الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 06:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-22-2008, 01:37 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" (Re: adil amin)

    الفصل الحادي عشر

    في ذلك الصباح المشرق كان الدخان الأبيض يتصاعد من مداخن مصنع أسمنت عطبره وشريف يسير في الطريق الفرعي الذي يقود إلى مساكن الموظفين .. توقف أمام باب المنزل المنشود ضغط على الجرس الذي كانت تعلوه لافتة أنيقة مكتوب فيها اسم صاحب المنزل مهندس عصام عبد الجواد .. سمع شريف وقع أقدام صغيرة خلف الباب وانفتح الباب ، أطلت منه طفلة وابتسمت له ابتسامة حلوة ودعته للدخول ، دخل شريف المنزل الأنيق وواجه عصام أمامه ، عصام الذي طالما حدثته عنه أمه ، كانت تقف عن كثب حنان زوجته ، وهذه الطفلة التي فتحت الباب لابد أنها ملكة الصغيرة ابنتهما ، فقد وعدوا ملكة إذا انجبوا بنت يسموها بأسمها ، دعا عصام شريف للجلوس بعد أن تعرف عليه ، كان الحديث ذو شجون وحافل بالذكريات ، دار الحديث عن الأوضاع المتردية في البلاد ، التي وصلت تحت الصفر .. أعطى شريف عصام المستندات التي جعلت وجه عصام يتهلل فرحاً .. هذا ما كان ينقصهم ، وثائق لإدانة رموز الفساد في النظام الآيل إلى السقوط .. تتطرق الحديث عن أشباح شندى.
    - ما هي أخبار الأشباح في شندي ؟!
    تنهد عصام في آسى وسرح بخياله بعيداً ، ظل شريف يحملق في وجهه في توجس .
    - كانوا أربعة بكور وعمر وعثمان وعلي .
    - نعم حدثتني عنهم أمي كثيراً حتى كدت أراهم بخيالي.
    غطت الدموع عيني عصام ولا زال في شروده .
    - في الأيام العصيبة الأخيرة اعتقل رجال الأمن بكور وعمر أثناء توزيعهم للمنشورات في المدينة وتم نقلهم إلى سجن كوبر بالخرطوم ، مات بكور في السجن لم يتحمل صدره الضعيف رطوبة السجن وليالي يناير الباردة ، كان يعاني من داء الربو اللعين ... تم إطلاق سراح عمر بعد اختلال قواه العقلية .. ستجده الآن في شندى يقيم مع والدته .. ترك عثمان ثروة والده وأنضم للحركة الشعبية .. أما علي فقد آثر الانزواء في قريتهم النائية في غرب السودان معلماً للصبية .. هذا كان حال مجموعة الأشباح يا شريف .
    كان شريف يستمع إلى هذه الإجبار المؤسفة فاغراً فاه في دهشة ، لم يصدق ان كل هذا حدث لأصدقاء أمه وتمتم في أسى :-
    - يبدو فعلاً ان الحديث ذو شجون .
    - لا تخبر ملكة عنهم حتى لاتفجعها فيم، كانت تحبهم كثيراً يا شريف .
    - نعم سوف لن اخبرها .
    - أما اذا أردت عنوان عمر
    تناول عصام ورقة من الدفتر وجلس على إحدى المناضد وسطر عليها العنوان وناوله لشريف ، تناول شريف الورقة ودرسها في جيب سترته.. حضر الغداء اخذ شريف يتناول الطعام في صمت فقد استغرقته المآساة تماماً كثيراً ما كانت أمة تخبره عنهم في كل المناسبات حتى غدا عدد كبير من أهل البلدة يعرفهم .. يعرفون هؤلاء الجنود المجهولين اللذين أرادوا ان يصنعوا لملكه المرأة الأمية الذكية .. سودان جديد..

