اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد المنعم عجب الفيا(agab Alfaya & عجب الفيا )
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-12-2005, 12:50 PM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الطيب صالح ..عبقرية روائية جديدة -2 (Re: Agab Alfaya)


    بقى في حياة مصطفى سعيد بطل الرواة حبان ناجحان : أما الحب الأول فهو حي " اليزابيث" وهو نوع من عاطفة الأمومة . إن هذه السيدة الانكليزية كانت تعيش في القاهرة مع زوجها المستشرق الذي تعلم اللغة العربية واعتنق الاسلام وقضى عمره كله في البحث عن المخطوطات العربية ودراستها .. ثم مات ودفن في القاهرة التي أحبها وقضى فيها أعظم سنوات عمره . كانت اليزابيث ، زوجة المستشرق بمثابة الأم الروحية لبطل الرواية مصطفى سعيد . لقد احبته كجزء من حبها للشرق وفهمها له ، وأحبته لأنها أحست بامتيازه وذكائه وصفاته الإنسانية الاخرى ، ولم تفكر فيه أبداً على أنه " لعبة إفريقية" مثيرة . لذلك كان حبها ناجحاً ، وظل مشتعلاً حتى النهاية ، وان طغت عليه جوانب الأمومة بسبب السن .

    ومن الواضح أن اليزابيث قد تدربت كثيراً حتى استطاعت أن تصل إلى هذا المستوى من العاطفة النقية الصافية ... لقد عاشت في القاهرة طويلاً مع زوجها ، وتعلمت العربية وعاشرت الناس في الشرق وأحبتهم ، لقد اكتشفت الشرق من جانبه الإنساني لا من جانبه الجسدي والمادي . ولذلك أحبت مصطفى سعيد ووجدت سعادة غامرة في هذا الحب ، ولم تطلب من مصطفي شيئاً ، بل كانت تساعده كلما احتاج إلى المساعدة ، إن لذتها الكبرى هي في هذا الحب الصافي نفسه ، وفي اكتشافها لروح الشرق الجميل : بتراثه وتاريخه وشمسه وناسه – ولقد نظرت اليزابيث إلى مصطفى سعيد في ضوء رؤيتها للشرق كله .

    أما الحب الثاني الحقيقي الناجح ، فقد التقى به مصطفي سعيد بعد أن خرج من سجون لندن وعاد إلى السودان واختار إحدى القرى ليقيم فيها ، هناك تزوج فتاته السودانية " حسنة بنت محمود" وعاش فيها سعيداً كل السعادة حتى مات غريقاً في أحد الفيضانات التي التهمت بعض أهل القرية وكان بينهم مصطفى سعيد .

    وهذا الحب هو وحده الذي أنجـب مصطفى سعيد – من خلاله – ولدين .. هنا " الجنس" له دور في بناء الحياة ، والحب مبني على الاقتناع والمساواة والرغبة الصادقة في إقامة علاقة إنسانية صحيحة .. ومصطفى سعيد في تلك القرية السودانية معشوق حقيقي بسبب صفاته الأصيلة فيه ، مثل ذكائه وعمق شخصيته ، وحبه للقرية ، وقدرته على العمل والإنتاج . إنه ليس كما كان في أوروبا : حيواناً عنيفاً متوحشاً ، تجري وراءه الفتيات لغرابته وشذوذه ، إنه هنا إنسان طبيعي ، والحب في هذه القرية السودانية بسيط وصادق وأصيل . ومصطفى سعيد لم ينجب إلا من زوجته السودانية ، وليست هذه الفكرة في الرواية تعبيراً عن أي تعصب قومي ، ولكنها فكرة تكشف عن معنى إنساني بالدرجة الاولى فالزوجة السودانية هي الحب الوحيد الحقيقي ، ولذلك فهي ليست عقيماً مثلما كان الامر مع القتيات الاوروبيات وعواطفهن الغريبة الشاذة .

