الدافع له بوست ابادماك الذي انزله الاستاذ صلاح يوسف .كما لم يكن القصد استدراجك الي الدخول في مساجلة معي اكسب منها بعض حظ نفس .فانا اعلم قدر نفسي واعلم من انت.ولا زلت احفظ لك حقوق الاستاذية والشياخة وحق الملح والملاح .ويكفي انك انت الذي نبهتني الي اهمية ورقة :تحالف الهاربين.

    ولو سمحت لي ان اعلق علي بعض ما جاء في ردك علي كلمتي ،اقول :

    - ان حديثك عن دكتور عبدالله ابراهيم بانه اتغش في ناس الانقاذ وان الشريعة التي يدعو الي تطبيقهاافضل من افاعيل ناس الانقاذ ،هو قول يكشف عن مبلغ الحب الذي تكنه لهذا الرجل ،ويعطي الانطباع انه مهما قال ويقول سوف لن يلقي منك سوي الرضا والمنافحة والمدافعة.وبالتالي يصعب جدا ادارة اي حوار نقدي حول افكار ومواقف الرجل .

    - اقرارك بالهجنة وانه لا يوجد نقاء عربي وان اهلك الكواهلة ذاتهم هجين، ينسف كل مشروع عبدالله ابراهيم الذي يقوم علي دعامتين اساسيتين لا غني لاحدهما عن الاخري ، هما : العروبة الحقة النقية والاسلام الحق النقي.وسنفصل ذلك في فيما بعد.

    - الحديث بهذه الطريقة عن تعقيد وصرامة المنهج الذي يتبعه عبدالله ابراهيم ، يعطي الانطباع بانه، ما هو الا ارهاب فكري لتحصين افكار الدكتور المفكر من اي نقد او مجادلة.

    - لقد اذهلني ردك علي اتهامي لك في ورقة شجرة نسب الغول ،بانك تنفي او تقلل من المكون العربي الاسلامي،حيث تقول ردا علي ذلك انك عربي ود شيوخ عرب.
    لانني اعلم هذه الحقيقة تمام العلم واعرف اصلك وفصلك ،وراء وقدام كما يقول اهلنا واهلك من نافعاب وكواهلة.لكنني لا احكم علي افكار ومواقف منظري الهوية من انتماءاتهم القبلية والعرقية.
    لقد ظن اسامة الخواض انني ادافع عن الآفروعربية لاسباب شخصية .وهذه نفس النظرة التي قوبل بها محمد المكي وصحبه في الستينات عندما قالوا عنهم : الواحد يكون عنده حبوبة نوباوية ولا فوراوية يجي يقول لينا تمازج وما ادراك!

    اكتفي بهذه الملاحظات وبعد قليل سوف انزل مداخلة مطولة ارجو ان تسهم في تقريب وجهات النظر حول افكار الدكتور عبدالله ابراهيم

    ولك محبتي وعميق احترامي
                  

05-27-2004, 05:14 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلتي ببوست الدكتور عبدالله بولا -2 (Re: Agab Alfaya)


    في سيرورة فكر عبد الله على ابراهيم


    كان اليسار الماركسى السوداني بحكم نزعته العلمانية والأممية يقف ضد الهيمنة المركزية للثقافة العربية الاسلامية وتهميشها لباقي الثقافات الأفريقية الأخرى وضد كافة النزعات العرقية والجهوية. وكان الانطباع السائد أن الحزب الشيوعى السوداني وأصدقائه في اليسار الديمقراطي أنهم دائما المناصريين لحرية الثقافة وحقوق الاقليات .وربما شكل ذلك مصدر جذب للعديد من أبناء الثقافات المهمشة للانخراط في عضوية الحزب ومنظماته الصديقــــــة . ولا أظن أن موقف الحزب كان انتهازيا بقصد التخفي وراء تظلمات الجماعات الأفريقية هربا من محرمات الثقافة العربية الاسلامية كما ذهب إلى ذلك الدكتور عــبد الله على ابراهيم في ورقــته : تحالف الهاربين (1988م) في وصفه - دون تمييز - الذين يدافعون عن حقوق الاقليات .

    وقد بلغ موقف الحزب الشيوعي ذروته في الدفاع عن التنوع الثقافي بصدور كتاب " الماركسية ومسألة اللغة في السودان " حيث رفض فيه فكرة أن تكون هنالك لغة رسمية للبلاد وذلك منعا للتغول على بقية اللغات . ويقول دكتور عبد الله ابراهيم أنه أصدر هذا الكتاب خلال عمله " كمتفرغ بالحزب الشيوعي السوداني من سنة 1970م إلى سنة 1978م . وان الكتاب صدر بالرونيو سنة 1976م . ويقول " انتقد الكتاب نمط ود العرب الذي تسوقه عزته بلغته إلى انتهاك حقوق اللغات الأخرى التي يسميها رطانات في معنى الطنين والعجز عن الابلاغ " . وأظن أن الكتاب وضع في الستينات بتوجيه من زعيم الحزب عبد الخالق محجوب ويبدو لي أننى سمعت هذه المعلومة من د. عبد الله ابراهيم شخصيا لكن في شك منها . وفي تلك الفترة نشر عبد الله ابراهيم مقاله في الرد على اسحاق ابراهيم اسحاق والذي يدافع فيه عن اللغات المحلية الأخرى ضد تغول اللغة العربية التي يطالب اسحاق بأن تكون اللغة القومية . ويكرر المقال نفس الأفكار الواردة في كتاب " الماركسية وقضايا اللغة في السودان " .

    هذا كان موقف الحزب الشيوعي في الستينات وبداية السبعينات وهكذا كان موقف عبد الله ابراهيم المعلن والمنسجم مع خط الحزب . لذلك عندما طرحت فكرة الغابة والصحراء في بداية الستينات كتوصيف لحال الثقافة السودانية لم يتحمس الحزب الشيوعي لهذه الفكرة ظنا منه أنها تكريس آخر لهيمنة الثقافة العربية الاسلامية لا سيما وأنها تجعل من سنار – أول مملكة عربية اسلامية في السودان – مرتكزا في توصيف هذا الواقع المتنوع المتشابك . لذلك عمد مثقفو الحزب واصدقائه في النصف الثاني من الستينات إلى تكوين تجمع مناوئ للغابة والصحراء اختاروا له اسم آبادماك الاله النوبى القديم – كأقوى اشارة على انحياز اليسار الماركسي إلى المكون الثقافي الافريقي المحلي ، وكأشارة إلى أن ماضي هذه الأمة ابعد من سنار ومن دخول العرب السودان . وذلك على الرغم من أن الأمر لم يخلو من المكايدات والمكر السياسي أيضا . وكان لعبد الله ابراهيم الباع الطويل في قيام هذا التجمع بحكم تفرغه للعمل الثقافي بالحزب وعلاقته اللصيقة بعــــبد الخالق محجوب .

    هذه هي الخلفية التي لا يزال تنطلق منها الغالبية العظمى من اليسار الماركسى في النظر إلى الدكتور عبد الله على ابراهيم وتقديمه كمفكر المعى وخير من يمثل هذه الطائفة التقدمية في قضايا الفكر والثقافة . ولكن هنالك مياه كثيرة عبرت من تحت الجسر كما يقولون منذ أن استعفى د. عبد الله ابراهيم من عضويته بالحزب الشيوعى سنة (197 ومنذ وضعه لكتاب " الماركسية ومسألة اللغة في السودان " . فقد تحولت افكار واهتمامات الرجل تحولا تاما الي النقيض .اذا لم يعد همه السودان ككل والدفاع عن حقوق الاقليات ضد تغول الثقافة العربية الاسلامية . وإنما صار همه كله تكريس سلطة وسيادة " الجماعة العربية المسلمة - على النيل والبوادى " إلى درجة نفى الآخرالأفريقي ،والمطالبة بانفرادها وحدها بهذا السودان .

    وقد أشار عبد الله بولا إلى إلى بواكير هذا التحول في خطاب عبد الله على ابراهيم في ورقة شجرة نسب الغول بقوله : " هنالك مساحة من السديم ، في وعى كثير من مثقفي اليسار الديمقراطي في السودان معفاة من النظر النقدى ، تستقر فيها احكام الثقافة العربية الاسلامية المستعلية في أمن وآمان 00 وفي ظني أن من مساحة السديم هذه ، قد صدرت عن صلاح وعبد الله مواقف من سلطة الغول الاسلامـــوى لا تزال مبعث حيرة وأسف جمهرة قرائهما " .
    يقصد صلاح أحمد ابراهيم وعبد الله على ابراهيم وذلك في سياق حديثه عن مقولة صلاح " نحن عرب العرب " التي نشرها في الستينات ردا على كلمة للنور عثمان أبكر بعنوان : " لست عربيا ولكن ! " ويقول بولا أن عبد الله ابراهيم ناصر ، صلاح ،على النور عثمان أبكر في هذا الموقف وهذا هو مبعث للحيرة والاسف من جانب بولا.

    إلا أن بولا يقول أن صلاح قد اجتاز مساحة السديم التي ترقد فيها أحكام الثقافة العربية الاسلامية المستعلية في أمن وآمان ، وأعلنها صريحة : " أنا الهجين عنترة " وذلك في حوار صحفى بالشرق الأوسط نشر في أوائل التسعينات . ولكن المفارقة أن بولا يصف ورقة عبد الله ابراهيم ( تحالف الهاربين ) بالجلال والفرادة ، بالرغم من أنها رفضت صراحة القول بهجنة سكان شمال السودان . تلك الهجنة التي أعطى بولا مقابلها ، لصلاح شهادة اجتياز مساحة الســــــــديم ،! ولا أدرى كيف افلتت مقولات عبد الله ابراهيم في تحالف الهاربين ، التي لا ترقد بل تلعلع فيها أحكام الثقافة العربية الاسلامية المستعلية في أمن وآمان ، من قبضة بولا النقدية الصارمة ؟ كيف لم يعبر بولا عن أسفه وحيرته ، وذلك أضعف الايمان ، عن الاحكام التي اصدرها عبد الله ابراهيم انطلاقا من مساحة السديم بحق الواقع الافريقي المحلى في الثقافة السودانية حيث وصفه بأنه واقع مطموس ولا وجود له في الوجدان السوداني وأن الدفاع عنه أو رد الاعتبار له ما هو إلا محاولة يائسة " لتحجيم انتماء السودان للثقافة العربية الاسلامية " وأنه " خلع للحضارة العربية و " غش ثقافي " . ومؤامرة علمانية " لتفكيك محرمات الثقافة العربية الاسلامية " .

    المسألة ليست مسألة الوقوف على نص واحد أو تصيد لزلات لسان . أنه مشروع متكامل صاحبه على بصيرة من أمره ، ولا سديم ! وقد وصف محمد جلال هاشم في ورقته الهامة : " السودانو عربية أو تحالف الهاربين " – رغم اختلافنا معها – وصف هذا المشروع بأنه اسلاموعروبي يهدف إلى تأسيس " عروبة خاصة بالسودان واسلام خاص به دونما ادعاء للأفريقية " . وقد قال محمد جلال أن عبد الله ابراهيم قد استعان في تمرير مشروعه بالكثير من " الحيل والمناورات " !

    وقد أصاب محمد جلال في وضع يده على جوهر الحل الذي يقدمه عبد الله ابراهيم من خلال مشروعه الاسلاموعروبى ، حيث قال :

    " الحل الذي يقدمه عبد الله ابراهيم أن يكف ابناء الشمال العربي المسلم عن البحث عن هوية أفريقية لهم .. مشروعه يقوم على بناء حدود ثقافية بين ابناء الشمال العربي المسلم وابناء الجنوب الافريقي فهذان هما القوامان . والقرصنة متاحه لاقوام أخرى . متاحة للفور والنوبة والبجا كي ينفضوا عن هذا الحلف السنارى ويكونوا أقوام خاصة بكل . وهكذا يتــفرق السودانيـــون آباديد فـي الجهــات الأربعـــة 00 ولا عاصم لهم من هذا الشتات إلا الوسط الاسلاموعربى – أي السودانو عربية . ولكن اليس ذلك هو العروبة ذاتها ؟ 00 أنها العروبة ولكنها عروبة لا تستمد مشروعيتها من اعتراف العرب بها .. أنها عروبة خاصة ومفصلة على أهل السودان الذين لا يعرفون غير الاسلام دينا وكفى الله المسلمين شر الهجنة . "
    وهكذا كأنك يا أب زيد ما غزيت ، أن البديل الذي يقدمه عبد الله ابراهيم ليس افضل من الافروعربية التي آباها ووجه اليها اقذع أنواع النقد . فهو بديل يقود في احسن الاحول الي هيمنة وتسيد الوسط الاسلاموعربي ،اذا لم يؤدي الي الانفصال. وبذلك أن المشروع الذي يقدمه دكتور عبد الله أقل بكثير من رؤية الآفروعربية . فمشروعه موجه فقط لعناية " الجماعة العربية المسلمة على النيل والبوادى " الي حد توجيه الدعوة صراحة إلى هذه الجماعة للانفصال عن باقي الأقوام والانفراد بالسودان . يقول في المحاضرة التي قدمها بالمجمع الثقافي بابوظبي في أمسية الابعاء 11/7/2001 :

    " أنا معنى بالجماعة العربية المسلمة في شمال السودان00 أن هذه الجماعة عندما أرادت أن تبنى وطنا بنت وطنا أكبر في رقعته من رقعتها 00 أن من متاعبنا ، ومثار النزاع الحالي هذا الخليط من الهويات 00 "

    هذه هي الدعامة الاولي التي يستند اليها مشروع عبدالله ابراهيم ،عروبية اصولية خاصة بالجماعة العربية المسلة بشمال السودن .اما الدعامة الثانية ،فاسلام اصولي مبرأ من كل تبعات الاسلام الصوفي والشعبي.
    أن الاسلام الذي يدعونا إليه عبد الله هو الاسلام السلفى – الارثودكسى الـــذي لا يختلف اسلام الحركات السلفية الأصولية وليس الاسلام الشعبى الصوفى كما يقول محمد جلال . وقد توج هذه الدعوة بسلسلة مقالاته التي كرسها للدفاع عن الاتجاه السلفى للشريعة الاسلامية ، تحت مظلة الدفاع عن القضاة الشرعيين ، والتي نشرت متفرقة في صحيفة الرأي العام ابتداء من شهر مايو 2003 يقول الدكتور عبد الله في مستهل الحلقة الأولى :

    " أريد في هذه المقالات 00 أن أرد إلى الشريعة مطلبها الحق في أن تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين . ولست أرى في مطلبها هذا باسا أو ظلما لغير المسلمين 00 ولست ادعى علما فيما يجد غير أننى أتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية على عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمرأة ما وسعها " .

    أن دكتور عبد الله لا يطالب هنا بتطبيق شريعة الأحوال الشخصية – الانكحة والمواريث – فهذا ما هو مطبق منذ أول عهد الاستعمار الانجليزي وحتى الآن . بالمنطق البسيط أن الانسان يطالب بما ليس موجود وقائم وليس بما هو قائم . لذلك د. عبد الله يطالب بأن تكون الشريعة الاسلامية مصدرا لتشريع جميع القوانين ، المدنية والجنائية ، وليس فقط مصدرا لقانون الأحوال الشخصية للمسلمين المطبق منذ الاستعمار الانجليزي .

    في حوار اجراه معه صديقي/ السمؤل ابو سن ، ونشر بجريدة اخبار العرب الاماراتية بتاريخ 11/7/2001 ، ويؤكد دعوته إلى اسلام اصولي مبرا من كل الشوائب ، حيث يقول ردا على سؤال حول سبب هجومه على الآفروعروبيين وجماعة الغابة والصحراء :
    " هم يقولون أن الاسلام حينما جاءنا جاء صوفيا واخذنا عنه وكأنما الذهن الأفريقي لا يحتمل القضايا الفقهية وهذا أمر غير صحيح ، تركنا الفقه والشريعة واصبح لدينا فقط الاسلام الصوفي لأنه يتناسب مع الايقاع الأفريقي " ويقول في ذات الحوار .. أنا اتهمهم بأنهم 00 قالوا ، أن اسلامنا ليس هو الاسلامي الاصلي ، وكأنما ارادوا أن يقولو أن اسلامنا خرج عن جادة الاسلام وعربيتنا كذلك ، وأنا أرى أن في ذلك تبخيس لنا فنحن مسلمون حقيقة ، ونحن عرب حقيقة . "

    أن مأخذ عبد الله ابراهيم على الاستعمار الانجليزي ، اقتصاره تطبيق الشريعة على قضايا الأحوال الشخصية ، وهو يرى في ذلك زراية بالشريعة واتهام لها بالقصور ، لذلك فهو يطالب بأن تطبق أحكام الشريعة في جميع التشريعات والقوانين وبواسطة القضاة الشرعيين الذين يرى أنهم اكفأ من غيرهم . ويدلل على ذلك بنجاح القضاة الشرعيين في تطبيق قانون الأحوال الشخصية منذ عهد الاستعمار وإلى اليوم . وبالتالى فهم قادرون على تطبيق قوانين الشريعة الأخرى ؛ المدنية والجنائية بنفس الكفاءة . ويتخذ من نجاح القضاة الشرعيين في تطبيق قانون الأحوال الشخصية ، سببا للتفؤل بنجاحهم بتطبيق التجربة في كافة القوانين .

    يقول "ولست ادعى علما فيما يجد ، غير أنني اتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق 00 القضاة الشرعيين من قضاة المحاكم الشرعية وما تلاه من ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة وانتصفت للمرأة ما وسعها " .أنه يقدم نموذج تطبيق القضاة الشرعيين لقضايا الأحوال الشخصية كنمــوذج علـــى نجــاح ما سيؤول إليه تطبيق الشريعة الاسلامية في بلد المسلمين .


    كما انه لا يقتنع بالتقسيم التقليدي للقضاء على شرعي ومدني ويرى أن هذا التقسيم اقامه الانجليز لعدم ثقتهم في صلاحية الشريعة الاسلامية وللزراية بالقضاة الشرعيين وجعلهم تحت تبعية القضاء المدني المستمد من القانون الانجلــيزي .

    في حوار اجراه معه صديقي/ محمد الربيع محمد صالح ، ونشر بجريدة الاتحاد الظبيانية في 28/9/2000 يقول : هل كنا بحاجة إلى هذا التصنيف ، قضاء شرعي وقضاء مدني ؟ 00 القانون المدني والقانون 00 الجنائي ، قائم على تفويض القاضي بما يمليه الحق والعدل والمساواة والوجدان السليم ، فهل تخرج الشريعة من هذه الاقانـــيم ؟ وقادني هذا السؤال إلى سؤال آخر ؛ لماذا عملنا تقليد وحداثة عندما عمل الانجليز قضاء مدنيا وقضاء شرعيا – تقليد حداثة – هذا يعنى أن هناك قرار آخر يأتي من سلطة ما 00 فالقاضي الانجليزي لا يثق في الشريعة ، ويثق في القانون العام البريطاني الذي ورثناه ، فاصبح القاضي المدني هو السلطة والقاضي الشرعي هو الضحية ، ونحن استسلمنا لما يحدث إلى أن حدث 00 الاضطراب العام بين ذاتيتنا وحداثتنا ".اذن سبب الاضطراب في حياتنا القانونية هو سيادة القانون المدني الذي ورثناه عن الانجليز .والمخرج هو أن نرد للشريعة مطلبها في أن تكون لها السيادة في جميع القوانين وليس فقط قانون الأحوال الشخصية ، لتكون السيادة كاملة غير منقوصة ، للقاضي الشرعي . هذا هو الهدف الذي دفع دكتور عبد الله إلى كتابة مقالاته المشار اليها .

    في حواره مع محمد الربيع بجريدة الاتحاد ، لم يجد دكتور عبد الله غير الترابي كنموذج للمفكر الذي حاول أن يحل الاشكال الذي أدى إلى الاضطراب في حياتنا بسبب التنازع بين التقليد والحداثة ، ويقول : " د. حسن الترابي حاول رفع الخصومة هذه بعمل هجين من المثقف الحديث والمثقف التقليدي ، بأن " يتأدب الافندي وأن ينفتح الفقيه على الحداثة ، بحيث يصبح القاضي الشرعي ، مثلا عالما في الاحصاء أو الاقتصاد " . وهكذا يكتمل مشروع عبــد الله ابراهيم بأصوليته العربية واصوليته الاسلامية .

    وبعد اقول ،ليس منطلقي لنقد افكار الدكتور عبدالله ابراهيم ،الدفاع عن الافروعربية بقدر ما هو نقد البديل الذي يطرحه ، ويذهل عنه الكثيرون ، اما محاباة ، واما بسبب الحيل والمناورات ،التي يتبعها في طرح هذا المشروع ،علي حد تعبير محمد جلال هاشم .
    سبب اخر هو ان دكتور عبدالله نشر كتاباته التي تمثل مختلف مراحل تطوره في كتابه :الثقافة والديمقراطية في السودان ،فتجد مثلا ، تحالف الهاربين في اول الكتاب، ثم ما تلبث ان تجد ،مستقبل اللغات المحلية المنقح عن رده علي ابراهيم اسحق والذي هو تكرار لافكار :الماركسية ومسالة اللغة في السودان ".وقد ادي ذلك الي شي من اللبس والحيرة عند البعض .
                  

05-27-2004, 05:41 AM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخ العزيز حافظ

    ياخي ماتكون حساس كده!

    "تقسيمتي" عادة عالية لاني بعدي يومي خنق لغياب الارضة المشتركة مع 99% من عضوية المنبر، وهذا قدري!

    تصادم مرجعيتنا هو الاساس، او فعلا ما ذي قلت في مشكلة منهجية حقيقية، بحكم غربة مرجعيتي اللي بتحد وفي الغالب بتمنع من وصولي الي خلاصة مشتركة حتي في اصغر الجزئيات.

    فلا يغيب عن وعيك كيف ان هذا الاختلاف الجذري مابين مركزية الشمال العربية، والجنوب الافريقية، الدم فيه وصل الركب، ممايدل علي ضراوة وتجذر الاختلاف مابين المرجعيتين!

    طبعا ده تقسيم فضفاض وعام بغرض الايضاح، ارجو ان يؤخذ بحذافيره.

    اما بخوص الخطأ الاجرائي، وانا اصر علي انو اجرائي، مش عشان اتخارج من المسؤلية ولا ابرر موقفي، وانما حقيقة هذا ماحدث، لانو النص ورد مبتور، واستناجي بناءا علي ما اورده استاذ بولا كان صحيح.

    انا علي استعداد لاثبات ماتوصلت اليه، باستخدام اسناد صحيح من كتابات دكتور عبدالله.

    لهذا السبب انا اصر ان ما حدث هو محط خطأ اجرائي فقط لانو مأخذي الاساسي علي دكتور عبدالله يظل قائم، والموضوع من اساسو ماعايز ده كلو، لانو الفصل العنصري موجود كواقع معاش، حتي علي مستوي جهاز الدولة بل الدساتير نفسها، اللتي تصر علي الاسلام كمصدر اساسي للتشريع.

    بالذات لمان نضع في الاعتبار طبيعة طرح الاسلام السياسي وانعكاساته السلبية علي دولة المواطنة، لان الاسلام السياسي يمثل راس نووي لذات هيمنة الثقافة العربية لجماعة عبدالله.

    بالنسبة لي بوست النحونة، فهو لا يختلف عن الخط العام لطبيعة الهم الحساني الانصرافي لهذا المنبر "العبدلابي"!

    بالعدم تشفير اللغة المروية "مثلا" او اعادة كتابة لسانا الكوشي مثلا، اولي بمجهود لسانيينا من امثال الفكي وهو رجل متمكن في مجاله.

    وهكذا وفي غياب مشاريع عملاقة واساسية، بذل مثل ذلك المجهود لدراسة كلمة واحدة يظل ترف ذهني وهم شمالي خالص.

    ليس هذا باحتجاج او مطالبة باي شئ، بقدر ماكان استشهاد بواقع حي، علي عقلية الشمالي اللتي تصور مجرد وجود زنوج السودان، في قري الصفيح علي اطراف عاصمة الجماعة العربية، يدل علي التمازج!

    عجبي!

    اما موضوع الايدلوجية في طرحنا، فوالله ياحافظ، مجبر اخاك، لابطل، لانو وكما اشرنا، البقوم من نومو فجأة ويقول انو عربي بلا ادني مسوغ، فهو الايدلوجي.

    دي خلاصة نكتة عروبة السودان.

    وبما ان هذه النكتة بمرور الزمن تحولت الي بناء ايدلوجي متكامل، لمنازلته من جانبنا في سبيل اعادة الامور الي نصابها، فلا مفر من السباحة في نهر الايدلوجية، والتحدث بلغتها لان الايدلوجين العروبين قابضين علي كل شئ!

    فما امثالي بفعالين، ونحن نعد علي اصابع اليد الواحدة في منبر الايدلوجية العريية الشمالية الاقصائية، هذا؟

    اما حديثك عن المرجعية الافريقية الشمالية فما فهمتو خالص.

    علي العموم خالص ودي، واعفو عنا، لانو في نهاية يوم الدواس الفكري، كلنا سودانييين واخوان ياحبيب.

    يازول انا بحب ناسي موت، ولا احفل بالتصنيفات في حياتي الاجتماعية، بل هي من المحرمات عندي، خارج حلبة "الملاكمة الفكرية".

    عييييييييك ياحافظ، انت انسان بحكم حسك الابداعي، كلام ذي ده ذي الصرير في وقعوا علي اذنك!

    فتك بي عافية، وياعجب ابقي عشرة علي هذا البوست التاريخي، لحدي ما اجي صادي لو حييينا!
                  

05-27-2004, 12:26 PM

Bakry Eljack
<aBakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Bashasha)

    الاخ الصديق عجب الفيا
    الاخ هشام
    الاخ حافظ الخير
    الصديق بشاشة
    القراء الكرام

    التهنئة للعشب السودانى قاطبة فى كل انحاء الارض , التهنئة الحارة الى مقاتلى الجيش الشعبى فى كل الجبهات , التهنئة الحارة لمقاتلى التجمع الوطنى الديمقراطى, التهنئة الحارة الى مقاتلى حركة تحرير السودان, التحية والتجلة لارواح شهداء الحرية والديمقراطية, التحية لكل الشرفاء فى سجون النظام , التحية لكل المناضلين الشرفاء, التحية لكم جميعا, ها هى الخطوات الاولى فى مسيرة بناء السلام تبتديء بتوقيع الاتفاقية الاطارية حول السلطة , وهذه بشري خير لبداية عهد جديد للحوار الديمقراطى و هو اشرس المعارك التى تنتظرنا جميعا حسب فهمى.


    شكرا اخوتى المتحاورين هنا على استجابتكم لندائى بعدم العودة الى تلك الطريقة السجالية فى الحوار واخص بالشكر الاخ هشام والاخ عجب الفيا, وهاهو الاخ فيا ينقلنا الى الفضاء الرحب الى نقد البديل الذى يقدمه دكتور عبد الله فى ثنايا نقده لمشروع الافروعروبية عند الغابة والصحراء وفى نقده للمستشرقين فى كسار قلم مكمايل, وغيرها, و هو قد يكون قد كسر مكمايل اكاديميا ولكنه احيا قلم ابو الاعلى المودودي بل واطلق له العنان . ورد فى مداخلة الاخ عجب اعلاه احدي ردود عبد الله على ابراهيم على سؤال احد الصحفيين.


    أريد في هذه المقالات 00 أن أرد إلى الشريعة مطلبها الحق في أن تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين . ولست أرى في مطلبها هذا باسا أو ظلما لغير المسلمين 00 ولست ادعى علما فيما يجد غير أننى أتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية على عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمرأة ما وسعها

    هل هناك تمييع للصراع و فذلكة و حذلقة وحيل اكثر من رده هذا, اين هى بلد المسلمين هذى, هذا كلام فى غاية الخطورة يؤكد صدق قراءتنا لمشروع عبد الله على ابراهيم الوارده اعلاه, هل يدري العبد الله هذا خطورة ايراد مفردة بلد المسلمين هذه هكذا على عواهنها وعلاقتها بحلقات الصراع, ومن هو الذى قال انها بلد المسلمين , ماذا افادته ماركسيتة د. عبد الله وما ذا افادته علمانيته من تفادي الانزلاق فى ازقة المفاهيم , اذا كان المنادون بدولة المواطنة هم المسلمين قبل غيرهم و يجب ان يكون على راسهم هذا الماركسى العلمانى الالمعى الذى خدعته الانقاذ على حين غرة من امره, هل يدري دكتور عبد الله من خطورة ورود مثل هذه المفردات فى سياق خطاب عام. سوف لن يضيرنى شيئا ان انضم دكتور عبد الله فى صبيحة الغد الى المؤتمر الوطنى او الى كيان الشمال, بل سيضيرنى الكثير ان يظل رجل بقامة دكتور عبد الله وبالمعيته محسوبا على قوي اليسار الديمقراطى وعلى القوي العلمانية ليتم الاستشهاد به فى باب وشهد شاهد من اهلها الذى ان لم يحدث اليوم فسيحدث غدا. مثل هذه اللغاويس الفكرية هى الثمة التى تهزم جل مثقفينامهما تمتعوا بوسامة فكرية و بذهنية متفردة ودونكم المزالق التى يدخلون فيها انفسهم يوميا و دونكم موارد تضارب المواقف التى يحشرون فيها انفسهم فى كل ثانية.

    بكري الجاك
                  

05-27-2004, 03:04 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الي بكري الجاك (Re: Bakry Eljack)

    Quote: أريد في هذه المقالات 00 أن أرد إلى الشريعة مطلبها الحق في أن تكون مصدرا للقوانين في بلد المسلمين . ولست أرى في مطلبها هذا باسا أو ظلما لغير المسلمين 00 ولست ادعى علما فيما يجد غير أننى أتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب ذوق الشرعيين بها من قضاة المحاكم الشرعية على عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين التزمت خير الاسرة المسلمة وانتصفت للمرأة ما وسعها

    هذا ليس حوار صحفي ، هذا بحث في الدفاع عن قوانيين الشريعة الاسلامية نشره الدكتور في حلقات بجريدة الراي العام مايو الماضي وهو بحث تفرغ الدكتور لانجازه خصيصا كما اخبرنا في زيارته لابوظبي اثناء جلسة مصغرة عقب الندوة المشهورة التي اقامها بالمجمع الثقافي هنالك.
    ويمكنك الرجوع الي ارشيف الراي العام هذا اذا لم يكن البحث قد نشر في كتاب.
                  

05-27-2004, 02:53 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار السمؤال - وافريقيا وترمنجهام المفتري عليهما (Re: Agab Alfaya)

    كنت قد وعدت اخي هاشم قبل مدة ان اعلق علي حوار صديقنا ، السمؤال ابو سن مع الدكتور عبدالله ابراهيم الذي دارت بسببه معركة كلامية بين بشاشة من جهة وفردة الدكتور بولا من جهة ثانية.ولكن زي ما تعرف العين بصيرة والايد قصيرة .
    وتنبع اهمية هذا الحوار كونه تكرار لبعض الافكار الواردة في تحالف الهاربين وان كن الدكتور يستعمل اسلوب غير مباشر في التعبير عن افكاره الحقيقية .

    ودعني اولا احي اخي وصديقي السمؤال علي هذا الحوار الجري .وقد ذهب السمؤال الي الدكتور عبدلله لاجراء هذا الحوار علي خلفية قراءته للورقة محل النقاش : الافروعربية بين الواقع ووهم الايديلوجيا- واذكر انه قد تناقشنا قبيل المقابلة انا واخي السمؤال حول سيناريو الحوار .وقد وضح للدكتور من طبيعة الاسئلة ان محاوره ملم تماما بطبيعة مشروعه او قراءته لحال الثقافة السودانية ،فعمد الدكتور الي اسلوب التقية والتورية غير المباشر في الاجابة علي الاسئلة .فتراوحت اجاباته بين مواقفه السابقة التي املتها عليه عضويته في الحزب الشيوعي وبين مشروعه الاسلاموعروبي الجديد.فتداخلت افكار: كتاب الماركسية ومسالة اللغة في السودان ورده علي اسحاق ابراهيم حول اللغات المحلية ، مع افكاره في: تحالف الهاربين ،الامر الذي خلق حالة من الاضطراب واللبس للقاري غير المدرك لطبيعة التحولات التي طرأت علي خطاب الدكتور.

    يقول عن معارضته للافروعروبية :
    Quote: أما في موضوع الافروعروبيه فكنت احوال ان اصنع فرصة للجماعات غيرالعربيه لان تكون متميزه في الوطن بثقافاتها و علي قوامها وعودها الثقافي بغير ان تجبر علي هجنة غير واقعيه.

    اجابة في غاية الذكاء ،يتمثل فيها الدكتور افكار كتاب : "الماركسية ومسالة اللغة في السودان"
    ولكن هل موقفه نابع فعلا من الحرص علي حقوق الجماعات غير العربية ام من رغبته في التاصيل لنقاء الجماعة العربية المسلمة علي النيل والبوادي كما تجلت في تحالف الهاربين ؟
    هذا ما يفصح عن نفسه في السؤال التالي:

    Quote: * ما المقصود بهجنة غير واقعية؟؟
    ج- يعني ، أن الغابة و الصحراء هي هجنه مصطنعه

    يعني بالعربي الفصيح ان هجنة الجماعة العربية المسلمة بشمال السودان هجنة مصطنعة،غير واقعية !فما هو المصطنع :الهجنة ام النقاء العرقي؟ وهذه هي بالضبط هي الايديلوجيا التي اقصدها. وهذا يؤكد ان نفي الهجنة ما عشان خاطر الجماعات غير العربية .وهنا علينا ان نتذكر اتهام الدكتور للعلمانيين بالتخفي وراء تظلمات الجماعات الافريقية ،بس علينا ان نقراه هنا بالمغلوب .

    الخطير في الامر هو الاتهام الموجه لافريقيا في واحدة من اجاباته يقول
    Quote: فهم يروجوا لفكرة الهجنه وهي مشروع سياسي في شكل ثقافي أو ثقافي في شكل سياسي ، حاولوا أن يمحوا الثقافة العربية الاسلامية في الشمال ويصفونها كأنها ثقافة ضحلة و كأنها تهجنت حينما جاءت الي افريقيا تأفرقت و اصبحت علي غير اصولها الثقافية و هذا ينطوي علي خطأين:


    لا حظ عبارة كانها " اصبحت علي غير اصولها الثقافية " في وصفه للثقافة العربية الاسلامية . فهو يعترض علي القول بان هذه الثقافة عندما هاجرت من منابعها الي السودان احتكت بالمكون المحلي الافريقي ،فهو يريد ان يسقط كل عوامل الجغرافيا والتاريخ والانثروبلوجيا ومنطق تطور الاشياء ،ليحافظ علي اصولية الثقافة العربية الاسلامية كما جاءت من منابعها بجزيرة العرب.
    لاحظ ايضا ان الخطاب هنا يقوم علي الاستناج والاستقوال وليس علي الاستشهاد المباشر:
    "حاولوا ان يمحوا الثقافة العربية في الشمال،
    ويصفونها كانها ثقافة ضحلة..الخ"

    اما وجه الخطا في القول بامتزاج الثقافة العربية المهاجرة بالرصيد الثقافي المحلي فهو كما يراه دكتور عبدالله:
    Quote: الأول هو ان افريقيا حينما تدخلها الاشياء تسوء و تخرج عن قواعدها ، يعني اذا كان هناك فقه فأن الافارقه ليسوا قادرين علي موضوع القه هذا فيضفون عليه صفة الافريقية و يصير الامر كلعية . فما الخطر في ان نتعامل مع ثقافة جاده؟؟ و الخطأ الثاني هو ان افريقيا حينما تدخلها الاشياء تتوحش و تصبح وحشية و تتنازل عن قواعدها الفلسفية و تصبح ، يعني ، فولكلوريه.

    افتراض واستنتاج ثم اصدر احكام !
    فالسؤال هو: من قال ان افريقيا عندما تتدخلها الاشياء تسؤ وتتنازل عن قواعدها الفلسفية وتصبح فلكلورية فقط ؟
    من قال ان الافارقة غير قادرين علي انتاج فقه اسلامي او فلسفي؟
    طبعا كلها افتراضات من جانب الدكتور لتبرير رفضه القاطع لاي هجنة او تمازج بحثا عن نقاء اسلامي وعربي .كانما يريد ان يقول انا ارفض القول بتافرق الثقافة العربية الاسلامية : لان افريقيا عندما تتدخلها الاشياء تتوحش وتسؤ ولان الافارقة غير قادرين علي انتاج فقه او فكر فلسفي !
    وبذلك تكون قراءة بشاشا بالرغم من خطاءها الكتابي الا انها هي القراءة التاويلية الصحيحة، ولا اقول التفكيكية، لافكار الدكتور .

    وقد ادرك السمؤال بحسه النقدي المرهف انما وصف به الدكتور افريقيا ما هو الا استقوال واستنتاج ،فكان هذا السؤال الذكي:
    Quote: * و لكن لماذا لا نعكس الصوره ونقول ان افريقيا تضفي طابعها علي الثقافه الوافده و تتفاعل معها لتكسبها بعض افريقيتها و تأخذ منها كذلك، لماذا لا نقول ان الاسلام عند دخوله الي افريقيا يكتسب ملامح جديده و ليس بالضروره ان نربط الامر بالضحاله؟؟:

    يعني يا دكتور لماذا لا تعكس الصورة وتقول ان افريقيا تضفي طابعا علي الثقافة الوافدة ؟". وهذا طبعا منطق الاشياء لكن الدكتور لديه اجندة اخري ، فجاءت الاجابة :
    Quote: هذا هو الاصل ، في الاسلام حتي عندما نشأ في البيئة الجاهليه ، هذا قانون ينطبق علي اي دين.

    اسلام اصولي يعني بلا اي ابعاد سيسيلوجية، بلاش مكون محلي او اسلام شعبي او صوفي !
    فالقول ان اسلام اهل السودان صوفي ،هذا طعن في صحة اسلامهم وعدم مقدرتهم علي انتاج فقه، او كما يقول الدكتور :
    Quote: إذا لماذا وصف الامر بالضحاله؟
    ج - هم يقولون ان الاسلام حينما جاءنا جاء صوفيا و اخذنا عنه و كأنما الذهن الافريقي لا يحتمل القضايا الفقهية و هذا امر غير صحيح تركنا الفقه و الشريعه و اصبح لدينا فقط الاسلام الصوفي لانه يتناسب مع الايقاع الافريقي .

    ومزيد من الاستقوالات والافتراضات والاستنتاجات والاحكام :
    من قال ان القول بان اسلامنا صوفي تعني بالضرورة اننا ضد الفقه وضد العقل الذي ينتج هذا الفقه ؟
    وهل ترك الصوفية عندنا الاشتغال بالفقه ؟ ام ان المسالة اعقد من ذلك؟
    انه تعبير غير مباشر عن الانحياز الي الفقه ضد الصوفية والاسلام الشعبي الذي يعتبره الدكتور اسلام غير اصيل وهو يريد الاسلام الاصيل القائم علي الفقه .راجع سلسلة مقالاته في الدفاع عن الفقهاء والقضاة الشرعيين .

    ولكن هذا وحده غير كاف في نظر الدكتور لتحصين الاسلام الاصيل من تغول المكون المحلي الصوفي لذلك لا بد من اصدار مزيد من التهم والاحكام ضدا هذا المكون المحلي الافريقي :
    Quote: في تقديري ان رموز الغابة و الصحراء مع ذلك لم يكونوا متشبعين بثقافة عربية اسلامية و انما بثقافة غربية استشراقية و هي ثقافة اتضحت في كتاب ترمنجهام " الاسلام في السودان" و هو الكتاب المعتمد لدي الصفوة التي تتحدث عنها ، يعني كل مقولاتها منقوله عن ترمنجهام وهو الذي قال ان الاسلام عندما جاء السودان اكتسب صفات وثنيه

    الاستشراق والوثنية !
    كلمتان كافيتان للطعن في اي فكرة لا تناسب الاسلام الاصيل الذي يفتش عنه الدكتور ،
    هل وصف اسلامنا بانه صوفي دايرة ليها استشراق ولا دا واقع متغلغل في اعماق لحم حي اي سوداني ؟
    هل الهجنة - لا احبذ هذه الكلمة لكن استعملها مضطرا - دايره ليها درس عصر من المستشرقين ولا واقع طافح علي بشرة اي سوداني حتي ولو كان حلبي ؟

    Quote: ]وهو الذي قال ان الاسلام عندما جاء السودان اكتسب صفات وثنيه

    لحسن الحظ ان كتاب سبنسر تريمنجهام:الاسلام في السودان ،الان يوجد بين يدي : ترجمة الاستاذ الباحث السوداني والمترجم: فؤاد عكود- اصدار المجلس الاعلي للثقافة بمصر - 2001
    تحدث الكتاب عن الاسلام الاصيل او القويم حسب الترجمة وهو اسلام الفقهاء والمدارس الدينية .ثم تحدث عما اسماه الاسلام الشعبي وقصد به التصوف واعتقاد الناس في الاولياء والصالحين. ثم تحدث عن امتزاج الاسلام بالعادات والتقاليد التي كانت سائدة قبل دخوله مثل عادات الزواج والماتم، ومثل السبر والتمائم والعين والحسد والسحر وغيرها من الممارسات التي ليس لها اصل معروف ، وقد وصف ترمنجهام هذه العادات بالعادات الوثنية .هذا كل ما هنالك . ولكن الدكتور يري ان مجرد وصف امتزاج هذه العادات بالاسلام الاصيل يدخله في الوثنية .كانما يفترض ان الاسلام جاء الي ارض متوحشة لا يوجد بها ناس اوحضارات .
    قارن بين نظرة الدكتور هنا ونظرة الجماعات السلفية!

    ونواصل

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 05-27-2004, 07:15 PM)

                  

05-27-2004, 05:30 PM

Bakry Eljack
<aBakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار السمؤال - وافريقيا وترمنجهام المفتري عليهما (Re: Agab Alfaya)

    هذا ليس حوار صحفي ، هذا بحث في الدفاع عن قوانيين الشريعة الاسلامية نشره الدكتور في حلقات بجريدة الراي العام مايو الماضي وهو بحث تفرغ الدكتور لانجازه خصيصا كما اخبرنا في زيارته لابوظبي اثناء جلسة مصغرة عقب الندوة المشهورة التي اقامها بالمجمع الثقافي هنالك.
    ويمكنك الرجوع الي ارشيف الراي العام هذا اذا لم يكن البحث قد نشر في كتاب.



    شكرا اخى عجب على التصحيح, واصل انا من المتابعين بشغف



    بكري الجاك
                  

05-27-2004, 09:10 PM

د. بشار صقر
<aد. بشار صقر
تاريخ التسجيل: 04-05-2004
مجموع المشاركات: 3845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاستاذ منعم
    لقد ضرب جهازي فيروس لعين أبعدني عن المشاركة ولكنني من المواظبين في القراءة (بطيران) إلي أجهزة الأصدقاء, لدسامة الوجبات الشهية في هذا البوست القوي.

    كما احّي الإخوة:

    د. النور

    الاستاذ بكري
    هاشم
    بشاشة
    وكل من فاتنا ذكره
    لكم التحية جميعا



    الأخ منعم:

    حقا احي فيك روح الصمود وقوة الأرضية الفكرية التي تنطلق منه وأنت تقاوم أمواج النهج (العبدلابي) من (تقويض) منهجك المرتكز علي محور (دنقس_جمّاع) في هذا الحوار الثر.
    بما ان المسألة أساسا , قراءة لورقة عن قراءتها لجماعة الغابة الصحراء , فمن المنطقي ان تتعدد القراءات حيث النص قابل للتأويل وحيث المواقف المنهجية والفكرية, بل الكتابات اليومية لصاحب الورقة ستؤثر في القراءة .
    فالنصوص في زمن (موت المؤلف) وسلطة القارئ, تبقي مفتوحة لكل الاحتمالات, وعلي هذا فان أفضل طريقة لجعل الحوار تستمر في الانسياب هو ان نتمسك بقول د. النور : "ليس بالضرورة أن نرد علي كل كلمة".
    الأفضل ان نترك القراءات تتدفق (بدبانه الأيديولوجي او الجهوي او الشللي) لان الصراع الفكري في كل الأحوال أفضل الطرق لكشف النقاب عن ما بدواخلنا وعن اعتقاداتنا عن الأخر الذي يمكن ان يكون قريبا جدا ولكننا قد نجهله , وفي نهاية المطاف اذا توصلنا إلي قراءتين أو أكثر لهذه الورقة سيكون ذلك اكبر دليل "عملي" علي ظاهرة تعدد القراءات وانه لا شئ اسمه قراءة خاطئة كما يعتقد الناقد أسامة ويشير إليه نفر آخرون بخصوص قراءة منعم , فالمسألة علي ما اعتقد يدخل فيها بالإضافة إلي القراءة المعرفية أشياء أخري منها (الشللية الفكرية) ومنها المواقف (القبلية) بسكون (الباء) تجاه (مفكر ما) ومنها (التحيز) الثقافي حيث لم ينجو منه مفكرون كبار , فالذي يتحدث من داخل (حوش) الثقافة العربية لابد ان يكون لديه ميول واسقاطات (بوعي او بدونه) , لذلك ارجوا ان لا يدعي أحدا بأنه يملك قراءة صحيحة وإنما فقط ان( يدلو بدلوه) والحكم علي القراّء.