    * * *

    في صباح اليوم التالي استأذن شريف الأسرة الصغيرة في السفر ، في محطة القطار اخبره عصام ان يبلغ ملكة تحياته عند عودته ويخبرها بأن المرحومة أم عصام كانت تدعو لها دائماً بالخير حتى انتقلت إلى الرفيق الأعلى قبل عامين ودعت لها في الارض المقدسة أيضاً كما حذره عصام من التعامل مع الغرباء فقد بلغ السيل الزبا .. تحرك القطار من محطة عطبره يئن ويتوجع وقد اكتظ بالمسافرين كالمعتاد توالت المحطات تباعاً حتى وصل القطار مدينة شندى ظهراً ، نزل شريف، استقل عربة أجرة إلى العنوان ، كانت شوارع المدينة مليئة بالمارة المذعورين ودوريات الشرطة في كل مكان أضحى الحال ينحدر بسرعة شديدة أو شك الطوفان ان يثور وتوقفت السيارة ونزل شريف قرع الباب برفق لحظات وفتحت الباب أم عمر ظلت تنظر إليه في توجس، في ذلك الزمن لآياتي الغرباء بخير ولكنه عندما عرف نفسه لها رحبت به ترحيب حار بالزائر الحبيب ، دخل شريف إلى غرفة الضيوف الضخمة وقد غطى الغبار لأثاث ، دخلت أم عمر إلى غرفة داخليه ثم عادت تقود ابنها ذائع النظرات، كث اللحية، ممزق الملابس ، جلس عمر أمام شريف وحاول الابتسام لكنه عجز عن ذلك واخذ يحملق في شريف بعينين شاهدتا الكثير من الأهوال ، أحدها احتضار رفيق عمره بكور بين يديه قال عمر في صوت واهن.
    - أنت ابن ألام العظيمة ملكة .. صابر.
    - أنا شريف شقيق صابر الأصغر .
    - كيف هي فقط انقطعت أخبارها عنا ؟!
    - انها بخير واوصتني ان أقريكم السلام والتحايا العطرة .
    - لم يعد هناك أحد تقريه السلام يا شريف *
    تهدج صوته وبدأت المرارة تجتاج كيانه فخنقته العبارات وانهار باكياً في نشيج مكتوم نهض شريف وجلس جواره مربثاً على كتفه ومواسياً .
    - أتحلى بالصبر يا أخي .. إنها سنة الحياة.
    - نعم بالله ولكن ذهبت جهودنا أدراج الرياح .. الكابوس لازال جاثماً على البلاد، مات بكور بين يدي بعد أن صب علينا رجال الأمن الماء البارد .. كان يتشهد ويردد ان الثورة الحرية الحمراء شمس لا تغيب .. ولكنها غابت .
    - هذا طريق حافل بالتضحيات وانتم مصابيح الطريق، انطفأ يكور وأنت لازلت تضيء .
    - أشكرك يا شريف .. ان زيارتك لها ابلغ الأثر في نفسي .
    - رحم الله بكور .
    - فليرحمنا الله جميعاً . أنا لله وأنا إليه راجعون .
    - سأزورك يا عمر في رحله العودة .
    - على الرحب والسعة
    - تذكر يا صديقي ان توقد شمعه خير من ان تلعن الظلام .. أتمنى عندما أعود أجدك انخرطت في صفوف المناضلين الشرفاء مرة أخرى.
    - أعدك بذلك فقد أحزنني فقد أصدقائي جملةً .
    - الأيام كفيلة بأن تزيل الأشجان كما يزيل الصابون الأوساخ عن الثوب الأبيض .
    قضى شريف يوماً حافلاً مع عمر ووالدته فاطمة التي أسعدتها زيادة هذا الشاب الغريب الذي بعث الحياة في ابنها .

