|
Re: الفلسفة (Re: هشام آدم)
|
نواصل ...........
(نظرية تطور العالم)
إن هذا العالم الذي نراه ثابتاً انما هو في حركة دائمة لا تتوقف ولا تنتهي ويدل على ذلك تعاقب الليل والنهار وتطور العلم والصراعات السياسية وممارساتنا الحياتية اليومية وهنالك تغيرات قد لا نشعر بها. اذا فهذا العالم ليس عالما جامدا بل هو في حركة مستمرة. واذا نظرنا الى الانسان نفسه نجد ان الانسان أيضا يتغير ويتطور والانسان هنا اقصد به الانسان الفرد والانسان الجماعات.فالمجتمع البشري الذي بدأ من القطيع البدائي الى الاشتراكية البدائية الى المشاعية الى الإقطاعية الى الرأسمالية وهكذا. وهذا التغيير يحتاج منا الى تفسير وفهم حتى نعرف مبدأ هذا التغيير وما هي العوامل التي تدفع الى هذا التغيير. ومنذ القديم حاول الانسان البسيط كما الفلاسفة أيضا بمحاولات لفهم ديناميكية هذا التغيير بطرح العديد من الأسئلة محاولين الاجابة عليها. وكلها كانت تدور حول الحركة وقوانينه والطبيعة وقوانينها وفي هذا الإطار نشأت مدرستان او أسلوبان او نظريتان حول مفهوم هذا التطور.
الديالكتيك: ماهو الديالكتيك؟ ان كلمة الديالكتيك في أصلها اللغوي تعني (فن الجدل) أو فن اجراء النقاش بهدف التوصل الى اليقين عن طريق طرح او مصادمة الاراء (المتناقضة). فمثلا كان افلاطون يطلق نعت (ديالكتيكي) على كل من لديه إمكانية السؤال والجواب ومن يملك القدرة على تعريف الأشياء والظواهر عبر النقاش والجدل والذي يستطيع عبر هذه الوسائل التوصل في النهاية الى (الحقيقة). وحسب تعريف الديالكتيك بهذا الشكل البسيط فان (سقراط) كان ديالكتيكياً حيث كان يعمد سقراط الى طرح الأسئلة ومناقشة الإجابات وتفنيد هذه الإجابات والمعطيات ، كما انه كان ينقد كثيراً ويشكك في الآراء. وعلى هذا فإننا يمكننا ان نقول ان الديالكتيك هو (محاولة الوصول الى الحقيقة عبر مقارنة الآراء المتعارضة). وفي مرحلة ما بعد سقراط جاء (ارسطو) فوصف الديالكتيك بأنه (الجدل على المحاكمة) وهو في ذلك يرى انها تكون صحيحة ومنطقية ولكنها تنطلق من مقدمات (ظنية) أي عكس البرهان الذي ينطلق من مقدمات يقينية. ومن هذا نستنتج ان مفهوم الديالكتيك هو الجدل والقدرة على إثبات الموضوعات ونقائضها.
واذا كانت الديانات تحتاج الى مجدد لها في كل حقبة زمنية فإن (هيغل) يعتبر مجدد الديالكتيك الاول حيث اضاف الى المفهوم السائد عن الديالكتيك مضامين اخرى جديدة. فكان هيغل يرى ان الديالكتيك هو (النظر الى العالم وظواهره في حالة التغير والتطور النابع من صراع الأضداد الداخلية فيه) وربما توصل هيغل الى هذا المفهوم من نظريات او محاولات فلاسفة سابقين له ولكنه الفيلسوف الوحيد – في نظري - الذي استطاع ان يأطر الديالكتيك في إطاره المنهجي المتعارف عليه الآن. ونرى آراء قديمة حول الحركة الداخلية للأشياء ومن ذلك المقولة المشهورة التي تقول (النار تحيا بموت التراب ، والهواء يحيا بموت النار ، والماء يحيا بموت الهواء ، والتراب يحيا بموت الماء) الذي يدل على وجود فكر التضاد في فترة ما قبل هيغل. ولكنها ربما لم تكن ناضجة ومنهجية بما يكفي بل كانت قائمة على نظريات إنشائية ظنية فقط. كما ان ابن رشد قد نظر ودلى بدلوه في موضوع الديالكتيك فنجده يؤمن بمسألة أزلية الكون ولا فنائها كما يذهب الى ان ظهور الكون او العالم والتغير والانحلال (أي الفساد) كلها متضمنة في المادة. ولذلك فهو يقول ان الانحلال هو من جنس التكاثر وان كل جنين ينطوي على إمكانية الفساد. وهو بذلك يتفق مع ما ذهب إليه ابن سينا أيضا حيث يرى ابن سينا أيضا ان الحركة كامنة في المادة وبذلك فان لها القدرة على التغير والتطور. كل هؤلاء تكلموا عن الديالكتيك ولكنهم – في نظري – لم يستطيعوا ان يوجدوا نظرية متكاملة حول الديالكتيك باعتباره مذهبا متكامل كما فعل (هيغل). فهيغل – كما ذكرت – يرى ان العالم يتطور بفضل تفاعل قوى متضادة او متناقضة ويربط هيغل هذا التطور بتطور الفكرة المطلقة او الروح الكونية. وهو بذلك يرى ان العالم مقلوب وأي تطور او تغير يطرأ على هذا العالم فان علته الأساسية هو (الروح الكونية) او العقل الكوني (الله) أو (الإله) وهذه مثالية كما عرفنا في المداخلات السابقة. ويمكن ان نطلق على ديالكتيك هيغل (الديالكتيك المثالي).