    كتبت مقالا في سودا نيل بعنوان "المفردة ومفهوم الافريقانية عند د. عبد الله علي إبراهيم:
    قلت فيه إن تكرار المفردات السالبة مثل "البوهيمية" إشباع الغرائز" الخلعاء" في كتابات د. عبد الله يوضح فهمه "هو" للمكون الإفريقي, وان بدت لنا ذلك وكأنه من مفاهيم جماعة الغابة والصحراء
    ذلك لان ارتباط الشاعر بالغزل وإبراز مفاتن المرأة الطبيعية موجودة حتى في البيئات العربية "الكحة" مثل الجزيرة العربية. وحينما يفعل شاعرا ما ذلك مع بيئة ثقافية معينة , فليس بالضرورة أن ينتج معاني إيحائية مثل إشباع غرائز أو بوهمية كأشياء مقصودة في ذاتها . وبناءا علي ذلك ربما وجد شعراء الغابة والصحراء في البيئة الإفريقية انتماءهم وتفتحت في فضائها مكنوناتهم الإبداعية فتفجرت شعرا .

    وإذا كان شاعرا مثل حاردلو ينشد شعرا (عنصريا)من عينة:


    ناس القباح من الغرب يوم جونا
    جابو النقس ومن بيوت مرّقونا

    فان شعرا من
    من عينة المجذوبية:


    Quote: وعندي من الزنج أعراق معاندة
    وأن تشدق في أشعاري العرب

    تلك التي عنوانه عودة لسنار لعبد الحي:

    Quote:

    - بدوى أنت ؟
    - لا .
    - من بلاد الزنج .
    - لا .
    - أنا منكم تائه ، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان .


    تحمل من الدلالات ما هو افضل وابعد من مجرد البحث عن فردوس إفريقي طليق الغرائز في نظري.

    انتقال الشاعر المثقف من بيئة عروبية إلي بيئة افريقية والتغني بها ليست بالضرورة دعوة سلبية, لان إشكاليات الصراع في السودان ليست في التصادم الثقافي لان الثقافة أيا كانت نوعه عربية أو افريقية أو فرنسية ليست مرفوضة في ذاتها وإنما ترفض حينما تمارس الهيمنة والاستبداد علي الثقافات الاخري وحينما تعمل علي تهمشيها باستخدام القوة . لذلك إشكاليات الصراع الإفريقي العربي في السودان تكمن في فصوله الدموية وفي الرّاسب من الممارسات كتلك التي لزبير باشا (سابقا) وتكريمه من قبل النخب الشمالية (تاليا) بان أطلق اسم شارع من شوارع العاصمة له وكأنه شخصية بطولية فيما هو ليس سوي تاجر رقيق حقير.

    مشكلتنا في ان ثقافة الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي والتي تغطي (ساحة) فقط في (فضاء) الثقافة السودانية الواسعة ما زالت تهيمن علي مداخل ومخارج الإنتاج الثقافي لدولة في قامة السودان من التعدد والتنوع .

    حينما يقول د. عبد الله

    Quote: ( فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق( .



    ثم لا يدين هيمنة هذه الجماعة وثقافتها وفرضها علي الإفريقيين في كل ميل من السودان, وحينما لا يدين التعريب العمودي خصوصا الجامعات وبالتالي إعطاء اللغة العربية وثقافتها الأولوية في التأثير ومن ثم تعريب الإفريقيين, ولكنه يغرق في حفرياته عن الشريعة و يدين من سمّاهم بشباب الجلابة الخلعاء فقط لأنهم يخلعون ثقافتهم العربية ويعرضون بهوية افريقية خالصة.
    يحق لنا في هذه الحالة أن نضع ألف استفهام حول مآلات قراءاته العلمية الرصينة علي مستقبلنا نحن الإفريقيين.

    سؤال أخر يطرح نفسه

    من هم الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي؟
    هل يشمل النوبيين؟ و هل هم عرب أم أفارقة
    فلو قلنا عرب فان التاريخ و الواقع يقول غير ذلك
    ولو قلنا أفارقة فإذا, كيف نقول ان الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوداي هي جماعة عربية خالصة مع وجود جماعات أخري غير عربية في نفس ( الزمكان) دون ان ندخل في مغالطة أخري واستقطاب أخر من نوع الذي جعل النوبيين أيضا يغوصون في عمق التاريخ الكوشي حفرا لبحث عن هوية "خالصة ".

    من دلالات التي أري فيها (القصدية ) ويحدث فيّ شكّا في قراءة د.ع ع إبراهيم حول نظرته لما سمّاه هروب جماعة الافروعربية إلي فردوس إفريقي الغرائز فيه مستجاب....... مقارنتها بهروب محمد المهدي من شيخه الذي يمثل قمة البيئة المحافظة "لجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي" إلي الغرب السودان حينما رأي اختلاطا في حفل الختان.
    المؤكد ان تلك الهروب المهدوي(النسخة الأصلية لتهتدون) ثم العودة الظافرة من الغرب(النسخة الأصلية لتفلحون) لم تكن هروبا بوهيما .
    اذا كأنّ البيئة الأفريقية تقول أتفضل للذي يبحث (عن الغرائز) وللذي يبحث عن (الدين) وهذا اكبر دليل علي انها بيئة سوية ومعتدلة ومنفتحة في كل الاتجاهات , فلا هي متزمتة ولا هي منفلتة أي لا هي( شيطانية) ولا هي (ملائكية) حتى بالقياس علي نفس مفاهيم (العبدلاب).

    وهل يمكن قراءة وجود شخصيات شمالية في الحركة الشعبية لتحرير السودان ضمن مفهوم الهروب عند د. عبد الله ؟ فمن المؤكد إن هذه الشخصيات وقد ذهب بعضها و تزوج من البيئة الإفريقية, بينما البعض الأخر ذهب وهو في العقد الرابع أو الخامس (مما تحصنوا مناعيا ضد إسقاطات الفردوس الإفريقي والبوهيمية) , المؤكد أنهم ذهبوا تحت راية مفاهيم أخري .
    والحال هكذا فان:
    "
    Quote: الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية
    " الذي نادي به د. ع ع إبراهيم إذا ما خلطناه بحفرياته في الشريعة ومقالاته اليومية في السودانيل , أنا شخصيا أفضل نموذج (منصور خالد/عرمان) علي النموذج الذي يشفق علي شباب( الجلابة الخلعاء) لمجرد انهم حاولوا البحث عن مصدر هذا اللون الاسود في تكوينهم الجسدي , إذ لا يعقل ان يكون بشرتك اسود (او سمراء كما يقولون) ثم تكون (عباسي كح) ولكن ربما عباسي نوبي أو نوبي عباسي , كما قد يوجد بربري عباسي أو عباسي بربري أو فرعوني عربي أو عربي فرعوني وفي كل الأحوال هنالك أفريقي كح وعربي كح وفرعوني كح وانجليزي كح ........الخ , كل ذلك غير مهم الا في إطار تأثيرها علي حياة البشر وفي حالتنا السودانية فان العزف علي وتر العروبة بالضرورة يؤدي الي الرقص علي الإيقاع الأفريقي وكلما اقترب العروبيين من أبواب الجزيرة العربية كلما غا ص الخرتيت الافريقي الي عمق ابعد نحو غابات افريقيا الاستوائية الي حيث الفضاء الذي أنتج عملاقا في حجم مانديلا وأديبا في قامة في سوينكا.

    اذا لماذا نلتقط جوانب التي يعتقد(بضم الياء) بأنها سلبية (بمفهوم ثقافة معينة) ونرّكز الضوء عليه كلما لاح حوارا او حديث عن افريقيا , لماذا سنغور وليس مانديلا مثلا , ولماذا الاعتقاد بان الرقص والمرح الافريقي (نقيصة ) وليس اضافة , انظروا الي د. جون قرن وهو يتحف الحضور في ضاحية نيفاشا (بخفشات ) من خفة دمه الافريقي , ذلك كان جميلا علي عكس (طه) الذي يبدو عليه الوجوم والتشتت.
    من بين كل الدول العربية ومنهم السودان بحكم(الواقع) , الدولة الوحيدة التي اسقطط انظمة استبدادية بالثورة الشعبية هي السودان لماذا هذا الاستثناء؟
    في التاريخ الافريقي لك امثلة أكثرها وضوحا إسقاط نظام الفصل العنصري ؟
    وإسقاط او تحول الأنظمة الديكتاتورية في كل من النيجيريا , السنغال وغيرها
    اذا الفعل الذي قام به الشعب السوداني موجود في جيناته الأفريقية
    هل لك مثالا عربيا او ظاهرة ثورية عربية دحرجت براس أي مستبد؟
    صاحب اكبر شعبية في العالم العربي هو ناصر دكتاتور!
    اكبر قاتل لشعبه في العصر الحديث صدام دكتاتور!
    هنالك علاقة وثيقة بين العروبة والاستبداد , علاقة ارتباط منذ العهد الاموي لم تنفك حتي الآن , هذا ما قاله الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد)
    هنالك علاقة وثيقة بين العروبة وتدمير الحضارات هذا ما قاله ابن خلدون (في مقدمته).
    فقد ذكر ان المساحة الواقعة بين مصر والسودان كانت مليئة بالحضارات وان الآثار الموجودة اكبر دليل علي عظمة الحضارات القائمة هنالك , وان هذه الحضارات انتهت منذ دخول العرب الي السودان.
    وذكر أيضا ان الخليفة هارون الرشيد حاول تدمير الاهرامات ولكنه فشل في ذلك
    كما ذكر ان الخليفة المأمون طلب نصيحة احد العقلاء عن نيته في تدمير سوار كسري : فقال له الرجل لا تدمره حتي يكون شاهدا علي عظمة ملك العرب التي هزم أصحاب هذه الحضارة العريقة. ولكنه لم يهتم بكلام الناصح وانما شرع في تدمير سوار كسري ولكنه فشل في تدمير ه .
    وحديثا دمّر بن لادن اعلي هرم حضاري في العالم WTC

    هذه الأمثلة تؤكد بان لعروبة مشكلة حقيقية في مفهوم التعايش مع الأخر
    انظر الي كل دول العالم
    في فرنسا يوجد فرنسي افريقي وعربي
    في تشاد يوجد افريقي وعربي
    في أمريكا (كشكول) من شعوب العالم
    بل في كل العالم يمكنك الحصول علي جنسية او هوية جديدة فقط اسكن أطول فترة ممكنة ولكن إياك ان تفكر بذلك في الفضاءات العربية "الكحة" سينتهي بك المقام (بدونا).

    في العالم العربي لا شئ سوي النقاء العرقي , التذويب ومحو الهويات الاخري كما في حالة السود في السعودية مثالا حيث اصبحو دواسرة او قحطانيين او.....الخ
    او الابادة كما في حالة الاكراد في العراق
    مثالا
    انظر الي البدون في الكويت شعوب بلا هوية وبلا نتماء

    المسألة اذا ليس في عرب كح أم إفريقيين خلص , وانما المشكلة في عمق البنية التحتية الملهمة للثقافة العربية , تلك البنية التي تعتقد بان الغير دائما منتصبين من اجل محوهم من الوجود لذلك لا بد من المبادرة بالهجوم وإخضاعه وتذويبه او تقطيعه .
    انظروا الي حال هؤلاء المثقفين السودانيين الذين يستميتون في الدفاع عن نقاء العروبة ويدعون الي قوامين او أكثر للتعايش (قولا) بينما الدولة السودانية(وحسب علمي قوامه عربي) حتي أمس القريب تقوم تقتيلا بمواطنين علي أبواب مدينة نبالا , حتي قبل ان تجف مداد الحبر التي كتب به ما سميّاه الرؤية المشتركة بين حزب الأمة و المؤتمر الوطني حيث دعوا الي حل "سوداني خالص" , هذه القوي الثقافية عملت (ادان تقيل)
    بخصوص الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكب في دار فور
    بل وكثير من النخب الشمالية مثل محمد الحسن احمد وآخرون يعتقدون بان ما يكتب عن دار فور مجرد فبركة اعلامية من اجل "إزالة المكون العربي في السودان" .
    والحال هكذا نحن في حاجة حقيقية (فعلا وقولا) الي أكثر من قوام في السودان
    محتاجون الي أحزاب افريقية وأخري عربية , ان تتكتل القوي الأفريقية الخالصة في بوتقة "المركزية الأفريقية " الذي ينادي به العزيز المبدع بشاشا. وان تهتم القوي الافريقيا بالبحث عن جذورهم و توثيقها علي رغم افتقادهم الي كثير من الوسائل التي تمكنهم من فعل ذلك خصوصا الدولة السودانية لم تهتم بالمكون الافريقي كثيرا , وكذلك النخب الا من جهة الكشف النقاب عن ما في غابات افريقيا من فضاءات غرائزية واغراءت بوهيمية.







    لنا عودة
                  

05-27-2004, 09:27 PM

د. بشار صقر
<aد. بشار صقر
تاريخ التسجيل: 04-05-2004
مجموع المشاركات: 3845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    علاقة المفردة بمفهوم الافريقانية عند د. عبدالله علي ابراهيم





    ان التلميحات المسيئة للهوية الافريقية التي يرسلها د. عبدالله علي ابراهيم مختبئا وراء ستار القدرة اللغوية , انما تسي الي (عروبيته) التي يستميت دفاعا عنها اكثر مما تسي الي الافريقانية.

    هنالك كثير من الامثلة تؤكد تورط د. عبدالله في الاساءة الي الافريقانية , هوية الاغلبية الساحقة من الشعب السوداني وفي سطور التالية سوف نقوم بتفكيك بعض المفردات المكررة التي استخدمتها الدكتور في مقالاتها التي تتناول مسألة الهوية:



    كتب د. عبدالله في مقال له:



    "يثير اشفاقي ذلك الرهط من شباب الجلابة الذي يخلع عروبته وإسلاميته (أو الإسلاموعروبية كما يسمونها) ويعرض بهويته الإفريقية "الخالصة" في عرصات البلد"



    واضاف في نفس المقال:



    "وضاعف من جفاء هؤلاء الخلعاء للإسلاموعربية عروبة "الكفيل" التي عانوا منها في مواضع هجرتهم ببلاد العرب التي حقنتهم بالمرارات" (الخط من طرفنا)



    ثم يضيف:

    "كنت عرضت مراراً على هؤلاء الخلعاء ارشيفاً لعناية جيلنا ومن سبقنا بهويتهم الإفريقية في سياق النضال ضد الإستعمار وفي سبيل إستقلال إقتصادي وإجتماعي وثقافي للقارة. وزدت بأن عرضت عليهم حتى ما صدر بحق افريقيا عن الدولة السودانية الموصومة بالتواطؤ مع العرب دون إفريقيا. وهو كثير ومشرف بكل المقاييس"



    وعندما اشار الزميل عثمان محمد صالح الي الجوانب السلبية التي تعنيه كلمة خلعاء برر الدكتور ذلك في مقال اخر هكذا:



    "وأرجو أن أؤكد لعثمان وغيره ممن قرأوا ظلالاً سلبية في مصطلحي أنني لم اقصد لا الى الحط من المتأفرقة ولا حجراً للإجتهاد. وغاية الأمر وجدت أنني استخلص من حصيلتي اللغوية مصطلحاً لظاهرة يخلع فيها نفر منا المعلوم من هويتهم بالضرورة الى هوية مكتشفة او مبتكرة. ووقع إختياري على مصطلح "خليع وخلعاء" الذي وصف العرب به من إعتزل قبيلته وخرج عليها ضيقاً بعرف أو طلباً لمكرمة "



    ثم يقول في معرض تبريره لاستخدام المفردة (الخلعاء):

    "وليس بوسع صانع المصطلح ان يتقزز من مفردة في اللغة وافت غرضه لأن كل مفردات اللغة عرضة لتعلق بها الأوشاب بمر الزمن. وسنحتاج الى بئية علمية حاذقة وعالية الهمة لتصفي المصطلح المخصوص من رواسب إكتنفته ليتعرف عليه القاريء الفطن بغير حاجة الى إستدعاء ملابسات معناه الأخرى. فاللغة على ما يبدو من سعتها شحيحة. وليس بوسع باحث عن وصف ما يقوم به المتأفرقون من الجماعة العربية الإسلامية أن يغادر جذر "خلع" الى غيره لدسامة الخبرة العربية فيه كما تقدم. وإنني شديد العناية بالمصطلح الذي اعتقد أن فيه خلاص المستضعفين من أمثالنا من تبعية الذهن ورهن الخيال بترسانة الغرب المصطلحية. وأحاول منذ حين تسويق مصطلح "الطاعمين" بديلاً عن "الشواذ جنسياً او المثليين" ناظراً الى عبارة عربية سودانية لمثل هذا النشاط ومستثمراً حتى الرديف الإنجليزي "gay ". وقد قبل العلماء وحتى الشواذ جنسياً بمصطلح "gay " برغم ظلاله السلبية في اللغة اصلاً. إننا نرث اللغة ولا نخترعها الإ بإدراك ضروراتها ومعجميتها"



    وفي ورقته الافروعربية وتحالف الهاربين كتب دكتور عبدالله:



    " سافر محمد المكى إبراهيم وزميله الشاعر النور عثمان في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة الألمانية السودانية الناشئة . وقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكى أن يمد إقامته في ألمانيا إلى عام تغيب فيه عن الجامعة ، وعاد بشعر صاف عذب يرويه الجيل بعد الجيل من ديوانه " أمتى " . وقد قال مكى عن رحلته هذه عام 1963 : إنها كانت " تحالفا بين هاربين " لم يتركوا في وطنهم حبا يشتاقون إليه فلاذوا بالهرب مغادرين السجن المفروض عليهم ، وعليه لم يكن بين دوافعهم " فهم أو تعاطف يصلح لحب عميق (30) ."



    ثم يشبه رحلة مكي وزميله البوهيمية الي المانيا (كما سمّاه) بالهروب الي الافريقيانية:





    "فرار الأفروعربيين إلى النسبة الأفريقية تشابه مع رحلة مكى البائسة . فدعاة الأفروعربية لم يلقوا ، وهم في ريعان الشباب ، من ثقافتهم العربية الاسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير . فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقى مطموس في تكوينهم الاثنى ، الغرائز فيه طليقة ، والرغائب مستجابة"



    ثم في خاتمة مطاف الافروعربيةو تحالف الهاربين كتب د. عبدالله:



    " لقد أرادت الأفروعربية ، باستردادها المكون الأفريقى في العربى السودانى المسلم ، أن تضرب عصفورين بحجر واحد ، أن تدس خلال ذلك مشروعا خاصا بها في تفكيك محرمات الحضارة العربية الاسلامية التى سدت على يفاعتهم منافذ الاشباع . أما الأمر الثانى فهو تطمين الجنوبى إلى أمنه الثقافى في أروقة مفهومها للتمازج ، الذى للأفريقية فيه مكان ، على خلاف نموذج الغلاة من الاسلاميين والعروبيين "









    حينما استخدم د. عبدالله كلمة الخلعاء وهي مفردة ذات دلالات سلبية اكثر من (البوهيمية) التي استخدمته هي اخري في معرض وصفه للتوجه نحو الافريقانية.

    تري من المقصود بهذه "الخلعاء" وتلك "البوهيمية" ؟



    هنالك علامة لسانية (خلع /يخلع أي ينزع) واخري سيميائية (الخلعاء/الانحلال), علي ان السيميائية منهما تتميز علي اللسانية بكون دلالتها تنحصر في وظيفتها الاجتماعية (أي الوظيفة الاجتماعية لكلمة الخلعاء غير تلك اللغوية ).

    فالمعني السيميائية المكتبسة لكلمة "الخلعاء " التي استخدمته د.عبدالله تعني" الانحلال" والعلامة الدلالية التي تؤدي الي توليد هذا المعني في مقالاته هي استخدامه المتكرر للمفردات مثل "البوهيمية" و" اشباع الغرائز" في وصف من يعتبرهم هاربين الي الافريقانية حسب ما ورد في نص ورقته : الافروعربية و تحالف الهاربين , واعتباره ذلك الهروب من اجل اشباع الغرائز فقط . اذن استخدام ثلاثة مفردات ذات دلالات سيميائية مرتبطة بالانحلال من قبل د. عبدالله يكفي لشرح مفهومية د عبدالله عن الهوية الافريقية التي تعني عنده مرتع للغرائز ولهذا فقط يهرب اليها افروعربيين.

    خلاصة القول ان استخدام المفردات دون ادني اعتبار لمعانيها السيميائية في البيئة المستهدفة لانتاج معرفي ما ,امر غير مفهوم الا في اطار القصدية لتمرير معاني معينة او ترسيخها وهذا ما نلاحظه في كثير من مقالات د. عبدالله وهو مسار غير مقبول , فالخلاعة والبوهيمية واشباع الرغبات ليست حكرا للبيئة الافريقية , لان اشباع الغرائز بالمفهوم الذي يطرحه د. عبدالله متوفر حتي في كثير من العواصم العربية (الخالصة) ولا يعني ذلك ان العرب (خلعاء) وانما تلك وجه من وجوه اي مجتمع لا يجوز تعميمه باي شكل من الاشكال كما يفعل صاحب المصطلحات (البوهيمية) و(الخلعاء) و(اشباع الغرائز) في كتاباته عن مسألة الهوية في السودان. وانني استغرب من رهط المعجبين بدكتور عبدالله ورفضهم لاي نقد يوجه له , رغم اصراره علي (الغمز) و(الهمز) تارة والتصريح تارة اخري في مقالاته وسعيه الدؤوب لربط (الانحلال ) بالافريقانية , وقد سبقني الفنان المبدع د. النور بنقد (رقيق) لدكتور عبدالله في استخدامه لكلمة البوهيمية لوصف (الهاربين) الي (الغابة) في بوست الاستاذ عجب الفيا في المنبر الحر لموقع السودانيز اونلاين.

    ان التمكن اللغوي والقدرة العلمية لا يبرر لدكتور عبدالله لينحى هذا المنحى في وصفه للعنصر الافريقي في السودان , كما لا يمكن فهم هذا الرهط من عشاق الدكتور وهم يصفّقون له الا اذا كان د. عبدالله ما هو الا (صوتا) مفجّرا لما في اعماق كثيرين من هولاء العشاق .

    ان المثقف الذي يتبنى صوتا واحدا , فقط من اصوات المجتمع ويسجن نفسه داخل اضيق ساحة في فضاء المجتمع السوداني الكبير ويحاول ان يبني عرشا ثقافيا اقصائيا فوق جماجم الثقافات الاخري ويستخدم في سبيل ذلك اوصافا مسيئة لوصف الفضاء الافريقي في السودان مثل (اشباع الغرائز) و(الخلعاء) و(البوهيمية) ,

    ان المفكر الذي يفعل كل ذلك هو مفكر لم يتحرر بعد من قيود الايديولوجيا ومن امراض النوستولجيا وهو لا يملك فكرا نقديا وانما عقلا اقصائيا يبني ذاته علي (تدمير) الاخر, ويصنع لنفسه "شرفا " علي خلفية رمي الاخر بما هو بوهيمي وخليع.

    انا لا املك ان امنع احدا من ان "يتحول" او "يحمل" الي/ما يريده من الهويات , فذلك من صميم خيارات الفرد ضمن مفهوم الحريات الاساسية , كأن تكون افريقي البشرة ثم "تدعي" بانك عربي او تكون "مشلخا" ثم تكابر وتقول بان الشلوخ ظاهرة عربية منتشرة في الجزيرة العربية. ولكن علي النخب المستعربة ان تقرا التاريخ قراءة صحيحة وتعي الدروس والعبر, اذ محاولة بناء امبراطورية عربية فوق جماجم الاكراد والتركمان وغيرها من القوميات ادت الي المآسي التي نشاهدها اليوم في العراق, وفي حالتنا السودانية , فان وجود مثقفين يبررون وينظّرون للثقافة الاحادية العروبية , ويستخدمون في سبيل ذلك كل الوسائل اللاأخلاقية من قتل او ابادة كما فعل النظام مع الجنوب سابقا ويفعل ضد السكان المدنيين في دارفور حاليا.

    او باستخدام وسائل قتل الشخصية الزنجية السودانية بوصفها بالخليع ووصف الهاربين اليها بالبوهيمية وغيرها من الاساءات كما يفعل د. عبدالله وغيره , هذه الممارسات انما تعمّق الازمة السودانية وتدمر اكثر النسيج الهش للفضاء السوداني المدمّر اصلا.

    احترم المعجبين بدكتور عبدالله الذين يعتبرونه عقلا مستنيرا ومنفتحا , ولكن المفكر النقدي المستنير لا يكون نخبويا انتقائيا اقصائيا؟ وانما تجده دائما متعاليا وخارجا من ذاته ليكوّن ارضية فكرية كبيرة تتجاوز عادة الساحة التي ينتمي اليها الي فضاء اكبر يسمي (ارضية المفكر) , وفي حالة د. عبدالله فان ارضية الفكر لديه لم يتعد ساحة الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي(حسب وصفه ).

    لقد ناضل كبار المفكرين امثال فوكو ودريدا ضد استاذية الانسية الاوروبية التي لا تري نفسها الا مركزا للعالم , ونادوا بتطبيق المنهجيات الحديثة مثل البنيوية والسيميائية والتفكيك لاعادة قراءة الثقافات والبيئات المختلفة , والعمل علي فهمها واكتشافها من جديد علي ضوء هذه المناهج, واني اري د.عبدالله مستوعبا هذه المنهجيات ولكنه لايستخدمها كما اراد له هؤلاء المفكرين.



    يتحدث د.عبدالله في مقال له عن فضل الثقافة العروبية علي الافريقانية, اذ يقول:





    "وقد نبهتني مقالات قرأتها للدكتور محمد وقيع الله مؤخراً في «الصحافة» أن عناية الجلابة بإفريقيا وإفريقيا الشتات كانت ايضاً شغل جماعة يقظة من ناشطي الحركات الإسلامية. ففي هذه المقالات، التي اتسمت بصبر شديد على البحث، رصد وقيع الله تأثير دعاة من مسلمي السودان على تكوين المرحوم مالكوم إكس (1925-1965) الزعيم المسلم بين الأميركان الأفارقة الذي بث العزة بالسواد والافريقانية بينهم بما لا يوازيه سوى المرحوم مارتن لوثر كنق. فقد تربى مالكوم على يد المرحوم أليجا محمد، زعيم جماعة "أمة الإسلام" الذي تلقى بعض إسلامه من الشيخ ساتي ماجد، الداعية الدنقلاوي الذي قدم الى أميركا في العام 1904، ثم تعرف مالكوم على الداعية السلفي السوداني احمد حسون وتفقه على يديه. وحسون هو الذي غسل جثمان مالكوم بعد إغتياله وجهزه لتقاليد الرحيل المسلمة"



    ولكن لنري منتوج هذا الفضل في الواقع العياني السوداني دون ان نذهب بعيدا الي امريكا مالكوم اكس :





    نجد في الواقع السوداني ان الثقافة العروبية انتجت حربا بمليوني قتيل في الجنوب , وحرب ابادة في الغرب وحربا في الشرق واستقطابا جهويا واثنيا في المجتمع , وبدلا عن يبدي النخب العروبية شيئا من الحساسية في معرض تناولها للثقافة العروبية التي مارست تجارة الرقيق في الماضي , وهنالك ادلة قوية علي ممارستها للرق في فترة حرب الجنوب حديثا ,و بدلا من ان تاخذ معها كل هذه الدلالات التاريخية السلبية في معرض تنظيرها لمسألة الهوية , تقوم هذه النخب بصب الزيت مع بهارات من شاكلة "البوهيمية" و"الخلعاء" وغيرها في نار الهوية السودانية المشتعلة.



    اشكالية د.عبدالله والذي يمثل الوجه الاكثر جرأة بين وجوه العروبيين تكمن في تكوينه الثقافي الشرقي القائم علي اقصاء الاخر او تذويبه , لذلك فهو حين يتحدث عن الجماعة الاسلامية حول النيل والبوادي في ورقته(الافروعربية وتحالف الهاربين)لا يهتم ابدا باي حرج قد تسببه هكذا القول للاثنيات الاخري غير العربية مثل المحس والدناقلة والحلفاويين وغيرها ممن يعتبرون انفسهم " ليست اولاد عرب" , فهو يتحدث عن ساحة جغرافية عربية "خالصة" حول النيل والبوادي ! بينما في الواقع لا توجد هكذا ساحة. فالساحة التي يتحدث عنها توجد فيها كثيرون غير عرب فاين ذهبوا , اذا افترضنا جدلا بعروبية اصحاب الشلوخ واصحاب البشرة السوداء من ساكني النيل والبوادي؟.



    ان العقلية الشرقية التي يجسده د. عبدالله لا يعرف التعايش مع الاخر الا بشروطها , فهي عقلية تشتغل من خلال منع الاخر من التعبير عن ذاته وثقافاته وبالتالي الغاءه في اخر المطاف. فعلاقة السودان بالشرق لا جغرافية ولا الهوية الاثنية وانما التراث النخبوي الشغّال في متخيّل المثقفاتية المسقطة علي مجمل الفضاء السوداني عموديا بينما هي ليست سوي منتوج من سمّاهم د.عبدالله الجماعة العربية المسلمة حول النيل والبوادي.










                  

05-28-2004, 08:07 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الي دكتور بشار وهاشم الحسن (Re: Agab Alfaya)

    كل الشكر دكتور بشار صقر علي هذه المساهمات الثرة وهذا الاسلوب العلمي الرصين في نقد اطروحات الدكتور عبد الله علي ابراهيم واتقف معك ان واجب المفكر هو التعالي علي الانتماءات الضيقة،والتماهي مع كل ما هو انساني والبحث عن المشترك العام وليس عن الخاص الذي يميز.
    اما عن دعوتك لي بعدم الرد علي كل المساهمات ،اعلم الدافع الي ذلك ولكن يا سيدي لا اري ان هناك اي مساهمة طرحت ولم يكن لدي اجابة عليها في حدود فهمي المتواضع ،ولكن كما يقولون العين بصيرة والايد قصيرة.وودت لو اجد الوقت الكافي للرد علي كل كلمة قيلت .وهنا اطلب السماح من الاخوة المساهمين الذين لم يمكنا الزمن من الرد عليهم .
    وحمدلله علي سلامة التخلص من الفايروس.


    اخي هاشم الحسن
    سوف اشرع الان في الرد علي مساهمتك القيمة والتي غضبت فيها غضبة مضرية فقط لانني وجهت اليك سؤالا لم اقصد من وراءه فرض اي نوع من الاستاذية كما يفعل اخي اسامة الخواض.وقد ابنت لك الغرض من السؤال .لكن يا سيدي حصل خير،فرب ضارة نافعة فعسي ولعل تكون فرصة مناسبة لتوضيح الكثير من الالتباسات.واتمني ان نوفق في ذلك.
                  

06-01-2004, 03:43 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الي فردة وبشاشة (Re: Agab Alfaya)

    اعترف بشاشة عما اسماه خطا اجرائي عندما نسب الحديث مباشرة الي دكتور عبدالله ولكنه اصر علي انه بالرغم من ان الحديث منسوب في الظاهر الي الغابة والصحراء فهو في الحقيقة تصور عبدالله علي ابراهيم لافريقيا،

    وقد رد عليه فرد قائلا هذا ليس مجرد خطا اجرائي وانما خطا قاتل وعنفه علي قراءته المتعجلة الي غير ذلك مما ذهب اليه،
    وكان دكتور بولا قد استشهد بكلام دكتور عبدالله ابراهيم من الحوار الصحفي الذي اجراه معه السمؤال ابو سن :حيث يقول في الحوار ،متهما ناس الغابة والصحراء:
    Quote: فهم يروجوا لفكرة الهجنه وهي مشروع سياسي في شكل ثقافي أو ثقافي في شكل سياسي ، حاولوا أن يمحوا الثقافة العربية الاسلامية في الشمال ويصفونها كأنها ثقافة ضحلة و كأنها تهجنت حينما جاءت الي افريقيا تأفرقت و اصبحت علي غير اصولها الثقافية و هذا ينطوي علي خطأين:
    الأول هو ان افريقيا حينما تدخلها الاشياء تسوء و تخرج عن قواعدها ، يعني اذا كان هناك فقه فأن الافارقه ليسوا قادرين علي موضوع القه هذا فيضفون عليه صفة الافريقية و يصير الامر كلعية . فما الخطر في ان نتعامل مع ثقافة جاده؟؟ و الخطأ الثاني هو ان افريقيا حينما تدخلها الاشياء تتوحش و تصبح وحشية و تتنازل عن قواعدها الفلسفية و تصبح ، يعني ، فولكلوريه.

    والحقيقة ان هذا هو حديث دكتور عبدالله ابراهيم او تصوره هو عن افريقيا ولكنه لا يقوله بشكل مباشر،بل يعتمد نفس الخطة التي اعتمدها في تحالف الهاربين،

    وقد فهم الصحفي المحاور الاخ الصديق /السمؤال من سياق الحوار ان هذا هو تصور دكتور عبدالله لافريقيا ، لذلك حاول ان يراجعه في هذا التصور بهذا السؤال :
    Quote: * و لكن لماذا لا نعكس الصوره ونقول ان افريقيا تضفي طابعها علي الثقافه الوافده و تتفاعل معها لتكسبها بعض افريقيتها و تأخذ منها كذلك، لماذا لا نقول ان الاسلام عند دخوله الي افريقيا يكتسب ملامح جديده و ليس بالضروره ان نربط الامر بالضحاله؟؟

    فتات الاجابة من الدكتور :
    Quote: ج - هذا هو الاصل ، في الاسلام حتي عندما نشأ في البيئة الجاهليه ، هذا قانون ينطبق علي اي دين.

    فكشفت هذه الاجابة ان تصور دكتور عبدالله لافريقيا ما هو الا تخوفاته من امتزاج الاسلام بالمكون الافريقي المحلي ،حتي لا يحيد عن الاسلام الاصيل.


    صبرك علي اخي هاشم جاييك

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 06-01-2004, 03:47 AM)

                  

06-01-2004, 09:20 AM

aymen
<aaymen
تاريخ التسجيل: 11-25-2003
مجموع المشاركات: 708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الي فردة وبشاشة (Re: Agab Alfaya)

    نثمن للاستاذ هاشم تعقيبه علي مداخلتنا
    ولو ان الاستاذ هاشم ارجع البصر كرتين الي مداخلتنا لكان قد احسن الظن في فصاحتنا.. وما كان ليرمينا بمجافاة العلم ( او طحنه- ايا كان معني هذا!)
    ففيما يخص ( سنجك)، فلا اظنه قد تخفـّى ايرادنا لها في صيغة استفهامية و بين قوسين لتدل علي تساؤل في نفس الكاتب وما هو جزء من لب الموضوع..ولم نشر بها الي كيفية توصّل ماكمايكل الي استنتاجاته..وما نعلمه من معني سنجك انها كلمة تركية قديمة تعني (العلم\اللواء)، وهي ايضا جماعة عسكرية.. ويخبرنا التاريخ ايضا عن ان الكثيرين من جنود الفتح قد تزاوجوا مع الشوايقة و انضم الغالبية من ابناء هذا الخليط الي قوات الباشبوزوك..وعلمنا ايضا ان هناك محافظة في البانيا تسمى سانجاك
    Sanjak Turks

    Located within the borders of the former Yugoslavia, Sanjak is a province with a surface area of 8687 km2 that is surrounded with Bosnia and Herzegovina in the north, Srbije in the east, Kosovo in the south and Montenegro in the east. The Ottomans dominated it in the century XV and Turks had settled in this region thereof.

    http://www.ozturkler.com/data_english/0008/0008_14.htm

    وما لم ندرِ كنهه هو ان كانت هنالك ثمة علاقة بين سنجك الالبانية و الجنود السناجك مطلقا.. خاصة اذا علمنا ان كثير من البلقانيين صاروا جنودا للامبراطورية العثمانية ( في علاقة اشبه بالاستعباد احيانا).. منهم محمد علي باشا شخصيا.. اذ لا يخفي علينا ان كثيرا من الجيوش القديمة كانت تقسم الويتها علي اسس عرقية..
    اما ما ورد من موضوع المماليك، فما كان الاستاذ هاشم ليشكك في فطنتنا لو انه قرأ ما كتبنا بتمعن.. فقد ذكرنا ان المماليك قد استقروا بنواحي دنقلا والي الخندق..وانهم هزموا الشوايقة.. ولا ندري كيف خطر له اننا قصدنا ان المماليك قد اختلطوا بالشوايقة، و ليس بالدناقلة و هو الاكثر منطقية في الواقع و في تأويل مقالنا..
    عود الي الهوية
    نقاش الهوية السودانية في حد ذاته يذهب بالعقل كل مذهب، فما ان يبدا النقاش بالهوية الثقافية، حتي يخرج احدهم شجرة للنسب هي اقرب في التفافها بفروع (الليف)..وما ان يتندر قوم ب(قافنا) و( غيننا) و (ثائنا) و (سيننا)، الا واخرج احدهم حديث ( كل من نطق العربية..). ولا يدهشنا، في لجة تخبطنا الهويوي هذا، تمعن البعض في كيفية نطق بعض الحروف كدليل علي قحطانية هذه القبيلة او عدنانية تلك، وبالتالي كدليل علي اتصال الانساب ولكن نفس هذا البعض يستنكر شيئا مثل DNA test..الذي يهدف الي الشئ نفسه .. ولسنا ندري ما الذي يجعل طبيبا او عالما بيولوجيا يريد تحقيق النسب بالجينات نازيا ، ولا يجعل اديبا يبتغي الشئ نفسه عن طريق غرائب النطق وشاردات القوافي..
    ولسنا ندري لِم يكون التقارب الثقافي هو الاجدي و الانفع والاصلح علميا.. وحيث اننا لسنا معنيين ولا مقتنعين بجدوي هذا التقارب الثقافي او نفعه، لا يبقي امامنا الا نقاش صلاحه العلمي..والذي نرى فيه اشكالات جمة..مما قد تكشفه هذه الامثلة:
    - في نهاية دراستي الجامعية، كانت لنا زميلة بعدنا ببضع اعوام.. كانت من اهالي مروي..وكانت في اسابيعها الاولي بعد رجوعها من البلد..وما كان اكثرها بسبب الاضرابات..كانت تتحدث بلهجتها اللطيفة تلك.. ولكنها ما تلبث تغير لهجتها للهجة ادرمان- او الوسط- وبطلاقة.. والان اذا شاءت الاقدار ان تعمل زملتنا تلك في الخرطوم، فلا اظن انها ستذكر لهجتها الاصلية الا لماما..وليست هذه بحالة استثائية، اذ ان الشوايقة الذين استقطعهم الاتراك اجزاءا من حلفاية الملوك، او اهل الغرب ممن اسكنهم التعايشي امدرمان، قد فقدوا خصائصهم اللغوية القبلية..
    ثم ان دال اللغة العياني هذا، قد لا يصمد كثيرا عند مثال خليل عازة، و الذي عند خروجه من قريته ما كان يفقه من العربية شيئا، فاذا به –بعد حين- يتحفنا بلسان عربي مبين..وجلّ علماء الحضارة العربية ( او اللغة العربية بالاحري) في عصرها الذهبي العباسي، انما كانوا فرسا..وايرادنا لمثال خليل فرح ان د. عبد الله علي ابراهيم نفسه اتخذ من الحلفاوي و الدنقلاوي مثال في مقالته المتحسرة علي ما اسماه ( العرب المسلمين)
    وبذكر الفرس وحجة عدم استعرابهم، فلذلك تفسير قد لا يروق للكثيرين.. ذلك ان بلاد فارس بدخول الاسلام كانت دولة لها اركانها، ومملكة لها ايوانها..بينما كانت الاعراب في بداوتهم تلك، و ان تمدنوا بعض الشئ ببكة و يثرب..وقد كانوا ينظرون للاعراب كدون..وفي اللغة السيريانية القديمة تعني عربي ما تعنيه الان عندما نقول ( دا عربي ساكت).. ويؤكد سبقهم الحضاري ذلك اعتماد سيدنا عمر بن الخطاب بعضا من اساليبهم في ادارة الدولة.. كما يؤكده البحتري في قصيدته:
    صنت نفسي عما يدنس نفسي...وترفعت عن جدى كل جبس ِ
    حضرت نفسي الهموم فوجهت... الي ابيض المدائن عنسي
    الي قوله..
    ومساع ٍ لولا المحاباة مني... لم تطقها مسعاة عبس ٍ و عنس ِ
    و فخرهم بمسعاتهم تلك ما كان ليختفي باعتناقهم دين من لم تطق مسعاتهم المجاراة..فما زالوا يتربصون حتي كونوا الدولة العباسية، في ملحمة ابي مسلم الخراساني، واستولوا فعليا علي السلطة اثر دراما الامين و المأمون..والي يوم الله هذا، لا يعلي الفرس العرب بوصة
    اما النوبة، فعندما اسلموا كانت دولة المسلمين في مركزها قوية..فكان سهلا تسويق بطولات ما قبل الاسلام من نوع
    ....ونبطش حين نبطش قادرينا
    او
    ....ومن لا يظلم الناس يُـظلم ِ
    مما لم يكن من مكارم الاشياء فيمن جاورهم من الشعوب
    ولا جاهلية ما بعد الاسلام من نوع:
    ....ويفوق جاهلنا فعال الجهّـل ِ
    مما يذمه الدين الحنيف، وكل ذي فكر حصيف ..
    واشبه بعملية التسويق تلك تسويق الثقافة الانجلوساكسونية في اقاصي المسعمرات، بينما الجيران ممن يعرفون (البير و غطاها) يرفضون.. واقصد بذلك قبائل السلتك (او الكلتك) في اسكوتلندا، ويلز و ايرلندا.
    في حالة النوبة كان للدين و ارتباطه باللغة اثرا لا يخفي في عملية التعريب..ففي مقالة د. عبد الله علي ابراهيم كسار قلم مكمايكل، اورد التالي
    . فقد جاء ويرني الى الشايقية في 1852م وقارن بين ما قاله له غمارهم وبين ما قاله له رجال الدين بينهم. فقد قال له الشايقية العاديون بشيء من الاشمئزاز انهم ليسوا «عرباً» ولا علاقة لهم بهذا الجنس، بينما اكد له رجال الدين أن الشايقية عرب أقحاح. وتحفظ ماكمايكل على كلمة ويرني القديمة. وقال ان الشايقية الذين عاصرهم لا يتنصلون عن نسبتهم الي العرب. ونحتاج في كل الأحوال معرفة سياق مصطلح «عرب» حين نتحدث الى رواتنا. فلربما كان شايقية ويرني العاديون يعنون بـ «عرب» «الأعراب» حين انكروا النسبة اليهم، بينما كان فقهاؤهم يعنون العرب في معني النسبة الى العباس.

    هنا يحاول د. عبد الله تبرير الاستنكار ذلك بتفسر مفهوم كلمة عربي..ولكن قبل ان نقول رأينا في هذا التفسير دعونا ننظر الي ما قال ويرني- والذي نري ان د. عبد الله لم يكن امينا في نقل كلمته اذ يكتب د. عبد الله ان رجال الدين قد اكدوا لويرني ان الشوايقة عرب.. اما ويرني فيقول- و الترجمة من عندي-( علي المرء الا يثق- كما فعل الرحالة السابقون- بما يقوله رجال الدين، الذين يقال انهم حاولوا اثبات العكس، بالرغم من اننا شخصيا لم نسمع ذلك منهم. ذلك لان رجال الدين هؤلاء ينحدرون انفسهم من اسر عربية..... الخ)..اذا، هو لم لم يسمع ذلك منهم، بل حذر من تصديق ما يقول العلماء، وبرر ذلك التحذير، فليتبين المتبنيون ذاك النباء..
    ورأينا ان الشوايقة كانوا يعرفون تماما انهم ليسوا عربا، ذلك لانهم انكروا ايضا انهم تنحدرون من البديل الموجود وهو النوبة..بل لقد اكدوا له انهم ( ابناء الارض) و انهم سكنوا تلك الديار منذ الازل..ومن هذا يفهم انهم وعوا السؤال تماما وهو (من اين جاءوا) وليس فقط من هم..فالسؤال ( من هم) يجيز لدكتور عبد الله و غيره الاعتقاد بانهم انما ارادوا النأي عن العروبة و التي تعني – حسب قراءة عبد الله- البدواة.. ولكن السؤال ( من اين انحدروا او من اين جاءوا) لا يعطي مجالا لمثل هذا الافتراض لدكتور عبد الله و غير د. عبد الله.. الهم الا اذا كانوا قانعين من كل ِ هم ٍ بان يُـعزوا الي جدٍ همام ِ. وراينا في هذه الجزئية بالتحديد هو انها تمثل باختصار كل من بدايات تعريب النوبة وصيروراتها.. اذ ان رجال الدين، وان فشلوا في اقناع الناس بانهم عربا علي ايام ويرني، فانهم قد افلحوا واقنعوا ابناءهم... ونري ان هذا الفلاح قد ادت اليه عوامل اخري منها تغير لون البشرة الي لون اشبه بلون العرب، بعد جيل.

