|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
تكرموا بإنزال الفلسفة من السماء إلى الأرض
أخي محمود محمد طه ، تحيتي واحترامي وبعد .
فقد قرأت العدد الأول من صحيفتكم الغراء " الجمهورية " فسرني حسن تنسيقها وحيوية الأبواب التي جعلتم منها مسرحا للآراء ومضطربا للأفكار ، وقد استوقف نظري بصفة خاصة من بين المباحث التي أشتمل عليها العدد هذا الخطاب الضافي الذي أرسلتموه إلى منظمة اليونسكو ، واعتبرتموه ممثلا لدعائم الحزب الجمهوري وأسسه في العقيدة والرأي . وجو الخطاب ليس غريبا علي لطول عشرتي لاتجاهاتك الفكرية . فأنا أعرف منذ أمد بعيد ، حبك للإنسانية ، واهتمامك بمصيرها ، واخلاصك في هذا الحب ، وشجاعتك في الإفضاء بما تراه صوابا وخيرا . وأعرف أن نزعة فلسفية صوفية تشد أفكارك إلى السماء شدا عنيفا ، وتلونها بلون مثالي لا تراه إلا عند أصحاب " اليوتوبيات " ولا أذكر أني قرأت لك أو اجتمعت بك وغاب عن ذهني أفلاطون والفارابي .
ولست أريد اليوم أن أناقش كل ما ورد في خطابك المثالي ، فسأتجاوز الحكومة العالمية لأنني أعتقد أن الحكومة العالمية إذا قدر لها أن تقوم ، فسيكون قيامها نتيجة لحسم المشكلات والقضاء على المظالم . ستقوم حين يقبر الاستعمار والاستغلال ، وتسود الناس روح المودة والعطف فينظر المرء إلى أخيه بعين الإنسان لا بعين الذئب . فالتفكير فيها الآن وثوب إلى النتيجة قبل احكام المقدمـات ، واعداد الوسائل . سأتجاوز الحكومة العالمية إلي " التعليم الجديد " فأنت ترى " أن التعليم الحالي مضلل كل التضليل ، وتضليله نتيجة منطقية للنظرة المعاصرة للحياة وغاياتها . أننا نعيش الآن في عصر آلي يتغلغل أثر الآلة في جميع وجوه نشاطه ، حتى تعلم الإنسان أن يحترم القواعد الآلية ، وأن يتمثل ، وأن يتمثل الآلة في إنتاجه الأدبي والفني ، وأن يستمد مثله العليا من دقة الآلة ، ومن قوتها ، ومن صوتها الموقع الموزون . ويتبع كل ذلك نظامه التعليمي فهو يحاول أن يخلق نفسه بالتعليم وبالمرانة آلة آدمية شديدة الدقة ، موفورة الكفاءة كثيرة الإنتاج . وكذلك أصبح التعليم مهنيا في أكثر أساليبه " .
أنت ترى أن هذه هي حال التعليم اليوم ، وإذا صح ما ترى وكانت فكرتك مستقاة من استقصاء لا مبالغة فيه ، فأن حالة التعليم الحاضرة سيئة من غير شك ولكن ما رأيك إذا قلت لك أن هذا اللون من العادات الفكرية والملكات النفسية هو ما نحتاج إليه نحن الشرقيين ، ليحد من أطراف حريتنا المثالية الحالمة الهائمة وجبريتنا الصوفية . على أنني لا أوافقك – مع اعترافي بنقص التعليم وسوء مناهجه – على أن هذه صورة صادقة للتعليم والإنتاج في وقتنا الحاضر . لأن معين العطف والشوق والنزوع إلى حياة أفضل وأكر من الحياة الماثلة لم ينضب في نفوس البشر . فالناس مذ كانوا أبناء حاضرهم ورواد مستقبلهم . وعندما كان عماد الحياة الحيوان ، فإن إنتاج الناس في الحياة المادية والفكرية كان متأثرا بالحيوان ونشاطه ، مستشرفا إلى حياة أرقى وأكمل خذ مثلا الأدب العربي في جاهليته فإنك لا تستطيع أن تفهم منه شيئا ذا بال إذا جهلت حياة الناقة وحيوانات الدو ، ومع ذلك فإن هذا الأدب مهد خير تمهيد لظهور الإسلام . وقد حلت اليوم الآلة محل الحيوان فهي لابد مؤثرة في إنتاج المنتجين ، وهي لابد عاجزة كما عجز الحيوان من قبل عن السيطرة على جميع الدوافع النفسية والحوافز التي تدفع بركب البشرية إلى الأمام .
فالصورة التي رسمتها للتعليم والإنتاج تحمل الشيء الكثير من أعراض التشاؤم . والواقع أن المؤثر القوي في منهج التعليم وغاياته والإنتاج الفكري ليس الآلة ودقتها ، بل هو نوع الحياة الاقتصادية والاجتماعية التي تخضع له الشعـوب . فالتعليم الذي تدعو إليه منظمة اليونسكو مختلف في وسائله وغاياته عن التعليم الذي تمارسه الكتلة الشرقية من أوربا . وإذا سلمنا جدلا بفساد التعليم والإنتاج في جميع صوره ومناطقه ، وسلمنا بأن الآلة هي العامل القوي في توجيهه هذه الوجهة المادية الميكانيكية ، فأن نوع التعليم الذي تدعو إليه في خطابك شئ غير مفهوم .
فأنت تقول : أن غاية التعليم أن يحرر الإنسان من الخوف ، وتحريره يكون " بتصحيح تلك الصورة الخاطئة الشائهة التي قامت في خلده عن الحياة وعن قانونها " . وللقارئ الحق أن يفهم أنك تدعو إلى التربية العلمية ، وإلى سيادة العلوم الطبيعية . فالعلم وحده هو الذي يستطيع بقدر ما وصل إليه من كشف ، أن يعطينا صورة صحيحة عن أصل الحياة وقوانينها ، وأن يقصى عن أذهاننا الصورة الأسطورية الشائهة . وهذا ما حدث بالنسبة إلى الطبيعة ، فإن خوف الناس منها قد زال بسبب تقدم العلم ، وتصحيحه لكثير من أوضاع التفكير وأساليب البحث . ولم يعد للخوف من الطبيعة أثر إلا في نفوس البدائيين .
غير أن القارئ لا يستطيع أن ينعم بهذا الفهم ، ويسير على الأرض مطمئنا يصغي إليك ، ويفهم منك ، بل يرى نفسه بالرغم من إرادته يبتعد عن الأرض ويدنو من السماء ، محمولا على جناحك الصوفي إلى عالم المثل الأفلاطونية . فيصبح الخوف شيئا غير الخوف الذي يعرفه ويصبح التعليم ضربا من الخواطر الصوفية الممعنة في الخفاء . وأحب أن أسأل ما الذي يخيفنا اليوم ؟ أما جوابي أنا فهو أننا نخاف العوز ونخاف المرض ونخاف العدوان على أنفسنا وعلى أرزاقنا . فإذا زالت أسباب الخوف بالرخاء والعدل والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات ، أمنا ورضينا بقسطنا من الحياة الحاضرة ، وزاد تشوقنا إلى حياة أقرب إلى الكمال ، وتطلع المؤمنون إلى رضوان الله وكرامته في حياتهم الأخـرى . والتعليم الصالح والتربية القويمة يجب أن يكون هدفهما القضاء على أسباب الخوف واعداد النفوس لبناء حياة تليق بكرامة الإنسان أما الخوف نفسه فلا يمكن أن تتحرر منه ما دامت أسبابه قائمة . ولكن الخوف الذي تتحدث عنه في خطابك شئ موروث ، كامن في أعماق النفس راسب في العقل الباطن ، محجب بستار كثيف لا ينفذ منه العقل الواعي … وهذا الضرب من الخوف لا يعنينا في مشكلة التعليم . وهو إذا كان معتدلا أمر لابد منه لحفظ ذواتنا من الكوارث ، وليس من الخير أن نستأصله استئصالا . فالخوف من الميكروب والخوف من الحريق … الخ أمر مهم وسلاح لابد لنا من حمله .
والعلم عندك كامن في النفس أيضا ، بل هو جوهر النفس ، مغلف بطبغة كثيفة مظلمة من الأوهام والخرافات والمخاوف الموروثة . وهنا يبرز أفلاطون صريحا يتحدث إلينا في خطابك ، فهو كما تعلم يرى أن النفس كانت عالمة بكل شئ في عالم المثل ولكنها نسيت ما كانت تعلمه لما هبطت من عالمها ، واتصلت بالبدن وغرقت في ظلماته . فلابد لها من تذكير لتسترد علمها السابق فالعلم عنده تذكير والجهل نسيان . وقد قضى أرسطو قضاء مبرما على علم النفس الأفلاطوني وهدم عالم المثل الصوفي بمنهجه العلمي . وإذا كان بعض الفلاسفة المسلمين وبعض الفلاسفة المسيحيين قد حاول أن يرد إلى فكرة أفلاطون شيئا من الحياة والنشاط فإن علم النفس اليوم لا يعترف بشيء من هذا . فالعلماء اليوم لا يسمحون لأنفسهم في معرض العلم أن يتحدثوا عن خلود النفس . وهم لا يصفونها بالخير ولا بالشر قبل أن تتصل بالمجتمع وتمتص مثله وخبرته وتنال قسطها المقسوم من التربية . حقا أن العلماء لم يدعوا أنهم عرفوا كل شئ عن النفس ، فهم متواضعون دائبون في سبيلهم ، وكل يوم يمر عليهم يوقفهم على جديد ويملأ أيديهم من وسائل البحث .
