ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-29-2024, 08:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-18-2008, 07:21 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح


    إسهام قرشي محمد حسن
    بقلم : مصطفى محمد احمد الصاوي
    أستاذ جامعي


    وضع قرشي مع الباحثين موسوعة لشعر المدائح الشعبي

    مافعله قرشي يعد منهجا علميا متكاملا

    (1) أضاءه
    ان إسهام الراحل قرشي محمد حسن في جمع شعر المديح السنوي الشعبي إسهام جدير بالاحترام , وإضافة ثرة وعميقة إلى دراسات الأدب الشعبي في السودان , تضاهي ما فعله عبد الله الشيخ البشير في جمع وتحقيق ديوان الشاعر الصوفي ود نفيسة , ويقترب كثيرا في جهوده التي بذلها في أرثاء دراسات علمية وفق منهج فلكلوري من الطيب محمد الطيب رائد الدراسات الفلكلورية وتقف الأجزاء الأربعة من مصنفه مع شعراء المدائح النبوية دليلا على ذلك , هذه الكتب التي أفادت كثيرا د. النور حسين والذي درس مادة المدائح النبوية لطلاب كلية الآداب .
    (2)
    ان اهتمام قرشي محمد حسن بفن المديح الشعبي في حد ذاته يشكل وعى هذا المعلم بأهمية فن المديح , وارتباط المواطن السوداني به, وتغلغله في وجدانه , وازدهاره بين مشايخ الطرق الصوفية , والبيوتات الدينية وارتباطه بالمناسبات الدينية الموالد, الحج , وتوسع هذا الارتباط ليتضمن : السماية والختان , والحوليات. لكل مسابق تشكلت اهتمامات قرشي بفن المدائح وكان دأبه على دراسته .
    (3)
    في الجزء الأول من شعراء المدائح , وفي مقدمته يشير إلى جهوده في التنقيب عن هذه الثروة الأدبية , ويوضح منهجية في شرح العبارات والكلمات الشعبية وفي ذات الوقت يشير للمنهج التاريخي الذي اتبعه (( راعيت في تقديم هذه الدراسات جانب التسلسل التاريخي فقدمت أولا : شعراء المدائح النبوية الشعبية القدامى , ثم المعاصرين لهم , ثم الشعراء المحدثين الذين أتوا بعدهم ونسجوا على منوالهم )) .
    *شرح مصطلحات : دراسة ، الشاعرية , معنى الشعر الشعبي

    طبيعة الشعر الشعبي :-
    ويربط بين فن المديح ونشأة الشعر الشعبي , ويمضي ليجذر لفن المدائح وصولاً إلى الفونج , ثم يوضح تجاوب شعراء المديح مع المهدية مركزا على الدور القيادي الثوري فأميز ماتوصل إليه في هذا الجانب ان هؤلاء الشعراء تطرقوا في شعرهم للجوا نب الثورية ( شعراء الحرية ) كما وصفهم :

    يا إخواني جاتنا عباره
    اسمعوا شوفوا يا حضاره
    كاسوا وعدموا فينا بصاره
    حتى إن كان تفور بي اقداره
    ان كان اخشي اخلي الطاره
    والقصص ألبقي في الدار
    راحوا يحرشوا النظارا
    راحوا يحرشوا النظارا
    بمدح فوق نبينا طارا
    عقبان اسم أبوي خسارة

    ود الماحي هنا يتحدى السلطة بل ويلح على مواصلة رسالته .
    (4)
    هذه ملاحظات أولية على منهج قرشي الذي استخدمه في موسوعته :-
    ( أ ) التعريف بالشاعر وحياته .
    (ب) تحديد مكانة الشاعر وشعره
    (ج) شرح معاني المفردات العامية الغامضة
    وبهذا فان الخطوتين ( أ ) و (ب) تعدان وسيلة من وسالك الجمع والتحقيق ولولا جهود قرشي لبعدت الشقة بيننا وبين المادة التي جمعها وادخلتنا في مرحلة الندرة,
    ( ج ) وواضح من رصد قرشي , وسرده لهؤلاء المداح اطلاعه على كتب الصوفية مثل الطبقات الكبرى , الابرار وسيرهم , ومصطلحاتهم مما انعكس في المعلومات التي كتبها عن كل شاعر
    ( د) في الكتاب بأجزائه حس توثيقي ( بايوغرافي ) عال والكتب يمكن يصب بكثير من التجاوز في مصنفات التراجم .
    الشخصية :-
    (هـ) استخدام المنهج المقارن وذلك في إيراده لتأثير نهج البردة على مدائحنا الشعبية.
    (و ) اهتمامه بفنون الأداء التي ترتبط بالمديح الشعبي , ويتبدى ذلك في تبيانه لقواعد إنشاد المديح , وقاعدة الدفوف , وإنشاد الناهيابي والرقص على إيقاعات الدفوف إلى توطين اثر العصا والتصفيق بالأيادي في أداء المديح .
    الخاتمة :-
    نستخلص أولا من موسوعة مع شعراء المديح ان ما فعله قرشي يشكل منهجا علميا متكاملاً.
    ثانيا : وضع وإرساء قواعد علمية لدراسة فن المديح الشعبي تبدت؟ عند قرشي محمد حسن لتحويلها إلى معرفة بيئات الشعراء الزمانية والمكانية الزمانية والمكانية , وربطها (الإنتاج الشعري ) بأصول المديح في الأدب العربي , و لأهم من ذلك شرح المفردات العامية وإزالة غموضها .
    ثالثا : يعد قرشي من أوائل الباحثين الذين أسسوا لوضع موسوعة لشعر المدائح الشعبي .
    هذه مجرد كلمات في حق رجل , وباحث, وباحث ميداني فذ , أنجز في ظني موسوعة للمديح النبوي الشعبي مضيفا إلى علم المأثورات الشعبية السودانية إضافة كمية ونوعية مقدرة .
                  