    وبعد موت مصطفى سعيد ، رفضت زوجته السودانية " حسنة بنت محمود " أن تتزوج من " ود الريس" وهو عجوز سوداني من ابناء القرية ، لقد كانت " حسنة" تفضل الموت على أن تتزوج من " ود الريس" . لقد ذاقت عذوبة الحياة في ظل مصطفي سعيد ذلك الإفريقي الذي صقلته الحضارة والتجربة ثم عاد في نهاية المطاف إلى أرضه ، ليبدأ منها بداية حقيقية ، لقد وجدت فيه وهي البنت الإفريقية البسيطة شيئاً جديداً : فهو منها ولكنه غريب عنها وجديد عليها ... ولذلك كله احبته بعد أن تسد عينيها إلى عالم أوسع واعمق من عالمها البسيط .

    وما اشبه حسنة بنت محمود بالسودان نفسه ، بل ما اشبهها بمصر وبكل بلد شرقية متطلعة إلى الجديد .. تريد أن تخطو إلى الامام دون أن تنزع جذورها من الأرض .

    وكانت " حسنة " ، بعد أن مات زوجها مصطفى سعيد تريد أن تتزوج شخصاً آخر هو " الراوي" الذي يقدم لنا القصة بلسانه . وهذا " الراوي" هو في الحقيقة الامتداد الوحيد المقبول لمصطفى سعيد .. سافر إلى أوروبا وعاد إلى وطنه يحمل مشعلاً هادئاً وصادقاً ، ولذلك جعله مصطفى وصياً على أولاده وثروته وزوجته وأسراره جميعاً .
    ولكنهم فرضوا على " حسنة" أن تتزوج من العجوز " ود الريس " فكانت النتيجة أن قتلته وقتلت نفسها . وبذلك تكون " حسنة " قد قتلت التقاليد القديمة التي تعودت أن تجعل من المرأة شيئاً من المتاع المادي وليست "إنسانة" ذات عاطفة خاصة مستقلة . انها قتلت رمزاً من رموز الماضي بتقاليده ونظرته الخاطئة إلى الحياة ، وأحدثت بهذه "الجريمة" صدمة مفجعة لمجتمع قريتها الإفريقي الهادئ البسيط ... لقد استيقظ هذا المجتمع فجأة على هذه الجريمة الحادة القاسية . وفي هذه الجريمة سقطت حسنة شهيدة حبها ، وشهيدة حرصها على ألا تتراجع عن العالم الجديد الجميل الذي خلقه لها زوجها الأول مصطفي سعيد .

    وما اشبه جريمة " حسنة" بجريمة مصطفى نفسه في لندن " جريمة حسنة " هي ثورة ضد التقاليد التي تحول المرأة إلى لعبة . وجريمة مصطفى سعيد هي قتل للوجدان الأوروبي المعقد ، والذي يعلن كراهيته واحتقاره لإفريقيا ثم يتمسك بها ويقبض عليها بأصابعه ، بل وينشب أظافره فيها حتى لا تضيع .. فموقف أوروبا من إفريقيا هو تظاهر بالكره يقابله حرص على إفريقيا وتمسك بها مستبد وعنيف . وهذا هو نفسه موقف الزوجة الانكليزية من زوجهـا الإفريقي مصطفى سعيد ... كانت تبدي له كرهاً وتمنعاً واحتقاراً ، وهي في الحقيقة تريده لتعتصره وتحقق متعتها ثم تعامله بعد ذلك كالكلب .

    جريمة " حسنة " هي قتل للوجدان الإفريقي بتقاليده القديمة بحثاً عن وجدان إفريقي جديد ، وجريمة مصطفى سعيد قتل للوجدان الاوروبي باستبداده وعنفه ورغبته في السيطرة بحثاً عن وجدان أوروبي خال من التعقيد والمرض .

    كل شئ في هذه الرواية الكبيرة له معناه : الحب والجنس والجريمة . بقى ان نلاحظ كيف مات مصطفى سعيد في الرواية ، لقد مات غريقاً في ماء النهر دون أن تطفو جثته أو تظهر بعد ذلك ، وهكذا اختارت أنامل الفنان الموهوب لبطله أن يذوب في النيل رمز الارض والاصل وإفريقيا .. رمز المنبع الكبير والبداية الصحيحة .