ومهما يكن من شئ فإن النتائج التي وصلوا إليها أقرب إلى اليقين وأدعى للشقة من النتائج التي وصل إليها القدماء بالتأمل الفلسفي والفروض الميتافيزيقية .
أتظن أن مدير منظمة اليونسكو فهم عن القرآن شيئا ؟! . القرآن قصة النفس البشرية الخالدة ، والقصة نسيت فرسبت في العقل الباطن ، وغلفت بقشرة كثيفة من الخرافات والأوهام والمخاوف " وهذه القصة الطويلة مصنوعة من نفس المادة التي منها صنعت الأحلام ، ومن نفس هذه المادة صنع القرآن " أما أنا فلا أرى مانعا من الشعر ، وقد سرتني العبارة وأخذت بشاعريتها المجنحة وجوها الحالم ، فنسيت التعليم والمخاوف ومنظمة اليونسكو ، ولكني سألت نفسي هذا السؤال : لو فرضنا أن وصفك الشعري ينطبق على القرآن ألا يمكن أن ينطبق على جميع الكتب الدينية وعلى الفنون وعلى الميثولوجيا أيضا ؟ فلم أجد مانعا من الإجابة بنعم .
وخلاصة ما أحببت أن أفضي به إليك أني أضن بنشاطك الذهني ومقدرتك الفائقة أن يذهب في هذه المجاري التي لا تعدو حدود التأملات الفردية ، والفروض المثيرة لعاصفة من الجدل الذي لا ينتهي إلى غاية خصبة منتجة . أحب أن تعطى الواقع قسطا كبيرا من احترامك ، وأن تنزل فلسفتك من السماء إلى الأرض . فنحن في أشد الحاجة إلى رجل مثلك قد عرف عند الناس بالإخلاص وحب الحق والشجاعة في الجهر به .
محمد محمد على جريدة الجمهورية 3/5/1956
من كتاب: محاولات في النقد - محمد محد علي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
أشكرك يا أخي منعم على المجهود الذي تبذله، نضّر الله وجهك..
Quote: محمد محمد على جريدة الجمهورية 3/5/1956
من كتاب: محاولات في النقد - محمد محد علي |
أظن أن هناك خطأ في كتابة التاريخ لا أعرف سببها.. هل الخطأ من المصدر أم من الصحيفة، أم خطأ طباعي منك؟؟
أظن أن التاريخ الصحيح ليس 1956.. أولا لأن المقال عبارة عن تعليق على خطاب من الأستاذ محمود للدكتور توريز بوديت، نشر أول مرة في جريدة صوت السودان عام 1953. ـ اضغط هنا: http://www.alfikra.org/letters/r006a.htm
وربما أعيد نشره مرة أخرى في جريدة الجمهورية في عام 1954، كما يتضح من مقال الأستاذ محمد محمد علي.. وهذه الجريدة قد دام صدورها لمدة 6 أشهر فقط في تلك السنة نفسها.. وقد رد عليه الأستاذ محمود بالمقال الذي أوردته أنت في البوست بأسفل هذا، وتاريخه فبراير 1945.. فلا يُعقل أن يكون الرد على المقال بتاريخ فبراير 54 ويكون المقال موضوع الرد بتاريخ 56.. أرجو المراجعة..
ومرة أخرى أشكرك لتوفير مقال الأستاذ محمد محمد علي..
ياسر من على هذا المقال قد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: منهجان في التفكير (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: والعلم عندك كامن في النفس أيضا ، بل هو جوهر النفس ، مغلف بطبغة كثيفة مظلمة من الأوهام والخرافات والمخاوف الموروثة . وهنا يبرز أفلاطون صريحا يتحدث إلينا في خطابك ، فهو كما تعلم يرى أن النفس كانت عالمة بكل شئ في عالم المثل ولكنها نسيت ما كانت تعلمه لما هبطت من عالمها ، واتصلت بالبدن وغرقت في ظلماته . فلابد لها من تذكير لتسترد علمها السابق فالعلم عنده تذكير والجهل نسيان . وقد قضى أرسطو قضاء مبرما على علم النفس الأفلاطوني وهدم عالم المثل الصوفي بمنهجه العلمي . |
Quote: وأما قولك : " والعلم عندك كامن في النفس أيضا ، بل هو جوهر النفس ، مغلف بطبقة كثيفة ، مظلمة ، من الأوهام ، والخرافات ، والمخـاوف ، الموروثـة .. وهنا يبرز أفلاطون صريحا يتحدث إلينا في خطابك " ، فهو قول مؤسف حقا .. فأنت شاب مثقف ، مسلم ، ولا تعرف هذا القول الذي تذكره إلا عن طريق أفلاطون .. ليت شعري !! فأين يذهب بك عن قول الله تعالى : " كـلا !! بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون .. " ؟؟ وعن قوله تعالى : " لقد كنت في غفلة من هذا ، فكشفنا عنك غطاءك ، فبصرك اليوم حديد .. " ؟؟
وأنت تورد قول أفلاطون : " ان العلم تذكر النسيان " وتزعم أن أرسطو قد قضى ، قضاء مبرما ، أم أنت لا ترى منه ما أراه ؟؟
|
ارجو ان يحظي هذا الحوار الفكري الراقي بشي من النقاش
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: وأما قولك : " والعلم عندك كامن في النفس أيضا ، بل هو جوهر النفس ، مغلف بطبقة كثيفة ، مظلمة ، من الأوهام ، والخرافات ، والمخـاوف ، الموروثـة .. وهنا يبرز أفلاطون صريحا يتحدث إلينا في خطابك " ، فهو قول مؤسف حقا .. فأنت شاب مثقف ، مسلم ، ولا تعرف هذا القول الذي تذكره إلا عن طريق أفلاطون .. ليت شعري !! فأين يذهب بك عن قول الله تعالى : " كـلا !! بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون .. " ؟؟ وعن قوله تعالى : " لقد كنت في غفلة من هذا ، فكشفنا عنك غطاءك ، فبصرك اليوم حديد .. " ؟؟
وأنت تورد قول أفلاطون : " ان العلم تذكر النسيان " وتزعم أن أرسطو قد قضى ، قضاء مبرما ، أم أنت لا ترى منه ما أراه ؟؟
وتسألني : " لماذا فهم الرجل ، وربك ، من هذه القصة ذات القشرة ، ومن المادة التي صنعت منها الأحلام ، وصنع القرآن ؟؟ " وأجيبك : أن هذا لا يعنيني ، بقدر ، ما يعنيني أن أسجل ما أراه الحق ، وأن أدعو إليه .. وسيهتدي به أناس ، وسيظل به آخرون ..
|
الاخوة الاعزاء يا هو ذاتو دكتور ياسر
الا تتفقوا معي ان الاستاذ محمود في هذا الحوار كان عقائديا في رده علي ،محمد محمد علي، بينما الاخير كان عقلانيا؟؟!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
العزيز عجب الفيا ..
تحية طيبة ...
شكرا لك علي ايرادك هذا الحوار؛ وهو حوار غني بكل المقاييس؛ ويثبت انه في الخمسينات من القرن الماضي؛ كانت هناك عقول كبيرة تحاور في افاق من الفكر عالية ؛ لا نرقي اليها اليوم ؛ والشاهد مستوي الحوار في البورد؛ خلال الايام الاخيرة ؛ وهي ردة فكرية لا مناص؛ وهي غافبة للردة الاجتماعية - الاقتصادية - الحضارية التي ضربت بلادنا ؛ ولا تزال تهيمن عليها حتي الان ..
اتفق معك في ان طرح الاستاذ محمد محمد علي قد كان عقلانيا؛ وان النهج الذي دعا له ؛ كان يمكن ان يجعل من الحزب الجمهوري رقما آ×ر؛ غير الجماعة الدينية الصغيرة التي تحول اليها؛ نتيجة سيادة الديني والعقائدي علي شخصية ونتاج الاستاذ محمود؛ وقد قرأت لك ابتعاد الشاعر محمد المهدي المجذوب عن الجمهوريين؛ عندما تحولوا الي جماعة عقيدية ؛ واعلن ان بعض مؤسسي الحزب؛ قد انصرف عنه؛ بعد ان تحول الي خطاب ديني في اول الخمسينات؛ فهل يمكن توثيق واعادة قراءة موقف اولئك ؛ والتساؤل ماذا كان يمكن ان يكون؛ لو انتصر نهجهم ؟؟
انني اعتقد ان الحزب الجمهوري في الاربعينات؛ علي صغر حجمه ؛ قد كان واحدا من انضج الاحزاب القائمة ؛ واكثرها حركية ؛ ولكني اعتقد ان تحول الحزب الي جماعة دينية ؛ تبنت طريق محمود تماما؛ وهو طريق فردي؛ قد اضر بالحزب ؛ كما اضر بقكرة الاستاذ محمود؛ في اعلاء شأن الفردية ؛ وهو منهج لا يقوم علي اكتاف تنظيم ؛ وخصوصا تنظيم ديني
ساعود ان اتسع وقت .......