06-18-2008, 07:28 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح (Re: عبد القادر الرفاعي)

    عرض لكتاب
    من الشعر الشعبي السوداني
    مع شعراء المدائح


    هذا كتاب جديد، أصدرته وزارة الإعلام والشئون الاجتماعية وطبع بالمطبعة الحكومية بالخرطوم .
    أما مؤلفه فهو الأديب والشاعر الأستاذ قرشي محمد حسن . لقد اخرج الكتاب إخراجا حسنا من ناحيتي الموضوع والشكل .. والمؤلف الأستاذ قرشي ليس جديدا على هذا الموضوع أو بالأحرى ليس هذا الموضوع جديدا عليه .. فقد ظل منذ سنوات عاكفا على دراسة هذا الفن الشعبي ... يقراه ويكتبه ويبحث في رياضه ويحاول على الدوام التعرف عليه بمزيد من الاهتمام والعناية .. ولطالما استمع المواطنون إلى البرامج التي قدمها طيلة السنوات الماضية .
    وباعتقادنا ان اتجاه وزارة الإعلام إلى تشجيع مثل هذه الدراسة يعني اهتماما محمودا مقدر نأمل ان تسهم فيه بقدر يتفق وضرورته وأهميته كمنبع حي لجانب من جوانب الثقافة السودانية .
    وقد تصفحنا الكتاب بعناية وتذوق ولذة فراعتنا طرافة القصائد وأصالة المعاني الشعرية التي وعاها وجدان الشاعر الشعبي فارسلها على الفطرة بسيطة سليمة بعيدة عن التعمل أو التكلف أو التقليد .
    والشاعر السوداني الشعبي في هذا الكتاب وقد تتبعناه منذ أن كان ينشد قصائده المنغمة قبل 150 عام يعطي البرهان الواضح والدليل القاطع على الاستعداد الفني الكبير لدى الموهوبين في بلدنا . أولئك الذين لم يطلعوا على إشعار الكلاسيكيين أو الرومانسيين أو الواقعيين
    وإنما ترجمت ألسنتهم بفصاحتها العربية والمطبوعة ما يضطرم في افئدتهم من معاني الشاعرية وأحاسيسها على الفطرة والسليقة هذا البيان السمح العظيم .
    والدراسة المنهجية التي اتبعها الأستاذ قرشي على المصادر والمراجع وخلوها ان وجدت من التنظيم والتاريخ بلا شك جهدا بالغا يستحق الإشادة والتقدير فهو – قطعا – قد ضرب في بيداء مظلمة لجمع هذه الأسماء وهذه القصائد وليقول ان هذا الشاعر قد نشأ في العهد الفلاني .. فما أصعب أداء مثل هذا الواجب – في بلدنا خاصة على الرواد الأوائل أمثال قرشي محمد حسن الذي فتح الباب في هذا المجال للدارسين والباحثين وما اشق الطريق وأصعبها .
    صحيح كما قال (( قرشي )) هناك اهتمام بالشعر الشعبي في المجالات الغنائية أو الوصفية والرثائية وإهمال لهذا الجانب المدائحي وهو كما يعتقد ناتج عن أن هذا الضرب من الشعر إنما يهتم به العجائز إلى غير ذلك ولكن السبب الحقيقي هو ان الجوانب الأخرى أكثر اتصالا بالحياة العامة للناس .. فما أكثر من يغني واقل من يمدح ؟!
    ولكن حتى الجوانب الخاصة بالغناء والغزل من الشعر الشعبي لم تدرس وتخرج للناس في شكل كتب ذات طابع منهجي علمي والعجالات التي صدرت في هذا المجال مازالت بحاجة للكثير من الإتقان
    هذا وقد وعد الأستاذ المؤلف بإصدار سلسلة من الكتب في هذا الفن واعتبر هذا الكتاب الجزء الأول منها .. وهذا بالتأكيد وعد له قيمته ووزنه , فنحن بحاجة إلى ارتياد هذه الميادين التي لم تزل بكرا .. ونحن بحاجة إلى دراسات الموضوعية المنهجية ولعله أصبح غير مفيد لنا بعد هذا ان ننشر على الناس المقالات الأدبية الناقصة .. ونأمل ان يوفق الأستاذ قرشي في الأجزاء القادمة من هذا الكتاب إلى الحصول على التواريخ التي ولد فيه أولئك الشعراء والتي ماتوا فيها أو على الاقل إلى حصر الفترة التي عاشوها بوجه التقريب عن طريق التعرف إلى الشخصيات التي عاصروها من رجال الحكم أو الدين أو السراة الذين يمكن ان تكون تواريخهم معروفة .
    ولقد راينا في هذا الكتاب ان المؤلف بعد ان تحدث عن طائفة من الشعراء بوجه التعميم عاد فخصص شعراء الشايقية دون إن يشير إلى شعراء آخرين على هذا القياس القبلي فهل نفهم ان الشاعر سيورد بعد هذا شعراء الجعليين مثلا في الجزء القادم ليصبح البحث متسلسلا وهكذا ؟
    إما بغير هذا فقد تتأثر الموضوعية أو المنهجية وقد راينا ان ننبه إلى ذلك منذ البداية إذا لم يكن المؤلف قد أعطى لهذه الزاويه الاعنبار الكافي إما إذا كانت في حسابه فلا بأس .
    إما الطريقة التي اتبعها المؤلف فهي حسنة وستتيح لنا التعرف على عدد غير قليل من الشعراء الشعبيين في لون خاص من ألوان الشعر طالما فتن الأجيال الماضية وكان زينة مجالسها وبهجة لياليها وحداء وجدانها الديني . بل لا زال في المجموعات الشعبية وعلى جبهة عريضة عشاق شعر المدائح الذي يترنم به على إيقاع الطار ورقصات المداحين والمستمعين معا .
    هذا وقد اعجبنا بالمقدمة السخية التي وضعها المؤلف في صدر ألكتابه فهي على جانب كبير من الأهمية لأنها تتحدث عن معنى الشعر الشعبي وطبيعته ونشأته في السودان وتقسيم مدارسه بصوره تشير بوضوح إلى مدى التفهم الجيد لهذا اللون من الشعر السوداني .. ذلك التفهم الذي بذل المؤلف جهودا عظيمة ليحصل عليه ويزودنا في هذا الكتاب والكتب التي تليه ان شاء الله .
    ويقول المؤلف عن بناة المدرسة الأولى للشعر الشعبي المدائحي:
    (( وفي إبان الحكم التركي أو (التركية السابقة ) كما يقولون برز من الشعراء المدائح النبوية الشعبية : الشيخ صالح الأمين شاعر البادراب المشهور والعبيد ود قدوره وود تميم وحاج العاقب , ومن شعراء الشايقية برز الشاعر ود حليب وعبد الرحمن ود كور وحاج الماحي وشاعره سودانية تسمى النعمة .. وأيضا من شعراء الشايقية محمد ود سوركتي وحسن نصر وهؤلاء هم شعراء الطليعة الأولى .. ثم برز شعراء المدرسة الذين جاءوا من بعد شعراء الطليعة القدامى من شعراء الشايقية ومنهم من عاصرهم وأدرك حياتهم وتأثر بهم ونسج على منوالهم وجاراهم وهؤلاء الشعراء هم :
    احمد ود سعد واحمد القلع واحمد ود سليمان ومحمد المنبور واحمد ود ابشريعة ومحمود ود التويم ومحمد ود صالح ابن الشاعر صالح الاين شاعر البادراب المعروف وعبد القادر ابو كساوي واحمد ابو كساوي والزين ابو كساوي وطيفور الدقوني وود عبد الله الملك وحسن البصري وحياتي .. هؤلاء بناة المدرسة الثانية وقد تطورت فنون المدائح النبوية الشعبية في عهودهم تطورا مرموقا يعتبر نقطة تحول في اسلوب المدائح وفي معانيها خاصة عندما تسلم الراية شيخ المداح احمد ود سعد ورصيفه ود ابشريعة ومن قبلها ود (تميم ) .
    وقد اورد المؤلف في مقدمته ان المدائح النبوية قد ظهرت مع ظهور التصوف وانتشاره قبل العهد التركي بالطبع واستمرت حتى جاء عهد المهدية الذي اصبح حربا عليها وعلى التصوف معا كما هو معلوم واخذ يدعوا إلى الجهاد وإعلاء شأن الدين بالسيف .. وهنا يقول المؤلف :
    (.. وانصهر كبار شعراء المدائح النبوية الشعبية في الثورة أيضا وجنودا كل مواهبهم الفنية لمساندتها وتمجيد قائدها وإبطالها وفرسانها ). ويقول تحت عنوان : ما بعد الثورة (( وبعد ان دالت دولة المهدية تربعت دولة المدائح النبوية من جديد في قلوب الناس وكان المجتمع السوداني مهيئا لسماع المدائح وهو بقايا المجتمع السوداني القديم المحافظ المتزمت والذي عاش عهد الثورة وتعمقت فيه الروح الدينية ولمع اسم ود سعد وود ابشريعة وود سليمان في الأفق من جديد وحمل هؤلاء الراية في العشرينات )) .. وهكذا يمكن ان تسترسل مع المؤلف في هذه المقدمة الجيدة ولا تملك إلا إن تهنئه على هذا العمل القيم الممتاز .

