|
مقال قديم كتبته فى القاهرة عن الطائفية بقيادة الصادق المهدى ( الى متى )
|
إلى متى؟؟
إستفزنى ودعانى الى الكتابة ذلك الكتاب " الديمقراطية في السودان عائدة وراجحة " لمؤلفه الصادق المهدى وقد كان يتحدث تجربة الديمقراطية وذكر في توطئة الكتاب ص1 ( ولكن الشعب السودانى كان في كل مرة يحسم هذا الجدل واللغط بالوقوف مع خيار الديمقراطية . حدث ذلك في عام 1964 عندما خرج السودانيون في اروع استفتاء شعبى على الخيار الديمقراطى متحدين حكم عبود العسكرى ؟! ومفجرين ثورة اكتوبر العظيمة . ثم تكرر الامر ثانية في انتفاضة رجب التى اطاحت بحكم نميرى واعادت الديمقراطية للبلاد " نسى أو تناسى عمداً الصادق المهدى من الذى قام بتلك الثورات وما هو دورهم فيها أو يذكر الاحداث وتفاصيل ثورة اكتوبر المجيدة أن كل الثورات والانتفاضات التى جرت احداثها في السودان قامت بها طبقة معينة من الشعب لم تسنح لها فرصة حقيقية لحكم السودان طبقة مكونة من " مثقفين – عمال – مهنيين – طلاب … الخ " اذا صح التعبير فندعوهم قوى السودان الجديد " بالرغم من آن هذه القوى موجودة في السودان قبل الاستقلال ولكن " القوى التقليدية " وخوفاً على مصالحها الحزبية الضيقة سعت لمعاداتها بشتى الوسائل والسبل. إن عودة الصادق المهدى الاخيرة خير دليل على ذلك وكان قد فعلها في السابق في منتصف السبعينات نعم عاد الصادق الى الخرطوم ليس لأن حكومة الجبهة بدأت تعود لعين العقل وتعيد قليل من الحريات المصادرة بل خوفاً على نفسه وعلى حزبه من الخطر القادم " قوى السودان الجديد " خوفاً على مقعده المفضل " رئيس الوزراء " رجع لأقتسام " كعكة السلطة "مع البشير والترابى بعد آن مهد لذلك عبر اتفاقيتى "جيبوتى ولندن" . واعود الى بداية حديثى الى الديمقراطية المزعومة والتى يعتقد الصادق المهدى بأنها قد طبقت في السودان في الفترات الثلاث الفائتة وأقول ردا على حديثه إن الديمقراطية التى طبقت في السابق هى شكلية فقط ومتعلقة بدستور وتعدد حزبى وبرلمان ولم يكن للشعب اى دور فيها أو ممارسة حقة الدستورى في الحكم ديمقراطية سعت فيها " القوى التقليدية " لاقصاء الطرف الاخر " قوى السودان الجديد " عبر كل الوسائل مستغلة ثقلها الدينى والذج به في اروقة السياسة وإذا عادت بنا الذاكرة للوراء قليلاً لنعرف الاسباب التى ادت الى تسليم السلطة لعبود لراينا كيف كانت تمارس الديمقراطية في احدى الحقب الثلاثة والتى والتى يفاخر بها الصادق المهدى وقد إستعنت بأحدى الكتب القيمة وهو كتاب "حتى متى " لمؤلفه خليفة خوجلى خليفة والذى استعان بكتاب " السودان المأزق " التاريخ وأفاق المستقبل لمؤلفة محمد ابو القاسم وكتب اخرى .ولكن بداية لندرى ماذا قال الصادق المهدى في كتابه ففى ص 45 وتحت عنوان التجربة السودانية " في عام 1958 نشأ نزاع داخل حزب الأمة صاحب الاكثرية النيابية وكان رئيس الوزراء هو أمين عام حزب الامه السيد " عبد الله خليل " وكان يرى أن إستقرار السودان يتم اذا تحالف حزب الامة مع حزب الشعب الديمقراطى وكان رئيس حزب الامة السيد " الصديق المهدى " يرى آن التحالف الاكثر تجانسا هو بين حزب الامة والحزب الوطنى الاتحادى برئاسة السيد " اسماعيل الازهرى " ووقعت بين زعيمى الحزب إختلافات اخرى كان من الممكن أن ينقلب إتجاه التحالف مع الحزب الوطنى الاتحادى بأنحياز أغلبية نواب حزب الامة لهذا الاتجاه – بيد أن رئيس الوزراء لم يكن يثق في السيد إسماعيل الازهرى ويعتقد أنه يناور مناورات مع جهات اجنبية ربما عرض استقلال السودان للخطر وبالفعل اعدت سفارة السودان بمصر تقرير ينذر بمثل هذا الاتجاه وبعد أن درس حزب الامة التقرير اقترح البعض إنه في هذه الحالة تسلم السلطة الى القوات المسلحة بيد أن هذا الرأى وجد الرفض بعد دراسته ولكن رئيس الوزراء كان يرى اتجاهات النواب لن تسند موقفه وانه يحظى بسند اكبر داخل القوات المسلحة وانها مأمونة على القيام بمهمة تأمينيه مؤقته تصرف شبح الائتلاف بين حزب الامة والوطنى الاتحادى وتزيل المخاطر المتأتية من مناورات السيد اسماعيل الازهرى لذلك اجتمع رئيس الوزراء وقتها بالقائد العام وهيئة اركانه وافضى لهم بهمومه وإتفق معهم على التسليم والتسلم فكان سيرة الاحداث المعروفة بعد ذلك – وعندما استولت قيادة القوات المسلحة على السلطة وحصلت على مباركة السيدين ورأت ان لا يكون ذلك على حساب حزب او شخص بل تم تخريج الاستيلاء بناء على زرائع قومية واقتضاء المصلحة العامة " كان السيد الصديق عبد الرحمن المهدى خارج البلاد يوم 17/11/1958 ولم يكن موافقاً على اجراء مباركه السيدين للأنقلاب بل عده موجهاً ضده ولم يكن موافقاً على البيان الذى اصدره والده السيد الأمام عبد الرحمن تأييد للأنقلاب – انتهى حديث الصادق المهدى بالطبع لم يحالف الصادق المهدى التوفيق في ذكر هذه الاحداث تفصيلاً بل مر عليها مرور الكرام ومن خلال حديثه القى بالمسؤلية كاملة على السيد عبد الله خليل وكانه يتصرف في الحزب لوحده وانه اجتمع لوحده مع القائد العام وهيئة أركانه واتفق معهم على التسليم والتسلم ولم يتعرض " لمشكلة حلايب " وعدم شرعية اتحاد عام نقابات العمال والمعونة الامريكية ولم يقم بذكر أسم سفير السودان وقتها بالقاهرة بل لم يذكر ما حدث في جامعة الخرطوم والقاهرة الفرع والمعهد الفنى والاجتماع الشهير للنواب في ميدان عبد المنعم من أجل اسقاط حكومة عبد الله خليل – لم يذكر هذه الحقائق عنوة وبقصد منه وكان الاجدى منه آن يقوم بذكرها إحقاقاً للحق وعدم طمس التاريخ والحقائق لأن العيب ليس في أن تخطئ ولكن العيب أن لا تستفيد من أخطائنا .
|
|
|
|
|
|
|
|
|