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Abdel Aati)
|
الإخوة الكرا م .. لكم جميعا التحية
قد يتبادر إلى الآذهان أن محمد علي كان علميا هنا .. و أن الأستاذ كان عقائديا .. هذا إذا إفترضنا جدلا أن الرجلين لم يرد بينهما نقاش غير الذي نقل هنا .. و إذا إفترضنا أن الأستاذ محمود لم يكتب كتبا مثل (الدين و التنمية الإجتماعية) و (الماركسية في الميزان) و (الإسلام و الفنون) و (أسس دستور السودان) و التحدي الذي يواجه العرب) و (مشكلة الشرق الأوسط) و غيرها الكثير التي وضح فيها مفاهيمه العلمية التي تزاوج بين الروح و المادة بشكل علمي متناسق
أنا أعتقد أن هذا البوست متصل بالبوست الآخر المتعلق بموضوع الأدب و الدين .. و لهذا ربما يستحب أن يبقى النقاش هناك .. في حين نذكر فقط للتذكير أن سقراط ( معلم أفلاطون الذي هو بدوره كان معلم أرسطو) كان يعتقد بأن الآلهة أرسلته في مهمة للأرض .. و أن عليه تمامها.. لهذا سخر نفسه للحوم حول المدينة يحاور الناس في القضايا الفلسفية و أهله في بيته لا يجدون لقمة العيش لأنه عائلهم الوحيد .. فهل كان سقراط مخطئا عندما جعل أساس مهمته عقائديا؟ .. و إذا كان كذلك فمن أين لتاريخنا اليوم بمثل أفلاطون أو أرسطو؟ .. بل و من أين لنا بوقفة كالتي وقفها سقراط حين محاكمته بالموت متجرعا السم؟ .. ما أريد أن أقوله هنا أن العقيدة في حد ذاتها ليست أمرا مستنكرا .. و لكن الحياد بها عن الطرح العلمي هو المشكلة .. و هذه لم يرتكبها الأستاذ محمود أبدا
و سلامي للجميع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Abdel Aati)
|
الاخ عادل عبد العاطي صدقت الحزب الجمهوري السياسي كان يمكن ان يكون منارة الحركة الوطنية. مجرد طرحه الجمهورية الرئاسية والادراة الفدرالية حيث دعي الي تقسيم السودان الي خمس ولايات،يكفي دليلا عي ذلك. كان يمكن ان يستوعب كل القوي الحديثة وقوي الوسط وما تدعواليه انت من ليبرالية. ولكن تحول مسار الجزب لي دعوة دينية عقائديةادي الي وأد هذا الحلم كما وئدت احلام اخري غيره كثيرة!
وبهذه المناسبة اقول كما كنت اقول دائما ان اغتيال الاستاذ واستشهاده كان يمكن ان يكون بداية انتصار وانتشار لافكاره وللجمهوريين لولا النزعة العقائدية المتجذرة.فالامر كله بالنسبة للاستاذ امر دين ولا شي غير الدين.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
الأستاذ عجب الفيا
و أنا أيضا سعيد بمشاركتي لك الحوار
"قرأن الفجر" عمل به الأستاذ قبل أن يخرج بالفكرة الجمهورية .. و قبل أن يدخل في خلوته الشهيرة .. هذا بشهادة من عرفوه قبل تلك المرحلة .. و هم (أصحاب حزبه في الأربعينات) ما التفوا حوله إلا عندما رأوا حصيلة (قرآن الفجر) فيه .. كما نرى ذلك واضحا في شعر المجذوب الذي أوردته أنت قبل فترة .. إذ أنه بايع الأستاذ مبايعة أشبه بمبايعة مشايخ الطرق كما توحي كلماته .. هو فقط تنبيه أحببت أن أنبه له .. و الأستاذ قد أورد في إحدى مقابلاته أنه منذ شبابه كان على ما هو عليه في ذلك الوقت من مناشدة حياة الفكر و حياة الشعور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
سلام عجب الفيا وقصي والجميع ..
في علاقة السياسي والديني؛ العقلاني والغيبي؛ اعيد هنا نشر فقرة من مقال - طول الوقت قيد الاعداد - عن الحركة الجمهورية يتناول هذه العلاقة بابتسار ...
----------
من الحزب الى الجماعة
جدل الدينى والسياسى فى تطور الحركة :
بعد قيام انقلاب مايو فى العام 1969 ؛ وحله لجميع الاحزاب السياسية ؛ تعطل الحزب الجمهورى ؛ وابتعد قائده واعضاؤه عن ساحة النشاط العام ؛ رغم ترحيبهم بمايو واعتبارها انقاذا للبلاد من السياسات الطائفية ؛ ليعودوا وينظموا انفسهم من جديد ؛ فى العام 1972 ؛ ليس كحزب سياسى هذه المره ؛ وانما كجماعة دينية –اجتماعية –تربوية اطلقت على نفسها وفكرها ابتداءا اسم الدعوة الاسلامية الجديدة ؛ ثم ما لبث ان تحولت عنه الى الاخوان الجمهوريين ؛ وهو الاسم الذى عرفت به من ذلك الحين ؛ والذى لا يزال قيد الاستعمال ؛ وان كان بعض اتباع الفكرة قد تخلى عنه بعد التوقف شبه الرسمى لنشاط الجماعة بعد استشهاد الاستاذ ؛ ويفضلوا ان يستعملوا بديلا عنه اسم الحركة الجمهورية ؛ للدلالة على مجمل تراث الجمهريين ؛ فى تحولاتهم التنظيمية المختلفة ؛ ويطلقوا على اغلب التراث الفكرى الذى خلفه محمود ؛ وانجزته الحركة فى تطوراتها المختلفة ؛ اسم الفكرة الجمهورية .
ان اعادة تاسيس الحركة باسم الاخوان الجمهوريين ينبع فى اعتقادنا من سببين رئيسين ؛ الاول منهما سياسى ؛ وهو عدم سماح النظام المايوى لاى شكل من اشكال النشاط السياسى المستقل خارج اطار مؤسساته الواحدية ؛ والتى كانت حينها ذات طابع علمانى واضح ؛ فى الوقت الذى تسامح فيه الى حد كبير مع قيام ونشاط الكثير من الحركات الدينية على اختلاف مشاربها ؛ بدءا من الحركات والتجمعات الصوفية الصغيرة والمتعددة ؛ مرورا بحركة انصار السنه السلفية ؛ وانتهاءا بحركة الجمهوريين التجديدية . ان نظام مايو بهذا الشكل كان يرمى الى تحييد هذه القوى او الى جلبها لمواقع التاييد له ؛ مقابل السماح لها بنشاطها" الدينى"–التعبوى . ومن الجهة الاخرى فقد كان يلعب على تناقضاتها ويستخدمها بذكاء فى مناوراته السياسية ؛ ضد بعضها البعض او ضد اطراف اخرى ؛ مع عدم قطع شعرة معاوية مع اى منها . ان اختيار الاستاذ محمود اذن لشكل الجماعة الدينية قد كان فيه قراءة واقعية لمجال العمل المتاح ؛ فى نفس الوقت الذى كان فيه تقبل النظام لاعادة تاسيس الحركة ونشاطها نابعا من قرائته لها كجماعة صغيرة محدودة التاثيرشعبيا وغير مضرة سياسيا ؛ وهى فى المحصلة مؤيدة له .
الا ان السبب الاساس يكمن فى اعتقادنا فى طبيعة التحولات الفكرية التى تراكمت فى مسيرة الاستاذ محمود ؛ والتحولات الاجتماعية التى طرات على تركيبة الحركة ؛ وفى مجمل الكيان الاجتماعى السودانى ؛ لتحول الحركة من تنظيم وطنى سياسى معاد للاستعمار الى حركة دينية وتربوية وربما صوفية فى المقام الاول ؛ كما استقرت عليه الحركة فى العقد الاخير لنشاطها .
