اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 06:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-10-2008, 06:01 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 22961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها (Re: Yasir Elsharif)



    -5-

    مساء اليوم جاء الملازم اول خالد محمود لزيارتي وتفقد احوالى كما وعد بالامس .. جلسنا .. تحدثنا .. ضحكنــا وشربنا الشاي والقهوة . كان بسيطا ولطيفا كما هو انطباعي الاول عنه . من ذلك الصنف من الناس الذى لايجهدك في الحديث ولايتطلب توخى الالفاظ والعبارات .
    ليس سطحيا ولامتفذلكا ولكنه كغدير رائق ترى سطحه ولايخفى عليك جوفه . تحسه صديقا مضت على معرفتك به سنوات طويلة . شــرعنــا نوافذنا مره اخرى باتجاه بعضنا البعض غير اننا كنا اكثر قربا وحميمية هذه المره .... طرقنا مواضيع شتى تتعلق غالبا بهمومنا وامالنا . فنحن ابناء جيل واحد كان قدرنا على الدوام ان نمارس القلق ونلتف على الاحزان .... لربما كانت تلك رؤية كل جيل في كل زمان انهم الضحية والابطال في آن معا وانهم الصفوة والمثال . وبرغم تباين موقعينا واختلاف مدارسنا فقد كان هنالك شيئا ما بيننا لتقل انه الطموح ... الاحساس بالحميمية والاحساس بالاخرين الامل في ان نأخذ منها مانحتاجه . عرض على صور خطيبته فهنأته على جمالها الاخاذ ورقتها البادية ثم ادهشته بقولى له انى لم احبب فتاة من قبل . لم يطلب تفسيرا لكنى قلت له ان مقاييسى للجمال مختلفة قليلا .... فأنـــا رجل عائلي كأبى واعجابي بأمى كأمرأه يفوق قليلا الحدود المنطقية .... ولذا عشت عمرى اضع كل فتاة اقابلها في ميزانها فلا تلبس ان تهوى . ادركت ذلك حتى قبل ان يكتمل نضجى وادق ابواب الرجولة .كانت وماتزال ساحرة خيالي ... كثيرا ماضبطتنى متلبســـا بالنظر اليها ... قالت لي مرة وكأنى افزعتها بعينى المفتونة مازحة :

    - ياولد انا امك .....

    فقلت صادقا ودون ما تفكير:
    - ولكنى معجب بك ......

    فقالت وهي تبتسم كموناليزا من الشرق :
    - اتدري ؟ .... انت اكثر جمالا منى ...
    - فقلت مداريا حياء رجل صغير تلبسنى:
    - (القرد في عين امه غزال ) ....

    دثرتني وانا موجة تتلوى في أعماق محيط العدم بكل ما تملكه من استثناء وتميز . كنت نبضة من قلبها وفكرة في خاطرها وشهقة من اعماق روحها اهدتها لرجل اختارته من بين الكثيرين وهي تسير معــه اولى خطواتها في الحياة .

    ورثت عنها شعرا اسودا ناعما وكثيفا ووجنتان عاليتان وذقن عريض سينمائي وعينان كحيلتان نصف نائمتين وبشرة ملساء كبلور بلون حليب خالطته اوراق الشاى .

    لن اكون مجحفا لها طبعا واغض طرفا من مآثرها الاخرى المتعددة في حياتى وحياة اخوتي فقد كانت معلمة في بدايات حياتها . تخلت عن وظيفتها بطيب خاطر لتتفرغ لتربيتى ورعاية زوج كان على اتم استعداد للذهاب الى اخر العالم من اجلها ... كـــانـــا يتخاصمان كــأى زوجين في الدنيا ولكنى لم ارهما قط متخاصمين ليومين متتالين . هي التى كانت تذكرني دائما ان الذكاء ليس في النبوغ الدراسي او النجاح المهنى بل في التعامل مع الاخرين وجذب اهتمامهم . فــي رأيها ان الابتسامة تفتح الطريق وان الكلمة الطيبة تــأسر قلب سامعها وتزيل هم قاتلها وانه بقدر تقدير المرء لنفسه يكون تقدير الاخرين له . وهي ايضا صاحبة نظرية المسافة بينه والاخرين مهما علوا او دنوا ... يمكن ان تكون واسعة لحد التباعد او صغيرة حد التلامس .. لاغضاضة في ذلك ولكنها يجب ان تكون موجودة حتى يكون لديك الوقت لتجنب تفاهات الاخرين والالتفاف على سقطاتك الشخصية .

