الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 11:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-29-2008, 01:20 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36971

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة"

    خرجت مليكة من غرفتها وهي تنادي على القطط.
    - أين انتم يا أحبابي؟ وقت فطوركم.
    كان القط خليل أوّل قط وقعت عليه عيناها. كان ينتظرها كعادته على بعد أمتار من غرفتها. وكانت عيناه المتوقدتان تكشفان عن لهفته لرؤيتها. ابتسمت مليكة وهي تتفحصه بحنان.
    - هكذا أنت دائماً يا خليل. تنتظرني بلهفة كما كنت تفعل على رأس زقاقنا.
    داعبت مليكة رأس القط خليل برفق.
    - والآن تعال معي إلى الفطور يا خليل.
    تبعها القط خليل وهو يكشّر عن أسنانه مغتبطا. دفعت مليكة باب الصالة فطالعها القطّ بابا متكوّراً في مقعده المختار.
    - أصح يا أبي.. وقت الفطور.
    تمطى القط بابا ومدّ قوائمه ثم نفض جسده والتحق بها. والتقت مليكة في الرواق بالقط ناظم والقطة نظيمة. كانا ينتصبان في مواجهة بعضهما بعضا وهما يموآن بحدّة.
    - مالكما تتماحكان منذ بدء الصباح؟‍ أنتما كبرتما على ذلك.
    تعالى هرير القط ناظم والقطة نظيمة وهما يلمحان مليكة. وأشرع كل منهما مخالبه في وجه الآخر.
    - تعاليا معي إلى غرفة الفطور.
    كفّ القط ناظم والقطة نظيمة عن هريرهما ومشيا وراءها. وعرجت مليكة على زاوية السلّم وإذا بالقطة ماما غاطّة في نومها.
    - اصحي يا أمي.. وقت الفطور.
    بقيت القطة ماما مستغرقة في النوم. فهزت مليكة جسدها برفق.
    - ما أشدّ ما تحبين النوم يا أمي. اصحي.. وقت الفطور.
    تثاءبت القطة ماما ونمطّت ثم نهضت متكاسلة والتحقت بالركب. وكان القط مالك والقطة عزيزة في الانتظار. رنت مليكة إليهما في حنوّ.
    - صباح الخير يا مالك. هل حضرت مبكراً كعادتك؟‍ هكذا أنت دائما تلتزم بالأصول.
    ماء القط مالك مواء هادئا وبادلها نظرات محبّة. التفتت مليكة إلى القطة عزيزة وهي تبتسم.
    - وأنت أيضاً يا عزيزة .. كنت طول عمرك تلتزمين بالأصول.
    تفحصت مليكة القطط وقد أشرق وجهها.
    - عزيز لم يحضر بعد يا أحبائي.
    التقت عينا مليكة بعيني القطة عزيزة فماءت بلطف ونهضت خارجة. ثم عادت بعد حين يصحبها القط عزيز.
    - أنت التي كنت تعرفين مكان اختباء عزيز دائما يا عزيزة. رفعت مليكة القط عزيز بين ذراعيها وقبلته بشغف فستنام إليها.
    - كنت دائما ترتاح إلى ذراعي يا عزيز وأنت طفل.
    ملأت مليكة الأوعية باللبن واحداً بعد الآخر. ماءت القطط وهي تتابع حركة يدها.
    - الآن يمكنكم أن تفطروا يا أحبابي.
    عكفت القطط على أوعيتها تتسابق في لعق اللبن. راقبتها مليكة وهي ساهمة الوجه.
    - تمتعوا بفطوركم يا أحبابي فهذه آخر مرة تفطرون فيها معا.
    تسمرت عينا القط خليل على وجه مليكة.
    - أين أنت الآن يا خليل؟‍ أحيّ أنت أم ميّت؟‍ اسم الله عليك.. إن شاء الله عمرك طويل.
    أتراه ما يزال يعيش في الكويت؟‍ وهل تراه تزوّج؟ لم تسمع أخباره منذ هاجر إلى الكويت. وكم لوّع ذلك قلبها‍. ولكن ألم تكن هي المسؤولة عن هجرته؟ أما كان بوسعها أن تستبقيه لو شاءت؟‍ قبل هجرته بشهر استوقفها في الطريق وكلّمها بعد أن يئس من موافقة الأب على خطبته. كانت تلك المرّة الأولى التي يكلّمها مع أنه كان يترقبها كل يوم على رأس الزقاق وهو يروح ويجيء في قلق ووجهه يتدفق حبا. وكانت تتظاهر بتجاهله. فلابد لفتاة محتشمة مثلها أن تفعل ذك. وكان قلبها يخفق دائما لمرآه. قال لها في اضطراب : "أنت تعلمين أنني أحبّك يا آنسة مليكة وأن أمنيتي في الحياة أن أتزوجك. ولا أفهم لماذا يعارض أبوك في خطبتي. ألأنك أنت نفسك ترفضينني؟‍ قولي لا وسأظلّ ألحّ عليه حتى يلين".