ان النزعات الدينية فى شخصية الاستاذ قد كانت ظاهرة منذ البدء ؛ بل ان حتى حملة التضامن مع امراة رفاعة قد فجرت من داخل المساجد ؛ اضافة الى المسلكيات الدينية والصوفية للاستاذ فى فترة السجن وفى خلوته الطويلة ؛ حيث مارس الاستاذ الصيام بكثافة فى فترة السجن ؛ الامر الذى فسره بعض مؤيدوه وناشطى الحركة الوطنية كاضراب عن الطعام وشكل من اشكال مقاومة الاستعمار . الا ان دخول الاستاذ فى خلوة لمدة عامين بعد خروجه من السجن والتعطيل العملى لنشاط الحزب فى هذه الفترة ؛ والشخصية الدينية الطاغية التى خرج بها الاستاذ بعد انتهاء خلوته ؛ قد وسمت الحركة بهذا الطابع الدينى المتزايد ؛ والذى تجلى فى اول خطاب للاستاذ حول الحزب الجمهورى ومبادؤه بعد خروجه من خلوته ؛ حيث ابرز المبادى السياسية التى يقوم عليها الحزب ؛ فراى المهمة الاولى فى الجلاء ؛ واوضح موقفا مستقلا من القائلين بالتعاون مع الاستعمار البريطانى ؛ والداعين الى التعاون مع مصر ؛ و دعا الى زمالة جهاد مع المصريين ؛ لا الى زمالة وحدة او اتحاد ؛ واوضح معالم سياسة الحزب فى الدعوة للجمهورية السودانية ؛ التى تتطلب ضم كل الصفوف ؛ لانجاز الجلاء التام ؛ واقامة الجمهورية السودانية التى تتحقق فيها العدالة الاجتماعية والحرية الفردية .
الا ان هذه المبادى السياسية الواضحة ؛ قد ارتبطت بفكرة دينية منذ البدء ؛ حيث شن الاستاذ هجوما فكريا مكثفا على الانظمة الراسمالية الغربية ؛ والانظمة الشيوعية ؛ والتى ارجعها الى مصدر واحد هو المادية الغربية ؛ ودعا الى بديل جديد هو الديمقراطية الشعبية ؛ والتى راى فلسفتها الاجتماعية فى الاسلام ؛ لانه الفلسفة التى جمعت بين الروح والمادة ؛ والقادرة على تحقيق الحرية الفردية ؛ والعدالة الاجتماعية .
كما راى الاستاذ فى نفس الخطاب ان الوحدة الوطنية وجمع الصفوف لا تتم الا تحت راية الاسلام ؛ والذى راى فيه الفكرة الجامعة ؛ والمدخل للحكم الصالح ؛ والحافز للجهاد الصادق ؛هذا الجهاد الذى ينتهى باحدى الحسنيين ؛ اما شرف الشهادة ؛ او عزة النصر .
ان الاستاذ يختم خطابه بالقول " ان حركتنا الوطنية لا يمكن ان تحقق طائلا الا اذا جمعت اشتات الفرق ؛ والطوائف ؛ والاحزاب ؛ ايضا ؛ حول الفكرة الخالدة التى جاء بها الاسلام ؛ والتى اشرت اليها انفا ؛ والتى اجتمع عليها اوائلنا ؛ فحققوا العزة ؛ والحرية والعدل ؛ ولن تجد سودانيا واحدا يتخلف عن دعوة تجمع بين عز الدنيا ؛ و شرف الآخرة .." ( التلخيص والفقرة المقتبسة من :البيان الذى القاه رئيس الحزب الجمهورى فى الاجتماع العام للحزب ؛ الخرطوم ؛ 30-10-1951 ؛ المصدر : مكتبة الفكرة الجمهورية ؛ فى موقع الانترنت : http://www.alfikra.org)
ان قراءة تحليلية لهذا الخطاب؛ والذى يشكل احدى الوثائق الاولى للحركة ؛ اضافة الى السفر الاول للجمهوريين (بمثابة وثيقة التاسيس ) ؛ توضح جملة حقائق رئيسية ؛ هى :
1. ان الدعوة الجمهورية هى دعوة فكرية ؛ حملت منذ تاسيسها مبادى سياسية راقية ؛ من دعوتها الى الحرية الفردية ؛ والعدالة الاجتماعية ؛ فى ظل جمهورية سودانية فدرالية ؛ وفى موقف واضح من رفض الانزلاق لمساندة طرفى الحكم الاجنبى ؛ والذى تورطت فيه الاحزاب الطائفية والاتحادية ؛ مع موقف مصادم من الاستعمار ؛ ومطلب واضح فى الجلاء التام . 2. ان هذه الدعوة قد ارتبطت منذ البدء بموقف سلبى حاسم ؛ من المؤسسات والنظم السياسية الغربية ؛ فى صورتها الراسمالية اوالشيوعية ؛ ودعت الى فكرة اسلامية بديلة عنهما ؛ رات انها تؤدى الى تحقيق نظام الحكم الصالح القائم على تحقيق الحرية الفردية والعدالة الاحتماعية . 3. ان الدعوة الاسلامية للاستاذ فى مطلعها ؛ ورغم بعض الملامح التجديدية ؛ الا انها قد كانت تقليدية وسلفية الى حد كبير ؛ كما قامت على حشد الشعور الوطنى من مواقع الحماسة الدينية ؛ كما تجلى ذلك عمليا فى حملة الدفاع عن امراة رفاعة ؛ و نظريا فى الخطاب المشار اليه . 4. ان هذه الدعوة ؛ قد قامت على اسس تؤدى عمليا الى تديين السياسة ؛ والى استبعاد غير المسلمين من اطار الفكرة والحركة ؛ اللهم الا اذ تقبلوا الاسلام كحل وفلسفة ونظام للحكم ؛ الامر الذى طرحته الحركة فيما بعد كبديل شامل للانسانية .
اننا فى مقال آخر ( تاملات فى افق المعرفة والشهادة ؛ فى موت وحياة محمود محمد طه) ؛ قد ذهبنا الى ان قيام الحركة فى وقت تصاعد فيه النضال ضد الاستعمار ؛ وبدا فيه نمو الاحزاب والتيارات الفكرية والسياسية ؛ قد فرض عليها شكلا من النشاط السياسى والتنظيمى بدات وانطلقت منه ؛ وهو شكل الحزب السياسى ؛ ونضيف هنا ان شخصية الاستاذ الصوفية ؛ وتوجهاته الدينية ؛ قد جرت الحركة تدريجيا الى مواقع دينية تتعزز باستمرار ؛ حيث سيتضائل العامل السياسى الاول بجلاء الاستعمار ومجى الحكومات الوطنية ؛ وخصوصا تحت الانظمة العسكرية ؛ فى مقابل توجه اكثر نحو الجانب الدينى . ان ما يثير الاهتمام هنا هو هجر الحزب الجمهورى للعملية الانتخابية ووسائل الحشد و النشاط الجماهيرى العام ؛ منذ تحقيق الاستقلال ؛ وهى الاشكال التقليدية للممارسة السياسة ؛ والتركيز فى المقابل على العمل الفكرى والتربوى ؛ والمخاطبة الشخصية ؛ مع الاحتفاظ بالحد الادنى من الروابط التنظيمية ؛ والتى كفلت لحزبهم فى البدء ولجماعتهم من بعد سبل البقاء والحركة والانتشار ؛ الامر الذى ااستمر حتى استشهاد الاستاذ والحل شبه الرسمى للحركة .
اننا هنا لا نملك الا ان نعلق على التسمية التى اختارها الجمهوريون لتنظيمهم ؛ بعد خروجهم من مرحلة الحزب ؛وهى تسمية : الاخوان الجمهوريين . فالتسمية فى شكل ما تؤكد الطبيعة الدينية للتنظيم ؛ كونهاغالبا تعتمد على مرجعية الحديث النبوى الذى يستشهد به الجمهوريون كثيرا ؛ والقائل : " وا شوقاه لاخوانى الذى لم ياتوا بعد !! قالوا: او لسنا اخوانك يا رسول الله ؟ قال: بل انتم اصحابى..الخ " . اننا لا ننفى هنا ايضا امكانية التاثر و/او المعارضة فى آن بتجربة وتسمية الاخوان المسلمين القديمة والراسخة ؛ وهى الحركة ذات الاصول الدينية الاكثر ديناميكية ونشاطا فى البلدان العربية والبلدان ذات الاغلبية الاسلامية فى الاربعينات والخمسينات ( وقت تاسيس الحزب الجمهورى ) ؛ وفى السودان فى الستينات والسبعينات ( عند الانتقال الى مرحلة الاخوان الجمهوريين) . وفى الحقيقة فان مقارنة هاتان الحركتان توضح انهما قد تطورتا فى اتجاهين متناقضين ؛ فحين بدا الجمهوريون كحزب سياسى ؛ ما لبث مع الزمن ان تحول الى حركة دينية تجديدية وتربوية ؛ فان حركة الاخوان المسلمين قد قامت فى البدء كحركة اصلاحية تربوية دينية ؛ لكيما تتحول مع الايام الى حركة سياسية صرفة ؛ تمارس السياسة وتدخل اليها من اردأ ابوابها .