    رويت للملازم خالد قصة قصيرة- لم ارى في سردها غضاضة مــا وهي عن امي – كان ذلك منذ اعوام قليلة مضت حينما اعطاني ابي بطاقة هوية نفذت صلاحيتها منذ امد بعيد تخصها لحوجة طارئة بغرض تحديثها مع خطاب توصية من احد اصدقائه (المقدم) شرطة يعمل في ذات المجال . التقيت (المقدم) الذى تناول في الحال استمارة بجانبه . عبأها والصق بها الصور الفوتوغرافية وناولنى اياها لاقوم بتوصيلها الى المساعد ذو الشعر الابيض الجالس بعيدا .قام هذا الاخير بعمله في سرعة حسدت نفسي عليها وقبل ان يناولني البطاقة تأمل الصورة قليلا ثم قال :

    - ماذا تكون بالنسبة لك ؟

    لم يدهشني السؤال فأجبته ببساطة :

    - الـــوالـــدة .......

    اثار حيرتي هذه المرة اذ قال :

    هل هي بخيــــر ؟

    - نعم ...... هل تعرفها ؟

    - ليس في زماننا من لايعرفها ....... كانت ملكة شارع (الموردة) جمالا وتهذيبا ... مامن شاب واحد لم يتوق الى الزواج منها حتى ظفر بها الاستاذ بركات .

    واضاف المساعد :

    - كنا نسميها الملكة (نفرتيتي) ..... لانها كانت تكوم شعرها في رأسها كما كانت الموضة فتبدو كلوحة لنحت فرعونى يمثل ملكة التاريخ المبجلة معلقة على جدار اثرى ......

    تذكرت الان بان ابي كثيرا ماكان يدعوها بنفس الاسم .

    ليست سليلة حسب ونسب او غنى ... على العكس تماما .... اسرتها فقيرة حد الكفاف وابيها عاش حتى مات وهو محاذاة هامش العدم لكنه استعاض عن ذلك بذكائه الذى وهبها اياه والذى كان يرى به ابعد مما تحت قدميه . ادخل ابناءه المدارس وحرص على ذلك حتى تهيأووا جميعا للحياة كما ينبغى مستفيدا من سائحة لا تتوفر الان – مجانية التعليم- تخرجت امي من معهد المعلمات بامدرمان وعملت كمعلمة لعامين كاملين ضاربة عرض الحائط بعروض وغراميات من كانوا يحسبون عليه القوم آنذاك – حسناء امدرمانية لاتبز يقسم الكثيرون بأنها كانت مادة لكثير من أغنيات الزمن الامدرمانى الجميل وان عبدالرحمن الريح بشخصه قد جاء على ذكرها في احدى روائعه .. قبل ان تقع في براثن موظف مرموق خريج جامعة الخرطوم امبراطورة الزمن .

    فجأة هبط علينا الشباب من حيث لاندرى . جاء محمد يوسف وانور تمساح وحامد نورى فجلسوا معنا. كانت المفاجأة الطريفة في الفارق بين حديث الملازم خالد وحديث انور تمساح . الاول ابن المدينة الـذى لم تربطه بالريف اي رابطة في اي وقت فيما الاخر مخلوط بطين الارض ومعفر بترابها البكر لبس العراقي والسروال .. حصد الزرع وحرس الماء (كتربال) ركب الحمار وحرث التربة باستخدام الثيران ومن ثم (التراكتورات) الميكانيكية ... لكنه ايضا درس في الجامعة وخالط ابناء العاصمة وبناتها فاكتسب الحكمة بطموح يفوق حياء ابن القرية ويقل عن تطلعات ابن المدينة عندما علم خالد انه كان يستخدم التراكتور لحرث الارض وسأله ان كان هنالك فرق بين قيادة السيارة والتراكتور الزراعي . فقال انور ان قيادة التراكتور كقيادة ثورين للحراثة (بسناج) مكسور . ضحكت حتى كدت استلقى على قفاى للتشبية البيلغ وسرعة البديهة النادرة فيما الملازم خالد لايدرى شيئا عن كلمة (سناج) التى استخدمها انور الذى طلب منى تفسيرها على سبيل التحدى فقلت له انها العصى التى توضع على كتفى الثورين لتنسيق الحركة وحفظ التوازن . فدهش قائلا :

    - وانا الذى كنت اظنك (حنكوشا) خرطوميا ...........