    فقالت له باستنكار: " أرجوك.. بأيّ حق تكلمني؟‍ ليس لك كلام معي. وإذا كان عندك كلام فقله لأبي". وأسرعت في سيرها. ولم تنصرم أسابيع على هذه الحادثة حتى هاجر إلى الكويت. قال الأب في ارتياح: " الحمد لله الذي خلّصنا من إلحاح هذا السمج. هاجر إلى الكويت ليدرّس هناك". وغاص قلبها لكلامه ودق دقّاً عنيفا. وأدركت كم كانت تحبّه.وأيقنت أنها خسرت أجمل شاب في محلة السنك .
    رفعت مليكة القط خليل بين ذراعيها وقبلته في رأسه. فانطلق يلعق خدّها في ابتهاج.
    - سامحني يا خليل فلم أكن أنا المسؤولة عن تحطيم قلبك. كنت أبادلك الحب لكنني لم أجسر على مصارحتك. فذلك لا يليق بالفتاة المحتشمة.
    ولو سألها الأب رأيها في خطبته ما ترددت لحظة في الجواب. لكنه لم يسألها أبدا.
    رمت مليكة القط بابا بنظرات عتاب فحنى رأسه.
    - أنت حطمت قلبه وقلبي يا أبي.
    وكم من مرة سألت نفسها لماذا رفض خليل فلم تهتد إلى جواب. ثم أدركت أنه غير راغب في تزويجها. فقد رفض جميع خطّابها بحجة أو بأخرى. وكان يقول إثر كل خطبة: " لن أزوّج مليكة إلاّ للرجل الذي يستأهلها". وبعد أن أضاعت خليل لم يعد يهمها الأمر.
    ثم لم تعد تفكر في الزواج أصلا بعد أن صارت الكلّ في الكلّ في حياة الأب.
    حوّلت مليكة عينيها العاتبتين إلى القطة ماما.
    - لماذا لم تعدّلي من طباعك يا أمي لكي لا أكون لازمة لأبي؟
    فمنذ وعت عليها وهي تهمل مسؤولياتها البيتية وتولع بالنوم وبالنزهات خارج الدار. وكثيرا ما رجعت من نزهتها قبل عودة الأب بقليل فلم يجد طعام الغداء جاهزا. فكان ذلك يلهب الشجار بينهما. وكانت الأم ترد على لومه قائلة: " يجب عليك ان تستأجر طباخة فأنا لم اعتد الطبخ في بيتنا".
    وكم كانت تحزن لمرآه وهو منهمك في تقطيع اللحم وتقشير الخضر لإعداد الطعام. وكان ينتابها حزن أعظم حينما تراه مكبّاً على تنظيف البيت. فلم يكن يرضى عن أداء الأمّ في ذلك. وهي في الحقيقة لا تحب النظافة ولا الترتيب . لذلك كانت تسميه ساخرة " جاووش البلدية".وكان ذلك مصدر شجار دائم بينهما أيضا. فكلما لامها ردّت عليه باستعلاء: " أنا لم أتعود في بيت أهلي على الكنس والتنظيف. فطول عمرنا عندنا خادمة. وأنت تعلم أنني كنت مدللة في بيتنا . وأبي رئيسك أخبرك بذلك قبل زواجنا , ويجب أن تستأجر لنا خادمة ولكنك شخص بخيل .

    وكانت هي تحاول معاونته في الأعمال المنزلية. لكنه كان يرنو إليها بامتنان ويردّ عليها بلطف: " أنت مازلت صغيرة على مثل هذه الأعمال يا مليكة". فكانت تدعو الله أن تكبر بسرعة لتكون قادرة على الأعمال المنزلية. وما أن اشتد عودها حتى تولت القيام دونه بكل تلك المهمات. وكانت تستعجل انجازها حال عودتها من المدرسة. فكان يدير عينيه في أنحاء المنزل في ارتياح ويقول: "ما أعظم شطارتك يا مليكة‍".
    رمقت مليكة القط بابا بنظرات عاتبة فحنى رأسه.
    - ما كنت في حاجة إلى حرماني من المدرسة يا أبي. كان بإمكاني أن أقوم بكل متطلبات المنزل وأن أواصل دراستي أيضا. وأنت تدري أنني كنت أحب الدراسة والقراءة كثيرا.