نقطة اخرى تستحق التعليق فى التسمية ؛ وهى طابعها الذكورى الواضح ؛ للدلالة على مجمل التنظيم ؛ فرغم ان الجمهوريين فى حديثهم عن عضواتهن من النساء قد كانوا يرمزوا اليهن بالاخوات الجمهوريات ؛ الا ان تسميتهم للتنظيم ككل قد كانت ذكورية بحته : الاخوان الجمهوريين . ان هذا الموقف يوضح حجم القيود التى تضعها آليات الفكر الدينى والنصوص المرجعية الدينية حتى على حركة تدعى لنفسها التجديد فى فهم وطرح الاسلام ؛ وعلى الطابع المحدود والمحافظ لتقدمية الحركة فى مجال موقفها من المراة ؛ والذى نتمنى ان نناقشه لاحقا فى ثنايا هذ المقال .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
*
المتداخلون هنا ، لكم التحية
عزيزي عجب الفيا عندما كتبتُ من قبل مطالباً منتقديك بالحجة والعلمية النقدية فيما كتبوا ، أوضحتُ أنني لا أعرف عنك شيئاً – ككاتب وباحث وناقد – وقد أتيح لي مُـنذها أن أطالع مساهماتك بشكل أوسع. أظنني الآن أعرف الكثير عن هذه ، فاسمح لي بأن أعرب عن شكري لما تقدمه عبر هذه المساحة الإسفيرية من اشارات تجاه المعرفة وتجويدها. وبشكل خاص ، أرى أن مساهماتك الأخيرة في زكرى استشهاد المفكر محمود محمد طه جاءت متميزة ، ثرة وعميقة المدلول ، فلك شكري على تعميق معرفتي بخلفيات هذه الحوارات.
يبدو أن هذه الكتابات تاتي من زمن تفرَّد بإعلاءه من قيمة الفكر والتصُّور والحوار. حقيقة أنًّه ، بعد بضع عقود من ذلك الزمان ، ترى احد هذين المتحاورين معلقاً على مشنقة بسبب أفكاره هي مسألة يقشعرُّ لها البدن ، إذ كم تخلفت حواراتنا منذ هذه المقالات العميقة ، الساخنة.
أما في صميم هذه الرؤى المتحاورة ، فهذه مادة عميقة وذات مستويات عديدة ، ولكن ما أثار إهتمامي هو مستوى الصراع بين المفكر والشاعر. لأوضح ما أعنيه ، هاك رأييّ: يبدو للوهلة الأولى أن محمد محمد علي اختار أن يكون مدافعاً عن العقلانية في ردوده المفصّلة على معالجة طه (الروحية والمستنيرة والتقدمية في آن واحد!) لمسائل التعليم والآلة والحياة. رغم العنوان الذي يدعو فيه لإنزال الفلسفة الى الأرض، لقد استعمل م. م. علي كلَّ عتاد وذخيرة المفكر العلماني ليدحض محاولة م. م. طه لربط الفلسفي والديني بالأرضي والمادي. ولكنه في خاتمة هذه المهمة يقول: Quote: أتظن أن مدير منظمة اليونسكو فهم عن القرآن شيئا ؟! . القرآن قصة النفس البشرية الخالدة ، والقصة نسيت فرسبت في العقل الباطن ، وغلفت بقشرة كثيفة من الخرافات والأوهام والمخاوف " وهذه القصة الطويلة مصنوعة من نفس المادة التي منها صنعت الأحلام ، ومن نفس هذه المادة صنع القرآن " أما أنا فلا أرى مانعا من الشعر ، وقد سرتني العبارة وأخذت بشاعريتها المجنحة وجوها الحالم ، فنسيت التعليم والمخاوف ومنظمة اليونسكو ، ولكني سألت نفسي هذا السؤال : لو فرضنا أن وصفك الشعري ينطبق على القرآن ألا يمكن أن ينطبق على جميع الكتب الدينية وعلى الفنون وعلى الميثولوجيا أيضا ؟ فلم أجد مانعا من الإجابة بنعم .. . |
من هذا يبدو لي أن الصراع بين الرؤيتين في رأييِّ هو صراعٌ بين رؤية الشاعر وزاوية نظرالمفكر. أنا اعتقد أن محمد محمد علي لم يستسغ (تـغـُّول) طه على الفضاء الذي هو عادةً حكرٌ على الشعراء! فضاء الرؤيا والرؤية الكلية. خصوصاً وأن محمود يردُّ قائلاً :Quote: وتسألني : " لو فرضنا أن وصفك الشعري ينطبق على القرآن ، ألا يمكن أن ينطبق على جميع الكتب الدينية ، وعلى الفنون ، وعلى الميثلوجيا ، أيضا ؟؟ " والجواب قريب ، وهو أن الكتب الدينية جميعا والفنون ، الميثلوجيا ، كل أولئك معارج من معارج الحق ، على تفاوت ، على تفاوت بينها ، في القرب والبعد ، وكل ما هناك أن القرآن مهيمن عليها جميعا وجامع لما تفرق فيها ، ومن أشتات الحقائق ، فهو أعلاها مرتبة ، وأقربها إفضاء إليه فما ينطبق عليه ينطبق عليها ، على تفاوت بينها ، في الشمول والقصور. |
إنني لأجد نفسي قريباً من ما عبًّر عنه محمد محمد علي في مقولة أن الفنون (والشعر) هي أيضاً مصنوعة من مادة الأحلام (من مادة الرؤيا والإستشراف) وأودُّ أن أحتج مثله بأنها ليست أقل مرتبة – مثلما قال محمود – من القرآن. في ذات الوقت أشعر بالتقدير لـتودُّد محمود للشعر وللفنون – رغم انه يضعها في مرتبة أقل من الرؤيا الدينية الفلسفية – إذ انّ هذا التقرُّب هو الذي يلهم رؤيته لتجديد الدين ولربطه بالحياة. إن في محمودَ ايضاً شاعرٌ يستشرفُ الرؤيا ويستلهمها ، يشهد على ذلك إجابته متسائلاً : :"Quote: أو ما علمت ان الارض قد التحقت باسباب السماء؟ |
" وهذا مدخلٌ لمستويات أخرى من هذا الحوار الممتع الثر.
لك شكري ، مرة أخرى.
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الي فردة (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: عزيزي عجب الفيا عندما كتبتُ من قبل مطالباً منتقديك بالحجة والعلمية النقدية فيما كتبوا ، أوضحتُ أنني لا أعرف عنك شيئاً – ككاتب وباحث وناقد – وقد أتيح لي مُـنذها أن أطالع مساهماتك بشكل أوسع. أظنني الآن أعرف الكثير عن هذه ، فاسمح لي بأن أعرب عن شكري لما تقدمه عبر هذه المساحة الإسفيرية من اشارات تجاه المعرفة وتجويدها. وبشكل خاص ، أرى أن مساهماتك الأخيرة في زكرى استشهاد المفكر محمود محمد طه جاءت متميزة ، ثرة وعميقة المدلول ، فلك شكري على تعميق معرفتي بخلفيات هذه الحوارات.
|
الاخ حافظ خير - فردة شكرا لك علي هذه الكلمات الطيبات الصادقات اذكر جيدا ذلك الموقف فقد كانت كلماتك السديدة هي الفيصل في حسم ذلك الافتراء. لقد لاحظت منذ مساهماتك الاولي انك انسان متميز واضافة نوعية لهذا المنبر.
ولقد جاءت مساهمتك هنا كسائر اخواتها، منتهي الشفافية والقدرة علي التقاط شوارد الكلام،والنفاذ الي جوهر القضية:
Quote: إنني لأجد نفسي قريباً من ما عبًّر عنه محمد محمد علي في مقولة أن الفنون (والشعر) هي أيضاً مصنوعة من مادة الأحلام (من مادة الرؤيا والإستشراف) |
وماذا يكون الشعر والميثلوجيا اذا لم تكن صنعت من مادة الاحلام؟!