    نشر هذا العرض بمجلة الخرطوم
                  

06-18-2008, 07:42 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح (Re: عبد القادر الرفاعي)


    مع كتاب :
    شعراء المدائح الشعبية
    قرشي محمد حسن
    بقلم : عبد القادر الشيخ إدريس


    يرجع عرفاني بمؤلف كتاب أدب المدائح إلى أيام التلقي حيا الله ذكراها بمعهد أم درمان العلمي العتيد , فقد كانت أيام دروس وتحصيل لا تعوض , مع ما بها من نضوب المادة , وتجهم الأمل و وخواء المستقبل ولكنها ثرة بالروح , باسمة باليقين , فائضة بالقناعة , ولازلت أتخيل أولئك الغادين الرائحين وهم بعامة كما صورهم الشاعر المعهدي المرحوم الناصر الشيخ قريب الله في تجربته (( رحلة في العمر )) جاء بها من أبياتها

    ومعهد نور ضم مني ظامئاً
    له في الهدى والنور أحلى مطالع
    فمازلت اجني طيبا من ثماره
    وتوردني دنياه خير المشارع
    وما همني فيه غدوي وروحتي
    بمستعر من وقد ة الشمس لاذع
    أضم إلى صدري سجلا زحمته
    حواشي حتى خلته مهد يافع
    وراضت ذكائي مشكلات دروسه
    ووافت فؤادي بالحسان البدائع
    وعلمني نسج البيان فجئته
    حفاظا على النعمى بأضفى الخلائع