    صباحا باكرا دعاني النقيب حسين محمود للذهاب الى السوق في جولة تعريفية بالمدينة . قمت بجولتى الصباحية في عنابر المرضى واستسمحت الدكتور كمال وذهبت برفقته . كانت الشمس ساطعة بلا ادنى غيوم غير ان اشعتها بدت غير لاذعة ... بل انها طرية وكأنها قد اغتسلت للتو فيما كان الطريق مسلفتا بشكل غير جيد قامت على اطرافه اعشاب كثيفة جافة امتدت حتى حدود الجبال ومنازل القش المتطاولة والصخور المبعثرة حتى اعتاب الجبال ومنازل القش المترامية في البعيد حد النظر بدا ساحرا خلابا . امتد الطريق لحوالي اربعة كيلومترات قبل ان تبدأ معالم المدينة في الظهور . كان اول مارأيته شجرتان ضخمتان على جانبي الطريق جلست تحتهما بائعات الشاي بأدواتهن المعروفة من بنابر وكوانين واواني لامعة وسيقان مكشوفة واثداء تكاد ان تطل من مخبأها . قامت بجانب الشجرتان عدة اكشاك صغيرة لبيع الخردوات كالشاي والسكر والسجاير والعاب الاطفال . وفيما كان الطريق يتفرع يمينا الى قلب المدينة والاسواق واماما الى المطار . بدت جامعة جوبا بين امتدادى الطريق الى اليسارمن الداخل الى السوق والى اليمين من الذاهب الى المطار – صارت الان قيادة قوات الدفاع الشعبي – تحول الصرح العلمى الى ثكنة عسكرية ببساطة طفل يركل كرة امامه وهو يسير بلا هموم .

    انحرفت السيارة يمينا باتجاه سوق (موقف ياي) ... اصغر السوقين اللذين يوجدان في المدينة . عندما مررنا به لم ارى شيئا ذا بال .. ليس الا عدة محلات تجارية ومطعمان متوسطان وباعة متجولين باسمــال بالية وطبعا ... بائعات الشاي .وبرغم اسمه فلم يبدو اي اثر لسيارات ذاهبة الى اي مكان كما ان كثيرا من المحلات كان مغلقا لسبب لم ادركه الا عندما قال النقيب حسين :

    - هذه كانت ملاهى ليلية ومحلات تجارية معتبرة تعمل بهمة حتى العام 1992 عندما وقعت حادثة جوبا الشهيرة التى غيرت وجه المدينة واثارت هلعا لن ينساه الناس ابدا هنا .

    كنت قد سمعت بالحادثة من وسائل الاعلام الرسمية ولم اعرها اهتماما بالطبع كما فعل الكثيرون الذين رفضوا تلقينهم نصف الحقيقة .لكن ان تجد احدا هو بمثابة شاهد عيان لحدث مفصلى كهذا فقد كان امرا جديرا باستدعاء اقصى الفضول .

    قال النقيب حسين ان المتمردين تسللوا الى داخل المدينة واندسوا بين المواطنين حتى اكتمل عتادهم وحانت ساعة الصفر فهاجموا المدينة وكان همهم منصبا على موقعين لا ثالث لهما وهما بالطبع قيادة المنطقة العسكرية الاستوائية ومطار جوبا . وقد استطاعوا السيطرة على الموقعين في زمن قياسي حتى انهم كانوا طاردوا العساكر خارج القيادة واجلوا المرضى من المستشفى العسكري وقاموا بتمشيط كامل المنطقة المحيطة بالمطار .

    ثم اضاف النقيب حسين :

    - كان الشيء الذى جعل خطتهم تشهد ذلك النجاح الساحق هو نفس الشيء الذى ادى الى هزيمتهم ودحرهم اخيرا .....

    كان النقيب يجلس في المقعد الامامي للسيارة ال(لاند كروزو) بجوار السائق فيما يضع يده اليسرى بامتداد مسند المقعد الامامي ملتفتا اغلب الوقت ناحيتي فيما ابتسامته الصافية لاتفارق شفتيه وعندما راى نظرة الدهشة التى رمقته بها اكمل نصف دورة بجزعـــه يستطيع مواجهتي اكثر قائلا:

    - نعم فوجود كل وحدات القيادة المختلفة في مكان واحد جعلهم يقومون بتركيز هجومهم باتجاه القيادة وينجحون في اختراقها مستغلين عاملى المباغتة وتراخى قوى الخصم غير المهيــأ بدنيا ونفسيا لاى عمل عسكري بهذا الحجم في هذا الوقت .