    DNA test وتحديد الهوية
    صحيح ان الجينوم البشري متقارب بين جميع البشر، ولو اكتفينا بهذا لكفينا شر اقتتال شديد، ولكن ما بالنا اذا بامجاد مضر (والتي لا ندري ما هي)، ودعائم بيت نزار وغيرها مما بني الذي سمك السماء-ظنا .. مما يحاول به بعضهم التفاضل علي بعض؟ ولكن الجينوم هذا، مع تقريبه بين البشر، الا انه يفضح كل بائس، سارق لامجاد غير متخيلة، ثم يأيتك بانيميته المنجلية، مما يجافي الاشعار وحكاوي الحبوبات..وقد لعبت الجينات دورا في امة اخري تنازعتها ازمة الهوية.. يعلم الجميع ان لليهود احبارا، لكن ما لا يعلمه الا القليلون ان في اليهودية قساوسة، حيث ترتبط هذه بالمسيحية.. القساوسة اليهود يدعون ان اصولهم تعود الي نبي الله هارون اخي موسى.. قامت مجموعة علمية بتحديد جين في ال الواي كروموزوم ( كروموزوم الذكورة)، يوجد في نسبة عالية من هؤلاء القساوسة..ويوجد عند بقية اليهود بنسبة اقل.. هذا الجين قاوموا بالبحث عنه في مجموعة افريقية في بتسوانا، تدعي اصولا يهودية، هاجرت جنوبا بعد ان انغلق شق البحر و اقترب جيش فرعون.. ولها الكثير من العادات و التقاليد اليهودية..ولكنهم لا يختلفون في شكلهم عمن جاورهم من الافارقة.. وللمفاجأة وجدوا هذا الجين في حوالي 50% من هولاء الناس..ولكنهم يبقون افارقة اينما ثقفوا..

    خلاصة:
    لا ندري نفعا ولا جدوي من كل هذا الذي علمنا مما اخرجناه من باب ( الشئ بالشئ يذكر) فيما نحن فيه من محن. ولقد لخص الاستاذ انور الطيب خلاصة الهوية في بلدنا بمنطقية. ولا اظن ان الكثيرين يعروفون ان كان الرشايدة من قيس بن وائل او من بني بكر، ولا اظن ان الاغلبية يعنيها الامر.. كذا لا يجب ان يعنينا- كامة- اصول البعض منا..نريد وطنا ليس سوى للكفاءة الشخصية للعمل المحدد فيه مكان.
    ساعود لتوضيح كيف ان صراع الهوية في منتهاه هو صراع سياسي

    ولكم الشكر
                  

06-02-2004, 04:59 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شكرا يا ايمن علي هذه المداخلة المتميزة (Re: aymen)

    مداخلة ثرة لزول عارف
    شكرا ايمن وفي انتظار المزيد
                  

06-03-2004, 05:05 AM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شكرا يا ايمن علي هذه المداخلة المتميزة (Re: Agab Alfaya)

    الأستاذ أيمن
    تحيات طيبات
    ومثلها للمتابعين
    و الله لو لم يكن في تعقبنا ذاك الذي هو في الأصل خروج عن النص قارفناه بمحض الوعي فلم ننزله في ترتيبه بل متقدماً لتقريبه مما نحاور، إلا ان يدفعك لمثل هذه المرافعة العالية، التي لا يحتاج المرء أن يعيد النظر فيها كرتين إلا من باب الإستمتاع بإختلافها قبل إتفاقها، إذاً ففي تعقيبنا ذاك خير حتى وإن لم يرق لما أردناه له من الوضوح. كما أن ظني بفصاحتكم كان و يبقى أكثر من حسنٍ، و ليس لدي في فطنتكم أدنى شك، إلا أن أكون أعمى البصر والبصيرة. و لستُ أظن بنفسي العماء الكلي...
    يقيني هذا الأكيد في حصافتكم و فطنكم، لا يمنع أن السياق قد يؤدي لما فهمناه من كتابتكم و قد قرأناها في مشاركة لكم أخرى من بوست آخر و أعدنا فيها البصر كرّات.
    كما أن الإتفاق على بعض ما أوردتموه و حسن ظننا به و بكم، كما بدا من إستشهادنا بالجميع في موضع جدل شائك من هذا البوست، لا يمنعنا هو الآخر عن محاورة طرحكم و إظهار مواطن خلافنا معه فيستبين..إذن يا أخي نحن نثمنكم غالياً منذ البداية، إختلافاً، و غالياً الآن، على غير قليل من الإتفاق..فلترضَ عنا..
    و لو جاز أن نتجاوز عن أمر القول في ( الشوايقة و السناجك و الدناقلة والمماليك) الذي تسرسب لنا في و من روافد بحر النفي الذي نكاد يجرفنا، و كان لازماً علينا ان ندلي فيه بدلو حينها..
    لو جاز أن نتجاوز عن هذا لتفادي التكرار ولبينونة الإقرار، فدعني أقول ،
    أنني لا أعبأ و لا آبهه من عروبة العرب السودانيين، عدنانهم من قحطانهم، و لا العباس..إلا إستقوالاً يداهمنا في عقر قناعاتنا (القابلة للإستبدال لو أمكن إقناعنا في مناهج الإقناع)..
    في محاورتنا تلك قلنا:
    ( يبقى المهم هو الإشارة إلي كون تميم، كما قريش، في أعراف الإنتماء، هي (مستعربة) تماماً كمثل كل العدنانيين من مضر و ربيعة، و تماماً كما الزرق على النيل و البوادي)
    إن هي إلا سياقات الحديث من حيث أتى الحديث و إلى ما يذهب إليه..
    أما السودانيون الشماليون الذين عليهم خلاف هذا البوست..فنظرنا في عروبتهم نظر ثقافي..دعمت النسبة إستعرابهم أم لم تفعل..صحت تلكم النسبة أو إعتلت..
    و لكنها محض مغالطة أيضاً لو إفترضنا ألآ أثر من دماء العرب..التي هي أيضاً كمثل بقية الدماء..حمراء..و فقط.
    وأيضاً..مع انه لم يرْق لعلمنا من خبر دارا و قمبيز و سيرتهم في غزو مصر، (هل تعدّاها الأخير نحو النوبة)، ما يمكننا إن نعزو غضبتكم إليهم، أو إلى أمجادهم طالما لا ترضون بأمجاد مضر،،، فإن غضبتكم تستدر في هاجسنا، مجد (الشعوبية) إستدراراً!! قلتم..
    Quote: وبذكر الفرس وحجة عدم استعرابهم، فلذلك تفسير قد لا يروق للكثيرين.. ذلك ان بلاد فارس بدخول الاسلام كانت دولة لها اركانها، ومملكة لها ايوانها..بينما كانت الاعراب في بداوتهم تلك، و ان تمدنوا بعض الشئ ببكة و يثرب..وقد كانوا ينظرون للاعراب كدون..وفي اللغة السيريانية القديمة تعني عربي ما تعنيه الان عندما نقول ( دا عربي ساكت).. ويؤكد سبقهم الحضاري ذلك اعتماد سيدنا عمر بن الخطاب بعضا من اساليبهم في ادارة الدولة.. كما يؤكده البحتري في قصيدته:
    صنت نفسي عما يدنس نفسي...وترفعت عن جدى كل جبس ِ
    حضرت نفسي الهموم فوجهت... الي ابيض المدائن عنسي
    الي قوله..
    ومساع ٍ لولا المحاباة مني... لم تطقها مسعاة عبس ٍ و عنس ِ
    و فخرهم بمسعاتهم تلك ما كان ليختفي باعتناقهم دين من لم تطق مسعاتهم المجاراة..فما زالوا يتربصون حتي كونوا الدولة العباسية، في ملحمة ابي مسلم الخراساني، واستولوا فعليا علي السلطة اثر دراما الامين و المأمون..والي يوم الله هذا، لا يعلي الفرس العرب بوصة
    وهذا تفسير، (في مجمله)، يروق لنا تمام الروقان.. لكنك ما حبوتنا كما حبى الأعاريب أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحي (البحتري فالطائي) قبل أن ينصف نفسه مغاضباً و ينصف إرث الأكاسرة من إستعلاء (الأعراب و الأعاريب) العرب، المستعربين في عبس و العاربة من عنس، على وهن مسعاتهم الذي ترى..كما إني ما رأيت نافياً لدولة المأمون عن العرب و لا ملصقاً دولة المعتصم بالترك أو الروم إلا غاضباً أو مغاضباً..فحنانيك يا أخي..إن هي إلا الدولة الواثقة لا تستعلى على كسب الأغريق و الصين ناهيك عن كسب مواطنيها و إرثهم حتى و لو كانوا في ايامها (الموالي)..
    و حتى لا يظنن الفرس بنا الظنون نعيد ما قلنا عنهم في سياق قد يشير إلى غيرهم، لو أننا نعيد النظر كرة و احدة فقط.. قلنا

    Quote: (لا أعرف كيف يمكننا ان نتجاهل دالاً قائماً في الواقع العياني و اليقين المعرفي، كدال اللغة التي يتحدثها الناس كلما تحرك لسانهم؟ إلا إذا صدقنا أن النوبة أرسلوا أبنائهم إلى نجد و الحجاز في طلب العربية!!هذه تميم هاجرت قبائلها إلى فارس فما تعرّب الفرس في كلامهم إلا من أراد.. و هذه النوبة تستعرب..هل نتهم جيناتهم بالخنوع..حاشا..و لكنها سيرورات التثاقف..سيرورات قوة و ضعف... )

    و من هذا القول، أن الفرس لم يستعربوا فلا يضطرون و لا نضطرهم إلى إعلاء العرب قدر بوصة أو اقل..(الناس مخيرين) في أنفسهم. يستعربون أو لا يستعربون ... و قد أشرنا إلى سيرورات القوة و الضعف في الذي يعتري الثقافة و العمق الحضاري من عوادي التاثير و التأثر و الحراك و السكون ... و المثاقفة.... و ليس في الجينات قولنا...فجينات الآريين ( واحدة ) و لكن الفرس فرس و الألمان ألمان..لو تكلم (زرادشت) ب(المان) فقد تكلم نيتشة ب(السوبرمان) شتان ما بين النار و موت الآلهه..والفرس كانوا باليمن و الجزيرة فهل تفرّس اليمن أو الجزيرة...قلنا
    Quote: (ما الذي يجدي لقوم ما،أن جيناتهم البيلوجية تتصل في حفدة ثقافة أخرى لو أصابهم الإنقطاع أو الركود الحضاري و الثقافي إلا فيما نزر.؟؟ )

    ما أعبأ به ياسيدي، هو حقيقةَ ، أن عرباً ما، أشرافاً كانوا، أم عباسيين لا تتفق انسابهم مع المعلوم من الشجر، أو حتى (عرباً ساكت)، قد دخلوا هذه البلاد من إفريقيا، فإستعربت...لا يهمني من أمر أنسابهم الأسطورية إتصالها أو إنقطاعها،
    بل علاقتهم بها في المصادر و الترميز والتوق...
    لا أعرف كم هم و لاّ من وين هم، فإعتقدت أن دراسة طرائق كلامهم قد تدل على مضارب أسلافهم المختلف فيها، أو تعديل أنسابهم، لو شاء العلماء، كما كلمات النوبة و البجا مثلاً، دالة عليهم في سيرورات التأثير و التأثر أو كما دلّ على لغة الفرس القرآن..قلنا
    Quote: (و الأكيد إيضاً، هو أن مثل هذه المقاربة الثقافية أجدى و أنفع و أصلح علمياً لتقصي مصادر عروبة الزرق في أصولها العرقية العربية فيما قبل الهجنة، أو تجلياتها المستنوِّبة لاحقاً مما يتمظهر فيما يميِّز لهجة (الشايقية) مثلاً ، أو ما يربطها لسانياً بلهجة الرزيقات، كمثال، بقرينة من أن اللهجتين تميِّزهما امالة أواخر الكلمات..قد يوصلنا مثل هذا المبحث إلى نفي العباس بن عبد المطلب عن شجرة نسب الشوايقة، وإفتراعهم في بني عامر أو أسد بالهلاليين من رفاق أبي زيد و دياب، الذين أينما رصدت السيرة الهلالية لهم مضارباً، مالت أواخر الكلمات و لانت مخارجها..أو في جهينة التي هي من قضاعة المختلف على عدنانيتها أو قحطانيتها عند النسابة و ما نفا ذلك عروبتها و لا (الجعجعة) تنفيها..و رغم ذلك لا تعدم أن تجد قضاعة في عداتها من يبادرها بالنفي)
    ربما كان وقع الأخفاف البدوية الطف على أرض المعدن و الأبواب من وقع السنابك على المدائن و نفوس الناس، فاستعرب الأولون و أضمر الثار المدائنيون..ربما
    ولكنه كما قلتم عنه :
    (نقاش الهوية السودانية في حد ذاته يذهب بالعقل كل مذهب)
    ومن هذه المذاهب قد يروق لنا أن نشدو معكم و نردد (ليس في مجرد المجاراة)
    يا ابنة اليم ما ابوك بخيل ماله مولعاً بمنع و حبس
    أحرام على بلابـله الدوح حلال للطير من كل جنس
    كل دار أحق بالأهل إلا في خبيث من المذاهب رجس
    ففيهما مذهب في رد الظلم و إثبات التعدد و إنكار النفي، وفي ذم مذاهب قوم لا نفيهم عن الوجود..كلاهما البحتري و شوقي( بالله عليك يا اخي لا تذكرني إنه كردي و متورك كمان) منتم لنفسه و قومه الحضاري، و ممن نمت بهم العرب في توقها..و لا تثريب أن يغاضب الشاعر عالي الحس الحضاري، قومه، و يعيرهم إستغراقهم في قيم البداوة و إستغراقها لهم، أو قصورهم عن التحضر و المعاصرة..و لا يزال من حقه ..و لكنك لا تصلح قوماً منكورين!!
    و في ذاك قال الذي (حقق علمياً) والتحقيق في أوله نقد و في آخره درس، أو كما نظن، و لم (يثبت جزافياً) شجرة النسب الجعلية، قال إنها معتلة السند و التواتر!! قد لا يجوز إعتمادها مرجعاً في الأعراق و ليس يصلح، ومع ذلك، فهي قائمة في الوعي بها..مصدراً و ترميزاً. لا يسوغ إعتلالها و لا ألوان بشرات مدعيها..أن تهمل أو تنكر لمصلحة آيدلوجية أو سياسية...و هذا ليس بالجديد..نسب هارون الذي نسبتم إليه القسيسين، بل و نسب جلّ اليهود، مما يدعونه إلى يعقوب فإبراهيم فنوح فآدم..هو نسب معتل، بل و شديد الإعتلال، لو يقرأ قارئ الشجرة من أي حدائق الأناجيل شاء، أو من سفر التكوين..إن هي إلا معارف أسطورية الأصل، و لكنها قائمة الدلالة، تكاد من تواترها تقوم مقام العلم، بل و تفعل، في مناهج المحدثين الذين ليسوا كمن سبق، لا يقسمون الناس أعراقاً سامية و حامية و كوشية و آرية أو آخرين لم يشملهم ذاك، ولا يقيسون أبعاد جماجهم و سبسسبة شعرهم ثم يموضعونهم في القوقازي أو الآري أو الزنجي، فإن تشابه عليهم البقر،( و بعض الناس عندهم بقر) ظنوا بالمتشابه المسافحة أو الإنحدار العرقي..و هنا لا يفوتني ان اشير لأحترامي ما جئتم به في ترجمتكم لقول (ويرني) ، و لإختلافي معكم في تفسيركم قول الشايقية أنهم (ليسو عرباً)!!قارئاً من ترجمتكم
    الحق اقول لك، ما يراه د. عبد الله في كلمة (عرب) و دلالاتها عند العرب و غير العرب السودانيين كما عند عرب يثرب و ابن خلدون، لهو أوجه عندي مما تقول، ملموس. و مما يراه (ويرني) أو غيره ممن غشي مدارس اللغات الشرقية أو جازفها محض سياحة أو إستعمار، و لم يتعلم لغة الناس..لا يزال الناس يقولون عربي و إعرابي، للبدوي، ما لم تشيطنهم شياطين الهوية..مثال: العربي من اصول بدوية يفتح دكاناً في مقرات أو ابوحمد ثم يعلق شجرة نسبه إلى العباس فلا يجد غير الصد و الإنكار..مثال جيد من (كسار قلم مكميك) على الهوية كأيدلوجيا و صراع مصالح، وجيد في هذا المقام..و مثال آخر؛ البجا و المستعربين من سكان المدن في كسلا و سنكات و وقر كأمثلة، ما ان يرون في المداخل (عجاج المرحات) ، من إبل و بقر، حتى يتنادون على المكان للفرجة على الرعاة أو البيع والشراء، صائحين ( العرب جوو..العرب جوو) وفي تلك العروبة يستوي بداة الهدندوة و البني عامر و البشاريين و بداة الرشايدة و الزبيدية. ولوسألت أحد المدنيين عن عروبته لنفى..علّه فات على (ويرني)مثل ذاك المشهد، أو لم ينظر ابعد من قاموسه..
    ثم قال د.عبد الله أنه أفضل و خير للناس لو تعارفوا في الوطن ..ومن ذلك ان يكف بعضنا عن خلع بعض حضارته بدعوى الهجنة.. أو كلها، من باب سياسة النفي أو نفي السياسة..
    و في ندوة عن الهوية من شهرنا الماضي و منشورة في المنبر..ناقش الدكتور صلاح الزين سؤال الثقافة على ضوء التعريف الجدلي الصراعي لتيري إيغلتون وليس أي تعريف من السائد الساكن كما وصفه، خلص إلى القول بأن هكذا مقاربة قد تنتقل بالسؤال إلى مجالات علاقات القوة و الضعف، جدليات السيطرة و الخضوع بما يستوجب البحث في السيرورات و الإشتراطات التاريخية..وقال إن نقل الثقافة من التعريف القاموسي إلى المعنى الصراعي ينفي عنها الميتافيزيقيا و الطهرانية و معنى النقاء، يأنسنها وبالتالي يمكن الباحث أن يخطبنها بمعنى تحديد خطاباتها...ثم تنبأ بان الخطاب العروبي_الأسلاموي كتعبير عن الثقافة العربية في السودان يسرع صاعداً إلى حتفه...ظني أنه لمثل هذا إلتفت عبد الله علي إبراهيم فإبتدر الدعوة لتحالف الهاربين ان يلزموا الجادة من تقويم أمرهم (المكلوج) مع ما في ذلك من عنت و رهق..ولكن كيف يكون إصلاح و البحتري لا يزال يغاضب قومه من منبرنا هذا، فيهرب إلى أبيض المدائن، أو يهرب الأفروعرب إلى وهم البدائي النبيل..الأخيرون لا يريدون الإعتراف بالواقع و لا يستطيعون إنكاره..فيجهجهونه.
    أما الذي يحتال لعروبة بعض السودان الحيل، ثم لا يتوانى عن جهجهتها بإعلاء بعض أعراقها في الهجنة، أو بعض شأنها في الموروث الثقافي . فهو الأستاذ عبد المنعم، الذي نحيل عليه قولك هذا
    Quote: (ولا يدهشنا، في لجة تخبطنا الهويوي هذا، تمعن البعض في كيفية نطق بعض الحروف كدليل علي قحطانية هذه القبيلة او عدنانية تلك، وبالتالي كدليل علي اتصال الانساب)
    ..ننتظر ما يرى من إتفاقكما أو الإختلاف!!
    فهو من قال بما يفيد إن قافنا و غيننا ليست فريدة و لا وحيدة الشترات الحروفية في الناطقين بالضاد من نوعها..فتوسع بنا توسعاً نحمده عليه، ليس فقط لأنه رد للناس عن إغواء النفي.. بل أيضاً لأنه إنتقال من العرقي إلى الثقافي في المبحث و هو ما لا ننكر تفضيله لسبب هو أيضاً في غاية المباشرة.. نحن(نشك يقيناً) أن عرقاً أو عنصراً على وجه الأرض، بقي خالصاً في متوالية ازلية من ال INBREEDING LINE PURE اللهم إلآ في اوهام الناس. ربما، كمن ذهبتم إليهم في مثالكم عن اليهود الهارونيين، و لا غرو، فاليهود هم مخترعو (الجيتو) وهم ( شعب الله المختار) فلا يدخل دينهم، دعك عن مصاهرتهم التي دونها التلود و الحاخامين، إلا من كانت وتكون أمه يهودية..ومع ذلك نشك أيضاً، كما نشك في كون دال اللغات التي تكلمها يهود، آرامية و عربية و عبرية أو يديشية كأمثلة فقط، هو أقل دلالة على ثقافاتهم و أحوالهم و مآلهم من دال (الجينوم الجيتوي).. هل نظنن أن السمؤال بن عادياء، الذي لا نجد له عينة حمض نووي نفحصها عن واسمات العرق الأرامي أو العبري ، أقرب إلى العرب أم إلى العبرانيين. بل الأولى. إلا بقرينة من دين فقط، أو دلالة من حرص يهود على تحقيق النسب و بالتالي الأنتماء (للأسباط) برباط من (الحبل السري) و وثوقية الأمهات في الأمومة..و لكن السمؤال مثال العرب في الوفاء، لا تزال (مآثره) قائمةٌ، دالة، متصلة..
    وهل في أن عرق الفرس في ابن سينا و ابن المقفع منقصة على العرب..كيف إذن ابدع هؤلاء الرواد بالعربية أو سيبويه أصبح فقيهها..فعلاً من تكلم العربية فهو عربي، طالما بلغت به اللغة، التي هي ليست بالشئ بل كائن حي، أن حمّلته محمولاتها، والتي فيها او يعاضدها، كما الدين و رجاله، الموروث مما تظنه في النازية، و هو الذي بعكس ذلك...من تكلم العربية فهوعربي..قيلت للعرب حداً من غلواء عصبياتهم و تذكيراً لهم بإستعرابهم الذي ليس بأصل فيهم ولا هم بالشعب المختار..و لا اظنها دعوة في قسر العروبة على من لم يحمل محمولاتها في الثقافة والحضارة..
    و مع ذلك فهناك عرب..في السودان..عليهم إصلاح ما بهم من عيوب و مواجهة ما تفرضه عليهم ثقافتهم من أسئلة قاسية و صعبة.. و ليس عليهم نفي أنفسهم أو (جهجهتا)!! فالأوطان تستقيم بالتعدد..ايضاً..
    وربما كان علي أن أشير إلى أن ما قلناه في صدد التفضيل المعرفي، كان عن (المقاربة البحثية) عن أصول الثقافات و مسألة الهويات و صرعاتها..قلنا
    (و الأكيد إيضاً، هو أن مثل هذه المقاربة الثقافية أجدى و أنفع)
    وما كان قولنا ذاك في( القرابة العرقية) كما اشرتم، وهي التي تساءلنا فيها عمّا لا نصدق من أقاويل جرت عليها وفيها..فجاء التكذيب منا بالبداهة...
    ( إلا إذا صدقنا أن النوبة أرسلوا أبنائهم إلى نجد و الحجاز في طلب العربية)


    و ختاماً ياأخي، لعل التالي يكون إتفاقاً بعد لأي..
    قلتم:
    Quote: ولقد لخص الاستاذ انور الطيب خلاصة الهوية في بلدنا بمنطقية

    وهو الذي سبق بالقول:
    Quote: ( قد يكون الإنسان من أصول أفريقية بحتة ولكن لاشك تأثر بالثقافة العربية رضي ذلك أم أبي والعكس صحيح ينطبق على العرب وقد يكون الإنسان عربي قح ولكنه تأثر بالثقافة الأفريقية رضي ذلك أم أبى ولا أرى غضاضة البته أن يأخذ الإنسان من ثقافة الآخرين ويتأثر بها بل ويضيف اليها ويأخذ منها ما ينفعه سواء كانت عملا أدبيا ؛ فنيا ؛ أو حتى سلوكا عاما ؛ وليس بالضرورة أن يكون ذلك تهربا من القيود التي تفرضها عليه ثقافته)
    و قلنا عن قوله السديد... راضين مرضيين، أنه القول:
    Quote: (الذي إتفق معه تماما، وأشكر الأستاذ أنور على حصافة إيراده العميق، ثم أدعو أن نتدارس في أمر هذا التأثير و التأثر، عمقه و مداه في سيرورات تشكيل الهويّة و صيروراتها.. و هو أمر يعارض تماماً فكرة الإحتكام للجينات كما التي في آخر دعوة الأستاذ انور للأستاذ عبد المنعم ومن يخالفه)

    و ثانياً ، في قولك
    Quote: (وراينا في هذه الجزئية بالتحديد هو انها تمثل باختصار كل من بدايات تعريب النوبة وصيروراتها.. اذ ان رجال الدين، وان فشلوا في اقناع الناس بانهم عربا علي ايام ويرني، فانهم قد افلحوا واقنعوا ابناءهم...)
    فهي من مقاربات الثقافي الذي نفضله على جن الجيني..
    و ثالثاً في قولك
    Quote: (ساعود لتوضيح كيف ان صراع الهوية في منتهاه هو صراع سياسي)
    فهو وعد بالعودة و الإثراء مما نعتقده بمداخلاتكم الفطنه كما الفصاحة و البيان..
    و هو أيضاً موطن إتفاق قد اشرنا له في أول تعقيبنا ذاك القديم عن قضاعة و صراعاتها السياسية
    Quote: (و رغم ذلك لا تعدم أن تجد قضاعة في عداتها من يبادرها بالنفي)
    وأن هجاءاً و فخراً جرى من باب التشيع و الأموية قلنا عنه:
    Quote: (هذا في سيرة قضاعة وبعض من سيرة هويتّها..دال على صراع قديم و نفي و إثبات ولكن قضاعة بقيت في المصادر و في جهينة)

    ثم هو قول، قولكم، يأتي باليقين من امر صراع الهوية..هو صراع سياسي مما يحسن معه الإعتراف بالوقائع و طرح الأيدلوجيا كما لو أنها أيدلوجيا فقط..
    ننتظر عودتكم
    و معرفة رأيكم في موقع الأفروعربية و تصورها الهويوي، من خارطة هذا الصراع،
    فهذا هو حقاً موضوع البوست وليس ما إنصرفنا إليه من أمر ال MOLOCULAR GENETICS AND Y CHRMOSOME و ليس عليك شيئ من رأينا ألآ تلتزمه..و لكنا رأيناك تخلص إلى القول
    Quote: (خلاصة:لا ندري نفعا ولا جدوي من كل هذا الذي علمنا مما اخرجناه من باب ( الشئ بالشئ يذكر) فيما نحن فيه من محن)
    فتذكرنا في محننا التي نعاني هذه الأفروعربية..و جهجهتها للناس..جميعهم..


    قال عبد الله علي إبراهيم من مقال له بمجاز من سمكة هيمنجواي يجوز على الوطن لما يصبح هيكلاً عظمياً، و الصياد العجوز الذي هو هؤلاء...
    Quote: ومن أشد عاهات هذا الجيل الوطني الافندي فتكاً به هو فهمه للحركة الوطنية بأنها (بوتقة) يبنون بها السودان المتنوع على صورتهم هم: أمة أصلها للعرب ودينها خير دين يُحب. ووقعوا كذلك في نفس خطأ الحركات الوطنية الافريقية التي تمسكت بصورة الوطن كما ورثته عن الاستعمار القابض. ولم تقبل إعادة التفاوض فيه حتى حين جاهرت جماعات أهلية أخرى بضيقها واشتكت أن الوطن الجديد لم يسعها. وقد أتهم جيل الحركة الوطنية حركات إعادة التفاوض هذه بالانفصالية والعنصرية والعمالة للمستعمرين)
    و تشكر يا أخي على صبرك علي مرة، فأخرى..نثمن ذلك غالياً..
    و تحايا
                  

06-01-2004, 07:05 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ينسف مشروعه بنفسه (Re: Agab Alfaya)

    عدم الوضوح والشفافية في طرح الاراء والافكار يوقع صاحبه في التناقض
    بني الدكتور عبدالله مقالته تحالف الهاربين علي نفي واقعة التمازج العربي النوبي ، والهجنة الثقافية والمكون الافريقي في سكان شمال السودان ،

    وفي حواره مع السمؤال ابوسن المنشور بجريدة اخبار العرب الاماراتية بتاريخ 11/6/2001 بدا الدكتور عبدالله بالتركيز علي نفي الهجنة الثقافية ووصفها بانها مصطنعة وانها ترديد لاراء المستشرقين ، وانها ليست واقعا معاشا بقدر ما هي خطاب ايديلوجي حيث يقول :
    Quote: قررت هذه المجموعة ان تخلق كيمياء معينه تقول ان السودان نشأته في الاصل عربية افريقية أو " خلاسي" كما قال محمد المكي ابراهيم، و ان القانون الذي سيسير فيه للامام هو القانون الخلاسي و اننا سنعيد انتاج مملكة سنار التي كانت ثمرة تزاوج العرب الوافدين مع الافارقه ،

    ولكن عندما يلمح محاوره الي وجود شي من التناقض في اطروحاته يضطر دكتور عبدالله بالاعتراف بالتمازج الثقافي والعرقي :
    Quote: * أشرت الي ضرورة ان يوطن" اهل الشمال المسلم " حسب تعبيرك في ثقافتهم قيم الحرية و ان يكفوا عن خلع ثقافتهم بدعوي الهجنه ، كيف تري ذلك وانت ترفض فكرة التمازج كما طرحتها مدرسة الغابة و الصحراء؟

    فتاتي اجابة الدكتور قبل ان يجف مداد حديثه الاخير ،ناسفة لكل مشروعه القائم علي نفي واقع التمازج:
    Quote: ج - اعتقد ان لدينا مكونات ثقافية كثيرة ستمد باطروحات التمازج هذه ،فالتمازج سيستمر و ستزيد وتيرته لا ان لظروف الاضطراب السياسي لانه حدث اقتلاع مفاجئ دفع الناس دفعا للتمازج و النزوح الكبير ،القري الطرفيه في الخرطوم وحول المدن ، لم يكن واضحا الطريق الذي يستمر فيه التمازج في الماضي ، سرعته ومعدلاته، كنا نتحدث عن ظروف طبيعيه بمعني ان الكيان الافريقي موجود في الجنوب و الكيان العربي في الشمال فحدثت خلطة وامتزاجات طرحت تحديها و النظر الثقافي المتجدد اليها.

    طيب لشنو التعب دا كلو يا دكتور عبدالله ؟
    الم تقل ان التمازج شي مصطنع وغش ثقافي وخلع للعروبة والاسلام؟
    لاحظ قوله : الكيات الافريقي في الجنوب والكيان العربي في الشمال ! نفس التبسيط الذي كان يتهم به البعض الغابة والصحراء ، دون تحري
    ارجو ان يفكر هؤلاء الان في رد الاعتبار لاؤلئك القوم،او ان يقولوا رايهم بكل شجاعة ووضوح في هذا الطرح .


    خلاص يا هاشم جايين عليك بعد دا
                  

06-01-2004, 08:58 PM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ينسف مشروعه بنفسه (Re: Agab Alfaya)

    يا منعم، و الله قايلك وصلت خلاص، لجهتنا و ليس عليها، إن شئت..مرحباً..
    لكن يمكن (البحث عن لؤلؤة المستحيل) شاغلك و مؤخرك عننا..
    بس خلي بالك، ( الغضبة المضرية) دي ما عندها أي علاقة ب(تجاهلكم لنا) ولا ب(تاخركم في الرد علينا)!!
    هي على علاقة بالقلناه قبيل عن الإختلاف الذي يتحول بقدرة قادر إلى إتفاق و بالإجابات المتبرع بها دونما سؤال. و بما شهدنامن تغوّل المنهج على الحق، و تقولِّه علينا..وبالإستجواب و السخرية في السياق!!
    و ليس (بالسؤال) الذي اجبنا عليه (حباً و كرامة) في ضيق من الوقت ، ثم توسعنا لاحقاً..
    لاكِنو في النهاية زعل سودانيين ساكت..ليس (أحمراً)...الحوار أجدى..

    يا سيدي انامدين بمداخلة شرعت فيهاو لم أنهها، رداً على أسئلة الأستاذ بكري.
    و الآن باخرى مستحقة مع الأستاذ ايمن.

    وسأنتظر قارئاً كل ما تجودون به
    لو أقنعنا منهجكم إقتنعنا، و قلنا،
    وإن لم يفعل، حاورناكم فيه، وفي نتائجه، لو يسمح به الوقت الضنين علينا بما يكفي للكتابة و لكنه لا يبخل ببعضه نستقطعه للقراءة و المتابعة هنا بإنتماء كامل و هناك بقيل منه..
    إنتظارنا لكم، كان عذرنا..
    على العموم كل الذي قلناه رهن بكسبك الرهان الضمني، إننا( أنا وكل المتابعين والمتداخلين و القراء) فهمنا مصطلح(الغضبة المضرية) كما جرت به الأمثال و ترميزها و كما تريد له.
    ولكن..هل إندثر (مشروع الأفروعربية) عندنا
    منسوفاً،
    أم مكشوفاًعنه بالعلم،
    أم بالصلح؟؟؟
    شكراً لك و للجميع

    (عدل بواسطة هاشم الحسن on 06-01-2004, 09:03 PM)

                  

06-02-2004, 03:59 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لم يكسر قلم مكمايكل بل اعاده اكثر مضاء!; (Re: Agab Alfaya)

    بني عبدالله ابراهيم رفضه لافروعربية شمال السودان علي سند من القول انهاتنطوي علي فرضية انحطاط ناجم في نظر دعاتها عن امتزاج العرب المسلمين بالنوبة الافريقيين :
    Quote: فهارولد ماكمايكل يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربى . وقد تبعتـه فـي ذلك جمهـرة العلمـاء من امـثال ج. ترمنغهـام ( 1949 ) ، ويوسف فضل حسن ( 1967 ) ، وسيد حامد حريز ( 1977 ) ، وليام آدمز (1977 ) ، وحيدر ابراهيم ( 1979 ) ، وغيرهم كثير .

    يعني هنالك خليط هذا الخليط وصفه مكمايكل بانه آفروعربي ،
    طيب ما المشكلة اذن ؟ المشكلة هي ان دكتور عبدالله يري :
    Quote: ونقول استطرادا : إن دعوة الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل ، وتجلياتها الثقافية عند ترمنغها ، تنطوى على فرضية انحطاط . وهو انحطاط نجم في نظر دعاتها عن امتزاج العرب المسلمين بالنوبة الأفريقيين . فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحى بأن الدم العربى أرفع من الدم الأفريقى . وجاء عند ترمنغهام أن الهجين العربى الأفريقى قد سرب من العقائد إلى الاسلام ما أدخله فـي الوثنيـة

    وكنا قد ذكرنا في قراءتنا ان الدكتور لم يورد الاقوال المباشرة لمكمايكل التي تؤيد قوله بنظرية الانحطاط .
    وقد استدرك علينا القول الاخ ايمن مشكورا انi ورد عند مكمايكل كلمة contaminated في وصفه لاختلاط الدم العربي بالافريقي .
    ,ولكن كنا قد احطتنا لهذا الامر في قراءتنا وقلنا :
    Quote: ولنفترض جدلا أن ماكمايكل وترمنغهام وكل الذين كتبوا عن تاريخ السودان قد قصدوا الإساءة إلى السودانيين والحط من قدرهم عندما قالوا أن دماءهم العربية قد اختلطت بالدماء الزنجية . فهل يعد ذلك مبررا كافيا للسودانيين للتنكر لأصولهم الأفريقية والتنصل من انتمائهم لافريقيا؟!

    ان الذي يقرا نظرية الانحطاط التي قال بها الدكتور ينتابه الاحساس لاول مرة ان الدكتور سيذهب في اتجاه رد الاعتبار للدم الافريقي الذي اهانه مكمايكل وحط من قدره حسب قوله، وهذا هو الشي المنطقي المنسجم مع المقدمات التي بدا منها ،الا ان الغريب في الامر ان الدكتور يذهب عكس هذا الاتجاه تماما وينتهي الي نتائج لا تتفق مع مقدماته ليجعل من نظرة الانحطاط منطلقا واساسا لنفي واقع التمازج الهجنة الثقافية والعرقية بل لنفي اي مكون افريقي في شمال السودان ويعتبر اي حديث من هذا القبيل هو غش ثقافي وخلع للعروبة وتحجيم للاسلام !


    بالقابل نجده يعرف هو بنفسه الافروعربية التي ينتقدها استنادا الي نظرية الانحطاط عند مكمايكل بقوله :
    Quote: الأفرورعربية ، في نظر دعاتها ، هي عمل واع لاستعادة " الدم الأفريقي ودراسة ذلك الجانب من ميراثنا والذي أهمل لمدة وأعنى التراث الزنجـى

    طيب وما العيب في ذلك ؟ اليس هو الرد المناسب علي مكمايكل؟
    اليس هذا هو هدف كل الوطنيين في قوي اليسار تحديدا ؟
    لكن الدكتور يرفض ذلك لانه ينطوي علي نظرة انحطاط للعنصر العربي !؟

    ثم بعد كل ذلك يات الدكتور ليقول لنا ان الافروعربية هي ترديد لنظريات المستشرقين وانها اساءت لصورة الافريقي ولصورة افريقيا !
    و نجد من يصدق ويحاول التبرير بشتي السبل .

    ونواصل اخي هاشم الحسن
    والتحية لكل المتابعين
                  

06-02-2004, 06:54 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحن عرب العرب وافارقة الافارقة ! (Re: Agab Alfaya)

    في اشارة الي ما كتبه عبدالله ابراهيم في عموده بالصحافة تحت عنوان هويتنا:جعجعة قضاعة وكشكشة ربيعة، والتي وصف فيها مقالنا عن القاف والغين وفصاحة اهل السودان، بانه خير مثال علي دعوته الي التوسع في العروبة التي اطلقها في الثمانينات ، في اشارة الي ذلك يقول هاشم الحسن :
    Quote: إنه فقط، حسب فهمنا للفظ و للسياق العام والخاص، يدينك من لسانك..بإعترافك الذي هو سيد الأدلة و بادٍ في منازعتك المحقة لحق المستعربيين السودانيين في إدعاء حرف ثامن أو عاشر..فقد إدعت المستعربة غيرهم سبعة الأحرف الأولى!! و ما يعني الأفروعربية من هذا؟؟

    يقول الاخ هاشم :انه يدينك من لسانك .يدينني لماذا؟
    لانني دافعت عن عروبتي وعن لسان العربي ؟ومتي انكرت عروبتي حتي تقول انه يدينني من لساني ؟
    وما هو وجه الغرابة في انني عربي وافريقي في نفس الوقت ،وهل هذه مسالة معقدة الي هذه الدرجة بحيث انها عصية علي الفهم!
    او قل اني نوبي استعربت ! مالوا ما العباس ذاتو مستعرب وقريش كلها مستعربة حتي عدنان،
    انظر الي تاريخ اداب اللغة العربية كل فقهاء وعلماء العربية غير عرب، ولا حتي مستعربين ، فهل يمنعني استعرابي ان اذود عن لساني العربي؟ ما العرب الشايفهم ديل كلهم مستعربين!
    لذلك لا اعتقد ان هنالك تناقض بين قول صلاح احمد ابراهيم : نحن عرب العرب وقوله : انا الهجين عنترة ! لانو عنترة افصح من العرب العاربة ذاتها
    حتي ان التاريخ خلده من بين سبعة من اشعر من انجبتهم العربية !
    بالمعني دا يحق لعنترة ان يقول عن نفسه انه: اعرب العرب !

    ويقول هاشم:وما يعني الافروعربية من هذا؟
    سؤال عجيب وغريب ! فمن قال ان الافروعربية تقوم علي نفي العروبة والتنكر لها ، والا ماذا يعني الشق الثاني من الكلمة؟

    اخشي عليك اخي هاشم ان تكون قد قصرت معرفتك بالافروعربية علي ما يقوله عبدالله ابراهيم عنها،وهو لا يقول عنها الا ما يخدم اجندته حتي ولو انتهي به ذلك التناقض او الاستقوال،فتارة يقول عنها انها مؤامرة لخلع العروبة والاسلام وتارة يصفها بانها لا تعدو ان تكون جزء من الخطاب العربي الاسلامي الغالب ، وتارات يتهمها بالاساءة الي افريقيا

    وكان الدكتور عبدالله قد اورد ملاحظة شبيهة بتساؤلات الاخ هاشم
    في حواره مع السمؤال حيث يقول :
    Quote: و طبعا محمد عبد الحي نفسه ارتد عن فكرة الغابة والصحراء و قال : "أنا عربي" و ما عاد مشروع الغابة و الصحراء يناسبه.


    والسؤال هو: ومتي قال محمد عبد الحي انه ليس بعربي؟
    حتقول لي طبعا ما ورد في العودة الي سنار :
    بدوي انت ؟
    - لا
    من بلاد الزنج ؟
    - لا

    لست بدوي، لا تعني لست عربي !
    وكما سبق ان ذكرنا في متن الورقة ان هذا توصيف شعري والشعر لا يقرأ حرفيا لانه يتعامل مع اللغة من باب المجاز،
    وعبد الحي هنا يتحدث الخصائص المشركة للامة السودانية ولا يتحدث عن اصله وفصله علي المستوي الشخصي ،وهذا المفروض ان يكون شان كل من يتصدي للحديث عن ما هذه الامور والا يكون ما في فرق بينه وبين اي انسان عادي يتفاخر بحسبه ونسبه .

    نواصل الحديث عن المجذوب وهل خلع عروبته عندما قال :
    فلا تقيدني قريش باحساب الكرام ولا تميم ؟




                  

06-07-2004, 07:05 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاحبة الاعضاء والقراء الكرام المتابعين ،
    عذرا لهذا الانقطاع غير المقصود
    اعمل الان في تفريغ تسجيل محاضرة الدكتور عبدالله علي ابراهيم بابوظبي
    والتي سوف انزلها في بوست منفصل حال الفراغ من ذلك
    وسوف اواصل الرد علي المداخلات ان شاءالله ،
                  

06-10-2004, 03:20 PM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الأعزاء منعم، وهاشم، وبقية الرهط.

    صرفتني شواغل العمل المتعلقة بامتحانات نهاية العام عن المواصلة. وأجد بحمد الله، وفضله شيئا من نعمة الفراغ، الآن. كما لا يزال النجوال حول سؤال الهوية، واشتجاراته، ممكنا، ومتتعا أيضا.
    دمتم.
    __________________________________________

    سبق أن أشرت في أحاديثي الماضية، في هامش تجوالي، حول مركب سؤال الهوية، إشارات خفيفة، إلى نزعات العودة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. ويهمني هنا، ما ألقته هذه النزعات من ظلال على فكر المفكرين، والمقاربين لسؤال الهوية. فالإتجاه نحو احراز سلطة الدولة، بكل وسيلة، الذي بدأ في فكر حركة جماعة الإخوان المسلمين المصرية، تبلر، وواستحصد، وقويت شوكته، وأصبح له حدا سنينا، في فكر الدكتور حسن الترابي، وأدبيات جماعته. ومنذ بدايات أدبيات جماعة الإخوان المسلمين المصرية، مرورا بتجربة الإخوان المسلمين في السودان، تخلق الخطاب الإبتزازي العامد إلى إرباك الخصم، وتجريده من الغطاء الأخلاقي، عن طريق دمغه بالعلمانية، واتهامه بالنزوع إلى التحلل. وأصبح هذا النوع من الخطاب، أحد أهم الأسلحة، لكسب معركة الوصول إلى السلطة.