Quote: في ذات الوقت أشعر بالتقدير لـتودُّد محمود للشعر وللفنون – رغم انه يضعها في مرتبة أقل من الرؤيا الدينية الفلسفية – إذ انّ هذا التقرُّب هو الذي يلهم رؤيته لتجديد الدين ولربطه بالحياة |
ارجوان تبقي معنا لتتحفنا بالمزيد من قراءتك المتميزة لهذا الحوار المتميز
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وللرجال عليهن درجة - الي عادل عبد العاطي! (Re: Agab Alfaya)
|
عزيزي الأخ الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا
تحية وسلاما
قولك:
Quote: هنالك اشكالية تعترض فكرة تطوريع التشريع عند الجمهوريون علي مستوي النص القراني فيما يتعلق بحقوق المراة، فاية الاصول عند الجمهوريون هي :"وللرجال عليهن درجة" اي انه سيظل الرجال، حتي في مستوي آيات الاصول درجة علي النساء ورغم من اجتهادات الاخوان الجمهوريون حول ايجاد مخرج الا ان السؤال ما زال قائماحول ماهية ،هذه الدرجة ولماذا؟ |
ليست هناك أي إشكالية في مستوى القانون.. ليست هناك درجة بين الرجل والمرأة في مستوى القانون.. والفكرة الجمهورية وضحت مسألة الدرجة بما فيه الكفاية.. وسأورد لك النص هنا من كتاب تطوير شريعة الأحوال الشخصية:
Quote: (( وللرجال عليهن درجة)) لا تعني، بالطبع، أن لمطلق رجل درجة على مطلق امرأة.. هذا يؤكده الواقع المعاش، والسير الموروثة.. وبهذا الفهم ينفتح طريق مساواة الرجال والنساء، في الحقوق، والواجبات، في تشريعنا الإسلامي الجديد.. ولا تقع درجات التفاوت ولا التفاضل إلا في منطقة الأخلاق.. لا في منطقة القانون.. |
وقد جاء في موضع آخر أن الدرجة في منطقة الأخلاق تعني، فيما تعني، أن على قمة هرم الكمال الإنساني رجل تليه امرأة هي زوجته، وهي بذلك فوق ما عداه من الرجال.. وفي مناطق الأخلاق والتحقيق ليست هناك مساواة بين الناس، وإنما "فوق كل ذي علم عليم".. والفكرة الجمهورية قالت أن الكمال هو الوحدة من رجل وامرأة..
أما مسألة الحدود فأقترح عليك أن تفتح بها بوستا منفصلا حتى لا تضيع في الزحمة، وكنت قد تناولتها في عديد البوستات في هذا البورد، آخرها قبل بضعة أيام..
ولك شكري والسلام
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المراة بين الاخلاق والقانون! (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: ولا تقع درجات التفاوت ولا التفاضل إلا في منطقة الأخلاق.. لا في منطقة القانون.. |
الاخ العزيز دكتور ياسر
هذه العبارة مربكة جدا.وهي تعني بصريح العبارة ان هنالك تفضيل للرجال علي النساء في منطقة الاخلاق! ولكن ما المقصود بمنطقة الاخلاق؟ واذا كان المقصود المعني المتواتر،فان الاشكالية ستكون اكبر لانه خير للمراة ان تساوي الرجل في منطقة الاخلاق ولا تساويه في القانون! ثم اليست الاخلاق هي قماش القانون؟؟!
اعتقد عدم اسعاف النص القراني هنا لفكرة المساواة بين الرجل والمراة ،يرجع الي اطروحة الاصول والفروع ؛المكي والمدني والتي اظن انها ليست بهذا التمييز الدقيق، ماذا لو نظرنا الي تطوير التشريع انطلاقا من نظرية حكم الوقت/التاريخانية،من غير تمييز بين مكي ومدني؟!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
الأستاذ عجب الفيا .. تحياتي
سؤالك : ماذا لو نظرنا الي تطوير التشريع انطلاقا من نظرية حكم الوقت/التاريخانية،من غير تمييز بين مكي ومدني؟!
أنا لا أعتقد أنه سؤال .. و إنما تقرير لنقطة في شكل سؤال .. و المهم هو الرد على هذه النقطة
هل من الممكن النظر إلى تطوير التشريع إنطلاقا من نظرية حكم الوقتّ التاريخانية من غير تمييز بين مكي و مدني ؟ .. بالطيع يمكن .. و هذا الأمر هو واقع محقق منذ فترة طويلة دون أن تعيه المجتمعات أساسا.. و لكن صيغة السؤال يمكن أن تكون أفضل أو أوضح إذا قلنا (هل يمكن أن أن نطور التشريع الإسلامي إعتمادا على نظرية حكم الوقت دون التمييز بين مكي و مدني ؟) .. الجواب هنا سيكون (لا) .. و ليس هناك مخرج للمسلم الملتزم بتعاليم دينه غير مخرج التمييز بين المكي و المدني الذي قال به الأستاذ محمود .. ففي القرآن نصوص .. و النص القرآني نص مقدس عند المسلم .. لا يجوز الخروج عليه هكذا دون الإرتكاز على نص يماثله في القدسية .. لهذا فإن (الإجتهاد فيما فيه نص غير جائز) هو قول صحيح من الناحية الدينية .. فهل يمكن مثلا أن نطور شكل الصلوات الخمس إعتمادا على نظرية حكم الوقت؟ .. طبعا لا يستقيم ذلك .. لأن في الدين مسلمات يسعفك فيها الإيمان و غير خاضعة للتناول العقلي في مستوياتها البدائية .. و هذه ناحية عقائدية بلا شك .. و قد اوردنا عدة أمثلة فيما قبل في نقاشاتنا مع الاستاذ عادل عبد العاطي تبرهن كيف أن العقيدة هي مرحلة ضرورية لتحصيل العلم حتى في مجالات العلوم التجريبية . . و من الأمثلة التي كررناها كان مثال الجدول الدوري للعناصر الكيميائية .. و سأورده لك هنا إذا أخبرتني أنك لم تقرأه
و لهذا السبب .. فإن دعوة الأستاذ محمود دعوة دينية .. و هي مرتكزة على مسلمات الدين الإسلامي .. لهذا كان إستنباط قضية القرآن المكي و المدني ليكون حل المشكلة دينيا و من المصحف المقدس .. أما إذا أردنا أن نرتكز فقط على نظرية حكم الوقت .. فنحن لا نحتاج إلى مصحف لنفعل ذلك .. و هو أمر قائم و ساير و حادث منذ بدايات المجتمعات البشرية ..حتى المجتمعات الدينية نفسها بشكل يخالف أحيانا حيثيات الشريعة الدينية لدى ذلك المجتمع دون أن يدري الناس .. لهذا فلو كان الاستاذ قد أتى بنظرية حكم الوقت فقط فهو إذا لم يضف أي جديد للمسألة أساسا
إن الحديث عما هو كائن أصلا و ما ينبغي أن يكون يحتاج إلى المزيد من الدقة .. و لا أدعي أني أوفيته حقه هنا .. و لكني ساعود للرد على نقطة أخرى .. هي موضوع المفاضلة الأخلاقية بين الرجل و المرأة
و لك التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وللرجال عليهن درجة :مدنية وليست مكية يا قصي؟ (Re: Yaho_Zato)
|
نواصل الاخ قصي في حديثنا عن درجة تفضيل الرجال علي النساء،لم نقصد الحديث عن موقف الاستاذ من تكريم المراة،فهذه النقطة ليست محل خلاف ولكن الموضوع المطروح للنقاش هو اشكالية:التاسيس لمفهوم المساواة بين المراة ورجل ،من خلال تطوير التشريع القائم علي تقسيم القرآن الي اصول وفروع/مكي ومدني.
يقول الاستاذ ،ان آية "الرجال قوامون علي الرجال" ليست هي الاصل في الدين،وان اصل الدين هو المساواة بين الرجال والنساء،حيث لا قوامة ولا وصاية.ويكون ذلك بالانتقال من نص القوامة -آية الفروع الي آية الاصول،الي المستوي المكي حيث المساواة. والسؤال ما هو نص المستوي المكي للمساواة؟ يقول الاستاذ في كتابه تطوير شريعة الاحوال الشخصية ص 48: "..في القرآن آية عتيدة،هي اس الرجاء،لمستقبل المرآة:"ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف،وللرجاء عليهن درجة والله عزيز حكيم" انتهي.
واول ملاحظة يجب تسجيلها،ان هذا هو الجزء الاخير من الآية رقم -228 من سورة البقرة .وسورة البقرة سورة مدنية وليست مكية! وحتي بافتراض ان هذه الآية مكية، فاول سؤال يتبادر الي الذهن،لماذا للرجال عليهن درجة ،طالما ان الحديث عن المساواة،كيف يستقيم ان تكون المراة مساوية للرجل ويكون في نفس الوقت،مفضل عليها بدرجة؟! هنا تواجه ،نظرية الاصول والفروع مازقا.ولكن يتم تجاوز هذا المازق بالانتقال فجاءة من الحديث من مستوي القانون الي الحديث عن الاخلاق! يقول الاستاذ :"واما قوله :"وللرجال عليهن درجة،فهو لا يعني،في هذا المستوي،درجةالتفضيل في المساواة،امام القانون،وان وقع التفضيل في الدرجة في منطقة الاخلاق.." - تطوير الاحوال ص 48 ولكن المسالة تعقدت اكثر،ووضع المراة اصبح اكثر ماساة،فطلما الرجل اصبح مفضلا عليها في الاخلاق،فمن باب اولي ان يكون مفضلا عليها في القانون،فالقانون هو الطرف المتنزل من الاخلاق الي مستوي التشريع!