    ثم اكمل النقيب :
    - كان الامر الذى قلب الطاولة وحول مجريات الاحداث هو وجود وحدة سلاح المدرعات خارج منظومة وحدات القيادة العامة الاخرى حيث قامت الاخيرة بالعمل الاكثر اهمية في تاريخ القوات المسلحة السودانية في منطقة الاستوائية . اذ هاجمت قوة مدرعة ثكنات القيادة التى تمركز فيها المتمردين مجلين قوات القيادة المرتعبة بفعل المفاجأة خارجا . لكنهم سرعان مااستداروا حينما علموا بأمر الهجوم المدرع المصحوب بتغطية المدفعية طويلة وقصيرة المدى حتى تم الاجلاء كاملا ومن ثم بدأت عمليات التمشيط.

    صمت النقيب حسين لفترة غير قصيرة وكأن شريطا من الذكريات الوجلة كان يتعثر في المرور بمخيلته فيما السيارة تتقافز فوق طريق ملىء بحجارة غليظة كأنها بقايا جبال مدفونة والسائق يصارع عجلة القيادة بكل طاقته .

    لم أشـــأ اخراجه من حالة صمته التى بدت حبلى بالوجع فتركته لتلك الغمامة التى باتت تتلبس ذهنه قبل ان يستدرك حالته ويستطرد الحديث :

    - كان الهجوم على مدينة جوبا ضربة موجعة في صميم هيبة العسكرية السودانية على مر تاريخها الحافل . كما ان التسلل الذى سبق الهجوم مثل حالة من حالات الوهن والاسترخاء الذى صاحب قوى الامن والاستخبارات حينها والذى لم يكون من السهولة بمكان تكراره مرة اخرى ولذا فقد كان الانتقام رهيبا ومروعا .

    التفت ناحيتي مرة اخرى متسائلا :
    - انت طبعا تعرف العقيد (الوحش) ؟

    قفز الرجل الذى لم اكن اراه الا على شاشة التلفزيون الى مخيلتي مباشرة .. نحيف مربوع القامة ... سكوت لا يدلى بتصريحات صحفية يسعى لها الاخرين بأيديهم واقدامهم وابتسامتهم . كان عضوا بمجلس قيادة الثورة منذ انشـــائه بمهام هلامية ليست ذات طبيعة معينة للمواطن العادى .. ولكن اصغر طفل في البلاد كان يعلم ان صلاحياته الامنية لاحدود لها .

    - طبعا .... وهل من احد لايعرفه ؟

    اجبته بتلقائية وحماس ... فاستطرد قائلا هامسا ومبتسما :

    - لقد استرد شرف القوات المسلحة .....

    احسست لاول مرة منذ ان اتيت الى هنا ان النقيب حسين ليس الا عسكريا قحــا .... ولم اجد من وسيلة لانتزاع مايعلمه عن ذلك الان ... غير ان لغة التشفى التى استغربتها في حديثه كان لها مايبررها اذ قتل في تلك الاحداث احد اقرب اصدقائه اليه في المطار وكان حينها اعزلا من اي سلاح .

    اما الشي الذى لم يكن حتما النقيب حسين على علم به فهو ان الاستخبارات العسكرية ستعيد ذات الغفلة مرة اخرى وبعد بضعة اشهر لا اكثر .

    عاد بي حديث النقيب حسين الى الوراء سنوات ليست طويلة حيث توقفت عند ذلك التاريخ .. وتحديدا ذلك اليوم الذى خصصته نقابة العاملين بكلية الطب للاحتفاء بخليص مدينة جوبا (العزيزة) مما كان يسمى حينها ب( المحاولة اليائسة ) .

    كان اليوم خميسا وقد استحدثت وزارة شئون الرئاسة في تلك الفترة ماصطلح على تسميته بيوم الخدمة العامة على ان يكون يوم الخميس من كل اسبوع . حيث يجتمع العاملون في كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية للاحتفال باللاشىء مبدين كرما باذخا وترفا مجنونا يتنافى وبرنامج الحكومة للتقشف حينها .

