|
Re: فشل وأنهيار الدولة السودانية (Re: عبد الله عقيد)
|
الأخ العزيز عبد الله
تحياتى الطيبة
وشكرا جزيلا على الإستجابة الطيبة
العوامل التى أدت الى أنهيار الدولة فى السودان كثيرة ومتنوعة , وأذا أردنا معرفتها ومتابعتها , فلا بد أن ننظر الى الدولة ومكوناتها على أساس الشكل الهرمى للدولة , وفى دولة كالسودان , لا يمكن النظر الى فساد وأنهيار الدولة بصورة متجزئة , وأنما يتوزع حجم المسئولية فى فساد الحكم فيها وفى تخلفها ومن ثم أنهيارها , بتوزع مناطق النفوذ وأتخاذ القرار الوطنى ومن ثم تنزيله على الأرض وتفعيله فيها , وفى هذا تقع المسئولية الكبيرة على الفئة التى تجلس على قمة هرمها وتدير سياسات وموارد البلاد المختلفة سلبا أو أيجابا . ويأتى الحجم الكبير لهذه المسئولية فى أنهيار الدولة لهذه الفئة تحديدا , لأنها الفئة التى تمتلك زمام السلطة الكامل ووضع السياسات العليا للدولة , وتملك مفاتيح كافة ثروات وموارد البلاد , وهى التى تضع وتنفذ سياسات البلاد الأقتصادية والتنموية , وهى التى ترسم ملامح ومسيرة البلاد التعليمية والثقافية والأعلامية , وأخيرا وليس آخرا , هى التى تملك , بما تحت يدها وسيطرتها من سلاح ورجال , أن تجعل هذا البلد آمنا , أو أن تجعله .. جحيما لا يطاق .
يلى ذلك , الفئة المستنيرة أو المتعلمة التى يمكنها فهم سياسات الدولة وتحليلها ومن ثم الموقف الذى تتخذه حيال هذه السياسة أما دعما أو معارضة لها , وهذه قد تكون فى شكل أحزاب أو تنظيمات سياسية , أو قوى مجتمع مدنى أو أفراد مستنيرين , وحتى هنا .. تعتمد فعالية هذه المعارضة لسياسات الدولة على نوعية النظام الذى يحكم هذه الدولة , فإن كان نظام مؤسساتيا ديموقراطيا يتسم بالتقسيم الفعلى للسلطات وبالشفافية فى الحكم , عندها تكون أساليب المعارضة فعالة وناجحة , أما إن كان نظاما ديكتاتوريا متسلطا , ففى الغالب الأعم , ستكون المعارضة سلبية وباهتة .. وبلا تأثير , وقد تنتهى هذه المرضة السلمية الى معارضة مسلحة .
يلى هاتين الفئتين فى الشكل الهرمى لتركيبة الدولة , القاعدة العريضة والواسعة للشعب , وأيضا فى بلد متخلف وتسوده الأمية كالسودان , تكون هذه القاعدة , فى العادة , مغيبة تماما عن أى أشتراك فعلى أو أى تأثير على قرارات وسياسات الدولة , ويكون كل أرتكازها وأعتمادها فى نيل حقوقها .. على المتعلمين والمستنيرين والمتسيسين من أبنائها , وهؤلاء , بما لهم من قوة نفوذ وتأثير فى أوساط قراهم ومناطقهم وقبائلهم من مناطق وفئات هذه الطبقة العريضة , يستطيعون حشدها وتوجيهها حسب مبتغاهم وأجندتهم ومنطلاقاتهم السياسية المختلفة , وهنا أيضا تختلف الأهداف المرجوة من هذا الحشد , إن كان لصالح هذه القاعدة العريضة أم لتنفيذ غايات أخرى تهم أجندة هؤلاء المستنيرين أو تهم أحزابهم . وهنا , وفى هذه الجزئية تحديدا , يتضح تماما لماذا كانت ولا زالت فئة المشتنيرين أو الطبقة المتعلمة هى التى تظهر فى شكل الفئة "المُطالبة " بأستمرار , لأنها .. ووبساطة , هى الفئة الواقعة بين السلطة المهيمنة على كل الثروة وكل السلطة , والفئة المسحوقة التى لا تجد حتى الفتات لتقتات به .
وبالتأكيد , لى عودة .
لك كل الود
|
|
|
|
|
|