    لا تلمني قارئي الكريم على هذا الاستطراد فالحديث ذو شجون , وللذكريات تداع ، ولا زلت اذكر ذلك الفتى المعمم المجلبب الذي يقف على منصة الجمعية الأدبية في جانب من جوانب المسجد العتيق بامدرمان , وسيرد في سرعة تجهدك متابعتها بعض مقامات الحريري عن ظهر قلب , وأنا وان كنت لا اذكر أي مقامة ولكني أحس للآن إعجابي بهذا الشاب الطلعة الحفظة , ثم دارت الأيام دورتها , وتفرقنا أباديد في دروب الحياة المتشعبة.
    وقد سلك هو طريق صاحبة الجلاله الصحافة واتخذت أنا طريقا وعرا يضل فيه الحصيف – هذا – وقد كنت استمع إلى برنامج أدب المدائح الذي كان يعده المؤلف بلهفة وشغف من ميكرفون الإذاعة , فأعجب بالتحليل والعرض واطرب للتوقيع واللحن وكنت أتمنى أن لو جمع هذا العمل الأدبي في كتاب فإذا بالأمس يهديني المؤلف الزميل قرشي محمد حسن كتابه أدب المدائح فسهرت به ليلة وبعض ليلة وأنا لم أتجاوز الصفحات الأولى ارددها جيئة وذهابا , وأول ما يطالع القارئ المتريث هذا الجهد الفني الذي بذله المؤلف في تقصي هذا اللون من الفن وفي تحقيق نصوصه من أفواه الرواة حيث لم يحظ كأغلب تراث هذا البلد بالتدوين والتسجيل بل وعته الحافظة وكثيرا ما يتشابه البقر عليها وقد أصبح الزميل بهذا العمل الجليل رائدا من رواد أدبنا الشعبي وبخاصة المدائحي وهو جانب تعاوره الإهمال إذ تلهى الناس يغيره من ألاغاني والألحان , والمؤلف صاحب ذوق مرهف وعاطفة منسابة وصوفية عذبه وتلك مؤهلاته كشاعر أسهم بتجاربه في مجالات عديدة , ولا زلت اذكر سماعي لأغنيتي (( الفراش الحائر )) وهي تعرض لأول مره في احد النوادي الرياضية بالخرطوم بحري أعجبت بصوفياتها البادية في تأملاته وتعبدياتها مع عاطفة دافقة لا تلفى إلا عند مثال سلطان العاشقين وغيره من رجالات الأدب الصوفي وقد ألهمت الأغنية الملحن فجاء لحنها رائدا للتجديد في ألحاننا الرتيبة المكررة التي لازمت الأغاني الشعبية منذ عهد الحقيبة إلى ما قبل أغنية (( الفراش الحائر )) . ونعود إلى الكتاب وفي مقدمته نلتقي بالتقدمة التقليدية التي كثيرا ما تطالعنا في المؤلفات القديمة بعامة وهي أن بعض أصدقاء المؤلف طلبوا إليه أن يسجل إنتاجه أو يطبعه وفي ذلك ضرب من التواضع , والغالب في مثل هذه المطالبة التعميم لا التعيين إلا إذا كان الطالب أميرا أو وزيرا كما في الماضي , ولا شك ان المؤلف بذل جهدا مضنيا في هذه البحث حتى أبرزه في هذه الصورة المتكاملة والمطلع على أدبنا الشعبي تبادره تلك الآصرة القوية والوشيجة الدنية التي تربط بين أدبنا الشعبي والعربي فالصلة بينهما وثيقة عميقة الجذور تضرب في أعماق مواريث عتيقة في الزمان تشمل الحضري منه والبدوي وان كان الشبه في البدوي أقوى وأكمل , وقد وقفت وأنا قليل التحصيل على أدبنا الشعبي على نماذج عربية صرفة في المبنى والصورة بل تكاد تكون مطابقة للشكل العربي ويلاحظ ذلك حتى عند شعرائنا الشعبيين الذين لم يتلقوا مجرد فك الحرف وذلك في نظري يبرهن على عروبة متأصلة , وتتضح تلك العروبة حين نقارن لهجتنا بلهجات أشقائنا العرب .
    ثم تحدث المؤلف عن نشأة الشعر الشعبي , وعندي ان هناك شبها قويا بين شعرنا الشعبي وشعرنا العربي أيضا في تحقيق نشأة كل منهما , والذي لا شك فيه ان الشعرين الشعبي والعربي ظهرا في النسق الغنائي الترنيمي على ظهور الإبل، ووقع أقدامها بما يسمى الحداء والدوبيت وذلك لأنه لا يمكن ان تكون بداية الشعر العربي . المعلقات مثلا لأنها عمل فني مكتمل راق والبداية لأي كائن بسيطة ساذجة والعمل الأدبي كائن حي , والعجيب ان لشعرائنا الشعبين وبخاصة البادين منهم رواة كما كان لشعرائنا العرب رواة أيضا وهؤلاء الرواة يحتزبون لشعرائهم ويبالغون في تمجيدهم وإدعاء تفوقهم على غيرهم وربما صنعوا على ألسنتهم شعرا تماما كما عرف عن رواة الشعر العربي وقد قرأت في بعض أعداد مجلة الخرطوم بحثا عن الشعر المنحول في ديوان الحردلو ويعود ذلك إلى الرواة فيما أظن وذلك كان أيضا من أسباب التشكك في نسبة الشعر الجاهلي.