    اقيم سرادق ضخم فوق الميدان المغطى بالحشائش النقابل لقاعة البغدادي العتيدة بكلية الطب .ووزعت الحلوى والمشروبات الغازية والتمر والفول السواداني ... ونصبت المجاهير ذات الاصوات المحيطية الطنانة فيما كان المتحدث الرئيسي مسؤولا عسكريا وبالتالي – سياسيا – رفيع المقام – آنذاك – قبل ان يلقى به في غياهب المجهول .

    جاء يرتدي جلبابا ابيضا ناصعا وعمامة مقنطرة كتل صغيرة وحذاءا لامعا تنعكس على صفحته اوجه البؤساء والمطحونين .. ويلتف بعباءة بلون السماء ... زرقاء حالمة .

    ابتدع سردا سلسا بلغة رنانة وعبارات جذابة وحقائق بدت لمن يتعمق في حديثه متناقضة لاتتماسك . ثم اختتم محاضرته بذكر بعض (المعجزات) التى صاحبت الحدث وكانت اكثرها جاذبية تلك التى قال فيها ان بعض المدافع المنصوبة بسلاح المدرعات والتى تعمل بتنسيق وبتوالي ألي فيما بينها حالما تعطى اشارة البدء من قبل الجندى المكلف بادارتها قد قامت – ومن تلقاء نفسها – بضبط احداثياتها وتحديد الاتجاه والمسافة ثم العمل بكفاءة ودونما توقف حتى كانت عاملا حاسما ومساعدا في دحر الخوارج والمتسللين ......

    دوت الاصوات متعالية بالتكبيير والتهليل ورفعت الايدي الى عنان السماء فيما لملم المتحدث اطراف عباءته بيده اليسرى وتجاوب مع الحضور المثار بابتسامة صغيرة وهو يرفع سبابة يده اليمنى عالية نحو السماء ويهمس بصوت خفيض في مكبرات الصوت :

    - الله اكبر ........ الله اكبر ........

    كنت وقتئذ في منتصف المرحلة الجامعية وقد اتخذت مجلسي بالقرب من الصفوف الخلفية فيما جلس امامي طالبان حديثى الالتحاق بالكلية :

    - ماهي رتبة الله في سلاح المدرعات ؟

    فابتسم الاخر قائلا :

    - لابد انه قد حاز على ترقية استثنائية الى الملازم .......

    كنا قد تجاوزنا مجموعة كبيرة من ورش النجارة التى تتميز بها مدينة جوبا باعتبارها احد المراكز الرئيسية للاخشاب في السودان ونحن في الطريق الى السوق الرئيسي بالمدينة (سوق كنج كونج) والذى يقع في وسط المدينة ويمثل قلبها النابض .

    حينما وصلنا مشارفه بدا لي مترامي الاطراف ..... بل بدا بلا اي ابعاد محددة غير ان السمة الاساسية كانت هي التجمعات المنتظمة لانواع البضائع التى تباع به ... فتجار الاقمشة معا والاحذية معا واللحوم والفواكة معا وهكذا ... اما المحال التجارية فيتكون اغلبها من الصفيح (الزنك) والبعض الاخر من الخيش والاقمشة الثقيلة .

    قمنا بجولة سريعة في انحائه قبل ان تتوقف السيارة لدقائق ونترجل منها قاصدين مجموعة من البائعين واصحاب المهن غير المجدية الجالسين بجوار بعضهم البعض وكأنهم يحتمون من بؤس الواقع .
    يكونون صفا طويلا وقد رصت من خلفهم بعض اللوحات والمخطوطات المستندة الى حائط واطئ.

    اتجه مباشرة الى احدهم في المنتصف تماما والقى عليه التحية ثم ناوله قطعتين خضراوين من تلك التى ترص عليها انجم الضباط قائلا :

    - نجمة واحدة بالله ... وكلمة طبيب هنا .... واشار الى المكان الذى يريده .
    - مافي مشكلة سعادتك ......

    كان خطاطا واسكافيا معا قصيرا وممتلئا وهو يهم بالوقوف لتحية النقيب حسين .

    كانت المساحة الاجمالية لسوق اللحوم ليست كبيرة او ربما كانت مكتظة بالبائعين المتجولين والمشترين غير القليلين والشحاذين المنتشرين في كل مكان .