    لقد مات مصطفى سعيد ميتة كبيرة لها مغزاها ، كما كان كل شئ في حياته له مغزاه ... ولعل النهر نفسه أراد أن يتطهر بالنور الذي وصل إليه مصطفى سعيد بعد تجارب شاقة وبعد اصطدام حاد وامتزاج عنيف بالحضارة الاوروبية . ولعل مصطفى سعيد أراد أن يتطهر هو ايضاً من آثامه الفكرية والجسدية في هذا النهر المقدس لأنه مصدر الحياة التي تدب على شطآنه !

    ولعل مصطفى سعيد أراد أن يبعث ويعود إلى الحياة بعد امتزاجه بالنهر ... ليكون نوراً جديداً ينتشر في الرض الإفريقية ويبدد الظلام ويهدي السائرين الحائرين إلى الطريق ..


    يتبع ..
                  

العنوان الكاتب Date
اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Agab Alfaya05-12-05, 12:34 PM
  Re: الطيب صالح ..عبقرية روائية جديدة Agab Alfaya05-12-05, 12:42 PM
    Re: الطيب صالح ..عبقرية روائية جديدة -2 Agab Alfaya05-12-05, 12:46 PM
      Re: الطيب صالح ..عبقرية روائية جديدة -2 Agab Alfaya05-12-05, 12:50 PM
        Re: الطيب صالح ..عبقرية روائية جديدة -3 Agab Alfaya05-12-05, 12:53 PM
          Re: الطيب صالح ..عبقرية روائية جديدة -5 Agab Alfaya05-12-05, 01:01 PM
  Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Amin Elsayed05-12-05, 12:56 PM
    Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Saifeldin Gibreel05-12-05, 01:31 PM
      Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Agab Alfaya05-13-05, 09:26 AM
  Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Agab Alfaya05-12-05, 01:14 PM
    Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق munswor almophtah05-12-05, 02:00 PM
      Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق ابو جهينة05-12-05, 02:19 PM
        Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق ابنوس05-12-05, 03:55 PM
          Re: الماعندو قديم ما عندو جديد ! Agab Alfaya05-13-05, 12:25 PM
        Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Agab Alfaya05-13-05, 09:52 AM
      Re: مصطفي سعيد بين الواقع والفن Agab Alfaya05-13-05, 09:49 AM
        Re: مصطفي سعيد بين الواقع والفن Dr Abdelazim Abdelrahman05-13-05, 01:05 PM
          Re: مصطفي سعيد بين الواقع والفن Agab Alfaya05-14-05, 10:06 PM
  Re: بين محسن خالد والطيب صالح - الي ابنوس مرة اخري Agab Alfaya05-14-05, 09:58 PM
  Re: بين محسن خالد والطيب صالح - الي ابنوس مرة اخري Agab Alfaya05-14-05, 10:00 PM
  Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق ست البنات05-14-05, 11:40 PM
    Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق عصمت العالم05-15-05, 02:48 PM
      Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق ودرملية05-15-05, 08:00 PM
        Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Agab Alfaya05-15-05, 10:02 PM
    Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Agab Alfaya05-15-05, 08:20 PM
  Re: مرحب بالدكتور محمد احمد البدوي Agab Alfaya05-15-05, 09:24 PM
  Re: كان نييلا ونصف ! Agab Alfaya05-15-05, 09:57 PM
  Re: الطيب صالح : موسم الهجرة ليست افضل اعمالي ! Agab Alfaya05-16-05, 09:44 PM
  Re: مريود ، قصيدة في العشق والمحبة - بقلم رجاء النقاش Agab Alfaya05-16-05, 09:48 PM
  Re: اول مقال عن رواية موسم الهجرة الي الشمال - نعيد نشره للتوثيق Agab Alfaya05-17-05, 09:08 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de