    ويرى المؤلف ان شعر النغم بدا في رحاب الصوفية ولكن يبدو ان النغم الصوفي في السودان بدا ساذجا لا يمت إلى هذا النغم المدائحي الحديث بصلة واضحة إذ النغم الصوفي الأول هو (( الصيحة )) وهذه الصيحة لم تكن موحدة النغم فنراها تختلف باختلاف الصائحين حتى لو كانوا من بيئة واحدة والنغم الصوفي الثاني هو الذي يصاحب (( النوبة)) والطبل والصنج وهو نوعان ثقيل بطئ وخفيف وسريع وقد كانت ألاغاني الشعبية كذلك فيها الثقيل والخفيف (الكسرة) وقد استدل الشاعر على تأثير المدائح بالحان ألاغاني بما أورده عن ود سعد وود ابشريعة من تأثرهما ببعض القصائد الغنائية فألفا على أنغامها , وقد بدت هذه الظاهرة بآخرة في بعض قصائد الشيخ ود ابكساوي والشيخ عبد المحمود ويبدو أنها ترمي إلى جذب عشاق الألحان الغنائية إلى تنغيم آخر فيه عظات وعبر وفيه وقار وحشمة وربما ثواب واجر والذي لا ريب فيه أن النهضات الموسيقية مدينة للصوفية بالكثير من النغم ولآلاته والمدارس الصوفية التي أشار إليها المؤلف التي تتمثل في السودان في الطريقة السمانية وشيخها احمد الطيب (( راجل أم مرَح )) والطريقة القادرية ومشايخها العركيون (( رجال أبو حراز )) وغيرهما من المدارس الصوفية تنشد مدائحها على أنغام متنوعة خلال الذكر ووقفاته كما رافقت هذه المدائح بعض آلات التوقيع , وكان من بين شعراء الصوفية في السودان من ينظمون مدائحهم باللغة الفصحى وتلحن تلك المنظومات بأساليب متنوعة وللشيخ عبد المحمود حفيد الشيخ الطيب ود الشيخ البشير ديوان يسمى (( شرب الكأس )) ولقد قدمت دراسة بسيطة عن هذا الديوان في العدد الأول من مجلة الخرطوم وللشيخ قريب الله حفيد الشيخ الطيب ود البشير ديوان يسمى (( رشفات المدام )) آمل ان أجد وقتا لدراسته وعرضه في عدد آخر من أعداد مجلة الخرطوم .
    وقد أعجبت بهذا التقسيم المنهجي لشعراء المدائح الذي سلكه المؤلف حيث وضعهم في سلم زمني سياسي بدأه بالتركية ثم عهد الثورة وهذا يشبه تماما تقسيم الأدب العربي إلى جاهلي وإسلامي وأموي وعباسي . ألا يرى الأستاذ معي ان هذا التقسيم السياسي فيه تضييق لجبهة الفن العريضة وفيه ربط بالسياسة حتى يخيل للقارئ انه ظل لها ونحن لا نشك ان للسياسة تأثيرها في الإنتاج الأدبي كيفما يكون نوعه ولكنها ليست كل شيء , والمؤلف يسلك منهجا آخر يمكن أن نسميه المنهج القبلي إذ جعل للشايقية شعراء ولكنا لم ندر لماذا ترك رصفاءهم من شعراء ولكن الجعليين القلتهم ام لعدم الرواة والمصادر , لست ادري ؟ ولا شك ان المنهج القبلي يبرز بعض خصائص الجنس ولكنه لا يخلوا من انعزالية عن المجموع .
    وقد أشار المؤلف إلى رسالة المدائح التهذيبية التي أدتها في المجتمع السوداني وهذه لفته بارعة تحسب للمؤلف , والمدح بعامة يقوم بهذه الرسالة لأنه يتغنى – بالشمائل الجميلة التي يحسن التخلق بها ومن اجلها مدح ذلك الممدوح فهو من هذه الناحية يقوم بدور اجتماعي خلقي له خطورته وأشار المؤلف أيضا إلى الشعر المدحي آسهم رجاله في العمل للحرية وهذا يرجع في نظري إلى اتصالهم برجالات الصوفية وهم بلا شك لهم اليد الطولى في إيقاظ الروح الثورية التي لا ترضى بالعبودية لغير الله ولا تستكين لكبرياء المخلوقين , ويبدو جهد المؤلف في اتصاله بالرواة ومعرفة انساب الشعراء ومنهم من مضى على وفاته أكثر من قرن أمثال صالح الأمين وحمد ود تميم وقد أطنب في هذا الشاعر فبرهن على أصالته الشعرية ومواريثه الشاعرية ونزعته الصوفية التي تبدو في قوله:

    انقطع للــه انقـطاعا
    وانزع الآمال انتزاعا
    لا غنا غـير القـناعة
    عزة الدارين الـوراعة
    لازم الأذكار باتـباعه
    وامدح المدخور للشفاعة