    ابسط كلمة تعبر عن الحال لمن يلج سوق اللحوم والخضر هي الاحساس بالقرف . فبعد يومين قضيتهما في المستشفى العسكري تذوقت فيهما مالذ وطاب من انواع المأكولات والمشروبات كان على ان اتى الى هنا حتى ارى بام عيني من اين يجلبون لحومهم وخضارهم وفواكههم وادرك انه لولا الطبخ الجيد الذى كانت على رأسه امرأة ظلت في وظيفتها لفترة تجاوزت الثمانية عشر عاما لكنا صرعى ذات الاوبئة التى ياتينى بها مرضاى المعتادون كل صباح .

    ورغم الظواهر المتعددة لهذا السوق الذى بدا لايمت باي صلة للحياة العصرية التى نعيش في رحابها فقد كان يضج بالحركة والحياة .

    يعتبر التجول في سوق (كنج كونج) ضربا من ايذاء الذات وجلد المشاعر واستدعاء اقصى درجات الحزن والاسى .. وكما ان لكل كتاب عنوان ولكل باب مفتاح فان (كنج كونج) هو مفتاح مدينة جوبا وشيفرة بؤسها وعنوان حياتها وشقائها معا . تأتي فيستقبلك الذباب والشحاذون والباعة شبة العراة . لاول مرة في حياتي اواجة بهذا المشهد ..... بـــائع احوج الى مـــا يبيع من المشترى ؟؟؟.... جل الباعة في السوق من الجنوبيين وقلة شماليون يتواجدون بشكل رئيسى في محلات بيع اللحوم حيث يعرضون بضاعة تكاثر عليها الذباب حتى كاد ان يلتهمها فيما عجزت كل المحاولات المبذولة لاقصــائه . والشحاذون يملاون الطرقات ويسدون المنافذ فاينما تول وجهك فثمة من يمد يده بالحاح وامل .

    يعمل معظم الباعة في السوق تحت ضغط الحاجة الملحة كما يبدو اذ ليسوا متمرسين ولا يمتلكون محلات مشيدة ولو كانت صغيرة ..... يتغرفصون على الارض الجوداء مادين امامهم افرشا مهتزئة ليعرضوا عليها بضاعة لاتجد اقبالا الا من هم في مثل حالتهم او ادنــى قليلا – شحاذون ايضا يمتلكون الحد الادنى من الكرامة والصبـــر – يعرض غالبيتهم نباتا اشبة بالبطاطا ذى لون ابيض حليبي وقرون متشعبة يعبــأ في سطول صغيرة ومتوسطة يسمى (البفرة) لم اذقه مطلقا او حتى اراه من قبل لكنه بدا لي انه يتمتع بمكانه معتبرة هنا . اما بقية الباعة فيعملون في اشياء لاتخطر احيانا على بال ولايرى لها نفعا كالاجهزة الكهربائية منتوفة الاحشاء واطارات السيارات الممزقة والاثاث المنزلي المحطم ووجبة الخيار المغمس في حساء الشطة الحارقة .

    لم استطع الاقتراب اكثر من هذا الخضم الهائل من القذارة والتناقضات فأثرت الابتعاد متكئا على السيارة الواقفة في البعيد بينما النقيب حسين يكمل جولته الشرائية الصباحية المعتادة في سوق بدا وكأنه من زمن اخر ترائى في حلم مزعج لنائم ممتلئ البطن .

    اقبل صبي صغير في نحو العاشرة من عمره يرتدى بنطلونا بلا لون محدد وينتعل فردة واحدة يحمل في يده مناديل ورقية معطرة وهو يصيح :

    - ( منديل بريحة ....... منديل بريحة )

    لم يجد على مايبدو من هو انسب بالشراء منى فالتصق بالسيارة وهو يعرض مابيده وعيناه تنطقان بتوسـل واستعطاف فسألته :

    - بكــــم ؟

    امتلأ حماسا واقترب منى قائلا :

    - ( واحد بس ..... اتنين الف )

    كان ذلك شططا منه ولكنه لم يكن مبالغا او مبتزا فأخذت منه واحدا ونقدته الف جنية فقط ثم سألته :

    - مافي مدرسة ؟؟؟؟
    - مافي اكل ..... وانفلت راكضا .

    ابتسمت تجاوبا مع الدرس الصغير – الطعام اولا - .