    فما أن أنهت المدرسة الابتدائية حتى قال لها : " أنا متأسف يا ابنتي مليكة فلن يكون بإمكانك مواصلة الدراسة. فأنت ستكونين المسؤولة عن البيت. فأمُك كما تعلمين لا نفع فيها. وأنا لم يعد في طاقتي أن أحرق أعصابي كل يوم". وقد حزنت في أيامها الأولى وكانت تبكي في فراشها ليلا. لكنها سرعان ما نسيت المدرسة حينما باتت سيدة الدار. وانحسر الشجار بين الأم والأب لكنهما باتا أشبه بالغريبين.
    استقرت عينا مليكة الحزينتين على القطة ماما.
    - أنت لم تحاولي أن تفهمي أبي يا أمي.. لم تحاولي أن تفهميه أبدا ولا أن تغيري من طباعك لتتعايشي معه . ومع ذلك فقد حزن عليك .
    وهي نفسها لم تكن تتصور ذلك. وقد دهشت لما بدا عليه من حزن لفقدها. ولعله لم يكن يتوقع وفاتها على ذلك النحو المأساوي. فلم يمهلها مرض السرطان أكثر من شهر. وحينما كانت هي وأخواتها وإخوانها يبكون حزنا كان هو يحبس نفسه في غرفته ، لكن شهقاته المفجعة كانت تترامى إليهم من وراء الباب9
    ربتّت مليكة على القط بابا بحب.
    - ما كان أطيب قلبك يا أبي وإن كنت تبدو صارما . كل ما في الأمر أنك كنت تحب النظافة و النظام وتكره الإهمال والتقصير.
    تجولت عينا مليكة في وجه القط ناظم وهي ساهمة.
    - وليتك فهمته أنت أيضاً يا ناظم فاستجبت لتوجيهاته.
    لكنه ظل طول عمره متمرداً عليه. وكثيراً ما سألت نفسها: "هل خلق ناظم متمرداً بطبعه؟" فقد كان يتعمد رفض تعليماته . فكان شديد الإهمال لنظافته وكثير العبث بغرفته. ولم يكن يحب الدراسة. وكان مولعاً باللعب في الطريق حيث كان رفاقه يضجون من شقاوته . وكان أشد ما يثير سخط الأب عليه هو لا مبالاته بالمدرسة. وكم قسا عليه من أجل ذلك. وانتهى به الأمر إلى الانقطاع عن الدراسة والبحث عن مهنة حرّة.
    التفتت مليكة إلى القطة ماما بامتعاض.
    - أنت أيضاً يا أمي كنت مسؤولة عن تمردّه.
    فلم تلمه يوما على إهماله للدراسة وتمرده على الأب. وكانت تراودها الشكوك بأنها كانت سعيدة بتمرده. فقد كان وجهها يشرق وهي تراقبه يجادل أبيه ويرفض الخضوع لتوجيهاته. وكثيراً ما امتدحته أمام إخوته وأخواته وعبرت عن إعجابها به.
    هزت مليكة رأسها وهي تحدّق في القط ناظم بأسىً.
    - ما أكثر ما أحزنتني بشقاوتك يا ناظم.
    فقد كانت الوحيدة التي يروّعها غضب الأب عليه . وحينما كان يعاقبه بالعصا كان يستبد بها الجزع. وكانت الدموع تنهمر من عينيها وهي تسمعه يئن ويتوجع. وكانت تغدق عليه الحلوى ليتلهى بها عن آلامه. فكان يلتهمها ويرفع صوته بالتوجّع. وكانت تتصور أحياناً أن توجّعه مبالغ فيه من أجل التهام أكبر كمية من الحلوى.
    رفعت مليكة القط ناظم وقبلته بحنان. فقفز بقوّة من حجرها وانتصب بجوار القطة نظيمة. واستقرت عينا مليكة على القطة نظيمة.
                  

العنوان الكاتب Date
الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-29-08, 01:20 PM
  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-29-08, 01:22 PM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-29-08, 01:24 PM
      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-29-08, 01:25 PM
        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-30-08, 08:30 AM
          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin11-30-08, 11:56 AM
  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" محمد الطيب يوسف12-03-08, 12:40 PM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-04-08, 11:54 AM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-04-08, 11:58 AM
      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-06-08, 09:23 AM
        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-06-08, 09:25 AM
          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-07-08, 09:49 AM
            Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-11-08, 09:37 AM
              Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-12-08, 01:02 PM
                Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-12-08, 01:24 PM
                  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-12-08, 01:26 PM
                    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-13-08, 02:10 PM
                      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-14-08, 11:24 AM
                        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-18-08, 10:44 AM
                          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:37 PM
                            Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:39 PM
                              Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:40 PM
                                Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:42 PM
                                  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:44 PM
                                    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك...... في "عالم مليكة" adil amin12-22-08, 01:53 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de