    وظاهرة أخرى في شعر ود تميم وهي إيراده لكثير من اللهجات العامية الموغلة ,. وتحدث عن الشعر الشعبي ود قدوره وهو أيضا في رأيه من المبدعين وله أسلوبه الخاص في فنون الطار حتى نسبت إليه نغمة خاصة ((الطار القدورابي )) وأورد المؤلف تلك القصة التي تروي عن كريمات ود قدوره وهي أنهن كن ينظمن المدائح في شكل أغاني السيرة , والمؤلف لا يطمئن إلى هذه القصة ولكنها متواترة عن أفواه المادحين ويعللون ذلك بأنهن لم يعرفن غير المديح لأنهن قعيدات دارهن لا يبرحنها , ثم تحدث عن ود ابكساوي ويقول عنه انه اشتهر بفن القصيد ويعني به ما ينشد في حلقات الذكر وفي قصيدة ود ابكساوي روح صوفية أصيلة وهؤلاء في رأي المؤلف هم شعراء الطليعة ومن يدري فربما سبقهم شعراء !؟ بعد هذا جاء المؤلف إلى من اسماهم شعراء الشايقية وهذا ما دعاني للتساؤل هل أراد المؤلف أن يسلك منهجا قبليا ؟ ولا شك ان الشايقية مع شهرتهم بالفروسية فقد عرفوا بحبهم للفن في المدائح والأغاني وأسلوب الرقص والتوقيع وعد من شعراء الشايقية ود حليب ويعتذر المؤلف بأنه لم يستطع الوقوف على ترجمته , فهل يا ترى كلف المؤلف نفسه مشقة السفر إلى الشمالية لتقصي تراجم هؤلاء الشعراء وهم مشهورون ولهم ذراري ومحبون يهتمون بتاريخهم الفني والزمني أم لم يسافر ؟؟ وكذلك ود كور وحاج الماحي والنعمة .
    وبعد هذا عرض لشاعرين كبيرين هما احمد ود سعد واحمد ود الشريعة ولا شك ان هذين الشاعرين قد سارت بهما الركبان ودقت بهما الطيران واشتهرا في عالم الفن المدائحي ويمتاز ود سعد بملاحمه الوطنية الصادقة ويمتاز ود ابو شريعة بشجاعته في نقده الاجتماعي العنيف وبالحكم أيضا , منها قوله في قصيدته التي هاجم فيها أبناء المشايخ وذراري الصالحين الذين اكتفوا بانتسابهم إلى أولئك الأبرار وهم عمل غير صالح جاء فيها من حكمة وهو يتحسر على الماضيين الأكرمين.

    ألان صار الطريق دارس
    فاتوا الأكرمين من ترجى يا حارس
    مأكل من ركب دهم الخيول فارس
    إلا مجربا بالملحمة ممارس

    ألا يذكرك هذا بحكم أبي الطيب المتنبئ (( لا يعمل السيف إلا في يدي بطل)) (( وما كل ماشية بالرحل شملال )).
    هذا عرض سريع للمؤلف الفريد الذي قام بتصنيفه الأستاذ الشاعر قرشي محمد حسن في أدبنا الشعبي وقد حاز قصب السبق في هذا الميدان وقد عبد الطريق للمؤلفين من بعده وفتح لهم آفاقا رحبة يطلون منها على رياض أدبنا الشعبي , هذا وقد اطلعت على كتاب آخر في هذا الفن الشعبي في الغناء من تأليف السيدة الفضلى (( فاطمة مدني )) يحوي على كثير من أدبنا الشعبي الغنائي تعرضت فيه المؤلفة إلى جملة ألاغاني الشعبية بالعرض والتحليل والكتاب في طريقه إلى المطبعة فقد اكتملت جوانبه وزهت بدائعه ولم يبق إلا أن يحتل مكانه الشاغر في المكتبة الشعبية السودانية فمزيدا من هذا الإنتاج الشعبي الذي تزهو به المكتبة الشعبية السودانية .

    * [I]كاتب المقال من رواد التربية والتعليم.
                  

06-18-2008, 07:56 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح (Re: عبد القادر الرفاعي)

    قرشي محمد حسن :
    شاعر الوجدان الديني والعاطفي
    بقلم : دكتور تاج السر الحسن
    تمهيد :


    شربنا على ذكر الحبيب مدامه
    لها البدر كأس وهي شمس يديرها
    ولولا شذاها ما اهتديت لحانها
    سكرنا بها من قبل ان يخلق الكرم
    هلال , وكم يبدوا إذا مزجت نجم
    ولولا سناها ما تصورها الوهم