    التقط النقيب حسين في طريق عودتنا شارة الضابط المستحدثة بعد ان انجزها الرجل بكل تفاني بوضع نجمة صفراء براقــــة كزهرة عباد الشمس عليها وبجانبها وبخط انيق كلمة طبيب وناولنى اياها قائلا :

    - هذه لتمييزك عن بقية المستجدين وحتى لاتواجهك مشكلات مع عساكر القيادة وضباطها ان ذهبت الى هنالك .

    لم تعنى لي اي شي كما اني كنت على قناعة تامة بأني لن اقع في تلك المشكلات التى يتحدث عنها ولكنى اخذتها على كل حال ووضعتها على كتفى فاحسست ثقلا منهكا وعبا متزايدا اطفأ ، وماشاهدته في سوق (كنج كونج) فضولى لاستكشاف بقية المدينة غير ان النقيب حسين كان مايزال في فورة حماسه لاطلاعي عليها .......

    - انظر ...... هذا هو مسجد جوبا الكبير وتلك كنيستها ......

    مبنيان عتيقان لاتفصل بينهما مسافة كبيرة مما يوحى بتعايش وتسامح قديمان ... فيما يبدو من حركة الناس حولهما انهما يؤديان وظيفتهما بكل حماس وتفائى .

    جلس اناس كثيرون داخل مبنى ضخم من الاعمدة الحجرية والطوب الاحمر لكن سقفه الذى لم اتبين ما اذا كان مهدما ام غير مشيد من الاساس لاح غريبا وطريفا في آن معــا ......

    - هذه هي الحكمة الاهلية الكبرى بالمدينة .....

    فقلت ضاحكا وانا ابدى دهشتي الكبيرة ازاء مبنى الحكمة الموقرة غير الرصين :
    - الم يجدوا احدا يكمل هذا البناء ؟

    نقل لى ماقاله احد اعضائها الموقرين شخصيا عندما سئل عن هذا الامر
    - ( عشان الله ذاتو يشوف كويس ) ....
    - لكن ماهي اكثر القضايا تداولا هنا ؟
    - (كسر البيت) بالاضافة لقضايا القتل والثارات ......

    ثم اضاف بعد قليل :

    - اما السرقة والزنى وتبعات شرب الخمر والخصومات والاشتباكات فليست قضايا تستحق النظر هنا كما هي في الشمال عندنا ...

    ثم ابتسم مضيفا :
    - ولاعليك من المخالفات المرورية ...... لان لا شرطة مرور هنا على الاطلاق فالسيارات غير العسكرية تعد على الاصابع .

    - ماهو (كسر البيت) ؟

    ابتسم النقيب حسين محمود ..... الاعزب الذى يقيم هنا منذ خمس سنوات مضت قائلا :

    - هو ان تأخذ فتاة بكر لتعيش معك دون اخذ اذن من والديها او اعلامهما بذلك .....

    - وما عقوبة ذلك ؟

    - اتفاق على عدد من الابقار تدفع عاجلا او آجلا ..... لافرق.

    - وهل تصبح زوجتي بعد ذلك ؟

    - طبعا .... وأضــــاف:

    - بل انها غالبا ماتقوم بالدفع نيابة عنك ... على المدى الطويل .

    - يبدو هذا كقانون التسلل في كرة القدم ....... يرفع الحكم رايته ويستأنف اللعب وكأن شيئا لم يكن .

    جوبا مدينة العجائب والتناقضات ..... افريقيا صغيرة ... بكل مافي القارة الطفلة من براءة وصفاء وفطرة سليمة كرست بدائية مفرطة وتقهقر حاد عن خط الحضارة الذى رسمته الانسانية عبر قرون وازمــان.

    في الطريق الى المستشفى العسكرى مررنا مرة اخرى بسوق (موقف ياي) فاستوقفت السائق امام احد المتاجر حتى اخذ معجون للاسنان كنت بحاجة ماسة اليه .

    دهشت وانا ارى المتجر ضخما من الداخل وممتلئا عن آخرة باصناف البضائع والكماليات حتى ان بعضها لم اره منذ سنوات طويلة حينما كان كل شىء في المتناول في مايشبه حالة من الرفاهية والرخاء المعيشى .