أما الديالكتيك المادي فهو يقتنع بالتطور على اعتباره انه تغيير وحركة سردمية للعالم والمجتمعات والانسان كما يهتم الديالكتيك المادي بمعرفة العالم (كما هو ديدن الماديين دائماً) فهو لا يعترف بأية حقائق نهائية وسرمدية. وربما ما نزال نذكر للماديين الكلاسيكيين قولتهم المشهورة التي تقضي بأن لكل شيء سبب او علة ولا شيء مطلقاً يحدث بلا سبب. وهذه السببية ضرورة طبيعية لان وجود الشيء بدون سبب يعني وجوده صدفة وهو ما يرفضه الماديون تماماً حيث يرون بأن الناس هم الذين ابتدعوا مسألة الصدفة تلك ليستروا به جهلهم. وهذا الفهم المادي للرابطة السببية بوصفها أحد أهم أشكال الارتباط الشامل إنما يؤكد على موضوعيته. فالعالم المادي – من وجهة نظر المادية الديالكتيكية هو ارتباط كلي للأشياء المتحركة والمتغيرة. ومن (محاسن الصدف) ان العلوم الطبيعية المعاصر كالفيزياء تؤكد وجود هذه التفاعلات بشكل اكثر دقة وعلمية ابتداءً من تطور المجرات وحتى أدق العمليات في الجسيمات الاولية. كما أننا نرى هذه (الحركة) بكل وضوح في الانتقال الميكانيكي وفي مختلف العمليات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والاجتماعية.
وأخيراً أختم عن الديالكتيك بذكر تيار ديالكتيكي متطرف قليلاً يرى إمكانية المعرفة بسبب هذه ديمومة الحركة وهذا التيار او المذهب هو المذهب (النسبوي) الذي يقول بانه يتعذر على الانسان ان يسبح في النهر مرتين! وشرح هذه المسألة هو ان ماء النهر متغير ودائم الحركة كما ان الانسان نفسه متغير. لذا فإننا – بناءً على نظريتهم – لا نستطيع ان نقول بكل يقين وبشكل مطلق (أن هشام سبح في هذا النهر مرتين) لأن لا ماء النهر هو نفس ماء النهر في المرة الأولى ولا هشام قبل ساعة هو هشام الآن. وعليه فإن الجملة الصحيحة والدقيقة في رأيهم يجب أن تكون (هشام "قبل ساعة" استحم في ماءٍ لهذا النهر "قبل ساعة" قبل ساعة) مع مراعاة أن عبارة قبل ساعة التي بين الأقواس هذه هي للدلالة على ارتباط المادة بالزمن أي هشام قبل ساعة على اعتبار ان هشام هذه اللحظة هو شخص آخر. وماء النهر قبل ساعة اعتبار أن ذلك الماء قبل ساعة ليس له وجود الآن فماء النهر الموجود الآن هو ماء آخر غير ذلك الذي استحم فيه هشام "قبل ساعة". بينما عبارة قبل ساعة التي وضعت بدون أقواس هي الصيغة الزمانية الكبرى للجملة لأن غير المتطرفين كانوا ليقولوا (هشام استحم في النهر قبل ساعة) فقبل ساعة هنا هو زمن الجملة الرئيسي. ومما لا شك فيه فإن هذا مبدأ فيه نوع من المغالاة والتطرف لا يصح الاقتناع به لأن النهر ككتلة واحدة هو نفس النهر فنهر النيل كتلة واحدة محددة جغرافياً واسمياً وهو بذلك يختلف عن نهر الفرات. وإذا صح كلام النسبويين فإن نهر النيل قبل ساعة هو بعد ساعة ليس نهر النيل. وعلى هذا فإن علينا ان نوجد للنهر والأشياء عموماً اسماً كل ساعة وهذا أمر غير منطقي.
ونواصل .............
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الفلسفة | هشام آدم | 01-10-06, 06:15 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-10-06, 07:51 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-10-06, 09:00 AM |
Re: الفلسفة | معتز تروتسكى | 01-10-06, 09:30 AM |
Re: الفلسفة | معتز تروتسكى | 01-10-06, 09:31 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-10-06, 09:38 AM |
Re: الفلسفة | معتز تروتسكى | 01-10-06, 11:20 AM |
Re: الفلسفة | Mohamed Adam | 01-10-06, 02:00 PM |
Re: الفلسفة | Mohamed Adam | 01-10-06, 05:09 PM |
Re: الفلسفة | AMNA MUKHTAR | 01-10-06, 05:32 PM |
Re: الفلسفة | معتز تروتسكى | 01-11-06, 01:14 AM |
Re: الفلسفة | معتز تروتسكى | 01-11-06, 01:22 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-11-06, 04:19 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-11-06, 04:26 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-11-06, 07:24 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-12-06, 04:32 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-13-06, 09:50 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-14-06, 06:09 AM |
Re: الفلسفة | mazin mustafa | 01-15-06, 00:40 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-17-06, 04:49 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-19-06, 11:04 AM |
Re: الفلسفة | هشام آدم | 01-21-06, 01:42 PM |
|
|
|