    سلطان العاشقين
    ابن الفارض

    ان الكتابة عن الشاعر السوداني قرشي محمد حسن " صعبة " لعدة أسباب , السبب الأول : كونه إنسان شغل نفسه بهموم عديدة وعلى رأسها شأن التراث السوداني ... وقد همه من هذا التراث الجانب الوجداني العاطفي , الذي تمثل في مشاعر أهل السودان نحو دينهم , ونبيهم , الرسول محمد (ص) ... فانشغل جدا بالمدح النبوي أما السبب الثاني فهو اهتمامه بالتعبير عن قضايا وطنه , الممثلة في الثورة المهدية , وصلته الوثيقة بها وما يتفرع عن ذلك من قضايا السودان وصلته بأهله من العرب والأفارقة ..
    لذلك فقد اصدر كتابه ((شعراء المديح في السودان))، هذا المؤلف الذي دعا فيه القرشي بتوثيق هذا الفن العظيم , وضرورة تسجيل إنتاج المبدعين فيه , وجمع آثاره الوفيرة من الضياع .. إضافة إلى حفظ ودرس وتقويم الشعراء الذين أنتجوه...
    وحين نتحدث عن إبداع قرشي محمد حسن في ما ألفه عن شعراء المديح , لابد لنا ان نلقى نظرة على هذا الشعر , وحاله في ماضي الثقافة العربية الإسلامية .. ففي العصور المتأخرة من القرون الوسطى لم يعد شعراء المديح عموما بتلك القوة التي كانت عليها في ازدهار الخلافة الإسلامية فقد صعد الشعر الصوفي ليحتل الدرجة الأولى ... شعر الفرح , والحب , والخمر بمعانيها الرمزية التشاؤم الذي حدث في اتجاه نقد الحياة لتلك الفجوة التي قامت بين الإنسان والوجود ... فقد تخطى الشعراء الصوفيون ذلك الواقع المرير بتجاوزهم لهذا العالم من خلال " الأنا " البشرية. لقد حل الشعراء الصوفيون تناقضات الحياة المعقدة في ذلك الزمان , من خلال توحدهم بذات الله ... "الفناء " "الحلول "
    لقد ظهرت الصوفية , وهي التيار الغيبي الزهدي في القرن الثامن الميلادي , في المناطق الشرقية للخلافة الإسلامية : سورية والعراق وخلال الثلاث قرون البالية أخذت مفاهيم وطقوس التصوف شكلها الأخير ... لقد تميزت الاتجاهات الصوفية في شرق الخلافة بطابع " وحدة الوجود " تقول حقيقة هذه النظرة ( بان العالم في أساسه يأتي من الله )) . وان الموجود الحقيقي هو مقولة (( لا اله إلا الله )) . هكذا (( ليس هناك شيء غير الله )). لقد اعتمدت النظرية الصوفية في عناصرها على عدة مصادر , أهمها : الفلسفة اليونانية , والهندية , ممثلة في تعاليم " نيرفان " عن التوحد مع الله " .. وكذلك فكرة " حب الله " في المسيحية كما أثرت أفكار زرادشت على الفكر الصوفي العربي عند اله النور " الذي يحب الاتحاد معه " وأخيرا فقد تأثرت الصوفية بفلسفة الافلاطونية الحديثة " ممثلة في نظريات وأفكار " أفلوطين الصغير " زعيم مدرسة الإسكندرية. يحاول الدكتور عبد الرحمن بدوي تحديد التصوف في أساسين لجوهره , هما : أولا : التجربة العاطفية المباشرة للاتصال بين العبد وربه ثانياً: إمكان الاتحاد بين الصوفي وبين الله. ويرى بعض الباحثين : (( ان التجربة الصوفية تقتضي القول : بملكة خاصة غير (( العقل المنطقي )) هي التي يتم بها الاتصال , وفيها تتجسد الذات بالموضوع (( وفيها أيضا تقوم اللمحات واللمع والإشراقات, مقام التصورات والأحكام والقضايا في المنطق العقلي , والمعرفة فيها معاشة وجدانيا )) ويغمر صاحب التجربة الصوفية شعور عارم بقوى تضطرم فيه . وتغمره كفيض من النور ويصحب هذه الأحوال أحيانا ظواهر نفسية غير عادية مثل الشعور بوجود " هاتف " أو رؤى خارقة , والإحساس بخبرات ومواجيد ...
    وقد يستعان على استدعاء هذه الأحوال بوسائل صناعية مثل : الموسيقى ( السماع حسب التعبير الصوفي ) أو الرقص , أو تحريك البدن بطريقة منتظمة , وبإيقاعات متفاوتة الشدة ... ولذلك فقد كان للأحوال والمقامات – بالمعني الاصطلاحي دور أساسي جدا , في كل تصوف .. حسب الدكتور يحي نجمي هاشم حسن فرغلي (( سلسلة قضايا إسلامية معاصرة – مصر ))
    هذه الظاهرة التي يسجلها الدكتور يحي هاشم حسن من مصر تؤكدها آراء الباحثين فهذا هو الدكتور الفاتح الطاهر , في كتابه عن تاريخ الموسيقى السودانية )) يشير إلى ظاهرة العلاقة بين التصوف والفن . حين يقول :
    (( استخدم أهل الطرق الصوفية , السودانيون العناصر المحلية في الموسيقى بأساليبها المختلفة، حين ينشدون النصوص الدينية الاحتفالية الراقصة وحين يتحركون وفقا لتوقيع الآلات ذات الإيقاع ,مع العناصر الموسيقية الشعبية المتنوعة , عند العديد من القبائل السودانية التي تعيش فيها الجماعة الصوفية )) .
    لقد أكد دكتور الفاتح : ان تلك الأشكال الإنشادية التقليدية في التراث الصوفي من توقيع ورقص وإنشاد الخ كان لها دورها , وأثرها العميق في ظهور أشكال الموسيقى , والرقص والغناء السوداني وهكذا ينحدر فن الغناء السوداني من أصوله الدينية ليتأثر ويؤثر فيها بعد ذلك ..
    كتاب شعراء المدائح :
    يؤكد قرشي محمد حسن في كتابه (( شعراء المدائح )) ذلك الامتزاج العميق الذي حدث بين شعراء المدائح , والوسائل التعبيرية الصوفية الأخرى , والتي تمثلت في النوبة (( طبلة الذكر )) والصنج بأنواعه الثقيل والخفيف , كما كشف عن التأثير الذي أحدثته ألاغاني بدورها على فن المديح وشعره بما أورده عن ود سعد , وود أبشريعة ,من أنهما تأثرا ببعض القصائد الغنائية , والفا على منوالها مدائح ... وقد فعل ذلك الشيخ هاشم بن الشيخ عبد المحمود ... ويبدو انهم بذلك قصدوا جذب عشاق الألحان الغنائية , إلى معاني أخرى ومواضيع مختلفة , فيها عظات وعبر ...
    في هذا الصدد يؤكد الباحث السوداني جعفر شيخ إدريس التأثير الصوفي على حركة الفن الغنائي السوداني, حين يقول : إلا أن النهضات الموسيقية مدينة للصوفية بالكثير من النغم وآلاته )). لقد وضع القرشي محمد حسن شعراء المديح في سلم زمني سياسي بدأه بالتركية , ثم الثورة المهدية , متأثرا بذلك بما فعله مؤرخو الأدب العربي في تقسيمهم له إلى : جاهلي وإسلامي وأموي الخ... ولقد بذل القرشي جهدا كبيرا للاتصال برواة شعر المديح , للتحقيق من صحة نصوصه ولمعرفة أنساب الشعراء , ومنهم من مضى على وفاته أكثر من قرن : أمثال صالح الأمين , ومحمد ود تميم , الذي اورد القرشي عنه : ان شعره يحتوي على العديد من اللهجات الشعبية العامية ... كما تحدث عن الشاعر الشعبي ود قدورة , وكريماته اللائي كن يؤلفن المديح في شكل (( السيرة )). وتحدث عن ود أبكساوي، قائلاً عنه: انه اشتهر بفن القصيدة , يعني به ما ينشده الصوفية في حلقات الذكر ... كما اورد المؤلف مجموعة من شعراء الشايقية , ومن بينهم : ود حبيب ود كور , وحاج الماحي ... وقد عرَف الشايقية بحبهم للفن والمدائح والأغاني , وميلهم إلى أساليب الرقص والتوقيع .......
    تناول المؤلف حياة هؤلاء الشعراء جميعا , وتحدث عن خصائص شعر المديح عندهم , وعن أساليبهم وما تميز به كلا منهم .. إنها محاولة لتقويم هذا الفن الشعري الديني , الذي يعتبر مرجعا هاما لفنون الموسيقى والغناء , والتوقيع , والرقص في السودان .. وقد صدر قرشي محمد حسن لكتابه هذا بمقدمة ضافية على جانب كبير من الأهمية ... لأنها تتناول على مدى مرحلة كبيرة من الزمن – معنى الشعر الشعبي – في جانبه الديني – وطبيعته ونشأته في السودان , والعلاقة بينه وبين الفنون الشعبية الأخرى , خصوصا فن الغناء ...
                  