    وجدت البائع شماليا في نحو الاربعين من عمره ..... أقرب الى الطول منه ربعة .... في شعره بياض يخالط سواده وآثار نعمة بادية على محياه . يرتدى جلبابا يميل الى الصفرة ويضع طاقية بيضاء على رأســــه بطريقة شبابية بينة . سلمت عليه وطلبت معجونا للاسنان فتساءل وهو بيدى اهتماما ملحوظا بهيئتى التى بدت غريبة عليه بعض الشىء :

    - كبير ام صغير ؟
    - ماهي اسعارهما ؟
    - الصغير بسبعة آلاف والكبير بعشرة ...

    قلت مباشرة وكأني اعرف هذه الارقام مسبقا :
    - اعطني صغيرا ......

    ناولنى اياه فنقدته الثمن ولكنى لم ادعه يهنأ بالمال اذ تســـاءلت على الفور وانا اقلب اصبع المعجون البائس كقلم الرصاص المتآكل بين اصابعي :

    - سعر هذا المعجون في الخرطوم الفان وخمسمائة جنية لا غير .

    فقال بلؤم تاجر بعيدا عن ذويه :

    - ولكن هذه جوبا وليست الخرطوم ....
    - نعم ..... حيث يمكنكم ان تبيعوا القفل والمفتاح منفصلين هنا ...
    - هذه اشاعه ...
    - كنت اظنها كذلك الى ان اشتريت هذا المعجون ...
    -
    فقال مبتسما كالذى ادرك ثاره اخيرا :
    - وانتم الاطباء هل ترحمون احدا ؟

    ادركت للتو اول مساوئ الرسم الجميل للنجمة اليتيمة والخط المزركش لكلمة (طبيب) الرنانة وساورني احساس كئيب لثور لايقدر على الفكاك من وسم صاحبه لكنى ابتسمت حتى اخفف عليه وقع كلامى قائلا :

    - تجار هذه الايام خصوصا لايستحقون الرحمة .....

    صرخ كمستغيث :

    - يادكتور الاترى اننا نعانى ؟

    واضاف :

    - نحن بعيدون عن اهلنا وفي منطقة عمليات حربية خطرة .

    فقلت وانا اهز اكتافى :

    - لم يضرب احد على يده حتى يأتي الى هنا .

    - استدرت لاذهب فسمعته ينادى :
    - لو سمحت .....
    - نعم ..
    - بالله اين تعمل ؟
    - بالمستشفى العسكري ......

    فقال مستعطفا باسلوب يتقنه التجار منذ عهد (سندباد) المبحر شرقا :

    - اذا مررت من هنا ثانية فستذهب راضيـــــا ..........
                  

العنوان الكاتب Date
اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:17 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بهاء بكري06-08-08, 10:26 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:32 AM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:36 AM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 11:12 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Omar Bob06-08-08, 11:45 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها ايوب عبدالرحيم06-08-08, 12:05 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 01:08 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 02:42 PM
        Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 05:34 PM
          Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 07:53 PM
            Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها محمد عبدالرحمن06-08-08, 07:57 PM
              Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 09:47 PM
                Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:13 PM
                  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها عبدالكريم الامين احمد06-08-08, 10:18 PM
                    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:38 PM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها haroon diyab06-08-08, 10:24 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:58 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 07:58 AM
        Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 11:26 AM
          Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها إدريس البدري06-09-08, 01:53 PM
            Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 02:11 PM
              Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 02:18 PM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها عماد الشبلي06-09-08, 02:28 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 06:07 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها عماد الشبلي06-09-08, 06:38 PM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Masoud06-09-08, 07:38 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها عماد الشبلي06-09-08, 07:56 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-10-08, 09:39 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Yasir Elsharif06-10-08, 10:27 AM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-10-08, 03:56 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Yasir Elsharif06-10-08, 05:56 PM
        Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-10-08, 06:01 PM
          Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-10-08, 09:10 PM
            Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Emad Abdulla06-10-08, 09:25 PM
              Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-11-08, 08:24 AM
                Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-11-08, 10:24 PM
                  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-12-08, 08:47 PM
                    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها khatab06-13-08, 01:16 AM
                      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-13-08, 06:32 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها تاج السر جعفر الخليفة06-13-08, 07:45 AM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-13-08, 12:59 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-13-08, 08:04 PM
        Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-15-08, 11:09 AM
          Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها محمد عبدالرحمن06-16-08, 09:11 PM
            Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-17-08, 09:55 AM
              Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-18-08, 11:10 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها تاج السر جعفر الخليفة06-18-08, 02:50 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها محمد فضل الله المكى06-21-08, 02:39 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-21-08, 06:44 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de