الشاهد ،ان آية "الرجال قوامون علي النساء"وآية :وللرجال عليهن درجة" هن في الحقيقة في مستوي تشريعي واحد،هوالمستوي المدني، مستوي الفروع حسب تعير الاستاذ.بدليل ان الآيتين مدنيتين.ودليل اخر اكبر انه ورد قوله :للرجال علييهن درجة" في سياق حديث الاية عن الطلاق كما يظهر ذلك من كامل النص الذي يجري: "والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن ان كن يؤمن بالله واليوم الاخر وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم" - البقرة 228 حسب سياق الاية الدرجة ،هي درجة في القانون،والسبب هو نفسه،المذكور في اية القوامة:بمافضل الله بعضهم علي بعض وبما انفقوا من اموالهم"
من هنا كان مصدر سؤالنا :ماذا لو نظرنا الي تطوير التشريع دون التقيد بالتمييز بين المكي المدني/الاصول والفروع؟! من خلال تطبيق قاعدة :"الاحكام تدوير مع عللها وجودا وعدما،فاذا انتفت العلة انتفي الحكم"التي طبقها عمر في سهم المؤلفة قلوبهم يمكن ،التاسيس للمساواة بين الرجال والنساء،وذلك باستنباط علة او سبب التفضيل في الشريعة،وهو بما انفقوا من اموالهم!
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Yaho_Zato)
|
العيد مبارك عليك يا قصي
Quote: سؤالك : ماذا لو نظرنا الي تطوير التشريع انطلاقا من نظرية حكم الوقت/التاريخانية،من غير تمييز بين مكي ومدني؟!
أنا لا أعتقد أنه سؤال .. و إنما تقرير لنقطة في شكل سؤال .. و المهم هو الرد على هذه النقطة
هل من الممكن النظر إلى تطوير التشريع إنطلاقا من نظرية حكم الوقتّ التاريخانية من غير تمييز بين مكي و مدني ؟ .. بالطيع يمكن .. و هذا الأمر هو واقع محقق منذ فترة طويلة دون أن تعيه المجتمعات أساسا.. و لكن صيغة السؤال يمكن أن تكون أفضل أو أوضح إذا قلنا (هل يمكن أن أن نطور التشريع الإسلامي إعتمادا على نظرية حكم الوقت دون التمييز بين مكي و مدني ؟) .. الجواب هنا سيكون (لا) .. |
ما هذا يا قصي؟ هل تريد ان ينطبق عليك المثل: فسر الماء، بالماء بعد جهد؟! يا اخي هون عليك ،النظر هنا هو اعمال الفكر والدراسة والتامل! فصيغة سؤالك لم تزد شيئا الي سؤالي،سوي ان صيغتك اكثر تفاؤلا باستعمالها للفعل :"نطور"! ومع ذلك لم تخرج فكرة تطوير التشريع في الفكر الجمهوري،الي طور التطبيق العملي، بل ما زالت قيد النظرية/النظر!
Quote: و ليس هناك مخرج للمسلم الملتزم بتعاليم دينه غير مخرج التمييز بين المكي و المدني الذي قال به الأستاذ محمود .. ففي القرآن نصوص .. و النص القرآني نص مقدس عند المسلم .. لا يجوز الخروج عليه هكذا دون الإرتكاز على نص يماثله في القدسية .. لهذا فإن (الإجتهاد فيما فيه نص غير جائز) هو قول صحيح من الناحية الدينية .. فهل يمكن مثلا أن نطور شكل الصلوات الخمس إعتمادا على نظرية حكم الوقت؟ |
نحن يا قصي بنتكلم ،عن تطوير التشريع الذي طرحه الاستاذ محمود ومعلوم لكل جمهوري ان المقصود تطوير شريعة المعاملات وليس العبادات وبالتالي لم يكن من المناسب حشر تطوير شكل الصلاة هنا!
ان التمييز بين المكي والمدني قائم اصلا علي ثيمة حكم الوقت ويمكن تطبيق هذه الثيمة دون ضرورة التفريق بين المكي والمدني. هنالك قاعدة فقهية،تعتبر من قبيل استراق السمع كما يقول الجمهوريون وهي:"الاحكام الشرعية تدور مع عللها وجودا وعدما،فاذا انتفت العلة انتفي الحكم"ولكن ظلت هذه القاعدة حبيست كتب الفقه ولم تنزل الي التطبيق العملي.وكان يمكن ان تشكل هذه القاعدة الذهبية مخرجا طيبا لتطوير التشريع الاسلامي.
اما قولك ان : "ان الاجتهاد فيما فيه النص غير جاهز، هو قول صحيح من الناحية الدينية" تسمح لي ان اسالك سؤال؟وهو الي اي نص استند الخليفة عمر بن الخطاب عندما اوقف العمل بسهم المؤلفة قلوبهم؟ طبعا لم يستند الي اي نص مكي وا مدني ،وانما استنبط بالدليل العقلي العلة والحكمة الاليهة من ذلكم التشريع وراي ان العلة لم تعد قائمة! فمنع الزكاة من ان تذهب الي المؤلفة قلوبهم،وبذلك تجاوز نص او قل اجتهد مع وجود النص بغير نص.وقس علي ذلك.
Quote: و قد اوردنا عدة أمثلة فيما قبل في نقاشاتنا مع الاستاذ عادل عبد العاطي تبرهن كيف أن العقيدة هي مرحلة ضرورية لتحصيل العلم حتى في مجالات العلوم التجريبية . . و من الأمثلة التي كررناها كان مثال الجدول الدوري للعناصر الكيميائية .. و سأورده لك هنا إذا أخبرتني أنك لم تقرأه |
اسمح لي يا قصي ان اقول لك هذا خلط واضح للكيمان! العلم المادي التجريبي ،يبدأ بالتجربة لذلك سمي تجريبي،ودي التسمية التي يستعملها الاستاذ،لوصف هذا العلم،تمييزا له عن العلم الذوقي - التوحيد/الدين. اما الدين فيبدأ،بالاعتقاد ،وقد ينتهي او لا ينتهي في الغالب الي اي تجربة!وان كات هنالك تجربة فهي تجربة حدسية/ذوقية. فالذي وضع الجدول الدوري في الكيمياء،وضعه بالتجربة ،ثم تحولت هذه التجربة الي مسلمة من مسلمات العلم بالنسبة للدارسين.
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Agab Alfaya)
|
ألاخ منعم.. الأخوة/ات تحايااااااي اؤمن انا بنسبية انشتاين.. وأرى ان كل من محمد محمد علي والاستاذ صاح بمقياسه هو.. يزيدنا حديث كل منهم في فهمنا نحن لوجهات نظرنا التي نؤمن بها .. ارى الفرق واضحاً بين صوفية وروحانية الاستاذ وعقلانية محمد محمد علي.. ولكن ربما أنه فسد العقل منّا .. انا الحديث عن ما وراء الطبيعة دا بشوفه صعب عديييييييييل .. فأنا لم استوعب قط حديث الاستاذ عن غاية التعليم والحق الذي لا مراء فيه..
Quote: فغاية التعليم عندي أن يحرر الإنسان من الخوف .. وتحريره إنما يكون بتصحيح تلك الصور الخاطئة ، الشائهة ، التي قامت في خلده عن الحياة ، وعن قانونها |
Quote: وتسألني ما الحق الذي لا مراء فيه ؟؟ وأجيب : أنه الإرادة المتوحدة ، التي انفردت بالهيمنة على الظواهر الطبيعية ، في الأرض ، كما في السماء ، وهدت الحياة سبيلها ، في النور كما في الظلمات ، ثم استعصمت بخفاء لا يعين على استجلائه غير قرآن الفجر .. |
السؤال : هل التعليم هو الوسيلة الوحيدة للبلوغ التحرر من الخوف؟؟ زيدوني علماًان كنتم تعلمون.. منى عبد الحفيظ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Yaho_Zato)
|
نواصل .. و نعود لك يا أستاذ منعم
سأبدأ بالحديث عن تطوير التشريع .. إذ يبدو أني لم أوضح نفسي فيه بشكل كافي
في البداية .. قولك (نحن يا قصي بنتكلم ،عن تطوير التشريع الذي طرحه الاستاذ محمود ومعلوم لكل جمهوري ان المقصود تطوير شريعة المعاملات وليس العبادات وبالتالي لم يكن من المناسب حشر تطوير شكل الصلاة هنا!) فهو قول عجيب بعض الشيء .. فالمعلوم عند الجمهوري أن التطوير عند الأستاذ هو تطوير شريعة المعاملات .. فهل هذا حوار مغلق بين الجمهوريين فقط؟ .. و إذا كان حوارا بين الجمهوريين فقط فأين الحوار إذا؟ .. و لماذا لا نعلق لافتة خارج هذا البوست نقول فيها (الدخول للجمهوريين فقط) ؟... أنا شخصيا سأنسحب من هذا النقاش إذا كان نقاشا بين الجمهوريين .. فأنا أحسبك تعلم أني لا أسمي نفسي جمهوريا .. و المهم في القضية على أي حال أننا ما دمنا نناقش افكار الأستاذ محمود فعلينا إذا أن نعي نقاط و ضوابط فكره التي حددها هو .. فإذا إنتقدت أنت تلك الضوابط (في قولك لماذا الحاجة لموضوع المكي و المدني) فيصح لي في تلك الحالة أن أتحدث معك بلا ضوابط أيضا .. حتى أستطيع أن اوضح لك السبب في وجود تلك الضوابط !!