    وربما مثلت حقبة نميري ـ التي تسنم الدكتور، حسن الترابي فيها، منصب النائب العام، لفترة من الوقت، وتسنم بعض البارزين من المنتمين ألى جماعته، مناصب القضاء في محاكم الطواريء ـ ربما مثلت تلك الحقبة، أحد أقوى تجسيدات ذلك النهج القاصد، إلى شل إرادة المثفقفين، والمتعلمين، المتشككين في صلاحية مشروع الدولة الدينية، والمناهضين له. وكل ذلك، تاريخ قريب، لايزال ماثلا في الأذهان. ولعل الكثيرين لا يزالون يذكرون، محاكم الطواريء، وقوائم المقبوض عليهم، والمقبوض عليهن، التي تذاع من أجهزة الإعلام صباح مساء. ثم تنفيذ عقوبات الجلد علنا، في كبار التنفيذيين، وفي الشخصيات العامة، والفنانين، وسائر افراد الشعب. وهذا ما أسماه الأستاذ محمود محمد طه في كلمته، أمام محكمة المهلاوي، التي قضت بإعدامه: ((سوق الشعب إلى الإستكانة)). وبما أن الأمر، أمر سياسة، أصلا، وليس أمر دين، كما يدعي المرجون له، فقد تجاوز التطبيق يومها، انضباط الشريعة الإسلامية، وأوغل في البعد عن مقاصد الشريعة، حتى أصبح تتبعا مكشوفا لعورات الناس. ولقد بلغ الأمر بنميري أن يقول: إنهم ـ أي هو وقبيله، ومؤيدوه ـ سوف يتسورون الحوائط، ويقتحمون البيوت، للكشف عن من يشرب الخمر، ومن يزني في الخفاء. وقد ورد انتقاد ذلك النهج، وتبيان مفارقته للشريعة الإسلامية، في بعض منشورات الإخوان الجمهورين، التي كانت تصدر وقتها.

    حاولت الحركات الإسلاموية المعاصرة، إبتداء بحركة الإخوان المسلمين المصرية، وانتهاء بالحركة الإسلاموية السودانية، في سائر تشكلاتها، عزل النخب المتعلمة، والمثقفة عن الجمهور بالطعن في ارتباطهم بالإسلام، وبالطعن، من ثم، في مسلكهم الأخلاقي. ولقد فعل ذلك التكتيك فعله، في كثير من النخب المتعلمة، والمثقفة، فأحنى البعض روؤسهم لريحه العاتية. وقد كان أحد أهداف، ذلك التكتيك، هو إضعاف حركة التشكيك في مشروع الدولة الدينية، وابعاد كل ما من شأنه أن يعرقل ذلك المشروع. وحين افترعت حركة الإخوان المسلمين المصرية، هجومها على من سواها، افترعته بإعلان عريض، ضمته دفتا المانفيستو التبسيطي، الجامع، المانع، الوارد في أدبيات تلك المرحلة، في كتب من شاكلة : "جاهلية القرن العشرين"، و"معالم في الطريق". ولقد تعمد كاتبو ذلك المانيفستو، ألا يرفعوا تجربة الدولة الإسلامية التاريخية، في تجسيداتها المختلفة التي أعقبت الفتنة الكبرى، وهي تجسيدات سياسية، أكثر من كونها دينية. وإنما رفعوا النموذج الدعوي الأول، الذي مثلته حقبة النبي الكريم، والشيخين، فيما جسدت ملامحه، دولة المدينة، في عقديها الأولين. وواضحة هنا الإحالة إلى نموذج مثالي، لم يصمد سوى عقدين ونيف من الزمان. وتم في غمرة الحماس لإزكاء أوار العاطفة الدينية، تجاهل كل ما تراكم بعد تلك التجربة، القصيرة، من ممارسات سياسية، ظلت تبتعد كل صبح جديد، عن روح الدعوة، حتى بلغ عمر ذلك الإبتعاد، اليوم، قرابة الألف وخمسمائة سنة. ولقد كان ذلك النوع من التبسيط، مفيدا جدا، في سوق الجماهير، نحو مشروع الدولة الدينية، الوهمي، وهي معصوبة الأعين. كما كان مفيدا، أيضا، في دمغ من يتشكك في أمكانية إعادتها، بتهمة العلمانية، وباتباع الهوى، والإنسياق وراء الملذات، ثم معاداة الله، وشرعه، في نهاية الأمر.

    لقد تم تدريس مانفيستوهات مشروع إعادة الدول الدينية، التي كتبها مفكرو حركة الإخوان المسلمين في مصر، للطلاب السودانيين في حقبتي الخمسينات، والستينات، من القرن الماضي. وقد وجه الأستاذ عبد الخالق محجوب، منذ حقبة الستينات، من القرن الماضي، نقدا نيرا، لتدريس تلك النوعية من الكتب، وانتقد بشكل محدد جدا، فرضها على طلاب الشهادة الثانوية، أنذاك. وقد ورد ذلك النقد، في كتابه: "أراء وأفكار حول حركة الإخوان المسلمين" الذي أعيد طبعه في عام 2001، صادرا عن دار عزة للنشر والتوزيع في الخرطوم، بمقدمة جديدة، كتبها الدكتور عبد الله علي إبراهيم. وحقيقة الأمر، اننا لا نزال، حتى يومنا هذا، نعاني، من آثار ذلك الفكر، الإسلاموي، الإرهابي، الذي وجد طريقه إلى مقاعد الدرس، في ثانويات السودان، في العقدين الأول، والثاني، من النصف الثاني للقرن العشرين.

    من المفاهيم التي ربما احتاجت إلى إعادة فحص، مفهومي "علماني"، و"ديني". فهذان المفهومان مفهومان متداخلان، أكثر من كونهما مفهومين متعارضين، متوازيين. في كتابه الشيق: "العقل العلماني" The Secular Mind أشار روبرت كولز، إلى حوار جرى بينه وبين "دوروثي داي"، حول مفهوم العلمانية، وذكر كولز، كيف أن حديث دوروثي داى معه، قد لفت انتباهه، إلى أن العلمانية قد جسدت نفسها، مرات كثيرات في تاريخ الأديان. مشيرة إلى أن العلمانية، بمفهومها الراهن، الذي نأخذه كمسلمة، أمر لم يظهر بالشكل الذي نعرفه الآن، إلا حديثا جدا. وقالت داي، في مواجهة روبرت كولز، ما ترجمته: ((إنك تقلل كثيرا، من دور الشك، كجزء مستمر من حركة الإيمان، في كل قرن. وأعتقد أنك تحمل العلوم الطبيعية، والعلوم الإجتماعية، أكثر مما يجب، بوصفها سببا للعلمانية. وأنا لا أنكر أن للمعرفة العلمية سلطة، تسهم، بصورة ما، في إجازة العلمانية. ولكن، بحق السماء! لقد كان العالم العلماني، هنا، أو هناك، على الدوام. وتلك هي قصة العهد القديم، والعهد الجديد. وهي، هي قصة المسيحية بشقيها الكاثوليكي، والبروتستانتي. لقد ظللت تتحدث عن جاليليو، ونيوتن، وانشتاين، وفرويد، بوصفهم المدافع الكبيرة، التي ظلت تقذف مواقع الإيمان الديني، والروابط الدينية، بين بين بني البشر، في الغرب. ولكن عندي أن هولاء القوم، ومن سار سيرتهم، ليسوا سوى جزء من قصة أطول من ذلك، بكثير. وإني لأعجب أحيانا، أليس جزءا من عُجْبِنا، بأنفسنا، إعتبارنا لأنفسنا، مختلفين كثيرا عنهم! )).

    وبتطبيق مثل هذا المنهج في فهم الظواهر، على تجربة الفضاء، التاريخي، الإسلامي والبعد عن التبسيط، وعن تشكيل الثنائيات، والمتقابلات، والأضداد، وحراستها بعصا التبسيط الغليظة، ، يتضح أن النزعة العلمانية جزء من حوار المركب الإسلامي، مع ذاته. ولربما مثل الأمويون الجانب العلماني من الكل الإسلامي. فهم الذين حولوا دولة الخلافة الراشدة، إلى ملك متوارث. غير أن قالب الملك المتوارث، هو الذي أخرج الدعوة، من الطهرانية، وشظف العيش، والتعلق الشديد بالآخرة، لتصبح الدولة الإسلامية جسدا حضاريا كبيرا. ولعل هذا ما من أجله قال الأستا محمود محمد طه: ((موضوع علي ومعاوية، يحتاج إلى فكر، يغطِّس الزانة، ويطفِّح المسحانة)).

    ليس من طبيعة البشر، سكنى السماء! فالبشر إنما يزورون السماء فقط، في إلمامات نورانية. غير أنهم سرعان، ما يعودون من تلك الإلمامات السماوية، إلى أرضهم. فالسماء مقام الملائكة، وليست مقاما للبشر. والبشر إنما يطالون السماء في معارجيهم فقط، وهي معاريج لا تطول كثيرا. وحين يصلون إلى هناك يأتيهم الخطاب القدسي: ((يا آل يثرب، لا مقام لكم فأرجعوا)). فالنبوة مشدودة إلى السماء، وعيش الأنبياء عيش سماوي. وبقوة حضور الأنبياء الروحي، على ظهر الأرض، يصبح لأتباعهم المعايشين لهم، فرصة العيش المتسمة بالسماوية. ولكن ما أن ينتقل النبي ـ أي نبي ـ من هذا السديم الأرضي، إلى سديم البرزخ، حتى يخلد أتباعه إلى الأرض، التي هي مقامهم، الذي تفرضه عليهم، طبيعتهم الترابية. وهذا ما عبر عنه أصحاب النبي الكريم، حين قالوا عقب موته: ((ما كدنا ننفض أيدينا من تراب قبر رسول الله، حتى أنكرْنا قلوبَنَا)). ولذلك فتصور دوام عهد النبي الكريم، وعهد الشيخين، تصور غير واقعي، وغير حكيم، وتنقصه المعرفة بطبائع الأشياء. ولذلك فقد خذل المسلمون عليا، رغم زهده، وعلمه، وحلمه، وعفته، وتواضعه، ونصروا عليه معاوية. ولم يخذل عليا، العامةُ وحدهم، وإنما خذله قبلهم، أكابر الصحابة، بل وأقربهم إليه.
    أورد طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى، الجزي الأول، ص 79 ما نصه: ((تحدث الطبري عن السري عن شعيب، عن سيف، عن عمارة بن القعقاع، عن الحسن البصري، قال: "كان عمر بن الخطاب قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلا بأذنٍ، وأجلٍ، فشكوه، فبلغه، فقام فقال: "ألا إني قد سننت الإسلام سن البعير، يبدأ فيكون جذعا، ثم ثنيا، ثم رباعيا، ثم سديسا بازلا. ألا فهل ينتظر البازل إلا النقصان؟ ألا فإن الإسلام قد بزل. ألا وأن قريشا يريدون أن يتخذوا مال الله معونات دون عبادة. ألا فأما وابن الخطاب حي، فلا. إني قائم دون شعب الحرة، آخذ بحلاقيم قريش وحجزها أن يتهافتوا في النار)).. انتهى

    وأورد طه حسين أيضا: ((وتحدث الطبري ايضا عن السري، عن شعيب، عن سيف بن عمر، وعن الشعبي، قالا:" لم يمت عمر رضي الله عنه حتى ملته قريش. وقد كان حصرهم بالمدينة، فامتنع عليهم، وقال: إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد ..... فلما ولي عثمان خلى عنهم فاضطربوا في البلاد، وانقطع إليهم الناس، فكان أحب إليهم من عمر)).

    ملت قريش عمر بن الخطاب، لشدته، وحرصه على المباعدة بينهم، وبين اغراءات الدنيا. وأحبت عثمان لتساهله معها، فيما تشدد فيه عمر. وقد بدأ التعلق بالدنيا يلعو، ويزداد على حساب التعلق بالآاخرة. فمال الناس نحو معاوية، وقل أنصار علي. واستمر التخاذل عن نصرة علي، حتى خذله من الأصحاب، من هم في قامة عبدالله بن عباس، الملقب بـ "حبر الأمة"، وهو بن عم النبي الكريم، وإبن عم علي بن أب طالب، في نفس الوقت.

    كتب الإمام علي بن طالب إلى عامله، على البصرة عبد الله بن عباس، يسائله فيه، عن تجاوزات مالية بلغته، عنه.، فقال: ((أما بعد، فقد بلغني عنك أمر، إن كنت فعلته، فقد اسخطت ربك، وأخربت أمانتك، وعصيت إمامك، وخنت المسلمين. بلغني أنك جردت الآرض، وأكلت ما تحت يديد. فارفع إليّ حسابك، وأعلم ان حساب الله، اشد من حساب الناس)). فرد عليه بن عباس، من غير أن يعطيه تفاصيل الحساب، قائلا: ((أما بعد، فإن الذي بلغك باطل، وأنا لما تحت يدي، اضبط، وأحفظ، فلا تصدق عليّ! الأظناء، رحمك الله، والسلام.)) ولم يجد الإمام علي ردا شافيا، فيما بعثه إليه إبن عباس. فهو قد كان يتوقع منه كشف حساب، وليس مجرد تطمين إنشائي. فكتب إليه مرة أخرى قائلا: ((أما بعد. فإنه لا يسعني تركك، حتى تعلمني ما أخذت من الجزية، ومن اين أخذته، وفيما وضعت، ما أنفقت منه. فاتق الله فيما ائتمنتك عليه، واسترعيتك حفظه، فإن المتاع بما أنت رازئ منه قليل، وتبعة ذلك شديدة، والسلام)). .. انتهى ـ (طه حسين، الفتنة الكبرى: علي وبنوه ـ طبعة دار المعارف، ص ص 121 ـ 129).

    لم يقدم إبن عباس، لعلي بن أبي طالب حسابا، وإنما عمد على توسيع شقة الخلاف، فرد على الإمام، علي بن أبي طالب، متهما إياه، بسفك دماء المسلمين، في صفين، وفي واقعة الجمل، وفي النهروان، قائلا، إن سفك دماء المسليمن، اسوأ من أكل المال. وتفاقم الأمر بينهما، وترك إبن عباس ولاية الكوفة، من غير أن يستشير في ذلك على بن ابي طالب الذي ولاه عليها! أكثر من ذلك، فقد أخذ الأموال التي كان علي بن أبي طالب، يطالبه ببيان حسابها، معه إلى مكة، واستنجد بأخواله، ومحاسيبه، ليحموه من أهل البصرة، وهو يغادرها، حاملا معه أموالهم. وذهب إلى مكة، حيث أصبح بمأمن من علي بن ابي طالب، الذي كان بالكوفة، ومن معاوية الذي كان بالشام. وروى المؤرخون فيما نقله عنهم طه حسين: ((ومضى ابن عباس آمنا يحميه اخواله ويجمعون ما أخذ من المال حتى بلغ مأمنه في ظل البيت الحرام. ولم يكد يستقر بمكة حتى أقبل على شيء من الترف. واشترى، فيما يروي المؤرخون، ثلاث جوارٍ مولدات، حور، بثلاثة آلاف دينار.)) انتهى .. (طه حسين ـ نفس المصدر، السابق).

    وبعد أن بلغ الإمام علي، خبر ترك إبن عباس للمصر الذي ولاه عليه، دون وال، وخبر توجهه إلى مكة، كتب إليه: ((أما بعد. فإني كنت اشركتك في أمانتي، ولم يكن في أهل بيتي رجل أوثق منك في نفسي لمواساتي، ومؤازرتي، وأداء الأمانة إليَّ. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كَلَب، والعدو عليه قد حَرَب، وامانة الناس قد خربت، وهذه الأمة قد فتنت، قلبت له ظهر المجن، ففارقته مع القوم المفارقين، وخذلته اسؤأ خذلان الخاذلين، وخنته مع الخائنين .... .... أما تعلم إنك تأكل حراما، وتشرب حراما؟ أوَما يعظم عليك، وعندك، إنك تستثمن الإماء، وتنكح النساء بأموال اليتامى، والأرامل، والمجاهدين الذين افاء الله عليهم البلاد؟ )). وجاء في رد ابن عباس عليه قوله: ((أما بعد. فقد بلغني كتابك تُعظم علي إصابة المال الذي أصبته من مال البصرة. ولعمري إن حقي في بيت المال لأعظم مما أخذت منه، والسلام)). فرد عليه الإمام علي، بكتاب ورد فيه: ((أما بعد. فإن من أعجب العجب تزيين نفسك لك أن لك في بيت مال المسلمين من الحق أكثر مما لرجل من المسلمين. ولقد أفلحت، إن كان ادعاؤك ما لا يكون لك، وتمنيك الباطل، ينجيك من الإثم. عمرك الله! إنك لأنت البعيد البعيد إذاً. وقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا، وصيَّرتها عَطَنا. واشتريت مولدات المدينة والطائف تتخيرهن على عينك، وتعطي فيهن مال غيرك)) .. انتهى.. (طه حسين ـ نفس المصدر)

    ترك ابن عباس البصرة بلا وال لإيثاره المال، ورغد العيش، على الإجابة على تساؤلات الخليفة، الذي ولاه أمر ذلك المصر. ومعلوم ب الضرورة، ان من حق الخليفة مساءلة الوالي، بل ومحاسبته، وعزله، إن اقتضى الأمر. وقد ترك ابن عباس الولاية التي أوكلت إليه من غير والي، في وقت كان الناس ينفضون فيه عن علي ابن ابي طالب، وكانت فيه شوكة معاوية تقوى، من الناحية الأخرى. ولابد أن ما قام به عبد اله بن عباس، قد فاقم من وتيرة انفضاض الناس عن علي. فإبن عباس، صحابي جليل، ويحمل لقب "حبر الأمة"، وهو قبل هذا وذاك، إبن عم النبي صلي الله عليه وسلم.

    أردت من إيراد هذه الشواهد، الإشارة إلى ضرورة إعادة فحص الصورة الوردية، غير الحقيقية، للتاريخ، التي يرسمها لنا دعاة العودة إلى الماضي، من مطلقي شعارات "تحكيم شرع الله". فلو كان مسلك الأصحاب، من عيار بن عباس، قد بلغ مابلغ، فيما رواه لنا التاريخ أعلاه، رغم صحبته للنبي الكريم، والتتلمذ على يديه، ورغم انتمائه بالدم، للبيت النبوي، فما بالنا بهؤلاء الذين أتوا بعد ألف وخمسمائة عام، ويزعمون أنهم إنما يريدون أن يردوا الأمر، إلى الصورة النقية، الأولى، التي كان عليها، في عهد النبي الكريم، والشيخين؟؟!!

    كما أردت أيضا، أن اشير إلى أن "تفكيك محرمات الشريعة الإسلامية"، أمر قد بدأه كبار الأصحاب، منذ الفتنة الكبرى، وأخذ أقوى تجلياته، في العصرين الأموي، والعباسي، ولذلك فلا يمكن بحال، أن نتهم به حصرا، من نسميهم اليوم "علمانيين" زورا وبهتانا. وحين أعود سأقوم بزيارة لحاضرة الخلافة الإسلامية، بغداد، في العصر العباسي الأول، لنقف على مبلغ "تفكيك محرمات الشريعة الإسلامية".

    أعود لأواصل
                  

06-11-2004, 07:16 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    حمدلله علي سلامة العودة الدكتور النور حمد
    واصل نحن متابعين

    لقد فرغت الحمدلله من تفريغ محاضرة الدكتور عبدالله ابراهيم
    بابوظبي وسوف اقوم بطابعتها وانزالها خلال يومين ان شاءالله .
                  

06-11-2004, 08:33 PM

farda
<afarda
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)


    Dear Al-Faia and contributors…


    This just to say that I’m still following your contributions… i
    I’m in a short holiday in Al-Haj Yousif, Khartoum, and do not have a reliable access to the net… i
    will be back soon!!i

                  

06-15-2004, 04:19 AM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: farda)

    المحاولة في هذا التجوال، هي القيام بكل مسح من شأنه أن يسهم في تفكيك سلطة الخطاب الإسلاموي، الطهراني، الذي ظل يعمل على دغدغة عواطف العامة، وسوقهم معصوبي الأعين، نحو مشروع الدولة الإسلامية المزعوم. فالدولة الإسلامية، بالمعنى الذي يشير إليه هذا المسمى، قد اختفت من التاريخ، يوم ولي عثمان بن عفان الخلافة الراشدة، ويوم أن أطلت برأسها ذؤابات نبتة الفتنة الكبرى، خارجة من تربة دولة الخلافة الراشدة، آخذةً في النمو، الذي انتهى إلى تقتيل آل البيت، واحدا، تلو الآخر. وحقيقة الأمر، أن الصراع بين بني هاشم، وبين الأمويين ترجع جذوره، إلى ما قبل البعثة المحمدية، بزمن طويل. (راجع كتاب "الصراع بين بني هاشم، وبني أمية" للمقريزي، الذي حققه الدكتور حسين مؤنس).

    في قراءة بعدية، تستحق الوقوف المتمهل عندها، والتأمل العميق فيها، عالج الأستاذ محمود محمد طه، موضوع الفتنة الكبرى، من منظور كوني، كوزموولجي. من ذلك المنظور نظر الأستاذ محمود محمد طه، إلى صراع علي، ومعاوية، وانتصار معاوية في ذلك الصراع، بعد أن قل نصراء علي، وبعد أن تفرق عنه عضده، من زاوية كونية ـ أي من زاوية فهمه لمشروع التطور الكلي، الذي يوصل إلى النتائج من خلال توحيد المتناقضَيْن في سمط واحد. في ذلك المنظور لم يتم وضع الحق كله في سلة علي، وحرمان معاوية منه، أو العكس، وإنما جرت النظرة، لتحليل مدلول قيمة الإتساع المادي الأفقي، على حساب النمو الروحي الرأسي. فالحق ليس صنوا دائما للإهطاع، بالكلية، إلى صورة الآخرة، التي كان ممثلها، في المنظور الإسلامي الشائع، علي بن أبي طالب. كما هو ليس، أيضا، في الإهطاع، بالكلية، إلى صورة الدنيا، التي مثلها، في المنظور الإسلامي العام، معاوية بن أبي سفيان. وهذا ما من أجله قال الأستاذ محمود محمد طه إن ((موضوع علي ومعاوية، يحتاج إلى فكر، يِغَطِّس الزانة، ويِطَفِّح المسحانة)).

    ورد في توطئة البحث، لكتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" للأستاذ محمود محمد طه، الذي صدرت طبعته الأولى، عام 1967، مايلي:

    ((يقولون إن التاريخ يعيد نفسه، وهذا حق، ولكنه ليس كل الحق، ذلك بأن التاريخ لا يعيد نفسه بصورة واحدة، وإنما يعيدها بصورة تشبه من بعض الوجوه، وتختلف من بعضها، عما كان عليه الأمر في سابقه، فالمكان ليس كرويا، ولا الزمان، تبعا لذلك، بكروي، وإنما هما لولبيان، يسيران من قاعدة إلى قمة، تشبه فيها نهاية الحلقة بدايتها، ولا تشبهها.
    وكما أن الزمان على كوكبنا هذا، يسير على رجلين، من ليل ونهار ـ ظلام ونور ـ وكما أن الإنسان يمشي على رجلين من شمال ويمين، فكذلك الحياة تتطور على رجلين من مادة وروح.. وعندما يقدم المجتمع البشري، في ترقيه، رجل المادة، ويثبتها، ويعتمد عليها، يكون في حالة تهيؤ ليقدم قدم الروح، وهو لابد مقدمها "كان على ربك حتما مقضيا." ذلك بأن تقدم الحياة لا يقف إطلاقا، ولا يتأخر، ولا يكرر نفسه، وإنما يسير قدما في مدارج مراقيه، حيث تطلب الحياة أن تكون كاملة في الصور، كما هي كاملة في الجوهر. وهيهات!!
    أو قل إن سير الحياة، في مراقيها، كسير الموجة، فهي لا تنفك بين سفح وقمة، وهي عندما تكون في السفح إنما تحتشد لتقفز إلى القمة، وإنما يمثل السفح التقدم المادي للمجتمع البشري، وتمثل القمة تقدمه الروحي، والذين لا يرون صورة سير المجتمع مكتملة، وإنما يرونها بالتفاريق، ينعون عليه تقدمه المادي، ولا يعتبرونه إلا انحطاطا، والله هو المسير الحياة إليه، على هذين الرجلين، من المادة والروح. وفي الحق، إنه لدى التوحيد، إنما المادة والروح شيء واحد، ولا يقع بينهما اختلاف نوع، وإن وقع بينهما اختلاف المقدار.)) .. انتهى نص الأستاذ محمود.

    من هذا المنظور يمكن النظر إلى انتصار معاوية، الذي ربما رآه المنظور الإسلامي، الأخروي، الطهراني، ردة، هو في حقيقة الأمر، بداية لصعدة، جديدة، على صعيد آخر، تأخذ معناها من مجمل سياق التطور العام، وليس من واقع محتدم الصراعات، والإشتجارات الظرفية، وقتها. وهي صعدة كان لابد من أن تسير شوطها، في تشابكات الزمان والمكان، على المدى الطويل، لتصبح بها، عودة الروح، على صعيد آخر، أمرا ممكنا.

    الشاهد أن الخطاب الإسلاموي، المعاصر، الساعي لإحراز السلطة، خطاب تبسيطي. وهو بالإضافة إلى إنطلاقه، من منطلقات تبسيطية، يصبح أكثر إيغالا في التبسيطية، حين ينزل إلى القواعد الجماهرية. يُعَرِّف هذا الخطاب الإسلاموي، التبسيطي، الفضيلة تعريفا، تبسيطيا، نهائيا، مغلقا. وينطلق من تعريفاته التبسيطية تلك، ليدمغ معارضي مشروعه للحكم، بنقص الفضيلة، وبالعلمانية، وباتباع الهوى. ولقد أسرف على نفسه، وعلى الناس، الدكتور حسن الترابي، في استخدام هذا النوع من الخطاب الأخلاقي، الإستعلائي، الذي يعطي أهلوه أنفسهم صكا إلهيا، باكتمال الفضائل، وسواهم من معارضيهم صكا آخرا مغايرا، يصم هؤلاء الغير، باتباع الهوى، والشهوات، والوقوع في حبائل الشيطان. وما أريد أجلاءه في هذه المقاربة، هو زيف هذا الخطاب، وتزويره، وافتقاده للسند التاريخي، والواقعي. فالصورة المتخيلة التي يحاول مرجو هذا الخطاب، شد الناس إليها، وإلهاب عواطفهم تطلعا ليوم تحقيقها، صورة مثالية، لم تتحقق في يوم من الأيام، ولن تتحقق، بهذا الشكل الذي يصورها به مروجو هذا الخطاب البائس التعيس.

    أخلص من هذا، إلى أن الاتهام الموجه لمنظري الآفروعروبية، بأنهم إنما يخفون أجندة خاصة بهم، مفادها تفكيك محرمات الثقافة العربية الإسلامية، والهروب إلى واحاتٍ "إباحيةٍ"، مزعوم توفرها في الثقافات الإفريقية، إتهام ينطوي على مزايدة أخلاقية، تراهن على أدبيات، إسلاموية، سياسوية، أخذت شمسها في الأفول. من يقرأ طه حسين، ويقرأ الأستاذ محمود محمد طه، بتدبر، وبذهن مفتوح، ومن يقرأ خليل عبد الكريم، ومحمد أركون، ونصر حامد أبوزيد، وسيد القمني، وغيرهم من المفكرين الضالعين في إعادة رسم صورة التاريخ الإسلامي، وفحص المسلمات الإسلامية، يعرف أن الصورة الزائفة للتاريخ الإسلامي، والتي ظل المسلمون يقتاتونها من أيدي النخب المتسلطة، عبر تاريخهم، تواجه هذه الأيام، أقسى أنواع الإختبارات. ولسوف لن تلبث هذه الإختبارات أن تهدم سلطة الخطاب التقديسي، التبسيطي، العاطفي، التعبوي الذي عاش أكثر بكثير من عمره الافتراضي. ذلك الخطاب القديم، الذي رفعه من الموات، وحمل لواءه مرة أخرى، في النصف الأول من القرن العشرين، قادة الإخوان المسلمين المصريين، وطوره، على أثرهم، وأعطاه زخما، ودفقا، الدكتور حسن الترابي، وهو يحارب باندفاع الضرة، وشراستها، قوى اليسار السوداني، وحركة الإخوان الجمهوريين.

    أخشى أن يكون الدكتور عبدالله علي إبراهيم، قد سقط في قبضة ذلك الخطاب، الذي أرى أنه إنما يلفظ الآن، أنفاسه الأخيرة. أقول هذا، وفي ذهني، ما جرى على قلم الدكتور عبدالله علي إبراهيم، من إشارات، غير موفقة، استخدمت طاقة الخطاب الإسلاموي، المستعلي بالإيمان، والممتلئ بدعاوى الطهر، والاستقامة، مما أضفاه الدكتور الترابي، على ذاته، وقبيله، وحاول به جاهدا، وضع غيره، من معارضي مشروعه، خارج سلة الفضيلة. من تلك الإشارات التي لم أستسغ نصها، ونَفَسِهَا، إشارة الدكتور عبد الله علي إبراهيم، إلى رفقاء دربه من اليساريين، من منظري مدرسة الغابة والصحراء، من "الآفروعروبيين"، بأنهم يخفون أجندة قاصدة إلى تفكيك محرمات الثقافة العربية الإسلامية، لكون تلك الثقافة "قد سدت على يفاعتهم منافذ الإشباع"!! وهل يحتاج المرء، في كل الحواضر العربسلامية، إلى فلسفة لكي يمارس كل أنوع "الشغف" وكل صنوف "الإشباع"؟!!

    أشرت في مداخلتي السابقة، إلى أن مروجي الخطاب الإسلاموي القاصد للسلطة، يحيلون المخاطَبين، إلى طهر الحكم الإسلامي، ونقائه، في حقبة النبي الكريم، والشيخين، ولا يحيلونهم إلى ما تبع ذلك من تمدد الدولة الإسلامية، وتحولها إلى إمبراطورية، لا تختلف في كثير عما سواها من الإمبراطوريات. لقد بدأ تفكيك محرمات الشريعة، كما أشرت سابقا، منذ فجر الدعوة الإسلامية. ولقد أوردت، كمثال، ما جرى بين عبد الله بن عباس، وإبن عمه، علي بن أبي طالب، وكيف أن كبار الصحابة، قد ملوا الخطاب الطهراني، الأخروي، وأصبحوا أكثر ميلا لنداءات الجِّبِلَّة، المؤثرة للدعة، ورغد العيش. وطبيعي أن يتعب المجاهدون من الجهاد، ومن حالة التشمير المستمرة. ولقد وصف الأصحاب حالة قلوبهم، يوم وفاة النبي، فقالوا: ((ما كدنا ننفض أيدينا من تراب قبر رسول الله، حتى أنكرنا قلوبنا)). ولقد حاول علي بن أبي طالب، حمل الناس على الجادة والجهاد، من أجل رد الأمر إلى ما كان عليه، في عهد الشيخين. ولكن الناس خذلوه، وانفضوا عنه. ولم يكن الأمر في حقيقته، بمثل ذلك التبسيط الذي يقول: إن عليا قد كان على حق، ورغم ذلك فقد نصر الناس معاوية عليه، وأن معاوية قد كان على باطل مطلق. فقد كان حكم الوقت، مع معاوية، ولم يكن مع علي. وهذا ما جعل أمر معاوية، المنشغل بالدنيا، يعلو على أمر علي، المنشغل بالآخرة. وقد كان انتصار معاوية، على ذلك النحو الوارد وصفه باستفاضة في التاريخ، بمثابة إعلان عملي، بنهاية دولة الشريعة. وقد حاول الحسين بن علي، السير على نهج والده، فانتهت محاولته بمقتله، ومقتل غيره من آل بيته، في كربلاء. وتبددت بذلك، كل الآمال المتعلقة، برد الأمر على ما كان عليه، من النقاء. وحين رأى شيعة علي ذرية النبي يتم تقتيلها، واحدا، تلو الآخر، بدأوا يبذرون بذور العقائد الشيعية، الباطنية، التي تبلورت فيما بعد، فأنتجت أدبيات الإنتظار القائلة، بعودة الإمام، الذي سوف يعيد الأمور إلى نصابها. وحين استقر الأمر للأمويين، تحولت الخلافة إلى ملك عضوض متوارث. واتسعت رقعة الإمبراطورية الإسلامية، وانفتحت عيون الفاتحين على صور الحياة المرفهة في البلدان المفتوحة، ودخل من ثم، عهد الترف، والدور الفخيمة، والقصور المشيدة، والتنعم بالرياش، وبالديباج، والدمقس، والحرير. وجاء عهد شرب الخلفاء للخمور، وعهد الندماء، والجواري، والغلمان، والغناء، والطرب.

    ولنترك الدكتور شوقي ضيف يصف لنا حالة الدولة الإسلامية، في العصر العباسي الأول، وما وصل إليه الحال من التحلل من قيود الشريعة الإسلامية، في كتابه: "تاريخ الأدب العربي: العصر العباسي الأول". يقول الدكتور شوقي ضيف:

    ((والمعروف أن الهادي أول خليفة عباسي أُغرى بالخمر، وتبعه الرشيد، ومن جاءوا بعده، وأغلب الظن أنهم لم يكونوا يتجاوزون الأنواع المحللة إلى الأنواع المحرمة، إلا ما كان من الأمين الذي كان يعيش للخمر المسكرة يشربها أرطالا، وكأنما كان في قلبه جذوة من الغرام بها، ولا سبيل إلى إطفائها إلا بشرابها متتابعا، حتى ليصل أحيانا مساءه فيها بصباحه، حدث إبن المعتز أنه اصطبح بها يوما مع ابي نواس وطائفة من ندمائه: ((فأُتِيَ بالشراب كأنه الزعفران، أصفى من وصال المعشوق، وأطيب ريحا من نسيم المحبوب، وقام سقاة كالبدور بكؤوس كالنجوم فطافوا عليهم، وضربت المغنيات خلف الستائر بمزاهرها، فشربوا معه من صدر نهارهم إلى آخره)) ..

    ويواصل الدكتور شوقي ضيف حتى يقول:
    ((والأمين في خمره ومجونه ليس شذوذا في عصره بل هو امتداد لموجة حادة، بدأها الوليد في دمشق لآخر عصر بني أمية ثم مطيع بن إياس ورفقاؤه من أمثال والبة بن الحباب في الكوفة، وبشار وأضرابه المجان في البصرة)) .. ويواصل شوقي ضيف، قائلا: ((ومنذ أول العصر نجد الخمر تقترن بالغناء والرقص، إذ تحول المُقَيِّنُون، (تجار القيان، وهن الجواري المغنيات ـ الشرح من عندي)، في كرخ بغداد وفي البصرة والكوفة بدورهم إلى حانات كبيرة للشرب والقصف كل مساء، فكان الشعراء وغيرهم يؤمونها للشراب على غناء القيان وضرب الطبول والدفوف، ومن أشهر تلك الدور دار إبن رامين المُقَيِّن في الكوفة، فقد جلب إليها طائفة من قيان الحجاز، كان يختلف إليهن للشراب والسماع مطيع بن اياس وصحبه من الشعراء وابن المقفع ومعن بن زائدة الشيباني، وروح بن حاتم الباهلي. وعلى شاكلتها دار اسماعيل القراطيسي المُقَيِّن ببغداد، وكانت مألفا لأبي نواس والحسين بن الضحاك وابي العتاهية وغيرهم من الشعراء.

    وكانت البساتين في ضواحي بغداد تمتلئ بالحانات التي يختلف إليها الشعراء وغيرهم من الفتيان كحانة بستان صباح التي وصفها مطيع بن اياس في بعض شعره)). ويواصل الدكتور شوقي ضيف في رصده ذاك، فيقول: ((وكثير من دور الشعراء أنفسهم في بغداد وغير بغداد تحولوا بها إلى مقاصف للخمر والمجون على نحو ما كانت دور مطيع ابن اياس ورفقائه في الكوفة ودار بشار في البصرة ودار أبي نواس في بغداد. وكانت هناك ايام على مدار السنة يخرجون فيها للهو والقصف والعبث والمجون، وهي أيام الأعياد: أعياد الإسلام وأعياد الفرس والنصارى وكانت تأخذ شكل كرنفالات عظيمة، يخرج فيها الناس للشراب واللهو المباح، وغير المباح والفرجة على أصحاب المساخر، وكان منهم من يتهادون على صفحة دجلة في القوارب الجميلة، ومنهم من يبتعد في البساتين)).

    وما يجري وصفه هنا، من حالة الإنقلاب على محرمات الشريعة الإسلامية، لا تمثله مجرد حالات معزولة، كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان، وإنما هو حالة عامة، وسمت تلك الحقبة. وهي حالة شملت إلى جانب طبقة الشعراء، وعامة الناس، راعي الرعية نفسه، خليفة المسلمين. ويواصل شوقي ضيف واصفا الإحتفالات بواحد من الأعياد المتعلقة بأشجار الزيتون، يسمى "عيد الشعانين" جرى الإحتفال به في قصر الخليفة المأمون، فقال:

    ((وكانت الجواري النصرانيات يحتفلن به في في قصر الخلافة، إذ يروي أحمد بن صدفة المغني أنه دخل على المأمون في هذا العيد، فرأي بين يديه عشرين وصيفة رومية أدرن الزنار حول أوساطهن وتزين بالديباج وعلقن في أعناقهن صلبان الذهب وأمسكن في أيديهن بالخوص والزيتون، ولم يكد المأمون يراه حتى طلب إليه أن يغنيه في أبيات تصفهن، تجري على هذا النمط:

    ظباءٌ كالدنانير ملاحٌ في المقاصـيرِ
    جلاهُنَّ الشعانينُ علينا في الزنانيـرِ
    وقد زرَّقن أصداغا كأذناب الزرازيرِ
    واقبلن بأوسـاطٍ كأوسـاط الزنابير

    وغناه فيها ابن صدفة ورقصت الوصائف في أثناء الغناء، وشرب المأمون على رقصهن وغنائه وأكثر من شربه حتى تغشاه السكر)) .. انتهى نص الدكتور شوقي ضيف.
    (أواصل)
                  

06-15-2004, 08:27 PM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Dr.Elnour Hamad)

    ويمضي الدكتور شوقي ضيف في تصوير حالة العصر العباسي الأول، معتمدا على أمهات كتب التراث مثل تاريخ الطبري، وكتاب الأغاني، وكتابات الجاحظ، فيقول:

    ((ومما لا ريب فيه أن إدمان الخمر حينئذ دفع إلى كثير من المجون والعبث والإباحية، وكان المجتمع ذاخرا بزنادقة وملاحدة وأناس من ديانات شتى مجوسية وغير مجوسية، فمضى كثيرون يطلقون لأنفسهم العنان في ارتكاب الآثام متحررين من كل قانون للخلق والعرف والدين. وكان من أهم العوامل التي هيأت لذلك السلع التي كانت تباع وتشترى من الجواري والقيان، فقد كن من أجناس وشعوب مختلفة، ولم يكن إلا في النادر بشيء من الكرامة ولا كن يصطنعن شيئا من التحفظ والإحتشام. وسعر ذلك في قلوبهن النخاسون والمُقَيَّنُون الذين يبتزون عن طريق علاقاتهم بالشباب والفتيان، اموال السراة. وبذلك تحولت كثرتهن إلى إلى أدوات فتنة وإغراء وريبة ومجون وعبث، وأخذن يتفنن في الحيل التي يجتذبن بها قلوب الرجال من شعراء، وغير شعراء، مداعبات لهم بالتبسم، وغامزات بطرف العين، وناشطات معهم بالسكر، ولم تكن الواحدة تكتفي برجل واحد، فقد كن يستكثرن من اتخاذ الخلان سالكات إلى ذلك طرقا مستقيمة ومعوجة، ووصف ذلك الجاحظ فقال: "ربما اجتمع عند القينة من معشوقيها ثلاثة واربعة .. فتبكي لواحد بعين وتضحك للآخر بالأخرى، وتغمز هذا بذاك، وتعطي واحدا سرها والآخر علانيتها، وتوهمه انها له دون الآخر، وان الذي يظهر خلاف ضميرها، وتكتب لهم عند الإنصراف كتبا على نسخة واحدة، تذكر لكل واحد منهم تبرمها بالباقين وحرصها على الخلوة به دونهم، فلو لم يكن لإبليس شرك يقتل به ولا علم يدعو إليه ولا فتنة يستهوي بها إلا القيان، لكفاه)) .. انتهى نص الدكتور شوقي ضيف.

    وواضح أن الدكتور شوقي ضيف يحاول من حين لآخر، أن يشير إلى ان أسباب كل تلك الحالة، إنما يرجع إلى ظروف خارجة عن بنية الثقافة العربية الإسلامية، ويتضح ذلك في إشارته التي قال فيها: ((وكان المجتمع ذاخرا بزنادقة وملاحدة وأناس من ديانات شتى مجوسية وغير مجوسية، فمضى كثيرون يطلقون لأنفسهم العنان في ارتكاب الآثام متحررين من كل قانون للخلق والعرف والدين)). فلو كان الأمر كما حاول الدكتور شوقي ضيف، ان يقول، فما بال خليفة المسلمين نفسه، يشرب الخمر، ويمتع نفسه برقص القيان المتزنرات الأوساط كالزنابير، كما وصفهن مغنيه؟ ثم ما بال الخليفة يسمح لوصيفاته المسيحيات بارتداء الصلبان، في بلاطه، وهو خليفة المسلمين؟ إن محاولات كبار الكتاب العرب والمسلمين، إحالة المفارقة لنهج السلف، التي انتظمت العصرين الأموي والعباسي، ما هي إلا محاولة لتغطية العجز عن رؤية الجانب الإيجابي المتضمن في تحول الدعوة من مرحلة الطهرانية المتزمتة، المحافظة، إلى حضارة مزدهرة متسعة تسمح باللهو وبالمتعة. وأرجو الا يفهم من قولي هذا، أنني ارى أن ما عرى الخلفاء العباسيين من ارتماء في أحضان المتع، وحياة الترف، والدعة، والإسترخاء، والخدر، ظاهرة إيجابية. ولكن ما أرمي إليه هو أن نعرف أن الحياة لا يمكن أن تطهر في جملتها في يوم وليلة. وأن طبيعة الحياة في كل مجتمع، إنما هي خليط بين الهدى والضلال، وأن التطهر، والعفة، تمثلان مشروعا لا يتم الفراغ منه بإستصدار القوانين، وتشكيل بوليس لللآداب، كما حاول النميري، وكما حاول بعده، أهل الإنقاذ في السودان، مدفوعين، كليهما، بتصورات الدكتور حسن الترابي، وقبيله، لدولة الطهر والعفاف. فمشروع مجتمع الفضيلة، مشروع كبير. وهو مشروع لا يتحقق إلا من خلال إصلاحات على أصعدة كثيرة، منها السياسي، والإقتصادي، والإجتماعي، والتعليمي. فالفضيلة والعفة والطهر أمور تُبنى بناءً في وعي الفرد، ولا يمكن فرضها بقوى خارجية.

    ويواصل الدكتور شوقي ضيف في وصف العصر العباسي فيقول:

    ((وقد دفع هذا الفساد الخلقي الذي كان يشيعه القيان والجواري في هذا العصر إلى انتشار الغزل المكشوف الذي لا تصان فيه كرامة المرأة والرجل جميعا، فقد كانت المرأة غير الحرة تبتذل ابتذالا، وتطورت الحياة، فلم يعد العرب هم الذين يستبدون بالشعر مصورين فيه مروءتهم وارتفاعهم بالمرأة عن الصغار والإمتهان، بل مضى شعراء الفرس يستبدون به، إذ كان اكثر الشعراء حينئذ منهم، فلم يعرفوا للمرأة حقها من الصيانة والإرتفاع عن الفجر الفاجر، بل لعلهم كانوا يدفعونها إليه دفعا، بما كانوات ينظمونه من اشعار صريحة عاهرة، على نحو ما يلقانا عند مطيع بن إياس ورفقته في الكوفة وبشار بن برد ومعاصريه في البصرة، وقد استحال شعر بشار غلى نداء صارخ للغريزة الجسدية، نداء يندى له جبين الشرف والخلق مما جعل وعاظ بلدته من أمثال واصل بن عطاء ومالك بن دينار يصرخون به أن يكف عن غيه، وتعالى صياحهم ونظرائهم حتى وصل سمع المهدين فهدده وأنذره أن ينزل به عقابه غن هو لم يزدجر، ولك يرعو، وأضطر أن ينزل على مشيئته وبكى ذلك طويلا في أشعاره. على أن تدخل المهدي جاء متأخرا ، فقد عم طوفان هذا الغزل لا في البصرة والكوفة وحدهما بل أيضا في بغداد عند ابي نواس واضرابه)).. انتهى نص الدكتور شوقي ضيف.

