يا مرياكلمات: صلاح أحمد إبراهيم
يا مريّا
ليتَ لي إزْميلُ (فدياسَ) وروحاً عبقريَّة
وأمامي تلُّ مرمَر
لَنحتُّ الفتنةَ الهوجاءَ في نفسِ مقاييسكِ
تمثالاً مُكبّر
وجعلتُ الشَّعرَ كالشَّلالِ
بعضٌ يلزَم الكتفَ وبعضٌ يتبعثَر
وعلى الأهدابِ ليلٌ لا يُفسّر
وعلى الخدينِ نورٌ يتكسّر
وعلى الأسنانِ سُكر
وفمٌ كالأسدِ الجوعانِ زمجَر
يُرسِل الهمسَ بهِ لحناً مُعطَّر
وينادي شفةً عطشى وأخرى تتحسّر
وعلى الصَّدرِ نوافيرُ جحيمٍ تتفجَّر
وحزامٌ في مضيقٍ، كلَّما قلتُ قصيرٌ
هو، كان الخصرُ أصغر
يا مريّا
ليتَ لي إزميلُ (فدياسَ) وروحاً عبقريَّة
كنتُ أبدعتُكِ يا ربَّة حُسني بيديَّا
يا مريّا
ليتني في قمَّةِ (الأولمبِ) جالس
وحواليَّ العرائس
وأنا في ذُروة الإلهامِ بين المُلهماتْ
أحتسي خمرةَ (باخُوسَ) النقيَّة
فإذا ما سرتِ النّشْوةُ فيَّ
أتداعى، وأُنادي: يا بنات
نقِّروا القيثارَ في رفقٍ وهاتوا الأُغنياتْ
لمريّا
يا مريّا
ما لعشرينينِ باتَت في سعيرٍ تتقلَّب
ترتدي ثوبَ عزوفٍ وهي في الخفيةِ تَرغَب
وبصدرينا (بروميثيوس) في الصخرةِ مشدودٌ يُعذَّب
فبجسمٍ ألفَ نارٍ وبجسمٍ ألفَ عقرَب
أنتِ يا هيلينُ
يا من عَبَرت تلقاءها بحرُ عُروقي ألفَ مَركبْ
يا عُيوناً كالينابيعِ صفاءً ونداوة
وشفاهاً كالعناقيدِ إمتلاءً وحلاوة
وخُدوداً مثل أحلامي ضِياءً وجمالاً
وقواماً يتثنّى كبرياءً وإخْتيِالاً
ودَماً ضجَّتْ به كلُّ الشرايينِ إشتهاءً يا صبيَّة
تَصْطلي منهُ صباحاً ومساءً غجريَّة
يا مريّا
أنا من إفريقيا صحرائَها الكبرى وخطِّ الإستواء
شحنَتْني بالحراراتِ الشُّموسْ
وشوتني كالقرابينِ على نارِ المَجُوس
لَفحتني فأنا منها كعودِ الأبنوس
و أنا منْجمُ كبْريتٍ سريعُ الإِشتعالْ
يتلظَّى كلًّما إشتمّ على بُعدٍ : تعال
يا مريّا
أنا من إفريقيا جوْعانٌ كالطِّفلِ الصَّغيرْ
و أنا أهْفو إلى تُفاحةٍ حمراءَ من يقربَها يصبحُ مُذنِب
فهلُمي ودعي الآلهةَ الحمقاءَ تَغضبْ
وأنْبئيها أنها لم تحترِم رغبةَ نفسٍ بشريَّة
أيُّ فردوسٍ بغيرِ الحبِّ كالصَّحراءِ مُجدبْ
يا مريّا
وغداً تنفخُ في أشرِعتي أنفاسُ فُرْقة
و أنا أزدادُ نأياً مِثل (يوليس) وفي الأعماقِ حُرقَة
رُبما لا نلتقي ثانيةً
يا مريّا
فتعالي وقّعي إسمَكِ بالنَّارِ هُنا في شفتيَّا
و وداعاً يا مريّا