أما قولك
Quote: ما هذا يا قصي؟ هل تريد ان ينطبق عليك المثل: فسر الماء، بالماء بعد جهد؟! يا اخي هون عليك ،النظر هنا هو اعمال الفكر والدراسة والتامل! فصيغة سؤالك لم تزد شيئا الي سؤالي،سوي ان صيغتك اكثر تفاؤلا باستعمالها للفعل :"نطور"! ومع ذلك لم تخرج فكرة تطوير التشريع في الفكر الجمهوري،الي طور التطبيق العملي، بل ما زالت قيد النظرية/النظر!
|
لا أظن أن كلامي ينطبق عليه المثل (فسر الماء بعد الجهد بالماء) فانت تحدثت عن نظرية عامة في تطوير التشريع .. أو هكذا فهمت من سؤالك .. و لهذا أعدت صياغة السؤال لكي يكون مفهوما أكثر و أستطيع الرد عليه من وجهة نظر فهمي للفكرة الجمهورية.. لأن الحديث عن تطوير التشريع بشكل عام يشمل كافة أنواع التشاريع و لا يقتصر على التشريع الإسلامي .. و لكن إذا كان حديثك عن التشريع الإسلامي فقد كان الأحرى بك أن توضح كلامك أكثر .. لا أن تتهمني أنا بتفسير الماء بالماء .. فانا مثلا عندما أحس أن القارئ قد فهم كلامي بشكل خاطئ أعزي ذلك لعدم صياغتي الصحيحة لكلامي .. و لكني لا أذهب مباشرة إلى إتجاه أن محاوري يحاول تفسير الماء بالماء
أما حديثك عن القضية التاريخية في إجتهادات عمر بن الخطاب .. ففهمي أنا للشريعة (شريعة الرسالة الأولى) يقول لي أن ما فعله عمر كان من خصائص الشريعة نفسها .. و هو لم يتجاوزها بذلك المعنى .. و ربما أعود لاحقا للحديث في هذه النقطة بإسهاب أكثر إذ أنني أعتقد أنني لا أملك المعلومات الوافية حاليا للخوض أكثر في هذه القضية
أما قولك عن المقولة الفقهية (الاحكام الشرعية تدور مع عللها وجودا وعدما،فاذا انتفت العلةانتفي الحكم) فهي مقولة إكتسبت شرعيتها من الحكم الديني أساسا قبل التنظير العقلي (من الناحية الدينية) .. لأن حقيقة الأمر تقول أن هذه المقولة لو لم تكن تملك الدعم من التشريع الإسلامي نفسه .. و من القرآن .. لما كان لها مكان في التشريع الإسلامي .. و لكنها مدعومة أساسا في القرآن و في التشريع .. و من هنا كان الدوران حول فلكها بفكر دقيق هو من واجبات التشريع الإسلامي أساسا .. و نسيان الفقهاء لها إنما يدل فقط على غياب ذلك الفكر الدقيق .. و إستخدام الأستاذ محمود لها يدل على وجود ذلك الفكر.. و من نتائج ذلك الفكر ظهرت قضية التمييز بين الشرع المكي و الشرع المدني
أما قولك عن موضوع الأيات المدنية و المكية .. و الإختلاط الحاصل في بعض الحالات بينها .. فلو أن الأستاذ محمود لم يشر إليه قبل اليوم لكان إحتجاجك صحيحا .. و لكنه أشار إليه في كتبه .. و قد سبقك بالحديث عنه عندما قال أن موضوع التمييز بين المكي و المدني ليس تمييزا تاريخيا لأماكن النزول بذلك التحدبد القاطع .. و المثل القريب نجده في أن سورتي البقرة و آل عمران تبدآن بالحروف (ألم) رغم أن الأستاذ قد قال أن مثل هذه الحروف هي من خصائص السور المكية .. و كذلك السجدات .. و لكنه أيضا أشار إلى تلك الإستثناءات التي تعكس تداخل التشريع .. لا تناقض فكر الأستاذ .. فإن كانت تشير إلى تناقضه لما أشار إليها هو و حللها في كتبه قبل أن تفعل أنت .. و أحسبك قرأت كلامه في هذا الموضوع .. فلماذا تكتب و كأنك لم تقرأ كلامه ذاك؟ .. أنا أعتقد أنه ما زال بإمكانك الحوار حول هذه النقطة .. و لكن لا بد من إيراد المعلومات كاملة .. خصوصا و أن كلامك يبدو منه أنك تشير إلى حوار (بين الجمهوريين) و هم يعرفون هذه النقطة تماما في فكر أستاذهم و لا يفوتهم أنك تعرفها أيضا
هذا و سنعود لمواصلة الحوار حول موضوع القانون و الأخلاق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الي مني عبد الحفيظ (Re: Agab Alfaya)
|
Quote: اؤمن انا بنسبية انشتاين.. وأرى ان كل من محمد محمد علي والاستاذ صاح بمقياسه هو.. يزيدنا حديث كل منهم في فهمنا نحن لوجهات نظرنا التي نؤمن بها .. ارى الفرق واضحاً بين صوفية وروحانية الاستاذ وعقلانية محمد محمد علي..
|
يا الف اهلا وسهلا بالاخت مني عبد الحفيظ ناسف للتاخير في الرد عليكم بسبب المشاغيل
انا مثلك يا مني اؤمن بالنسبية،نسبية المعرفة، والصح والغلط و قد عرف الناس هذه النسبية منذ بروز العقل،وقبل انشتاين. ولكن النسبية،لا تعني غياب القيم والمعايير الموضوعية، وفقدان الارضية المشتركة بحيث يصبح المعيارالوحيد هو المعيار الذاتي ويعيش كل انسان في جزيرة معزولة عن الاخر والا ما كانت هذه الحضارة التي نجني ثمارهاالان والتي هي الوليد الشرعي للعلم المادي التجريبي النسبي .
القول بان كل انسان صح بمقياسه هو،قول شديد الخطورة ويؤدي بنا الي العدم والعبثية.وهذه المقولة هي من بنات ما عرف بما بعد الحداثة التي لا تؤمن باي نقطة مشتركة يمكن الانطلاق منها ولا حتي العقل وهي في اعتقادي (قرفة) لها ظروفها نتيجة لسطوة العلم المادي التجريبي ومحاولة للتمرد علي العقل،ينبغي الا نعول عليها كثيرا والدليل ان هذه الفرقة بدات في الانحسار.
اسئلتك عن التحرر من الخوف موضوعية جدا،وانا اتفق مع محمد محمد علي الي حد كبير في رده علي الاستاذ في هذه النقطة:
Quote: فيصبح الخوف شيئا غير الخوف الذي يعرفه ويصبح التعليم ضربا من الخواطر الصوفية الممعنة في الخفاء . وأحب أن أسأل ما الذي يخيفنا اليوم ؟ أما جوابي أنا فهو أننا نخاف العوز ونخاف المرض ونخاف العدوان على أنفسنا وعلى أرزاقنا . فإذا زالت أسباب الخوف بالرخاء والعدل والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات ، أمنا ورضينا بقسطنا من الحياة الحاضرة ، وزاد تشوقنا إلى حياة أقرب إلى الكمال ، وتطلع المؤمنون إلى رضوان الله وكرامته في حياتهم الأخـرى . والتعليم الصالح والتربية القويمة يجب أن يكون هدفهما القضاء على أسباب الخوف واعداد النفوس لبناء حياة تليق بكرامة الإنسان أما الخوف نفسه فلا يمكن أن تتحرر منه ما دامت أسبابه قائمة . ولكن الخوف الذي تتحدث عنه في خطابك شئ موروث ، كامن في أعماق النفس راسب في العقل الباطن ، محجب بستار كثيف لا ينفذ منه العقل الواعي … وهذا الضرب من الخوف لا يعنينا في مشكلة التعليم . وهو إذا كان معتدلا أمر لابد منه لحفظ ذواتنا من الكوارث ، وليس من الخير أن نستأصله استئصالا . فالخوف من الميكروب والخوف من الحريق … الخ أمر مهم وسلاح لابد لنا من حمله .
|
الاخ قصي ساعود لمواصل ما انقطع من حوار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تكرموا بانزال الفلسفة من السماء الي الارض! (Re: Yasir Elsharif)
|
عندي تعليق على كلام الأستاذ محمد محمد علي عن الخوف و فهمه لمعناه عند الأستاذ محمود .. و ساحاول العودة إليه عما قريب .. فمن الواضح أن محمد علي لا يدرك أن الأستاذ محمود قد تحدث عن الخوف في جميع مستوياته .. و وضع نظرته و فهمه للحلول لتلك المخاوف في جميع مستوياتها أيضا
ساحاول العودة لهذه النقطة فيما بعد
| |
|
|
|
|
|
|
|