    وواضحة، مرة أخرى، محاولة الدكتور شوقي ضيف إحالة ظاهرة الغزل المكشوف، والشعر الخليع، إلى الشعراء ذوي الأصل الفارسي، دون الشعراء ذوي الأصل العربي. وهذه واحدة من زلات كتابنا في مجانفة الحياد العلمي، وإعطاء الفضيلة أساسا عنصريا، محصورا في جنس العرب. إقرأ مرة اخرى قول الدكتور شوقي ضيف: ((وتطورت الحياة، فلم يعد العرب هم الذين يستبدون بالشعر مصورين فيه مروءتهم وارتفاعهم بالمرأة عن الصغار والإمتهان، بل مضى شعراء الفرس يستبدون به، إذ كان اكثر الشعراء حينئذ منهم، فلم يعرفوا للمرأة حقها من الصيانة والإرتفاع عن الفجر الفاجر، بل لعلهم كانوا يدفعونها إليه دفعا، بما كانوات ينظمونه من أشعار صريحة عاهرة)). يقول الدكتور شوقي ضيف هذا القول، وكأن العرب لم يعرفوا الرذيلة، وابتذال المرأة، في يوم من الأيام!! ألم يكن الدكتور شوقي ضيف يعرف أن مكة قد عرفت المواخير والحانات قبل ظهور الإسلام؟! ثم، ألم يكن عمر بن أبي ربيعة، عربيا، بل وقرشيا؟

    ويواصل الدكتور شوقي ضيف وصفه للحياة الإجتماعية في العصر العباسي الأول، فيتحدث عن ظاهرة التعلق بالغلمان، فيقول:

    ((وقد أشاع هولاء المجان، والخلعاء، آفة مزرية، هي آفة التعلق بالغلمان المرد، وكان أول من اشتهر بالغزل فيهم والبة بن الحباب، وهو يصرح بذلك تصريحا،ى في غير مواربة، ولا استحياء، ويقال هو الذي يتحمل وزر إفساد ابي نواس، بل هو في راينا الذي يتحمل وزر العصر كله وما يشاع فيه من هذا الغزل المقيت الذي يخنق كرامة الشباب والرجال خنقا. وربما كان من كثرة شيوعه كثرة الغلمان والخصيان في بغداد وغيرها من مدن العراق، وكان منهم من تسقط عنه رجولته حتى ليلبس لبس النساء. وكان من الجواري من يلبس لبس الغلمان لفتا للشباب، والرجال، ويروى ان الأمين حين افضت إليه الخلافة قدم الخصيان وآثرهم، فشاعت قالة السوء فيه، ورأت أمه زبيدة درءا لتلك القالة أن تبعث إليه بعشرات الجواري، البستهن لبس الرجال، حتى ينصرف عن الخصيان. فكن يختلفن بين يديه، وابرزهن للناس، ولم يلبث كثيرون ان جاروه في هذا الصنيع، وكن يسمين بالغلاميات، وعمت هذه البدعة في الساقيات بالحانات، ولعل هذا هو السر في أن أبا نواس كثيرا ما يتحدث عن بعض الجواري بضمير المذكر. ومن تتمة هذا التبادل بين الجواري والخصيان في الزي والهيئة حينئذ كثرة المخنثين بين المغنين والضاربين على الدفوف، وكانوا يتشبهون بالنساء في عاداتهن وثيابهن وضفر شعورهن وصبغ اظافرهن بالحناء)).. انتهى نص الدكتور شوقي ضيف.

    وواضح مما تقدم، من نصوص الدكتور شوقي ضيف، التي اعتمدت كتب التراث كتاريخ الطبري، والأغاني، ومختلف كتابات الجاحظ، أن كل الفساد التي كانت سارية في المجتمع، قد كان لها ما يمثالها، أو حتى يزيد عليها في بلاط الخليفة! الشاهد أن من يتحدثون عن مشروع لدولة إسلامية، أو رد الشريعة لمطلبها الحق في أن تكون قانونا للمسلمين، كما جرى به قلم الدكتور عبد الله علي إبراهيم، إنما يتحدثون عن شيء لم يكن له وجود، غير الوجود النصي. أما التطبيق في الواقع، فقد جرى على سنة الواقع، كما يجري في كل شؤون السياسة، في مختلف البلدان والثقافات، والممل والنحل. لقد مالت شمس دولة النص المقدس للمغيب، يوم أن ولي عثمان بن عفان الأمر، ثم بدات في الغروب يوم أن خرج ، حبر الأمة، وإبن عم النبي، وإبن عم علي بن أبي طالب، عبدالله بن عباس عن سلطة الخليفة، علي بن إبي طالب. ترك إبن عباس المصر الذي ولاه عليه علي بن أبي طالب بلا وال. أكثر من ذلك، أخذ معه أموال المسلمين، وذهب بها إلى مكة حيث اشترى الأراضي والدور، والجواري. وما جرى بعد ذلك في العصرين الأموي والعباسي، مما رأيناه فيما رصده الدكتور شوقي ضيف، لم يكن سوى تداع طبيعي لقطع الدومينو التي بدأت في التساقط بنهاية حكم الشيخين.
    أواصل

    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 06-16-2004, 01:25 AM)

                  

06-15-2004, 11:25 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اجازة سعيدة يا فردة (Re: farda)

    اجازة سعيدة بين الاهل يا فردة

    وان شاءالله ترجع بالسلامة

    ونحن في انتظار عودتك

    وسلام لكل الاهل والاحباب والاصدقاء
                  

06-26-2004, 02:15 AM

farda
<afarda
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اجازة سعيدة يا فردة (Re: Agab Alfaya)

    *
    شكراً كثيراً أيها العزيز عجب الفيا...
    لقد عدتُ - نعم عدتُ!! - الى موقعي الثابت قبل يومين ، وعانيت من مشكلة في مـلفي بسودانيز أون لاين
    وهـا أنا أعود للتعليق على الكثير الذي فاتني التعليق عليه

    لك الود كله،
                  

07-04-2004, 04:34 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اجازة سعيدة يا فردة (Re: farda)

    عودا حميدا يا اخ فردة
    وفي انتظار ما وعدت به من تعقيبات
                  

06-17-2004, 00:33 AM

Ehab Eltayeb
<aEhab Eltayeb
تاريخ التسجيل: 11-25-2003
مجموع المشاركات: 2850

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاساتذة:
    عجب الفيا..
    النور حمد..
    هاشم الحسن ..
    وبقية العقد الفريد في منظومة الهوية:
    لكم عاطر التحايا وجزيل الشكر علي ما تبذلوه من بسط لمعرفة ..ونشر للمعلومة في هذا الموضوع الحيوي..
    ونتابع بصمت وشغف كل ما ينشر من تثاقف ومعرفة..
    لكم التقدير وخصوصا الاخ عجب الفيا علي طرحه للموضوع..
    وحتما ستكون لنا مداخلة لاحقا...
                  

06-17-2004, 00:47 AM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Ehab Eltayeb)

    Thanks Eyhab
    We are all looking forward for your contribution
                  

06-17-2004, 00:56 AM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Dr.Elnour Hamad)

    الآية القرآنية التي تقول: ((إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون)) تصور الطبيعة المفسدة، المشرجة في أي مُلك. فالمُلك من حيث هو، لا يملك لنفسه امتناعا عن صناعة الفساد. والمُلك يعني كل حكم مفروض على الناس من علٍ. ويشمل ذلك الدكتاتوريات المعاصرات بكل أشكالها. وحكم الجبهة الحالي في السودان، ملك، مهما تفنن أهلوه في تسمياته. فالملك لا يعني الملك المتوارث وحده، وإنما يمكن أن يعني أيضا، أي نظام يجلس فيه أحد من العالمين، أو قبيل من العالمين، فوق هامات الناس، بقوة الحديد والنار، مستخدما بشكل مؤسسي منظم، أساليب القمع، والتخويف، والإرهاب، والتعذيب، وغير ذلك من طرائق الدولة الإستخباراتية، المهووسة أولا، وأخيرا، بأمن الشخوص القابضين على مفاصل الحكم. فأي نظام ينفق أموال الشعب، في تحصين نفسه ضد الشعب، نظام ملكي، ومن ثم، فهو نظام لا يملك دفعا للفساد عن نفسه.

    الحديث عن تحكيم الشريعة، وعن رد "مطلب الشريعة الحق"، إليها، لتكون قانون بلاد المسلمين، كما ورد في عبارة الدكتور عبدالله علي إبراهيم، حديث لا يخدم سوى تعضيد سلطة الحكم الديكتاتوري التي ظلت فاشية فينا منذ قرابة ألف وخمسمائة عام. فالإحالة للنص المقدس، وإعطاء قبيل من الناس حق تفسيره، وتصور طرائق تطبيقه على الناس، لا يسهم إلا في إعطاء حكم دنيوي، فاسد، ومفسد، وباطل، سندا سماويا. وكما يقولون: فإنه لا جديد تحت الشمس. فما يحاوله فقهاء السلطان اليوم، ومعهم أكاديميو السلطان، أمر جرت عليه العادة طيلة التاريخ الإسلامي، منذ الفتنة الكبرى. وعلينا فقط أن نتصور، أن من حكموا على الحسين بن المنصور، الملقب بالحلاج، بالردة، وصلبوه على جسور بغداد باسم الغيرة على دين الله، هم أنفسهم الذين نادموا الشعراء، الخلعاء، وتلذذوا برؤية أجساد القيان الحسان اللائي جرى انتقاءهن من مقهوري شعوب البلدان المفتوحة، وهن يتثنين على إيقاع الدفوف، والمزاهر العازفة. وهم أنفسم الذين عبوا صنوف الخمور عبا، وسمحوا للقيان المسيحيات بارتداء الصلبان في بلاط خليفة المسلمين، كما تقدم ذكره. ويحدثنا الدكتور شوقي ضيف عن الحالة الإجتماعية، في العصر العباسي الأول، فيقول:

    ((وكانت خزائن الدولة هي المعين الغدق الذي هيا لكل هذا الترف، فقد كانت تُحمل إليها حمول الذهب والفضة من أطراف الأرض، حتى قالوا إن المنصور خلَّف حين توفي أربعة عشر مليونا من الدنانير، وستمائة مليون من الدراهم (ورد في المسعودي، الجزء الثالث ـ صفحة 232). وإن دخل بيت المال سنويا لعهد الرشيد كان نحو سبعين مليونا من الدنانير. (ورد في مقدمة إبن خلدون ـ طبعة المطبعة البهية ـ صفحة 127، وفي الجهشياري ـ صفحة 281). وكانت هذه الأنهار الدافقة من الأموال تصب في حجور الخلفاء، ومن يحف بهم من بيتهم، ومن الوزراء والقواد، والولاة، والعلماء، والشعراء، والمغنين. ونسوق من ذلك أطرافا تصور ما آل إليه ذلك من شيوع الإقطاع والثراء العريض في الطبقة الحاكمة، وحواشيها، ومن يلوذون بها، فقد رُوي عن المنصور أنه فرض لكل شخص من أهل بيته، الف ألف درهم، في كل عام (ورد في الطبري ـ الجزء السادس ـ صفحة 327). ويقال إن غلَّة الخيزران زوجة المهدي من إقطاعاتها كانت تبلغ سنويا مائة وستين مليونا من الدراهم (ورد في المسعودي ـ الجزء 3 ـ صفحة 257)، وكانت اقطاعات محمد بن سليمان بن علي العباسي، والي البصرة تدر عليه كل يوم مائة ألف درهم (ورد في الجهشياري ـ صفحة 250)، وكانت للفضل بن الربيع وزير الرشيد والأمين قطيعة تغل له سنويا مليون درهم، (ورد في المسعودي ـ الجزء 3 ـ صفحة 236)، ولعلنا لا نعجب بعد ذلك إذا عرفنا أن عمرو بن مسعدة وزير المأمون خلف بعد وفاته ثمانين ألف ألف دينار، ونُقل ذلك غلى المأمون، فلم يأخذه العجب، بل قال: هذا قليل لمن اتصل بنا، وطالت خدمته لنا))!! .. انتهى نص الدكتور شوقي ضيف.

    هؤلاء الحكام الغارقين في الترف، وفي الإغداق بغير حدود على الأقارب، والمحاسيب، يعتمدون في سلطتهم، على نفس النص السماوي الذي كانت يعتمد عليه عمر بن الخطاب، الذي كان منع الحلوى عن زوجته يوم اشتهتها. وقد صور الشاعر حافظ إبراهيم، حال عمر بن الخطاب مع زوجته، فقال:

    يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها: من أين لي ثمن الحلوى فأشريها!؟
    لا تتبعي شـهوات النفس جامحة، فكسـرة الخبز، عن حلواكِ، تجزيها


    دعاة الدولة الدينية، ودعاة الإحالة إلى اعتماد النص السماوي، يحيلوننا لتجربة النبي، وعمر، وأبو بكر، حتى تعلق أفئدتنا بالمثال النقي، الذي يثير اشواق ذوي الضمائر الحية، وما أكثرهم. ولكن، حين يجيء التطبيق، يطبقون ما فعله الأمويون، وبنو العباس!! وهم عادة، اي الحكام، لا يعدمون من العلماء، من يزين لهم، للعامة، مثل هذه الخدع.

    يواصل الدكتور شوقي ضيف في وصف جالة الترف التي انتظمت العصر العباسي فيقول:

    ((ويقال إن دنانير جارية البرامكة كانت تتحلى بعقد من الجوهر بلغت قيمته ثلاثين الف دينار كان قد أهاه إليها الرشيد)). ويقول المسعودي: ((ولعل إمرأة لم تبلغ من التأنق ما بلغته زبيدة زوجة الرشيد)) فهي على حد قول المسعودي: ((أول من اتخذ الآلة من الذهب والفضة المكللة بالجوهر)) ويقول إنها: ((اتخذت الخفاف (النعال) المرصعة بالجوهر، وشمع العنبر، وتشبه الناس بها)). ويواصل شوقي ضيف فيقول: ((ومما يدل على كثرةافانين الطهاة في الأطعمة ما يروى من أن مائدة المأمون ضمت ذات يوم ثلاثمائة لون، وقد انبهر الأصمعي لكثرة ما رآه على مائدة الفضل بن يحي البرمكي من الوان الطعام، وما غسلوا به ايديهم بعد الأكل من الزان الطيب والغالية والعنبر. ويقال إن المأمون كان ينفق على طعامه يوميا ستة آلاف دينار، بينما كان ينفق وزيره ابن ابي خالد على طعامه يوميا ألف درهم، وهو نفس المبلغ الذي كان إبراهيم الموصلي ينفقه يوميا على طعامه)).

    ويواصل الدكتور شوقي ضيف ليصف لنا كيف أن كل ذلك البذخ والترف، الذي تمتعت به القلة، إنما تم على حساب الكثرة المعوزة، فيقول:

    ((ولا ريب أن هذا البذخ إنما كان يتمتع به الخلفاء وحواشيهم من البيت العباسي ومن الوزراء والقواد، وكبار رجال الدولة ومن اتصل بهم من الفنانين شعراء ومغنين، ومن العلماء والمثقفين، وكأنما كتب على الشعب أن يكدح ليملأ حياة هؤلاء جميعا بأسباب النعيم، أما هو فعليه أن يتجرع قصص البؤس والشقاء وان يتحمل من اعباء الحياة ما يطاق، وما لا يطاق. ومَرَدُّ ذلك إلى طغيان الخلفاء العباسيين الذين حرموا الشعب حقوقه وطوقوه بالإستعباد والإستبداد والعنف الشديد، وقد مضوا وبطانتهم يحتكرون لأنفسهم أمواله وموارده الضخمة، بحيث كانت هناك طبقة تنعم بالحياة إلى غير حد، وطبقات قتر عليها في الرزق، فهي تشقى إلى غير حد)) .. انتهى نص الدكتور شوقي ضيف.

    هذا بيان ما سبق أن أشرت إليه، من أنه لا جديد تحت الشمس. فما جرى في التاريخ، البعيد، لا يزال يجري بيننا الآن. تعتمد القلة الحاكمة، وبطانتها من علماء دين، وشعراء ، وفنانين، على سلطة الخطاب الديني، لتحكم لصالحها الخاص، محتكرة السلطة والثروة، مخصصة الإمتيازات لنفسها، مدللة ذاتها بكل صنوف الترف، ورغد العيش ودعته. وفي نفس الوقت مستخدمة سلطة الخطاب الديني، لإخراس أصوات المعارضين، بتهم الخروج على الإسلام. فمترفو العصر العباسي، من الغارقين في خدر الخمر، وخدر المعازف، والمراقص، ممن ينفقون آلاف الدنانير على طعام يوم واحد، هم الذين صلبوا، باسم السماء، زورا وبهتانا، الحسين بن المنصور، العابد، الزاهد، لأنه أراد ان يكون صوتا للعامة، ممن لا صوت لهم، من المظاليم والمحرومين المعوزين. وقد تكرر نفس المشهد، في حادثة إعدام الأستاذ محمود محمد طه، الذي رأى مترفي المدينة، وسماسرتها، يتلذذون برؤية أعضاء المحرومين تبتر، في ربع دينار، حين ينجو سماسرة الصفقات المليونية بجرائرهم!

    يواصل الدكتور شوقي ضيف تشريحه للحالة الإجتماعية في العصر العباسي، وةما نعم به أهل السلطة من ترف، وبذخ، و(خمج)، فيقول:

    ((ولا ريب في أن هذا كله كان على حساب العامة المحرومة التي كانت تحيا حياة بؤس تقوم على شظف العيش لينعم الخلفاء والوزراء والقواد وكبار رجال الدولة وأمراء البيت العباسي الذين بلغوا وأبناؤهم نحو ثلاثين ألفا لعهد المأمون))! .. انتهى. ولنقرأ هذا مع ما خصصه المنصور لكل فرد من أفراد السلطة الحاكمة، والذي بلغ الف الف لكل فرد منهم سنويا!!

    إنه من المؤسف حقا، أن تتم (مهمجة) سؤال الهوية من أجل خدمة أهل الجاه والسلطان من المترفين الذي لا يزعجهم عوز الناس، وفاقتهم، وموتهم جوعا، ومرضا، وعريا، وقهرا. ودعونا نقارن كل ذلك الذي حدث، في العصر العباسي، بعد بضع مئات من السنين من بعثة النبي الكريم، وما يجري الآن في بلدان تستخدم القوى الحاكمة فيها سلطة الخطاب الديني، لأكل أموال الشعوب بالباطل، ومصادرة مقدارته، وثرواته، كما في السعودية والسودان!

    الحديث عن الشريعة، وعن تحكيمها، أو رد الإعتبار لها، في الظروف الراهنة، مع ما رأيناه من سؤء استخدامها على أيدي نميري، وقضاته المأجورين، من ميتي الضمائر، ورغم ما اثبته التاريخ من وقائع مستفيضة، تحكي عن الكيفية البشعة التي استغلت بها تعاليم السماء السامية لإحراز المصالح الدنيوية، لا يعدو أن يكون سوى ذر للرماد في العيون. بل، وخيانة لأمانة الثقافة، وأمانة العلم، وتزييف لروح الإسلام الأصيلة، المستهدفة لإقامة العدل، والقسط، والحاضة على التواضع، والمسكنة، والناهية عن الإستعلاء، وعن الغرور بمتاع الدنيا، وعن كل صور الإسراف.
                  

06-24-2004, 03:19 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Ehab Eltayeb)

    الاخ ايهاب كتر خيرك علي المتابعة

    وفي انتظار مساهماتك
                  

06-17-2004, 10:07 AM

Mutwakil Mustafa

تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 303

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Afro-Arabic between reality and illusive ideology (Re: Agab Alfaya)

    Thank you Dr.Elnour.

    Thank you Ustadh Agab el-fiea and friends for holding this debate,though

    very important for exposing the new academic opportunist who are trying

    to sell the politically unconcious Islamic ideology to a country that

    has been torn apart.They aim to disfranchise the sudanese societ

    order to justify and find logic to their desire to apply the

    unconstitutional Islamic laws.
    I failed to make the proper correction to the word Arabic Into arabism.

    Thanks and may Allah bless you all


    Mutwakil

    (عدل بواسطة Mutwakil Mustafa on 06-17-2004, 10:10 AM)
    (عدل بواسطة Mutwakil Mustafa on 06-17-2004, 11:01 AM)
    (عدل بواسطة Mutwakil Mustafa on 06-17-2004, 12:56 PM)

                  

06-24-2004, 03:17 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: Afro-Arabic between reality and illusive ideology (Re: Mutwakil Mustafa)

    الاخ الاستاذ متوكل مصطفي

    الف اهلا وسهلا بك في المنبر الحر
    وشكرا علي الزيارة وفي انتظار مساهماتك المتميزة في هذا الموضوع


    تحياتي لكل للمتابعين ونواصل
                  

06-24-2004, 03:28 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الناظم الجمالي للثقافة السودانية (Re: Agab Alfaya)

    رؤية وليست مدرسة شعرية



    " إلى الذين يرون الأشياء أما بيضاء أو سوداء "
    مصطفى سعيد


    سألت إيزابيلا سيمور ، مصطفى سعيد ، بطل رواية ( موسم الهجرة إلى الشمال ) : ما جنسك ؟ هل أنت أفريقي أم آسيوي ؟ فأجابها أنا مثل عطيل ، عربي أفريقي . فنظرت إلى وجهه وقالت : نعم أنفك مثل أنوف العرب في الصور ولكن شعرك ليس فاحما مثل شعر العرب .

    وذات السؤال الذي واجهه مصطفى سعيد روائيا في لندن واجهه واقعيا الشاعران المبدعان محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر في ألمانيا في رحلتهما إليها في الستينات حيث عبر النور عن حيرة الأوربي في تصنيفه بقوله (( أنه يرفض هويتي الأفريقية حين أفكر ، ويرفض هويتي العربية حين أكون )) . عبارة مشرقة ولا شك تلخص في أسلوب فلسفي رشيق ازدواجية الهوية الثقافية والأثنية للإنسان السوداني . أما محمد المكي إبراهيم فقد جادت قريحته شعرا لتوصيف الواقع بقوله في قصيدته الرائعة ( بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت ) والتي تعتبر من عيون الشعر العربي الحديث :
    الله يا خلاسية
    ………..
    يا بعض عربية
    وبعض زنجية
    وبعض أقوالي أمام الله

    وهكذا قد تنبهت الطلائع المثقفة من السودانيين باكرا إلى الخصوصية الثقافية والأثنية للذات السودانية . وقد برز الوعي بهذه الخصوصية أكثر حدة في الخمسينات والستينات مع المد الثوري لحركات التحرر الوطني ودعوات القومية العربية والاتجاهات الزنجية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية . ففطن نفر من هؤلاء المثقفين إلى أن السودان يمتاز بخصوصية فريدة لا تتوفر في غيره من دول المنطقة ، فهو يجمع




    بين الانتماء العربي والأفريقي في آن معا . فتفتق وعيهم عن صبغة يصفون بها هذه الحالة الفريدة . وحيث أن معظمهم كانوا شعراء فقد هداهم حسهم الشعري إلى صيغة شعرية ذات دلالة رمزية عميقة وهي صيغة ( الغابة والصحراء ) . الغابة إشارة إلى العنصر الأفريقي والصحراء إشارة إلى العنصر العربي . وذلك للدلالة على ذلك التمازج الثقافي والأثني .

    ولعل من دلائل التوفيق على حسن اختيار هذه الصيغة الرمزية أن تعبير ( الغابة والصحراء ) لا يتطابق فقط مع توزيع المناخ الجغرافي في السودان بل يكاد يتطابق مع التوزيع الديمغرافي للسكان . فالمعروف أن مناخ السودان يبدأ في التدرج من مناخ صحراء في الشمال ثم يتحول إلى شبه صحراء ثم سافنا فقيرة وأخرى غنية في الأواسط إلى أن ينتهي عند الغابات المدارية في الجنوب . وبذات القدر نجد السكان يتوزعون على هذا النحو إذ نجد العنصر العربي غالب في الشمال مع بعض الاستثناءات ثم يبدأ في التقلص كلما اتجهنا مع بعض الاستثناءات أيضا إلى أن ينتهي إلى غابة العنصر الأفريقي الزنجي في الجنوب .

    ومثلما اهتدت تلك المجموعة إلى رمز ( الغابة والصحراء ) اهتدت أيضا إلى نموذج تاريخي يجسد هذا التمازج العربي الأفريقي على أرض الواقع فكانت سنار . وسنار هي عاصمة مملكة سنار أو سلطنة الفونج والتي عرفت أيضا بالمملكة الزرقاء أي السوداء . فالسودانيون يستعملون الأزرق كمرادف للأسود . ومنه جاء اسم النيل الأزرق أي الأسود . وذلك لشدة اعتكار مياهه من كثرة الطمي . ويقولون رجل أزرق يعنى أسود . وكانت العرب تستعمل الأخضر في ذات المعنى ، فتقول رجل أخضر أي أسمر أو أسود . وكذلك يفعل السودانيون وهذا مثال على الخصوصية اللغوية لأهل السودان .

    ويرجع اختيار مملكة سنار أو السلطنة الزرقاء ( 1504 – 1821م ) كنموذج معادلة الهوية السودانية إلى أنها أول مملكة سودانية تكونت بتحالف القبائل العربية والقبائل الأفريقية و كانت النواة الحقيقية للسودان المعروف الآن . ولعل الفضل في رواج مفهوم سنار كنموذج لهذا التمازج يعود إلى الشاعر المرهف د. محمد عبد الحي الذي يعتبر أحد أبرز رموز الحداثة الشعرية في العالم العربي وديوانه المشهور ( العودة إلى سنار ) خير دليل على ذلك حيث يقول في ذات السياق :






    وكانت الغابة والصحراء
    امرأة عارية تنام
    على سرير البرق في انتظار
    ثورها الإلهي الذي يزور في الظلام

    والثور الإلهي هو الثور المقدس عند الدينكا أكبر القبائل الزنجية في الجنوب ويرمز به هنا إلى البعد الديني في الوجدان السوداني .

    وإذا كان صيغة الغابة والصحراء قد ارتبطت في البداية بمجموعة بعينها من شعراء الستينات هم محمد عبد الحي ومحمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر وصلاح أحمد إبراهيم ، فإن هذا التوصيف للثقافة السودانية قد وجد قبولا ورواجا بين أغلب المثقفين والكتاب في تلك الفترة وتردد في أشعار الكثيرين منهم . وربما يرجع نجاح مفهوم ( الأفروعربية ) المطروح من خلال رمزية ( الغابة والصحراء ) آنذاك إلى الوعي القومي السوداني الذي أفرزته الظروف والتحولات السياسية والاجتماعية التي قادت إلى ثورة أكتوبر 1964م .

    والحقيقة أن جذور الوعي بالتوصيف ( الأفروعربي ) للهوية السودانية ترجع إلى عشرينات القرن الماضي حيث تكوين جمعية اللواء الأبيض التي قادت ثورة 1924م ضد الإنجليز وإلى دعوة رائد التجديد حمزة الملك طمبل في كتابه ( الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه ) الذي صدر سنة 1928م حيث ناشد شعراء مدرسة الأحياء الشعري السوداني من أمثال محمد سعيد العباسي عدم الاكتفاء بتقليد الشعراء العرب القدامى والالتفات إلى البيئة السودانية المحلية وتصويرها في أشعارهم . وتأسيا بأفكار حمزة الملك واصلت جماعة مجلة ( الفجر ) في الثلاثينات ومن أبرزهم معاوية نور وعرفات محمد عبد الله ومحمد أحمد المحجوب رئيس الوزراء الأسبق الدعوى إلى أدب قومي سوداني يعبر عن الذات السودانية ببعديها العربي والأفريقي في هذا السـياق كتـب المحجـوب بمجلـة الفجـر الصـادرة فـي 16/6/1935م يقـول " نحن إن نادينا بقيام الأدب القومي للطبيعة المحلية فإنما ندعو إلى خلق شعب بكيانه يعبر عن مرئياته من سماء زرقاء أو ملبدة بالغيوم ومن غابات وصحراوات قاحلة ومروج خضراء ومن إيمان بالكجور والسحر إلى إيمان بالله وحده لا شريك له " .








    وفي الخمسينات أعاد الشاعر الفحل محمد المهدي المجذوب إحياء أفكار حمزة الملك وعمل على عكس مظاهر الحياة السودانية في أشعاره وأدخل إنسان الجنوب لأول مرة إلى معادلة الثقافة السودانية في قصائده التي عرفت بالجنوبيات . وقد عبر المجذوب في هذه القصائد عن إنسان جنوب السودان وأعلن صراحة عن العرق الزنجي الذي فيه وهو الذي ينتمي إلى أرومة شمالية تعد نفسها أكثر عرب السودان عروبة حيث يقول في إحدى هذه القصائد .

    وعندي من الزنج أعراق معاندة
    وأن تشدق في أشعاري العرب

    ومن شعراء القصيدة الحديثة الذين سبقوا شعراء ( الغابة والصحراء ) إلى الالتفات إلى الجانب الأفريقي في وجدانهم الفيتوري ومحي الدين فارس وتاج السر الحسن وجيلي عبد الرحمن ومحمد عثمان كجراي . فقد كرس الفيتوري دواوينه الشعرية الأولى للتغني بأفريقيا وأمجادها فكتب ( عاشق مـن أفريقيـا ) و ( أغنيـات أفريقيـا ) و ( اذكرينـي يا أفريقيا ) .

    لم يكن الشعراء هم الوحيدون السابقون إلى ا قرار النظرة الأفروعربية للثقافة السودانية . فكان هنالك العديد من الكتاب والأدباء والمؤرخون الذين انطلقوا في كتاباتهم من هذه النظرة ومن أبرزهم جمال محمد أحمد ومحمد عمر بشير ويوسف فضل ومحمد إبراهيم سليم وحامد حريز ويوسف عيدابي وغيرهم كثر .

    وكان المفكر والأديب الفذ جمال محمد أحمد يعمل في صمت العلماء بعيدا عن أية نزعات شوفينية في التعريف بالأدب والثقافة الأفريقية وفي كشف العلاقات التاريخية والأثنية بين العرب والأفارقة منذ القدم . فكتب ( وجدان أفريقيا ) وهو كتاب عن الأديان في أفريقيا وكيفية تعايش الإسلام والمسيحية مع الديانات والمعتقدات الأفريقية المحلية و ( سالي فو حمو ) وهو في الأدب الشعبي والحكايات والأحاجي الأفريقية . وكتب ( عرب وأفارقة ) و ( في المسرحية الأفريقية ) و ( مطالعات في الشئون الأفريقية ) الذي صدر عن دار الهلال بمصر سنة 1969م وترجم عن بازل ديفيدسون ( أفريقيا تحت أضواء جديدة ) وغيرها من المؤلفات والترجمات . وكان لموقف جمال محمد أحمد المتوازن من الأصول العربية والأفريقية للثقافة السودانية التأثير في جيل كامل هو جيل الستينات الذي ينظر إلى جمال نظرة الأستاذ المعلم . فعضوية جمال في مجمع اللغة العربية بالقاهرة لم تمنعه من رد الاعتبار للثقافة الأفريقية والتعريف بها . وبتأثير من جمال ألف صديقه الأديب والقـاص علـى المـك ( نمـاذج مـن الأدب الزنجـي الأمريكـي ) وترجـم مـع صـلاح أحمـد إبراهيـم كتـاب


    ( الأرض الآثمة ) لباتريك فان رنزبيرج . كما أصدر محمد عبد الحي كتاب ( أقنعة القبيلة ) في الشعر الأفريقي الحديث .

    وعلى الرغم من بداهة التوصيف الذي تطرحه صيغة ( الغابة والصحراء ) وعلى الرغم من أن القول بأن السودان بلد عربي أفريقي ثقافيا وعرقيا هو من المسلمات التي لا يمكن المجادلة حولها . إلا أن أصحاب هذا الاتجاه قد تعرضوا لحملات من النقد وصل في بعض الأحيان إلى حد التشويه المتعمد والاستنتاجات الخاطئة لآرائهم من بعـض ذوي النزعـات الأيدولوجيـة والشوفينيـة . فالإسلاميـون رأوا فـي صيغـة ( الغابة والصحراء ) دسيسة علمانية للحد من دور الإسلام في المجتمع السوداني . وبعض القوميون العرب رأوا فيها محاولة لتحجيم انتماء السودان للعروبة والإسلام .

    أما بعض أهل اليسار فرأوا في نموذج ( مملكة سنار ) الذي تطرحه ( الغابة والصحراء ) كمثال للتعايش السلمي والتعددية الثقافية ، استمرارا لتكريس هيمنة الثقافة العربية الإسلامية على الثقافات الأخرى . وربما رأوا فيها ثغرة تعطى المجال لبروز مشروع الدولة الدينية .
    لذلك عمد أصحاب هذا الاتجاه إلى إنشاء تجمع مناوئ من المبدعين باسم ( آباداماك ) في أواخر الستينات . وقد أخذ هذا التجمع اسمه من أحد آلهة مملكة مروي النوبية القديمة وكأنهم أرادوا بذلك أن يقولوا لأهل ( الغابة والصحراء ) إذا كنتم ستعودون بنا إلى ( سنار ) فنحن سنعود بكم إلى أبعد من سنار ، إلى مروي أقدم حضارة سودانية أفريقية . إلا أن توجهات ذلك التجمع لم تخرج في مجملها عن مقولات وأطروحات ( الغابة والصحراء ) فلم يجد أصحاب هذا الاتجاه في النهاية بد من الذوبان في التيار ( الأفروعربي ) الكاسح والذي تفرضه معطيات الواقع المتشابكة أكثر مما تفعل الشعارات والأيدولوجيات .

    والحقيقة عندما نادى دعاة الأفروعربية بالعودة إلى ( سنار ) للتعبير كرمز للتعبير عن واقع حال الهوية السودانية لم يقصدوا بذلك العودة إلى نموذج الدولة الدينية الذي كان مطبقا في مملكة سنار كما لم يقصدوا تجاهل الحضارات والممالك السودانية السابقة على سنار . وإنما هدفوا ببساطة إلى تقديم نموذج من تاريخ السودان يرمز ويعبر عن التعايش والتمازج السلمي بين الثقافات السودانية المختلفة . وقد رأوا في سنار الخلاصة التي تلتقي عندها كل حضارات السودان القديمة والمعاصرة . والعودة إليها هي بالضرورة عودة إلى مروي وكرمة النوبية وعلوة والمقرة المسيحية .

    ففي ديوانه ( العودة إلى سنار ) يستلهم محمد عبد الحي الكثير من الرموز والأساطير من الحضارات النوبية القديمة . وفي ديوانه ( السمندل يغني ) توجد قصيـدة بعنـوان


    ( مروي ) في إشارة إلى الحضارة المروية القديمة وفي الصفحة المقابلة مباشرة توجد قصيدة أخرى باسم ( سنار ) في إشارة إلى مملكة سنار أكثر من ذلك أن محمد
    عبد الحي في دراسته القيمة من أسطورة ( الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ) وهو أحد متصوفة مملكة سنار يذهب أبعد من ذلك ويحاول إيجاد وشائج بين سيرة الشيخ إسماعيل وبين سائر الثقافات والحضارات القديمة بما في ذلك التأثر بالتراث اليوناني القديم حيث يرى أن الشيخ إسماعيل هو في الحقيقة أورفيوس سوداني . ويخلص إلى أن سيرة الشيخ الصوفي تمثل اللاوعي الجمعي أو الذاكرة التراثية للإنسان السوداني حيث تلتقي عندها الثقافة العربية الإسلامية بالثقافات اليونانية والنوبية والمسيحية .

    لكن يبدو أن البعض يأبى إلا أن ينظر إلى الواقع بعين واحدة ، فيرى الأشياء إما بيضاء وإما سوداء ويعجز أن يرى الرؤية الرمادية التي تفسح المجال للنظرة التعددية المتسامحة .

    وللتاريخ نقول أن شعراء ( الغابة والصحراء ) ليسوا جماعة تربطهم رابطة أدبية أو يجمع بينهم أي تنظيم أو حزب سياسي ولم يصدروا حتى بيان مشترك يعلنون فيه عن توجههم وإنما هم نفر من المبدعين التقت أفكارهم في غير ما اتفاق حول رمزية الغابة والصحراء للدلالة على خصوصية الهوية السودانية .

    وهذا ما جعل عبد الحي ينفي أن تكون هناك مدرسة شعرية باسم الغابة والصحراء في حوار معه أجرى معه سنة 1984م ظنه البعض تراجع عن فكرة الغابة والصحراء يقول عبد الحي " إن مدرسة الغابة والصحراء أمر مضحك فإذا كان هنالك بعض الشعراء والمتشاعرين كتبوا قصائد محشوة بالغابة والصحراء دون أن يكتبوا شعرا رصينا لا توجد مدرسة أو منهج لكل الناس الشعر هو الشعر " فالغابة والصحراء بالنسبة له مفهوم وليست مدرسة شعرية . وهذا المفهوم عنده ليس حصرا على السودان وحده كما يقول في ذات الحوار بل " يمتد إلى الصومال وإريتريا وشمالي أثيوبيا وشمالي نيجريا ومالي وغانا والسنغال … الخ أنه شعب يكتب باللغة ويدين بالدين الإسلامي وهم داكنو الجلد امتزجوا بثقافتين الثقافة العربية والثقافة الإسلامية … الثقافة هي الأساس وليس بالتوالد " .

    وفي سبيل البحث عن صيغة أكثر شمولية لاستيعاب الكل المركب الذي تموج به الساحة السودانية الثقافية أوجد نفـر مـن المثقفيـن فـي الثمانينـات صيغـة جديـدة هـي ( السودانوية ) وهي لا تختلف في أطروحاتها وفي نظرتها عـن ( الغابـة والصحــراء ) إلا أنهــا رأت فــي هــذه الصيغــة الجديــدة خروجــا عــــن ثنائيـــة ( الأفروعربيـة ) ومن أبرز دعاة ( السودانوية ) الشاعر كمال الجزولي والدكتور نور الدين ساتي و للبروفيسور أحمد الطيب زين العابدين .


    ومع ذلك هنالك من لا يتحمس لكل هذه الصيغ والنظم الجمالية ويفضل الاكتفاء باسم السودان للدلالة على الحالة الثقافية التي يمثلها ومن هؤلاء الدكتور حيدر إبراهيم علي وغيره كثر .

    ومهما كانت الصيغ المطروحة ومهما تبدلت الشعارات والمواقف ستظل ( الغابة والصحراء ) هي الناظم الجمالي الأكثر جاذبية وشاعرية في التعبير عن واقع الهوية السودانية . فالصحراء موجودة والغابة موجودة وما بينهما السافانا كذلك . وهل الحرب الدائرة الآن إلا نتيجة اختلال في المعادلة بين ( الغابة والصحراء ) ؟





    عبد المنعم عجب الفيا
                  

06-24-2004, 06:47 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحقيقة الغائبة (Re: Agab Alfaya)


    السؤال الذى يطرحه السودانى لنفسه عندما يبدا سؤال الهوية يلعب فى عبه:والله نحن ذاتو ما عارفين نحن عرب ولا افارقة؟ ولان السؤال كما يقول المناطقة ينبنى اصلا على مقدمة مغلوطة ،فمن الطبيعى ان تاتى نتيجة الاجابة على السؤال مغلوطة.فصيغة السؤال تفترض الاجابة باحد خيارين لا ثالث لهما ؛ فاما ان نكون عرب وبالتالى فلسنا افارقة واما ان نكون افارقة وبالتالى فلسنا عرب.وهنا يكمن الشيطان وتاتى البلبلة ويبدا التناحر والتناقر.فانصار الانتماء العربى يرون ان وجودهم لا يستقيم الا بنفى الانتماءات الافريقية الاخرى وانصار هذة الانتماءات يرون ان وجودهم لا يتحقق الا بنفى الانتماء العربى
    فكلا الفريقين ذو نظرة احادية،يرى الاشياء اما بيضاء واما سوداء،ويعجز ان يرى الرؤية الرمادية التى تجمع بين كل الالوان.لذلك اقول دائما ان نظرتنا الى الهوية نظرة عوراء ،تفتقر الى الرؤية التعددية القائمة على الاعتراف بالاخر والتعابش السلمى معه.وان ازمتنا ازمة ديمقراطية ثقافية قبل ان تكون ازمة ديمقراطية سياسية.ان نظرة سريعة الى بعض مواضيع البورد خلال هذا الاسبوع توكد ما ذهبت اليه،ومن ذلك:-
    1- دعوة الى التنكر لعروبتنا

    2-نحن اولاد عرب

    3-هل عندما يقول الشمالى انا عربى هل يعنى ذلك انه عنصرى؟

    4- ماذا قدم مثقفو الجنوب والغرب الى السودان؟

    والمؤسف اننا كلنا رهائن لهذه النظرة الاحادية العوراء التى تقودنا كل يوم الى المزيد من التناقر والتناحر.حتى مفكرينا ومثقفينا الذين وثقنا فيهم لم يسلموا من الوقوع فى هذا المستنقع الاسن .
    عندما كتبت ما كتبت عن الدكتور عبدالله على ابراهيم قبل ايام فى هذا البورد،وصلتنى رسالة من اخ عزيز اتشرف بمعرفته لاول مرة،يقول لى فيها ،ربما ان تحول عبدالله 180 درجة يعود الى مواجهة هذا التيار الافريقانى العدمى الذى يريد ان يقطع صلة السودان بكل ما هو عربى .وقال لى ان د.عبدالله ليس وحده فى هذا التوجه الجديد،معه الشوش وخالد المبارك واخرين.لذلك فهو يخشى على من ان اكون من انصار هذا التيار الافريقى العدمى.فقلت له اننى ضد الافريقانية كما اننى ضد العروبية فى ذات الوقت ،فعروبتى لا تنفى افريقيتى ، وافريقيتى لا تنفى عروبتى؟
    لذلك ارى ان الذى يقول نحن اولاد عرب له الحق كل الحق ان يعتز بعروبته كما يشاء بشرط الا يمارس نعرته العروبية على حساب الاخرين،وان ياتى هذا الاعتزاز مبرا من كل الاوشاب وسخايم النفوس التى علقت به عبر التاريخ .والذى يقول انا افريقى له مطلق الحرية ان يعتز بافريقيته بشرط الا يكون ذلك على عروبة الاخرين.
    لقد عالج عبدالله على ابراهيم والشوش ومن شايعهم فى موقفهم الجديد ،خطا بخطا وقابلوا تطرف بتطرف فلم يفلحواالا ان زادوا النار اشتعالا.ان واجبهم كمثقفين ومفكرين كان يحتم عليهم ان يردوا الامور الى نصابها، باناة وصبر ومثابرة المثقف والمفكر،لا ان يناصروا احد الطرفين على الاخر
    وهنا لا بد لى ان اسجل شهادة للتاريخ للاشادة بتلك النظرة المتوازنة والرائدة لجماعة ما عرف بالغابة والصحراء.فهم اول من نادى بافروعروبة السودان_طبعا كانت هناك ارهاصات قبلهم-واول من دعى الى ضرورة الاعتراف المتبادل والتعايش السلمى بين العنصرين ،العربى والافريقى،فى بوتقة الوطن الواحد
    الا ان المكايدات السياسية والايدلوجية والحزازات الشخصية ابت الا ان تنال من سعة ورحابة هذا الطرح الرائد،لتغرقنا فى هذه الدوامة العدمية.وهذا باب يطول فيه الحديث ،فلنرجاه لسانحة اخرى

    عبد المنعم عجب الفيا
                  

06-24-2004, 06:52 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودانوية (Re: Agab Alfaya)

    أحمد الطيب – والمنظور السودانوي


    الدعوة إلى أدبي سوداني يحمل مكونات وملامح الإنسان السوداني بكل أبعاده الثقافية والاجتماعية المميزة ، دعوة قديمة بدأت منذ عشرينات القرن الماضى بعد أن بدأت ملامح الأمة السودانية تتضح وتتبلور إثر بروز السودان بمساحته الجغرافية المعروفة الآن .

    ويعتبر الأديب والشاعر حمزة الملك طمبل ، من أوائل من نادوا بضرورة أن يعبر الأدب عن الهوية الثقافية لأهل السودان ، وذلك في كتابه ( الأدب السوداني ومـا يجب أن يكون عليه ) الذي صدرت طبعته الأولى في عام 1928م ، والذي أنتقد فيه شعراء مدرسة الإحياء : محمد سعيد العباسي ، محمد عبد الله البنا و عبـد الله عبـد الرحمن لاكتفائهم بتقليد الشعر العربي القديم ودعاهم إلى التعبير عن البيئة السودانية في أشعارهم . وكان حمزه الملك طمبل قد نشر هذه المقالات في جريدة " الحضارة" التي أغلقت في وجهه قبل إتمام نشر هذه المقالات التي ضمها كتابه " الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه " وذلك لأن الدعوة كانت في ذلك الوقت جديدة وغريبة . ويرى المرحوم الدكتور / خالد الكد في بحث له نشر بمجلة الدراسات السودانية ، أن حمزة الملك طمبل هو أول من أستعمل كلمة ( سوداني ) لوصف الهوية الثقافية لأهل السودان .

    وفي الثلاثينات واصلت جماعة مجلتي " النهضة " و " الفجر " عرفات محمد عبد الله ، محمد أحمد المحجوب ، عبد الحليم محمد ، محمد وعبد الله عشري الصديق ، التجاني يوسف بشير ، التني ، السيد الفيل ، أحمد يوسف هاشم وخضر حمد ، واصلت الدعوة إلى الأدب القومي السوداني وإبراز الشخصية السودانية وخصوصيتها . وقد تزامنت دعوة جماعة ( الفجر ) إلى أدب قومي مع الدعوة إلى الأدب القومي التي أطلقها في مصر في الثلاثينات ، محمد حسين هيكل وتبناها معاوية محمد نور ومجموعة من أصدقائه عرفوا بجماعة العشرين . وقد قاد معاوية نور في الصحف المصرية حملة نشطة للدعوة إلى الأدب القومي ودافع عن الفكرة بشدة . والمقصود بالقومي هنا ، المحلي ، وليس المقصود به المعنى السياسي والحزبي .

