|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
إذن؛ فكيف نُدرك الأشياء والمعلومات إن لم يكن بإحدى وسائلنا الحسيّة؟ هل نُدرك كُنه اللون الأحمر مثلًا؟ هل نُدرك كنه الرقم 10 مثلًا؟ هل نُدرك كنه الخير أو الشر؟ يتصور البعض أنَّ حواسنا المادية لا يُمكن أن تعمل إلَّا على صعيد المادة الحسيَّة، وليس على صعيد المُجرَّدات، فيقولون بإمكانية إدراكنا للحصى والجبل، والنهر والشجر، ولكن ليس بإمكاننا إدراك الألوان والأرقام والمُجرَّدات، فهل هذا صحيح؟ ثقتي الآنية تجعلني أقول بارتياحٍ كبيرٍ إنَّ هذا غير صحيح، فجميع المُجرَّدات وُلدت وتكوّنت وتم إنتاجها في أذهاننا أولًا، ومن الغريب أن يُقال للمُجرَّدات التي أنتجناها في أذهاننا أنَّها غير قابلةٍ للإدراك بأذهاننا! هذا بالتحديد ما يجعل من أذهاننا أداةً فاعلةً للإدراك؛ فالأمر لا يتعلق بمجرّد إخضاع الأشياء والمعلومات لحواسنا (منافذ وعينا وإدراكنا) بل يجب ألا ننسى أن أدمغتنا تقوم بعمليات تحليلٍ وفرزٍ ومقارنةٍ وتجريد، فأدمغتنا ليست مستودع تخزين وحسب، ولهذا فنحن نُدرك الأرقام فعلًا، وبإمكاننا رسم صورتها ونطق صوتها رغم أنَّها ليست سوى قيم مُجرَّدة لا وجود حسي مستقل لها، فعندما ننطق أو نقرأ "عشرة" فإنه لا يتبادر إلى ذهننا سوى الرقم عشرة كصورة ذهنية مكونة من خانتين: 10 وليس هنالك وجود مُستقل للألوان مثلًا (أعني وجودًا مُستقلًا عن المادة) فلم نر أو نسمع عن اللون الأزرق إلا مُقترنًا بالمادة كوصفٍ لها، ولكن اللون الأزرق نفسه ليس له وجود فعلي مُستقل، فهو ليس مادةً أو جسمًا قائمًا بذاته، وكذلك الأرقام، فلم نر الرقم 9 في الطبيعة ككائنٍ مُستقلٍ يُمكن إخضاعه للتجريب والملاحظة. وفي الطفولة يتم الربط بين هذه القيم المُجرّدة وبين عناصر حسيَّة، كنوعٍ من تدريب أدمغة الأطفال على التجريد الضروري والمطلوب لعملية الإدراك، فنقول: (تفاحة + تفاحة = تفاحتين)، (خمس تفاحات – ثلاث تفاحات = تفاحتين)، وبالمِران والتجريب تتمكن أدمغتنا من الاستغناء عن الصور الحسيَّة وإدراك تلك المُجرَّدات مُباشرةً. وكذلك فإنَّ وجودنا في مجتمع بشري تحكمه قوانين وعادات وتقاليد مُحددة تجعل أدمغتنا تتعرف، شيئًا فشيئًا، على قيم الخير والشر وفقًا لهذه القوانين وهذه العادات، فما توافق معها أصبح خيرًا، وما لم يتوافق معها أصبح شرًا. وفي البدء يتم الربط بين قيم الخير برجلٍ صالحٍ أبيض الثياب، جميل المنظر وطيّب الرائحة، أو صورة ملاكٍ إلهي خيّرٍ وطيّبٍ، بينما يتم ربط قيم الشر برجلٍ شريرٍ أسود الثياب، قبيح المنظر وخبيث الرائحة، أو صورة شيطانٍ شريرٍ، وبالطبع يتم التخلَّص من هذه الروابط الحسيَّة في مراحلٍ مُتقدمة، ليكون بإمكان أدمغتنا إدراك هذه القيم المُجردة دون أيّة صعوبة، وبلا روابط حسيّة. وكذلك الألوان التي نربطها بمُدركات حسيّة في البداية: (أحمر = تفاح)، (أخضر = عشب)، (أصفر = ليمون)، (أسود = ليل)، (أبيض = حليب) إلخ، حتى يُصبح بإمكاننا تخيّل اللون الأحمر حتى دون الحاجة لرؤية شيء أحمر اللون.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:03 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:11 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:19 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:20 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | Ahmed Alim | 05-02-13, 11:36 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:43 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:45 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:56 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:57 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-02-13, 11:59 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-03-13, 00:20 AM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | الامين موسى البشاري | 05-03-13, 00:42 AM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | كمال عباس | 05-03-13, 02:16 AM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | Ahmed Alim | 05-03-13, 02:49 AM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | محمد على طه الملك | 05-03-13, 12:20 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-03-13, 07:20 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-03-13, 08:02 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-03-13, 08:51 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-03-13, 08:53 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-04-13, 03:36 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | الامين موسى البشاري | 05-04-13, 10:48 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-04-13, 11:05 PM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | محمد على طه الملك | 05-05-13, 10:36 AM |
Re: الحواس التوأمية للإنسان | هشام آدم | 05-05-13, 08:10 PM |
|
|
|