    * * *

    في الصباح نهض عمر واغتسل.. أزال شعثه وتطيب وارتدى ملابس نظيفة وذهب مع شريف إلى محطة القطار.. ركب شريف القطار مرة اخرى وتحرك به يطوي الارض طياً إلى الخرطوم المدينة التي تشبه جلد الفهد ..
    في الخرطوم كان إيقاع الزمن الراكد كبندول ساعة حائط قديمة يشعر شريف الانقباض، كان الجو مكهرب ومشحون بالتوتر معظم المرافق متوقفة وبقاياً المظاهرات والإطارات المحترقة تغطي الشوارع المقفرة، لاحظ شريف كل هذا من نافذة السيارة التي استقلاها إلى الضاحية الثرية إلى بيت عمة الضخم الذي لاح على البعد كانت الأنوار تتلألأ وسيارات عديدة تغطي الشارع يبدو ان هناك مناسبة عظيمة لا يعرفها شريف، تقدم شريف بعد ان نزل من سيارة الأجرة التي لفظته واقترب من البوابة دفعه جندي بغلظة.. كان ذلك فعل زواج شقيقة صابر من هند ، وصابر كالفراشة ينتقل بين المدعويين ، لمح شقيقه شريف عند الباب الخارجي المشرع ، اتجه نحوه وحياه ودعاه بالدخول إلا ان شريف اعتذر واثر البقاء في الخارج .
    - أبي توفى منذ أسبوع .
    نزل الخبر على صابر كالصاعقة وطفرت الدموع من عينيه وخيم عليه حزن عميق ثم نظر إلى شريف .
    - سأحضر لاحقاً ان شاء الله
    وودع اخوه الذي قفل عائداً ، عاد يستقبل المدعوين.. ابتعد شريف من ذلك الجو الصاخب وهو يلعن كل شيء في سره.. أدهشته المفارقات التي تعج بها هذه البلاد العجيبة يموت الملايين جوعاً والكبار يتناولون الأطعمة الفاخرة ويتناولون الأنخاب غير آبهين لما يحدث في الأصقاع النائية ، هؤلاء هم البرجوازيون كما ينعتهم ود الزين وهذه هي أخلاقهم سحقا لهم جميعاً .. صابر شقيقه الذي تحول إلى مسخ مشوه يرتدي الملابس الغربية الفاخرة التي يوازي ثمنها سعر محراث يكفي لحرث قريتهم كلها .. دمعت عينا شريف وظل سائر في الطريق الإسفلتي المظلم عندما تذكر كلام والده الأخير "هرب الجميع ويقيت أنت معي يا شريف ".
    تذكر المشاكل بين أبويه كان يصلح بينهما رغم ان كل منهم عنيد، ظل يسترضيهما معاً حتى ولو على حساب نفسه " لايهم لقد مات والده وهو عنه راض وهذا اقصى بما يكسبه إنسان في هذه الدنيا الفانية ، رضا الله ورضا الوالدين".
    طافت بمخيلته ذكرى الليلة التي اختفى فيها شيخ صالح من القرية وحل بها البؤس والشقاء كان أخر من شاهده راحلاً شريف.. حكى لامه ملكة انه في تلك الليلة ذهب إلى قبر والده ليترحم عليه في منتصف الليل.. وجد الشيخ صالح قائما يصلي وعندما فرغ من صلاته وسلم لمح طيف شريف عند باب ألقبه ناداه وأجلسه جواره أحتضنه الشيخ وهمس في اذنه .
    - شريف اسم على مسمى .
    شعر شريف بالسكينة وانزاح عنه ذلك الإحساس بالحزن العميق الذي مزق وجدانه، ربت شيخ صالح على ظهره.
    - كنت باراً بأبويك .. ان والدك كان صاحب مقام.
    نظر شريف إلى الرجل في توجس عندما نهض من جواره وجمع حاجياته للرحيل نهض شريف وامسك بيده طرف أثواب الرجل الخضراء الفضفاضة وهو يبكي بشدة .
    - ابقي معنا يا شيخ صالح لا ترحل .
    نظر إليه شيخ صالح في حنان بالغ وأزاح يده يرفق .
    - لا مقام لي هنا بعد رحيل محمد أحمد.
    استدار الرجل بقامته الفارعة كشجر النخيل، وانطلق بخطى واسعة تحت ضوء القمر الذي كان يلقي ظلال موحشة داخل القبة. خرج شريف خلف الرجل الذي طفق يخطو مسرعا، ظل شريف يناديه ورجل يقترب من شجرة الدوم التي تقع عند أطراف المقبرة، لم تسعف أقدام شريف الصغيرة المتعثرة اللحاق بالرجل وعند الشجرة التفت الرجل، وغمر الضوء الأزرق المنبعث من عينيه المكان وجاء صوته الساحر من الجهات الأربعة.
    - أبقى أنت يا شريف في البلدة وسيكون لك شأناً عظيماً.
    واستدار منصرفاً .. اقسم شريف لأمه قسماً مغلظاً أن ذاك انه شاهده بأم عينه صاعداً صواب السماء .
                  

العنوان الكاتب Date
الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-29-08, 01:20 PM
  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-29-08, 01:22 PM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-29-08, 01:24 PM
      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-29-08, 01:25 PM
        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-30-08, 08:30 AM
          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-30-08, 11:56 AM
  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" محمد الطيب يوسف12-03-08, 12:40 PM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-04-08, 11:54 AM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-04-08, 11:58 AM
      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-06-08, 09:23 AM
        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-06-08, 09:25 AM
          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-07-08, 09:49 AM
            Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-11-08, 09:37 AM
              Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-12-08, 01:02 PM
                Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-12-08, 01:24 PM
                  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-12-08, 01:26 PM
                    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-13-08, 02:10 PM
                      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-14-08, 11:24 AM
                        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-18-08, 10:44 AM
                          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:37 PM
                            Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:39 PM
                              Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:40 PM
                                Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:42 PM
                                  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:44 PM
                                    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:53 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de