    ولم تنقطع الدعوة إلى أدب سوداني يعبر عن المكونات الحضارية والثقافية واللغوية للأمة السودانية . وفي الخمسينات والستينات وبتأثير من حركات التحرر الوطني والمد الثوري والدعوة إلى القومية العربية ، برز تيار جديد ينادى بخصوصية الهوية الثقافية للشخصية السودانية التي لا هي بعربية صرفة ولا إفريقية صرفة ، وإنما هي مزيج متجانس من العنصرين العربي والإفريقي . وعرف هذا التيار بمدرسة ( الغابة والصحراء ) ، الغابة إشارة إلى البعد الإفريقي ، والصحراء إشارة إلى البعد العربي .

    وقد نجح هذا التيار في ترسيخ فكرة الأفروعربية للثقافة السودانية حتى أصبحت من الثوابت التي لا يمكن التشكيك فيها . لكن يبدو أن بعض المثقفين لم ترقهم مصطلحات مثل ( الغابة والصحراء ) أو ( الأفروعربية ) إذ رأوا أنها غير كافية للتعبير عن الواقع المتشابك الذي تموج به الساحة السودانية . ففكروا في مصطلح يبرز هذا التشابك . فكــان مصلـــح ( السـودانوي ) و ( السودانوية ) الذي اشتهر على يد الأستاذ أحمد الطيب زين العابدين .

    أرتبط مصطلح ( السودانوية ) بالمرحوم الأستاذ / أحمد الطيب زين العابدين .. واشتهر المصطلح من خلال عموده الأسبوعي الذي كان يحرره بجريدة ( السودان الحديث ) في الفترة بين عامي 1995 – 94 تحت عنوان ( منظور سودانوي ) غير أن الأستاذ أحمد يقول إنه لم يكن أول من استعمل لفظ سودانوي فقد سبقه إلى استعماله الأستاذ / كمال الجزولي والدكتور نور الدين ساتي . ويقول إنه شخصيا لم يستعمل هذا المصطلح إلا في عام 1980 م .

    ولكن لماذا ( سودانوي ) وليس سوداني ؟

    يقول أحمد زين العابدين إنه يقصد بسودانوي أي مشروع نظري أو إبداعي يجعل للسودان قيمة استثنائية بحيث تبرز كقيمة قادرة على تفسير ذاتها بذاتها ، وذلك قياسا على ( إنسانوية ) التي يقصد بها الدراسات التي تجعل للإنسان قيمة أساسية في أي مشروع منهجي ، وبخلاف المعنــى المــألوف لكلمــة ( إنسانيــة ) وقاســا علـى ( مصروي ) فالمصرويات عند علماء الآثار هي الدراسات التي تقتصر على الحضارة المصرية القديمة .

    إن المنظور السودانوي بالنسبة لأحمد الطيب " واقع وجداني أو شعور فردي بالاختلاف والخصوصية الثقافية لأهل السودان " إنه إحساس بالتفرد بحيث تتعدد الثقافات وتتوحد في شعور جامع " إنه رؤية للخصوصية التي تتجلى في أرقى صورها في الإبداع الأدبي والفني .

    وقد قرن أحمد الطيب القول بالعمل في مجموعته القصصية الرائعة ( دروب قرماش ) التي يصور فيها الإنسان السوداني بكل مكوناته الثقافية والوجدانية المتشابكة . وقد أتخذ منطقة شرق دارفور ( ريفي أم كدادة ) مرتع صباه مسرحا لأحداث هذه المجموعة القصصية . حيث تتداخل القبائل وتتفاوت في انتماءاتها العرقية والثقافية ، من عربية بادية إلى مستعربة إلى إفريقية . وحيث الطبيعة لا تزال في بكارتها وعنفوانها وحيث البيئة المحلية لا تزال غنية بأساطيرها وأحاجيها وأهازيجها .

    وقد أنعكس كل ذلك على الفضاء الداخلي للقص ، حيث تراوحت لغة الحوار بين العربية البادية والعربية الهجين التي يخالطها شئ من العجمة وتفاوقت تبعا لذلك أسماء الشخصيات وتنوعت الأهازيج والإيقاعات ، الشيء الذي أضفى على قصص المجموعة حرارة وحيوية تفتقدها الكثير من القصص . وأعتقد أن الأستاذ أحمد قد حقق بهذه المجموعة نجاحا قصصيا متميزا لم يسبقه إليه سوى الطيب صالح ، إبراهيم إسحاق وفرانسيس دينق .

    وفي آخر حوار صحافي أجرى معه ونشر قبيل رحيله ، بجريدة ( سنابل ) يقول أحمد الطيب : إن هذه المحلية التي يستنكفها البعض هي العالمية نفسها . ويتساءل : ماذا كان يمكن أن يحدث للطيب صالح لو لــم يكــن يكتــب عــن دومـة ود حامـد ؟ هل ستهتم به الدنيا ؟ وما معنى أن أكون ساكنا في قطية في غرب السودان ثم أكتب قصصا أتحدث فيها عن الستائر المخملية ؟

    وفي إشارة ذكية جدا إلى ضرورة التمسك بخصوصيتنا الثقافية وضرورة التعبير عنها دائما ، يقول في هذا الحوار : نحن في السودان ينبغي ألا نفتعل المواقف لارضاء الآخرين .. الحقيقة أن الآخرين إنما ينظرون إلينا باعتبار أننا الآخر الثقافي ويتوقعون منا أن نعطي ما عندنا وليس ما عندهم .
                  

07-07-2004, 08:23 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    تسخينة
                  

07-08-2004, 09:45 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص محاضرة د. عبدالله ابراهيم في ابو ظبي (Re: Agab Alfaya)



    السلام عليكم ورحة الله وبركاته

    أنا كثير الامتنان للأخ الصديق محمد عبد القادر سبيل علي هذه المقدمة المخجلة التي لا، اعترف أنني شاركت في بعض وزرها لتقديم ال c.v بتاعتي لما قلت لمحمد عبد القادر سـبيل ال C.V كده معناه ،ما كنت اتصور أن يقرأ ال C.V وهذه جنايتى عليه وهي مقدمة جميلـة . وأنا شاكر للجمعية الثقافية التي استطاعت في لمحة من بصر أن ترتب هذا اللقاء الجميل لأتحدث إلى مجموعة هامة مثل مجموعتكم عن مبحث هو في طور التحضير والاعداد .

    بالطبع أنا اتحدث عن ظاهرة الثقافة السودانية وتصبح ظاهرة الشتات أو الدياسبورا ظاهرة في غاية الأهمية ، وأنا دائما أقول يعنى، نحـن ، الآن في حاله يعنى ، فيها ترقد ذاكرة الوطن خارج النطاق الجغرافى للوطن يعنى أى منا دى الوقت لما التقيت مع الأخوة والأصدقاء هنا نتحدث عن اشياء هي تقريبا ذاكرة الوطن أو ارشيف الوطن ، الوجوه والمعالم والحوادث والتاريخ ويمكن هذه الذاكرة لا تكاد تكون متاحة لاطراف كثيرة في السودان الآن في حالة من الجفوة ما بين الذاكرة والارشيف الذي يقبع في المنافى إن شئت أو ديار الغربة أو الاغتراب أو المهجر أو المهاجر ودى يعنى مسألة أنا لا اتوقف عندها بشئ من شق الجيوب وهي ميسورة ، يعنى ميسور انو تلتحم الذاكرة مع الفعل العادى في السودان الآن والفعل التاريخى ولا يحتاج الناس إلى عودة يعنى ليس هنالك شرط بين عودة الناس وعودة الذاكرة . الذاكرة يمكن أن تعود عبر الكتابة المذياع الكتاب المقروء الصورة ، اللوحة ، التسجيلات الذكريات . وافتكر يعنى هذه الذاكرة بدأت في بعض ، لمحت عدد من الكتب يكتبها بعض الناس عن مذكراتهم وذكرياتهم التي تحركت في مهاجرهم الخارجية .
                  

07-08-2004, 09:47 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص محاضرة د. عبدالله ابراهيم في ابو ظبي (Re: Agab Alfaya)

    هذا البحث مقصود انو بشكل خصوصى أن يناقش الثقافة السودانية والمأزق السوداني وتخصصى الأدق فيه هو صورة السوداني الشمالي ، ثقافة السوداني الشمالي والمأزق السوداني الشمالي في الوطن .

    وأنا عالجت هذه المسألة في طرف في وقت أو آخر وأحب كلما يعنى ، الواحد ، كلما وجد نفسه في مناسبة من مناسبات الشتات ، يعنى سواء في كندا أو في العين او كده، إذا اتيحت له الفرصة أن يتحدث في جمع كريم مثلكم ، أن يتحدث عن هذا الشأن ويستمع في نفس الوقت الذي يطرح فيه اطروحاتهالمبدئية .

    أنا بعتقد انو لو نظرنا إلى كلمة قالها السيد الصادق المهدى عن قريب دعا فيها إلى انو الجماعة السودانية الشمالية وقد نتطرق إلى تعريف هذه الجماعـــة
    الشمالية تعريفا فضفاضا . قال أن هذه الجماعة الشمالية ملزمة بتقديم اعتذار إلى الجماعة الجنوبية ، بين قوسين وثنية على طريقة الديانات التقليدية في النزاع السوداني ، يعنى . أنا أخذت دا على ، مع انى مسألة الاعتذار لم نتدارسها بعد وقد تحتاج إلى نظر . على أن العالم كله واقع اعتذار في بعضه البعض يعنى كما ترون ، يعنى ( ضحكة ) البابا يعتذر لكذا و 00 يعنى في سياسات الاعتذار وتأنيب الضمير سائدة ومهمة . يعنى مهم جدا انو الناس يحسوا بوخز التاريخ وتتنبه الأجيال اللاحقة لخزى الأجيال الماضية ، بدون تحميل على مجرى الوزر الجنائى وزر الأجيال المضت لكن علي محمل الترقيق الثقافى والشفافية الثقافية والشهامة الداخلية لكن ما يمتد إلى أنك أنت جدك الزبير باشا ، فأنت الزبير باشا إلا إذا كنت قمت بفعل الزبير باشا لكن إذا ورثت legacy أو تاريخ الزبير باشا بالفعل أنت مدعو الي أن تقى نفسك من شح نفسك بالنظر والتأمل وبالخلوة وبالتفكير .

    فالدعوة بتاعت السيد الصادق المهدى أنا بأخذها من جانب آخر ، صوابها وخطأها دا لسع متروك للنقاش لانو هنا الموضوع جديد عندنا بشكل أو آخر ، لكن باخذها على اساس نحن ، اصبحت السياسة تتكلم عن قطاع عريض ، تتكلم الآن مش ، عن حزب كذا وحزب كذا ومن اخطأ في حق الجنوب . وأنما بتتكلم عن قطاع عن Race عن عنصر ،ودا مهم لانو دي الوقت بداية دخول فكرة الريس، العنصر يعنى في تناولنا وفي نظرنا الثقافى والسياسى ، يعنى نحن كنا بنتكلم عن والله الخطة بتاعت الجمهوريين هي كانت أفضل عن الجنوب وانو مثلا اليسار كان احنى بالجنوب ، اليسار الشمالي ، والجمهوريين الشماليين .

    لكن السيد الصادق والنظر العام دى الوقت يقول انو نحن الشمال السودانـي ، هو الشمال السوداني تتعدد اللافتات والسودان الشمالي واحد . ودا مهم لأنو نحن دى الوقت بنتكلم عن ريس Race كمدخل لدراسة التعقيد الجارى في السودان ودا بزيل المزاعم الخاصة للجماعات السياسية الشمالية من اليمين إلى اليسار إلى الوسط على أنها هي الفرقة الناجية في مسألة الجنوب : أنا أحسن من ديل ; أنا كنت قدمت الفكرة الفلانية والموقف الفلانى وكذا وكذا ، نفى فكرة الفرقة الناجية ازاء مشكلة الجنوب مهم جدا لانو دا بردنا إلى أننا نحن كلنا إذا كنا سودانيين شماليين في هذا اللقاء لنا اشكال في شفرة ثقافتنا وفي رموز ودلالات لغتنا وفي شحناتها التاريخية وفي علاقتها التاريخية بحيث انو يصبح هامش الفريق الناجى ضئيل جدا . وبحيث يكون التبعة والذنب والخطأ هو الخيط الذي يصل بين الجماعات الشمالية كلها . دا أهم فكرة أنا استنتجتها من حديث السيد الصادق والدعوات إلى مثل هذا المنحى كثـيرة .

    ..يتيع
                  

07-08-2004, 09:50 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص محاضرة د. عبدالله ابراهيم في ابو ظبي (Re: Agab Alfaya)

    نحن مثلا دى الوقت أو كثيرا جدا ، يعنى ، عشان نفصل موضوع ارثنا الثقافي وتبعاته واشكالاته وفظاعاته إذا شئنا من مجرد الانظمة السياسية السياسـية ، يعنى دى الوقت الناس مثلا في المعارضة الشمالية يقولوا ليك نظام الانقاذ : هو الذي والذي والذي فعل والذي كذا ويمثل كذا والأجندة العربية . ودا ما صحيح الصحيح هو انو نظام الانقاذ هو مستل من شفرة في الثقافة ومن مستودع في الثقافة ومن دلالات في اللغة ومن دلالات في الثقافة بحيث انو لربما كان الأخير في زمانه لكن جاء بما لم تستطعه الأوائل مــن حـيث البشاعــة ( ضحكــة ) لكن البشاعة ، إذا شئت انو هناك في بشاعة أو انو في عنف أو في ، هو مستل من شفرة اساسية وهذه الشفرة الأساسية زيادة على الثقافة العامة التي درجنا عليها لكن تشكلت بشكل أساس في فترة الحركة الوطنية السودانية ، نحن بنتكلم تقريبا عن العقد الثاني من القرن الماضي والثالث والرابع والخامس حتى نلنا استقلالنا ، الحركة القومية الشمالية تشكلت في واقع عربى اسلامي ، في كلية غردون وما تفرع منها من الكلية الجامعية أو كذا وحركة الخريجين ومؤتمر الخريجيين . وكانت هذه الجماعة ترنو إلى العرب يعنى دعنا نلخص : أمة أصلها في العرب دينها خير دين يحب . هذه كانت شعاراتهم . كل الكلام عن العروبة وكل الكلام عن الاسـلام . وكانت الصلات واشجة مع الحركة الوطنية المصرية وكان الناس يقرأون فؤاد شكرى وطه حسين والعقاد بسطحية وغير سطحية وبشئ من التأثر فالحركة القومية الوطنية السودانية اللى توارثتها كل النظم الان التي مرت على السودان كلها كانت مستقاة من الشفرة بتاعت العروبة والاسلام والعزة فيه ودا ، وليس في هذا أي خطأ ولا تزال هنالك مساحات كبرى للمعانى الخيرة في الاسلام والعروبة .

    لكن الخطأ في انو كما قالت باحثة امريكية انو الأمة حصل أنها ، أمتنا اخترعت Invented كما تجرى العبارة الآن ، اصطنعت بخيال بتاع القومية العربية الشمالية المسلمة لكنها حين بنت الوطن بنت وطن أوسع منها واستأثرت بوطن أوسع منها . بدأت بالثقافة العربية الاسلامية لكن كانت تزعم لنفسها أنها ستحرر وستحكم وطن أوسع ودا مصدر الخلاف ما بين ضيق الفكرة الوطنية القومية واللواحق التي تبعتها . يعنى الجنوب لم يكن أكثر من : Down Down Colonization, no separation between one nation أكثر من كده مافى ، تصدر الكتب عن الحركة الوطنية ، في كتاب كان مشهور اسمه : الفاكهة المحرمة ، صدر في القاهرة أو مكان ما في فترة الاربعينات كانت الحركة الوطنية الشمالية بتحاول تقول بشكل دقيق انو الجنوب اصبح فاكهة محرمة علينا لانو اصبح مضمار مغلق على البريطانيين . باللغة الانجليزية طبعا معروفة سياسة المناطق المقفولة ، سياسة رديئة ، ومقصور على التبشير المسيحى فنحن عاوزين ايه ، الحركة الوطنية القومية كانت عاوزة تفتح هذه الفاكهة المحرمة وبدل أن تسود العربية تسود الانجليزية ( يقصد العكس ) وبدل أن تسود المسيحية يسود الاسلام . أما الجنوب وكياناته وثقافاته ولغاته وناسه دا غير ذى موضوع ، لم يكن موضوع بحث إلا الابحاث اللى عقدها محي الدين صابر وهي لا تكاد تذكر . فإذا نظرنا إلى المسألة من هذه الزاوية نقول انو في حركة يعنى حصل Invention للسودان باللغة ، بالمصطلح الحديث ، اخترعنا السودان عبر القصيدة وحركة 24 وخليل فرح والمحجوب ومدرسة الفجر وامتداداتها والاحزاب الوطنية كلها دى كانت تنهل من معين القومية العربية السودانية الشمالية تحـاول أن تبنى وطنا أوسع من القومية العربية الشمالية ويسع أقوام صامتين في الهامش مستبعدين بواسطة الانجليز بشكل شرير لكن في الآخر ديل أصبحوا السودان . فهذا الارتجاج أو هذا التناقض بين خيال أساسى شكل السودان واستأثر برقعة أوسع من السكان اللى بتعنيهم مباشرة هذه الثقافة دا أس المتاعب بتاعت النظام السياسى في السودان .

    ولذلك إذا مسكت أزهرى أو مسكت النظم الديمقراطية أو العسكرية أو كدا حتى نظام البشير هي كلها تستقى من القومية العربية الشمالية المسلمة وبالتالى ترتكب اشكال من الأخطاء في الجنوب تتفاقم وتسوء وتنتكس على مر السنين . يعنى ، يعنى إذا كان في زمن ناس أزهرى أو زمن ناس عبود لا تكاد تراها واضحة لكن بمرور الزمن بمقاومة الأقوام وحركة قرنق والبجة وغيرها القماشة بتاعت الوطن وغيرها يصيبها التعب والأرهاق وتبدو الأشياء بالزمن صعبة ومرهقة كما نراها الآن . لكن إذا أى انسان قال والله هناك نظام عادل وكان في نظام سوداني مركزى ، مثلا عبود أحسن من دا ، تبقى خيارات قائمة علــى التـذوق ( ضحكة ) وقائمة على وقائع الزمن اللى انا أحبه أو أكرهه . أنا في الحكم أنا في المعارضة ، أنا طهرونى ، أنا في الغربة ، لكن الحقيقة الجوهرية انو هذه النظم كلها تنهل من معين واحد وتسوء بطريقة مختلفة .

    يعنى أذكر ليك مثل من الدكتور منصور خالد وهو الناقد الأكبر للنظام الحالى على أساس انو ما حصل نظام اسوأ منو ( ضحكة ) فذكر في معرض كتابه : النخبة السودانية ، انو هو يستغرب جدا لتدهور القوات المسلحة في السودان التى انتجت ضباط مثل عمر البشير والمرحوم الزبير وايدام وكده . ونسيت هذه القوات المسلحة التقاليد العسكرية المنضبطة العالية امثال حسن بشير وأحمد عبـد الوهاب ؟ ماذا فعل حسن بشـير وأحمـد عبد الوهـاب فـي الجـنوب ! ( ضحكـة ) إذا كنت انت مختلف 00يعنى ما ممكن حتى لما تحاول تعمل خيارات تجد نفسك أنت ترتكب اخطاء تاريخية بليغة جدا كل الشي العملتوا القوات المسلحة في الوقت داك كانت عاوزة تحرق الجنوب والقصة مروية وبدأ الخلاف .

    فالبشير ورفاقه الأحرار يعملوا في نفس الحكاية . مافى طريقة أنك تفرق بين هذه الأبقار المتشابهة أو في لغة البتان ( الباكستان ) العجيبـــة Same same ( ضحكة ) . إذا ما بديت من هنا بتصبح خاضع لتذوقات وميول وحزازات وقضايا عمر وكدا . لكن ما بتكون فعلا وضعت يدك على المسألة الجوهرية انو كل هذه النظم مستنسخة من شفرة أساسية هي شفرة القومية الشمالية العربية التي حررت السودان يا أخوانا ، حقيقة حررت السودان لكن كان مشكلتها إنها حررت
    السودان بالطريقة ، بالمأزق دا . وما كانت مخطئة لأنو الحقيقة الحركـات القوميـة الوطنية بتشأ دائما في مواضيع بذاتها يعنى هي نشأت في كلية غردون وإذا كان الانجليز حتى الاربعينات وحتى الخمسينات كانوا يصروا انو الجنوب ليس قطعة من السودان وكانوا يبعثوا بطلائعه المثقفة إلى ماكرى فمن أين للقوميين الشماليين في كلية غردون أن يقفوا على جلائل الثقافة الجنوبية وكيف يكون بينهم حوار مع مجموعة غائبة كلية . طبعا الواجب يقتضى من الحركة الوطنية الشمالية أن تستردف ذلك أن تسعى أن تكدح لكن ما كان عندها كدح ثقافى عام هي كانت طبقة سطحية إلى حد كبير جدا وكانت تتعيش على ما يرد إليها من مصر شويه ومن المؤتمر الهندى شوية وشوية اجتهادات سودانية عن المك نمر والمحجوب ورجالات واستبسالات معينة ما كان عندها ممثلين ثقافيين عميقين يعنى فما كان ممكن تصل الجنوب أصلا والسبب انو الانجليز لم يأتوا بالجنوبيين إلى ساحة الوطن ولم تأت الطلائع المثقفة من الجنوب والتربويين لانو الناس الجوا في كلية غردون من قبائل شتى وجماعات شتى واستطاعوا أن ينسقوا فيما بينهم وتذكروا أنهم كانوا يصروا لما يسألوا عن قبائلهم يقولوا سوداني فلو كان واحد من الدينكا أو من الجنوب أو من الشلك كان الناس افاقت على الحقيقة الواسعة دى باكرا من هنا ياتى دور الانجليز أنهم بسياستهم بتاعت المناطق المقفولة واغلاق الجنوب في وجه الشمال جعلوا القومية الشمالية ترتكب الخطأ بتاع أنها تنسى أيضا الجنوب ولم تأتى الطلائع الجنوبية من الطلبة إلى جامعة الخرطوم في الخمسينات أمثال هلرى لوقالى وجوزيف قرنق وتذكروا طبعا هلرى لوقالى وجوزيف قرنق انتموا للحركة اليسارية الشمالية وظل بالذات جوزيف قرنق فيها بخياله يصنع السياسات اليسارية فيما يتعلق بمسألة الجنوب حتى مماته الباسل في 1971م هكذا 00
    أضيف إلى ذلك انو الانجليز كانوا يرسلون الصوماليين من الصومال الشمالى ولذلك بيننا الآن ألفة ومعرفة بالصومال في حنتوب وفي جامعة الخرطوم المحبة القائمة على بين السودانيين والصوماليين منشأها كدا تعرفنا عن طرف منهم تعرفنا على بعض مثقفيهم والآن نتتحدث عن فلان كان في حنتوب وفلان لأنو نشأت الألفة دى ودى كانت ممكن تنشأ مع الجنوب لولا دواعى الاستعمار ، ولكن طبعا لا يصح تعلق مسائلك كلها على الاستعمار ، فعلا فعل هذه الأفاعيل لكن الحركة الوطنية بعد داك كل تاريخ الاهمال ومحاولة الحفاظ على وطن مبنى من خيال محدود لوطن أوسع ودا مثار النزاع الحالى .

    ..يتبع
                  

07-08-2004, 09:52 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص محاضرة د. عبدالله ابراهيم في ابو ظبي (Re: Agab Alfaya)

    فدى ، يعنى ، ويسوقنى هذا إلى انو هذه النظم نظم شمالية مهما اتشحت بعبارات عسكرية مدنية وطنى اتحادى ديمقراطية ديكتاتورية وكلنا ننتمى إليها بشكل أو آخر يعنى لو كنت أنت في اليسار أنت تنتمى إلى نظام البشير . وفي علاقات الاجناس في بلاد كثيرة جدا المنهج انو ما تقول أنا 00 يعنى مثلا في جنوب افريقيا كثير جدا من البيض من الماركسيين والليبراليين حاولوا يحتكوا بحركة المقاومة العنصرية لكن كان معظم الناس يقولوا ليهم بوجهوهم إلى انو يا اخوانا انتو بيض وعقيدتكم السياسية أو حبكم لينا أو ليبراليتكم لا تمنع من أنك تأخذ امتيازاتك يعنى لو مثلا قلنا انو في النظام العنصرى كان في باب للأفريقيين السود وباب للبيض ، طيب أنا ليبرالى أنا ماركسى أنا يسارى أنا مقاتل مع السـود ، الباب اللى أدخل بيهو وين ؟ ما باب السود . حأدخل بباب البيض ،باب البيض مش زى باب المطار يعنى، حيكتشف يعنى يقوم يعمل ذبذبات في قلبى كده ويكتشف خواطرى السياسية وبقول أنا بنتمى إلى كده، يقول لى لا أنت مع السود أنا بمر بالقناع بالوجه . فالشماليين أيضا يمرون بالوجه لما تحصل كشه في الخرطوم مافى زول فينا بيتعرض لهذه الكشة عشارى ولا بلدو ولا ( ضحكة ) على انو عاطفتهم في الأقليم الآخر . أنت امتيازك دا ، ولذلك حركة استيف بيكو والجماعة ديل اللى هم السود في الحركة كانوا يقولوا للليبراليين البيض اول حاجة تحرروا من امتيازاتكم دا شرطنا لقبولكم في وسطنا ، يعنى بدل ما تجوا تحددوا لنا الخطابات بتاعتنا ونعمل ايه، ونعمل مظاهرة ونعمل كذا ونحتج وكدا. أنتم تحرروا معركتكم مش معانا نحن خلونا نقع ونقوم انكم معركتكم أن تحرروا من امتيازاتكم ودا التحدى الذي ينطرح الآن في العلائق الثقافية بين الشمال والجنوب انو كل انسان يشوف امتيازاته مش يشوف ظلامات الآخر. كلنا بنتمى إلى ظلامات من الفلبين إلى الأكسيمو. لكن كيف انك تتحرر من امتيازاتك كيف تقول أنا كشمالى أنا اتحرر اذا في كشة أنا أقع في الكشة ليه افرز من الكشة أشكال كثيرة ودا التحرر الحقيقى مش تحرر اللسان مش تحرر المقال مش تحرر الحملات العالمية مش تحرر التوقيعات تحرر حقيقى بتاع أنا انتمى إلى الطبقة المميز أنا انتمى إلى القسم المميز. أنا سبيلى إلى ذلك ، أن احرر نفسى واحرر جماعتى من امتيازها اسقاط الامتياز والاندغام في وطن متساوى متكافئ متأخى .

    في هذا الصدد أرى انو في صدد انو يجب أن نعترف أننا كلنا ننتمى إلى النظم السيئة مش النظم السياسية ننتمى إلى الشفرة الثقافية الموصوفة بالسـوء
    بقول كان البروفسير ادورد سعيد ضرب مثل وأنا استعين بيهو هنا ، قال انو في كاتب فرنسى كان بكره برج ايفل جدا لا يطيق رؤية برج ايفل وكان حله لما يضيق به الضيق النهائي ويصبح برج ايفل بالنسبة له شبح وكذا ، يصعد البرج ويجلس في مطعم البرج ويأكل . قيل له : ليه قال ، لانو تلك اللحظـة الوحيـدة التـى لا أرى فيها البرج ( ضحكة ) فيا اخوانا نظـام الانقـاذ أنـا بصفـه بانـو هـو برج ايفل لينا ( ضحكة ) لا نطيقه مزعج كلنا عندنا مواقف حتى انصاره ( ضحكة ) لهم مآخذ ولهم عثرات لكننا في النهاية كلنا في هذا البرج ولأننا لا نريد أن نراهو 00 الحل أن نطلع من هذا البرج ونرى كلنا البرج مش يراهو الوطني الاتحادي كما كذا او يراه اليسار كما كذا او يراهو،كلنا نراه بالعين الشمالية وبالمقدمة التي ذكرتها .

    ..يتبع
                  

07-08-2004, 09:54 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص محاضرة د. عبدالله ابراهيم في ابو ظبي (Re: Agab Alfaya)

    أنا طبعا تتواتر الأخبار السارة ويمكن الليلة قرأتم ما نشره الدكتور الطيب زين العابدين وما نشره الدكتور حيدر ابراهيم وفى تفاؤل عظيم أننا بصدد يعنى الخروج من النفق العبارة التي وردت عند الكابتين : أننا نرى الضوء في نهاية النفق وهذا جميل وهذا عمل كلنا نشارك فيه حتى بسلبيتنا حتى باحتجاجنا الصامت حتى بامتناعنا عن كذا أنا افتكر حكمتنا كلها هى التي أملت ظللت تملى على القوى السياسية المختلفة انما نتفق . وأنا عظيم الأمل ونسأل الله أن يعين الأطراف المختلفة على أن تتوج هذه اللقاءات وهذه الاتفاقات بعمل سوداني نهائي يؤمن الوطن .

    أنا بفتكر يعنى لكن نحن ما زلنا على مستوى مسالة الحكومة القومية لا زلنا في مستوى لعبة الكراسى بطريقة ما ، توزيع 00 ولا بأس 00 يعنى أنا دعوتى الي الوفاق الوطنى كانت قائمة على أنو يا جماعة يا أخوانا يا جماعة القوى المنزعجة حول كراسى الحكم والمرهقة المثقلة بهذه المتاعب حقو تتفق مع بعضها يعنى نساعدها في أنها تأتى إلى بعضها البعض لكن دا ما نهايـة المـطاف 00 دائما أذكر فكاهه قال لى الأخ بكرى أحمد عبد الرحيم . مرة قال انو كان بكره شخص كراهية شديدة ما بحبه في العمل معاهو وكدا ومرة ويتفاداهو ويفتكر انو تقيل وما بقدر بتعامل معاهو كلية وكدا مرة ، قابله في السوق فجأة وجها لوجهه- وجه ولجة - كما يقال ، ما عرف يعمل شنو بكرى احتار جدا جدا في انو كيف يتخلص من هذا العبء الثقيل تأمله وتحدث وسأل وفي الآخر طلب منو قالوا ياخى ما نمشى ناخذ صورة ! طبعا الصورة دى أنـت ما بتأخذهـا إلا مـع أعـز ( ضحكه ) مع أعز يعنى الصورة حاجه عندها معنى لكن احتار فأنا شخصيا بفتكر أنو الجلوس في حكومة سودانيه الحكومة المقررة دى هى بمناسبة اخذ الصورة ياخذوا صــورة ( ضحكه ) يعنى يجتمعوا كده الناس البفتكرو بكرهوا بعض ديل ولا يطيقوا بعض نحن نديهم فرصة يأخذوا فرصة يأخذوا صورة ويقولوا ( جيس ) وكدا ( ضحكه ) – إذا تبقت الانسان لذلك ( ضحكه ) . لكن العمل ابعد من كده يعنى بعد كدا تبـدأ المهمة الشاقة في انو أن نتدارس المسائل العميقة بتاعت الشفرة والثقافة حيث يحل فعلا الوئام ونبنى السودان الجديد لكن الجماعة الفى الصورة ديل نحن شفناهم في صور كثيرة جدا ( ضحكه ) صور الاستقلال ورفع العلم يعنى رأينا الصور البتاع 00 وأنا شخصيا لا اثق في أى من هذه الصور منذ بدأت حياتى السياسية يعنى كان ممكن الواحد يبقى وطنى اتحادى لكن تفادى ذلك باكرا ( ضحكه ) وكان ممكن يبقى ختمى وتفادى ذلك باكرا يعنى من بدرى الواحد بفتكر انو هو في ال Beyond ما بعد ذلك ما بعد الصورة ما بعد الصورة التذكارية ولذلك الواحد بثير هذا السؤال اللى بفتكر انو جوهرى في مسألة الثقافة السودانية والشفرة والشماليين ومسئوليتهم على اساس انو الاستتباب الذي يحدث في الوطن يحدث على طريقة ثقافية وروحية وعلى اساس ذوق ووجدان مش اتفاقات مش كوكا دام دا كلام دا لغو وكوكا دام وجنيف وهلـم جرى كما قال الصادق المهدى ( ضحكه ) دا كلو دا مستوى غير المستوى نحن اللى نتحدث عنه لانو كلها وقعت وكلها لكن ما حركت ساكن المسألة الجنوبية فيجب أن نجتهد في طريق آخر لذلك .

    أنا بدأ من انو ما مشكلة الشفرة ما مشكلة الثقافة والشفرة ما مشكلة الثقافة الشمالية 00 خلينا نعرف الشمالى مين ، الشمالى في نظرى هو ، الجنوبى هو البقرر من الشمالى . نحن لا نقرر ، نحن نختلف شديد ، إذا الشماليين قعدوا مع بعض ممكن يختلفوا ابتداء من أنت جعلى وأنا ما جعلى وأنت بجة وكدا لكن افتكر طوال المدة دى التعريف كان واقع بصدد انو الجنوبيين بفتكروا منو المندكورو منو الشمالى لأنهم الأذى واقع عليهم ويعرفوا انو الاذى واقع عليهم من ياتو جهـة . فتعريف بسيط ويمكن عشوائى أنا بأخذ الشمالى على هذا الأساس باخذ الشمالى أيضا في دعواه العروبة والاسلام وهى دعاوى مشروعة جدا وعلى أنو أسود ودا مباحث يمكن الأخ الدكتور العفيفى كتب فيها شئ. أنك أنت لما تقول ومتاعبنا في العالم ومتاعبنا في مساكننا في الوطن انو أنت لما تقول أنا عربى أو تقول أنا مسلم أو تقول أنا أسود .

    خلينا ننظر إلى العالم القوى وهو عالم الولايات المتحدة والغرب الذي مهما قلنا فيه هو يقرر اللغة ويقرر المصطلح وبقرر الميز والحرمية عندنا متاعب شديدة جدا كسودانيين شماليين في القوله أننا كمسلمين طبعا دى بالنسبة للغرب دى هوية ضعيفة إذا قلنا عرب طبعا دى هوية اضعف إذا قلنا سود Same Same فنحن عندنا في الحقيقة دى الوقت بعض متاعب النظم بتاعتنا جاية فعلا من هذا من الخليط دا ، أنا ما بقول هذا تنكرا لهذا الخليط أنا سعيد بيهو بفتكر انو بعمل لى جذور وامتدادات وجذور إلى ثقافة مستطيعة وقادرة وإلى جماعات باسلة ولكن تقدر تشوف المتاعب التي تنشأ من هذه من ما يسمى ب... من الروشته دى بتاعت الهويات واحدة من اصعب مشاكل السوداني الشمالى انو هو يعنى اسود في ثقافة بيضاء إذا اعتبرنا الثقافة العربية واضرب مثل عابر لذلك بانو المهدى عليه السلام في ثورته في آخر القرن الماضى هو ادعى المهدية طبعا زعم المهدى أو كان المهدى على حسب عقائد الناس المختلفة ولما نظر في صورة المهدى طبعا صورة موجودة في التراث العربى والاسلامى هو صورة بيضاء وكانت اكبر مشاكله كيف يطابق بين المهدى الأسود وبين الصورة البيضاء عن المهدى والعلماء أشاروا إلى ذلك ياخى انت ما ممكن تكون أنت المهدى أقرأ النصوص الأصولية في المسألة دى المهم يعنى واحدة من المتاعب اللى أيضا يعنى نحنا عندنا في ثقافتنا العربية الاسلامية وانتماءتنا نجد هذه المتاعب .

    ..يتبع،
                  

07-08-2004, 10:00 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نص محاضرة د. عبدالله ابراهيم في ابو ظبي (Re: Agab Alfaya)

    دى الوقت طبعا خرجنا إلى مهاجر وكل الناس عندهم تجارب في الالتفات إلى هذه الاشكالية وأنا ما افتكر الاشكالية دى حقو تؤدى إلى أنك تخلع هذه الهوية أو أنك تخلع تلك الهوية وإنما تتجدد هذه الهوية وتتعمق يعنى كثيرا جدا من السودانيين في العالم العربي يقال لهم يا زول 00 يا زول دى لما مشوا بحثوا في اللغة العربية وجدوا أنـها أصيلـه 00 دا توسع في العروبة يعنى بوجودنا في مناطق نتوسع نكتشف عروبتنا المميزة نكتشف لغتنا المميزة يتأكد لينا فعلا أنو لا مهرب من الانتماء الاسلامى يعنى مش الخلع 00 الصورة يمكن اسواء في المنطقة بتاعت الولايات المتحدة اللى أنا جيت منها لانو هنا الناس الجو كانوا شويه من جماعات مغلوبة على امرها نوعا ما ومضطهدة نوعا ما وأصلا كانت بتزعم تيارات يسارية يمكن ما كانت متناغمة مع الهويات المختلفة فـي السـودان 00 ولذلك يعنى كثيرا جدا في الانترنيت تقرأ عبارات ومتعلقات تلقى احساس شديد جدا بالندامة والخجل من بعض الهويات العربية الاسلامية ال كذا وفي مراجعة شديدة يعنى أنا كنت طوالى بصور كل ما يرد من نقاشات مختلفة بين الأطراف المختلفة تجد انو في مراجعة في تبكيت للنفس في نمو لما يسمى عقدة الذنب الليبرالية Liberal guilt احساس بانو نحن ظلمنا ونحن كذا وكذا ولكن ذلك لا يتم عن طريق الوعى بالأرث وثقله وواجب التحرر منه هو كثيرا جدا ، ما اقرأه في تلك الرسائل في الانترنيت ،هو ما للتحرر منه هو لعرضه هو بمثابة عرضحال للجنوبيين وغير الجنوبيين نحن تعبانين نحن آسفين نحن فعلنا وتركنا وكذا وكذا وكذا لعقد صفقة من نوع ما للتخلص من الذنب والLiberal guilt أو عقدة الذنب الليبرالية .

    والاحساس بالذنب الليبرالى هو واحد من أضعف العواطف وفيه كثيرا جدا من الغشغشة الثقافية غش ثقافي . اكثر من انو حقيقى لانو هو ما فيه فعل هو فيهو تبكيت للنفس يعنى طالما انقطع عن الفعل وطالما أصبح مجرد عرض حال وطالما اصبح نوع من الضيق والتوتر بموروثك ومحاولة انك تعطى الآخر في السودان حس بانك والله انك برضو 00 هو ليس فعلا وللأسف يعنى هذا الفخ بتاع العقدة الليبرالية أو عقدة الذنب الليبرالية يقع فيه ناس كثيرين جدا الآن ودا بضعف عملية التحرير لانوعملية التحرير هى ليست تتخلى عن الانتماء للعروبة للاسلام لكذا وانما تجديد ليها وتوثيق ليها وارتباط بافضل المعانى فيها .
    يعنى مثلا نحن عندنا استهجان لـ accent للكنة في اللغة العربية وتذكروا دائما أنا أضرب المثل بتاع النائب الذي اراد أن يقول القروض فصدرت من لسانه كأنها القرود وكان هذا سبب للتقريع لتقريعه ولتذنيبه واستهجانه وصرفه وكان القضية هي انو إذا نطقت القروض بالدال أو بالضاد ما الفرق هي قروض في النهاية أو قرود(ضحكة ) وهي سيئة وتثقل على كاهلنا بأي صورة نطقت فمثل هذه المسألة ، ودا يقال في البرلمان لأمة متعددة اللغات صعب جدا محرج وأنا دائما في مضاهاة ذلك أعود إلى ما روى عن أنه سيدنا بلال كان يعنى مرة سمعه أحد من الغلاة العروبيين وهو يقول السلاة ينطق الصاد سينا فذكر للنبى (ص) سمع هذا التقريع وقال أن سين بلال صادا ، فدا تجديد لينا بمعنى الانتماء للخير الذي في الاسلام للمعانى الأبعد في الاسلام لحقيقة الاسلام ، في الـUniversality بتاعتو مش العصبية بتاعتو 00 وهكذا كلما نتدرج نجد أن ثقافتنا تسع يعنى مثلا كثيرا جدا من الناس يحاولوا اخجالنا من المتنبئ لبيتين ثلاثة ( ضحكه ) وردن عن ، حول العبيد وكذا وكذا ولكن المتنبئ يمكن أن تقرأه قراءة الشخص الذكى الموفور النبيه الذي اضطرته ظروف زمانه البشعة أن يشحد 00 ودا في كل زمان ومكان ودى الشفرة بتاعت المنتنبئ الاساسية ! الذكاء والبله ، وكيف الذكاء لا يجد المكافأة بتاعتو إلا بابتذال نفسه ، صدف انو النظام الكان بتكلم عنه نظام كافور الأخشيدى لكن وكل الأنظمة في الدنيا حافلة بالذكاء الذبيح وبالذكاء المتملق وبالذكاء المؤود نأخذ هذا عن المتنبئ لأنه كان الصوت الحقيقى لهذا المعنى ، حتى اخونا منصور خالد يعنى تجده يستشهد بالمتنبئ كثيرا لانو منصور خالد واحد من هؤلاء الاذكياء ( ضحكه ) رجل في غاية الذكاء والبراعة لغة انجليزية وعربية وحضور وهو مضطر أن يتنقل من حزب سياسى الي حزب سياسي ، من وزارة إلى وزارة من القصر الجمهورى إلى الغابة نفس الشئ هو المتنبـئ نفسـه 00 لكن تجد انو منصور خالد يقول لك انو منصور خالد يقول ليك انو المتنبئ الذي قال والذي قال والذي قال لكن لا يكف عن الاستشهاد 00كلنا الآن . انتم مغتربون كلكم عندكم قصص عن كيف تركتم الوطن لسبب أو آخر من اسباب سيادة البلهاء والأغبياء وأهل الولاء ، تكتشف في المتنبئ أكثر من مجرد يعنى ننتقل من التخجيل بالمتنبئ إلى التبريز بالمتنبئ ننتقل من المقطع واحد 00 (....) بالطريقة التي نعيشها في زماننا وعاشوها الناس في ازمنة أخرى .

    بهذا أقول يعنى انو المراجعة التي تحدث في كل مكان بعد ما خرجنا واصبحنا ننظر في مرايا انفسنا ومرايا الآخرين هي مراجعات ليست أن نخلع هذه الهويات وإنما لنستظفها ونتعمق فيها ونلتزم بيها يعنى نحن ما عندنا نحن دى الوقت نعتز جدا بالاستاذ البروفسير عبد الله الطيب رد الله غربته وكذا ومعرفته والمامه الموسوعى وكذا ولكنه اعفانا نحن من المعارف التي احتقنت فيه أو اضطربت فيه أو استوعبها كلنا بنقول خلاص دا النموذج يعنى دا المثل بتاعنا ولكن كلنا لا تزعم حتى أنا الجالس أمامكم لا نزعم أننا اقتربنا من تلك المناهل أى اقتراب حتى أنها تشيع فينا اكثر من مجرد ما تدارسناه في المدارس والمقررات والمعلقات وكذا وحيلتنا في ذلك أن نأخذ شيخ من شيوخنا ونقول هذا هو الشيخ الذي يمثل عروبتنا 00

    ونضاهى ونباهى به العالمين وكذا وكذا يعنى أنا اوكد أنه ما فى ثقافة اشكل عليها بحيث أنك تضطر إلى الغاءها أو خلعها أى ثقافة من ثقافة محدودة في مجموعة قبلية نهايك عن الثقافة العربية الاسلامية اللى عندها خبرات عديدة في الحكم وزمان طويل في أنها غالية ومغلوبة ودا في دعوتى أنا مثلا لما أقول السودان الشمالى ومتاعبــه ومآزقه ليس موازية ولا أعنى بأى شئ من الأشياء يا انو أنا إذا كان نحن السودانيين الشماليين شفرتنا عربية واسلامية وكذا يجب أن نتخلص منها ونخلعها أنا بسميها في بعض الكتب في كتابى الثقافة والديمقراطية سميت ديل الخلعاء انتو عايزين تخلعوا ليه ايــه الخلــع دا زى ما قـال 00 ( ضحكـه ) ما بنخلع نحن نحن نجدد هذه المعانى ونديها المقامات الأرفع والتفهم الأعمق يعنى مش خلع وإنما هي تجديد وتأكيد ليها وما فى اعتذار عنها لأن عملية الثقافة أنت لا تعتذر عن الثقافة كمعطى لانو ما فى ثقافة زى النهر يعنى أنت ثقافتك لا تستطيع أن تعبرها في مكان واحد مرتين لأنها متجددة ولذلك لا تحس أبدا بأنك يعنى أصبحت آسنة بالدرجة التي تحتاج أنك تعتذر إلى هذا وتعتذر إلى هذا إلا إذا كان أنت تتحمل وزر التفسير الخاطئ ليها والممارسة الخاطئة ليها .

