الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: كانت تلك الأيام من أمتع أيامنا وأحلى ليالينا ..كانت نقطة التعارف وبناء الصادقات والتضامن والشعور بالجماعة وضرورة الوحدة والتضحية ونكران الذات من أجل الآخرين ، ويحق لتلك الأيام والليالي واللحظلات أن تفخر بأنها وضعت الأساس الذي ارتفع منه البناء، بناء الإخاء والصفاء بكل الثبات والرسوخ . وبعد شهر تقريبا تعرف جمعنا على المدينة..وأكتشفنا طرق المعيشة ووسائلها ، فتوزعنا على أحياء المدينة المختلفة ، وكانت بيوتنا قبلة للتضامن والتكافل والحب الصادق ..وكان حي الليدو نصيبي والأخ بدوي السباعي ..فبدات رحلة حياتنا الحقيقية في بلاد المغرب من هنالك ..تعرفنا على الحي وتعرف أهل الحي علينا ورحبوا بنا وفتحوا لنا مؤسساتهم التجارية من غير رصيد أودعناه ، ففتح لنا الجزار حسابا ..وكذلك فعل صاحب الدكان وبائع الخضر والفاكهة ، وصاحب المقهى المدعو الشريف الهاشمي ، وحتى عمر صاحب استديو التصوير . وظل الليدو مكانا طيبا لاقامتنا طوال أيام فاس وكان ملتقا للأحباب جميعا وبالطبع نذكر على رأسهم وبكل فخر واعتزاز ، استأذنا الراحل عبدالله الطيب والأستاذة كرزيلدا حرمه والأخت الدكتور فاطمة الأمين في صيف سنة 1979..ولذاك اللقاء مقال آخر إن شاء الله . وانتهز هذه الساعة أيها الأحباب لاأذكر بكل التقدير والوفاء ذلك النفر الكريم الذي سكن حي الليدو قبلنا ..ورغم أن إقامتهم لم تطول بيننا نسبة لإكمال دراستهم ومغادرتهم المغرب .إلا أنهم استطاعوا من تلك الفترة الوجيزة هم ورفقائهم بظهر المهراز أن يقودوا خطانا على درب الإخاء والمودة والحب الصادق . وفي وجودهم وقبل مغادرتهم تأهلت دفعتنا لحمل المسؤولية وغادروا وسفينتنا تمخر في سواحل الأمان . وكما قلت كانت البيوت قبلة لكل الجميع لاحواجز ولا فواصل ، يكفي أن نطرق أي باب فاذا بك حرا طليقا تفعل ماتشاء وينتابك إحساس عميق أنك جزء من ذلك المكان فلم تكن بين الأحبة فاصلة . وقد ذكرت في مقالي السابق الدور الذي لعبه حي الليدو في توطيد وبناء وترسيخ العلاقات الحميمة والروابط الوثيقة بين أفراد مجتمعنا هنالك .ودعوني ثانية اتناول هنا وكأمثلة فقط مافعلته تلك اللقاءات والصداقات من تجانس وتكافل وصفاء ونقاء ورفع الكلفة وإزالة الحواجز بين الأحباب ..وماأصدق المثل القائل } من صادقك فقد شاركك في نفسك ومالك } ..... وهاكم الدليل : كنا في ساحة الجامعة ذات يوم ، فجاء أحد الأصدقاء من الطلبة السودانيين ، وحيانا بالأحضان ن وبعد السؤال عن الحال والأحوال ، التفت لصديق قائلا : سمعت ان جيبك تقيل وجاك تحويل مالي قبل يومين ....كدي أدينا سجارة ..} فناوله السجارة ثم طلب الولاعة ..فقال له الصديق : انت ياشقي الحال ماشايل من وسائل الكيف إلا شفتيك } فرد عليه : كدي بطل الكلام الفارغ دا ..وناولنا حق البص خلينا نحصل البص قبل مايقيف ..وأدينا سجارة للطريق كمان ...فاستلم بكل أريحية ، حق البص وسجارتين بدل واحدة ..فتدخلت متسائلا : الراجل قال عاوز سجارة واحدة ؟ فرد صاحبنا : والله كنت عاوز أسكته لأني خايف يشيل مني الصندوق كله ..فضحك الجميع وأنصرفنا . هذه القصة تحكي القيم والأريحية والكرم وصفاء الإخاء الذي كنا نعيشه في تلك الأيام والديار ..وربما لايستوعب تلك اللحظات إلا من عاش أيام ذلك الألف الجميل وهذه القصة تقودني لبعض الذكريات والحالات في الليدو وهي في مجملها تأكيد لعمق الصلات وأن البساط أكثر من أحمدي كما يقولون ، وفي إطار تلك التجمعات تسقط أحيانا الكلمات معانيها المعروفة المتداولة ، وتتحول الى كلمات مزاح وأحيانا تحمل معنا آخر ، وفي مجملها لاتثير حفيظة أحد ، بل الجميع سعداء بماحولهم . ******* مختار البكري

[/u