06-18-2008, 09:45 AM

عبدالقادر علي عبدالرحيم

تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 1609

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح (Re: عبد القادر الرفاعي)

    استاذي الجليل عبدالقادر الرفاعي

    تحياتي والؤال موصول عن صحتكم واهلكم


    السعودية الرياض
                  

06-18-2008, 10:45 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح (Re: عبد القادر الرفاعي)

    سلام سلام

    بوست جميل تشكر
    اتابع معك السرد الممتع رحم الله قرشي محمد حسن
                  

06-19-2008, 08:19 PM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح (Re: Sabri Elshareef)
                  

06-20-2008, 04:19 AM

elsawi
<aelsawi
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 4340

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح (Re: عبد القادر الرفاعي)

    الأخ الدكتور عبد القادر الرفاعي
    اولاً دعني ارحب بك بيننا في هذا المنبر، و حقيقة لم انتبه الى وجودك الا الآن فقط .. بقدومك قطعاً سيكون هذا المكان اكثر جمالاً و القاً و ابشر نفسي و الأعضاء و القراء بقلمك الرزين و علمك الغزير و مواقفك الواضحة الصادحة، هنيئاً لنا بك و هنيئاً للشعب الذي انجبك ..
    حمداً لله على سلامة الأخ فتاح و كعهدنا به ظل صامداً و قوياً كيف لا وهو الخبير بزنازين الدكتاتوريات فما ذادته ارضها الصلبة التي توسدها إلا صلابة وما ذاده حرها اللافح إلا بريقا ..
    طالعت بشغف مساهمة العم مصطفى الصاوي و إضاءآته في إسهامات قرشي محمد حسن في جمع أشعار المدائح النبوية، و لضيق الوقت لم اتمكن في قراءة بقية الموضوعات و لكن جاييها برواقة في عطلة نهاية الأسبوع .. لك الشكر اولاً و اخيراً على مساهماتك التي آمل ان تتواصل ليبق هذا المكان متكاً مريحاً للقراء وواحةً للمعرفة و العلم ..
    تحياتي للأخوان أحمد وفتاح و سلام وكل ناس ابي روف الطيبين ..

    الصاوي
                  

06-20-2008, 04:32 AM

ELTOM
<aELTOM
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (3) .. أدب المدائح (Re: عبد القادر الرفاعي)

    الأخ العزيز عبد القادر

    الف مرحب في سودانيز أون لاين

    جمال الدين بلال
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de