    أنا عظيم التفاؤل يعنى انو شتاتنا السودانى ما موضوع أسف ولا موضوع للنستالجيا ولا للتباكى دا افضل ما ممكن أن نعمل منو يكون مناسبة أن نتأمل نفسنا في مرايانا ومرايا الآخرين وأن نستوثق من شئ واحد هو انو الهويات اللى حملناها دى هي هويات باسلة مستيطعة قادرة مرنة وهي في الآخر آخر القرار هي ما نصنعه من معطياتها من طوبها من اللبنات الأولى من لبناتها ومن شفرتها كيف تعيد تشكيلها وتبنيها على اساس انو تصبح بانية للوطن بدل ما تكون هادمة للوطن .
    هنالك معانى أخرى كثيرة وددت لو استرسلت أو خضت أو فيها منها مثلا ترجمتى الذاتية مع القضايا دى يعنى كيف كتبت عنها في كل مناسبة من المناسبات ابتداء من مسرحيات على كذا كيف كنت بعانى ذلك ولكن احتراما لتجاريكم في موقع مهم جدا من المواقع العربية والاسلامية وخبرات بعضكم الطويلة في هذه البقاع اكتفى بهذا القدر واتمنى أن النقاش يستنطق ما صمت عنه مع الشكر 0000 ( تصفيق ) .


    * قدمت المحاضرة في امسية الاربعاء 11/7/2001 بمباني المجمع الثقافي بابوظبي وقدم لها الاستاذ الشاعر/ محمد عبد القادر سبيل
                  

07-08-2004, 10:03 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة محمد سيد احمد (Re: Agab Alfaya)

    طبعا الواحد سعيد في البداية انو يسمع محاضرة للدكتور عبد الله طبعا ثاقب الفكر وثاقب الذكاء وكثير ما يوضح الغامض لكن في المحاضرة دى بالذات أنــا شــعرت ما وضح الغامض وفي غموض جدا في المحاضرة كلها أول شئ ، العنوان السودان الشمالى والمأزق . أنا بعتقد انو مفهوم السودان الشمالى ما تحدد هل هو مفهوم جغرافى ؟ إذا تكلمنا عن السودان الشمالى جغرافيا للآن قطر حلفـا القديمـة 80% من ركابه جنوبيين ! ما أظن التقسيم هو مفهوم جغرافي ولا مفهوم تاريخي ، إذا قلنا ، التقسيم يفترض هو تقسيم ثقافي ، السودان الشمالي . هنا المفهوم السودان الشمالي وردت عبارات كثيرة جدا : الجماعة الشمالية واليسار الشمالي والقومية العربية الشمالية . أنا بعتقد انو المفهوم غامض جدا والدكتور حاذق وذكى جدا ما وضح لينا المفهوم شنو .

    نحن نفهم انو المفترض هو فهم ثقافى . إذا قلنا فهم ثقافى ، هل السودان بحوى النوبيين ، هل بحوى النوبة ، هل بحوى الهدندوة ما أظن كده المفهوم يفترض كان يتم ايضاح لانو نحن بنتكلم عن شنو ، السودان الشمالي دا شنو هو هل هي الثقافة العربية الاسلامية ؟ إذا هي الثقافة العربية الاسلامية نبتدى نتكلم عنها بتحديد مسألة العناوين الكبيرة بضيع المفاهيم يعنى . نحن دايرين تحديد شديد جدا .

    الشئ الثاني المأزق . الدكتور ما تكلم عن المأزق ما هو مأزق الثقافة دى الثقافة العربية الاسلامية ؟ أنا فهمى للشمال هو مفهوم ثقافي ، المأزق بتاعها شنو الثقافة دى ؟ القبيح فيها شنو ؟ المفهوم دا لازم يحصل ليهو تفكيك . لازم تتجزأ المسائل ويتم ايضاحها . ما كل الشمال هم حزمة واحدة دا شمال ودا جنوب ، يعنى لما نقول الشمال في المقابل حيكون الجنوب دى نفس فكرة الانفصاليين الجنوبيين .

    بعدين غريبة جدا انو الدكتور يقول انو الشمال بقرروا الجنوب ، يعنى دا تعريف بالعكس ، الشمال بقرروا الجنوبيين ، الجنوبى البقول الشمال مندكورو ، هل الشمال كلوا مندكورو . الثقافة الشمالية ، يجب أنها يتفكك المفهوم دا . بعدين دور الشمال المتعاطفين مع الجنوب متعاطفين مع الفكرة بتاعت الديمقراطية متعاطفين مع العدالة مع الحق مع كدا مع كدا ، يعنى الدكتور زى البختهم في سلة واحدة ، يعنى بقول مثلا دكتور بلدو وعشارى لما كتبوا عن الجنوب ، يعملوا شنو يعنى ؟ يمشوا في الكشــة يقعوا فيها ما كدا يعنى ، ما كل زول عندو وسائله البقوم بيها يعنى . الدكتور ضرب مثال قال انو يكون في شئ عملى ما كلام ساى . هو دا ما كلام . الكلام البتكتب والندوة والمقال والهناى دى بتفكك المفاهيم ودى أكثر جدوى ,اكثر جذرية من انو امشى لانى شمالى الكشه جات أقول ليهم اقبضونى معاهم يعنى .

    بعدين الفكرة بتاعت الاعتذار القالها السيد المهدى أنا افتكر أنها فكرة نبيلة جدا يعنى مش لانو الزبير باشا هو كان في زمن ماضى نحن ما نعتذر . لا نعتذر الفكرة بتاعت الاعتذار فكرة نبيلة جدا مش لابراء الذمة انو تقول نحن اعتذرنا وخلاص تعالوا نبقى أصحاب . الاعتذار بداية لحاجة ثانية عشان فكرة الاعتذار دى تتطور لانو ما يتكرر الشئ دا . وفي العالم كلوا لما يحصل اعتذار بحصل اعتذار عشان الخطأ الفات دا ما يتكرر تانى . وفكرة نبيلة واعتقد انو الدكتور يقيف مع فكرة الاعتذار .

    بس الحاجتين ديل : المفهوم ما وضح مفهوم الشمالي الشئ الثانــي المــأزق ما تكلم عنو الدكتور . اذا هذه الجبهة الاسلامية هي اقبح ما في الثقافة العربية الاسلامية يجب أن نقول كده ، نفكك المسائل . الجبهة الاسلامية أى نحن كلنا جزء مما يحصل دا . نحن كلنا مشاركين لكن هل بنفس المستوى الليلة القبح الموجود يجب أن توجه ليهو السهام لانو دى قمة القباحة لما تتهدم بعد داك بنرجع نعتذر ونبقى اخوان في وطن واحد . شكرا جزيلا .


    محمد سيد احمد
                  

07-08-2004, 10:06 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة محمد محيسي (Re: Agab Alfaya)

    لضيق الوقت حأختصر اختصار شديد جدا . كما نعلم جميعا أن السودان بلد متعدد الأعراق والثقافات والأديان . فأى ثقافة تسود في مأزق ، سواء كانت ثقافة عربية اسلامية أو ثقافة جنوبيين أو بجة أو فور أو Whatsoever يعنى ما لم نتاح الفرصة الكاملة لكل ثقافة للتعبير عن نفسها حيكون في مأزق ثقافي في البلد ما لم نعترف بكل الثقافات الموجودة من هذا الباب يعنى الأزمة قائمة وما فى حل غير الاعترافات بالثقافات كلها ودى واضحة في كل البلدان اللى حاولت تغلب ثقافة بعينها على ثقافة ثانية سواء عربية اسلامية أو غيرها انتهت بنفس الاشكال .

    بلاد كثيرة وعت بالمسألة من بدرى جدا . بلاد زى الولايات المتحدة ما فى اشارة حتى في الدستور الامريكى لانو اللغة ايش ولا الدين ايش يعنى . نحن في أول بند في الدستور عايزين نقول الدين بتاع الدولة هو كذا واللغة هي اللغة العربية إلى آخره . أظن دون حاجة للتكرار في حاجة للاعتراف بكافة الثقافات الموجودة في السودان بنفس المستوى دون محاولة تغليب ثقافة على أخرى والسلام عليكم .
                  

07-08-2004, 10:08 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة عبد المنعم عجب الفيا (Re: Agab Alfaya)

    في أخ أشار لاشكالية ( المقصود محمد سيد أحمد ) انو قال في اشكالية بتاعت عدم وضوح وأنا بتفق معاه انو الدكتور عبد الله على ابراهيم احيانا يختبئ وراء اللغة لعدم التعبير عن اراءه بشكل واضح لأسباب كثيرة جدا جدا . وأنا كنت داير انبه الناس لانو في جملة قالها الدكتور انو تحدث ، هو قال مهموم بالسودان الشمالي والسودان الشمالي شفرته عربية اسلامية . وقال مثار النزاع ، سبب أزمة السودان سبب أزمة نظام الحكم في السودان ، انو الجماعة حملة الثقافة العربية الاسلامية عاوزين يبنوا وطن أكبر من مساحة ثقافتهم العربية الاسلامية ودا كلام ، وراء السطور معناها ببساطة شديدة جدا ، انو يا جماعة يا ناس الجنوب انتو ما عندكم علاقة بينا ونحن ثقافتنا عربية اسلامية ، بالله يا جماعة خلاص يعنى قرروا مصيركم أو انفصلوا أو كده دا ما فهمتوه وما يفترض تعطيه ظاهر الكلمات ودى الحتة بتاعت الغموض اللى أشار إليها ( يقصد محمد سيد أحمد ) .

    وتأكيد لكده الدكتور في مقالته الشهيرة اللى أثارت جدل ، الافروعربية أو تحالف الهاربين اللى هاجم فيها جماعة الغابة والصحراء لأنهم اعترفوا بالانتماء الأفريقى للجماعة العربية الاسلامية في الشمال ، قال انه حله في النهاية انو تكون في ثقافتين ، ثقافة عربية اسلامية وثقافة في الجنوب . كأنه في ثقافة عربية اسلامية موجودة Pure ما زالت وفي ثقافة افريقية في الجنوب Whereasالجماعة العربية الاسلامية البتكلم عنهم ديل ما ثقافتهم عربية Pure والكلام على انو في ثقافة افريقية عند الجماعة العربية الاسلامية لا يعنى خلع لانتماء .

    يعنى الكلام على انو نحن في شمال السودان نجمع بين الانتمائين العربي والافريقى دا ما بعتبر خلع لانتماءنا للعروبة والاسلام كما يفتكر الدكتور عبد الله . الدكتور عبد الله اشكاله الحقيقى بفتكر انو الكلام عن انو شمال السودان عربى افريقى دا ، فيه تقليل من انتماءنا للعروبة وفيه تقليل وضحالة وانحطاط من قدر وقيمة الاسلام في الشمال . والكلام دا ذكر الليلة في الحوار المنشور في جريدة أخبار العرب العملو معاه السمؤل قال انو هاجم ناس الغابة والصحراء لأنهم تكلموا هربوا يعنى بعتبر الاقرار بالبعد الافريقى في الثقافة بتاعت شمال السودان انو دا هروب وخلع للانتماء للعروبة وتحجيم . وذكر في مقاله الآفروعربية أنها دى مؤامرة لتحجيم انتماء السودان للعروبة والاسلام . وأنا بأكد على انو الدكتور باستمرار في اطروحاته يختبئ وراء اللغة والدكتور في اطروحاته الأخيرة بناقض نفسه بشكل غريب جدا جدا وبحاول يخفى هذا التناقض بحيث انو الناس المتابعنو من بدرى يفتكروا انو دا الدكتور الما زال في الستنيات . في الستنيات الدكتور كان يدعو إلى الثقافة الافريقية المحضة في رمز آباداماك التي طرحت كرد فعل للصيغة بتاعت الغابة والصحراء اللى قالوا والله نحن ما عرب وبس نحن عرب وأفارقة . شمال السودان مش عرب وبس ، عرب وأفارقة الدكتور وجماعته في الستينات قالوا لا نحن ما عندنا علاقة بالعرب ولا بالاسلام نحن Pure African ورجعوا إلى التاريخ النوبي القديم لأباداماك كرمز للثقافة دى . الليلة الدكتور يناقض نفسه يتكلم عن انو والله الكلام عن الثقافة الأفريقية في الجماعة العربية المسلمة في الشمال هو دا مؤامرة وتحجيم لانتماء السودان للعروبة والاسلام وكلام أنا افتكر حقو نقيف عندو بالمناسبة . وشكرا جزيلا .
                  

07-08-2004, 10:13 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة عثمان حامد سليمان (Re: Agab Alfaya)

    الحقيقة عايز اقول حاجة موجعة للغاية . انو مأزق الشمال في رأى البيحمل الشفرة اللى ذكرها الدكتور : القومية العربية السودانية الشمالية ، المأزق انو الشفرة دى شفرة قتلة فى الجنوب . من خمسه وخمسين إلى اليوم شفرة قاتلة في تعريفها لنفسها عنصرية بغيضة رغم انو العنصرية في الشمال المضمرة وغير المعلنة والمعلنة سائدة تاريخيا . العنصرية والقتل اديا لنتيجة في غاية السوء ثقافيا هي بحدة طمس ثقافة السودانيين الآخرين من غير أهل الشمال ، طمس تام وعدم الاعتراف بيهم وجرهم إلى اراضى ثقافية هم بعيدين تماما لم يعترف أهل السودان بهذه الثقافات ولم يحترموا أهلها تاريخيا .

    دى النقاط الموجعة أما النقطة الأخيرة الأكثر ايلاما فيما يختص بالغربة الهجرة في رأى هي عبارة عن تشظى تام يبعدنا تماما عن ثقافتنا . لم نتثاقف مع البلاد التي هاجرنا إليها لم ندخل فيها لم نعطيها ولم تأخذ منا .

    أبناءنا اللى موجودين من ثلاثة عقود هنا بلا هوية . لا هوية المكان اللى وجدوا وعاشوا فيه ولا هوية كونت وجدانهم كما كونت وجدانا أرضنا الكلنا فيها . وشكرا جزيلا
                  

07-08-2004, 10:54 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مداخلة ناظم عبد الرحيم (Re: Agab Alfaya)

    نحية للدكتور
    عندي ملاحظة بسيطة ،الا تري انك تحاملت قليلا علي الدكتور منصور خالد فهو تعرض لك تعرضا لطيفا في كتابه الاخير :جنوب السودان في المخيلة العربية .الاطروحات اللي انت تدعو اليها الحين ،الدكتور ظل يدعو ليها منذ سنين طويلة وشارك في اتفاقية اديس ابابا اللي هي المشاركة اللي انت تدعو ليها قبل قليل .بس رجاء تعليق علي الحتة دي .
                  

07-08-2004, 11:29 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردي محاضرة الدكتور المنشور بجريدة اخبار العرب (Re: Agab Alfaya)

    الانتماء للعروبة لا يلغي الخصوصبة الثقافية

    خصوصية السودان في هذا المزيج الفريد للثقافتين العربية والافريقية

    قيمة اي كاتب تاتي من تعبيره عن افكاره وارائه بشجاعة وضوح ومن تحمله المسؤلية الكاملة في الدفاع عن هذه الافكار وهذه الاراء .واذا ما تبين له في اي وقت ان رايه في هذه المسالة او تلك لم يكن صحيحا فعليه ان يواجه نفسه بكل شجاعة ويعترف انه كان يري كذا والان تبين له ان الصحيح هو كذا .
    اضطررت لهذه المقدمة لتكون مدخلا لمناقشة ما جاء في محاضرة د.عبدالله علي ابراهيم التي قدمها بالمجمع الثقافي عن مازق الثقافة السودانية والتي اوردت اخبار العرب تغطية موجزة لها في عدد سابق .

    ومصدر خلافنا مع الدكتور عبدالله علي ابراهيم هي، انه يحمل افكارا وخواطر لا يريد التعبير عنها بصراحة ووضوح لاسباب يعلمها هو قبل غيره .لذلك فهو يلجا الي طرح هذه الافكار ،بالمدارة خلف الاساليب اللغوية الفضفاضة .واسلوبه هنا يشبه الي حد كبير اسلوب الدكتور حسن الترابي الذي افتتن به اخيرا بعد ان انفض حيرانه من حوله ،ليقدمه كنموذج للمفكر الاسلامي الذي نجح في الجمع بين الحداثة والتقليد.
    وكثيرا ما يعتمد الدكتور عبدالله علي سمعته التي خلقها له اليسار الاركسي ،في تمرير الكثير من الاراء التي تفوت حقيقتها حتي علي اكثر المعجبين به فطنة وكياسة.ومن عجب ان اليسار الماركسي السوداني لا يزال يراهن علي الدكتور باعتباره فارسه الوحيد في حوبة الفكر السوداني ،بالرغم من انسلاخه عنه منذ اكثر من ربع قرن .

    ولكن الدكتور قد كشف اخيرا، عن افكاره الحقيقية التي ظل يداريها ولا يبوح بها طيلة ،سنوات مشواره في الكتابة ،في شان الثقافة السودانية .ففي المحاضرة التي القاها بالمجمع الثقافي بابوظبي امسية الاربعاء 11/7/2001 ، قطع الشك باليقين ،ووضع النقاط فوق الحروف كما يقولون ،وقال بصريح العبارة ،انه معني بشان الجماعة العربية المسلمة في شمال السودان وان شفرة الثقافية لهذه الجماعة ،هي القومية العربية الاسلامية ،.وقال ان ان اس البلاء ، ومثار النزاع الحالي في السودان ،هو ان هذه الجماعة عندما ارادت " ان تبني وطن ،بنت وطنا اكبر في رقعته ، من رقعتها ".وقال ،ان من بعض متاعب السودان ، هو" هذا الخليط من الهويات ".

    وهكذا لم يعد يجدي الحديث الموارب ،عن التنوع الثقافي والدفاع عن حقوق الاقليات وافتعال المعارك مع جماعة الغابة والصحراء وغيرهم من الافروعروبيين .فالدكتور يوجه الدعوة بهذا الحديث ،الي الجماعة العربية المسلمة ،لتفكيك السوان ، واقامة وطن يخص هذه الجماعة العربية المسلة وحدها .انها دعوة للجماعة العربية المسلمة في شمال السودان ،ان تقول للجماعات الاخري :يلا بلاش لمة !فليفتش كل عن وطن !فليفتش اهل الجنوب وناس جبال النوبة ونوبة الشمال واهل دارفور من غير العرب ،والبجة والانفسنا ،عن اوطان لهم !فهذا الوطن يخصنا وحدنا ،نحن الجماعة العربية المسلمة!!

    وعلي ضوء هذه الدعوة يمكن قراءة كل الاراء التي وردت في المحاضرة .مثل موقفه من نظام الانقاذ ،واعتراضه علي فكرة الاعتذار للجماعات الافريقية عن الانتهاكات التي وقعت في حقها ،وتنديده بمناسبة وبدون مناسبة بكتاب بلدو وعشاري ،عن مذبحة الضعين التي وقعت احداثها في سنة 1987 والتي قتل وحرق فيها عشرات الجنوبيين .

    فقد استهل الدكتور حديثه في المحاضرة بالتعليق علي النداء الذي وجهه الصادق المهدي - لم يحدد اين وجه المهدي هذا النداء- الي الجماعة العربية المسلمة في الشمال ،الاعتذار الي الجماعات الافرقية الوثنية علي حد تعبيره ،عما ارتكب في حقها من ممارسات وذلك لاثبات حسن النوايا .وقال ردا علي ذلك ،انه لا يري ضرورة لهذا الاعتذار ،لان هذا الاعتذار لا يعدو ان يكون نوعا من "عقدة الذنب الليبرالية التي ينبغي التخلص منها .فالمهم عنده ،هو "ان كل انسان يشوف امتيازاته ،مش يشوف تظلمات الاخر ".
    ان موقف الدكتور من فكرة الاعتذار ،ينسجم تماما مع تنديده بكتاب مذبحة الضعين .فالكتاب يكشف المزيد من الممارسات والانتهاكات التي يابي مجرد فكرة الاعتذار عنها .وفي الوقت الذي يرفض فيه الحديث عن مذبحة الضعين ،نجده من ناحية اخري ، في مقاله تحالف الهاربين ،يتخذ من احداث التمرد الاول بالجنوب والتي راح ضحيتها اعدادا من الشماليين ،مثالا يسوقه للتدليل علي عدم رغبة الجنوبيين ،في التعايش السلمي مع الشماليين في وطن واحد ،وليدحض به صورة الجنوبي المسالم البري ،التي وردت في اشعار المجذوب التي عرفت بالجنوبيات .

    ولنفترض ان الجماعة لعربية في الشمال اقامة دولتها الخاصة بها علي اساس شفرة الثقافة العربية الاسلامية القومية،فهل ها سيجردهم من انتماءهم للقافة الافريقية ؟
    اليسوا هم اصلا مزيجا للثقافتين العربية والافريقية؟
    ان الانتماء للثقافة العربية لا يلغي بالضرورة خصوصية كل بلد عربي ،وخصوصية السودان هي في هذا المزيج الفريد للثقافتين العربية والافريقية .ولكن الدكتور يرفض رفضا باتا اي كلام من هذا القبيل ويعتبره غش ثقافي ، ودسيسة استعمارية روج لها المستشرقون، بقصد تحجيم انتماء السودان للعروبة والاسلام!

    ولما كان الدكتور ،قد اشار ، في بداية حديثه ، الي ان الشفرة الثقافية للسودان الشمالي هي ،القومية العربية الاسلامية ،ياتي ليقول ،ان نظام الانقاذ الحاكم في السودان ،"مستل من هذه الشفرة ". كانما يريد ان يقول ،ان الشعارات التي يرفعها نظام الانقاذ ،كافية لاعطائه المشروعية طالما ان هذه الشعارات ،جزء، لا يتجزأ من الثقافة العربية الاسلامية! لذلك فهو يوجه الدعوة للجميع، للانخراط في هذا النظام، عندما يصف هذا النظام ببرج ايفل .حيث يقول :ان هنالك كاتبا فرنسيا كان يكره برج ايفل جدا ولكنه كان يذهب احيانا الي البرج لتناول وجباته فيه .وعندما سئل عن سر هذا التناقض .اجاب ،ان اللحظة الوحيدة التي لا يري فيها البرج هي لحظة دخوله فيه !!!

    عبد المنعم عجب الفيا
    جريدة اخبار العرب(ابوظبي ) - 19/7/2001
    * حذفت بعض الفقرات الصغيرة التي رايت ان فيها تكرارا
                  

07-14-2004, 09:03 PM

جورج بنيوتي

تاريخ التسجيل: 01-14-2004
مجموع المشاركات: 1174

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردي محاضرة الدكتور المنشور بجريدة اخبار العرب (Re: Agab Alfaya)

    ... لناشبق لم يكتمل

    ونعود...
                  

07-15-2004, 07:48 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردي محاضرة الدكتور المنشور بجريدة اخبار العرب (Re: جورج بنيوتي)

    الشاعر الشفيف جورج بنيوتي

    ونحن في شبق كذلك لسماع المزيد من ابداعك

    وفي انتظار عودتك يا جميل
                  

07-15-2004, 00:56 AM

Mutwakil Mustafa

تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 303

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
'lecture Dr.A.Ibraheem' (Re: Agab Alfaya)

    Salam Ustadh Agab el-feia

    I found fascinating your acute critique of Dr.A. Ibraheem's lecture and I guess ,your critique reflects your legal mind more than the poet inside .
    It is hard for me to say that I agree with every words you have written,but that is the truth. Yes I do.

    Thank you for the editing and for the incisive comments.

    Mutwakil Mustafa Elhussein.
                  

07-15-2004, 07:53 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 'lecture Dr.A.Ibraheem' (Re: Mutwakil Mustafa)

    الاخ العزيز والزميل متوكل مصطفي ،
    سعيد جدا بزيارتك ،وسيعدني اكثر مشاطرتك لي الراي ،حول قراءتي

    لطرح الدكتور عبد الله ابراهيم ،

    وفي انتظار ان نسمع منك وعنك المزيد

    ولك عظيم مودتي وتقديري
                  

07-15-2004, 06:33 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re:ما المازق ؟ وكيف الخروج منه ؟ (Re: Agab Alfaya)

    عنوان محاضرة دكتور عبدالله هو : السودان الشمالي والمازق الثقافي

    استخدم الدكتور مصطلح السودان الشمالي ،وهو استعمال ذو دلالة رمزية كبيرة في رؤية الدكتور لحل الصراع السياسي في السودان بين الشمال والجنوب .ولذلك فان هذا المصطلح ،لا يعادل تعبير: شمال السودان المتداول ،
    فعندما نقول سودان شمالي يلزم بالضرورة ان يكون هنالك سودان جنوبي وسودان غربي وسودان شرقي ،

    ولكن ما هو المازق الثقافي للسودان الشمالي ،حسب رؤية الدكتور ؟

    والمازق هو ان الجماعة الشمالية العربية الاسلامية حملة هذه الشفرة ،وجدوا انفسهم في وطن اكبر من مساحة هذه الثقافة وهذه الشفرة !
    يقول الدكتور :
    Quote: لكن ما بتكون فعلا وضعت يدك على المسألة الجوهرية انو كل هذه النظم مستنسخة من شفرة أساسية هي شفرة القومية الشمالية العربية التي حررت السودان يا أخوانا ، حقيقة حررت السودان لكن كان مشكلتها إنها حررت
    السودان بالطريقة ، بالمأزق دا .
    وما كانت مخطئة لأنو الحقيقة الحركـات القوميـة الوطنية بتشأ دائما في مواضيع بذاتها يعنى هي نشأت في كلية غردون وإذا كان الانجليز حتى الاربعينات وحتى الخمسينات كانوا يصروا انو الجنوب ليس قطعة من السودان

    ويقول :
    Quote: لكن الخطأ في انو كما قالت باحثة امريكية انو الأمة حصل أنها ، أمتنا اخترعت Invented كما تجرى العبارة الآن ، اصطنعت بخيال بتاع القومية العربية الشمالية المسلمة لكنها حين بنت الوطن بنت وطن أوسع منها واستأثرت بوطن أوسع منها . بدأت بالثقافة العربية الاسلامية لكن كانت تزعم لنفسها أنها ستحرر وستحكم وطن أوسع ودا مصدر الخلاف ما بين ضيق الفكرة الوطنية القومية واللواحق التي تبعتها . يعنى الجنوب لم يكن أكثر من : Down Down Colonization, no separation between one nation أكثر من كده مافى

    ويقول:
    Quote: . فهذا الارتجاج أو هذا التناقض بين خيال أساسى شكل السودان واستأثر برقعة أوسع من السكان اللى بتعنيهم مباشرة هذه الثقافة دا أس المتاعب بتاعت النظام السياسى في السودان .

    ويقول :
    Quote: ولكن طبعا لا يصح تعلق مسائلك كلها على الاستعمار ، فعلا فعل هذه الأفاعيل لكن الحركة الوطنية بعد داك كل تاريخ الاهمال ومحاولة الحفاظ على وطن مبنى من خيال محدود لوطن أوسع ودا مثار النزاع الحالى .

    هذا هو المازق .اما الخروج من المازق ،فليس السيبل اليه الحلول السياسية الممثلة في الاتفاقات ،وانما الحل كما يراه الدكتور حل ثقافي اثني ،اي اقامة وطن للجماعة العربية المسلمة في حدود رقعتها الجغرافية:
    Quote: الواحد بثير هذا السؤال اللى بفتكر انو جوهرى في مسألة الثقافة السودانية والشفرة والشماليين ومسئوليتهم على اساس انو الاستتباب الذي يحدث في الوطن يحدث على طريقة ثقافية وروحية وعلى اساس ذوق ووجدان مش اتفاقات مش كوكا دام دا كلام دا لغو وكوكا دام وجنيف وهلـم جرى كما قال الصادق المهدى ( ضحكه ) دا كلو دا مستوى غير المستوى نحن اللى نتحدث عنه لانو كلها وقعت وكلها لكن ما حركت ساكن المسألة الجنوبية فيجب أن نجتهد في طريق آخر لذلك .

    الطريق الاخر هو اعتماد العنصر والثقافة وليس الفكر السياسي والانظمة السياسية كاساس ،لبناء الوطن :
    Quote: اصبحت السياسة تتكلم عن قطاع عريض ، تتكلم الآن مش ، عن حزب كذا وحزب كذا ومن اخطأ في حق الجنوب . وأنما بتتكلم عن قطاع عن Race عن عنصر ،ودا مهم لانو دي الوقت بداية دخول فكرة الريس، العنصر يعنى في تناولنا وفي نظرنا الثقافى والسياسى ،

    واذا لم نتخذ هذا الطريق طائعين فان الوطن سيتفكك بمرور الزمن غصبا عنا لا محالة:
    Quote: بمرور الزمن بمقاومة الأقوام وحركة قرنق والبجة وغيرها القماشة بتاعت الوطن وغيرها يصيبها التعب والأرهاق وتبدو الأشياء بالزمن صعبة ومرهقة كما نراها الآن . لكن إذا أى انسان قال والله هناك نظام عادل وكان في نظام سوداني مركزى ، مثلا عبود أحسن من دا ، تبقى خيارات قائمة علــى التـذوق

    لاحظ ان الدكتور يستعمل مصطلح القومية الشمالية العربية المسلمة ،ومصطلح اقوام لوصف بقية العناصر الاخري ،وهذا ايضا له دلالته المهمة في طرح الدكتور ،يعني هنالك اكثر من قومية واحدة تستلزم اكثر من وطن ،

    اها ما رايكم في هذا الطرح ؟


    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 07-15-2004, 07:32 AM)

                  

07-22-2004, 06:10 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد الخاتم عدلان - علي - عبدالله علي ابراهيم (Re: Agab Alfaya)

    *أحب أولا أن أعبر عن شكري الجزيل للأخ عبد المنعم عجب الفيا، على وضعه لفكر صديقنا الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في بؤرة الضوء، سواء محاضرته في أبوظبي التي نشرها عجب الفيا في هذا الموقع بعد نيل موافقة المحاضر على سلامة النص، وهو تقليد حميد اقتضته الأمانة ، أو ورقته بعنوان تحالف الهاربيين حول «مدرسة» الغابة والصحراء، أو كتاباته اليومية في الصحف السودانية. وبالطبع فإنني أوافقه على المجرى العام لحجته الراجحة كما يتضح من مداخلتي الحالية.

    وأبدأ بأن هناك إختلال أعتبره جوهريا في نقاش أفكار عبد الله على إبراهيم، هو غياب الرجل نفسه عن ساحة الحوار. وهو غياب بغير حجة على ما أعتقد، لأن عبد الله، حسب ما ذكر في هذه المحاضرة وفي مواضع غيرها، مطلع على ما يدور في الإنترنت، وخاصة حول أفكاره وآرائه، وقد شاء مرة أن يرد عليها بصورة غير مباشرة في موضع غير موضعها. غياب عبد الله عن المحاورة يشعر بعض المشاركين فيها أنهم ربما يخرقون قواعد « الفروسية الفكرية» إذ ينازلون رجلا لا ينافح عن نفسه بما يملك من العدة والعتاد، بل ربما يشعر آخرون بأنه ألقى سلاحه وهرب من ميدان المعركة كليا. وهذا الغياب نفسه هو الذي دفع آخرين، لا يتفقون تماما مع عبد الله، إلى تبني قضيته، وربما بحماس أكثر من حماس صاحبها نفسه، وهذا يجلب التشويش أكثر مما يحقق الوضوح الذي هو بغية الجميع. وقد وصفت نصوصه بأوصاف ربما توحي إلى البعض بأنهم غير مؤهلين بصورة ما لمناقشتها، وتحت مثل هذه الأوصاف ترقد أنواع من المجاملة أو الغفلة، بل حتى المبالغة والتخويف، لا يبررها لعبد الله، ماضيه أو حاضره.

    من أجل تلافي هذا الخلل الذي أشرت إليه أرجو أن نوجه الدعوة لعبد الله أن يشارك في التوضيح والشرح والرد، والدفاع، عما طرحه هنا من آراء، حتى نصل إلى نتيجة ما، بضمير مرتاح وشعور وافر باللياقة الفكرية.

    النص المقدم هنا يصعب أن يطلق عليه مصطلح المحاضرة، فهو ينطوي على إهمال كبير وارتجال فتك بالإبانة فتكا غير رحيم، كما به من التهافت من حيث البناء المنطقي ما قل أن نجده حتى في نصوص العوام. وهي أمور يمكن إقامة الدليل عليها بالإقتطاف المباشر من النص المبذول بين يدينا، والذي تشهد كل عبارة فيه تقريبا على ما نقول. وربما يغريني توفر مثل هذه الأمثلة بكثرة جالبة للملل، على تتبعها وإبرازها، ولكني لا أريد أن أسير في هذا الطريق. أولا لأن فطنة القراء لا تحوجني إليه، وثانيا لأنني مهتم بالمفهومي في نص عبد الله، حتى وإن توارى تحت عويش من الكلام، أكثر من طريقته في التعبير عنه. ولن أتعرض للتعبير إلا في إطار ما أراه فضحا للمفهوم الثاوي تحت طياته.

    أستطيع أن ألخص أهداف محاضرة عبد الله، مع تحفظي حول الإسم، فيما يلي:

    • نحن في السودان الشمالي ننتمي إلى الثقافة العربية الإسلامية، وهي سوية يمتنع معها التمييز بين أي شمالي أو آخر، سواء كان يساريا أو يمينيا، حاكما أو معارضا، غنيا أو فقيرا، مجاهدا من أجل المشروع الحضاري، أو مناضلا من أجل السلام، مشردا عن الوطن أو ناهبا لثرواته، قاهرا لشعبه أو خارجا ضد ذلك القهر، داعية للدولة الدينية أو مناديا بالدولة العلمانية. كلنا سواء: إذا ارتكب قادة الحكومات المتعاقبة، الديكتاتورية اوالديمقراطية، أخطاء قاتلة في حق الوطن، فإننا نكون كلنا قد ارتكبنا تلك الخطايا حتى وإن كانت ضدنا. إذا شن عبود والصادق المهدي وعمر البشير الحرب ضد الجنوبيين فإننا نكون كلنا قد شننا تلك الحرب حتى وإن عارضناها. أيادينا ملطخة بالدماء حتى وإن لم يطرأ لنا يوما أن نقتل احدا ولو في الأحلام. وعقابنا جميعا واحد لأننا مشتركون كلنا في الجريمة وبنفس المستوى. ولذلك فإن مصلحتنا الشخصية، مصلحة كل واحد منا هي ألا يطالب بعقاب أحد لأنه ارتكب ذنبا في الجنوب لأن العقاب سيطالنا جميعا.

    • يقول عبد الله في تسويقه لفكرته السابقة: « أصبحت السياسة تتكلم عن قطاع عريض، تتكلم الآن مش عن حزب كذا وحزب كذا، ومن أخطأ في حق الجنوب. وإنما بتتكلم عن قطاع، عن « ريس»، عن عنصر، ودا مهم لأنو دي الوقت بداية دخول فكرة الريس، العنصر، يعني في تناولنا وفي نظرنا الثقافي والسياسي، يعني نحن كنا بنتكلم عن والله الخطة بتاعت الجمهوريين هي كانت أفضل عن الجنوب وإنو مثلا اليسار كان أحنى بالجنوب، اليسار الشمالي، والجمهوريين الشماليين. لكن السيد الصادق والنظر العام دي الوقت يقول نحن الشمال السوداني، تتعدد اللافتات والشمال السوداني واحد. ودا مهم لأنو نحن دي الوقت بنتكلم عن ريس، كمدخل لدراسة التعقيد الجاري في السودان ودا بزيل المزاعم الخاصة للجماعات السياسية الشمالية من اليمين إلى اليسار إلى الوسط على أنها هي الفرقة الناجية في مسألة الجنوب: أنا أحسن من ديل، أنا كنت قدمت الفكرة الفلانية والموقف الفلاني وكذا وكذا.»

    • الفكرة الثانية المرتبطة بهذه هي أن ما قامت به الجبهة الإسلامية في الجنوب ليس أسوأ مما قامت به كل الأحزاب الأخرى وأن عذرها في ذلك هو الشفرة الثقافية المركبة فينا جميعا، وحقيقة أن القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها وحررته بطريقة خرقاء ومأزومة.

    • يتبع من كون القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها، وبصورة منطقية، أن تصغر وطنها ليتطابق مع ذاتها، وأن تترك ما عداه لمن لا ينتمي إليها، وهي دعوة إلى الإنفصال، يشارك عبد الله فيها عتاة العروبيين الإسلاميين وغلاتهم.

    • بعد أن يتساوى الوطن مع القومية العربية الإسلامية فإن الدعوة موجهة لنا جميعا لدخول برج الإنقاذ حتى وإن كنا نكرهه لأن دخوله يعني أننا لن نراه.

    وإذا كانت هذه هي القضايا الاساسية التي طرحها عبد الله في هذه المحاضرة، فما هي علاقتها بالثقافة؟

    الإجابة على هذا السؤال تدخلني إلى تكتيكات عبد الله في تسويق افكاره، وفي الإيحاء للكثيرين، من خلال هذه التكتيكات، وكما ظهر في تقديم الأخ محمد عبد القادر سبيل، بأنه عالم لا يشق له غبار، وأنه مؤلف للنصوص الكبيرة، وأنه علم من أعلام التنوير في بلادنا. وهي اوصاف تجانب حقيقة عبد الله مجانبة تكاد أن تكون كلية، وخاصة بعد أن سبق عليه كتاب الإنقاذ وزلزله نداؤها من ابواب الجحيم، وهو أمر سأوضحه في نهاية هذه المساهمة.

    التكتيك الأول: إخفاء الموقف السياسي المباشر في طيات الرطانة الثقافية، التي غالبا ما تكون خالية كليا من المعنى. فعندما أراد عبد الله أن ينفي حجج المعارضة السودانية في إدانة الإنقاذ لأجندتها العروبية الإسلامية الأصولية قال:

    « دا ما صحيح، الصحيح هو أنو نظام الإنقاذ مستل من شفرة في الثقافة ومن مستودع في الثقافة ومن دلالات في اللغة ومن دلالات في الثقافة بحيث إنو لربما كان الأخير في زمانه ولكن جاء بما لم تستطعه الأوائل من حيث البشاعة « ضحكة» لكن البشاعة، إذا شئت إنه في بشاعة أو أنو في عنف، أو في، هو مستل من شفرة أساسية وهذه الشفرة الأساسية زيادة على الثقافة العامة التي درجنا عليها، لكن تأسست بشكل أساسي في فترة الحركة الوطنية.»

    فهذا الحديث المكتسي جلال الثقافة خاو تماما من المعنى. فما معنى أن يكون الإنقلاب العسكري الذي نفذته الجبهة الإسلامية عن طريق التأمر يوم 30 يونيو، مستلا من شفرة ثقافية عربية أو غير عربية؟ الشفرة الوحيدة في إنقلاب الإنقاذ هي «سر الليل» الذي استخدمه الإنقلابيون في تلك الساعات الأولى من الصباح، وهي شفرة فشل في حلها أحمد قاسم فلقي حتفه صباح ذلك اليوم، رغم ما يحمله، حسب عبدالله، من شفرة ثقافية عربية أسلامية أصيلة. وهل يمكن الحديث عن شفرة ثقافية، كما نتحدث مثلا عن شفرة جينية؟ هل إندغمت الثقافة في مفاهيم عبد الله الحديثة جدا في البيولوجيا؟ ومن كان يملك تلك الشفرة: الترابي مجدد العصر، الذي هجره المفتونون به عندما فقد السلطة، أم علي عثمان الذي أكتشف البعض قرابتهم معه بعد أن آلت إليه الأمور؟ وهل الشفرة الثقافية العربية الإسلامية واحدة؟ بحيث يتساوى فيها محمود محمد طه وقاتلوه؟ هل كل مسلم هو بالضرورة أخ مسلم؟ ما هذا الحديث الفج عن الشفرات الثقافية، بينما المقصود معنى سياسي واضح هو الدفاع عن الإنقاذ وجرائمها.

    • لا يستخدم عبد الله الثقافة وحدها في الدفاع عن آرائه السياسية، بل يستخدم كذلك الهراء المحض. وأنا استخدم كلمة «الهراء» هنا، بالمعنى الذي استخدمها به أحمد بن الحسين، عندما فسر الهراء بأنه : « الكلام بلا معاني»:
    ولولا كونكم في الناس كانوا "هراء كالكلام بلا معاني"

    • . فلنستمع لعبد الله مرة أخرى وهو يحاول أن يدمغنا جميعا بما أقترفه نظام الجبهة الإسلامية من خطايا في حقنا، وأقصد نحن كجنوبيين وشماليين:
    « نحن كلنا إذا كنا سودانيين شماليين في هذا اللقاء، لنا إشكال في شفرة ثقافتنا، وفي رموز ودلالات لغتنا وفي شحناتها التاريخية وفي علاقاتها التاريخية بحيث أنه يصبح مفهوم الفريق الناجي ضئيل جدا. وبحيث تكون التبعة والذنب والخطأ هو الخيط الذي يصل بين الجماعات الشمالية كلها.»
    ولاحظ هنا أن الإستنتاج السياسي، وهو تجريم الجميع، واضح جدا ومقيل بلغة لا لبس فيها ولا غموض، لغة سياسية صافية، أما المبررات فهي الهراء المحض الذي لا معنى محددا له، والذي يلوذ بالشفرات والرموز والدلالات والشحنات.

    • لقد تساءلت بيني وبين نفسي: هل أنا مسؤول عن الجرائم التي حاقت بأهلي في الجنوب؟ هل ساهمت فعلا في قهرهم؟ بل هل توانيت في استخدام كل ما أملك من طاقات للدفاع عنهم من مواقعي؟ وأجبت بضمير مرتاح: أنني لست مذنبا. صادقت الجنوبيين والجنوبيات منذ نعومة أظفاري، لم أشعر بتفوق عليهم، وإن شعرت بتفوق الكثيرين منهم عليّ، ولم أحتج في ذلك إلى جهد كبير، لأنني تحررت من أوهام التفوق العرقي وأنا لم أشب بعد عن الطوق، في عام 1969 اقترحت في أتحاد طلاب جامعة الخرطوم أن نبعث لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم التي ارتكبت في الجنوب عامي 1965 و1966، وذهبنا في وفد من أربعة أعضاء في اللجنة التنفيذية، هم أبدون أقاو، وحاتم بابكر، وعبد الله حميدة وشخصي، وحققنا في جرائم الملكية في جوبا، وفي مذبحة العرس في واو، وهددنا مدير المديرية الإستوائية، يوسف محمد سعيد، بالسجن لأننا رفضنا لغته المسيئة ومفاهيمه النازية، وتضامنا مع صديقنا ورفيقنا أبدون أقاو، ضد تهجمه الشخصي.
    وعندما عدنا إلى الخرطوم عرضنا الحقائق الدامغة في مؤتمر صحافي غطته كل الصحف في اليوم التالي، وأصدرنا إدانتنا الدامغة للجيش السوداني و قيادته السياسية. وكنا نسعى إلى المواصلة لولا قيام إنقلاب مايو بعد ذلك بأقل من أسبوع. وفي 1970 ذهبت ضمن مجموعة كبيرة من أعضاء جمعيتي الثقافة الوطنية والفكر التقدمي إلى جوبا وواو وملكال، وعشنا مع الناس واقمنا الفصول للطلاب والاسواق الخيرية لصالحهم وحلقات محو الأمية للكبار، وساعدنا النساء والعمال على التنظيم وخرجنا من كل ذلك بصداقات باقية حتى نهاية العمر. صادقت أخوتي الجنوبيين في الجامعة، وصار «بيتر نيوت كوك» أعز أصدقائي وأعتبره عالما، ديمقراطيا، مثقفا، وقانونيا ضليعا، ضمن مثقفين وعلماء كثر يعج بهم هذا السودان. أيدت نضال الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ أن إنشئت، وأشدت ببرنامجها ودافعت عنها في جميع المنابر دفاع من لا يلوك كلماته أو يخشي في نصرة الحق لومة لائم. وناديت في رفق من يفهم ظروفها، والتعقيدات المحيطة بها، والشروط التاريخية التي لا تملك منها فكاكا، وليس المتحامل عليها من مواقع التآمر السياسي مع الطغاة الأصوليين، إلى تحولها إلى حزب سياسي من حلفا إلى نمولي كما يعبر قادتهأ، واقمت مع هؤلاء القادة أنفسهم ومع أسرهم علاقات حميمة وقوية.

    • كيف إذن يحملني عبد الله علي إبراهيم بدوافع تواطئه المذموم مع الجبهة الإسلامية الخطايا التي ارتكبها القتلة والمجرمون والمهووسون في نظام الإنقاذ أو خارجه؟ وقد تحدثت عن نفسي هنا، ليس لتفرد موقفي أو شخصي، بل لإعطاء مثال محدد لا يستطيع عبد الله أو غيره أن ينازعني عليه. مع علمي أن موقفي هذا هو الموقف المشترك، وإن اختلفت التفاصيل، لمئات الآلاف من أبناء وبنات وطننا الكبير الذين لا يكنون لأخوتهم الجنوبيين سوى الإعزاز. وليس سرا أن عشرات الآلاف من أبناء وبنات الشمال قاتلوا في صفوف الحركة الشعبية طوال هذه السنين، وبلغوا في ذلك شأوا لم نبلغه.

    • هل معنى ذلك أن « الثقافة العربية الإسلامية» وحتى في أكثر صيغها رقيا، خالية من النزعات الإستعلائية، المحقرة للآخر والمقصية له من مجال الكرامة، أو حتى من مسرح الحياة نفسها؟ طبعا لا. ولكن القول بأننا جميعا مشتركون في هذه المفاهيم الحاطة من قدر الإنسان وكرامته، هو القول المرفوض والمردود في تهجمات عبد الله الغليظة علينا جميعا. شخصيا، لا أحمل من هذه النزعات شيئا كثيرا أو قليلا، بل سخرت عمري حتى الآن لمحاربتها ودفعت مستحقات موقفي. وهنا أيضا لا أتحدث عن تفرد شخصي، بل أريد أن أقيم الحجة على عبد الله بصلابة لا يستطيع أن يتخطاها أو يلتف حولها، وأعلم في نفس الوقت أن مئات الآلاف من أبناء السودان وبناته يحملون الموقف ذاته، ومنهم من يعبر عنه بعمق أكثر مما أستطيع، ويدفع مستحقاته بتحمل أقدار من الظلم لم تطالني بنفس الدرجة. كما أعرف أيضا أن عبد الله سار في هذا الطريق لبعض الوقت، وهاهو قد سبق عليه كتاب الإنقاذ، فتنكب ذلك الطريق، وصار يقبل من الثقافة العربية نفسها أكثر جوانبها معاداة للديمقراطية والإستنارة، وتغييبا للإنسان.

    • ليس صدفة أن عبد الله يتحدث عن شفرة ثقافية، غير عابئ بالخلط بين العلوم والتخصصات والفلسفات. فغرضه من ذلك تحقيق سوية غير متمايزة من الشماليين جميعا، ليسوقهم، بالتخليط والتشويش، وبالإبتزاز الصريح المستند إلى الجدار القمعي الحاكم في السودان، والمعتمد في المدى البعيد على مستودعات التجهيل التي أشاعتها الإنقاذ، إلى خطيئة واحدة، وثقافة واحدة ، وتاريخ غفل من الفعلة، وجرائم غاب مرتكبوها في سديم الشفرات. ولا يجد عبد الله صعوبة في كل ذلك، نتيجة للتشويش الفكري الذي يعاني منه هو شخصيا، لإفتقاره للأدوات الدقيقة التي تصنف المفاهيم وتحدد الدلالات وتزيل التناقضات.

    • ماهي هذه الشفرة الثقافية يا ترى؟ ما هي طبيعتها؟ كيف نفك رموزها ومن يملك تلك الرموز؟ أيملكها حسن عبد الله الترابي أم علي عثمان محمد طه أم البشير؟ أم يملكها عبد الله شخصيا ولا يريد أن يجود علينا بأسرارها؟ أمن ضمنها الأصولية الإسلامية والدولة الدينية، والحرب الممتدة، والتطهير العرقي والإسترقاق، وإضطهاد النساء والبتر والقطع والصلب والخلافة عن الله؟ أمن ضمنها الطغيان والدكتاتورية؟ أمن ضمنها النهب الإقتصادي والأثرة والأنانية والشراهة التي تغطي عوراتها بالنصوص المقدسة؟ أمن ضمنها تقسيم البلاد إلى حاكورات يملكها أهل الإنقاذ فيسدون أبواب الرزق على كل من عداهم من أهل هذه البلاد؟ أية شفرة يتحدث عنها عبد الله؟
    • يسهل على عبد الله أن يتحدث عن سوية غير متميزة، لأنه يعتقد أنه يمكن حتى الآن، أن نتحدث عن المجتمع، وهو هنا المجموعة الشمالية العربية المسلمة، في تصنيف عبد الله، وكأنها «جوهر» مستقل عن خصائصه! وهو في ذلك يتخطى إلى الوراء، وفي قفزات نكوصية مذهلة، إرث أكثر من ألفي عام من المنطق الفلسفي والعلمي، وتلك نقطة سنعود إليها في غير هذا السياق.

    • يهمني أن أقول هنا، أنني، ولإنتمائي لشعبي، لا أنتمي لمقولة عبد الله الذهنية حول «الجماعة العربية المسلمة»، بل أنتمي لهوية أوسع هي الشعب السوداني، المتمايز قوميا ونوعيا وطبقيا ودينيا وثقافيا، والذي يشد عراه مع ذلك إنتماء جامع إلى وطن واحد، نحاول أن نوسعه ليشمل الجميع ويحتفي بالجميع. المقولة الذهنية الخاصة بعبد الله، تقوم على فكرة هجرتها البشرية حاليا، هي فكرة النقاء العرقي، بل إن كل قرون إستشعار المخاطر المحدقة، تستيقظ وتدق أجراسها عندما تسمع من يردد هذه الفكرة التي تترتب عنها مناهج في التفكير أورثت البشرية اضرارا فادحة. وقد دفعنا ثمنها في السودان، قبل أن تجيئ حكومة الإنقاذ، ولكن حكومة الإنقاذ حملتها إلى نهاياتها الأكثر دموية وعنفا. وإن أي تحليل يحاول أن يطمس الحدود بين الإنقاذ وما عداها، ويساوي بينها وبين من سبقها، أو حتى يساوي بينها وبين من يحمل هذه الافكار نفسها ولكنه لم يشأ أن يطبقها أو لم يجد وسيلة لتطبيقيها، لهو تحليل معطوب ومتنكب للصواب. ولذلك فإن وضع عبد الله الطيب، أو الطيب صالح على سبيل المثال، في نفس معسكر الترابي والبشير، وإن حمل الرجلان بأقدار متفاوتة مفاهيم عروبية ذاهلة عن حقيقة شعبهما ونفسيهما، من الأخطاء المنهجية الكبيرة التي تورط فيها البعض دون أن يستبينوا الخطل فيما يزعمون.

    • إنتمائي للسودان كهوية جامعة لا ينفي بل يغذي، الإنتماء لهويات أصغر، شريطة ألا تتعارض تلك الإنتماءات، أو تلك الهويات الأصغر، مع المباديء الجامعة للجماعة السودانية، الشمالية الجنوبية الشرقية الغربية الوسطية، وهي مبادئ المساواة والعدالة والرفاه والكرامة والحقوق الإنسانية المملوكة ملكية جماعية. أي أنها لا تتعارض مع الإسلام المستنير، بل تتقف مع جوهره الخير الداعي للحرية، والمتصالح مع العلمانية، وحقوق الإنسان وكرامته. وما العلمانية سوى إدارة الناس لشؤون دنياهم بعيدا عن أي كهنوت. وهي بهذا المعنى حركة مجتمعات لا محيد عنها ولا مهرب منها، طالما أن المجتمعات تسير دون هوادة في إتجاه الإمساك بمصائرها، وإقامة بنائها على أساس من العدل والرشد. وهذا قول يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. كما لا تتعارض مع المسيحية أو الديانات العريقة المبجلة للطبيعة او للجوهر الإنساني، ولا تتعارض مع علوية الإنسان من حيث هو إنسان، بل تمتد بهذه العلوية إلى آفاق أكثر رحابة باستمرار, وتتسع الهوية السودانية الجامعة لكل الهويات العرقية الأصغر، ومنها الهوية العربية بخصائصها السودانية التي وصفناها. أقول السودانية، وأعتبرها مركز جملتي، لأن الأوطان تصبغ خصائصها وتعطي إسمها لكل الجماعات الوافدة عليها، وحتى وإن كانت وفادتهم تدشينا لعهد جهد جديد، ومرحلة تاريخية متطورة. وهي تعطيهم إسمها، وسماتها، وخيراتها، وتفرض عليهم واجبات حمايتها، وتصوغهم وفق قوانين اجتماعها، في نفس الوقت الذي تتسع لمواهبهم وثقافاتهم وألسنتهم وأديانهم أو تتبناها. وهذا أيضا يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. ولا ترفض الهوية السودانية الجامعة بالطبع، اللغة العربية، ولكنها لا ترفض كذلك اللغات الأخرى بل تحتفي بها. ونسبة لحاجة الجماعة الموحدة في الوطن إلى لغة مشتركة، فنحن نرشح اللغة العربية لتكون ذلك الوسيط، على أن تتطور هي نفسها لتكون لغة عالمية، علمانية لا يشعر المتحدث بها أنه ملزم، لهذا السبب، بالإيمان بدين غير دينه. أي فك الإرتباط الأيديولوجي بين اللغة والمكونات الثقافية الخاصة بجماعة في الوطن دون سواها، وتوسيع القطاع العلماني في التعبير بطابعه الإنساني الشامل، المتمايز عن الخطاب الديني الأصولي، الذي يحاول في كل مناسبة أن يستر ضعفه ويخفي تهافت منطقه، بالتحصن والتسلح والتصفح، بالنصوص المقدسة التي يحرفها عن مواضعها ويستغلها في استدامة أنماط تفكيره وإحكام أدوات سيطرته على العقول. وهو ما فعلته كل اللغات المتطورة في العصر الحالي، دون أن تكون عاجزة بالطبع عن التعبير عن القيم الدينية لمن يريد أن يعبر عن تلك القيم. ويتبع ذلك رفع الحرج، التأصيلي، الذي ابتليت به اللغة العربية على أيدي بعض ممثليها من حراس القديم، والمتمثل في تحفظها في الأخذ من اللغات السودانية الأخرى، من نيلية وحامية ونوبية بدويت، ومن الدارجة السودانية وترقية تعابيرها ورفعها كل يوم إلى مصاف اللغة الفصحى، كما ترفع الفرق الكروية التي تتميز في أدائها إلى المستويات الممتازة، باعتبار هذه اللغات هي المستودع الذي لا تنضب مياهه للتعبير اللغوي المعاصر والمتطور والذكي والطريف. وباعتبار قربها من الوجدان الشعبي ومقدرتها على التعبير عن أدق خلجاته. ويمتد رفع الحرج إلى الأخذ من اللغات العالمية كل ما تحتاج |ليه لغتنا لتكون بالفعل لغة للعلوم والفلسفة والإزدهار الأدبي والثقافي. ونخص هنا اللغة الإنجليزية، مذكرين بما حدث لهذه الأخيرة نفسها في بداية النهضة الصناعية، إذ تمثلت في ظرف عدة سنوات أكثر من عشرة ألاف كلمة من اللغة الفرنسية التي كانت أكثر تطورا منها، ليس في مجال اللاهوت، بل من حيث قابليتها للتعبير عن النهضة العلمية الكاسحة التي شهدتها بريطانيا في ذلك الوقت. ولا يساعد على تطور اللغة العربية في هذا الإتجاه، خطاب المهووسين من الأصوليين، الذين يريدون أن يوحوا في كل ما يكتبون بأن إجادة اللغة العربية مرتبطة باعتناق الإسلام. كما لا يساعد فيه ما يوغل فيه بعض اليساريين السابقين، من إبداء طقوس تدينهم في كل حرف يكتبونه، تملقا للمهووسين. وليربأ هؤلاء بإيمانهم من هذا الإستخدام غير الوقور. وهم على كل حال لن ينالوا رضا الأصولين ولن يأمنوا شرهم عن هذا الطريق. فأنت لا تأمن شر الإنقاذيين إلا بالإذعان لهم، إذعانا كليا، أو النهوض في وجوههم وكسر شوكتهم. فهم يفضلون الإذعان على الإيمان، في حالة التخيير بين هذا وذاك. وهم ليسوا وحدهم في ذلك، فجنود إبن العاص كانت تصد أفواج الفلاحين المصريين عن دخول الدين الجديد، لأنهم حينها لن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، والصغار هو الإذعان كما تعلمون. نرشح اللغة العربية، ونعتقد أنها يمكن أن تقوم بهذا الدور، دون استبعاد لأية لغة أخرى، وتجيئ المسألة كاقتراح لأن المجال مفتوح أمام تنافس لغوي لا يمكن حسم نتيجته بصورة مسبقة. وهذه أيضا من أمهات القضايا التي لا بد أن يدور حولها الحوار المفتوح والمثقف.

    • « الجماعة العربية الإسلامية »، التي يتحدث عنها عبد الله علي إبراهيم، هي جماعة عربية نقية العروبة، لم تخالطها دماء زنجية أو حامية، ربما لأن الجماعة العربية الإسلامية التي جاءت إلى السودان، أبادت شعبه الأصلي، من بناة الحضارات القديمة، الذين تمتد جذورهم إلى ما وراء التاريخ، والذين اختلطوا بهذه لأرض، يأخذون سيماءها وتأخذ سيماءهم، ويغيرونها بالفعل المديد، وتمتد فيهم وتخالط منهم الدماء. ربما أبادتهم القبائل العربية الباحثة عن الأرض والفضاء والماء والمرعى، والضائقة بمن لا ينتمون إلى شفرتها الجينية من الشعوب.« يسميها عبد الله الشفرة الثقافية» ربما ابادتهم هذه القبائل، لأننا لا نجد عند عبد الله تفسيرا لمقولته الذاهلة، حول النقاء العرقي لهذه القبائل، وحول أختفاء هذه الشعوب التي صارت أثرا بعد عين. إن أقل إتهام نوجهه لعبد الله هنا، هو أنه ذاهل كليا عن النتائج المترتبة على مقولته، وأنه عن طريق الخرق " بفتح الخاء والراء" الفكري القليل المثال أزال شعبا كاملا من الوجود دون أن يشعر أنه مطالب بأن يقول شيئا، ولو قليلا، عن هذه الصور التوراتية لزوال الشعوب. فهل جاءت القبائل العربية بنظرية عرفناها بعد ذلك عند اليهود، وهي قصة شعب بلا أرض، يبحث عن أرض بلا شعب؟ ولكن التاريخ والحقيقة أكثر حكمة من عبدالله، وأحكم منه كذلك جميع المؤرخين وعلماء الأنثربولوجيا والآثار، الذين قالوا، وأطنبوا في القول، أن الجماعات العربية الوافدة إلى السودان اختلطت بشعبه، وأن اختلاطها قد أذاب العنصرين في هوية جديدة، لا يمكن أن نسميها عربية خالصة إلا بمصادرة غافلة عن الحقيقة والواقع، ولا نفعل ذلك إلا لأننا نحقر جزء أصيلا من مكونات الهوية الجديدة، مما يفتح الأبواب لانفصامات النفس وفساد الوجدان وخلل العقل. ولا أحب أن أوحي من قريب أو بعيد، بأن عملية الإختلاط هذه شملت الجميع من العنصرين، بل لا أستطيع أن أحدد لها نسبا كمية دقيقة. كما لا أحب أن أتبع المنهج الشيلوخي في تقسيم الإنسان إلى أرطال من اللحم أو أوقيات من الدم، أضع لها قيما متفاوتة كما يفعل القصابون. ولكني اقول باطمئنان أن هذا الإختلاط وإن لم يشمل أغلبية العناصر السودانية العريقة، فإنه شمل الاغلبية العربية الوافدة، ودون أن يحط من شأن هؤلاء أو يعلي من أقدار أولئك. وهذه هي الحقيقة الهامة فعلا، وهي وحدها كافية لدحض مقولة عبد الله عن النقاء العرقي العربي.

    • والجماعة العربية المسلمة، في تعريف عبد الله، أصولية العقيدة محكومة بالشريعة الإسلامية في اقصى صورها بعدا عن العصر، وهي دعوة دعا إليها عبد الله مرارا وتكرارا، وطالب الآخرين بالإنتماء إليها. والجماعة العربية الإسلامية إنقاذية الإنتماء السياسي، منكفئة على ذاتها، رافضة للآخرين، كارهة للتعددية بكل أشكالها وألوانها. إنها سوية أيديولوجية غير متمايزة، مقولة ذهنية في ذهن "مرهق"، ذاهل عن العصر. أقول لعبد الله ولأمثال عبد الله، إنني شخصيا لا انتمي إلى هذه المقولة الذهنية. فليكف عن تصنيفي على هذا الأساس. إنني أنفي عن نفسي فكرة النقاء العرقي، بل تجري في عروقي دماء الأقوام السودانية العريقة، كما تجري في عروقي دماء عربية لا أنكرها ولا أتيه بها على الآخرين. وعندما أتحدث عن الدماء فإنني أتحدث بكثير من المجاز، لأن الموضوع الوراثة يتعلق بالحامض النووي، وبالمورّثات عموما، والتي تعطي الفرد خصائصه الجسدية، ومصطلح الدم، كمحدد للهوية، مثله مثل مصطلح القلب كمكمن للعواطف، مصطلح مجازي تخطته العلوم. ولا فرق بين دماء عربية أو زنجية، حامية أو سامية، ملكية أو عامية. كما يمكن للإنسان أن يغير دمه كليا ولا تتغير هويته في قليل أو كثير، وهو أمر يحدث أمام أعيننا كل يوم. ولا يقتصر الأمر على الذين يغيرون دماءهم لأمراض تصيبهم، بل إن الناس جميعا تتغير دماؤهم كليا أو جزئيا عدة مرات في العام الواحد. وقد آن لنا أن نتحرر من جهالاتنا "الدموية"! الدم حامل للحمض النووي ولكنه متمايز عنه تمايزا كليا. وإذا كان الأمر لا يتعلق بدماء نقية أو ملوثة، نحسها تجري في عروقنا، بل يتعلق بشفرة جينية، تكاد أن تكون، من فرط دقتها، مفهوما رياضيا، فإن جوهر المسألة يصبح هو قبولنا لأنفسنا وتأمل ذواتنا في مرايانا الخاصة، وليس النظر إليها بمرايا الآخرين. حينها سنكتشف كم هي جميلة هذه الهوية السودانية، وكم هي متمايزة عن الآخرين في نفس الوقت. ولكن مرايانا نفسها تحتاج إلى التطوير والصقل، لترى تلك القوى الهاجعة في بطن هذه الأم الرؤوم المعطاءة، "المملوءة الساقين أطفالا خلاسيين." وحينها سيكتشف السودانيون أن ما يطلبونه، أي يبحثون عنه، " قد تركوه ببسطام" كما نقل عبد الحي عن فتوحات إبن عربي المكية. فقد تميز السودانيون في كل أرض حلوا بها، لأنهم يملكون طاقة التميز والفوت، عندما يتعلق الأمر بالخصائص الجوهرية في الإنسان، أي علمه، وعمله، وأخلاقه وكرامته. أي لم يكن أكثرهم تفوقا، بالضرورة، أولئك الذين يحملون سمات خارجية أقرب إلى تلك المجتمعات الجديدة التي حلوا بها. ومن يتأمل هذا الأمر يعود إلى ذاته راضيا عنها مرضيا.

    • أتحدث عن نفسي في قضية الهوية، لدوافع ذكرتها تتعلق بالإختيار، وهذا زمن الخيارات الحاسمة، ولكني أعتقد أن ما أقوله عن نفسي ينطبق بصورة أو أخرى، وبهذه الدرجة أو تلك على كل هؤلاء المتحاورين حول الهوية، ومنهم عبد الله علي إبراهيم، كما ينطبق على زعمائنا جميعا دون استثناء. ينطبق على الشريف زين العابدين الهندي، الذي قال أننا جئنا إلى هنا وتزوجنا الإفريقيات، ومن هنا جاءتنا هذه "الشناة"، في مناسبة حضرتها شخصيا، وفي قول أورده صديقي الباقر العفيف الذي تناول الهوية وكتب عنها ما لم يكتبه سواه، وحلل كلمات الهندي بما لا يحتمل الزيادة، كما تنطبق على أحمد الميرغني، وعلى أخيه محمد عثمان، وعلى الصادق المهدي، وعلى حسن عبد الله الترابي، وعلى محمد إبراهيم نقد وعلى عثمان محمد طه وغير هؤلاء. وقد طالبت هؤلاء جميعا، بأن يبرزوا " أشجار نسبهم" السودانية الحقيقية، التي يخفونها كما يخفي الإنسان عورته، كما ابرزوا من قبل أشجار نسبهم العربية المؤسطرة والمتخيلة، لأنهم إن فعلوا ذلك، فإنما يقدمون لأهلهم خدمة جليلة، تفتح لهم الطريق إلى التصالح مع أنفسهم، وإطراح الأوهام التي تضر ولا تفيد، عن أصلهم المتميز والمتفوق.

    • ثم يصل عبدالله بعد ذلك إلى قمة محاضرته، وهي في نفس الوقت قاعها، وهي دعوة الجميع إلى دخول برج الإنقاذ. يقول: « في هذا الصدد أري إنو يجب أن نعترف أننا كلنا ننتمي إلى النظم السيئة، مش النظم السياسية. ننتمي إلى الشفرة الثقافية الموصوفة بالسوء. بقول كان البروفسور إدوارد سعيد ضرب مثل، وأنا أستعين بيهو هنا، قال إنو في كاتب فرنسي كان يكره برج أيفل جدا، لا يطيق رؤية برج إيفل، وكان حله لما يضيق به الضيق النهائي، ويصبح برج إيفل بالنسبة له شبح وكذا، يصعد البرج ويجلس في مطعم البرج ويأكل. قيل له: ليه. قال، لانو تلك اللحظة الوحيدة التي لا أرى فيها البرج «ضحكة». فيا أخوانا نظام الإنقاذ أنا بصفه بأنه برج أيفل لينا « ضحكة ». لا نطيقه، مزعج، كلنا عندنا مواقف حتى أنصاره « ضحكة ».»

    • دعوة عبد الله هنا هي أن ندخل برج الإنقاذ « ونأكل» منه حتى لا نراه. وهو يستعين على دعوته هذه، بالأمثلة، ويعاني في طرحها حرجا عظيما تنوء به الجبال، تظهره الضحكات العصبية المستوحشة، وتظهره العبارة المتهالكة، المستعصية على الفهم، ويظهره تداخل الكلام بعضه في بعض، و الزوغان في نهاية العبارة من معناها الواضح الصريح. ما الذي يجبر عبد الله على كل هذا العناء وهو المشفق على الجميع من الإرهاق؟ ودعونا هنا نناقش المثال الذي أورده عبد الله، وهو يقع في مجال المجاز، وإذا كانت لعبد الله مساهمة متميزة فهي في مجال المجاز وحده وليس سواه. رجل وحيد، غريب الأطوار، يكره برج إيفل، وليس غريبا أن يكون الرجل وحيدا وغريب الأطوار، لأن من يكره إنجازا حضاريا مثل برج إيفل يجب أن يكون كذلك. فهو يكره إنجازا حضاريا يمثل مصدر فخر للشعب الذي شيده، وتفخر به البشرية في عمومها لأن من عاداتها أن تفخر بمثل هذه الإنجازات. هذا الرجل يعتقد أن برج إيفل هو مظهره الخارجي وحده، أي هذا الإمتداد الفولاذي الذي يشق عنان السماء، وليس باطنه، بما فيه من عجائب هندسية ورؤية ساحرة، وأماكن للترويح عن النفس من ضمنها المطاعم التي يأكل فيها ذلك الرجل. رجل يجهل حقيقة يدركها كل الناس وليس السواح وحدهم، وهي أنك عندما تدخل برج إيفل فإنما تراه بصورة أفضل، بل يعتقد أنك إذ تدخله لن تراه. ما الذي يقابل هذا الرجل عندما يتعلق الأمر بمن يكرهون الإنقاذ؟ وما الذي يقابل برج إيفل عندما يتعلق الأمر ببنائها الداخلي؟

    • إن حقائق الواقع الماثلة تقول أن الاغلبية الساحقة من شعب السودان تكره الإنقاذ، لأسباب أقوى بكثير من تلك الأسباب التي تحمل بعض الشعوب على كراهية حكوماتها. والاغلبية الساحقة إن كرهت نظاما سياسيا فإنما تسقطه ولا تدخله. وهذا هو الطريق الذي يسير فيه شعب السودان حاليا، بعد أن ساعدته الحركة الشعبية لتحرير السودان على قطع نصف الطريق. ومهما تغيرت الأساليب فإن الغاية واحدة، وهو إسقاط نظام الإنقاذ وتفكيكه طوبة طوبة، طال الزمن أم قصر. ولكن ذلك سيحدث عن طريق صعود الشعب السوداني مراقي جديدة في التمسك بحريته وحقوقه، وامتلاكه أدوات جديدة، سلمية في غالبها. وهذا أمر طبيعي فالإنقاذ بكل ما تمثله من فكر وممارسات عملية ليست سوى بثور علقت بهذا الجسم الجميل وهي لا شك زائلة. وهذا من طبائع الأشياء لأن الشعب الفرنسي، وليس ذلك الرجل الغريب الأطوار، إذا كره برج إيفل، فإنه سيقتلعه من " الجذور"، ليزيل الأذى عن خط باريس السماوي. ومن الناحية الأخرى، هل يمكن المقارنة بين الإنجاز الحضاري المتمثل في برج إيفل، و"المشروع الحضاري" المتمثل في الإنقاذ؟ ندخل برج إيفل فنأكل الفروي دوميغ، والكوت دو بوف،والفياند سينيان، وبعضنا يأكل شكروت الألزاس، وما يصاحبها من الأجبان والنبيذ المعتق. فماذا نأكل عندما ندخل الإنقاذ؟ عبد الله نفسه يعطينا مثالا عمليا على ما يمكن أن نأكله، فمن ضمنه الدعوة الصريحة إلى الباطل الصريح ومن على رؤوس البيوت، وخيانة المثقف لواجبات التنوير وإستخذاؤه للطغاة، فقط لأنهم طغوا. وهو طريق لم يختره أولئك الفتية الذين حاضرهم عبد الله في أبي ظبي، أو نشر عليهم افكاره في السودان وفي بلدان الشتات. خيانة النفس، إذن، والتنكر لرسالة المثقف ، هي أفضل وجبة يمكن أن تقدمها إلينا الإنقاذ. ولكن ليس ذلك بالنسبة لها سوى "المقبلات". إذ تجيئ بعد ذلك الوجبة الرئيسة وهي مشاركتها في خطاياها جميعا، المكسوة بالقمع والمتوجة بالإبادة الجماعية للاقوام والشعوب، أما " التحلية" فهي إقامة الرفاه المادي للقلة الغليظة الحس، على خلفية من الإفقار المطلق لشعب كريم. "ثم ثانيا" كما يقول أحد أصدقائي وهو يطرح نقطته الخامسة: إذا كان ذلك الرجل يأكل في برج إيفل ويذهب إلى بيته، فهل يمكن الأكل في برج الإنقاذ والخروج منها بعد ذلك، وكل ليلة؟

    • أقول لصديقي عبد الله: دعوتك مرفوضة يا " أخا العرب"، لأنه مهما بلغ حب الناس لك، فإنه لا يبلغ مبلغا يجعلهم يختانون أنفسهم. فهم لم يحبوك على باطل، بل أحبوك على حق. فهل تسير وحدك في دربك الموحش؟ هل تواصل وحدك " رحلة بائسة"؟ هل تتوغل وحدك في صحراء الإنقاذ؟ هل تخوض وحدك في وحلها؟ وهل صار حتما مقضيا أن تقطع رحلة الألف ميل وقد بدأت بخطوة واحدة؟ الخيار خيارك يا عبد اللهّ. وأقول "وحدك" مشيرا إلى وحشتك في قطيع من الذئاب، وليس إلى خلو المكان من الآخرين، ومنوها بمجدك الذي بنيته على بسط ثوب الإستنارة عندما كتبت عن " الناس والكراسي" مذكرا اللبراليين الذين تعثرت ألسنتهم عن إدانة العدوان البربري على تراث الشعب، الذي قامت به عام 1968 هذه الفئة نفسها التي تدعو الناس إلى دخول برجها اليوم، بتلك اللحظات التي تعثرت فيها أرجلهم في باحات الرقص والمخاصرة في جامعات الغرب، وبذلك الفرح الخجول الذي لا يريدون أن يدفعوا مقابله شيئا.

    • سألت في موقع سابق من هذا المقال عما يجبر عبد الله على مثل هذا المآل، وعما يدفعه إلى تحمل هذا الحرج الكبير. ولو وضع عبد الله في موضع يجبره على الإجابة على مثل هذا السؤال، لتعلق أيضا بمقولة ثقافية ما ، غالبا ما تكون خالية من المعنى. وكما أوضحت أن دوافع عبد الله سياسية بحتة، مكسوة بجلال كاذب ومغشوش، فإني أقول أن بداية التحول الفكري لعبد الله، كانت سياسية أيضا، أو قل أنها كانت سياسية نفسية. وهي تتعلق تحديدا بموقفه من الإنقلاب العسكري الذي حدث صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. موقف عبد الله كديمقراطي، وموقفه كعلماني، وموقفه كتقدمي، كان يملي عليه، كما أملى علينا جميعا، أن يرفض ذلك الإنقلاب، حتى ولو لم يكن قادرا على مقاومته. هذا الموقف لم يستطعه عبد الله، ليس لأنه كان طامعا في منصب أو مال أو جاه، ولكن لأنه لم يجد في ذاته قوى وطاقة كافية تسنده ليقف ذلك الموقف. ولذلك عندما دعته السلطة الإنقاذية المغتصبة، إلى المساهمة في إعطائها شرعية أمام الشعب، وخاصة من مثقف تقدمي مثله، له كل هذه الشنة والرنة، فإن عبد الله لم يستطع سوى أن يلبي النداء، وشارك في "مؤتمر الحوار الوطني" وشاهده الناس جميعا، وعلى وجهه ذلك الحرج الأسطوري، وهو يقبل الإنقاذ كبديل للديمقراطية، ويقبل النكوص كبديل للتقدم والتنوير والإنفتاح. وقدفعل عبد الله ذلك والدماء التي أسالتها الإنقاذ ما تزال حارة فوارة، كما أنه في طريقه إلى " المؤتمر" قد مر بالجثة الكبيرة لكيونونة كانت تسمى الديمقراطية الثالثة. تلك خطيئة لم يفق منها عبد الله بعد ذلك، مع أن الطرق كانت أمامه مفتوحة لإنقاذ النفس من "الإنقاذ". عندما خرج عبد الله من السودان، كان يمكن أن يوضح أن موقفه نتج عن غريزة حب البقاء، وهي غريزة مركبة في الناس جميعا، ولكنهم يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتراوح بين البطولة والتقية والمخاتلة وتصل إلى قبول الموت المعنوي إنقاذا للجسد. وكان يمكنه أن يعتذر إعتذارا خفيفا، ويواصل الدعوة إلى ما كان يدعو إليه قبل الإنقاذ. ولكن عبد الله لا يجيد الإعتذار، بل لا يقبله حتى وإن كان مستحقا، كما قال في محاضرته هذه، ولذلك اختار أن يحول الموقف الناتج عن ارتخاء الركب، إلى موقف فكري شامل ومحيط. وذاك لعمري اختيار بئيس.

    • في نفس الوقت الذي نشرت فيه محاضرة عبد الله، كنت أعيد قراءة سيرة سقراط، كما جاءت في محاورات أفلاطون، وخاصة كتاب "الدفاع": أبولوجيا. صعقتني المفارقة بين هذا وذاك. فهذا الرجل الذي عاش قبل ألفين وخمسمائة عام لديه ما يقوله لنا حتى اليوم. فعندما قالت عرافة دلفي، وهي إلهة في ذلك الزمان، وناطقة باسم الآلهة وخاصة زيوس، أنه ليس بين البشر من هو أكثر حكمة من سقراط، حار سقراط حيرة شديدة في هذا الأمر. فهو يعلم أنه لا ينطوي على قدر يؤبه له من الحكمة أو المعرفة، ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الآلهة لا تكذب، ولم تغب عن فطنته بالطبع أن شهادة الآلهة لم تكن فقط في صالحه، بل تتوجه حكيما على كل البشر. لم يقبل سقراط، لما ركب فيه من هذا العناد البشري المتطاول، حكم الآلهة، لا من حيث قداسته وتنزهه عن الكذب، ولا من حيث أنه جاء في صالحه وحده دوه سواه. فصار يزور أولئك الذين اتصفوا بالحكمة، من حكام ومفكرين وشعراء وأدباء، فاكتشف لدهشته أنه أكثر حكمة من هؤلاء جميعا، لأنه كان يسألهم عما اشتهروا بإتقانه والتخصص فيه، ويظهر لهم من خلال إجاباتهم وبتلك الماكينة العقلية الهائلة التي كان يملكها، أنهم لا يعرفون، معرفة حقة، ما يدعون أنهم يعرفون. وتوصل إلى أنه أكثر حكمة منهم، لسبب بسيط جدا، وهو أنه يعرف أن معرفته متواضعة، وأن الكون لم يكشف له إلا شيئا قليلا من أسراره، وأن عليه أن يمضي دون هوادة في الإستزادة من المعرفة، بينما تربع هؤلاء على حصاة من المعرفة ظنوها جبالا شوامخ. وقال سقراط وهو يشرح ما توصل إليه من علاقة بين المتعالمين الذين يدعون معرفة ما لا يعرفون، والناس العاديين المتواضعين رغم معارفهم وحكمتهم: "أثناء بحثي في خدمة الإله، وجدت أن أولئك الأكثر شهرة والأكثر ذيوعا في الصيت، هم في الغالب الأكثر نقصا، بينما أولئك الذين يعتبرون أقل شأنا هم الأكثر معرفة. ( ترجمة غير رسمية). "رحلة " عبد الله القاسية من بداية محاضرته وحتى نهايتها أثبتت شيئا عكسيا تماما لمسيرة سقراط. فقد وضح أن هذا المفكر الوحيد في السودان، إن كان في السودان مفكر، كما قال مقدمه الكريم، هو الأكثر جهلا بموضوعه من جميع الذين كان يحاضرهم. ولا شك أنهم كانوا يمدون أرجلهم قليلا قليلا، كما فعل أبو حنيفة، كلما أوغل المحاضر في باطله وهرائه، حتى مدوها عن آخرها في نهاية المحاضرة، هذا إذا لم يفكر بعضهم في إطلاقها للريح. وأكاد أرى صديقي محمد الحسن محيسي، المتبحر في كثير من ضروب المعرفة، وهو يفعل ذلك تحديدا. وأحصر المقارنة مع سقراط هنا فقط، فالمقام لا يسمح بالحديث عن محاكمته وموته.

    • وأخيرا، دخل عبد الله في قلوب وخرج من قلوب، وهو بينما يستطيب الدخول فإنه يكره الخروج، ويحاول جهده الجمع بين هذا وذاك، ولا يعتقد ذلك ممكنا إلا لأنه لا يضع للمنطق في تفكيره ورغباته، وزنا كبيرا. وهو يعتقد أنه بالقاء بعض الملاحظات العابرة، لصالح جمهوره القديم، يمكنه أن يكسب هؤلاء وأولئك في نفس الوقت. أنظر إلى إشارته إلى موت جوزيف قرنق "الباسل"، مع أن محاضرته تلزمه أن يقول أن جوزيف قرنق مات من أجل قضية ليست قضيته، مات من أجل جماعة شمالية عربية مسلمة لا ينتمي إليها، مات من أجل وطن يضع عبد الله يده حاليا في أيادي من يريدون تمزيقه، وتقليصه ليكون في حجم مقدراتهم على القهر والتنكيل والسيطرة. أقول لصديقي عبد الله، خيارك الحالي يمكن ألا يكون نهائيا، إذا التفت قليلا إلى الوراء لترى أن مطارديك أصابهم الإعياء والإرهاق "غير الخلاق"، وبالرغم من أنهم لم يكفوا عن المطاردة إلا أن الصمود في وجههم ممكن وميسور، وقد استطاعه كثيرون لم يدقوا الطبول إعلانا عن صمود، فكيف تدق الطبول إعلانا عن هروب؟


    الخاتم عدلان
                  

09-07-2004, 08:55 AM

Ehab Eltayeb
<aEhab Eltayeb
تاريخ التسجيل: 11-25-2003
مجموع المشاركات: 2850

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رد الخاتم عدلان - علي - عبدالله علي ابراهيم (Re: Agab Alfaya)

    الأخ عبد المنعم والأخوة المشاركين:
    أنقل اليكم ادناه مقال منشور بصحيفة سودانايل الإلكترونية للأديب الطيب صالح لتعم الفائدة ..ثم من أجل رفع هذا البوست ..
    مع خالص ودي.. وتحياتي..


    نحو أفق بعيــد

    الطيب صالح

    يظن أهل السودان أن عربيتهم الدارجة هي من أفصح اللهجات العربية ويمضي أبعد من ذلك العالم الحجة الدكتور عبد الله الطيب صاحب كتاب "المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها" ، فيقول أن العربية الدارجة في السودان هي أفصح اللهجات العربية إطلاقا . الله أعلم . والحق أن من قلة بخت عرب السودان أولا اسم دولتهم ، وثانيا أن عروبتهم كما تجرى على ألسنتهم ، أفصح أحيانا مما ينبئ به سمتهم وسحنتهم .
    وقد وجدت في الشعر الجاهلي ثم في عامة الشعر العربي ، خاصة عند المتنبي وأبي العلاء ، كلمات كثيرة تستعمل في لغتنا الدارجة ، وبعضها لا يوجد إلا في السودان ، وكنت أظنها محرفة أو دخيلة على اللغة العربية ، فإذا بها كلمات فصيحة . المتنبي مثلا يستعمل كلمة (غلت) بمعنى (غلط) وأكثر أهل السودان يقولون (غلت) بالتاء ، وفي لسان العرب أن (غلت) و (غلط) بمعنى واحد ويستعمل (توراب) ، وأهل السودان يقولون (تيراب) للبذور التي تدفن في الأرض ، كالقمح والذرة وغيرها وفي المعجم (توراب) أو (تيراب) هي الأرض أو ما يدفن فيها .
    هذا ، وقد ذكر الدكتور احسان عباس في كتابه " تاريخ النقد الأدبي عند العرب " في الفصل عن أراء النقاد القدماء في شعر المتنبي ، وهو كتاب جم الفائدة ، أن الصاحب بن عباد عاب على المتنبي استخدامه الكلمات الحوشية الغريبة مثل (توراب) غفر الله له أنه لم يزل يتتبع المأخذ على المتنبي ، ولو أنه عاش في السودان ، لوجد أن الكلمة شائعة تجرى على ألسنة عامة الناس . كذلك عاب عليه استعمال (جبرين) بالنون بدل (جبريل) باللام ، وقال : وقلب هذه اللام إلى النون أبغض من وجه المنون. وعامـة أهـل السودان ، يقولون (جبرين) و (اسماعين) .
    ذاك ، وقد قال المتنبي يصف الخيل :
    العارفين بها كما عرفتهم ** والراكبين جدودهم أماتها
    ونحن نقول ( أمات ) ولا نقول ( أمهات ) وقد قال الشاعر السوداني :
    يا طير أن مشيت سلم على الأمات
    وقول ليهن وليدكن في الحياة ما مات
    حتى التصغير الذي كان المتنبي مولعاً به ، وعابوه عليه ، مأثور عندنا ، نقول
    ( وليد ) و ( زويل ) و ( بنيه ) و ( مريه ) . ولقد كاد أبن القارح يصيبه الخبل من قول المتنبي : أذم إلى هذا الزمان أهيله . حتى صب أبو العلاء ، رحمه الله ، الماء على نيران غضبه ، فقال له :
    " كان الرجل مولعا بالتصغير لا يقنع من ذلك بخلسة المغير ، ولا ملامة عليه ، إنما هي عادة صارت كالطبع ، فما حسن بها ، مألوف الربع .. "
    وكان شاعر السودان الفحل ، محمد أحمد عوض الكريم أبو سن الملقب بالحردلو
    ( 1830 – 1916 ) أيضا مغرما بالتصغير ، في مثل قوله يصف أن وعل الظباء تركها في مكان وذهب يستكشف ، ثم عاد إليها :
    جاهن منقلبا وقتا عصير وشفاف
    وكاسب ليله بيهن من صدف ما بخاف
    ديل الطبعهن دايم الأبد عياف
    وفي ( نايط السروج ) لقين بقيلن جاف
    كل هذا كلام عربي فصيح إذا تأملته ، وأنت ترى أنه صغر ( عصرا ) إلى عصير ، و ( بقل ) إلى بقيل . و ( نايط السروج ) اسم موضع ، والصدف ، بفتح الصاد والدال ، هو ما يصادفك مما تكره ، وخاصة بالليل . وأنظر كيف صور الشاعر ذكر الظباء ( التيس) كأنه قائد عسكري مقدام لا يهاب المخاطر ، سرى بالقطيع ليلا ، حتى أوصله إلى حيث يريد ، فذلك قوله " كاسـب ليلـه بيهن " . ونحن نستخدم
    " الكسب " بمعنى النصر الحربي أيضا ، كما قال الآخر يصف فتية محاربين :
    ديل جابو الكسب بين ( كاجا ) و ( أم سريحه)
    ويا ساتر من اليوم العقوبته فضيحه
    أي أنهم عادوا منتصرين من تلك البلاد في الجنوب والغرب حيث شبت حروب بين أهلها وبين القبائل العربية في الزمان القديم .
    والحردلو يصف الظباء بأنهن ( عياف ) والكلمة تحمل في جوفها معنى الحذر والكبرياء والعفة ، فما أجمل ذلك كأنه ذو الرمة ، وهو حقا أشبه الشعراء به .
    وعندنا " الزول " بمثابة " الزلمه " عند أهل الشام ، و" الريال " عند أهل جزيرة العرب ، يجعلون الجيم ياء ، وهو فصيح ، ونحن جيمنا قريبة من ذلك . وكلمة
    " زول " في المعجم ، من معانيها الشخص اللطيف المهذب . وقد وجدتها بهذا المعنى عند أبى العلاء .

    وذكر لي الدكتور عبد الله عبد الدايم ، وهو عالم ثبـت ، أن " زول " هي أحسن مرادف للكلمة الإنجليزية Gentleman فهل كل أهل السودان " أزوال " ؟
    والكلمة تستخدم للمرأة أيضا ، وقد قال الحردلو يذكر انسانة جميلة ألهته عن حضور العيد مع أخيه عبد الله ، وكان شاعرا أيضا :
    الزول السمح فات الكبار والقدره
    كان شافوه ناس عبد الله كانوا يعذرو
    السبب الحماني العيد هناك ما أحضره
    درديق الشبيكة النزلوه فوق صدره
    و " الشبيكة " حلى متشابكة تعلق على صدر الفتاة ، وقد وجدتها بصفتها وباسمها هذا في متحف قطر الوطني الذي يديره العالم الشاعر الدكتور درويش الفأر في الدوحة الميمونة الطالع .
    و " حمى " بمعنى " منع " أكثر جريا على الألسنة عندنا من " منع " ، وقد قال أبو العلاء :
    ترى العود منها باكيا فكأنه ** فصيل حماه الشرب رب عيال

    هذا في وصف مبلغ حنين الإبل إلى أوطانها ، ويا سبحان الله ، كيف أن أشقاءنا المصريين ، وهم منا على بعد ما تطير اليمامة ، لا يصفون الفتاة بأنهـا " سمحة " كما نفعل ، بل يقولون " جميلة " كان الله قسم لهم الجمال وقسم لنا السماحة !!
    وفي ديار غرب السودان ، يقولون ( ينطي ) بمعنى ( يعطي ) وهي كذلك في المعجم ولم أجدها عند غيرهم . وقد قال أبو العلاء رحمه الله :


    لمن جيرة سيموا النوال فلم ينطوا ** يظللـهم ما ظل ينبته الخـط
    رجوت لهم أن يقربوا فتباعـدوا ** وألا يشطوا بالمزار فقد شطوا
    أي والله ، لقد شطوا يا أم عمرو ، وهل بعدهم يطيب العيش_*

    مجلة المجلة - 14/5/1991
    *
                  

09-07-2004, 06:27 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا (Re: Agab Alfaya)

    الاخ ايهاب
    شكرا علي نقل مقال الطيب صالح

    سبق ان انزلت انا هذا المقال في بوست خاص
    ويمكن مراجعة هذا بارشيفي،
    والبحث في اللهجة السودانية العربية واحد من احب الاشياء الي نفسي،
    طبعا اكيد انت لما اخترت تنزل هذا المقال ،كان بظنك اننا نشكك في عروبة السودانيين،وهذا غير صحيح نحن نقول فقط اننا عرب واننا افارقة في ذات الوقت.وهذا ما يقول به الطيب صالح من خلال رواياته .
    والاهم هو اننا لا نستمد عروبتنا من صك يصدره لنا هؤلاء العرب او من التشبه بهم كما يحدث من بعض مغتربي دول الخليج.

    انا ضد الذين يقولون نحن لسنا عربا ،
    وضد الذين يقولون اننا لسنا افارقة مثل الدكتور عبدالله ابراهيم

    ولك تقديري

    (عدل بواسطة Agab Alfaya on 09-08-2004, 07:07 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 3 „‰ 4:   <<  1 2 3 4  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de